|
أَخْلَاقِيَّات التِّكْنُولُوجْيَا
حمودة المعناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8324 - 2025 / 4 / 26 - 13:43
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
_ مَعْنَى أَخْلَاقِيَّات التِّكْنُولُوجْيَا
أَخْلَاقِيَّات التِّكْنُولُوجْيَا هِيَ مَجْمُوعَةٌ الْمَبَادِئ وَالْأَطْر الَّتِي تَحْكُمُ إسْتِخْدَامُ التِّقْنِيَّاتِ وَالِإبْتِكَارُات التِّكْنُولُوجِيَّة بِطَرِيقَة أَخْلَاقِيَّة مَسْؤُولَة. تَتَنَاوَلُ هَذِهِ الْأَخْلَاقَيَّات الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّةُ وَالِإجْتِمَاعِيَّةُ وَالْقَانُونِيَّة الْمُرْتَبِطَة بِتَطْوير وَتَطْبِيقِ التِّكْنُولُوجْيَا، بِمَا فِي ذَلِكَ الْخُصُوصِيَّة وَالْأَمْن وَالْعَدَالَة وَ الشَّفَّافِيَّة وَتَأْثِير التِّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْبَشَرِيَّةِ وَالْمُجْتَمَع. تَتَحَدَّد الْأَهْدَاف الرَّئِيسِيَّة لِأَخْلَاقِيَّات التَّكْنُولُوجْيَا فِي ضَمَانِ إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا بِطَرِيقَة أَمَّنَة وَمُوثُوقَة وَعَادِلَة وَ شَفَّافَة. وَالْحِفَاظِ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ وَالْأَمْن الشَّخْصِيّ فِي مُوَاجَهَةِ التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة. إضَافَة إلَى تَقْلِيلِ الْمَخَاطِر وَ الْآثَار السَّلْبِيَّة الْمُحْتَمَلَة لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعِ. و تَعْزِيز الْمُسَاءَلَة وَالْمَسْؤُولِيَّةِ فِي التَّطْوِير وَالِإسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيّ. ثُمَّ ضَمَانُ إحْتِرَامُ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ. وَالْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ فِي ظِلِّ التَّغَيُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة. كَمَا يُمْكِنُ حَصْرُ الْمَجَالَات الرَّئِيسِيَّة لِأَخْلَاقِيَّات التَّكْنُولُوجْيَا فِي الْخُصُوصِيَّةِ وَ الْأَمْن، الْعَدَالَةِ وَالْمُسَاوَاةِ، الشَّفَّافِيَّة وَالمُسَاءَلَة، الْأَثَر الِإجْتِمَاعِيّ وَالْبِيئَي، إسْتِخْدَامُ الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَالَّروبوتَات. حِمَايَة الْبَيَانَات وَالْمَعْلُومَات الشَّخْصِيَّة مِنْ التَّجَسُّسِ وَالتَّعَدِّي وَالْإِفْشَاء غَيْرُ الْمُصَرَّحِ بِهِ. يُلْقَى عَلَى عَاتِقِ الشَّرِكَات وَ المُؤَسَّسَات التِّكْنُولُوجِيَّة النَّصِيبِ الْأَكْبَرِ فِي تَحَمُّلِ الْمَسْؤُولِيَّةِ. يَجِبُ أَنْ تَكُونَ شَفَّافَة بِشَأْن جَمْع وَتَخْزين وَتَحْلِيلِ الْبَيَانَات الْخَاصَّة بِالْمُسْتَخْدِمِين. نَاهِيكَ عَنْ الْمُسَاوَاةِ فِي الْوُصُولِ وَ الِإسْتِفَادَةِ مِنْ التِّقْنِيَّات، وَعَدَمِ التَّمْيِيزِ عَلَى أَسَاسِ الْعَرَقِ أَوْ الْجِنْسِ أَوْ الطَّبَقَةِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ. يَجِب تَصْمِيم التِّكْنُولُوجْيَا بِحَيْث تُسْهِمُ فِي تَقْلِيص الْفِجوات الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالِإقْتِصَادِيَّةِ، كَمَا تَحْمِلُ شَرِكَات التِّكْنُولُوجْيَا مَسْؤُولِيَّة كَبِيرَةً عَنْ أثَارِ مُنْتَجَاتِهَا وَخَدَمَاتٍهَا عَلَى الْمُجْتَمَعِ، وَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ شَفَّافَة وَ خَاضِعَة لِلْمُسَاءَلَة. عَلَيْهَا الْحِرْصُ عَلَى عَدَمِ إنْتَاجِ تَطْبِيقَاتٍ أَوْ أَنْظِمَة تُعَزُّز التَّمْيِيزِ أَوْ تنْتَهَك الْحُقُوق الْأَسَاسِيَّةَ. فِي نَفْسِ الْوَقْتِ تَقْتَضِي الضَّرُورَةُ ضَمَانُ أَمِن الْبَيَانَات وَالْأَنْظِمَة مِنْ التَّهْدِيدَاتِ السَّيبرانِيَة كَالِإخْتِرَاق وَ السَّرِقَةِ وَالتَّخْرِيب. وَ وَضَع إجْرَاءَات أُمْنِيَة مُتَطَوِّرَة لِحِمَايَة الْمُسْتَخْدِمِين وَ الْمَنْصُات التِّكْنُولُوجِيَّة. كَمَا يُعَدُّ مَبْدَأ الشَّفَّافِيَّة ضَرُورِيّ جِدًّا، لإطِّلَاع الْمُسْتَخْدِمِين عَلَى كَيْفِيَّةِ جَمْع وَ تَخْزين وَإسْتِخْدَامِ بَيَانَاتِهِمْ. و مِنَح الْمُسْتَخْدِمِين. الْحَقِّ فِي الِإطِّلَاعِ عَلَى بَيَانَاتِهِمْ وَ التَّحَكُّمُ فِي كَيْفِيَّةِ إسْتِخْدَامُهَا. مِنْ جِهَةِ هُنَاكَ مَبْدَأً عَدَمِ إنْتِهَاكِ حُقُوقِ النَّشْر وَالتَّأْلِيف لِلْمُصَنِّفِات الرَّقْمِيَّةِ. الَّذِي يَفْرِضُ الِإلْتِزَام بِالتَّرَاخيص وَ عَدَمُ الْقَرْصَنَّة أَوْ السَّرِقَةِ الْفِكْرِيَّة. و عَدَمُ إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا لِنَشْر الْمُحْتَوَى الْمُسِيء أَوْ الْإِسَاءَةِ لِلْآخَرِين أَوْ إثَارَةٍ الْكَرَاهِيَة وَ التَّطَرُّف. وَ إحْتِرَام الْخُصُوصِيَّةِ وَ الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ. مِنْ جِهَةِ أُخْرَى تُطْرَح ضَرُورَةِ تَعْزِيزِ التَّنَوُّعِ فِي مَجَالِ التِّكْنُولُوجْيَا وَإِشْرَاك مُخْتَلَف الْفِئَات فِي تَطْوِيرِ الأَنْظِمَة وَصَنَع الْقَرَارَات. تَعَدّ أَخْلَاقِيَّات التِّكْنُولُوجْيَا ضَرُورَةً مُلِحَّةً لِمُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَاتِ الْأَخْلَاقِيَّة النَّاشِئَةِ عَنْ التَّقَدُّمِ التِّكْنُولُوجْيّ السَّرِيعُ، بِمَا يَضْمَنُ إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا بِطَرِيقَة إِيجَابِيَّة و مَسْؤُولَة و أَخْلَاقِيَّة تَخْدُم الْإِنْسَانِيَّة وَتُقَلِّلُ مِنْ الْمَخَاطِرِ وَالْأثَار السَّلْبِيَّة الْمُحْتَمَلَة.
