أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا: -الْجُزْءِ الثَّانِي-















المزيد.....



فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا: -الْجُزْءِ الثَّانِي-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 - 19:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ تَطَوُّرُ مَفْهُوم التِّكْنُولُوجْيَا عَبْرَ التَّارِيخِ

لَقَدْ تَطَوَّرَ مَفْهُوم التِّكْنُولُوجْيَا عَبْرَ التَّارِيخِ الْبَشَرِيِّ، فَقَدْ كَانَ الْإِنْسَانُ الْبِدَائِيُّ يَسْتَخْدِم أَدَوَات بَسِيطَة كَالْحِجَارَة وَالْعِصِيّ فِي صَيْدِ الْحَيَوَانَات وَحِمَايَة نَفْسِهِ، وَهَذِهِ تُعَدُّ بِمَثَابَةِ التِّكْنُولُوجْيَا البِدَائِيَّة فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَبِتَطور الْحَضَارَات، تَطَوَّرَتْ التِّكْنُولُوجْيَا أَيْضًا، فَظَهَرَتْ التِّكْنُولُوجْيَا الزِّرَاعِيَّة كَالْمُحَرَّاث وَالْجَرَارِ، وَالتِّكْنُولُوجْيَا الصِّنَاعِيَّة كَالْآلَآت وَ الْمُعِدَات وَالتِّكْنُولُوجْيَا الْعَسْكَرِيَّة كَالْأَسْلِحَة وَالدُّرُوع. وَ فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ، شَهِدَ مَفْهُوم التِّكْنُولُوجْيَا تَطَوُّرًا كَبِيرًا بِظُهُور ثَوْرَة تِكْنُوْلُوْجِيَّة هَائِلَةٍ فِي مَجَالَاتِ عَدِيدَة كَالِإتِّصَالَات وَ الْمَعْلُومَاتُ وَالطِّبّ وَالْفَضَاء وَالطَّاقَة وَغَيْرِهَا. وَأَصْبَحَتْ التِّكْنُولُوجْيَا تَشْمَل لَيْسَ فَقَطْ الْأَدَوَاتِ وَالْآلَآتِ الْمَادِّيَّة، وَلَكِنْ أَيْضًا الْبَرْمَجَيات وَالتَّطْبِيقَات الَّتِي تَعْتَمِدُ عَلَى الْمَعْلُومَاتِ وَ الْمَعَارِفَ. يُمْكِنُ تَصْنِيف التِّكْنُولُوجْيَا إلَى عِدَّةِ أَنْوَاعِ، مِنْهَا:
1. التِّكْنُولُوجْيَا الْمَادِّيَّة: وَتَشْمَل الْأَدَوَاتِ وَالْآلَاتِ وَ الْمُعِدَات وَ الْمُنْتَجَات الْمَادِّيَّةِ الَّتِي يَسْتَخْدِمُهَا الْإِنْسَان.
2. التِّكْنُولُوجْيَا غَيْر الْمَادِّيَّة: وَتَشْمَل الْبَرْمَجَيات وَالنَّظْمِ وَ الْأَسَالِيب وَالطُّرُق وَالْمَعَارِف وَالْمَهَارَات.
3. التِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَةِ: وَتَشْمَل التِّكْنُولُوجْيات الْمُتَطَوِّرَة كَتَكْنُولُوجِيَّا الْمَعْلُومَاتُ وَالِإتِّصَالَات وَ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّة وَ النَّانُو تِكْنُولُوجِيّ.
4. التِّكْنُولُوجْيَا التَّقْلِيدِيَّة: وَتَشْمَل التِّكْنُولُوجْيات الْبَسِيطَة وَ الْقَدِيمَة كَالْأَدَوَات الْيَدَوِيَّة وَالتِّكْنُولُوجْيَا الزِّرَاعِيَّة التَّقْلِيدِيَّة.
5. التِّكْنُولُوجْيَا الْمُنْخَفِضَة (Low-tech) وَالتِّكْنُولُوجْيَا الْعَالِيَة (High-tech): حَيْث تُصَنِّف التِّكْنُولُوجْيات عَلَى أَسَاسِ دَرَجَة التَّعْقِيد وَالتَّطَوُّر التِّقَنِيّ.
6. التِّكْنُولُوجْيَا الِإسْتِهْلَاكِيَّة وَالِإنْتِاجِيَّة: حَيْثُ تُصَنِّف عَلَى أَسَاسِ الْغَرَضَ مِنْ إسْتِخْدَامِهَا، فَهُنَاك تِكْنُولُوجِيَّات مُسْتَخْدَمَة فِي الْإِنْتَاجِ وَأُخْرَى فِي الِإسْتِهْلَاكِ. وَتَتَمَيَّزُ كُلٌّ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ التِّكْنُولُوجْيَا بِخَصَائِص وَمُمَيِّزًات مُعَيَّنَةٍ تَجْعَلَهَا مُنَاسَبَة لِتَطْبِيقِات وَسَيَاقَات مُحَدَّدَة. وَيتِمّ إخْتِيَار النَّوْع الْمُنَاسِبُ مِنْ التِّكْنُولُوجْيَا بِنَاءً عَلَى الْأَهْدَاف وَالْمُتَطَلَّبَات وَالْمَوَارِدُ الْمُتَاحَة.
لِلتَّكْنُولُوجْيَا دُور بَارَز وَحَيَّوِي فِي تَطْوِيرِ وَتَقَدَّم الْمُجْتَمَعَات الْبَشَرِيَّة، وَيُمْكِنُ إِجْمَالُ هَذَا الدَّوْرِ فِي النِّقَاط التَّالِيَة:
1. تَحْسِين نَوْعَيَّة الْحَيَاةِ: حَيْثُ تُسَاهِم التَّكْنُولُوجْيَا فِي تَحْسِينِ مُسْتَوَى الْمَعِيشَة وَالرَّفَاهِيَة لِلْأَفْرَاد مِنْ خِلَالِ تَوْفِير السِّلَع وَالْخِدْمَات الَّتِي تُلَبِّي إحْتِيَاجَاتِهِمْ وَتُحْسِن نَوْعَيَّة حَيَاتِهِمْ
2. زِيَادَة الْإِنْتَاجِيَّة وَالْكَفَاءَةُ: مِنْ خِلَالِ إسْتِخْدَامِ الْآلَات وَ التِّقْنِيَّات الْحَدِيثَةِ فِي مَجَالَاتِ الْإِنْتَاج وَالْخِدْمَات، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى زِيَادَةِ الْإِنْتَاجِيَّة وَتَحْسِين الْجَوْدَة وَخَفْض التَّكَالِيف.
3. تَسْهِيل التَّوَاصُل وَالتَّفَاعُل: حَيْث سَاهَمَت تِكْنُولُوجْيَا الِاتِّصَالَات وَالْمَعْلُومَات فِي تَسْهِيلِ وَ تَسْرِيع عَمَلِيَّاتُ التَّوَاصُل وَالتَّفَاعُل بَيْنَ الْأَفْرَادِ وَالمُؤَسَّسَات عَلَى الْمُسْتَوَى الْمَحَلِّيِّ وَ الْعَالَمِيّ.
4. تَعْزِيز التَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة: مِنْ خِلَالِ الْمُسَاهَمَةِ فِي تَطْوِيرِ الْقِطَّاعِات الِإقْتِصَادِيَّةِ الْمُخْتَلِفَة وَزِيَادَة الِإبْتِكَار وَالْإِبْدَاع وَ تَحْسِين الْقُدْرَة التَّنَافُسِيَّة.
5. تَحْسِين الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ: بِإسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَةِ فِي مَجَالِ الطِّبِّ وَالرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ مِمَّا أَدَّى إلَى تَطْوِيرٍ أَسَالِيب التَّشْخِيص وَالْعِلَاج وَتَحْسِين جَوْدَة الْخِدْمَات الصِّحِّيَّة.
6. تَعْزِيز التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ: حَيْث سَاهَمَت التَّكْنُولُوجْيَا فِي إِثْرَاءِ الْعَمَلِيَّة التَّعْلِيمِيَّة وَتَطْوِير أَسَالِيب التَّدْرِيس وَالتَّعَلُّم وَ زِيَادَة فُرَص الْوُصُول لِلْمَعْرِفَة.
7. تَحْسِين الْأَمْن وَالسَّلَامَةِ: مِنْ خِلَالِ إسْتِخْدَامِ التَّكْنُولُوجْيَا فِي مَجَالَاتِ الْأَمْن وَالدِّفَاع لِتَعْزِيز قُدُرَات الْحِمَايَة وَالْوِقَايَة وَ الإسْتِجَابَة لِلْمَخَاطِر وَالكَوَارِث.
وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ التِّكْنُولُوجْيَا تَلْعَبُ دَوْرًا مُحَوَّريا فِي تَطْوِيرِ وَ تَقَدُّم الْمُجْتَمَعَات الْبَشَرِيَّةِ فِي مُخْتَلَفٍ الْمَجَالَاتِ الْحَيَاتِيَّةِ وَ الِإقْتِصَادِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة وَالتَّعْلِيمِيَّة وَالصَّحِية وَالْأَمْنِيَّةِ.
عَلَى الرَّغْمِ مِنْ الْفَوَائِدِ الْكَبِيرَة لِلتَّكْنُولُوجْيَا، إلَّا أَنَّهَا قَدْ تَنْطَوِي عَلَى بَعْضٍ التَّحَدِّيَات وَالْمَخَاطِر، وَمِنْهَا:
1. التَّأْثِيرِ عَلَى الْبِيئَةِ وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة: حَيْثُ قَدْ تُؤَدِّي بَعْض التِّقْنِيَّات إلَى إسْتِنْزَاف الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَتَلْوِيث الْبِيئَة.
2. التَّأْثِيرِ عَلَى الْجَوَانِبِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ: كَالتَّغْيِيرِ فِي أَنْمَاط الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ وَقِيَم الْمُجْتَمَع وَعَلَاقَات الْأَفْرَاد.
3. التَّأْثِيرِ عَلَى الْجَوَانِبِ الْأَخْلَاقِيَّة وَالْقِيمَيَّة: كَالْقَضَايَا الْمُتَعَلِّقَة بِالْخُصُوصِيَّة وَالْأَمْن وَالْمِلْكِيَّة الْفِكْرِيَّة.
4. التَّأْثِيرِ عَلَى فُرَصِ الْعَمَلِ: حَيْثُ قَدْ تُؤَدِّي بَعْض التِّكْنُولُوجْيات إلَى إسْتِبْدَال الْعِمَالَة الْبَشَرِيَّة بِالْآلَات وَالْأتْمَتَّة
5. مَخَاطِر الِإسْتِخْدَام السَّيِّئُ أَوْ الِإنْحِرَافِ التِّكْنُولُوجْيّ: كَالِإسْتِخْدَامِ فِي أَغْرَاضٍ إِرْهَابِيَّة أَوْ إِجْرَامِية أَوْ الإِبْتِزَاز وَ الِإخْتِرَاق الْإِلِكْتِرُونِيّ.
لِذَلِكَ، فَإِنَّهُ عَلَى الْمُجْتَمَعِ وَالمُؤَسَّسَات ضَرُورَة إِيجَادُ الْحُلُولِ وَ الضَّوَابِط الْمُنَاسَبَة لِلتَّعَامُلِ مَعَ هَذِهِ التَّحَدِّيَات وَالْمَخَاطِر، وَ ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ وَضَع السِّيَاسَات وَالتَّشْرِيعَات الْمُنَظَّمَة وَإعْتِمَاد مُمَارَسَات مَسْؤُولَة فِي إسْتِخْدَامِ التِّكْنُولُوجْيَا.
فِيمَا سَبَقَ، تَنَاوَلْنَا طَبِيعَة التِّكْنُولُوجْيَا وَمَفْهُومُهَا وَالْأَنْوَاع الْمُخْتَلِفَة لَهَا، كَمَا بَيَّنَّا دَوْرُهَا الْمِحْوَرُي فِي تَطْوِيرِ الْمُجْتَمَعَات وَ التَّحْدِيَات وَالْمَخَاطِر الْمُرْتَبِطَةِ بِهَا. وَمَنْ خِلَالِ هَذَا الْعَرْضَ، يَتَّضِحُ أَنَّ التِّكْنُولُوجْيَا تَمَثَّل أَدَّاة قَوِيَّة لِلتَّنْمِيَة وَالتَّقَدُّمُ، إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ إدَارَتُهَا بِشَكْل مَسْؤُول وَحَكِيم لِتَعْظِيم الْفَوَائِد وَ الْحَدُّ مِنْ الْمَخَاطِرِ.

