|
زعيم الشيوعي الأمريكي: عن تجديد الحزب ورؤيته للبديل الاشتراكي والتضامن الأممي
رشيد غويلب
الحوار المتمدن-العدد: 8325 - 2025 / 4 / 27 - 00:17
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
مقدمة يتمتع تاريخ الحزب الشيوعي الأمريكي بجذور راسخة في تاريخ الحركة العمالية الأمريكية، إذ لعب الحزب أدوارًا حاسمة في النضالات المبكرة لتنظيم العمال الأمريكيين في شكل نقابات بالإضافة إلى أدواره اللاحقة في ما يخص الحقوق المدنية والحركات المناهضة للحرب. مع ذلك، اضطر العديد من الشيوعيين إلى العمل خفية، بسبب ارتفاع مستوى القمع السياسي في الولايات المتحدة ضد الشيوعيين. أُصيب تأثير الحركة العمالية على التنمية الاقتصادية والسياسية بحالة من الركود، ومن ثم انهار في وقت لاحق، في أعقاب طرد الشيوعيين من الاتحاد الأمريكي للعمال ومجلس المنظمات الصناعية عام 1948. عانى الحزب الشيوعي بشدة في الفترة التي تلت المكارثية، إذ نفذت فيها حكومة الولايات المتحدة قمعًا جماعيًا علنيًا ضد الشيوعيين في الولايات المتحدة وخارجها. ما زال الحزب الشيوعي نشطًا، غير أنه لم يسترد حتى الآن نفوذه الذي تمتع به خلال فترات صعوده في ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته، يوم اقتربت عضوية الحزب في فترات معينة من 100 ألف عضو.
تعريف باختصار عن مقدمة النظام الداخلي للحزب الشيوعي الأمريكي المقر في مؤتمره الثلاثين في 15 حزيران 2014 ما يلي: تمتد جذور الحزب الشيوعي عميقًا في تراب أمتنا، حتى أبعد من تأسيسنا في شيكاغو عام ١٩١٩. نبني على إرث الذين ناضلوا ضد العبودية، ومن أجل الحق في تنظيم النقابات، ومن أجل الحقوق المدنية، ومن أجل حق المرأة في التصويت والإنجاب. نطبق النظرة العلمية التي طورها ماركس وأنجلس ولينين وآخرون في سياق تاريخ الولايات المتحدة وثقافتها وتقاليدها. إن الحاجة إلى الحزب الشيوعي ما زالت ماثلة. لقد ألقت الرأسمالية مليارات البشر حول العالم في براثن الفقر. إنها تبتلي البشرية بحروب لا تنتهي. إنها تُرسّخ العنصرية وقمع المرأة، وتحرم الشباب من أمل المستقبل، وتُؤجج التمييز ضد والأقليات الدينية والمهاجرين وذوي الإعاقة. تُثير الرأسمالية العمال ضد بعضهم البعض في سباق عالمي إلى المنحدر. تشن مصالح الشركات حملة لا تنتهي لإلغاء الحقوق الديمقراطية التي اكتسبها الناس بشق الأنفس. لقد سمّمت الرأسمالية، بسعيها الحثيث وراء الأرباح، أرض الأرض وبحرها وهوائها. وتُعامل الرأسمالية البشر والطبيعة كسلعٍ قابلةٍ للتصرف، بهدف منح ثروات الكوكب إلى حفنةٍ من أصحاب المليارات. إن مبادئنا الأساسية متجذرةٌ في النضالات اليومية، مُستنيرةٌ بتاريخنا وخبرتنا، ومُسترشدةٌ برؤيتنا العلمية للاشتراكية. تشمل مبادئنا الأساسية الدور القيادي للطبقة العاملة في النضال من أجل التغيير الاجتماعي؛ وضرورة وحدة الطبقة العاملة، وأن النضال ضد العنصرية ومن أجل حقوق المهاجرين أساسيان لبناء تلك الوحدة. نتضامن مع العمال حول العالم، نقف في وجه الإمبريالية الأمريكية - النظام الذي تستخدم فيه الشركات الأمريكية قوتها الاقتصادية، إلى جانب القوة السياسية والعسكرية لحكومتنا، لاستغلال العمال، ونهب البيئة، وإفساد الحكومات حول العالم، تمامًا كما تفعل هنا في وطننا. رؤيتنا هي "اشتراكية حقوق