أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - الفصل الثانى:( التقوى ) هى المقصد الأصلى والأساس فى تشريع القرآن















المزيد.....

الفصل الثانى:( التقوى ) هى المقصد الأصلى والأساس فى تشريع القرآن


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8322 - 2025 / 4 / 24 - 20:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتاب الشريعة الاسلامية . القسم الثانى : عن الشريعة الاسلامية . الباب الثالث : مقاصد التشريع الاسلامى .
1 ـ تشريعات البشر فى أحسن حالاتها تقوم على الضبطية القضائية ، والتى تعنى أن المتهم برىء حتى تثبت ادانته . ولذلك يتفنن المجرمون فى التخطيط للجريمة الكاملة التى يخرجون منها شرفاء. ولأن تشريعات البشر تقوم على قوانين صنعها البشر فإن فى إمكان البشر أنفسهم اختراق تلك القوانين والتحايل عليها والتلاعب بها لتصبح مجرد سطور على أوراق . وبذلك تضيع العدالة ويتفشى الظلم بين أحضان القانون ، هذا مع افتراض أن القانون المكتوب عادل فى حد ذاته ؛ فما بالك بوجود قوانين جائرة أو وجود مبدأ غير مكتوب يؤمن بأن البرىء متهم حتى تثبت براءته .ان العظمة الحقيقية لتشريعات الاسلام أنها تربى فى داخل الإنسان الإحساس بمسئوليته أمام الله فى الدنيا وفى الآخرة قبل أن يكون مسئولا أمام إنسان مثله .وهذا الاحساس بمسئولية الإنسان أمام ربه إسمه فى القرآن الكريم ( التقوى) .
2 ـ فما هو أسلوب القرآن الكريم في زرع وتنمية التقوى في قلب الإنسان؟
2 / 1 ـ يبدأ ذلك بتأكيد قيمة الإنسان نفسه في هذا الكون وقيمة الهدف من حياته في الدنيا. وليس هناك أعظم من أن يكون خلق السماوات والأرض وسيلة لوجود الإنسان واختباره في هذه الحياة. يقول سبحانه وتعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً )(هود /7 ) . إن كل هذه النجوم والمجرات والبروج التى يتوه العقل في مجرد تخيلها ليست إلا مجرد مصابيح للسماء الأولي: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) (فصلت/ 12 )( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) (5) الملك ). إذن ما هى السماوات السبع ذاتها؟ ثم أي تقدير وتعظيم لشأن الإنسان في أن تكون السماوات السبع ومصابيحها مخلوقة لمجرد أن يتم بها اختيار الإنسان في فترة حياته على الأرض وهى قصيرة ولكن لا يمكن أن تكون تافهة. لذا فالمؤمن مأمور بالتفكر في خلق السماوات والأرض لكي يدرك قيمته في هذا الكون وخطورة المسئولية التي يحملها:( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)( آل عمران /190: 191)."
2 / 2 : وحين القيامة سيتم تدمير كل ذلك النظام الكوني ويبدأ نظام كوني جديد وفيه يكون لقاء الله جل وعلا ، حيث يواجه كل بني آدم نتيجة أعمالهم في الدنيا: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)( ابراهيم / 48) .
2 / 3 : لقد خلق الله جل وعلا للإنسان كل ما في الأرض وما في السماء: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا )( البقرة/29 )، (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(الجاثية / 13 ). وذلك التكريم لابد أن تقابله مسئولية سيواجهها الإنسان يوم الحساب. يكفى قوله جل وعلا لأهل النار:(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ )( المؤمنون/115 ). وهكذا فإن خلق السماوات والأرض إنما هو لأجل الإنسان وتدميرهما إنما هو لحساب الإنسان.
3 ـ فما هو السبب في خلق الإنسان نفسه؟: انها العبادة :( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) ( الذاريات /56 ). والعبادة في حد ذاتها ليست هدفاً وإنما هي وسيلة لشيء أعظم وهو التقوى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )( البقرة /21 ).والعبادة ليست مجرد الصلاة والفرائض وإنما هى جميع التكاليف من معاملات مع الله جل وعلا ومع البشر. كل أنواع العبادات هدفها الأسمى تنمية الإحساس بالتقوى.
3 / 1ـ الصلاة وذكر الله وسيلة للابتعاد عن المعاصي- أو التقوى :( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ )( المجادلة /45 )، وطالما أن الله يعلم أفعالنا فينبغي أن نتقيه ونخشاه.