_ إشْكَالَيْات التِّكْنُولُوجْيَا

التَّكْنُولُوجْيَا هِيَ أَدَاةُ بِيَدِ الْإِنْسَانِ لِتَحْسِينِ ظُرُوفِ مَعِيشَتِه وَ تَسْهِيل أَنْشِطَتِه الْيَوْمِيَّة، إلَّا أَنْ هُنَاكَ الْعَدِيدِ مِنَ الْإِشْكَالِيَّاتِ الْمُصَاحَبَة لِإرْتِكَاز الْبَشَرِيَّةُ عَلَى التِّكْنُولُوجْيَا بِشَكْل مُتَزَايِدٍ فِي جَمِيعِ مَنَاحِي الْحَيَاة.

.الْإِشْكَالِيَّات الِإجْتِمَاعِيَّة وَالنَّفْسِيَّة
مِنْ أَبْرَزِ الْإِشْكَالِيَّات النَّاجِمَةِ عَنِ التَّكْنُولُوجْيَا هِيَ الْأثَار السَّلْبِيَّةِ عَلَى الْجَانِبِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالنَّفْسِيّ لِلْأَفْرَاد. فَقَدْ أَدَّى الِإعْتِمَاد الْمُفْرِط عَلَى التِّكْنُولُوجْيَا إِلَى إنْخِفَاضِ التَّفَاعُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ الْمُبَاشِر بَيْنَ النَّاسِ وَإزْدِيَاد الِإنْعِزَالَيَّةِ وَالْوَحْدَة. كَمَا تَرَتَّبَ عَلَى إدْمَان التِّكْنُولُوجْيَا، وَخَاصَّة الْإنْتَرْنِت وَالْهَوَاتِف الذَّكِيَّة، مُشْكِلَات نَفْسِيَّة خَطِيرَة كَالِإكْتِئَاب وَالْقَلَقِ وَالشُّعُور بِالْوَحْدَةِ وَالْعُزْلَةِ. فَقَدْ أَظْهَرَتْ إِحْصَاءَاتٌ أَنَّ 72% مَنْ الْمُرَاهِقِين وَ48% مِنْ الْأبَاءِ يَشْعُرُون بِالْحَاجَةِ الْمُلِحَّةِ لِلرَّدّ الْفَوْرِيُّ عَلَى الرَّسَائِلِ وَالْإِشْعَارًات الرَّقْمِيَّةِ، وَهَذَا الْأَمْرُ لَهُ أثَارٌ سَلْبِيَّةٍ عَلَى الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ. بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَلِكَ، أَدَّى الِإسْتِخْدَام الْمُفْرِط لِلتَّكْنُولُوجْيَا إِلَى تَرَاجُعِ الْمَهَارَات الِإجْتِمَاعِيَّة التَّقْلِيدِيَّة لَدَى الْأَفْرَادِ، وَصُعُوبَة التَّوَاصُل وَجْهًا لِوَجْهٍ مَعَ الْآخَرِينَ، مِمَّا يُؤَثِّرُ عَلَى قُدْرَتِهِمْ عَلَى التَّكَيُّفِ وَ التَّفَاعُلُ فِي الْمُجْتَمَعِ. لقَدْ أَحْدَثْتَ التِّكْنُولُوجْيَا تَغْيِيرَات كَبِيرَةً فِي حَيَاتِنَا الِإجْتِمَاعِيَّة وَالنَّفْسِيَّة. مِنْ أَهَمِّ الْإِشْكَالِيَّات الِإجْتِمَاعِيَّة وَ النَّفْسِيَّة لِلتَّكْنُولُوجْيَا. إشْكَالِيَّة التَّوَاصُل وَ الْعَلَاقَاتِ الِإجْتِمَاعِيَّةِ. قَدْ تُؤَدِّي التِّكْنُولُوجْيَا إِلَى الِإنْعِزَالِ الِإجْتِمَاعِيّ وَ ضَعَّف التَّوَاصُل الشَّخْصِيّ الْمُبَاشِر. ظُهُور وَسَائِل التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَ زِيَادَة إسْتِخْدَامَ الْأجْهِزَةِ الْإِلِكْتِرُونِيَّة قَدْ يُحَدُّ مَنْ التَّفَاعُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَجْهًا لِوَجْهٍ، مِمَّا يُؤَثِّرُ عَلَى عَلَاقَاتِ الْأَفْرَاد وَ تَمَاسُكِ الْمُجْتَمَعِ. إضَافَة إلَى إشْكَالِيَّة الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ. الْإِفْرَاطُ فِي إسْتِخْدَامِ التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى مُشْكِلَات نَفْسِيَّة كَالْقلق وَالإكْتِئَابُ وَالْإِدْمَان. كَمَا أَنَّ التَّعَرُّضَ الْمُفْرِط لِلشَّاشَات قَدْ يُسَبِّب مَشَاكِل نَفْسِيَّة وَ جَسَدِيَّة كَالصُّدَاعِ وَالأَرَق وَضَعَّف التَّرْكِيز. ثُمّ إشْكَالِيَّة الْخُصُوصِيَّة وَ الْأَمْن التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ تَعَرَّضَ الْأَفْرَاد لِإنْتِهَاك الْخُصُوصِيَّة وَ تَسْرِيب الْمَعْلُومَاتُ الشَّخْصِيَّة. هُنَاك مَخَاوِفَ مِنْ الِإخْتِرَاقَات الْأُمْنِيَة وَالتَّنْصِت وَالتَّجَسُّسُ الْإِلِكْتِرُونِيّ. وَ أَخِيرًا إشْكَالِيَّة التَّأْثِيرِ عَلَى الْأَطْفَالِ وَالشَّبَاب.تَأْثِير التِّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْأَطْفَالِ وَالْمُرَاهِقِينَ قَدْ يَكُونُ سَلْبِيًّا، كَالْتَأْثِير عَلَى التَّطَوُّرِ الْعَاطِفِيّ وَ الِإجْتِمَاعِيّ وَالْمَعْرُفِيّ. وَقَدْ يُؤَدِّي الِإسْتِخْدَامِ الْمُفْرِطِ إلَى مُشْكِلَات سُلُوكِيَّة وَصَحَّيَّة بِالْإِجْمَالِ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ الْفَوَائِدِ الَّتِي تُقَدِّمُهَا التِّكْنُولُوجْيَا، فَإِنَّ هُنَاكَ إشْكَالَيْات إجْتِمَاعِيَّة وَ نَفْسِيَّة تَتَطَلَّب الْمَزِيدَ مِنْ الْوَعْيِ وَالتَّنْظِيم لِضَمَان الِإسْتِخْدَام الْأَمْن وَالصَّحِي لَهَا.

. الْإِشْكَالِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة وَالْقَانُونِيَّة
كَمَا أَنَّ التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ السَّرِيعُ أثَار الْعَدِيدِ مِنَ الْإِشْكَالِيَّاتِ الْأَخْلَاقِيَّة وَالْقَانُونِيَّة. فَمَعَ ظُهُورِ تَطْبِيقَات التَّوَاصُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَالِإنْتِرْنِت، بَرَزَتْ مُشْكِلَات كَالْتَنَمَّر الْإِلِكْتِرُونِيّ وَ الْجَرَائِم السَّيْبَرَانِيَة وَإنْتِهَاكِ الْخُصُوصِيَّة وَالسَّرِقَة الْفِكْرِيَّة. وَ أَدَّتْ سُهُولَةُ الْوُصُولِ إلَى الْمَعْلُومَاتِ عَبْرَ الْإِنْتَرْنِتِ إلَى مُشْكِلَات أُخْرَى كَنَشْر الْمَعْلُومَات الْمُضَلِّلَة وَالْأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ، مِمَّا قُوِّض الثِّقَةُ فِي الْمَصَادِرِ الْإِعْلَامِيَّة التَّقْلِيدِيَّة. كَمَا ظَهَرَتْ إشْكَالَيْات أُخْرَى مُتَعَلِّقَةٌ بِحُقُوق الْمُلْكِيَّةِ الْفِكْرِيَّةِ وَحِمَايَةِ الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ.
لقَدْ أَحْدَثْتَ التِّكْنُولُوجْيَا الْحَدِيثَةِ الْعَدِيدِ مِنَ التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة وَالْقَانُونِيَّة الْمُهِمَّة. لَقَدْ أَدَّى تَطَوُّر التِّكْنُولُوجْيَا إلَى ظُهُورِ قَضَايَا مُتَعَلِّقَة بِالْخُصُوصِيَّة وَالْأَمْن. فَالْشَبَكَات الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَمَوَاقِع الْإنْتَرْنِت الْأُخْرَى تَجْمَع الْكَثِيرِ مِنْ الْمَعْلُومَاتِ الشَّخْصِيَّةِ عَنْ الْمُسْتَخْدِمِين دُونَ عِلْمِهِمْ أَوْ مُوَافَقَتِهِمْ، مِمَّا يُعْرَضُ خُصُوصِيَّتِهِمْ لِلْخَطَر. كَمَا أَنَّ الْقَرَصنَّة وَ الِإخْتِرَاقَات الْإِلِكْتِرُونِيَّة قَدْ زَادَتْ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ، مِمَّا يُهَدِّدُ أمْنَ الْبَيَانَات وَالْمَعْلُومَات الْحَسَّاسَة. إنَّ إسْتِخْدَامَ الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَالرَوبُوتَات يَطْرَحُ تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة مُهِمَّة، مِثْل مَسْؤُولِيَّة إسْتِخْدَامِ هَذِهِ التِّقْنِيَّات وَتَأْثِيرِهَا عَلَى فُقْدَانِ الْوَظَائِفِ. كَمَا يُثِير إسْتِخْدَام الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ فِي مَجَالَاتِ الطِّبّ وَالْقَضَاء مَخَاوِف حَوْل الْحِيَاد وَالْإِنْصَافِ فِي إتِّخَاذِ الْقَرَارَات. إضَافَة إلَى أَنْ التِّكْنُولُوجْيَا تُسَهِل إِمْكَانِيَّة التَّلَاعُب بِالْمَعْلُومَات وَإِنْتَاج مُحْتَوَى مُضَلَّل، مِثْل الصُّوَر وَالفِيدْيوهات الْمُزَوَّرَة. هَذَا يُمَثِّلُ تَحْدُيا كَبِيرًا أمَام مُحَارَبَة الْأَخْبَارَ الْكَاذِبَةَ وَ التَّضْلِيل الْإِعْلَامِيّ. أَمَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّحَّةِ فَإِنْ إسْتِخْدَامَ الْأجْهِزَةِ الْإِلِكْتِرُونِيَّة وَالْإِفْرَاطُ فِي التَّوَاصُلِ الرَّقْمِيّ لَهُ تَأْثِيرٌ سَلْبِيٌّ عَلَى الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ وَالْجَسَدِيَّةِ، مِثْل الْإِدْمَان وَالْعُزْلَة الِإجْتِمَاعِيَّة وَالْقَلَق. كَمَا يَطْرَحُ تَحَدِّيَات أَخْلَاقِيَّة حَوْل تَأْثِير التِّكْنُولُوجْيَا عَلَى سَلُوكَيَّات الْأفْرَادُ وَتَفْكِيرِهِمْ. فِي الْخُلَاصَةِ، التَّقَدُّم التِّكْنُولُوجْيّ قَدْ أثَار الْعَدِيدِ مِنَ الْإِشْكَالِيَّاتِ الْأَخْلَاقِيَّة وَ الْقَانُونِيَّة الْمُهِمَّة وَاَلَّتِي تَتَطَلَّب جُهُودًا مُسْتَمِرَّة لِلتَّعَامُل مَعَهَا بِطَرِيقَة مَسْؤُولَة وَأَخْلَاقِيَّة.

