|
شيزوفرينيا الديمقراطية !
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 1804 - 2007 / 1 / 23 - 09:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الديمقراطية منظومة علاقات متوازنة تحاول صياغة انسب القواعد والمباديء التي لا تخل بالحقوق والواجبات المتساوية وعلى كل الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وهي تحتكم في معاييرها الاساسية للانسان كفرد وجماعة واينما كان ، يكون هو في مركز مجالها الحيوي ، وهو غاية ووسيلة تحقيقها ، وهي بهذا المعنى تجسيد انساني حسي وذهني واخلاقي وجمالي يحقق في حالة بلوغه قمة التوازن غير الطوباوي بين الحرية والضرورة ، بين عملية الانتاج والتوزيع والاستهلاك بمضامينها الشاملة التي تتجاوز علاقات الانسان بالانسان الى علاقات الانسان بالطبيعة ! ان تعايش جزئي بين منظومة العلاقات الديمقراطية مع ما يناقضها ، في الشكل والمضمون وعلى مستويات مختلفة داخل حركة المجتمع او في العلاقات بين المجتمعات ، في لاديمقراطية توزيع الثروة محليا اوعالميا ، في لا ديمقراطية علاقة الريف بالمدينة ، وعلاقة العمل الذهني بالعضلي ، والمرأة بالرجل ، ونظم التملك الفردي والخاص والعام ، في علاقات العمل وشكل توزيع ادواره محليا وعالميا للافراد والمجتمعات ، كلها تشكل حالة ازدواج وتتشوه تحمل في مضمونها الضدين وقد تكون كفة الميزان فيها لصالح الا ديمقراطي باكثر من 50 % مما يؤدي الى بروزالوجه الكالح الوجه الا ديمقراطي والعكس صحيح ، لكن كلا الحالتين لا تنفي وجود جزئي للاخر رغم طغيان احدهما على الاخر وتارجح كفتيهما احيانا وهذا ما نلمسه في الدول التي عادة ما نسميها بالدول الديمقراطية ، وكل حسب درجة ميلان ميزانه ، الاكثر او الاقل ، اما المجتمعات التي مازالت خارج الحسبة الديمقراطية بكل درجاتها فهي تشبه المجتمعات التي كانت تعيش المرحلة الطفولية في بدايات مراتب التطور التاريخي للبشرية ، والحالة التي تعيشها البلدان ذات الديمقراطية الجزئية او ديمقراطية الازدواج فهي تشبه المجتمعات التي كانت تعيش مرحلة المراهقة في التعاقب التطوري للمجتمعات البشرية ، وعلى هذا المقياس امام البشرية مراحل جديدة في سياق تطورها ديمقراطيا ـ الشباب والنضج ثم الشيخوخة ـ . في موضوعنا هذا سنركز على حالة ديمقراطية الازدواج : المجتمعات ومنظومة علاقاتها المتعددة ونموها المطرد بكل خصائصه تصاب بكل عوارض المراهقة بما فيها امكانيات الانحراف كاستجابة يفرضها التحدي ولكن بشروط المجتمع المراهق ذاته ، ان الازدواجية ومن ثم الانفصام احد اخطر امراض نقص الاشباع الديمقراطي التي يمكن ان تتعرض لها مجتمعات المراهقة الديمقراطية ، بالضبط كما هي حالة احساس المراهق بانه بلغ مرحلة تجاوز فيها نفسه ولاول مرة مما ينعش لديه النزوع نحو اشباع رغباته حتى وان كانت مضرة له واللاخرين ، ان عدم تشذيب مضاعفات التغيرات الهارمونية في الجسم بواسطة التدريب الجسدي والنفسي والفكري أمور تؤدي الى نتائج غير سارة ! ثنائيات السوق تتحكم في جوهر النمو ـ عرض وطلب ، شراء وبيع ، مزاحمة واحتكار، ربح وخسارة ـ والسوق ينمو نموا لا ديمقراطيا فجوهره جوهر استثماري لا يحدد الانسان غايته بل ربح الثروة هو غايته ، وعليه عنده استغلال قوة عمل الانسان هي وسيلة الوسائل لتحقيق هذه الغاية ! وبما ان السوق وقوانينه واخلاقه مازالت هي السائدة في كل المجتمعات فانها جميعا ، مجتمعات لم تزل بعيدة عن الجوهر الديمقراطي