ابو يوسف الغريب
كاتب وشاعر
(Zuhair Al Shaibani)
الحوار المتمدن-العدد: 8319 - 2025 / 4 / 21 - 11:57
المحور:
الادب والفن
قواميس مشفّرة .
(الدفتر الحادي عشر)
منذ أن بدأت أتكلم،
أخبروني أن الكلمات ليست لي،
بل ملكية عامة
يجب استخدامها حسب اللائحة
وعدم الخروج عن “النصّ المعتمد من الوزارة”.
كلما حاولت أن أكتب “أحبّك”
توقّفت أصابعي عند حرف الحاء،
تذكّرت أن هذا الحرف مطلوبٌ أمنيًا
لاستخدامه سابقًا في مفردات مثل:
حريّة، حلم، حنين.
أرادت أمي أن تعلّمني أسماء الأشياء،
فأشارت إلى الباب وقالت:
“خروج”
وأشارت إلى النافذة وقالت:
“خطر”
ثم وضعت يدها على قلبي،
وسكتت…
لأن الترجمة كانت محجوبة.
أبي كتب لي أول مرة:
“تكلّم، ولكن لا تقل كل شيء.”
لذا أصبحتُ أتحدّث بجمل ناقصة،
أتفنن في الصمت كما يتفنن الخطباء في البلاغة،
وأخترع لغتي الخاصة:
أنظر إلى السماء حين أريد أن أقول “أشتاق”،
وأغمض عيني حين أقول “كفى”.
في المدرسة،
كان المعجم أكبر من الحقائب،
لكنه لا يحتوي على كلمة واحدة تشرح لماذا نبكي
عندما نقرأ شيئًا لا نفهمه… لكنه يشبهنا.
في الليل،
أفتح قاموسي المهترئ،
وأبحث عن كلمة تنقذني،
لكن الصفحات مشفّرة
بحبر قديم…
وكل كلمة تقول لي:
“النجاة… ليست لغوية.”
خاتمة:
اللغة سجن نبيل،
جدرانه مصنوعة من شعراء كبار
وأقفالُهُ حروف صامتة.
وأنا،
مجرّد همسة تهرب بين الأقواس.
#ابو_يوسف_الغريب (هاشتاغ)
Zuhair_Al_Shaibani#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