. الْإِشْكَالِيَّات البِيئِيّة وَالصَّحِية
عَلَى الصَّعِيدِ البِيئِيّ وَالصَّحِي، تَرَتَّبَتْ عَلَى التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة الْعَدِيدِ مِنَ الْإِشْكَالِيَّاتِ. فَقَدْ أَدَّى الِإسْتِخْدَامِ الْمُفْرِطِ لِلْأَجْهِزَة الْإِلِكْتِرُونِيَّة وَالطَّاقَة إلَى زِيَادَةِ الِإنْبِعَاثْاتْ الْكَرْبُونِيَّة وَتَلَوَّثَ الْبِيئَة. كَمَا ظَهَرَتْ مُشْكِلَات صِحِّيَّة مُتَعَلِّقَة بِإِدْمَان التِّكْنُولُوجْيَا، كَالْإِصَابَة بِأَمْرَاض الْعُيُون وَالصُّدَاع وَ الأَرَق وَالسُّمْنَة وَقِلَّةِ النَّشَاطُ البَدَنِيُّ. وَوَفْقًا لِإِحْصَاءِات، يَقْضِي الشَّخْص الْعَادِيّ وَقْتًا أَطْوَل أمَام الْأَجْهِزَةِ الْإِلِكِتْرُونِيَّةِ مُقَارَنَة بِالنَّوْم بِمَعْدِل 8 سَاعَات و41 دَقِيقَة يَوْمِيًّا. التَّكْنُولُوجْيَا هِيَ أَدَاةُ ذَات صِلَة وَثِيقَة بِالبِيئَة، فَهِي تَلْعَبُ دَوْرًا مُحَوَّريا فِي التَّأْثِيرِ عَلَى الْبِيئَةِ، سَوَاء بِالسَّلْب أَوْ بِالْإِيجَابِ. مِنْ نَاحِيَةِ، سَاعَدَتْ الِإبْتِكَارَات التِّكْنُولُوجِيَّة فِي تَسْهِيلِ الْحَيَاة وَتَحْسِين مُسْتَوَى الْمَعِيشَةِ وَزِيَادَةِ الْإِنْتَاجِيَّة، وَلَكِنْ مِنْ نَاحِيَةِ أُخْرَى، سَاهَمَت فِي تَفَاقُم التَّحَدِّيَات البِيئِيَّة، مِثْل التَّلَوُّث، وَتَغَيَّر الْمُنَاخ، وَإسْتِنْزَاف الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. يَتَمَثَّل التَّأْثِيرِ السَّلْبِيِّ لِلتَّكْنُولُوجْيَا عَلَى الْبِيئَةِ فِي التَّلَوُّث البِيئِي. يَنْجُمُ التَّلَوُّث البِيئِي عَنْ إنْبِعَاث الْغَازَاتِ الضَّارَّةِ مِنْ الْمَصَانِعِ، وَ وَسَائِل النَّقْل وَ مَحَطات الطَّاقَةُ، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى إرْتِفَاعِ مُسْتَوَيَات ثَانِي أُكْسِيدِ الْكَرْبُونِ وَ أَكاسَيْد النَّيتروْجَيْن وَالْكِبْرِيتِ فِي الْجَوِّ. هَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّلَوُّثِ يُسَاهِمُ فِي زِيَادَةِ مُعَدَّلَات الْأَمْرَاض التَّنَفُّسِيَّة، وَ تَفَاقُمِ مُشْكِلَة الإحْتِبَاسِ الْحَرَارِيِّ. فِي نَفْسِ الْوَقْتِ الَّذِي تُعَانِي فِيه الْعَدِيدِ مِنَ الأَنْهَارِ وَالْبُحَيْرَات وَ الْمُحِيطَات مِنْ التَّلَوُّثِ الْكِيمْيَائِيّ وَالْعُضْوُيّ نَتِيجَةُ تَصْرِيف النِّفَايَات الصِّنَاعِيَّة وَمِيَاه الصَّرْف الصِّحِّيّ، مِمَّا يُؤَثِّرُ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ عَلَى الْحَيَاةِ الْبَحْرِيَّة. في نَفْسٌ الْوَقْت يَنْتُجُ التَّلَوُّثِ عَنْ التَّخَلُّصِ غَيْرُ السَّلِيمِ مِنْ الْمُخَلَّفَات الصِّنَاعِيَّة وَالزِّرَاعِيَّة، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى تَرَاكَم الْمُلَوَّثِات فِي التُّرْبَةِ وَتَدَهْوُر خُصُوبَتِهَا. فِي الْعُمُومِ تُؤَدَّي الْأَنْشِطَة التِّكْنُولُوجِيَّة إلَى إسْتِنْزَاف الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة كَالْمَعَادِن وَ الْوَقُود الْأُحْفُورِيّ بِمُعَدَّلَات أَسْرَعَ مِنْ قَدْرة الْأَرْضِ عَلَى تَجْدِيدُهَا. و تُؤَدَّي الْأَنْشِطَة الصِّنَاعِيَّة وَالتَّطْوِير الْعِمْرَانِيِّ إلَى تَدْمِير الْغَابَات وَ الْأَرَاضِي الزِّرَاعِيَّة وَ الْمَوَّائِل الْحَيَوَانِيَّةِ. تُعْتَبَرُ إشْكَالِيَّة زِيَادَةَ إنْبِعَاثَاتِ الْغَازَاتِ الدَّفَيْئَة، إشْكَالِيَّة كُبْرَى. بِحَيْث تُسَاهِم الْأَنْشِطَة التِّكْنُولُوجِيَّة فِي زِيَادَةِ إنْبِعَاثَاتِ ثَانِي أُكْسِيدِ الْكَرْبُونِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْغَازَات الدَّفَيْئَة، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى تَفَاقُمِ ظَاهِرَة الِإحْتِرَار الْعَالَمِيِّ. لَكِنْ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ التَّأْثِيرَاتِ السَّلْبِيَّة لِلتَّكْنُولُوجْيَا، إلَّا أَنَّهَا تُقَدَّمُ أَيْضًا حُلُولًا فَعَّالَة لِمُوَاجَهَة هَذِه التَّحَدِّيَات البِيئِيَّة. بِمَا فِيهَا تَطْوِير مَصَادِر طَاقَة نَظِيفَة وَ قَابَلَة لِلتَّجْدِيد، مِثْل الطَّاقَةِ الشَّمْسِيَّةِ وَ الرِّيَاح وَ الْكَهْرُومَائِيَّة، مِمَّا يُسْهَمُ فِي الْحَدِّ مِنْ إنْبِعَاثَات الْكَرْبُون وَتَحْقِيق الِإسْتِدَامَة البِيئِيَّة. كَمَا تُعَالَجُ تَحْسِين كَفَاءَة إسْتِخْدَام الطَّاقَةِ فِي الْمَبَانِي وَ الصِّنَاعَات وَ النَّقْلُ مِنْ خِلَالِ تَطْبِيق تِقْنِيَات مُتَطَوِّرَة لِتَرْشِيد الِإسْتِهْلَاك. و لِفَرْز وَمُعَالَجَةٍ وَنَقَل وَتَدْوِير النِّفَايَات بِطُرُق صَدِيقِه لِلْبِيئَة. فِي الْوَاقِعِ، تُعْتَبَر التِّكْنُولُوجْيَا سِلَاحٌ ذُو حَدَّيْنِ، فَهِي تَحْمِلُ فِي طَيَاتها إِمْكَانَات هَائِلَة لِحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ البِيئِيَّة وَ الصَّحِية، وَ لَكِنْ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ، قَدْ تُسَاهِمُ فِي تَفَاقُمِهَا إذَا لَمْ يَتِمَّ تَوْجِيهِهَا بِشَكْل مَسْؤُول وَبِمَا يَخْدُم أَهْدَاف الِإسْتِدَامَة البِيئِيَّة. لِذَا، يَجِبُ عَلَى صَانِعي الْقَرَارُ وَالْمُجْتَمَع كَكُلّ الْعَمَلِ عَلَى إسْتِغْلَالِ التِّكْنُولُوجْيَا بِشَكْل أَمْثَل لِخِدْمَة الْبِيئَة وَ الْحِفَاظِ عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة لِأَجْيَال الْمُسْتَقْبَل.