الإنسان" في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتمتع العمال - الذين ينتجون جميع ثروات المجتمع - بالسلطة السياسية، ويقررون جماعيًا أولويات الاستثمار وتوزيع ثروة أمتنا - في التعليم والرعاية الصحية والإسكان والتغذية والترفيه والفنون والثقافة والعلوم، في اقتصاد نظيف وغير ملوث. تستند ممارساتنا التنظيمية إلى الديمقراطية والمساواة ووحدة العمل والشفافية. لا نميز أنفسنا عن بقية حركة الطبقة العاملة ومنظماتها؛ ليس لدينا أجندة خاصة، ولا مصالح خاصة. نرحب بكل من يشاركنا أهدافنا للانضمام إلينا أو العمل معًا في تحالف. حوار الجزيرة كشف السكرتير العام للحزب الشيوعي الأميركي المشارك جو سيمز، في حوار قالت عنه الجزيرة الأول من نوعه" تفاصيل عن تاريخ الحزب الذي تأسس في نهاية القرن التاسع عشر، قبل اندلاع ثورة أكتوبر 1917. ونشر موقع الجزيرة حلقات الحوار، الذي. نقدم عرضا لأهم ما ورد فيه لأهميته، مع الاشارة ان الموضوعات المطروحة تمثل رؤية الحزب الشيوعي لراهن الحزب والوضع في الولايات المتحدة والعالم، ومن المفيد الاطلاع عليها في سياق التعرف على جديد الاحزاب الشيوعية وعموم أحزاب اليسار العالمي. وجاء في إعلان موقع الجزيرة عن حلقات الحوار، ضمن أمور أخرى: " يعد سيمز من الشخصيات البارزة في المشهد السياسي الأميركي، فرغم عدم تصدره عناوين الأخبار، فإن قراراته ومواقفه السياسية كان لها دور محوري في تشكيل بعض الأحداث الفارقة في تاريخ الولايات المتحدة. وتتناول حلقات الحوار العديد من المواضيع المدرجة تحت "المسكوت عنها" في السياسة والمجتمع الأميركي، مستعرضا قضايا ربما لم تجد من يسردها في الساحات". قمع منهجي أوضح سيمز أن غالبية الأميركيين كانوا يجهلون وجود الحزب، نتيجة للتعتيم الإعلامي عليه والعمل على تهميشه ومحاولات حجبه من صفحات تاريخ الولايات المتحدة. واكد الزعيم الشيوعي: "لم نختفِ، بل تم طردنا من تاريخ أميركا، رغم كوننا جزءا ماركسيا من حركة العمال"، مشيرا إلى أن تاريخ الحزب يعود إلى فترة الحرب الأهلية، حيث كان هناك جنرال في القوات الاتحادية، صديق حميم لكارل ماركس، حارب ضد العبودية. وتناول سيمز حملات القمع التي تعرض لها الحزب بعد خطاب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ونستون تشرشل، في ولاية ميزوري عام 1946، الذي أعلن فيه بداية الحرب الباردة. وأضاف أن هذه الملاحقات (خصوصا خلال سيادة المكارثية) شملت القمع السياسي، والسجون، والطرد من النقابات العمالية والوظائف بتهم واهية مثل التآمر على الإطاحة بالحكومة الأميركية، وهو ما طال حياته الشخصية وعائلته: "لقد استمرت هذه الحملة حتى انهيار الاتحاد السوفياتي، حيث كانت معاداة الشيوعية والحملة ضد السوفيات صناعة كبيرة في الولايات المتحدة". وأوضح أن الحملة استهدفت المؤسسات الثقافية الأميركية، وعلى رأسها السينما والصحافة، حيث تم التحقيق مع العديد من ممثلي هوليود وكتابها بتهم الشيوعية. كما كانت مجالس التحرير في الصحف الأميركية الرئيسية تحث على عدم نشر كل ما كتب دفاعا عن الحزب. وأضاف أن الحملة شملت أيضا شخصيات أميركية بارزة مثل مارتن لوثر كينغ ومالكوم إكس وحزب الفهود السود، في فترة شهدت ملاحقة شديدة من رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي آنذاك، إدغار هوفر، الذي كان يهدف إلى زرع الخوف في المجتمع الأميركي.
