احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8318 - 2025 / 4 / 20 - 23:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في العقد الأخير من القرن العشرين، حوالي عام 1999، وقفت بروكسل، عاصمة بلجيكا ومركز الاتحاد الأوروبي النابض، أمام لحظة تاريخية لم تكن للاحتفاء بالتقدم أو الثقافة، بل لمواجهة شبح ماضيها الاستعماري الدموي. في معرض صور استثنائي، عُرضت للعامة لقطات مروعة لأطفال من الكونغو، أيديهم مبتورة، وجوههم تحمل صدمة تتجاوز حدود الزمن. تلك الصور، التي التقطت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كانت شاهدة على وحشية الاستعمار البلجيكي، حيث قُطعت أيدي الأطفال كعقوبة لأن آباءهم لم يجمعوا ما يكفي من المطاط لإرضاء جشع الرأسمالية الأوروبية. لم تكن تلك الصور مجرد وثائق تاريخية، بل كانت صرخة مدوية، تعكس جرحًا لم يندمل، جرحًا يتردد صداه اليوم في عيون أطفال غزة، الممزقة أجسادهم تحت قصف الاحتلال الصهيوني، الجائعين تحت حصار تفرضه تلك البروكسل ذاتها، عاصمة الرأسمالية الخاضعة للعولمة المتوحشة.
كانت بروكسل، في تلك اللحظة من عام 1999، تواجه ماضيها بمزيج من الصمت والإحراج. الصور التي عُرضت لم تكن جديدة، لكن عرضها في قلب عاصمة الاتحاد الأوروبي، في زمن بدا فيه العالم يتغنى بالحرية وحقوق الإنسان، كان بمثابة اتهام صامت. تلك الأيدي المبتورة، تلك العيون البريئة المصدومة، لم تكن تنتمي إلى زمن مضى فحسب، بل كانت تذكيرًا بأن بروكسل التي خططت لإبادة عشرة ملايين كونغولي من أجل المطاط هي نفسها بروكسل التي تقف اليوم، بمؤسساتها الرأسمالية، متفرجة على إبادة شعب غزة. من قصور ليوبولد الثاني، الذي لم يزر الكونغو يومًا لكنه أدار من مكتبه في بروكسل واحدة من أكبر جرائم الإبادة، إلى مكاتب الاتحاد الأوروبي الزجاجية، التي تصدر قرارات تجويع الفلسطينيين، تتجلى استمرارية التوحش الاستعماري.
في عام 2024، انضمت دول الاتحاد الأوروبي – ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، وبريطانيا (رغم خروجها من الاتحاد) – إلى حملة إسرائيلية لقطع التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بدعوى مفبركة أن بعض موظفيها مرتبطون بالمقاومة الفلسطينية. كانت التهمة، التي لم تُدعم بدليل، وكأن هؤلاء الموظفين، أبناء غزة أنفسهم، جاؤوا من الفضاء الخارجي، وليسوا جزءًا من شعب يقاوم احتلالًا مستمرًا منذ عقود. هذا القرار، الذي صدر من بروكسل وباريس ولندن، لم يكن مجرد إجراء إداري، بل كان جزءًا من استراتيجية ممنهجة لتجويع شعب غزة، لكسر إرادته، ولدعم الكيان الصهيوني في حربه الإبادية. إن بروكسل التي استضافت معرض صور أطفال الكونغو المبتورة أيديهم عام 1999 هي نفسها بروكسل التي تقف اليوم متواطئة أمام جوع أطفال غزة، مُبررة حصار الغذاء باتهامات لا أساس لها.
ننظر إلى صور أطفال غزة اليوم، تحت أنقاض القصف الصهيوني، بأجساد ممزقة ووجوه تحمل الرعب ذاته الذي حملته عيون أطفال الكونغو في تلك الصور القديمة. إنها ليست مصادفة، بل تكرار لمنطق استعماري يرى في الشعوب المقاومة تهديدًا يجب القضاء عليه. من الكونغو، حيث قُتل الملايين لأجل المطاط، إلى غزة، حيث يُقتل عشرات الآلاف لأجل الهيمنة الصهيونية-الأمريكية، يتكرر السيناريو ذاته: شعوب تُذبح لأنها تجرأت على الحلم بالحرية.