الذي يوازن بين حاجات الانسان للثروة بمقدار حاجته للنمو ، ويوازن بين حاجات الانسان وبين الاستثمار الانساني للطبيعة ! ان بناء مؤسسة السوق على اسس قانونية وتوفير نوع من الحماية المتدرجة للجميع ، تجعله دائر دون توقف ، وتلطف قساوة الصراع فيه الى انظمة وحقوق وعقود ومحاكم بالتوازي مع اطلاق كل انواع الحريات الفردية المنسجمة مع عقلية السوق ومن ثم استثمارها اسثمارا سوقيا يبرمج ويفعل دورة الانتاج والتبادل والتوزيع والاستهلاك لتستنفذ الخلاصات الحسية والذهنية للغالبية المنتجة بطرق تنسجم مع الازمنة الحديثة ، طرق سوقية غير مباشرة ومدهونة بمراهم توفير الاحتياجات الضرورية لتعزيز القدرة على اعادة الانتاج داخليا والمتوازي مع الاستثمار الاحتكاري الجشع للثروات في امصار العالم ، وبطرق لا انسانية من الاستعباد والاستغلال والاحتلال الى محاربة اسواقها وجعلها تابعة لقروض مصارفها وفوائدها ، بحيث تنفس مافيها من شحنات مراهقتها بفعل الشنائع والفضائع المتصاعدة باطراد مع مستويات نسب ارباحها وفوائدها وهي لا تتورع عن ابادة شعوب باكملها ان وجدت ذلك يتيح لها تحقيق نسب اعلى من القيم المضافة خاصة اذا وجدت نفسها متفردة بدون مقاومة مكلفة من الاخرين ، كما يحصل في عالمنا اليوم بالاستثمارات الوسخة والعابرة للقارات في اسواق البلدان الاقل تطورا او الغير متطورة بالاساس وفي محولات السيطرة المطلقة على الثروات الخام في العالم اجمع والتحكم بها من خلال احتكارات الاستخراج او التسويق او الاستثمار او التحويل والتكرير او بجميعها معا ومثال خامات الطاقة الحيوية شاخص للعيان حيث تدور الحروب والاحتلالات والابادات من اجل الظفر به او احتواء تسويقه وسعره والتحكم بريعه بطرق عديدة منها مالية وتقدية وسعرية وامتصاص العائد من خلال تكريس النهم الاستهلاكي ومنع البلدان الفتية من الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وجعلها تدور بفلك الاستقطابات الاحتكارية العولمية الشكل والمركزية النزعة في تبعيتها للهيمنة الامبريالية العابرة للقارات. وهنا يجري تعويض ما تتنازل عنه كارهة في اسواقها من اسواق ومناجم ثروات الشعوب المستعمرة او التابعة او المستهلكة ! الانسداد الاقتصادي الاجتماعي يجعل الطريق معبدا للاستبداد
ليست هناك مجتمعات قابلة للتأهل الديمقراطي ، ومجتمعات غير قابلة له ، كما ليست هناك مجتمعات متخصصة بالتخلف واخرى بالتقدم ، ولا يمكن اعتبار اي مجتمع كان كتلة صماء ثابتة الخصائص والمتحرك الوحيد فيها هو نمط الاستبداد الذي تنتجه لتشرنق به نفسها وتجدده كما تجدد الافاعي جلودها !! كما انه ليس للوراثة البيولوجية او التاريخية او الايديولوجية فعل القطع في استعدادها للتأهل من عدمه او فعل التحول والتطور الذي هو ديدن لا تفلت من حتميته كل المجتمعات البشرية . ان الجريمة المزدوجة التي ترتكبها نظم الراسمالية المركزة والمستقطبة والمهيمنة والكونية في ذروة تغلغلها بكل مناحي الحياة وابعادها جاعلة من العالم كله سوق حرة لحركة هيمنتها ومقيدة لما يعارض هذه الهيمنة الامبراطورية التي كلما تعمقت واتسعت كلما قربت نهايتها فهي تحفر قبرها بنفسها وهذه واحدة من سنن التطور الحتمية التي تحاول التملص منها بكل البدع ومنها ان التاريخ قد توقف عند اعتابها مجترا دورتها ! نقول ان سد مديات واليات التطور الطبيعي في وجه اقتصاد ودورة الانتاج الاجتماعي السياسي الفكري في وجه البلدان الفتية او النامية او الفقيرة ومنذ زمن ليس بالقريب ثم محاسبتها او التعامل مع حالها المتعثر على انه خاصية فيها بمعزل عن دورة الراسمالية الكونية الجهنمية التي لا تدفعها الا للمزيد من النكوص والدوران المفضي للخواء والذي يجعلها مهيئة للخضوع الكلي او الجزئي على شكل احتلال او تبعية ، ما هو الا استغلال واستثمار مزدوج يعكس جوهر النفاق والابتزاز الراسمالي الكوني بكل مدارسه القديمة والحديثة ! ان الاستبداد هو سلوك تاريخي ناجم عن عوامل بنيوية متشابكة افقيا وعموديا بنمط الانتاج وتحوصل واجترار اساليبه ، وكل اركان المعمورة عانت منه على مر الحقب التطورية منذ الوحشية البشرية الا البربرية الى الحضارية الحالية التي نعيش مراحل اولى منها ! دورة ابن خلدون في دراسة المجتمعات التي تدور حول نفسها تكشف ان العصبيات كلها يمكن ان تتحور عندما تاخذ تلك المجتمعات طرق اخرى لاسلوب المعاش الذي لا يعتمد على نمطية صراع البداوة والحضر ! وفي مدن الملح يكشف عبد الرحمن منيف التيه الذي وقعت به المجتمعات التي حاولت الخروج من دورة البداوة والحضر بفعل العائد الريعي للنفط كعامل خارجي طاريء لا يدخل في صلب صيرورتها التطورية هزها من فوق الى تحت ، يكشف كيف انها قد غربتها عن مداها الطبيعي وكيف اقترن هذا الانحراف بنهم السوق الراسمالية الاحتكارية التي جعلت منها مجتمعات غير سوية مشوهة تعيش عصر الهامش الكمالي مستثمرة فيها كل اشكال الاستهلاك المنهك وجاعلة منها تابع يحاول اللحاق بسيده دون جدوى ! ديمقراطية اثينة كانت تطرح نفسها على انها الانموذج البكر والمثالي كما هي مثالية مقاييس الجمال والاخلاق والقوة العادلة ، كما هي مقاييس تماثيلهم الرائعة وابنيتها المدهشة ، ففيها كل شيء يخضع للمقياس والقياس بمعنى الحساب والنسبة والتناسب ، وحتى المدن الافلاطونية الفاضلة التي تغنى الفلاسفة وقتها بها ، كلها وضمن سياقها التاريخي كانت لاتخرج عن هذه الحسبة ، حسبة على حساب حسبة اخرى او بالتناسب معها !! بمعنى انه مجتمع يعيش بتنظيم راقي ومستقر على حساب العبيد الذين هم خارج هذه الحسبة الديمقراطية !! وديمقراطية عصور النهضة ايضا برلمانات ومجتمعات منظمة الحقوق والواجبات لكنها فقط للنبلاء والاقطاعيين والتجار ، وبعدها بعصور الرسمالية ذات المزاحمة الحرة ، كلهاعلى حساب الاقنان والحرفيين والفلاحين والعمال وصغار التجار ! اما في عصور الراسمالية الاحتكارية ففي مجتمعاتها الحقوق والواجبات متساوية للجميع في ظل انظمة توفر الضمانات والتامينات الاجتماعية بحدود تضمن تجدد دورة قوة الانتاج وملحقاته للجميع مع مكاسب انسانية للمعوقين والمدمنين والاطفال والشيوخ ، لكنها على حساب شعوب وبلدان وحقوق مجتمعات اخرى باكملها ! ! الحسبة هي هي الفرق انها تتعامل مع العالم كله وبوقت واحد كحسبة وحدة فيها مافيها من تناقضات حسبتها للداخل على حساب حسبتها للخارج ، وحتى داخل مجتمعاتها تراها تستورد البشر من الجنوب لتضييق الخناق على تصاعد وتيرة المكاسب المحققة للعامة في الشمال !! اذن ديمقراطية الراسمالية محافظة كانت ام ليبرالية قديمة ام جديدة هي اجتزائية وانتقائية ومتناقضة وذات جوهر لا ديمقراطي بمهناه الانساني الشامل وهذا لا يمكن تحقيقه الا بزوال النمط الراسمالي لنمط اخر يسقط من حساباته الفائدة والوفرة والتخمة والرفاه للجزء على حساب الكل ، نمط يحسب حساب الكل بالسراء والضراء وعندها ستكون الديمقراطية تسير بقدمين وبمعنى غير متناقض بين الشكل والمضمون !