مصاعب إعلامية وفيما يتعلق بكيفية إيصال رسالة الحزب وحركات اليسار في ظل الحصار الإعلامي، أشار سيمز إلى الصعوبة البالغة في هذه المهمة. وأشار إلى أن الحزب اضطر إلى بناء منصات إعلامية خاصة به سعيا منه لتجاوز هذه الصعوبات. ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، بدأت هذه المنصات في استغلال تلك الأدوات لنقل رسالته إلى الجماهير، رغم أن التحديات لا تزال قائمة. ويرى سيمز أن أبرز المفاهيم الخاطئة التي يواجهها الحزب هي فكرة كونه "منتجا مستوردا من الخارج"، خاصة من الاتحاد السوفياتي، وهي الفكرة التي تراجعت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وأضاف أن المفهوم الخاطئ الجديد هو اعتقاد البعض أن الحزب ضد الديمقراطية وحرية التعبير. وبالرغم من تعرض الحزب للقمع والتهميش، فإن قيادته حاولت في مختلف الأوقات تقديم مرشحين في الانتخابات الرئاسية. كان آخرهم في الثمانينيات عندما تم ترشيح جوث هول للرئاسة وأنجيلا ديفيس كنائبة له. من المعروف أن الحزب الشيوعي في فترة لاحقة عمل أسوة بأغلب قوى اليسار والتقدم الأمريكية، في عدم الاشتراك مباشرة في الانتخابات، وانما دعم مرشحين تقدميين ويساريين في قوائم الحزب الديمقراطي. وما ورد في العرض للحوار في موقع الجزيرة: " ومع مرور الوقت، يرى سيمز أن الحزب مستعد الآن للعودة إلى الساحة السياسية، بعد فترة طويلة من العمل داخل الحزب الديمقراطي" يبدو انها صياغة غير دقيقة، فليس هناك ما يشير لعمل الحزب الشيوعي داخل اطر الحزب الديمقراطي طيلة تاريخ الحزب. لكنه أوضح أن هذه الاستراتيجية لها حدود، كما ظهر في الانتخابات الأخيرة، مؤكدا على ضرورة تغيير النظام الانتخابي في البلاد الذي يُغلق المجال أمام أي أحزاب أخرى غير الديمقراطي والجمهوري.. كما أشار إلى أهمية إلغاء قانون "المواطنون المتحدون"، الذي يسمح للشركات الكبرى بتمويل الحملات الانتخابية بلا حدود، مما يعيق التمويل الشعبي. ولفت سيمز إلى تزايد الغضب بين طبقة العمال بسبب التفاوت الكبير في الثروة، وهو الغضب الذي كان أحد العوامل التي ساعدت في انتخاب ترامب، الذي ظهر في حفل تنصيبه محاطا بعدد من المليارديرات، في مشهد غاب عنه أي ممثل عن الطبقة العاملة أو النقابات.
الشيوعي الأمريكي يدعو إلى تغيير النظام الانتخابي أشار سميز إلى أن الحزبيْن الجمهوري والديمقراطي يمثلان مصالح الرأسمال المهيمن وأن النظام الانتخابي الأميركي بعيد عن الديمقراطية في جوهره. ولهذا هناك ضرورة لتصحيح المسار بواسطة إجراء تغييرات جذرية في طريقة اختيار الرؤساء. وإن المبدأ الذي اعتمد عليه الجمهوريون، بأن الثروة ستتدفق إلى الطبقات الأقل دخلا أثبت فشله، وكانت الأموال تذهب دائما إلى الطبقات والفئات الأكثر ثراء. واعتبر أن الأحزاب السياسية في أميركا تمثل مصالح قوى طبقية معينة، كما انتقد النظام الانتخابي في البلاد، مؤكدا أنه بعيد عن الديمقراطية الحقيقية و"يجب إلغاء المجمع الانتخابي الذي يحول دون تحديد الفائزين بناء على التصويت الشعبي".