في قلب هذه القصة، يقف باتريس لومومبا، الزعيم الكونغولي الذي تحدى الاستعمار البلجيكي بخطابه الشهير في يوم الاستقلال عام 1960، حين رفض الرواية الاستعمارية وطالب بحرية شعبه. كان مصيره الإعدام الوحشي، إذابة جسده في الحمض، والاحتفاظ بسنّه كتذكار مريض لدى ضابط بلجيكي، كما لو كان لومومبا فريسة صيد. لكن القصة لم تنته عند هذا الحد. في لحظة مشرقة من التاريخ، مدّت مصر جمال عبد الناصر يدها لتنقذ زوجة لومومبا وأطفاله بعملية مخابراتية نفذتها القوات المصرية بجوازات سفر وهمية وتنسيق دقيق. لم تكن تلك العملية مجرد إنقاذ لعائلة، بل كانت تأكيدًا على قدرة الشعوب العربية على التضامن، على المقاومة، وعلى بناء مستقبل يتحدى التوحش الاستعماري.
لكن هذا التوحش لم يتوقف. في السودان اليوم، حيث قُتل أكثر من مئة وخمسين ألف مدني خلال السنتين الماضيتين، وانتشر الاغتصاب كسلاح حرب، نرى نفس اليد الاستعمارية، لكن بأدوات جديدة. الإمارات وقطر، تلك المحميات الخليجية التي تهرع للتطبيع مع الكيان الصهيوني، تمولان الصراعات وتغذيان الحروب الأهلية، بينما تتفرج بروكسل ولندن وواشنطن في صمت. إنها نفس الاستراتيجية التي استخدمت في الكونغو: إضعاف الشعوب، تقسيمها، واستغلال مواردها. وفي غزة، حيث يُحاصر الغذاء والدواء تحت ذريعة "مكافحة الإرهاب"، نرى بوضوح كيف تتكرر جرائم الكونغو، لكن في عصر الصورة، حيث لا يمكن للغرب إخفاء جرائمه بعد الآن.
إن بروكسل التي استضافت معرض صور أطفال الكونغو عام 1999، كمحاولة للتكفير عن ماضيها أو ربما للتظاهر بالندم، هي نفسها بروكسل التي تدعم اليوم، بمؤسساتها الرأسمالية وخضوعها للعولمة المتوحشة، إبادة شعب فلسطيني. إنها بروكسل التي تقف وراء قرارات تجويع غزة، وتتجاهل صرخات أطفالها، كما تجاهلت صرخات أطفال الكونغو قبل قرن من الزمان. لكن هذه المرة، العالم يراقب، والصور تتحدث، والشعوب العربية والإفريقية لم تعد صامتة.
إن قصة الكونغو، من الأيدي المبتورة إلى إذابة جسد لومومبا، ليست مجرد فصل في كتاب التاريخ، بل تحذير حي للشعوب العربية والإفريقية. غزة اليوم، والسودان، هما امتداد لهذا التوحش الذي يتغذى على الربح والسيطرة. إن القضاء على المحميات الخليجية – قطر، السعودية، الإمارات – وتركيا إردوغان، والكيان الصهيوني، ليس خيارًا، بل ضرورة لاستعادة الكرامة الإنسانية. وكما أنقذت مصر عائلة لومومبا، فإن على الشعوب العربية أن تتحد لإنقاذ نفسها وإخوانها في غزة والسودان.
الفصل الأول: الكونغو تحت الاستعمار البلجيكي – إبادة من أجل المطاط
في قلب إفريقيا، حيث تتشابك الأنهار العظيمة مع الغابات الكثيفة، كانت الكونغو، بأرضها الخصبة وشعبها المسالم، تحمل في طياتها ثروة لم تكن تعلم أنها ستتحول إلى لعنة. في أواخر القرن التاسع عشر، حين بدأت عجلات الثورة الصناعية في أوروبا تدور بسرعة متزايدة، تحولت هذه الأرض إلى مسرح لأبشع فصول الاستعمار، فصل كتبته بلجيكا بدماء عشرة ملايين كونغولي، ليس من أجل الحرية أو الحضارة، بل من أجل المطاط، تلك المادة التي أصبحت شريان الحياة لصناعة السيارات والدراجات في أوروبا. لم يكن هذا الدم المسفوك مجرد نتيجة للجشع، بل كان تعبيرًا عن منطق الرأسمالية المتوحشة التي لا ترى في الإنسان سوى أداة للإنتاج، ولا ترى في الأرض سوى مورد يُستنزف.
بدأت القصة في عام 1885، حين اجتمع رجال الدول الأوروبية في برلين، في مؤتمر لم يكن هدفه سوى تقسيم إفريقيا كما يُقسم الميراث. في تلك الغرف المزينة بالثريات، حيث تصافحت الأيادي وكُتبت الاتفاقيات، قرر ليوبولد الثاني، ملك بلجيكا، أن الكونغو ستكون ملكه الخاص. لم يكن الكونغو، في نظره، دولة أو شعبًا، بل مزرعة شاسعة يملكها بموجب قرارات المؤتمر. لم يطأ قدميه أرض الكونغو يومًا، لكنه أدار من مكتبه في بروكسل نظامًا استعماريًا حوّل هذا البلد إلى جحيم على الأرض. كانت بروكسل، بقصورها الفاخرة وشوارعها النظيفة، مركز القرار، حيث تُرسم الخطط وتُحسب الأرباح، بينما تُسفك الدماء على بعد آلاف الأميال.