_ مَا بَيْنَ الْأَخْلَاق وَالتِّكْنُولُوجْيَا
التِّكْنُولُوجْيَا وَالْأَخْلَاقُ هُمَا مَفْهُومَانِ مُتَلَازِمَان وَمُتَرَابِطان بِشَكْلٍ وَثِيق، فَلَا يُمْكِنُ فَصْلُهُمَا عَنْ بَعْضِهِمَا الْبَعْضِ. فَالْتِكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَةِ قَدْ أَحْدَثْتَ تَغْيِيرَات جِذْرِيَّة فِي حَيَاتِنَا اليَوْمِيَّةِ وَ فِي الْمَنْظُومَةِ الْقِيَمِيَّة وَالْأَخْلَاقِيَّة لِلْمُجْتَمَع. أَنَّ التَّقَدُّمَ التِّكْنُولُوجْيّ الَّذِي شَهِدَه الْعَالِمُ فِي الْعُقُودِ الْأَخِيرَةِ أَدَّى إلَى ظُهُورِ الْعَدِيدِ مِنَ التَّحَدِّيَات وَالْإِشْكَالَيْات الْأَخْلَاقِيَّة. فَتَطْبِيقُات التِّكْنُولُوجْيَا الْمُخْتَلِفَة أَصْبَحْت تُؤَثِّر بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ عَلَى الْعَدِيدِ مِنَ الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ كَالْخُصُوصِيَّة وَالْأَمْنُ وَالْعَدَالَة وَالشَّفَّافِيَّة وَالْمُسَاوَاة وَغَيْرِهَا. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، ظُهُور تِكْنُولُوجْيَا الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ أَثَارَ مَخَاوِفَ كَبِيرَة بِشَأْن قَضَايَا التَّحَيُّز وَالْخُصُوصِيَّة وَسُوء إسْتِخْدَام الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ. فَالْخَوَارِزْمَيات الْمُعَقَّدَةِ الَّتِي تَعْتَمِدُ عَلَيْهَا هَذِهِ التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ تَعْكِس التَّحَيُّزِات الْبَشَرِيَّة وَتُؤَدِّي إلَى نَتَائِج قَدْ تَكُونُ مُجْحِفَة أَوْ مُتَحَيِّزَة بِحَقّ بَعْض الْفِئَات. كَمَا أَنَّ جَمْعَ وَتَخْزين كَمِّيَّات هَائِلَة مِنْ الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ لِلْأَفْرَاد حَوْلَ حِمَايَة الْخُصُوصِيَّة وَالسَّيْطَرَةَ عَلَى هَذِهِ الْبَيَانَات. يَطْرَح تَسَاؤُلَات. وَبِالْمِثْلِ، فَإِنْ التَّطَوُّرَات فِي مَجَالِ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة وَالْهَنْدَسَة الْوِرَاثِيَّة أَثَارَتْ جَدَلًا وَاسِعًا حَوْل قَضَايَا أَخْلَاقِيَّة مِثْل التَّدَخُّلِ فِي التَّرْكِيبِ الْجِينِيّ لِلْإِنْسَان وَالْحَيَوَان، وَإِنْتَاج أَعْضَاء بَشَرِيَّة صِنَاعِيَّة، وَتَأْجِير الْأَرْحَام، وَالِإسْتِنْسَاخ الْبَشَرِيِّ. فَهَذِه التَّطْبِيقَات تَتَعَلَّق بَأْسَاسِيَات الْحَيَاةُ وَالْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ، مِمَّا يَتَطَلَّب إِطَارًا أَخْلَاقِيًّا صَارِمًا لِتَنْظِيمِهَا. بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ، أَدَّتْ التَّطَوُّرَات فِي تِكْنُولُوجْيَا الْمَعْلُومَاتِ وَالِإتِّصَالَات إلَى ظُهُورِ مُشْكِلَات أَخْلَاقِيَّة جَدِيدَة تَتَعَلَّق بِالْخُصُوصِيَّة وَالْأَمْن وَ التَّضْلِيل الْإِعْلَامِيّ عَبَّر الْإنْتَرْنِت. فَالِإنْتِشَار الْوَاسِعُ لِلشَّبَكَات الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالْمَنْصُات الرَّقْمِيَّةِ أَتَاح فُرَصًا جَدِيدَة لِلتَّوَاصُل وَ التَّعْبِير، وَلَكِنْ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ أَدَّى إلَى إنْتِشَارِ ظَوَاهِر مِثْل التَنَّمُر الْإِلِكْتِرُونِيّ وَإنْتِهَاك الْخُصُوصِيَّة وَتَدَاوُل الْمَعْلُومَات الْمُضَلِّلَة. وَ فِي الْمُقَابِلِ، يُمْكِن لِلتَّكْنُولُوجْيَا أَنْ تُسَاهِم أَيْضًا فِي تَعْزِيزِ الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ وَالْإِنْسَانِيَّة. فَالتَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة فِي مَجَالَاتِ الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالطَّاقَة النَّظِيفَة قَدْ أَسْهُمت فِي تَحْسِينِ نَوْعَيَّة الْحَيَاة وَتَقْلِيل التَّفَاوُتَات وَ الْمُسَاعَدَةُ عَلَى حَلَّ مُشْكِلَات عَالَمِيَّة كَالْفَقْر وَالْجُوع وَ الْأَمْرَاض. كَمَا أَنَّ التِّقْنِيَّات الرَّقْمِيَّة قَدْ عَزَزْت مِنْ إِمْكَانِيَّة الْوُصُولِ إلَى الْمَعْلُومَاتِ وَتَبَادُل الْمَعَارِف وَالتَّوَاصُلِ بَيْنَ الشُّعُوبِ. لِذَلِك، أَصْبَحَ مِنْ الضَّرُورِيِّ أَنْ يُواكِب التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ إطَارُ أَخْلَاقِيّ قَوِيّ وَمُتَطَوِر يَحْكُمُ إسْتِخْدَامِ هَذِهِ التِّقْنِيَّات وَيَضْمَن إحْتِرَام قَيِّم الْإِنْسَانِ وَكَرَامَتِهِ. وَهَذَا يَتَطَلَّب جُهُود مُشْتَرَكَةٍ مِنْ قِبَلِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُبْتَكْرَيْن وَالْحُكُومَاتُ وَ المُؤَسَّسَات الأَكَادِيمِيَّة وَالْمُجْتَمَع الْمَدَنِيّ لِلتَّصْدِي لِلتَّحْدِيات الْأَخْلَاقِيَّة النَّاجِمَةِ عَنِ التَّطَوُّرِ التِّكْنُولُوجْيّ السَّرِيعُ. إنَّ الْعَلَاقَةَ بَيْنَ الْأَخْلَاق وَالتِّكْنُولُوجْيَا هِيَ عَلَاقَةٌ حَيَّوِيَّة وَمُتَشَابِكَة، فَالْتِكْنُولُوجْيَا تُؤَثِّرُ عَلَى الْمَنْظُومَة الْأَخْلَاقِيَّة لِلْمُجْتَمَع، وَ الْأَخْلَاق بِدَوْرِهَا يَجِبُ أَنْ تَوَجَّهَ وَتَحْكُمَ إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا بِمَا يَضْمَنُ إحْتِرَامِ الْإِنْسَانِ وَحِمَايَةِ قِيمَة وَمَبَادِئِه. وَهَذَا يَتَطَلَّبُ وَضْعُ سِيَاسَات وَأَطْر تَنْظُيمِيَّة قَوِيَّةً تَحَكُّم التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ وَتَوَازُن بَيْنَ الْفَوَائِدِ وَالْمَخَاطِر الْأَخْلَاقِيَّة الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ.
