علا الشربجي
كاتبة و محلله سياسية و اقتصادية ، اعلامية مقدمة أخبار و برامج سياسية
(Ola Alsharbaji)
الحوار المتمدن-العدد: 8321 - 2025 / 4 / 23 - 21:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ أن برزت جماعة الإخوان المسلمين على الساحة، رفعت شعار “الإسلام هو الحل”، وقدّمت نفسها كجسر بين الدين والدولة، بين الشريعة والسياسة. لكنّ التجربة أثبتت أن ما جُيّر باسم الإسلام لم يكن دومًا في خدمة الأمة، بل في كثير من الأحيان كان في خدمة التنظيم.
فالإخوان لم يكونوا حركة سياسية إسلامية فقط، بل كيانًا مؤدلجًا جعل من الدين رأس مال سياسي. احتكروا التمثيل الإسلامي، فاختُزل الإسلام في خطابهم، واعتُبر الخروج عنهم انحرافًا عن “الطريق القويم”. هكذا، تمت مصادرة قدسية الفكرة لحماية مصلحة الجماعة.
في اللحظات الحرجة، لم يكن المشروع الإسلامي هو من يُدافع عنه، بل بنية التنظيم وبقاؤه. فحين تعارضت المصالح، قُدّمت حسابات الجماعة على حساب الدولة. وأبرز مثال على ذلك ما حدث في مصر بعد 2011، حين تصرّف الإخوان وكأنهم ورثة الثورة، ثم حكامها، ثم ضحاياها – متجاهلين أن الشعب لم يفوّضهم بحكمٍ باسم الدين.
أكثر ما يُضعف مشروع الإسلام السياسي هو انتقائيته؛ إذ لم يتردد الإخوان في تبديل خطابهم بحسب الظرف. رفعوا راية “الشرعية” حينًا، وتحالفوا مع أنظمة قمعية حينًا آخر. نافقوا الغرب حين اقتضت المصالح، وصعّدوا لهجة العداء حين اختلّ التوازن. حتى النصوص الشرعية خضعت لتأويلات مرنة تخدم اللحظة، وتبرّر التناقض.
تحالفاتهم الخارجية لم تكن أصدق حالاً. فقد ارتبطوا بمحاور إقليمية سخّرتهم لمعادلات النفوذ، ما حولهم من حركة دعوية وطنية إلى أداة وظيفية في صراعات لا علاقة لها لا بالإسلام ولا بالوطن. بهذا، خسروا جزءًا كبيرًا من قواعدهم الشعبية التي أيّدتهم ذات يوم، بحثًا عن بديل إسلامي نقي، فوجدت نفسها أمام تنظيم سياسي يحاكي الأحزاب التقليدية، لكن بخطاب ديني.
📌 الإخوان لم يجيّروا السياسة لخدمة الدين، بل جيروا الدين لخدمة التنظيم
إن أزمة الإسلام السياسي، حين يُختطف من قبل جماعات مؤدلجة، لا تمس السياسة فقط، بل تضرب عمق الوعي الديني للأمة. فهي تشوّه الدين، وتغذي نفور الناس منه، وتمنح خصومه الذرائع لتشويهه وربطه بالتطرف واللاواقعية.
إن أكبر خطر على الإسلام السياسي ليس خصومه، بل من يدّعون تمثيله ويجعلون من الدين ذريعة للمصالح التنظيمية. ومتى ما تحررت الفكرة من قبضة الجماعة، وعادت لروحها الأصلية كقيم عدالة ورحمة وإنصاف، يمكن حينها أن يكون للدين دورٌ نقي في الفضاء العام، لا كمشروع هيمنة، بل كرافعة حضارية وإنسانية.
#علا_الشربجي (هاشتاغ)
Ola_Alsharbaji#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