حامد كعيد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 8321 - 2025 / 4 / 23 - 02:05
المحور:
المجتمع المدني
حين يتجرد الإنسان من ذاته مهتما بما هو أكبر موضوعًا فتلك ميزة قل من يحملها، وحين يضع الإنسان الخاص ويركنه وينطلق صوب العام وينجز عملًا فيه الوطن المرتكز الأساس فلا بد أن يصفق له الجميع، كلنا بابليون شعار رفعته أسرة مهرجان بابل للثقافات والفنون والآداب العالمية بنسخته ال 12 والذي بدأ مساء السبت 12 نيسان ومنتهيًا مساء السبت 19 نيسان 2025.
يوم الافتتاح لم يشهد المسرح البابلي ومنذ تأسيسه حضورا نوعيا ملفتا كما شاهدناه، المسرح يتسع ل 5000 آلاف، الحضور ليس بابليا فحسب بل من أغلب المحافظات المجاورة لمدينة بابل، بغداد، النجف، الديوانية، كربلاء، واسط وحتى من المحافظات الأخرى بصفة ضيف او زائر، كل ممرات المدارج غصت بمئات الأشخاص الذين لم يجدوا مقعدا للجلوس ووقفوا طيلة فعاليات الافتتاح دون ضجر او تذمر او ملل.
بدأت فعاليات المهرجان بالسجادة الحمراء الذي اعتلاها من يستحقها من أصحاب الشأن الثقافي البارز، أسماء لها حضورها الثقافي الفاعل عراقيا وعربيا وعالميا.
في كلمته الافتتاحية الترحيبية أشار راعي المهرجان ومؤسسه الدكتور الشاعر علي الشلاه شاكرا دولة رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني رعايته المهرجان ودعمه المعنوي ومتابعته الجادة كي يصبح المهرجان حقيقة ملموسة، وشكر الداعمين الحقيقين للمهرجان، ولفت انتباهي كلمة الشكر التي وجهها إلى جهاز المخابرات العراقية وقال ، ( لم أشكر طوال حياتي اي جهاز مخابرات عراقي او عربي أو عالمي، ولكن هنا ومن هذا المكان اتوجه بالشكر والامتنان لجهاز المخابرات العراقي الذي برهن وأبرز الوجه والواجب الأساس لجهاز المخابرات الذي يؤمن الحماية والأمن للمواطن العراقي).
إمكانيات ذاتية ودون اي دعم حكومي مالي استطاع مهرجان بابل للثقافات والفنون والآداب العالمية ان يحققه من دعوات امتدت لكل اصقاع المعمورة، لم يكن المهرجان عبارة عن جهد اسبوع او شهر قبل يوم الافتتاح، بل هو جهد سنة ابتدأ العمل بها يوم اختتام المهرجان بنسخته ال 11 السابقة، لا ينكر ان للدكتور الشلاه علاقات ثقافية رصينة تجاوزت حدود العراق لتمتد وتتجذر في العواصم العربية والعالمية، وحقيقة الجهد الكبير المبذول استقطب 35 دولة عربية وعالمية، 88 مثقف من الدول العربية والعالمية غير الكروبات التي وجهت لها الدعوات، أمثال الكروب القادم من جمهورية روسيا الاتحادية، الكروب القادم من دولة إيران، الكروب القادم من المملكة الأردنية الهاشمية، فرقة الفلامنكو الأندلسية، فرقة السليمانية للفنون الشعبية، غير الضيوف المدعويين من المحافظات العراقية، هكذا عدد غير قليل يحتاج لتأمين السكن والمأكل والمشرب، يحتاج لتذاكر الطيران ذهابا وإياب، كل ذلك أنجز بجهود وتمويل ذاتي دون الطلب من الحكومة العراقية او وزارة الثقافة، 58 فعالية ساحت بين الشعر والموسيقى والنقد والمسرح والتمثيل والآثار والتجارب الشخصية الناجحة ومعارض الكتاب، والندوات الثقافية.
لا يمكن في هذا العرض الموجز والمركز ان نمر ولو سريعا على الأسماء التي كان لها الحضور الثقافي وحتى الجماهيري، وإن كان ولابد نعرج على بعض الأسماء ،الشاعر د. عارف الساعدي، الشاعر د. حمد الدوخي، الفنان القدير أياد راضي، الفنان القدير محمود أبو العباس، الشاعر أحمد الشهاوي / مصر، الشاعر جودت فخر الدين / لبنان، الشاعر دومينيك ويليمز / بريطانيا، الشاعر موفق محمد، الشاعر جبار الكواز، الشاعرة ليندا إبراهيم / سوريا، الشاعر د حسن عبد راضي، الشاعر أحمد عبد الحسين، الشاعر د. نوفل ابو رغيف، النحات نداء كاظم، ولا ينكر نجاح الدكتور الشلاه بدعوة شاعر أمريكا اللاتينية الكبير فرناندو ريندون رئيس مهرجان مدلين الشعري العالمي ، الحاصل على جائزة نوبل الموازية للمشاريع الثقافية الكبرى الذي خص بابل وشعبها بقصيدة اول يوم دخوله الآثار البابلية وهو يسمع الآلهة تحدثه عن ما كان وسيكون، ومن الندوات المهمة التي عقدت مرور ستون عاما على رحيل الشاعر الكبير بدر شاكر السياب، وفوجئ الجمهور بحدث فني مهم وهو حضور الفنان والمخرج العربي والعالمي اللبناني القدير منير معاصيري القادم من البرازيل ضيفًا لمهرجان بابل للثقافات العالمية الذي مثل دور جعفر الطيار في فيلم الرسالة الذي أخرجه الراحل المخرج العالمية مصطفى العقاد وبمناسبة مرور 50 عامًا علىٰ عرض الفيلم.