. الْإِشْكَالِيَّات الِإقْتِصَادِيَّة
عَلَى الصَّعِيدِ الِإقْتِصَادِيّ، أَدَّتْ التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة إلَى تَغْيِيرَات جِذْرِيَّة فِي سُوقِ الْعَمَلِ، حَيْثُ حَلَّتْ الْآلَات وَالْإِتْمَتَّة مَحَلُّ الْوَظَائِف التَّقْلِيدِيَّة فِي الْعَدِيدِ مِنَ الْقِطَّاعَات، مِمَّا زَادَ مِنْ مُشْكِلَة الْبَطَالَة. كَمَا أَنَّ الِإعْتِمَادَ عَلَى التَّكْنُولُوجْيَا فِي مُخْتَلَفٍ الْمَجَالَات أثَار إشْكَالَيْات مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّفَاوُتِ فِي الْوُصُولِ إلَى التِّكْنُولُوجْيَا بَيْن الْفِئَاتِ الْإجْتِمَاعِيَّةِ وَالْمَنَاطِق الْجُغْرَافِيَّة، وَهُوَ مَا عُرِفَ بـ "الْهُوَّة الرَّقْمِيَّة". وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ الْفَوَائِدِ الِإقْتِصَادِيَّة لِلتَّكْنُولُوجْيَا فِي تَسْهِيلِ التَّوَاصُل وَ التِّجَارَةُ الْعَالَمِيَّة، إلَّا أَنْ هُنَاكَ تَحَدِّيَات فِي تَحْقِيقِ التَّكَافُؤ فِي مُسْتَوى تَدَفُّق الْمَعْلُومَات بَيْنَ مُخْتَلِفِ المَجْمُوعَاتِ اللُّغَوِيَّةِ، لَا سِيَّمَا بِالنِّسْبَةِ لِلُّغَات غَيْر اللَّاتِينِيَّة مِثْل الْعَرَبِيَّة. يُؤَدِّي إسْتِخْدَام التِّكْنُولُوجْيَا الْمُتَقَدِّمَةِ مِثْل الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَالْأتْمَتَّة إلَى إزَاحَة الْعَدِيدِ مِنَ الْوَظَائِفِ التَّقْلِيدِيَّة، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى إرْتِفَاعِ مُعَدَّلَاتِ الْبِطَالَةِ بِشَكْل خَاصٌّ فِي قِطَاعَات مُعَيَّنَةٍ. فِي الْمُقَابِلِ، تَخَلَّق التِّكْنُولُوجْيَا وَظَائِف جَدِيدَةٍ مُخْتَلِفَةٍ تَتَطَلَّب مَهَارَات وَتَخَصُّصًات مُخْتَلِفَةٌ، مِمَّا يَتَطَلَّب إعَادَة تَأْهِيل وَتَدْرِيب الْعِمَالَة. كَمَا تَمِيل التِّكْنُولُوجْيَا إلَى زِيَادَةِ الْفَجْوَةِ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، حَيْثُ تَعُودُ الْأَرْبَاح الْكَبِيرَةِ عَلَى أَصْحَابِ رَأْسِ الْمَالِ وَالشَّرِكَات التِّكْنُولُوجِيَّة الْكُبْرَى. فِي حِينِ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى زِيَادَةِ التَّرْكِيز الِإقْتِصَادِيّ وَهَيّمَنَة الشَّرِكَاتُ التِّكْنُولُوجِيَّة الْكُبْرَى عَلَى الْأَسْوَاقِ. وَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، يَتَطَلَّب التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ السَّرِيعُ تَحْدِيث الأَطْر الْقَانُونِيَّة وَ التَّنْظِيمِيَّة لِلتَّعَامُلِ مَعَ الْقَضَايَا الْجَدِيدَة مِثْل الْخُصُوصِيَّة وَ أَمْنِ الْمَعْلُومَات وَحِمَايَة الْمُسْتَهْلَكِ. كَمَا تَوَاجَه الْحُكُومَات تَحَدِّيَات فِي تَنْظِيمِ وَفَرْض الضَّرَائِبَ عَلَى الشَّرِكَات التِّكْنُولُوجِيَّة الْعِمْلَاقَة. مِنْ جِهَةِ قَدْ تُؤَدِّي التِّكْنُولُوجْيَا إلَى تَغْيِيرَات جِذْرِيَّة فِي الْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ وَالْخِدْمَات الْأَسَاسِيَّةِ كَالنَّقْل وَالطَّاقَة وَالرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ، مِمَّا يَتَطَلَّب إسْتِثْمَارَات كَبِيرَة لِمُوَاكَبَة هَذَا التَّطَوُّر. بِشَكْلٍ عَامٍّ، يَتَطَلَّب التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ تَعْدِيلَات هَيْكَلِيَّة وَاسِعَة النِّطَاق عَلَى الْمُسْتَوَيَات الِإقْتِصَادِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة وَالتَّنْظِيمِيَّة لِلتَّعَامُلِ بِفَعَالِيَّة مَعَ التَّحَدِّيَات النَّاشِئَة.