_ الْأثَارُ السَّلْبِيَّة لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْأَخْلَاقِ
التِّكْنُولُوجْيَا لَهَا أثَارٌ سَلْبِيَّةٍ عَلَى الْأَخْلَاقِ نَظَرًا لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ تَغَيُّرَات فِي السُّلُوكِ وَالْقَيِّم الْأَخْلَاقِيَّة. فَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ الْفَوَائِدِ الْكَبِيرَة لِلتَّكْنُولُوجْيَا، إلَّا أَنَّهَا قَدْ تُؤَدِّي إلَى تَقْلِيلِ التَّفَاعُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ الْمُبَاشِر، إنْتِهَاك الْخُصُوصِيَّة، ظُهُور سَلُوكَيَّات أَخْلَاقِيَّة سَلْبِيَّة، زِيَادَة الْعُزْلَة وَالِإنْطِوَاء. فَكَثْرَةُ إسْتِخْدَامَ الْأجْهِزَةِ الْإِلِكْتِرُونِيَّة وَالتَّوَاصُل عَبْرَ الْإِنْتَرْنِتِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى قَضَاءِ وَقْتَ أَقَلْ فِي التَّوَاصُلِ الشَّخْصِيّ الْمُبَاشِرِ مَعَ الْآخَرِينَ، مِمَّا قَدْ يُؤَثِّرُ عَلَى الْعَلَاقَاتِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَتَمَاسَك الأَسِرَّة. فَتَطْور التِّكْنُولُوجْيَا أَدَّى إلَى إنْتِشَارِ مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَتَطْبِيقَات الْمُرَاقَبَة، مِمَّا سَهْل إخْتِرَاق خُصُوصِيَّة الْأَفْرَاد وَإنْتِهَاكُهَا دُون مُوَافَقَتِهِمْ. فَالْإِفْرَاط فِي إسْتِخْدَامِ التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى إدْمَانِ الْأَلْعَاب الْإِلِكْتِرُونِيَّة، وَالْكَذِب، وَالْغِشّ، وَإنْتِحَال الشَّخْصِيَّة، وَغَيْرِهَا مِنْ السُّلُوكِيات السَّلْبِيَّةِ الَّتِي تَنَالُ مِنْ الْقَيِّمِ الْأَخْلَاقِيَّة. كَمَا أَنَّ الِإعْتِمَادَ الْمُفْرِط عَلَى التِّكْنُولُوجْيَا وَالِإبْتِعَادِ عَنِ التَّوَاصُلِ الْحَقِيقِيّ قَدْ يُسَاهِمُ فِي زِيَادَةِ الشُّعُور بِالْعُزْلَة وَالِإنْطِوَاء لَدَى الْأَفْرَادِ. لِذَلِكَ، يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَمَعِ وَالْأفْرَاد التَّوَازُنُ فِي إسْتِخْدَامِ التِّكْنُولُوجْيَا وَالْحِفَاظِ عَلَى الْقَيِّمِ الْأَخْلَاقِيَّة، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ الْوَعْيِ وَالتَّوْجِيه الصَّحِيح لِإسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا بِمَا يَخْدُم الْمَصْلَحَة الِإجْتِمَاعِيَّة.
_ الْأثَارُ الْإِيجَابِيَّةُ لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْأَخْلَاقِ
هُنَاكَ أثَار إِيجَابِيَّة لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْأَخْلَاقِ، فَبالِرَغْم مِنْ الْمَخَاوِفِ الْمُتَزَايِدَة بِشَأْن التَّأْثِيرَات السَّلْبِيَّة لِلتَّكْنُولُوجْيَا، إلَّا أَنْ هُنَاكَ أَيْضًا فَوَائِدُ أَخْلَاقِيَّة هَامَة نَاتِجَةً عَنْ التَّقَدُّمِ التِّكْنُولُوجْيّ. تَبْرُزُ جَلِيًّا فِي تَحْسِينُ جَوْدَة الْحَيَاة، تَعْزِيز الْمُسَاوَاة وَ الْعَدَالَة، الِإسْتِدَامَة البِيئِيَّة، الْحِمَايَةِ مِنْ الْمَخَاطِرِ. التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ حَسُنَتْ جَوْدَة الْحَيَاةِ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ، فَهِيَ وَفَرَّتْ وَسَائِلَ جَدِيدَةً لِلرِّعَايَة الصِّحِّيَّةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالتَّوَاصُل وَالتَّرْفِيه. هَذَا التَّحْسِينُ فِي الْجَوْدَةِ الْحَيَاتِيَّة لَهُ أثَارٌ إِيجَابِيَّة عَلَى الرَّفَاهِيَة الْأَخْلَاقِيَّة لِلْأَفْرَاد وَ المُجْتَمَعَات. بَعْض التِّكْنُولُوجْيات كَالِإنْتِرْنِت وَالْأَجْهِزَةَ الْمَحْمُولَة، قَدْ سَاعَدَتْ فِي تَعْزِيزِ الْمُسَاوَاة وَ الْعَدَالَةُ مِنْ خِلَالِ زِيَادَة فُرَص التَّعْلِيمُ وَ الْعَمَلُ وَ الْمُشَارَكَة السِّيَاسِيَّةِ وَالإجْتِمَاعِيَّةِ لِلْفِئَات الْمُهَمَشَة. كَمَا أَنَّ التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة فِي مَجَالَاتِ الطَّاقَةِ الْمُتَجَدِّدَةِ وَ التَّدْوِير وَالنَّقْل النَّظِيف قَدْ سَاعَدَتْ فِي تَحْسِينِ الِإسْتِدَامَة البِيئِيَّة وَحِمَايَة الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة، مِمَّا لَهُ أثَارٌ أَخْلَاقِيَّة إِيجَابِيَّة عَلَى الْمُجْتَمَعِ وَالْأَجِيال الْقَادِمَةِ. فِي نَفْسِ الْوَقْتِ التِّكْنُولُوجْيَا قدِّمَتْ أَيْضًا وَسَائِلَ جَدِيدَةً لِلْحِمَايَة مِنْ الْمَخَاطِرِ، كَنُظَّم الْإِنْذَار الْمُبَكِّر وَالْمُرَاقَبَة الْأُمْنِيَة وَأَجْهِزَة الْإِسْعَاف وَالإِنْقَاذ الْآلِيَة، مِمَّا سَاهَمَ فِي تَقْلِيلِ الْمُعَانَاة الْإِنْسَانِيَّة. بِشَكْلٍ عَامٍّ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ الْمَخَاوِفِ بِشَأْنِ التَّأْثِيرَات السَّلْبِيَّة لِلتَّكْنُولُوجْيَا، إلَّا أَنْ هُنَاكَ مَنَافِعُ أَخْلَاقِيَّة هَامَة نَاتِجَةً عَنْ التَّقَدُّمِ التِّكْنُولُوجْيّ فِي مَجَالَاتِ جَوْدَة الْحَيَاة وَالْمُسَاوَاة وَالْبِيئَة وَ الْحِمَايَة مِنْ الْمَخَاطِرِ.
_ تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ التِّكْنُولُوجْيَا وَالْقَيِّم الْأَخْلَاقِيَّة
تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ التِّكْنُولُوجْيَا وَالْقَيِّم الْأَخْلَاقِيَّة هُو تُحَدّ رَئِيسِيٍّ فِي عَصْرِنَا الرَّقْمِيّ الحَالِيِّ. مَعَ التَّطَوُّر السَّرِيع لِلتَّكْنُولُوجْيَا، لَا سِيَّمَا فِي مَجَالِ الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَالتِّقْنِيَّات الْكُمُومِيَّة، ظَهَرَتْ الْعَدِيدِ مِنَ التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة وَ الْمَسْؤُولِيَّات الْمُلْحَة الَّتِي يَتَعَيَّنُ مُعَالَجَتُهَا. لَقَدْ لَعِبَتْ التِّقْنِيَّات الذَّكِيَّة دَوْرًا مُهِمًّا فِي التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة. أَبْرَزَ هَذِهِ التَّحَدِّيَات تَتَمَثَّلُ فِي الْخُصُوصِيَّةِ وَالْأَمَان، التَّحَيُّز وَالْعَدَالَة، الْبَطَالَة وَالإِرْهَاق الْأَخْلَاقِيّ. تَحْظَى قَضِيَّة حِمَايَة الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ وَالسَّرِيَّة بِأَهَمِّيَّة كَبِيرَة. فَمَعَ قُدْرَة تَطْبِيقَات الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ عَلَى جَمْعِ كَمِّيَّات هَائِلَة مِنْ الْبَيَانَاتِ الْحَسَّاسَة وَ الشَّخْصُيَّة، هُنَاكَ مَخَاوِف كَبِيرَةٌ مِنْ إسَاءَةِ إسْتِخْدَامِ هَذِهِ الْمَعْلُومَاتِ أَوْ تَسْرِيبِهَا. لِذَلِكَ يَجِبُ وَضْعُ ضَوَابِطَ صَارِمَةً لِضَمَان خُصُوصِيَّة الْأَفْرَاد وَأَمِن بَيَانَاتِهِمْ. و تُثِير الْخَوَارِزْمِيَّات الذَّكِيَّة الْمُسْتَخْدَمَةُ فِي عَمَلِيَّاتِ صُنْعِ القَرَارِ قَضَايَا أَخْلَاقِيَّة مُهِمَّة. فَقَدْ تَظْهَرُ تَحَيُّزَاتٍ وَإِنْحِيَاز غَيْرُ مُبَرَّرٍ فِي تِلْكَ الْعَمَلِيَّات، كَمَا فِي قَبُولِ الطًّلابُ فِي الْجَامِعَات أَوْ تَحْدِيدٌ الْعُقُوبَات الْجِنَائِيَّة. لِذَا يَنْبَغِي ضَمَان الشَّفَّافِيَّة وَالمُسَاءَلَة فِي تَطْوِيرِ وَ إسْتِخْدَام هَذِه الْخَوَارِزْمِيَّات. كَمَا يُثِير تَزَايَد قُدْرَة الْآلَآت وَ الْأَنْظِمَة الذَّكِيَّة عَلَى تَنْفِيذِ المَهَامّ بِكَفَاءَة وَ سُرْعَة أَكْبَرُ مِنْ الْبَشَرِ مَخَاوِف بِشَأْن فِقْدَان الْوَظَائِف وَ إرْتِفَاع مُعَدَّلَاتِ الْبِطَالَةِ. كَمَا قَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى "إرْهَاق أَخْلَاقِيّ" لَدَى الْعَامِلِين نَتِيجَة الضَّغْط وَالشُّعُور بِعَدَمِ الأَمَانِ الْوَظِيفِيّ. وَهُنَا يَتَطَلَّب الْأَمْرِ وَضْعُ آلِيَّاتٍ تَعُويضِيَّة وَإسْتْرَاتِيجِيَّاتٍ لِتَطْوِير فُرَصَ عَمَلٍ جَدِيدَة مُتَوَافِقَة مَع التَّغَيُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة. لِمُعَالَجَةِ هَذِهِ التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة، يَتَزَايَد الِإهْتِمَام بِمَفْهُوم"الِإبْتِكَار الْأَخْلَاقِيّ"، وَاَلَّذِي يُرَكِّزُ عَلَى تَطْوِيرِ تِقْنِيَاتٍ وَمُمَارَسَات جَدِيدَة بِطَرِيقَة تَتَوَافَقُ مَعَ القِيَمِ الأَخْلَاقِيَّةِ وَالِإعْتِبَارَات الِإجْتِمَاعِيَّة وَالبِيئِيَّة. وَيَشْمَلُ ذَلِكَ. إِرْسَاء أَطِرْ أَخْلَاقِيَّة وَاضِحَة لِتَوْجِيه تَطْوِير وَتَطْبِيق التِّقْنِيَّات الذَّكِيَّة، مَع التَّرْكِيزُ عَلَى الْمَبَادِئ الْأَسَاسِيَّة كَالْعَدَالَة وَالْمُسَاوَاة وَحِمَايَة الْخُصُوصِيَّة. و إشْرَاك أَصْحَاب الْمَصْلَحَة الْمُخْتَلِفَيْن، بِمَا فِي ذَلِكَ الْخُبَرَاء الْأَخْلَاقِيِّين وَالْقَانُونِيًّين وَالْمُجْتَمَعُ الْمَدَنِيُّ، فِي عَمَلِيَّاتِ صُنْعِ القَرَارِ وَ التَّطْوِير التِّكْنُولُوجْيّ. نَاهِيكَ عَنْ تَعْزِيز الشَّفَّافِيَّة وَالمُسَاءَلَة فِي تَطْبِيقَات الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَ التِّقْنِيَّات الْكُمُومِيَّة، مِنْ خِلَالِ الْإِفْصَاحِ عَنْ الْبَيَانَات الْمُسْتَخْدَمَة وَ الْخُوَارِزْمَيات المُطْبَقَةَ. إلَى جَانِبِ تَطْوِير بَرَامِج تَدْرِيبِيٍّة وَتَوعَوِيَّة لِلْمُطَوِّرِين وَالْمُسْتَخْدِمِين لِتَعْزِيز الْوَعْي بِالْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمُرْتَبِطَة بِالتِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَة. ثُمَّ إيجَادُ حُلُول مُبْتَكَرَة لِمُعَالَجَة التَّحَدِّيَات الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالِإقْتِصَادِيَّةِ النَّاجِمَةِ عَنِ التَّغَيُّرِ التِّكْنُولُوجْيّ، كَتَطْوير فُرَصَ عَمَلٍ جَدِيدَة وَ آلِيَّاتٍ تَعُويضِيَّة لِلْعُمَّال الْمُتَأَثِّرِين. فِي النِّهَايَةِ، تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ التِّكْنُولُوجْيَا وَالْقَيِّم الْأَخْلَاقِيَّة يَتَطَلَّب جُهُودًا مُشْتَرَكَةٍ مِنْ قِبَلِ الْحُكُومَات وَالمُؤَسَّسَات وَالْخَبْرَاء وَالْمُجْتَمَع كَكُلّ. فَالتَّقَدُّم التِّكْنُولُوجْيّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ عَلَى حِسَابِ المَبَادِئِ الأَخْلَاقِيَّةِ الْأَسَاسِيَّة، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَسْعَى إلَى تَعْزِيز الرَّفَاه الْإِنْسَانِيِّ وَالْمُجْتَمِعِي بِطَرِيقَة مَسْؤُولَة وَقَابِلَة لِلِإسْتِدَامَة.
_ الْأَخْلَاقَيَّات الرَّقْمِيَّةِ فِي عَصْرِ التَّحَوُّل الرَّقْمِيّ
التَّطَوُّر المَعْرِفِيّ وَ التِّكْنُولُوجِيّ أَدَّى إلَى تَأْثِيرِ كَبِيرٌ عَلَى حَيَاةِ الْإِنْسَانِ، وَكَانَ لِلتَّحَوُّل الرَّقْمِيّ النَّصِيبِ الْأَكْبَرِ فِي ذَلِكَ. فَقَدْ أَدَّى التَّحَوُّل الرَّقْمِيّ إلَى تَطْبِيقِ التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ فِي جَمِيعِ جَوَانِبِ وَ مَنَاحِي الْحَيَاةِ الِإقْتِصَادِيَّة وَ الِإجْتِمَاعِيَّةُ وَ السِّيَاسِيَّةُ وَ الثَّقَافِيَّة بِهَدَف تَحْسِين الْعَمَلِيَّات وَ الْخِدْمَات وَ تَعْزِيز التَّفَاعُلِ بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَالمُؤَسَّسَات. وَمَعَ هَذَا التَّحَوُّلِ الرَّقْمِيّ الْوَاسِع ظَهَرَتْ تَحَدِّيَات وَ مَسْؤُولِيَّات أَخْلَاقِيَّة جَدِيدَة تَتَطَلَّب تَوْجِيه السُّلُوكِيات الْإِعْلَامِيَّة الرَّقْمِيَّة ضِمْنَ إِطَارِ أَخْلَاقِيّ لِضَمَان إسْتِخْدَامِ هَذِهِ الْوَسَائِلِ بِشَكْل مَسْؤُول وَفَعَال يَخْدُم الْأَفْرَادِ وَ الْمُجْتَمَعِ. يُمَثِّل مَفْهُوم الْأَخْلَاقَيَّات الرَّقْمِيَّةِ Digital Ethics الْإِطَار الَّذِي يُحَدِّدُ الْقَوَاعِد وَالْمَبَادِئِ الَّتِي تُنَظِّمُ عَمَلِيَّة إنْتَاج وَ نَشْر وَتَدَاوُل الْمُحْتَوَى الرَّقْمِيّ بِمَسْؤُولِيَّة وَشَفِافِيَة. وَهِيَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ تَوْجِيهَات تِقْنِيَّة أَوْ تَعْلِيمَات، بَلْ هِيَ مَنْظُومَة مُتَكَامِلَة تُعْنَى بِالْمَسْؤُولِيَّة الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ لِلْأَفْرَاد وَ المُؤَسَّسَات، وَ تُؤَسِّس لِمِنَصَة إِعْلَامِيَّةً تَعْتَمِدُ عَلَى الشَّفَّافِيَّة وَ الْمَصْدَاقِيَة وَ تُحَافِظُ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ وَالْحُقُوق. مِنْ جِهَةِ أُخْرَى يُمْكِنُ النَّظَرُ إلَى أَبْرَز التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة لِلتَّحَوُّل الرَّقْمِيّ وَ تَتَمَثَّلُ فِي حِمَايَةِ الْبَيَانَات وَالْخُصُوصِيَّة. الْعَدَالَة وَ الْمَوْضُوعِيَّة فِي إسْتِخْدَامِ الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ. أمْنَ الْمَعْلُومَاتِ وَالْأَمْن السَّيبراني. الْفَجْوَةُ الرَّقْمِيَّة وَالْعَدَالَة التِّكْنُولُوجِيَّة. الِإسْتِدَامَة وَالنِّفَايَات الْإِلِكْتِرُونِيَّة. مَعَ ظُهُورِ التِّكْنُولُوجْيات الرَّقْمِيَّةِ وَإنْتِشَارِهَا، أَصْبَح لَدَى الشَّرِكَات وَالمُؤَسَّسَات الْقُدْرَةِ عَلَى جَمْعِ كَمِّيَّات هَائِلَة مِنْ الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ لِلْأَفْرَاد. هَذَا يَطْرَحُ تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة حَوْل كَيفِيةِ التَعَامُل مَعَ هَذِهِ الْبَيَانَات بِشَكْل مَسْؤُول وَحِمَايَة خُصُوصِيَّة الْأَفْرَاد. نَفْسِ الْأَمْرِ يَبْرُزْ مَعَ تَطَوُّرِ تِقْنِيَات الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ، أَصْبَحَتْ هَذِهِ التِّقْنِيَّات تَلْعَبُ دَوْرًا مُهِمًّا فِي إتِّخَاذِ قَرَارَات تُؤَثِّرُ عَلَى حَيَاةِ الْأَشْخَاص، مِثْل قَرَارَات التَّوْظِيفِ وَالِإئْتِمَان. هَذَا يَسْتَدْعِي النَّظَرَ فِي الِإعْتِبَارَاتِ الْأَخْلَاقِيَّة مِثْل التَّحَيُّز وَالْإِنْصَاف وَالمُسَاءَلَة فِي إسْتِخْدَامِ هَذِهِ التِّقْنِيَّات. مِنْ جِهَةِ يُمْكِنُ الْإِشَارَةُ إلَى تَطَوُّر التَّهْدِيدَات السَّيبرانِيَة وَإنْتِشَارُ الِإخْتِرَاقَات الأَمْنِيَّةِ، هُنَاكَ ضَرُورَةٌ أَخْلَاقِيَّة لِحِمَايَة الْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات مِنْ هَذِهِ التَّهْدِيدَات مِنْ خِلَالِ إجْرَاءَات أُمْنِيَة قَوِيَّةٍ. كَمَا يَظْهَرُ دُور الْقَرْصَنَّة الْأَخْلَاقِيَّة "ethical hacking" فِي هَذَا الْمَجَالِ، وَهِي مُمَارَسَات يَقُومُ بِهَا خُبَرَاء أمْنَ الْمَعْلُومَاتِ بِهَدَف الْكَشْفِ عَنْ ثَغَرَات أُمْنِيَة وَ الْعَمَلُ عَلَى إصْلَاحِهَا. وَ مِنْ جِهَةِ أُخْرَى يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ التَّحَوُّل الرَّقْمِيّ إلَى تَفَاقُمِ الْفَجْوَةِ بَيْنَ الْمُجْتَمَعَات الْمُتَقَدِّمَة وَالنَّامِيَة فِي الْوُصُولِ إلَى التِّكْنُولُوجْيَا وَالِإسْتِفَادَة مِنْهَا. هَذَا يَطْرَحُ تَسَاؤُلَات أَخْلَاقِيَّة حَوْل ضَرُورَة ضَمَان إِتَاحَة التِّكْنُولُوجْيَا بِأَسْعَار مَعْقُولَة لِلْجَمِيع، خَاصَّة فِي الْبُلْدَانِ النَّامِيَة. أَنَّ التَّحَوُّلَ الرَّقْمِيّ يُولَد كَمِّيَّات هَائِلَة مِنْ النِّفَايَات الْإِلِكْتِرُونِيَّة الَّتِي تُشَكِّلُ تَهْدِيدًا بَيْئِيَاً وَصَحَّيا. وَهَذَا يَتَطَلَّب إعْتِمَاد مُمَارَسَات مُسْتَدَامَة فِي تَصْنِيع وَتَوْزِيع وَ إعَادَة تَدْوِير الْأَجْهِزَة الْإِلِكْتِرُونِيَّة. لِمُوَاجَهَة هَذِه التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة، هُنَاكَ حَاجَةٌ إلَى وَضْعِ إِطَار تَنْظُيمي وَتَشْرِيعِيّ يَحْكُمُ إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ بِمَا يَضْمَنُ الْحُفَّاظُ عَلَى الْقَيِّمِ الْأَخْلَاقِيَّة. وَ يَتَطَلَّب ذَلِك مُشَارَكَة مُخْتَلَف الْجِهَات الْمُعْنِيَة بِمَا فِي ذَلِكَ الْحُكُومَات وَالمُؤَسَّسَات وَالْمُجْتَمَع الْمَدَنِيّ وَالْخَبْرَاء فِي وَضْعِ هَذِهِ الضَّوَابِطَ وَالْأَنْظِمَة. بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ عَلَى الْمُبَادَرات فِي هَذَا الْإِطَار: . وَضَع لَوَائِح وَتَشْرِيعَات صَارِمَة لِحِمَايَةِ الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ مِثْل اللَّائِحَة الْعَامَّة لِحِمَايَةِ الْبَيَانَاتِ (GDPR) فِي الِإتِّحَادِ الْأُورُوبِّيّ. . تَشْكِيل لِجَان أَخْلَاقِيَّة فِي الشَّرِكَاتِ التِّكْنُولُوجِيَّة الْكُبْرَى لِوَضْع ضَوَابِط أَخْلَاقِيَّة لِإسْتِخْدَام التِّقْنِيَّات مِثْل الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ، كَمَا فَعَلْت شَرِكَة مَايكْرُوسُوفْت. . تَطْوِير مُدَوَّنات قَوَاعِدُ سُلُوك وَأَطْر أَخْلَاقِيَّة لِمُمَارَسَات الْإِعْلَامُ الرَّقْمِيّ بِالتَّعَاوُن بَيْنَ مُخْتَلِفِ الْأَطْرَاف الْمُعْنِيَة. . تَعْزِيز الشَّفَّافِيَّة فِي عَمَلِيَّاتِ صُنْعِ القَرَارِ الْمُعْتَمَدَةِ عَلَى التِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّةَ وَضَمَان الْمُسَاءَلَة. . تَطْوِير بَرَامِج تَعْلِيمِيَّة وَتَوَعَوِيَّة لِتَنْمِيَةِ الْوَعْي الْأَخْلَاقِيّ لَدَى الْمُسْتَخْدِمِين، خَاصَّة الشَّبَاب وَالْأَطْفَالِ. فِي النِّهَايَةِ، إنَّ التَّحَوُّلَ الرَّقْمِيّ يَسْتَلْزِمُ إعَادَةَ النَّظَرُ فِي مَنْظُومَةِ الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ لِضَمَانٍ أنْ تَخْدُم التِّكْنُولُوجْيَا أَفْضَل مَصَالِح الْبَشَرِيَّة وَتُدَعِّم قِيَمِنَا الْجَمَاعِيَّة. وَهَذَا يَتَطَلَّب جُهُودًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ مُخْتَلِفِ الْجِهَات لِلْوُصُولِ إلَى إِطَار أَخْلَاقِيّ شَامِل يَحْكُمُ التَّحَوُّل الرَّقْمِيّ.