لكل المهرجانات الكبيرة والصغيرة ميزات تؤشر نجاحها او فشلها، صدقا وليس من باب الانتصار لبابل فلم المس اي سبة تؤشر ضد المهرجان، وربما أضع بعض ملاحظات اتمنى ان يأخذ بها للمهرجانات اللاحقة، ولا اختلف ابدا مع أسرة المهرجان وانا ازعم اني أحدهم فأقول :
1 : البرنامج مكثف جدا جدا ولا مجال للراحة سواء للقائمين على المهرجان وكذلك الضيوف، البرنامج يخلو حتى من ساعة واحدة لراحة الضيوف، لو بالإمكان تقليص او إلغاء بعض الفعاليات رغم أهميتها لنعطي بعض راحة للضيف وكذلك المتابع.
2 : علامة صحية تماما ان يتنقل المهرجان بفعالياته داخل محافظة بابل، مثلا المسرحيات تعرض على قاعة كلية الفنون الجميلة والقاعة لم تتسع لضيوف المهرجان حصرا فكيف ببقية الحضور، لا يقع الخلل على أسرة المهرجان بل يقع على محافظة بابل وإدارتها وعدم وجود مسارح مختصة إلا في كلية الفنون الجميلة، وهذا مؤشر سلبي تجاه محافظة عريقة مثل بابل.
3 : المكان الذي تم اختياره للنشاطات والندوات والذي يقع خلف المسرح البابلي اختيار موفق لبى كل المتطلبات التي أدت لنجاح المهرجان بكافة فعالياته.
4 : ان لا يمكن تقليص الفعاليات وضغط البرنامج فليس أمامنا إلا أن يكون المهرجان عشرة أيام واعلم علم اليقين ان ذلك سيكون سيل إرهاق على منظمي المهرجان الكبير.
5: أقترح على أسرة المهرجان وراعيه ان يكون لبابل يوم خاص بها كي نرضي جميع الأذواق الثقافية، الشعر ، الموسيقى، الفنون، التراث الشعبي وما إلى ذلك، وهنا أُذكر ان بعض الزملاء الشعراء في بابل كانوا راغبين بالقراءة ولكن الوقت لم يسع لذلك.
6 : الملاحظة الأخيرة وأشير بذلك للدكتور علي الشلاه حصرا ومعه الاصدقاء من أسرة المهرجان واقول لماذا يا دكتور مهرجاننا بنسخته ال 11 و نسخته ال 12 حيّد فيها الشعر الشعبي الذي كانت لأماسيه وفقراته ضمن المهرجانات السابقة الحضور الكبير والفاعل بنجاح المهرجان، واستقطاب جمهور واسع حليٌ وعراقي، كانت جلسات الشعر الشعبي مدار حديث الجميع بما فيهم الضيوف الأجانب ، أتمنى أن يؤخذ بذلك .
فخور جدا أن مهرجاننا البابلي العراقي العربي العالمي أصبح رمزا حليا بابليا ينتظره اهل بابل الكرام كل عام.
أخيرا وليس آخرا المهرجان ومنذ بدايته لم يجعل الكسب المادي وجهته الأولى، وبدأ المهرجان بجهود ذاتية من قبل راعي المهرجان الدكتور علي الشلاه، الذي بودي قوله يوم الافتتاح ويوم الختام ان يصار لبيع تذاكر بمبلغ رمزي قدره 5 آلاف دينار، وهو مبلغ لا يشكل عبءً على كاهل المواطن، ومن باب اخر يعد مساهمة حلية تسد ولو بجزء أقل من اليسير لديمومة المهرجان.
( عام آخر في تقويم العشاق
بابل تفتح ذاكرة الأشجار
وتداعب أزمنة القادم بالماضي
وتلملم أبناء الماء
وتشيؤ بدء الأشياء
بابل تفتتح الايام
وتقسم ساعات الرمل بظل أخضر
وتغني تموز الغائب في ضفة الأنهار
بابل تختال على الدنيا بوصاياها
ومسلات أغانيها مفعمة بالحب
من يبقى بعد الطوفان سواها؟)
الشاعر الدكتور علي الشلاه
العام القادم ننتظركم ومهرجان بابل للثقافات والفنون والآداب العالمية بنسخته ال 13 ومن الله التوفيق.
#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