النظام الصحي أكد سيمز ان الهدف من نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، ليس تقديم خدمات صحية للفقراء، بل تعزيز الأرباح لشركات صناعة الأدوية والمستشفيات الكبرى، ورأى أن هذا النظام لا يراعي احتياجات البشر أو البيئة. من المعروف أن سياسة أولوية الأرباح الرأسمالية تتعامل مع حاجات الإنسان الصحية كسلعة، وليس كحاجة انسانية ماسة. وانتقد أيضا انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من منظمة الصحة العالمية، مستنكرا "كيف يمكن للعالم أن يواجه تحديات صحية مثل الأوبئة من دون تعاون دولي في هذا المجال؟"، واصفا هذا القرار "بالجنون".
التجربة السوفيتية في الوقت الذي يرى فيه سيمز أن الحل يكمن في ضرورة تفكيك الاحتكارات، وإعادة هيكلة الشركات الكبرى والبنوك بحيث تؤول ملكيتها إلى الشعب، وتُدار من خلال هيئات ديمقراطية يشرف عليها العاملون فيها. يرد الزعيم الشيوعي على الانتقادات الموجهة إلى تجربة الاشتراكية الفعلية، برفضه لموضوعة فشل التجربة اقتصاديا، مؤكدا الاشتراكية السوفياتية لم تكن فاشلة اقتصاديا بقدر ما كانت هنالك مشاكل سياسية. ورأى أن الاتحاد السوفياتي حقق إنجازات كبيرة في مدة زمنية قصيرة رغم الظروف الصعبة التي مر بها، مشيرا إلى أن انهيار الاتحاد السوفياتي كان نتيجة غياب الديمقراطية، وليس فشلا اقتصاديا. وبخصوص العلاقة بين الشيوعية (الاشتراكية) والديمقراطية، أكد سيمز أنها تقوم على أسس ديمقراطية وليست متعارضة مع القيم الديمقراطية. وأوضح أن المشكلة التي واجهها الاتحاد السوفياتي كانت غياب مشاركة الطبقة العاملة في إدارة الاقتصاد والنظام السياسي، وهو ما أسهم في شعور الشعب بالعزلة. أما بشأن رؤية الحزب الشيوعي الأمريكي لمستقبل الولايات المتحدة، فبيّن سيمز أن الحزب الشيوعي الأميركي يدعو إلى "اشتراكية ميثاق الحقوق"، وهي اشتراكية تستند إلى الدستور الأميركي، وتوسّع من حقوق المواطنين بدلًا من تقييدها. وأضاف أن النظام السياسي في الولايات المتحدة لا يتناسب مع وجود حزب واحد، إذ يعتقد أن الاشتراكية الديمقراطية (أي الاشتراكية المتلازمة مع الديمقراطية) متعددة الأحزاب هي الأنسب. وأن الحزب الشيوعي الأميركي لا يعتقد أن الشيوعية في شكلها التقليدي يمكن تطبيقها في الولايات المتحدة، بل يؤمن بضرورة تطوير اشتراكية تتماشى مع المبادئ الديمقراطية التي يضمنها الدستور الأميركي.
تجديد فكري وتنظيمي كشف زعيم الحزب الشيوعي الأميركي، عن عمليات تجديد فكرية وتنظيمية داخل الحزب تستهدف مواكبة متغيرات العصر، خاصة في ظل التقدم التكنولوجي والانفتاح المعلوماتي الهائل، فضلا عن حرص الحزب على التواصل الفعّال مع الأجيال الشابة في الولايات المتحدة. وأكد سيمز أن الحزب ينظر إلى الماركسية كعلم قابل للتطبيق والتجديد، مشددا على أهمية التجربة الواقعية في إثبات فاعليتها. وأوضح أن النماذج الاشتراكية تتخذ أشكالا متعددة، تختلف من بلد لآخر، بحسب السياقات التاريخية والسياسية، مشيرا إلى اختلاف النموذج الصيني عن الكوبي، وكذلك عن التجارب في جنوب أفريقيا أو فرنسا. وقال سيمز إن هذا النموذج السابق لم يعد قابلا للتطبيق، لا في الولايات المتحدة ولا على مستوى العالم، في ظل عصر الإنترنت الذي كسر احتكار المعلومات، وجعل من