أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - هل انتهى اليسار الماركسي؟ - ج1- جذور فكرة نهاية اليسار, ج2- البعد التاريخي: من الثورة إلى الانهيار















المزيد.....

هل انتهى اليسار الماركسي؟ - ج1- جذور فكرة نهاية اليسار, ج2- البعد التاريخي: من الثورة إلى الانهيار


علي طبله
مهندس معماري، بروفيسور في الهندسة المعمارية، باحث، كاتب وأديب

(Ali Tabla)


الحوار المتمدن-العدد: 8326 - 2025 / 4 / 28 - 19:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجزء الاول

جذور فكرة نهاية اليسار



مقدمة

لم يعرف الفكر السياسي الحديث أطروحة حازت من الانتشار والترويج مثل أطروحة “نهاية اليسار” و”موت الماركسية”، خصوصاً مع انهيار التجربة السوفيتية مطلع التسعينيات، وسقوط أنظمة أوروبا الشرقية الاشتراكية. بدا حينها وكأن الرأسمالية قد حققت انتصاراً نهائياً، وأعلن مفكرون مثل فرانسيس فوكوياما أن العالم قد دخل عصر “نهاية التاريخ”¹، حيث الديمقراطية الليبرالية هي المآل الأخير للبشرية.

غير أن هذا الإعلان، رغم صخبه الدعائي، حمل معه الكثير من التبسيط. إذ لم يكن سقوط النماذج الاشتراكية الرسمية، مهما بلغت ضخامته الرمزية، دليلاً قاطعاً على نهاية الفكر الماركسي ذاته، ولا على توقف الحركات الاجتماعية المطالبة بالتغيير الجذري.

بل على العكس، فإن التناقضات البنيوية التي نبهت إليها الماركسية، والمتعلقة بصراع الطبقات، واستغلال العمل، وتمركز رأس المال، لم تختفِ، بل تفاقمت في ظل النظام النيوليبرالي. من هنا، يطرح سؤال مصيري: هل اليسار الماركسي انتهى فعلاً، أم أن ما انتهى هو أشكاله التقليدية فقط، بينما الحاجة إلى يسار جديد تتجدد بقوة مع كل أزمة اقتصادية واجتماعية عالمية؟

لفهم هذا الإشكال بعمق، لا بد من الغوص في جذور الأزمة التي واجهها اليسار، سواء على الصعيد العالمي أو في التجربة العراقية الخاصة. وسيكون ذلك عبر تفكيك ثلاث مستويات رئيسية:
• البعد التاريخي: كيف تطورت الماركسية، وكيف وقعت تجاربها الكبرى في مأزق؟
• البعد النظري: إلى أي مدى حافظت الماركسية على صلاحيتها كمنهج لفهم العالم؟
• البعد العملي: ما الذي كشفته التجارب الملموسة لليسار عن قدرته على التغيير؟

من خلال هذه المستويات الثلاثة، سنحاول تقديم قراءة ماركسية نقدية، تتجاوز الأحكام السطحية، وتحاول إعادة الإمساك بجوهر الإشكال.



تعليق توضيحي¹
(*) فرانسيس فوكوياما: مفكر أمريكي، نشر كتابه الشهير نهاية التاريخ والإنسان الأخير سنة 1992، مدعياً أن النظام الرأسمالي الليبرالي يمثل “نهاية التطور الأيديولوجي للبشرية”، وهو طرح أثار الكثير من النقد والجدل.
———————————————


البعد التاريخي: من الثورة إلى الانهيار



نشأة الفكر الماركسي وتطوره

ولدت الماركسية في القرن التاسع عشر، في قلب التحولات الرأسمالية الكبرى التي شهدتها أوروبا، حيث كانت البرجوازية قد فرضت هيمنتها الاقتصادية والاجتماعية، لكن في ذات الوقت بدأت ملامح التناقض الطبقي بالظهور الحاد.
صاغ كارل ماركس وفريدريك إنجلز، في أعمالهما المبكرة، وعلى رأسها البيان الشيوعي (1848)²، نظرية تقوم على تحليل الصراع الطبقي كمحرك رئيسي للتاريخ، معتبرين أن الطبقة العاملة (البروليتاريا) مرشحة لإسقاط النظام الرأسمالي وإقامة مجتمع اشتراكي.

