أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - مجزرة صفّورية....جرح في ذاكرة الوطن














المزيد.....

مجزرة صفّورية....جرح في ذاكرة الوطن


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8321 - 2025 / 4 / 23 - 16:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت قرية صفورية تتبع لقضاء الناصرة ولا تبعد عنها أكثر من ٦ كم وهي أكبر قراها. حيث كان عدد سكانها يزيد عن أربعة آلاف نسمة.
وكانت مشهورة بزيتونها وينابيعها وتاريخها العريق الذي يمتد إلى العهد الروماني.
وكان في القرية مدرستان واحدة للبنين أسست عام ١٩٠٠ وأخرى للبنات. وهذا إن دل على شيء فيدل على اهتمام أهل القرية بالتعليم منذ زمن مبكر.

ويُذكر أن القرية لم تكن قلعة عسكرية ولا نقطة استراتيجية ليتم استهدافها من قبل العصابات الصهيونية لكنّها كانت فلسطينية، وهذا وحده كان كافيا بالنسبة لصهاينة الشتات للتفكير باحتلالها وطرد أصحابها الشرعيين ولتكون الباب الذي يُفتح للاستيلاء على الناصرة.

في الخامس عشر من يوليو ١٩٤٨، شنّت عصابة "الهاجاناه" الصهيونية هجوما على صفورية ضمن ما عرف بـ"عملية ديكل".
وقد اشتهرت صفورية بمقاومة العصابات الصهيونية وشجاعة أهلها في الدفاع عن قريتهم. حيث كبدوها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد. فما كان من هذه العصابات إلا أن استخدمت الطائرات ليلة ١٥/يوليو/١٩٤٨ لقصف القرية العصية وإسكات بنادق مجاهديها.
فألقت ثلاث طائرات براميل مشحونة بالمتفجرات والشظايا المعدنية والمسامير والزجاج على القرية، ما أدى إلى ارتقاء عدد من الشهداء من سكان القرية وجرح عدد آخر واحتماء آخرين بالبساتين طلبا للأمان، غادر بعضهم صباح اليوم التالي صوب الشمال والشرق.

والنكبة في صفورية لم تتوقف عند المجزرة التي ارتكبتها طائرات العدو فقط. فبعد أن مهد القصف العشوائي من الطائرات دخول هذه العصابات بدأت عمليات الإعدام الميداني والاعتقال، كما جرى اغتصاب بعض النساء، وهي شهادات بقيت طي الكتمان لسنوات بسبب الخوف من العار والملاحقة.
كما قامت العصابات كما هو أسلوبها الذي اتبعته مع جميع القرى الفلسطينية التي احتلتها بتفجير البيوت، ثم أُعلنت القرية "منطقة عسكرية مغلقة"، قبل أن تُسلّم لاحقا إلى المستوطنين الذين جرى استقدامهم من أوروبا الشرقية، ليقيموا على أنقاضها مستوطنة "تسِبوري".

وبينما كان مستوطنوا الشتات الذين لا تربطهم بالأرض أي رابط يقيمون على أرض صفورية كان أكثر من ٩٠% من أهالي صفورية قد تحولوا إلى لاجئين في لبنان وسوريا والضفة الغربية، دون أن يُسمح لهم بالعودة رغم وجود وثائق ملكية لأراضيهم.
ومن تبقّى في الداخل، اضطرّ للعيش في الناصرة أو بلدات قريبة، دون السماح له بالعودة إلى بيته المهدم.
وفي خطوة بالغة الوحشية، قام الاحتلال بتحويل بعض أراضي القرية إلى متنزهات ومزارع، ليُغلف الجريمة بغطاء الطبيعة، بينما لا تزال رائحة الدم والرماد في عمق التربة.

مجزرة صفّورية لم تكن حدثا عابرا في سياق النكبة، بل مثالا صارخا على المشروع الاستيطاني الصهيوني القائم على التطهير العرقي. هي شهادة على استهداف الوجود الفلسطيني ذاته، لا بسبب تهديده العسكري، بل لمجرد كونه شاهدا على التاريخ والجغرافيا والهوية.

إن الألم الذي حمله لاجئو صفّورية كما بقية قرى وبلدات فلسطين لم يكن مجرد فقدان منزل أو حقل، بل اقتلاع جذري من وطن تشربوه مع الماء وتعلموه مع الأسماء.

واليوم وبعد مرور أكثر من سبعة عقود، ما زالت صفورية تنادي أبناءها، وما زال لاجئوها يحتفظون بمفاتيح البيوت التي هُدمت، وبالصور التي التقطت قبل الرعب بلحظات. لأن في فلسطين، المجازر لا تُنسى، ولا تُمحى، ولا تسقط بالتقادم. صفورية ليست مجرد قرية دُمّرت، بل رمز حي لعدالة مغتصبة، وحق لا يسقط بالصمت، ولا يبهت مع الزمن.
كانت هنا وستنتفض يوما من جديد.....



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغة استعمارية وقحة..-دانييلا فايس-
- - فتحت أبواب الجحيم في غزة- القناة العبرية ١٤
- “فحم ليوم الاستقلال بأسعار زهيدة جدا-..
- -كتائب الدفاع الإقليمي- والاستيطان
- دخان يخرج من جثامين الشهداء وأنظمة عربية لن تخرج من لعنة الل ...
- دعم بلا قيود..شحنات الموت وتمكين الاستعمار الصهيوني
- اقتحامات تدوس على كرامة الأمة وأقصى لا يحرره غير السلاح
- معتقل الموت..مجدو وحادثة تسمم الأسرى ابريل/٢٠ ...
- ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين
- الضفة الغربية...إلى أين؟؟؟
- الشجاعية لم ولن تسقط...مجزرة ٩/إبريل/٢٠٢ ...
- بيت دراس...ذاكرة لا تنسى
- رأس حمزة شاهد في محكمة الآخرة
- البوابات الحديدية..ما قصتها؟؟
- ماذا بقي من الإنسانية؟ مجزرة رجال الدفاع المدني
- ليلة حرق الكلمة السادس من إبريل/٢٠٢٥
- هل ستكون رمال موراغ مقبرة أخرى؟؟
- متى نكسر الأقفال ونخرج من الأقفاص؟؟
- مجازر الثالث من نيسان/٢٠٢٥ في مدارس غزة
- لماذا رفح؟؟


المزيد.....




- نعاه نجوم الفن في العالم العربي بكلمات مؤثرة.. وفاة الإعلامي ...
- فرق الإطفاء تسابق الزمن لإخماد حرائق الغابات في نيوجيرسي الت ...
- ترامب يكشف عن -محادثات- مع الصين ووزير خزانته: هناك أمل بعقد ...
- الأمير لويس نجل ولي العهد البريطاني يحتفل بعيد ميلاده السابع ...
- أبو مازن يشن هجوما لاذعا على -حماس-: -يا أولاد الكلب- أفرجوا ...
- نتنياهو يتوجه بطلب الدعم من دول مجاورة لإخماد الحرائق
- إعلام: كييف أفشلت اجتماع لندن بسبب وثيقة قدمتها إلى الدول ال ...
- الكويت.. اكتشاف أكثر من 1000 موقع لتعدين العملات المشفرة
- تونس.. بطاقة إيداع بالسجن في حق محام معارض بارز
- خلافات داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن حرب غزة والمساعدات الإن ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - مجزرة صفّورية....جرح في ذاكرة الوطن