. الْإِشْكَالِيَّات التَّوْظِيفِيَّة
قَدْ يُؤَدِّي التَّقَدُّم التِّكْنُولُوجْيّ إلَى ظُهُورِ الْعَدِيدِ مِنَ الْقَضَايَا و الْمُشْكِلَات التَّوْظِيفِيَّة وَ الَّتِي تَتَمَثَّلُ فِي تَسْرِيح الْعِمَالَة، التَّبَايُنِ فِي الْمَهَارَات، الْفَجْوَة الرَّقْمِيَّة، الْخُصُوصِيَّة وَالْأَمَان، التَّأْثِيرِ عَلَى الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ. تُؤَدَّي التِّكْنُولُوجْيَا إلَى الِإسْتِغْنَاءِ عَنْ الْكَثِيرِ مِنْ الْوَظَائِفِ الْبَشَرِيَّة وَتَسْرِيح الْعِمَالَة، مِمَّا يَزِيدُ مِنْ مُعَدَّلَاتِ الْبِطَالَةِ وَالْقَلَق بِشَأْن مُسْتَقْبِل الْوَظَائِفِ. إلَى جَانِبِ ذَلِكَ يَتَطَلَّبُ التَّحَوُّل التِّكْنُولُوجْيّ مَهَارَاتٍ جَدِيدَةٍ تَخْتَلِفُ عَنْ تِلْكَ الْمَطْلُوبَةِ فِي الْوَظَائِفِ التَّقْلِيدِيَّة، مِمَّا قَدْ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ تَطَابُق الْمَهَارَات وَصُعُوبَةٍ فِي إيجَادِ الْكَفَاءَات الْمُنَاسَبَةِ. مِنْ جَانِبِ آخَرَ، لَا يَتَمَكَّنُ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى التِّكْنُولُوجْيَا وَالِإسْتِفَادَة مِنْهَا بِنَفْس الْقَدْرَ، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى تَعْمِيق الْفَجْوَة الرَّقْمِيَّة وَعَدَمُ الْمُسَاوَاةِ فِي الْفُرَصِ. كَمَا أَنَّ التِّكْنُولُوجْيَا تَطْرَحُ تَحَدِّيَات مُتَعَلِّقَة بِحِمَايَة الْبَيَانَاتِ الشَّخْصِيَّةِ وَالْأَمْن الْإِلِكْتِرُونِيّ، مِمَّا يَخْلَقُ مَخَاوِف لَدَى الْمُوَظَّفِين بِشَأْن إسْتِخْدَام وَتَخْزين بَيَانَاتِهِمْ. و الْخَطِير فِي الْأَمْرِ أَنَّ التِّكْنُولُوجْيَا قَدْ تُؤَدِّي إلَى زِيَادَةِ الْإِجْهَاد وَالْقَلَقِ لَدَى الْمُوَظَّفِين نَتِيجَة زِيَادَة الضُّغُوط وَالْمُتَطَلَّبَات الْمُرْتَبِطَةُ بِالْعَمَلِ عَنْ بُعْدٍ وَتِكْنُولُوجِيَّا الْمَعْلُومَاتُ. لَكِنْ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ الْفَوَائِدِ الْجَمَّةِ لِلتَّكْنُولُوجْيَا، إلَّا أَنْ هُنَاكَ الْعَدِيدِ مِنَ الْإِشْكَالِيَّاتِ الْمُصَاحَبَة لَهَا فِي الْمَجَالَاتِ الِإجْتِمَاعِيَّة وَالنَّفْسِيَّة وَالْأَخْلَاقِيَّة وَالبِيئِيَّة وَالِإقْتِصَادِيَّة، مِمَّا يَتَطَلَّب مُعَالَجَةِ هَذِهِ التَّحَدِّيَات بِشَكْلٍ شَامِلٍ وَمَتَوَازُن لِتَحْقِيقِ التَّوَازُنِ الْمَنْشُود بَيْنَ التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ وَتَلْبِيَةٌ إحْتِيَاجَات الْمُجْتَمَع.

_ التَّحَدِّيَات التِّكْنُولُوجِيَّة الَّتِي تُوَاجِهُ الْمُؤَسَّسَات الْيَوْم.

الْمُؤَسَّسَات الْيَوْم تَوَاجَه مَجْمُوعَةٌ مِنَ التَّحَدِّيَات التِّكْنُولُوجِيَّة الرَّئِيسِيَّة، وَاَلَّتِي يَجِبُ عَلَيْهَا التَّعَامُلِ مَعَهَا بِفَعَالِيَّة للنَّجَاحِ وَ الْبَقَاءُ فِي السُّوقِ فِي ظِلِّ الْمُنَافَسَة الْمُتَزَايِدَة. إلَيْك أَبْرَزَ هَذِهِ التَّحَدِّيَات. التَّكَيُّف مَعَ التَّغْيِيرِ التِّكْنُولُوجْيّ السَّرِيعُ، التَّأْمِين السَّيبراني وَحِمَايَةِ الْبَيَانَاتِ، إدَارَة وَتَحْلِيل الْبَيَانَات الضَّخْمَة، تَبَّنِي تِقْنِيَات الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَالتَّعَلُّم الْأُلَي، التَّكَامُلَ بَيْنَ الأَنْظِمَة وَالْعَمَلِيَّات، تَطْوِير الْمَهَارَات التِّقْنِيَّة لِلْمُوَظَّفِين. تَتَطَوَّر التِّقْنِيَّات بِوَتِيرَة مُتَسَارِعَة، مِمَّا يُفْرَضُ عَلَى الْمُؤَسَّسَات ضَرُورَة التَّحْدِيث الْمُسْتَمِرّ لِأَنَّظَمَتْهَا وَعَمَلِيًّاتِهَا لِمُوَاكَبَة هَذِه التَّطَوُّرَات. وَيُشْكِلُ هَذَا التَّغَيُّرُ السَّرِيع تَحَدَّيَا كَبِيرًا، حَيْث يَتَطَلَّب مِنَ الْمُؤَسَّسَاتِ إعَادَة هَنْدَسَة عَمَلِيَّاتِهَا وَتَدْرِيبِ الْمُوَظَّفِين بِإسْتِمْرَار لِإسْتِيعَاب التِّكْنُولُوجْيات الْجَدِيدَةُ. إنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّكَيُّفِ بِسُرْعَةٍ مَعَ هَذِهِ التَّغْيِيرَات قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَرَاجُعِ الْمُؤَسَّسَة وَفِقْدَان مَيَّزَتْهَا التَّنَافُسِيَّة. مِنْ جِهَةِ أُخْرَى مَعَ التَّحَوُّلِ الرَّقْمِيّ وَزِيَادَة إعْتِمَاد الْمُؤَسَّسَات عَلَى التِّكْنُولُوجْيَا، تَزْدَاد الْمَخَاطِر السَّيبرانِيَة كَالِإخْتِرَاقَات وَ الْهَجْمِات الْإِلِكْتِرُونِيَّة. وَيَجِبُ عَلَى الْمُؤَسَّسَات إتِّخَاذ إجْرَاءَات أُمْنِيَة قَوِيَّة لِحِمَايَة بَيَانَاتٍهَا الْحَسَّاسَة وَالْحِفَاظِ عَلَى خُصُوصِيَّةِ الْعُمَلَاء. إخْفَاق الْمُؤَسَّسَاتِ فِي هَذَا الْجَانِبِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى خَسَائِرَ مَالِيَّة وَسُمْعِيَّة كَبِيرَةٌ. تُنْتِج الْمُؤَسَّسَات الْيَوْم كَمِّيَّات هَائِلَة مِنْ الْبَيَانَاتِ مِنْ مُخْتَلَفِ الْمَصَادِر، وَيُشَكِّل الِإسْتِفَادَة الفَعَالَة مِنْ هَذِهِ الْبَيَانَات تَحَدِّياً هَائِلًا. يَتَطَلَّبُ ذَلِكَ إمْتِلَاك الْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ وَالْكَفَّاءَات اللَّازِمَةِ لِتَخْزين وَتَحْلِيلِ هَذِه الْبَيَانَات وَإسْتِخْرَاج الْمَعْلُومَات الْقَيِّمَةِ مِنْهَا لِاِتِّخَاذ قَرَارَات إسْتِرَاتِيجِيَّة. عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى إدَارَةِ الْبَيَانَات الضَّخْمَة بِفَعَالِيَّة قَدْ يَحْرُمُ الْمُؤَسَّسَات مِنْ الِإسْتِفَادَةِ مِنَ هَذِهِ الْأُصُولِ الرَّقْمِيَّة. فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْهَدُ مَجَال التِّكْنُولُوجْيَا تَطَوُّرَاتٍ هَائِلَةٍ فِي مَجَالِ الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَالتَّعَلُّم الْأُلَي، وَاَلَّتِي تَمَكَّن الْمُؤَسَّسَات مِنْ تَحْسِينِ عَمَلِيَّاتِهَا وَتَقْدِيمُ تَجْرِبَة أَفْضَل لِلْعَمْلَاء. وَمَعَ ذَلِكَ، يُشْكِلُ تَبَّنِي هَذِهِ التِّقْنِيَّات تَحَدَّيَاً كَبِيرًا، حَيْث يَتَطَلَّب إسْتِثْمَارَات كَبِيرَةً فِي الْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ وَالْمَهَارَات اللَّازِمَةِ. كَمَا أَنَّ هُنَاكَ مَخَاوِف أَخْلَاقِيَّة وَتَنْظِيمِيَّة يَجِبُ مُعَالَجَتُهَا عِنْد تَطْبِيق الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ. فِي ظِلِّ التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ الْمُتَسَارِع، أَصْبَحْت الْمُؤَسَّسَات تَعْتَمِدُ عَلَى مَجْمُوعَةً مُتَنَوِّعَةً مِنْ الأَنْظِمَة وَالتَّطْبِيقَات لِإِدَارَةِ عَمَلِيَّاتِهَا. وَ يُشْكِلُ ضَمَان التَّكَامُل الْفِعَال بَيْنَ هَذِهِ الأَنْظِمَة تَحَدِّياً كَبِيرًا، حَيْث يَتَطَلَّبُ ذَلِكَ تَنْسَيقا وَتَخْطِيطٍا دَقِيقًا. عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَحْقِيقِ هَذَا التَّكَامُل قَدْ يُؤَدِّي إلَى إزْدِوَاجُيَة الْبَيَانَات وَ إنْخِفَاض الْكَفَاءَة التَّشْغِيلِيَّة. مَعَ التَّطَوُّرَات السَّرِيعَة فِي مَجَالِ التِّكْنُولُوجْيَا، تَحْتَاج الْمُؤَسَّسَات بِإسْتِمْرَارٍ إِلَى مُوَظَّفين مُؤَهَلِيّن وَمُتَمَكِّنٌيْن مِنْ إسْتِخْدَامِ التِّقْنِيَّات الْحَدِيثَة. وَيُمَثِّل تَطْوِير وَتَحْدِيث الْمَهَارَات التِّقْنِيَّة لِلْمُوَظَّفِين تَحْدُيا مُسْتَمِرًّا، حَيْث يَتَطَلَّب بَرَامِج تَدْرِيبِيٍّة مُتَّخَصِصَة وَجْهٍودا كَبِيرَةٌ مِنْ قِبَلِ الْإِدَارَة. إهْمَال هَذَا الْجَانِبِ قَدْ يُعِيق قَدْرة الْمُؤَسَّسَةِ عَلَى الِإسْتِفَادَةِ مِنَ التِّكْنُولُوجْيَا بِالشَّكْلِ الأَمْثَلِ. فِي الْخِتَامِ، تَوَاجَه الْمُؤَسَّسَات الْيَوْم مَجْمُوعَةٌ مِنَ التَّحَدِّيَات التِّكْنُولُوجِيَّة الْحَاسِمَة، وَاَلَّتِي تَتَطَلَّب مِنْهَا إتِّخَاذ خُطُوَات إسْتِبَاقِيَة وَ شَامِلَةٌ لِلتَّعَامُل مَعَهَا بِفَعَالِيَّة. إنْ الْقُدْرَة عَلَى التَّكَيُّفِ مَعَ التَّغْيِيرِ التِّكْنُولُوجْيّ السَّرِيعُ، وَتَعْزِيز الْأَمْن السَّيبراني، وَ إسْتِغْلَالُ الْبَيَانَات الضَّخْمَة، وَتَبَّنِي تِقْنِيَات الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ، وَتَحْقِيق التَّكَامُلَ بَيْنَ الأَنْظِمَة، وَتَطْوِير مَهَارَاتٍ الْمُوَظَّفِين. كُلُّ ذَلِكَ يُشْكِلُ رَكَائِز أَسَاسِيَّة لِنَجَاح الْمُؤَسَّسَاتِ فِي بِيئَة الْأَعْمَال الْمُعَاصِرَة.