لم تكن الماركسية مجرد فلسفة نظرية؛ بل كانت رؤية عملية لكيفية تغيير العالم. إذ دعت إلى تنظيم الطبقة العاملة في أحزاب مستقلة، واعتماد النضال الثوري وسيلة لتحقيق التحول الاجتماعي.

في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، أصبحت الماركسية المرجعية الأساسية لمعظم الحركات العمالية في أوروبا، وأسهمت في تشكيل الأممية الأولى والثانية.



تعليق توضيحي²
(*) البيان الشيوعي: نشر عام 1848، من تأليف ماركس وإنجلز، ويعد من أهم النصوص المؤسسة للفكر الاشتراكي الثوري، حيث لخص فيه الكاتبان نظريتهما حول التاريخ والصراع الطبقي.



صعود الثورات الاشتراكية

شهدت بداية القرن العشرين أول تطبيق كبير للأفكار الماركسية عبر الثورة الروسية عام 1917، حين نجح الحزب البلشفي بقيادة فلاديمير لينين³ في إسقاط النظام القيصري وإقامة أول دولة اشتراكية في التاريخ.
تأسس الاتحاد السوفيتي لاحقاً كأول تجربة واسعة لبناء الاشتراكية، واستلهمت منه العديد من الحركات الثورية عبر العالم، من الصين إلى كوبا وفيتنام.

غير أن هذه التجارب لم تكن خالية من التناقضات. فمنذ بداياتها، واجهت الثورة الروسية تحديات كبرى: الحرب الأهلية، التدخلات الأجنبية، وعزلة النظام الجديد عن المحيط الرأسمالي المعادي.
هذه الظروف دفعت نحو تركيز السلطة، مما مهد لاحقاً لبروز البيروقراطية الستالينية⁴، وانحراف المشروع الاشتراكي عن مبادئه الديمقراطية الأصلية.



تعليق توضيحي³⁴
() فلاديمير لينين (1870–1924): قائد الثورة الروسية ومؤسس الاتحاد السوفيتي، طور الماركسية بما عرف بالماركسية اللينينية، والتي أكدت على دور الحزب الطليعي.
() الستالينية: نسبة إلى جوزيف ستالين، الذي حكم الاتحاد السوفيتي بقبضة حديدية، واتُّهم بإرساء نموذج بيروقراطي قمعي باسم الاشتراكية.



أزمة التجارب السوفيتية والشرقية

مع نهاية الحرب العالمية الثانية، توسع النفوذ السوفيتي في أوروبا الشرقية، حيث نشأت أنظمة اشتراكية تابعة لموسكو في بولندا، ألمانيا الشرقية، تشيكوسلوفاكيا، وغيرها.
غير أن هذه الأنظمة، بدلاً من أن تطور نماذج اشتراكية ديمقراطية مستقلة، أعادت إنتاج النموذج البيروقراطي السوفيتي، مع استنساخ آلي لأنماطه الاقتصادية والسياسية.

خلال السبعينيات والثمانينيات، بدأت تظهر مؤشرات أزمة عميقة داخل الكتلة الاشتراكية:
• تدهور الأداء الاقتصادي بفعل الجمود البيروقراطي.
• انفصال القيادات الحزبية عن قاعدتها الجماهيرية.
• انعدام الحريات السياسية وتضييق الهامش الديمقراطي.

تُوّجت هذه الأزمة بانهيار الأنظمة الاشتراكية في أوروبا الشرقية تباعاً بين 1989 و1991، وأخيراً تفكك الاتحاد السوفيتي ذاته⁵، فيما اعتبره كثيرون “نهاية الماركسية”.

