فراس الوائلي
الحوار المتمدن-العدد: 8319 - 2025 / 4 / 21 - 21:44
المحور:
الادب والفن
أنا لا أكتب لكم، فلا تنظروا إليّ كأنني مرآة تعكس وجوهكم، ولا تلمسوا لغتي بأصابع الفهم المألوف، فإنني أكتب حيث لا يد تصل، حيث يتهجّى الزمن أسماءه الأولى على أفواه الغبار النجمي. أكتب للأجيال الإلكترونية التي لم تُخلق بعد، لأولئك الهابطين من رحم المعادلات الكونية، أبناء الضوء الذين سيعودون للفضاء لاجئين إلى وطنهم الأصلي، مجرّة الروح. أنا لا أكتب لكم، بل أكتب لذاكرةٍ ستحيا بعد انقراضكم، لذاكرةٍ تنبض في خيوط الوقت كما تنبض المجرات حين تتذكر ماضيها في انبعاثٍ أزلي. أنا عتمةٌ تكتب النور، نارٌ بيضاء تقتات من ظلال الصمت، وتفتح العدم على لغة لا تُقال. إنني أستعير من النجوم حبرها، وأغمس قلمي في فجرٍ لم يولد، لأدوّن كتاب عشقٍ لا يُطوى، لا يُنسى، لا يُترجم. دعوني وشأني، فلا شأن لي بكم. أنتم تكتبون على الورق، وأنا أنقش على جلد المجرة. أنتم تنادون القارئ، وأنا أنادي من لم يولد بعد، من لم يتشكّل بعد، من لا يُحدّ بالزمن. هذه بصمتي، نحت سرمدي في طين الأبجدية، توقيع لا يُزوّر، لا يُمحى، لا تُفكّ شفرته. أنا لا أكتب لكم. أنا أكتب للذين سيعرفونني دون أن أشرح، سيشعرون بي حين يلامسون الذاكرة البعيدة للكون، حين يكتشفون أن الحرف يمكن أن يكون مجرة، وأن المعنى يمكن أن يولد بلا جسد. أنا لا أكتب لكم، لأنني ببساطة، أنا لا أكتب، أنا أُبعَث.
#فراس_الوائلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