الصعب على أي جهة التحكم الكامل بتدفقها. وأضاف أن الديمقراطية التشاركية باتت ضرورة لأي حزب يسعى إلى الحكم في هذا العصر، مشيرا إلى أن "فرض التوجه الواحد على الناس" لم يكن ناجحا، ولن يكون مستداما. أما اقتصاديا، فاعترف سيمز بأن العالم يفتقر إلى تجربة شاملة لبناء اقتصاد اشتراكي متكامل في الدول الرأسمالية المتقدمة. وأوضح أن النماذج السابقة، في روسيا والصين وكوبا وغيرها، جاءت في ظروف لا تمثل السياق الأميركي. وأكد أن الحزب يبحث عن نموذج اقتصادي يتوافق مع الواقع الأميركي، ويشمل أشكالا مختلفة من الملكية مثل الملكية العامة والتعاونيات والتخطيط الاجتماعي، مع الاستفادة من التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي. وأن الاشتراكية لا تعني المساواة في الفقر، بل تعني بناء اقتصاد عادل يضمن التنمية البشرية والاجتماعية، محذرا من تكرار الأخطاء التي وقعت في تجارب أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي. وأشار سيمز إلى أن الحزب الشيوعي الأميركي شهد نموا لافتا خلال السنوات الماضية، لا سيما عقب انتخاب دونالد ترامب عام 2016، وبعد انسحاب بيرني ساندرز من السباق الديمقراطي، وأخيرا بعد الانتخابات الأخيرة. ولفت الانتباه إلى أن الشباب الأميركي بات أكثر انفتاحا على الأفكار الاشتراكية، مما دفع الحزب إلى تعزيز حضوره الرقمي ومضاعفة أنشطته التوعوية. وعلى الصعيد الدولي، قال سيمز إن الحركات الشيوعية ما زالت فاعلة عالميا، مشيرا إلى تنامي دور الأحزاب اليسارية في أوروبا وأميركا اللاتينية، واستمرار الأحزاب الشيوعية في حكم في الصين وفيتنام.
الحزب والقضية الفلسطينية أعرب سيمز عن احترامه العميق لحركات المقاومة الفلسطينية، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني وحده مَن يمتلك حق اختيار قياداته وتقرير مصيره دون وصاية خارجية. وشدد على أن هذا المبدأ يمثل جوهر موقف الحزب من القضية، انطلاقا من الإيمان بحق الشعوب في تقرير مصيرها بحرية. وفي سياق أوسع، أشار سيمز إلى أن مشاهد القمع والفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة تجد صدى لدى قطاعات واسعة داخل المجتمع الأميركي، لا سيما بين مجتمعات السود واللاتينيين والآسيويين. وأن الموجة الأولى من الاحتجاجات الأميركية ضد الحرب على غزة بعد السابع من تشرين الأول، انطلقت من الفلسطينيين والعرب الأميركيين، ثم انضمت إليها حركات شبابية من أصول أفريقية ولاتينية وآسيوية، قبل أن تتسع وتشمل شبابا بيضا، مما يعكس عمق التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية. وتوقف سيمز عند موقف الكنيسة الأميركية الأفريقية، التي اعتبرها من أوائل المؤسسات التي اتخذت موقفا علنيا ضد السياسات الأميركية تجاه إسرائيل، مشيرا إلى إعلان نشرته هذه الكنيسة في صحيفة نيويورك تايمز ينتقد دعم إدارة بايدن السابقة لتل أبيب. أما بشأن الحل السياسي، فأكد زعيم الحزب الشيوعي الأميركي المشارك أن القرار النهائي يجب أن يظل بيد الفلسطينيين أنفسهم. ومع ذلك، أوضح أن الأحزاب اليسارية الشريكة لحزبه في فلسطين وإسرائيل لا تزال ترى في حل الدولتين خيارا واقعيا، رغم قناعتها بأن إسرائيل عمليا جعلت هذا الحل شبه مستحيل عبر التوسع الاستيطاني وفرض الحصار على غزة.