_ هَلْ يُمْكِنُ أَنْ تَتَجَاوَزَ التِّكْنُولُوجْيَا الْإِنْسَانِ؟

مَعَ التَّطَوُّر الْمُتَسَارِع فِي التِّكْنُولُوجْيَا، خَاصَّةً فِي مَجَالَاتِ الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ وَ الرُّوبُوتَات وَالتِّكْنُولُوجْيَا الرَّقْمِيَّة، هُنَاك مَخَاوِف مُتَزَايِدَةً مِنْ أَنَّ هَذِهِ التَّطَوُّرَات قَدْ تَتَجَاوَزُ قُدُرَاتِ الْإِنْسَانِ وَتَهْدد وُجُودُهُ. مِنْ النَّاحِيَةِ النَّظَرِيَّة، يُعْتَبَرُ هَذَا السِّينَاريو مُمْكِنًا. وُجُود تِكْنُولُوجْيَا مُتَطَوِّرَة بِشَكْلٍ كَبِيرٍ وَ قَادِرَةً عَلَى التَّعَلُّمِ وَالتَّحْسِين الذَّاتِيّ مِثْل الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ الْفَائِق يُمْكِنُ أَنْ تَصِلَ إلَى مَرْحَلَةِ تَتَخَطَّى فِيهَا قُدُرَات الْبَشَر الْعَقْلِيَّة وَالْجَسَدِيَّة. وَفَقَاً لِخَبَراء فِي هَذَا الْمَجَالِ، هُنَاك عِدَّة مُظَاهِر لِهَذَا التَّجَاوُز الْمُمْكِنِ. إذَا تَمَكَّنَتْ آلَةٍ مِنْ الْوُصُولِ إلَى مُسْتَوَى ذَكَاء يَتَخَطَّى الذَّكَاء الْبَشَرِي فِي المَهَامّ الْعَامَّةِ، فَقَدْ تُصْبِحُ قَادِرَةً عَلَى إجْرَاءِ تَحْسِينًات ذَاتِيَّةٌ مُتَسَارِعَة، مِمَّا قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَطْوِيرٍ نَفْسِهَا بِشَكْلٍ أسْرَعَ بِكَثِيرٍ مِنْ الْبَشَرِ. وَهَذَا قَدْ يَجْعَلُهَا قَادِرَةً عَلَى إنْجَازِ المَهَامّ الَّتِي يَرَاهَا الْبَشَر مُسْتَحِيلَة. إذَا تَمَكَّنَتْ التِّكْنُولُوجْيَا مِنْ نَقْلِ الْوَعْيِ الْإِنْسَانِيِّ إِلَى وَحَدَات إلِكْتِرُونِيَّة أَوْ شَرَائِح كَمَبِيُوتَر، فَقَدْ يَتَمَكَّنُ الْعَقْلِ الْإِنْسَانِيِّ مِنْ الْعَيْشِ إلَى الْأَبَدِ، حَتَّى بَعْدَ وَفَاةِ الْجَسَدِ. وَهَذَا قَدْ يَنْشَأُ عَنْهُ تَحَوُّلَات جِذْرِيَّة فِي طَبِيعَةِ الْوُجُودِ الْبَشَرِيِّ. كَمَا أَنَّ التَّقَدُّمِ فِي تِكْنُولُوجْيَا إطَالَةُ الْعُمْرِ وَإِبْطَاء الشَّيْخُوخَة قَدْ يُؤَدِّي إلَى فَجْوَة مُتَزَايِدَة بَيْنَ قُدُرَاتِ الْبَشَر وَالْآلَات، إذَا لَمْ تَتَمَكَّنْ الْبَشَرِيَّةِ مِنْ مُجَارَاة هَذَا التَّقَدُّمِ التِّكْنُولُوجْيّ. وَمَعَ ذَلِكَ، هُنَاكَ أَسْبَابٌ لِلتَّفَاؤُل أَيْضًا. فَالْتِكْنُولُوجْيَا هِيَ فِي الْأَسَاسِ أَدَّاة خَلَقَهَا الْإِنْسَان لِتَسْهِيلِ حَيَاتِهِ وَزِيَادَة قُدُرَاتِه. بِالتَّالِي، مِنْ الْمُرَجِّحِ أَنَّ تَظَلُّ البَشَرِيَّةُ قَادِرَةً عَلَى تَوْجِيهِ وَ ضَبَط التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة لِخِدْمَة مَصَالِحِهَا. عِلَاوَةً عَلَى ذَلِكَ، هُنَاكَ مَخَاوِف أَخْلَاقِيَّة وَقَانُونٍيَّة حَوْلَ السَّمَاح لِلتَّكْنُولُوجْيَا بِتَجَاوُزِ الْإِنْسَانِ، مِمَّا قَدْ يُجْبَرُ الْبَشَرِ عَلَى وَضْعِ ضَوَابِط وَ أَنْظِمَة لِضَمَان بَقَاءِ الْإِنْسَانِ فِي الْمَرْكَزِ. فِي النِّهَايَةِ، سَيَتَّوقف الْأَمْرُ عَلَى قَدْرة الْبَشَرِيَّةُ عَلَى إدَارَةِ التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة بِحِكْمَة وَتَوَازُن. فَإِذَا نَجَحَت الْبَشَرِيَّةِ فِي تَوْظِيفِ التِّكْنُولُوجْيَا بِمَا يَخْدُم مَصَالِحِهَا وَيُحَافِظُ عَلَى كَرَامَتِهَا وَحُرِّيَّتِهَا، فَإِنْ إحْتِمَاليَّة تَجَاوَزَ الْإِنْسَانُ مِنْ قِبَلِ التِّكْنُولُوجْيَا سَتَكُون ضَئِيلَة.