_ الْأَخْلَاقِ التِّقْنِيَّة
إنْ قِصَّةً التِّقْنِيَّة بَدَأَتْ مُنْذُ أَنْ وَجَدَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ فِي مُوَاجَهَةِ الطَّبِيعَة مَعَ كُلِّ مَا يُنْتَجُ عَنْ هَذِهِ الْمُوَاجَهَةِ مِنْ مَخَاطِرِ وَتَحَدِّيَات وَأَسْئِلَة. مَنْ رَحِمَ هَذَا الْوَاقِعِ الْمُتَوَحِّش، وَلَدَتْ فَلْسَفَة الْفِعْل التِّقَنِيّ الَّتِي أُسِّسَتْ لِصِنَاعَة أَدَوَات دِفَاعِيَّة وَهَجَومِيَّة وَنَفْعْيَّة. هَذِهِ الْفَلْسَفَةَ إسْتَمَرَّتْ حَتَّى عَصْرِنَا الْحَالِيّ، مُتَمَظَهْرة فِي مَحَطَاتِ وَمَنْعَطَفَات أَسَاسِيَّةً فِي تَارِيخِ الْبَشَرِيَّةِ بَدْءًا مِنَ أَبْسَط الِإكْتِشَافَات التِّقْنِيَّة وُصُولًا إِلَى عَصْرٍ تِكْنُولُوجْيَا النَّانو. مِنْ أَبْرَزِ هَذِهِ الْمَحَطَّاتِ كَانَتْ الثَّوَرَات الصِّنَاعِيَّة الَّتِي أحْدَثَتْ تَحَوُّلَات جِذْرِيَّة فِي الْعَالَمِ. الثَّوْرَة الْأُولَى مَعَ إكْتِشَاف الْآلَة الْبُخَارِيَّة وَ الطِّبَاعَة، وَ الثَّانِيَةَ مَعَ إكْتِشَاف مَصَادِرِ الطَّاقَةِ كَالْكَهْرَبَاء. هَذِهِ الثَّوَرَات سَاهَمَت فِي تَجَاوُزِ وَتَدْمِير الْعَالَمِ الْقَدِيمِ، وَإسْتَمَرَّتْ حَتَّى الثَّوْرَة الصِّنَاعِيَّة الثَّالِثَةِ الَّتِي نَعِيشُهَا الْيَوْمَ وَالَّتِي تَعْتَمِدُ عَلَى الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ. مَعَ هَذَا التَّطَوُّرُ الْمُتَسَارِع فِي التِّقْنِيَّات، بَرَزَتْ تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة جَدِيدَةٍ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً مِنْ قبَلِ. فَالتَّقَنُّيَة الْحَدِيثَةِ تَوَفُّر فَوَائِد هَائِلَة كَتَسْهيل الْوُصُولُ وَالتَّوَاصُل وَ الْمُعَالَجَة، لَكِنَّهَا تَطْرَحُ تَسَاؤُلَاتٍ حَوْلَ الْخُصُوصِيَّة وَ الِإسْتِغْلَال وَالتَّلَوُّث وَغَيْرِهَا. فِي عَصْرِ الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَ الْهَنْدَسَة الْجِينِيَّة، الْبَشَرِيَّة تَوَاجِهُ تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة هَائِلَة حَوْل مَصِيرُ الإِنْسَانِ وَكَرَامَتِهِ وَحُدُود التَّلَاعُب بِالْحَيَاة وَ الطَّبِيعَة. أَنَّ التَّقَدُّمَ التِّقَنِيّ لَا يُمْكِنُ إيقَافِه، لَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَوَاكِبَهُ حِكْمَة أَخْلَاقِيَّة وَرُؤْيَة إِنْسَانِيَّة شَامِلَة. الِإهْتِمَام بِتَرْابط الْأَخْلَاقِ وَ التِّقْنِيَة هُو أَسَاسِيّ لِإزْدِهَار الْبَشَرِيَّة وَِرِفْعَتِهَا، وَ الْحِفَاظِ عَلَى جَانِبِنَا الْإِنْسَانِيّ وَعَدَم الِإنْجِرَاف إلَى مَادِّيَّة عَدَمِيَّة قَدْ تُؤَدِّي إلَى تَدْمِير كَوَكِبنا. التِّقْنِيَّة الْيَوْم تُؤَثِّرُ بِقُوَّةٍ عَلَى طَرِيقَةِ تَعَلَّمْنَا وَتَوَاصُلِنَا وَتَفْكِيرِنَا، مِمَّا يُؤَثِّرُ عَلَى مَنْظُومَةِ الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ وَ الْهُوِيَّة الثَّقَافِيَّة لِلْمُجْتَمَعَات. لِذَا مِنَ الضَّرُورِيِّ إسْتِكْشَاف مَدَى أَخْلَاقِيَّة التِّقْنِيَّة وَالعَوَاقِب الْمُحْتَمَلَة لِعَدَم الِإهْتِمَامِ بِهَذَا الْجَانِبِ. فَهُنَاك مَجْمُوعَة وَاسِعَةٍ مِنْ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تَتَطَلَّبُ التَّصَدِّي لَهَا كَالْخُصُوصِيَّة وَالِإسْتِغْلَالُ وَالتَّلَوُّث. كَمَا أَنَّ تَرَابُط الْأَخْلَاق وَالتِّقْنِيَة لَهُ دُورٌ مُهِمٌّ فِي عَالَمِ الْأَعْمَالِ، حَيْثُ صُنْعَ الْقَرَارَات وَالْمَمَارَسَات الْأَخْلَاقِيَّة يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِفْتَاح نَجَاح الْأَعْمَالِ فِي عَالَمِ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَالِيّ. فَالْأَخْلَاق تَلْعَبُ دَوْرًا مُحَوَّريا فِي تَكْوِينِ شَخْصِيَّةَ الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ وَبِنَاءِ الْأُمَمِ، وَهِيَ أَسَاسُ لِصَلَاح الْمُجْتَمَعَات وَوِقَايَتِهَا مِنْ التَّدَهْوُر. إذَنْ، التِّقْنِيَّة الْحَدِيثَة تَطْرَح تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة خَطِيرَةٍ لَمْ تُوَاجِهُهَا الْبَشَرِيَّةِ مِنْ قِبَلِ، وَيَجِب مُوَاكَبَتِهَا بِحِكْمَة أَخْلَاقِيَّةٍ وَإِنْسَانِيَّةٍ شَامِلَة لِلْحِفَاظِ عَلَى كَرَامَةٍ الْإِنْسَانِ وَعَلَى كَوَكِبنا. بِالتَّالِي نَسْتَنتج أنْ تَرَابُط الْأَخْلَاق وَالتِّقْنِيَة هُو حَاجَةٍ مُلِحَّةٍ فِي عَالَمِنَا الْمُعَاصِرِ، سَوَاءٌ عَلَى صَعِيدِ الْأَفْرَادِ أَوْ الْمُؤَسَّسَات وَ الْأَعْمَال.