لكن الحقيقة أن ما انهار لم يكن الماركسية كنظرية لفهم العالم، بل التجارب البيروقراطية المشوهة التي ابتعدت عن روحها النقدية الثورية.



تعليق توضيحي⁵
(*) تفكك الاتحاد السوفيتي: وقع رسمياً في ديسمبر 1991، وأدى إلى نشوء 15 دولة مستقلة، أبرزها روسيا الاتحادية.
———————————-

يتبع



#علي_طبله (هاشتاغ)       Ali_Tabla#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول جدوى النقاش السياسي الاقتصادي مقابل الانزلاق إلى المجازا ...
- قراءة نقدية علمية ماركسية لأسئلة د. طلال الربيعي على ردي الس ...
- حول اطروحات د. طلال الربيعي على مقالتي: العصبيات والعداء لاي ...
- رد إلى الرفيق د. حسين علوان حسين - حول دور الحزب ومهام اليسا ...
- رد إلى الرفيق حسين علوان حسين حول طروحاته حول مقالة: اللينين ...
- رد على تعقيب السيد لبيب سلطان الأخير حول مقالتي: العراق ليس ...
- رد على تعليق الرفيق صباح كنجي على مقالة -نقد ذاتي للخطاب الي ...
- رد علمي ماركسي على ملاحظات السيد طلال الربيعي على مقالة: الع ...
- رد على تعليق السيد صباح البدران: هل أسقط الحزب الشيوعي العرا ...
- اللّينينيّة بين ضرورة التجديد وتحديات الطائفية: دروس من التج ...
- العصبيات والعداء لايران من منظور ماركسي - القسم الاول
- العصبيات والعداء لايران من منظور ماركسي - القسم الثاني
- مختصر لسيناريوهات واستشراف لمستقبل العراق:
- تفكيك الطائفية كمنظومة للهيمنة: نحو تحليل ماركسي بديل
- نقد ذاتي للخطاب اليساري في العراق: الحزب الشيوعي العراقي نمو ...
- نقد ذاتي للخطاب اليساري في العراق: الحزب الشيوعي العراقي نمو ...
- مَلَكَةُ الجَمَالْ: ثَلاثِيَّةُ الوَرْدَةِ التي لا تَذْبُلُ
- نبوءة - في السياسة
- اللينينية بين ضرورة التجديد وتحديات الطائفية: دراسة مقارنة ب ...
- رد على تساؤلات وتعليقات -ملهم الملائكة- - حول مقالتي: - العر ...


المزيد.....




- وُصفت بـ-غير لائقة-.. ما حقيقة الصورة المنسوبة إلى وزيرة مغر ...
- رئيس الشاباك يعلن استقالته: في 7 أكتوبر انهارت السماء وجميع ...
- إلى أين تتجه العلاقة بين الأكراد وحكومة دمشق في ظل التوترات ...
- إيران.. ارتفاع حصيلة ضحايا انفجار ميناء رجائي إلى 65 قتيلا
- بيسكوف: الهدنة في ذكرى عيد النصر تؤكد حسن نية الجانب الروسي ...
- الجزائر.. الأمن الوطني يضبط أكبر شحنة من -الإكستازي- في إفري ...
- صحيفة: الولايات المتحدة تطلب من اليونان تسليم أوكرانيا أنظمة ...
- عملية غسيل سيارة تتحول إلى حادث مأساوي في تركيا (فيديو)
- توقعات ألمانية بتصاعد المواجهة مع روسيا في ظل الحكومة الجديد ...
- الداخلية السعودية تعلن عقوبات مشددة بحق مخالفي تعليمات الحج ...


المزيد.....

- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طبله - هل انتهى اليسار الماركسي؟ - ج1- جذور فكرة نهاية اليسار, ج2- البعد التاريخي: من الثورة إلى الانهيار