_ التَّكَيُّف الْإِنْسَانِيّ مَع التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة

التَّكَيُّف مَع التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة المُتَسَارِعَة هُو تُحَدّ كَبِير يُوَاجِهُ الْإِنْسَانُ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ. يَتَطَلَّب الْأَمْر إعَادَةِ النَّظَرِ فِي طُرُقِ تَفَكَّيرِنَا وَأَنْمَاط حَيَاتِنَا لِنْتَمكن مِنْ إسْتِيعَابِ هَذِه التَّغْيِيرَات بِشَكْل فَعَّال. عَلَيْنَا أَنْ نُدْرِكَ أَنَّ التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ عَدُوٌّ يَنْبَغِي مُحَارَبَتِه، بَلْ بِإعْتِبَارِه فُرْصَة لِتَحْسِين نَوْعِيَّة حَيَاتِنَا. فَالْتِكْنُولُوجْيَا تَمَكُّنِنَا مِنْ الْقِيَامِ بِالْمُهَامّ بِسُرْعَةٍ وَكَفَاءَة أَكْبَر، وَتفْتَح لَنَا آفَاقَا جَدِيدَةٍ لِلتَّوَاصُل وَالتَّعَلُّم وَالتَّرْفِيه. وَمَعَ ذَلِكَ، يَجِبُ أَنْ نُدْرِكَ أَيْضًا أَنَّ التِّكْنُولُوجْيَا لَا تَحِلُّ مَحَلّ الْعَلَاقَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالتَّفَاعُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ. فَالتَّوَازِن بَيْنَ الِإسْتِفَادَةِ مِنَ التِّكْنُولُوجْيَا وَ الْحِفَاظِ عَلَى الْجَوَانِبِ الْإِنْسَانِيَّةِ فِي حَيَاتِنَا أَمَرَ بَالِغٌ الْأَهَمِّيَّة. وَ هَذَا يَتَطَلَّب مِنَّا أَنْ نَتَعَلَّمَ كَيفِيَّةَ إِدَارَةِ وَقْتِنَا بِشَكْل فَعَّال، وَ الْحِفَاظِ عَلَى حُدُودِ صِحِّيَّة بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْحَيَاة الشَّخْصِيَّة. لِلتِّكيف مَعَ التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة المُتَسَارِعَة، هُنَاكَ بَعْضُ الْمَهَارَات الْأَسَاسِيَّةَ الَّتِي يَجِبُ تَنْمِيَتِهَا. أَوَّلًا؛ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّكَيُّف مَعَ التَّغْيِيرِ وَالتَّفْكِير بِشَكْل إِبْدَّاعِي فِي حَلِّ الْمُشْكِلَات الْجَدِيدَة. فَالْمُرُونَة وَ الْقَابِلِيَّةُ لِلتَّغْيِير هِيَ مِفْتَاحَ النَّجَاحِ فِي عَالَمِ مُتَغَيِّر بِإسْتِمْرَار. ثَانِيًا؛ التَّعَلُّم الْمُسْتَمِرَّ، فِي عَصْرِ الْمَعْلُومَات السَّرِيعُ التَّغَيُّرِ، يَجِبُ أَنْ نَكُونَ عَلَى إسْتِعْدَادِ دَائِم لِلتَّعَلُّم وَالتَّطَوُّر. فَالتَّعَلُّم الْمُسْتَمِرّ وَ تَحْدِيث الْمَهَارَات أَمَر حَيَوِيّ لِلْبَقَاء مُلَائِمِين فِي سُوقِ الْعَمَل. ثَالِثًا الذَّكَاء الِإجْتِمَاعِيّ. الْقُدْرَةِ عَلَى التَّوَاصُلِ وَالتَّعَاوُن بِفَعَالِيَّة مَعَ الْآخَرِينَ. فَالْتِكْنُولُوجْيَا قَدْ تَعَزُّز التَّوَاصُل الرَّقْمِيّ، وَلَكِنْ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَحِلَّ مَحَلّ التَّفَاعُل الشَّخْصِيّ وَ الْعَلَاقَاتِ الْإِنْسَانِيَّة. بِالتَّرْكِيز عَلَى تَنْمِيَةِ هَذِه الْمَهَارَات، سَيَتَمَكَّن الْإِنْسَانِ مِنْ التَّكَيُّف بِشَكْل أَفْضَلُ مَعَ التَّطَوُّرَات التِّكْنُولُوجِيَّة المُتَسَارِعَة وَإسْتِغْلَالُهَا بِفَعَالِيَّة لِتَحْسِينِ نَوْعِيَّة حَيَاتِه.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فَلْسَفَةُ التِّكْنُولُوجْيَا : -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- التِّكْنُولُوجْيَا
- أَخْلَاقِيَّات الْبَحْثُ الْعِلْمِيّ
- أَخْلَاقِيَّات الْإِعْلَام
- الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة :-الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- الْأَخْلَاقِ الطِّبِّيَّة
- الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة
- البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
- البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الثَّانِي-
- البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
- الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي فَلْسَفَةِ الِإخْتِلَاف
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : رِهَان الدِّرَاسَات المُسْتَقْبَلِ ...
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَحَدِّيَات الْعَوْلَمَة
- الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : أَسَاسِيًّات التَّقَدُّمُ
- الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : إنْتِقَادَات مَا بَعْدَ الْحَدَاثَة ...
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَسَاؤُلَات الْحَدَاثَةِ
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَشْكِيلَات الْحَضَارَةُ
- الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْمَنْظُور الْفَلْسَفِيّ التَّارِي ...
- الْعِلْم وَالْأَخْلَاق: رَمَزَيات الْمَيثولُوجْيَا


المزيد.....




- فيديو متداول لقيام -داعشي- بأعمال تخريب في كنيسة بإيطاليا.. ...
- من هم أبرز المرشحين لخلافة منصب البابا فرنسيس.. مراسل CNN يت ...
- البيت الأبيض: ترامب يزور السعودية وقطر والإمارات شهر مايو ال ...
- خبير إسرائيلي: لبنان لا يزال ضعيفا للقيام بخطوة جريئة نحو ال ...
- بوتين: هناك قوى في الغرب تسعى الآن لاستعادة العلاقات مع روسي ...
- بنعبد الله يستقبل وفداً روسياً برئاسة السيد فياتشيسلاف كارتو ...
- أمريكا - جامعات تتحد لمواجهة سياسات ترامب تجاه التعليم العال ...
- غزة.. مجاعة واستهداف للعمل الإنساني
- ترامب يجري محادثة هاتفية مع نتنياهو
- إعلام عبري يكشف تطورات جديدة لمقترح وقف حرب غزة لـ 7 سنوات


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - فَلْسَفَة التِّكْنُولُوجْيَا: -الْجُزْءِ الثَّانِي-