_ هَلْ يُمْكِنُ لِلتَّكْنُولُوجْيَا أَنْ تَقْضِيَ عَلَى الْأَخْلَاقِ نِهَائِيًّا
فِي الْمُجْمَلِ الْعَامّ لَا يُمْكِنُ لِلتَّكْنُولُوجْيَا أَنْ تَقْضِيَ عَلَى الْأَخْلَاقِ نِهَائِيًّا. هُنَاك الْعَدِيدِ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُؤَكِّدُ أَنَّ الْأَخْلَاقَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَزُولَ تَمَامًا فِي ظِلِّ التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ الْمُتَسَارِع. تُشَكِّلُ الْأَخْلَاق جَوْهَر الْإِنْسَانِيَّةِ. إنْ الْأَخْلَاق هِيَ مَا يُمَيِّزُ الْإِنْسَانَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ. فَالْأَخْلَاق تُشْكِل الْعَمُود الْفِقْرِيّ لِلطَّبِيعَةِ الْبَشَرِيَّةِ وَمَا يُحَدِّد هَوِّيَتَنَا وَالْقَيِّمِ الَّتِي نُؤْمِنُ بِهَا. وَمَهْمَا تَطَوَّرَتْ التِّكْنُولُوجْيَا، فَإِنَّهَا لَا يُمْكِنُ أَنْ تَحِلَّ مَحَلُّ هَذِهِ الْأُسُسِ الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تُعَبِّرُ عَنْ جَوْهَرِ الْإِنْسَانِيَّة. فَالْبَشَر سَيَظْلون بِحَاجَةٍ إِلَى مَبَادِئَ أَخْلَاقِيَّةٍ لِتَنْظِيمِ حَيَاتِهِمْ وَ تَوْجِيه سَلُوكِيَّاتِهِمْ. إنْ التِّكْنُولُوجْيَا لَا تَحِلُّ مَحَلّ الْمَسْؤُولِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة فَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ التَّأْثِيرِ الْكَبِير لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى حَيَاتِنَا، إلَّا أَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَحِلَّ مَحَلّ الْمَسْؤُولِيَّة الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي يَتَحَمَّلُهَا الْبَشَر. فَالْتِكْنُولُوجْيَا هِيَ مُجَرَّدُ أَدَّاة فِي خِدْمَةِ الْإِنْسَانِ، وَالِإسْتِخْدَام الْأَخْلَاقِيّ لِهَذِه الْأَدَوَات هُوَ مَا يُحَدِّدُ قِيمَتِهَا. وَمِنْ هُنَا، يَتَحَتَّمُ عَلَيْنَا تَطْوِير الأَطْر الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تَضْبِطُ إسْتِخْدَامُ التِّقْنِيَّاتِ بِمَا يَنْسَجِمُ مَعَ الْقِيَمِ الْإِنْسَانِيَّةِ. أَنْ التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ السَّرِيعُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى ظُهُورِ تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة جَدِيدَةٍ، كَمَا حَدَّثَ مَع التَّطَوُّرَات فِي مَجَالَاتِ الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَتَعْدِيل الْجِينُومِ الْبَشَرِيِّ. وَهُنَا يَأْتِي دَوْرُ الْأَخْلَاقِ فِي تَوْجِيهِ هَذِهِ التِّقْنِيَّات نَحْو الِإسْتِخْدَامَات الْإِيجَابِيَّة وَ الْمِسْوَولَة. فَالْأَخْلَاق هِي الْبَوْصَلة الَّتِي تُحَدِّدُ الْحُدُود الْآمِنَة لِلتَّكْنُولُوجْيَا وَتَضْمَن عَدَم إسْتِخْدَامُهَا بِطُرُق ضَارَّةً أَوْ مُنَافِيَة لِلْقَيِّم الْإِنْسَانِيَّةِ. فِي ظِلِّ التَّأْثِير الْمُتَنَامِي لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى حَيَاتِنَا اليَوْمِيَّةِ وَعَلَى الْمُجْتَمَعِ كَكُلٍّ، تَأْتِي الْأَخْلَاق لِتَحَافظ عَلَى الْقَيِّمِ الْإِنْسَانِيَّة الْأَسَاسِيَّة كَالْكَرَامَة وَالْعَدَالَةِ وَالْمُسَاوَاةِ. فَالْأَخْلَاق تَضَع الضَّوَابِط اللَّازِمَة لِضَمَانٍ أنْ لَا تُؤَدَّي التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة إلَى الْمِسَاسِ بِهَذِهِ الْقِيَمِ أَوْ إلَى إزَاحَة الْجَانِب الْإِنْسَانِيُّ. فِي الْخِتَامِ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ التَّأْثِيرِ الْكَبِير لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى حَيَاتِنَا، إلَّا أَنَّهَا لَا يُمْكِنُ أَنْ تَحِلَّ مَحَلّ الْأَخْلَاقِ أَوْ أنْ تُؤَدِّي إلَى إنْدِثَارِهَا. فَالْأَخْلَاق هِيَ مَا يُحَدِّدُ هَوِيِّة الْإِنْسَان وَيَضْمَن إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا بِطُرُق مَسْؤُولَة وَ إِيجَابُيَة تَخْدُمُ الْإِنْسَانِيَّة. وَسَتَظَلّ الْأَخْلَاق ضَرُورِيَّة لِتَوْجِيه التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ نَحْوُ تَحْقِيق رَفَاهِيَةِ الْإِنْسَانِ وَصِيَانَةَ كَرَامَتِه.
#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
-
فَلْسَفَةُ التِّكْنُولُوجْيَا : -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
-
التِّكْنُولُوجْيَا
-
أَخْلَاقِيَّات الْبَحْثُ الْعِلْمِيّ
-
أَخْلَاقِيَّات الْإِعْلَام
-
الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
-
الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة :-الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
-
الْأَخْلَاقِ الطِّبِّيَّة
-
الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة
-
البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
-
البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الثَّانِي-
-
البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي فَلْسَفَةِ الِإخْتِلَاف
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : رِهَان الدِّرَاسَات المُسْتَقْبَلِ
...
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَحَدِّيَات الْعَوْلَمَة
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : أَسَاسِيًّات التَّقَدُّمُ
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : إنْتِقَادَات مَا بَعْدَ الْحَدَاثَة
...
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَسَاؤُلَات الْحَدَاثَةِ
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَشْكِيلَات الْحَضَارَةُ
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْمَنْظُور الْفَلْسَفِيّ التَّارِي
...
المزيد.....
-
بوتين يزعم سيطرة قواته على إقليم كورسك.. والجيش الأوكراني ير
...
-
الحوثيون: استهدفنا حاملة طائرات أمريكية بمسيّرات وهاجمنا بمس
...
-
لحظات في جنازة البابا فرنسيس
-
من هو القاتل الذي صُنع من جلده كتاباً؟
-
بوتين معلقا على استعادة مقاطعة كورسك بشكل كامل: مغامرة نظام
...
-
-بابا الشعب-... خمس محطات تجسد تواضع البابا فرنسيس
-
نائب الرئيس الإيراني يوجه بالتحقيق في انفجار ميناء -شهيد رجا
...
-
فيديو يوثق الشرارة الأولى لانفجار ميناء -شهيد رجائي- جنوبي إ
...
-
-أنت الخاسر-.. صحفي إيرلندي ينتقد زيلينسكي بعد لقائه ترامب
-
-بدموع الفرح-.. زاخاروفا تصف شعورها لحظة تلقيها نبأ تحرير مق
...
المزيد.....
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
المزيد.....
|