اللوبي الصهيوني وفي حديثه عن جماعات الضغط، اعتبر سيمز أن النفوذ الصهيوني داخل الولايات المتحدة -ممثلا في جماعة "أيباك" والتحالف مع المسيحيين المتصهينين- ليس سوى جزء من معادلة أكبر تشمل شركات عملاقة ولوبيات من النخب. وأكد أن هذه القوى تحتكر القرار السياسي في البلاد، وتفرض رؤيتها المشتركة على قضايا حساسة مثل السياسة تجاه الشرق الأوسط، والنفط، والتسلّح، والصين. واعتبر أن توجيه مليارات الدولارات من الدعم العسكري لإسرائيل -التي تجاوزت 12 مليار دولار منذ الحرب الأخيرة، يُعد تبديدا للموارد الأميركية، مشيرا إلى أن هذه الأموال كان يمكن أن تُستخدم في دعم الفلسطينيين المتضررين، أو في معالجة أزمات داخلية كحرائق كاليفورنيا. وختم سيمز حديثه بالتأكيد على ضرورة إنهاء هيمنة الشركات العابرة للحدود على القرار الأميركي، معتبرا أن هذه المهمة العاجلة - رغم صعوبتها ليست مستحيلة، مشبها الوضع بالنهاية المفاجئة لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، حين خرج نيلسون مانديلا من السجن في مشهد غير متوقع وغير مسبوق. تعكس تصريحات سيمز وجهة نظر يسارية ترى أن التغيير في الولايات المتحدة ممكن، وأن التضامن الشعبي العابر للأعراق والانتماءات قد يكون مفتاحا لإعادة تشكيل السياسة الأميركية، داخليا وخارجيا، نحو مزيد من العدالة والإنسانية.
#رشيد_غويلب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقاومة لمنطق العودة الى الحرب / تصاعد المشاركة في مسيرات الس
...
-
الذكرى الخمسون لانتصار فيتنام / الصين وفيتنام تشكلان تحالفا
...
-
في ذكراه الثانية والعشرين.. كيف غيّر غزو العراق العالم نحو ا
...
-
ردا على سياسات ترامب العدوانية / دول أمريكا اللاتينية والبحر
...
-
ما يحدث في إندونيسيا يذكر بدكتاتورية سوهارتو
-
بعد أن تجاوز الصدمة / الشارع الأمريكي ينتفض ضد ترامب
-
محاولات لشقّ المعارضة التركية بدلاً من قمعها المباشر / احتجا
...
-
عبر حيلة برلمانية.. إقرار تخصيصات هائلة للعسكرة والحرب في أل
...
-
الحاجة إلى نظرية جديدة للإمبريالية
-
صربيا.. استمرار الاحتجاجات ضد الحكومة والفساد
-
سلطة ترامب مبنية على الرمال / بقلم: أنغار سولتي*
-
مع تصاعد الغضب الشعبي.. هل يتجاوز رئيس وزراء اليونان الأزمة؟
-
صراع الهيمنة الرأسمالية في زمن البلطجية
-
خطط تَسلُّح الاتحاد الأوروبي.. أرباح على حساب السلام
-
قراءة في النجاح الانتخابي لحزب اليسار الالماني
-
على الرغم من تقدم اليمين المحافظ والمتطرف/ الانتخابات الألما
...
-
خطاب فانس في مؤتمر ميونخ للأمن وجديد الرأسمالية الغربية
-
صوتوا لحزب اليسار الألماني في الانتخابات المبكرة
-
مؤتمر ميونخ للأمن.. اختفاء الإجماع الغربي وغياب الحلول
-
بعد تولي ترامب السلطة / ملفات الاختلاف داخل المعسكر الغربي ت
...
المزيد.....
-
-بأمارة ايه-.. ضجة يثيرها ترامب عن رسوم قناة السويس في مصر و
...
-
بتهمة -ازعاج- تركي آل الشيخ.. القضاء المصري يصدر حكمه ضد وائ
...
-
لماذا يتغير مزاجك عندما تصاب بنزلة البرد؟.. العلم يكشف السر
...
-
الجيش الروسي يحصل على أجهزة محمولة جديدة للكشف عن الدرونات
-
مصافحة ترامب وماكرون في جنازة البابا فرنسيس تسترعي انتباه ال
...
-
زيلينسكي يُجهّز أوكرانيا لحرب عصابات
-
العلاقات الروسية الصينية بين حجري رحى
-
الأرض مقابل السلام – صيغة الحل الأمريكي لأوكرانيا مع ضبابية
...
-
قناة السويس وترامب: ما علاقة أمريكا بالقناة؟
-
هاتف vivo الجديد لشبكات الجيل الخامس يكتسح الأسواق قريبا
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|