أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد خريف - الكَذب والسّرقة في الهامش الرّوائي العربيّ الحديث















المزيد.....

الكَذب والسّرقة في الهامش الرّوائي العربيّ الحديث


محمد خريف

الحوار المتمدن-العدد: 8319 - 2025 / 4 / 21 - 15:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


رَغْمَ صُعُوبَةِ الْحَدِيث عَنْ وُجُودِ خِطَاب رِوَائيّ عربيّ حديث أو وُجُود سِيميائيّة له حَديثة، فإنّه يُمْكِنُ المُجَازفة في الْقَول بِوُجود مُحَاوَلاَت هامشيّة في السّرْد العربيّ مُنْذُ القَديم تسعى إلَى الشّذوذ عن نَصِّ المِحْور نصّ اللاّرواية و اللاّسيمياء المعروف بنصّ الذّكر والبَيان أي نصّ "الفُرقان المُبين" وماماثله من نصوص"الدوكسا" التي لا تقبل في الظاهر التّعدّد والاِخْتلاف والدّخيل و المُحَاكاة السّاخرة وغَيْرها من أسَاليب الرّواية الحديثة بِاعْتِبارها مظْهَرا من مَظاهر النّشاط السّيميائيّ الحديث القاطع مع السيميا باعتبارها علم أسرار الحروف. وهوالعلم الّذي لا يزال غريبا عن الذّائقة الثقافية العربيّة الإسلاميّة ثقافة السّرد الدائريّ لااللّولبيّ، وإن كانت تلك المُحاولات الهامشيّة ولا تزال واقعة تحت ضغط الشدّ إلى ما يُعرف بسطوة التّسمية التي تحوّل الوُجود إلى ماهية ممّا يجعل تلك المُحاولات شبيهة بتنطّع صرخة الإجهاض في بئرالأمّية العرفانيّة العميقة و محيطها الثقافيّ غير محيط السّلبانيّة الحديث حيث القطيعة الابستمولوجية مع كل مايمت بصلة إلى نصّ الميتافيزيقيا نصّ اللاّوجود الأوْحد ماحي الذّات من خصائصها الطبيعيّة كذبا وسرقة وهو نصّ له من القدسيّة مالا يجرؤ أحد من المؤمنين به على نسبته إلى "سارق أعظم" مقدّس كما جرُؤَ أرتو في "الكلام المنفوث"حسب قراءة درّيدا وذلك لخُلوّ ثقافة فقه العلامات من مفارقات علم السّيمياء الحديث وبعدها عن إرهاصات التّجريب المختلف ومحنه لاسيّما في الرّواية السّلبانيّ الحديثة وما تجرّأت على تحدّيه من تابوهات الدين والأخلاق والسياسة فتجاوزت تجاوز تناصّ التحدّي (البارودي) صراحة ودون تقيّة في نطاق مغامرات التجريب السّلبانيّ العارف الواعي وعي المحنة. وهو تجريب كان لعدواه أن تتجاوز الحدود والآفاق ولو من باب المُحاكاة أو مواكبة الموضة أو حتى التأثر بتنظيرات الفلسفة الغربيّة القائلة بحتميّة "الوُجود يسبق الماهية" ويمثلها سارتر ومن لفّ لفه وَإن لم يكن ذلك التّاتر بالضّرورة تأثرا مباشرا بفلسفة التفكير الوجودي المادّي ولا بالسّلبانية المادّية عن طريق فلاسفة الغرب أدبائه الوجوديين وإنما هو تأثر ناتج عن وعي ثقافيّ وجوديّ منذ القدم بأهمّية الهامش الذي لا تخلو منه المدوّنة السّرديّة العربيّة لاسيّما مع الخبر في النادرة والمقامة والرّواية العربيّة الحديثة حيث الاِنخراط الهامشيّ في سَرد المُفارقة وأساسه سرد المحاكاة السّاخرة ومادّته اللفظ الدّخيل واللقيط بل البذيء فالغريب والحواشي،فكان الشاذ المحوّر الناسخ الممسوخ من عبارات السّوقة وعابري السّبيل وغيرهم من عُشاق الهامش الرّوائي العربي الحديث بمايعرف بإبداع كتابة السّرقة والكذب ومايوفّره من امكانيات الهوَس الرّاوئي الناطق بلسان المتكلّم يهذي بالحميميّ ماسخا ممسوخا متذرّعا بذرائع الكذب والسّرقة لبناء فُسح من الخيال المجنّح المفارق لتوصيات "أيْتيقا" أدَب التّأديب وتبريراته.لذا كان لأدب الهامش حُضُور لافت لاسيّما في كتابات الأدب المغربيّ الناطق بالفرنسية أو العربيّة مع الطّاهر بن جلّون في رواتيه* : "الليلة المقدّسة"و "ليلة الخطأ أو "الغلطة**" كما كان الأمر مع محمد شكري في "الخبز الحافي" وعبد الحميد عبّود في "سبعة أودية" ولعلّ المدوّنة العلاماتيّة محمّد شكري بما أُوتِيت في الخبز الحافي من حضورمكثّف لعلامات "السّرقة والكذب" تجسّدها وما تصنعه تلك العلامات المتشظية أحيانا بالدّخيل والعامي من مشاهد الجنس الملتهبة بسعير اللذّة الشبقيّة الشاذة ممزوجة بوهج لذة المخدّرات والبورديل حيث علامات السّرقة مهيمنة على نصّ الرّواية فلم تعد شبهة أو تهمة منكرة توجّه إلى الغير وإنما صَارت ضرورة عيْش الانا وعزم تسويفه للقريب في محيط الفقرو البطالة والدّعارة والاستغلال:
" سأسرق كل من يستغلني حتى لو كان أبي وأمي . هكذا صرت اعتبر السرقة حلالا مع أولاد الحرام ." (ص 30)
وماالتسويف للقريب إلاّ شارة أسْلوب تشرّع للآنيّ وليد اللحظة والحاجة الملحّة لاِمْتهان السّرقة والتسوّل و إن كانت السّرقة أوْلى من التسوّل وتلك حكمة يستلهمها الرّاوي أو يستنبطها من قول السيناوي ابن السبيل : "سأسرق و أتسول ، لكنني ابن السادسة عشرة، السيناوي كان على حق: "التسول مهنة الأطفال والشيوخ العجزة . عيب أن يتسوّل شاب قادر على السّرقة إذا لم تجد العمل " هكذا قال لي. ( ص 103)
وتلتحم علامة السرقة بعلامة الكذب في مواقع من الرّواية
" انك تذكرني بجميع الكذابين.إنها لا تتركك في الدكان لأنك تسرقها وتشاكسها " ص93 *
والسّرقة يجيزها الاِستغلال الاقتصاديّ ولو كان ذلك الاستغلال من العَرف(البطرون) أو حتى من والدي المتكلّم وفي هذا إحالة إلى جدل الفكر الماركسي الذي يجعل الاستغلال سرقة بقانون لذلك فالسّرقة المنبوذة من المنظومة الرأسمالية وقيمها البورجوازيّة المدعومة بآداب التأديب تصير محمودة عند راوي محمّد شكري على لسان الأنا الطّفل في الخبز الحافي كما كانت السّرقة محمودة عند الشّعراء الصّعاليك ومن لفّ لفهم وهم يسرقون من اجل الأخذ بثار الفقراء المسروقين المحرومين بشرع زائف وهو ما يسعى تيّار الواقعيّة الاشتراكية في الرّواية العربيّة المُعاصرة إلى مناوءته بفضحه إذ "خلف كل ثروة كبيرة ،جريمة كبيرة" كما بلوره بلزاك في عبارته الشهيرة، وأصبح من بعده ديدنا لكافة الباحثين المعاصرين" وجاء مُضَمّنا في رواية "اللجنة" لصنع الله إبراهيم (ص98) وما الجريمة الكبيرة إلى سرقة كبيرة تروجها كذبة كبيرة تضمنها الشرائع والأديان الداعمة الحامية للسّرقة والكذب بقوانين الشّرع وما تدعمه من سلط قائمة على تعاليم "طاعة أولي الأمرمنكم" .وهكذا فالكذب والسّرقة تحميهما قوانين الشرّع من ناحية وتدينهما من ناحية أخرى وفي ذلك مُفارقة القيام بالأمر وضدّه الآن هنا" وهي مفارقة يؤدّي الوعي السيميائيّ بها إلى الانخراط في مشروع السّلبانيّة الأدبية وشارتها الاِنحراف العلاماتيّ السّردي في الخبر الرّوائي ومنه سرد علامات الخبز الحافي لمحمّد شكري حيث يُتيح الإمكان السّيميائيّ للرّاوي السّارد أن يخترق المعهود، معهود سرد الفقه الذي يكرّم الأبوّة ولا يتمرّد عليها –و إن كانت سارقة كاذبة وطاعة الوالدين من طاعة الله ورسوله والمؤمنين وما على أدبائه إلاّ أن التزموا بالسّير على خُطى رُواة الحديث والسّنة في رواية السّرد والالتزام بمراسمه في العنعنة والسّند الصّحيح في نطاق الدّعوة إلى نشر الفضائل ومنها البرّ بالوالدين بنشر آداب النهي عن العقوق والأمر بالطاعة ولو بالذكر الطيّب.
هوامش :
*Tahar Ben Jalloun : La nuit sacrée, éditions du Seuil 1987
-La nuit de l’erreur, éditions du Seuil 1997ورد للطباعة والنشر والتوزيع. دمشق - 1998**- **ترجمة روز مخلوف
** محمد شكري: الخبز الحافي دار الساقي الطبعة الرابعة 1999
**Mohamed chokri :présenté et traduit de l’arabe par Tahar B Jalloun, éditions Librairie François Maspéro,1980
***صنع الله إبراهيم : اللجنة – دار الجنوب للنشر –تونس1989