نماذج من الديمقراطيات المراهقة ! :
تجارة السلاح والمخدرات والجنس بكل اصنافه هي السوق الموازية ، هي السوق السوداء للتي يفترضوها بيضاء بمضامينها وقوانينها وشروط قروضها غير المنصفة ، بكل عناوينها المضللة ، من منظمة التجارة الدولية ،الى صندوق النقد الدولي ، الى البنك الدولي ! تخريب توازن الطبيعة من خلال الاستثمار الوحشي للامكانيات الطبيعية المتاحة ، بنفس درجة تخريب الانسان وجعله سلعة رخيصة في السوق الكوني ، ليكون سعره بمقدار حيازته قوته الاستعمالية ، الانسان باعتباره قيمة متداولة وليس بصفته خالقا للقيم اي بوصفه اثمن راس مال في الكون كله ، وهنا يكون الانسان عبدا والطبيعة عدوة ، وهذا مايفسر كل الخراب الحاصل والذي سيحصل بسبب من فساد وانحطاط نظام تقسيم العمل العالمي وتغول الراسمالية بمراحلها المتقدمة التي لا يمكن ان تكون الا مقدمة لتحول انساني جديد يغاير النهج البربري للنظام السائد . الهجرة المنظمة واستثمارها بوجوه متعددة كعلاج اسود لتطبيب الاختلال الحاصل بالنمو السكاني في البلدان المتطورة اضافة الى هدف توفير جيش احتياطي من العاطلين عن العمل لكسر حاجز الندرة في الايدي العاملة الرخيصة والحد من تصاعد انجازات القوى العاملة في المجتمعات الراسمالية المتطورة ! ثم تفريغ المجتمعات المصدرة للهجرات من الكفاءات والايادي الماهرة ليتم استهلاكها بكلفة اقل !
الديمقراطية الراسمالية بكل اشكالها الليبرالية او المحافظة او الليبرالية الجديدة هي من جذر متناقض انتاج عولمي واممي واجتماعي متسع كوني اما التحكم والتملك فهو مركزي فردي مما يجعل مجاميع معدودة من البشر تشكل نسبة اقل من 10 % من مجموع السكان على الارض مالكة لاكثر من 90 % من اصول وفوائد الثروات الكونية وكل ال 90 % المتبقي من البشر لا يملكون الا اقل من 10 % من الثروة الكونية ، والنسب سائرة نحو مزيد من التركز والتمركز بيد قلة قليلة من البشر مقابل حرمان واستلاب الاكثرية الساحقة منهم ! اكثر الديمقراطيات عراقة اقلها مراهقة ، واقلها مراهقة اكثرها خبرة في الممارسات الازدواجية والنفاق المقنع الديمقراطية البريطانية ، السويسرية ، السويدية ، الفرنسية ، الدنماركية ، الهولندية والبلجيكية ثم تأتي بعدها البرتغالية والالمانية والايطالية ثم الاكثر مراهقة الامريكية والاسترالية !
الديمقراطية السويدية نموذجا :
الراسمالية الليبرالية السويدية هي اكثر شيوعيا وقوة من الراسمالية المحافظة وهي اكثر الراسماليات الاوربية استفادة من الحروب الكونية الاولى والثانية ثم الباردة ، دون ان تشترك بها او دون ان تنحاز بشكل مباشر الى اي فريق فيها ، وهي لم تدخل باي حلف عسكري طوال تاريخها ، لذلك استطاعت ان تحقق قفزات نوعية في مقدار نمو الثروة فيها ، وتوفر لها فرص هائلة للاستثمار المريح ، وبالتالي مزيدا من المكاسب البرغماتية التي توزع بشكل طبقي متباين يغطيه نظام الحقوق العامة والمتساوية ! رسميا السويد جزء من تشكيل الدول الاوربية المحايدة " سويسرا ، ايسلندا ، النمسا ،لكسمبرغ " ، والسويد بلد كان يعاني من مشاكل الركود والفقر والعزلة والتمايز الطبقي المتكلس ، وكان لسكانها مستوى حقوقي متناسب مع هذا الواقع وكانت هجرة السويديين الى العالم الجديد وخاصة امريكا الشمالية واحدة من افرازات هذه المرحلة ، لكن بعد نهاية الحرب العالمية الاولى بدأت السويد تنهض ، ان متابعة مسيرة واحدة من اعرق واغنى البيوتات الراسمالية فيها سيدلنا الى المعاني المطلوبة منها ، عائلة فالمبري ، بدأت بمشروع بنكي بسيط في بداية العشرينات على اثر رجوع فالمبيري الاول من اسكتلندا بعد ان عاش