3 / 2 ـ الصيام هدفه التقوى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ( البقرة/183).
3 / 3 ـ وفي موسم الحج يراعى الحاج تقوى الله في قلبه وفي سلوكه حتى أن الله ليؤاخذه بالعقوبة إذا أراد- مجرد النية- الوقوع في المعصية:(وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)( الحج / 25 ).
3 / 3 ـ والمتقى حين يعطى الصدقة يغلب عليه ابتغاء وجه ربه الأعلى : (الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى ) ( الليل / 20 )، وتلك هي الدرجة العليا في التقوى.
3 / 4 ـ فى القتال الدفاعى الاسلامى لابد من التحلي بالتقوى حتى يكون الله جل وعلا معهم في دفاعهم عن أنفسهم : (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ )( البقرة /194 ).وحين يقاتلون المشركين المعتدين كافة لابد من مراعاة التقوى : (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) (التوبة / 36 ). وعند عقد معاهدة مع المشركين المعتدين لكف عدوانهم فلابد من الالتزام ببنودها طالما التزم بها المشركون ولابد مع ذلك من مراعاة التقوى : (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ )( كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ )( التوبة /4، 7.).
3 /5 ـ والتقوى هى الهدف من تشريع القصاص:(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( البقرة /179 ) ..
3 /6 :والتقوى هى الهدف من تحريم ربا التجارة ذى الفائدة المركبة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) ( 3/130 : 131)..
3 / 7 ـ وفي التعامل الخاص بين الزوجين لابد من التقوى والتذكر بأننا لابد أن نلقى الله فيحاسبنا حتى على خصوصياتنا: ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (223) ( البقرة )
3 / 8 : وفى تشريعات الأحوال الشخصية تبرز التقوى وعظا . يقول الله جل وعلا : (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)( البقرة /231: 232 ) .وهنا نلاحظ أن عبارة التشريع جاءت موجزة بينما جاء التحذير من الله واليوم الآخر مفصلاً . ونحو ذلك في أوائل سورة الطلاق :( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا )
4 ـ إن ربنا جل وعلا ينمى فينا الإحساس بالتقوى ، حين يجعلها مقياسا إلاهيا وحيدا . يقول جل وعلا للبشر جميعا :(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )( الحجرات / 13 ).فإذا كان المقياس عند البشر هو أن أكرمكم هو (أغناكم أو أقواكم) فذلك ما لا ينبغى عند المؤمن الحريص على تقوى الله والذي يعمل على أن يكون أكرم الناس عند الله جل وعلا إذا كان أتقى الناس لله جل وعلا . وقد يكون في مقياس البشر أن فلاناً هو أعظم الناس بسبب اعتبارات سياسية دنيوية بينما هو كتلة متحركة من الفساد والبغى والعدوان والطغيان وظلم الناس وظلم رب الناس حيث يكون الشرك أعظم الظلم، وهو بهذا عند الله من شر الدواب ، وهكذا ينبغى أن يكون المقياس أيضاً عند المؤمن : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ )( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ ) ( الأنفال / 22، 55.).
5 ـ وهكذا يتحرى المؤمن أن يضبط إيقاع حياته وتفكيره على أسس التقوى فلا يفكر إلا في إرضاء الله جل وعلا ، ولا يتصرف إلا فيما يقربه من الله جل وعلا ، ولا يجتنب إلا ما يغضب الله جل وعلا ، وجدير به حينئذ أن يكون "الإنسان الكامل" الذي تخيلته كتابات المفكرين والفلاسفة . على أن هذا "الإنسان الكامل" ليس يوتوبياً خيالية ولكنه واقع موجود دائماً وقابل للتكرار بدليل أنه صالح لدخول الجنة التي لا يدخلها إلا المتقون.يقول الله جل وعلا :( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً (63) مريم ) . وبعد أن قال جل وعلا : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا ) قال في المقابل : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ) ( الزمر / 71، 73 ). لم يقل "وسيق الذين آمنوا إلى الجنة" لأن الإيمان وحده دون تقوى لا يجدي.
ـ الخلاصة :
1ـ خلق الله السماوات والأرض للبشر جميعاً كى يختبرهم، ثم يأتي تدمير العالم وقيام عالم جديد يتمتع فيه المتقون فقط ويخسر غيرهم.
