أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - العَرط !














المزيد.....

العَرط !


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8321 - 2025 / 4 / 23 - 08:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظاهرة تبدو كما لو أنها نبتٌ خاص بديرتنا الأردنية، على ما يعتقد بعضنا ويرى. ودليلهم على ذلك، أن اللفظة بحد ذاتها مُتداولة في اللهجة الأردنية فقط وليس لها معادل بالمعنى ذاته في الدول الشقيقة. اللفظة المرادفة الأقرب لها معنى في دارجتنا "النَّذْخْ"، ولطالما سمعت الوالد رحمة الله عليه يرددها. في البداية لم أكن أعي في تلك السن المبكرة، مقصوده بالقول "هاظ ينذخ من غير فايدة". لاحقًا أدركت المعنى المُتَغَيَّا، أي الشخص الذي يبالغ في الكلام، فيقول ما تتقاصر دونه قدراته ويدعي لنفسه دورًا أكبر من مؤهلاته. وقد يتجلى العرط بأسلوب آخر، فيبتغي العريط منافقة متنفذ أو انتهاز فرصة لتحقيق مصلحة خاصة. وبذلك، فإن الكذب أو "التفنيص" في اللهجة اللبنانية يندرجان ضمن تمثُّلات العَرط. وفي بعض مناطق فلسطين، يستخدمون مصطلح "الهشت" الأقرب إلى العَرط. التباهي أيضًا يمكن أن يحمل في بعض تجلياته معنى العَرط، وخاصة عندما يضطر أحدهم إلى الاقتراض لشراء سيارة فارهة مثلًا أو إقامة وليمة تكلفتها تفوق قدراته المالية.
بهذه المعاني يُتداول المصطلح في مجتمعنا، لكن المشكلة لم تعد بالعرط بحد ذاته بل بتمدده. لم يعد العِريط فردًا في المجتمع، بل قد يكون جهة ما. الحكومة تعرط، على سبيل المثال لا الحصر، عندما تَعِد الناس بالخروج من عنق الزجاجة في تاريخ بعينه، وهي تعرف أن ما تقول لا علاقة له بالحقيقة. وتبالغ بالعَرط عندما تَعِد مواطنيها بقادم أجمل، لا مؤشرات تتعلق به على أرض الواقع إلا في الإتجاه المعاكس.
الإعلام يعرط صباح كل يوم، وذلك ب"الهشت" في إنجازات لا يراها المواطن ولا يلمس اثارها، وبإصلاح سياسي ليس له من اسمه وصفته نصيب حَريٌّ بجعل المواطن يصدق ربع ما يُقال بشأنه. أما الإنتخابات، وبشكل خاص النيابية والنقابية، فيجد العرط فيها موسمًا لتأكيد حضوره في الطول وفي العرض، حيث يتبارى المترشحون في "النَّذخ"، والمبالغة في صرف وعود يعرفون هم قبل غيرهم أنها غير ممكنة التحقيق. المسؤول يعرط، ويبدو كما لو أن العرط جزء من "الصَّنْعَة"، وبشكل خاص ذلك الذي تفرض عليه مهامه التصريح للرأي العام باستمرار. مثال ذلك الأفقع، النفخ بدور مُدَّعَى للإعلام المحلي "في خدمة الوطن والمواطن". الفضيحة هنا، إذا كان من يعرط على هذا الوتر يصدق عرطه. وليس يفوتنا التذكير بأن العَرط غالبًا ما يستصحب الصوت العالي، وهو ما يستدعي استحضار مثل دارج في الصين، يقول:" الأصوات العالية تخرج عن الطبول الجوفاء". وقد يكون العرط بصوت عادي ويتمثل بالنفخ في الذات بما ليس فيها ولا هي أهل له، مما يذكِّر بالقولة الموجزة الشهيرة المنسوبة إلى برناردشو:"كلٌّ يهذي بما ينقصه".
في الآونة الأخيرة، طرأ على العرط في ديرتنا الأردنية مستجد يتعلق ببرمجته وتوقيت "فرقعته". ونجد الدليل على ذلك، ما حدث في جلسة مجلس النواب الأخيرة لمناقشة ما بات يُعرف بقضية ال16. فإذا كان ولا بد من العرط، فها هو العدو الصهيوني يرتكب حرب إبادة بشعة في غزة ضد شعب شقيق مظلوم، بضوء أخضر أميركي وبسلاح أميركي، بل وبمشاركة أميركية. وإذا كان لبعضنا محاذيره تجاه العرط في أمر كهذا، لتفادي غضب "أبو إيفانكا" في ظرف حساس ودقيق، فماذا عن تهديدات الصهاينة للأردن، وعرض خرائط لكيانهم تحاكي أساطير التوراة وخرافاتها؟! وهم لم يعودوا يخفونها، ولا يَمَلُّون من ترديدها، وقد أصبحت موضوعًا شبه ثابت في إعلامهم. ألا تستحق أن يخصص لها "ممثلو الشعب" بضع سويعات من وقتهم، ولو من قبيل رفع العتب، ولهم أن يعرطوا كما يشاؤون؟!
لكن يبدو أن من العرط ما ليس حُرًّا في اختيار موضوعاته، ولا في تحديد أوقات فرقعاته. ومع ذلك، العرط عندنا يتمدد وأعداد العريطة في تزايد، ولسان حالهم يقول عرطوا فعرطنا ونعرط فيعرطون !



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وما تزال الإشكالية قائمة !
- ملحمة التكوين البابلية -الإينوما إيليش-.
- كلامٌ نتغَيَّا أن يكون حقًّا !
- أوضاعنا ليست مطمئنة !
- المدارس الفلسفية والفكرية المعاصرة في الحضارة الغربية(1)
- يا حسرة علينا...!!!
- سؤال إلى كل عربي حُر ومحترم
- الإعلامي الفهلوي !
- القربان !!!
- ماذا ينتظرنا في عالم يتغير؟!
- الأقوياء يفرضون شروطهم
- من أين سرقوا أقنوم شعب الله المختار؟!!!
- السلطة الدينية !
- في نظريات السياسة الحَل أم في عِلم النفس؟!
- جُرح غزة النازف إلى أين؟!
- نحن نكذب...لماذا يا تُرى؟!
- بماذا يتفوق العدو علينا؟!
- وماذا بعد؟!
- وهتف بنو أمية بأن لله جنودًا من عسل !
- زيارة إلى مقام النبي شعيب أم ماذا ؟!


المزيد.....




- من أكبر معرض سيارات بالصين.. شاهد تأثير الحرب التجارية بين ب ...
- مصر.. الحكومة تدرس فرض ضريبة على المنتجات المُحلاة بالسكر.. ...
- قبيل استئناف المحادثات النووية... إيران ترد على العقوبات الأ ...
- لماذا قرر محمود عباس استحداث منصب نائب لرئيس منظمة التحرير ا ...
- سموتريتش يهدد نتنياهو ويدعوه للعد حتى الـ90.. ما علاقة -حماس ...
- وزير الدفاع السوري يبحث مع وفد عسكري أردني آفاق التعاون الأم ...
- 3 دول أوروبية وازنة تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال المساعدات إ ...
- ابنة رئيس وزراء فرنسا تفشي سرا أخفته 40 عاما عن والديها
- بيسكوف: بينما تتحدث الولايات المتحدة وروسيا عن السلام يطالب ...
- الكونغو الديمقراطية.. تعثر محادثات السلام بين الحكومة و-حركة ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - العَرط !