هناك وتزوج ثم رجع بخبرة وانبهار وحماسة للعمل بما تعلمه ، هذه التجربة البنكية توسعت واخذت تشتري الشركات المتهاوية والمفلسة ماليا ثم تعيد تاهيلها وتبيع حصص تملكها على شكل اسهم ، حتى مطلع الحرب العالمية الثانية اصبحت للعائلة امبراطورية تتوزع بين مصانع الحديد والصلب الى السيارات والتلفونات اضافة للنشاط البنكي ، كان لهذه العائلة الثقل الاعظم في توجهات السياسة السويدية حيث اوطد العلاقات مع الدولة من الملك الى الاحزاب الحاكمة او المعارضة وبنفس مستوى علاقاتها مع الدولة النازية ، وكانت تشكل قاعدة الانتعاش الاقتصادي الذي تطلب مزيد من الاستقرار وبالتالي مزيدا من البرغماتية في السياسة الدولية ، كي ينعكس ذلك ايجابا على سوقها المعد للتصدير والسمسرة وفعلا كانت هذه حقيقة السياسة الخارجية طيلت العقود الماضية ! السويد كمستوى حقوقي وقانوني وتداول للسلطة ومساواة في الحياة العامة كانت قد وصلت للمستوى الاوروبي الذي يمكن القياس به على بريطانيا مثلا كنموذج مستقر ومتطور وعريق ، لم تحجم الدولة او بيوتاتها المالية من التعاون مع الدولة النازية في المانيا مادام ذلك يعطيها مزيدا من الارباح ودون خسائر سياسية تذكر ، لقد زودت السويد الماكنة النازية بما تنتجه واصبحت غطاءا لمعاملاتها مع المؤسسات الصناعية في البلدان الاخرى بل وفرت الدولة السويدية ممرا امنا لعبور القوات النازية نحو النرويج وسمحت لكل راغب في التطوع الى جانب الجيش النازي من السويديين ! وبعد انتصار الحلفاء وانكشاف هذا الدور تم عقد مساومة على ان يستمر ذات الدور ولكن هذه المرة مع الحلفاء بالضد من العدو الجديد الاتحاد السوفياتي ، وتحقق ذلك بالفعل مخابراتيا وعسكريا ولكن تحت قناع الحياد والديمقراطية ! ان من اهم اسباب الانتعاش والرفاه الاقتصادي الاحق للسويد كان بسبب عذابات الشعوب التي دفعت ثمن مقاومتها للنازية وخرابها ، مما جعل السويد وشركاتها احد المستفيدين من مقاولات خطة مارشال الامريكية التي تعتبر اكبر عملية رشوة عالمية عرفها التاريخ ! السويد مصدر نشط للسلاح وكلما اشتعل العالم بالحروب ارتفعت الصادرات السويدية ، حتى احتلت في الاعوام الثلاثةالاخيرة المرتبة العالمية الرابعة بين المصدرين ، بقيم تعادل مابين 3 الى 5 مليار دولار للعام الواحد مما يعني مزيد من الظرائب التي تجنيها الدولة من هذه الشركات وبالتالي مزيد من الرفاه والضمان العام للمجتمع المرتشي والسعيد بديمقراطيته مادامت توفر له ما يحتاجه ! وعندما يتم فضح هذه الحقائق التي لا تود سماعها الاغلبية فان السياسيين يعترفون بالتناقض مابين متطلبات التجارة والسوق والقيم التي تخص حقوق الانسان والديمقراطية وفي اي مكان !
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لجنة في القمة ولجنة في الحضيض !
-
عندما يتحول الحزب الثوري الى اقل من جمعية خيرية !
-
مابعد الشيوعي الاول ومابعد الشيوعي الاخير
-
ايحاءات اللقطات الاخيرة من تصوير اعدام صدام !
-
ذباب الفطائس
-
العيد النائم
-
المنطق الايدلوجي يناقض منطق الحياة !
-
احتراق العراق بفعل فاعل !
-
الحرية مدينتي
-
الاستخدام المزدوج لوسائل الاعلام
-
نجيب محفوظ قبل وبعد النوبل
-
دواء العقارب
-
الجزيرة اكثر من سلطة رابعة !
-
جذور لاتموت
-
الحياة في اجازة والعيد جنازة !
-
العقل العراقي عصي على الاحتلال
-
ثلاثة اذا ذكروا ذهب العراقيون لقضاء حاجتهم !
-
خذوا الحكمة من افواه جنود العدو!
-
النحس يلاحق حكومة الاحتلال غير الدائمة !
-
امريكا تمهد لمرحلة القواعد الدائمة في العراق
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|