2ـ إن المقصد الأساسي والأصلي من التشريع القرآني هو تنمية الشعور بالتقوى في نفس المؤمن، وبالتقوى يمكن الحدّ من الظلم ، وتأمين حقوق الانسان ، وحفظ كرامته ، والسمو بأخلاقياته .
3 ـ المتقى لا يحتاج إلى قوانين كثيرة أو إلى "إسهال تشريعي" يفرز قوانين كل يوم، ولذلك فإن التشريعات القرآنية محددة وبسيطة وفيها مساحة للاجتهاد والحرية الإنسانية كى تتحرك وتتطور. بينما مجال العقوبات فيها أضيق لأن الحساب يوم القيامة رهيب والعذاب فيه فظيع وذلك ما لا يعقله إلا المتقون.
4ـ ولأن ذلك المتقى يخشى الله ويرجو اليوم الآخر فهو يدرك أن مسئوليته الشخصية الحقيقية ستكون أمام الله يوم القيامة بغض النظر عن موقعه في الدنيا حاكماً كان أم محكوما رئيساً أم مرءوساً..
5ـ إن الإنسان قد يتحايل على القوانين الوضعية التى سنها إنسان مثله، اما إذا تحلى الإنسان بالتقوى فلا يمكن أن يخادع الله وهو يعلم أن الله أقرب إليه من حبل الوريد يحصى عليه أنفاسه وخطرات قلبه وفلتات لسانه ، ثم يأتى يوم القيامة فتصحبه للحساب الملائكة التي كانت تسجل عليه حركاته وسكناته وكلماته : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ) ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ)( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) ( لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) ) ( ق/ 16: 21 ).
6ـ المتهم برئ أمام القانون البشرى العادل طالما لم يضبط في حالة تلبس.أما أمام الله جل وعلا فهو مجرم طالما ارتكب الخطيئة سراً أو جهراً . الآيات كثيرة ، منها قوله جل وعلا :(أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى )( العلق/14 )، (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ ) ( النساء / 108).والمتقون فقط هم الذين يراقبون الله ويعلمون أنه يراهم وأنه سيحاسبهم.( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ( المجادلة / 7 ).
7 ـ من التقوى ـ المقصد الأعظم والأساس ــ تنبع المقاصد الفرعية التالية .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )
https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل الأول : لمحة عن درجات التشريع الاسلامى
- عن ( عادل والعدل ومعانيه )
- عن ( القصص القرآنى / المازوخية / السيسى وماكرون والبقر/ تهرك ...
- بين قصة موسى وفرعون
- عن ( خرج على و دخل على / رذيلة وأرذلون وأراذل )
- القرطبى والنمرود
- عن ( يُجير ولا يُجار عليه / خطيئة ابراهيم الخليل / الحرب ناع ...
- الفصل الثانى : مدى الإلزام فى الشريعة الاسلامية
- عن ( موسى وفرعون وملحد )
- الفصل الأول : العقوبات فى الشريعة الاسلامية
- عن ( الزواج الأفشل / يتركون موقعنا / خرافات شيعية مضحكة )
- عن ( كوكب المحمديين / القصاص / لا لوم عليك )
- الفصل الثالث : ألفاظ التشريع ( الحلال والحرام ، الاجتناب ولا ...
- عن : ( يسير/ البيت الحرام / المزن )
- عن ( تحريفاتهم فى التوراة والانجيل / معنى الخلاق )
- الاستثناء بين القرآن الكريم وقواعد النحو العربى
- عن ( الجارية والجوارى )
- عن ( ترجمة كتاباتى للتركية / نعمة ، نعمت / ليست قرينة أبيها ...
- الفصل الثانى : ألفاظ التشريع ( فرض ، حدود الله ، الاعتداء وا ...
- عن ( معنى الريح والرياح / النفس والمخ )


المزيد.....




- الثانية خلال شهر.. 600 رجل دين درزي سوري يتوجهون لإسرائيل
- أستاذة سابقة من هارفارد ترى أن الجامعة أصبحت -معقلا للإسلامي ...
- تشييع بابا الفاتيكان غدا ونتنياهو آخر المعزين
- إلى كاتدرائية سانتا ماريا ماجوري تتجه الأنظار حيث سيدفن البا ...
- نجيب جورج عوض مؤلف -المسيحية الأموية-: في سوريا نعيش مرحلة غ ...
- ما الفرق بين -جماعة الإخوان المسلمون- وحزب -جبهة العمل الإسل ...
- بن غفير في أميركا.. كُنس رفضت استقباله ويهود وطلاب تظاهروا ض ...
- آلاف المستوطنين بحماية جيش الاحتلال يقتحمون شمال سلفيت
- قصة الكتاب الذي مهد للجدل حول الإسلام والعلمانية في مصر
- ريبورتاج: شيدت عام 432...لماذا أوصى البابا فرنسيس بدفنه في ك ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - الفصل الثانى:( التقوى ) هى المقصد الأصلى والأساس فى تشريع القرآن