#محمد_خريف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكذب والسّرقة من عدوى السّلبانيّة الأدبيّة إلى واقع التّجربة ...
- الاسم من أسلوبيّة الجاحظ إلى سلبانيّة سرفنتس
- في الاسم وتحوّلاته من قرينة نحو خبريّ إلى شفرة نحو إنشائيّ
- الاسم وتداولاته من سرد -الكتاب- إلى سرد الرّواية
- الاسم من كلمة تنوير إلى شارة تثوير
- الاسم من فقه التوقيف إلى سيميائيّة الإفادة
- في علاقة الكذب والسّرقة بالتسمية
- الكذب والسّرقة من تبسيط السّيميا إلى تعقيد السّيميائيّة
- لتّجريب الرّوائيّ ومولد السلبانيّة الأدبية الحديث
- في السّلبانيّة الأدبيّة وخدعة القائم مقام
- من أكاذيب عصر النّهضة وسرقاته
- في سيميائيّة الكذب الأدبيّ وسرقته
- الكذب والسّرقة من خلافة الكلمة إلى إمبراطورية العلامة
- التحوّلات الإنشائيّة العميقة وأثرها في تحوّل مفاهيم الكذب وا ...
- بصمات الكذب والسّرقة من خلال نسخ الترجمان ومسخه
- في علاقة الكذب والسرقة بالترجمة
- في علاقة الكذب والسّرقة بالكلام
- الكلام المسجوع من بيان وَحْي صادق أمين إلى علامة كاذبة سارقة
- السّجع من سرقة إيقاع الفطرة الصوتيّة وكذبهاإلى سرقة إيقاع ال ...
- الكذب والسّرقة من سجع القرءان إلى سجع الكهّان


المزيد.....




- طيّارو البحرية الأمريكية..مهارات عالية وأدمغة تعاني
- خطة أممية غير مسبوقة بـ1.3 مليار دولار لإعادة إعمار سوريا
- ماذا بعد وفاة البابا؟ وما هي طقوس انتخاب الحبر الأعظم الجديد ...
- الدفاع الروسية: تحييد 50 مقاتلا أوكرانيا بعد استئناف القتال ...
- مهمة -بانش- الشمسية تلتقط مشاهد خلابة لـ-الفجر الكاذب-
- صحة غزة: 51.240 قتيلا حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على قطاع ...
- مشاهد لنتنياهو خلال حفل حنة قبل زفاف نجله تشعل الجدل في إسرا ...
- من هم أبرز المرشحين لخلافة البابا فرنسيس؟
- مصدر يتحدث عن اللحظات الأخيرة قبل وفاة البابا فرنسيس
- البابا الراحل فرنسيس... أول بابا يسوعي وأمريكي جنوبي في التا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد خريف - الكَذب والسّرقة في الهامش الرّوائي العربيّ الحديث