تحت اسم "دولة الكونغو الحرة"، وهو اسم يحمل في طياته سخرية مريرة، فرض ليوبولد نظام عمل قسري لم يكن له مثيل. كان على كل رجل وامرأة وطفل في الكونغو أن يجمعوا كميات محددة من المطاط، تلك المادة التي تُستخرج من أشجار الغابات، لتُشحن إلى أوروبا وتتحول إلى إطارات سيارات وسلع صناعية. لم يكن هذا العمل مجرد وظيفة، بل كان عبودية بكل معنى الكلمة. القرى التي فشلت في تحقيق الحصص المطلوبة واجهت عقوبات لا يمكن لعقل أن يتخيلها: حرق البيوت، إعدام الرجال، وأحيانًا خطف الأطفال كرهائن. لكن العقوبة الأكثر وحشية، والتي أصبحت رمزًا للاستعمار البلجيكي، كانت بتر الأطراف. أيدٍ صغيرة، أحيانًا لأطفال لم يتجاوزوا الخامسة من عمرهم، كانت تُقطع كتحذير للعائلات، كرسالة مفادها أن الفشل في جمع المطاط ليس خيارًا.
هذه الممارسة لم تكن مجرد عقوبة، بل كانت جزءًا من استراتيجية ممنهجة لنشر الرعب. الجنود البلجيكيون، ومعهم ميليشيات محلية مُجندة بالقوة، كانوا يحملون سلالًا مليئة بالأيدي المقطوعة إلى ضباطهم كدليل على تنفيذ الأوامر. صور فوتوغرافية من تلك الفترة، التي عُرضت لاحقًا في معارض مثل تلك التي استضافتها بروكسل حوالي عام 1999، تُظهر أطفالًا يجلسون في صمت، أيديهم مبتورة، عيونهم تحمل مزيجًا من الألم والصدمة والشكوى الصامتة. تلك العيون، التي لا يمكن لمن يراها أن ينساها، كانت تحكي قصة شعب أُريد له أن يُمحى من أجل أرباح طغمة من الرأسماليين في بروكسل ولندن.
لم تكن هذه الوحشية مجرد نتيجة لسياسات ليوبولد وحده. كانت بلجيكا، إلى جانب بريطانيا، مهد الرأسمالية الأوروبية، حيث تكدست الثروات على حساب دماء الشعوب. المطاط الذي جُمع من الكونغو لم يكن مجرد مادة خام، بل كان رمزًا لتوسع رأسمالي لم يعرف الحدود. في الوقت الذي كانت فيه بروكسل تحتفل بثرواتها، كان عمال المناجم البلجيكيون والنساء العاملات في المصانع يعيشون ظروفًا مزرية، لكن هذا الاستغلال الداخلي لم يكن سوى ظل باهت لما حدث في الكونغو. هناك، في قلب إفريقيا، لم يكن الإنسان يُعتبر إنسانًا، بل كان سلعة، أداة، أو حتى عقوبة.
المعارض البشرية، التي كانت تُقام في بروكسل ومدن أوروبية أخرى في أواخر القرن التاسع عشر، كانت تجسيدًا لهذا المنطق. في معرض عام 1897 في بروكسل، عُرض كونغوليون في "حديقة حيوانات بشرية"، كما لو كانوا حيوانات غريبة، ليُظهروا للجمهور الأوروبي "تفوق" الحضارة الغربية. كانت هذه المعارض، التي جذبت آلاف الزوار، تعكس عنصرية متأصلة، لكنها كانت أيضًا دعاية لتبرير الاستعمار. الصور التي عُرضت لاحقًا، في معرض 1999، كانت محاولة لكشف هذا الوجه القبيح، لكنها جاءت متأخرة، في زمن كانت فيه بروكسل قد تحولت إلى عاصمة الاتحاد الأوروبي، مركزًا لسياسات رأسمالية جديدة تكرر، بأشكال مختلفة، نفس التوحش.
لم يكن الدمار في الكونغو مقتصرًا على الأرواح. القرى أُحرقت، العائلات فُرقت، والثقافات المحلية دُمرت. نظام العمل القسري لم يترك مجالًا للحياة. الرجال الذين أُجبروا على جمع المطاط كانوا يتركون أراضيهم الزراعية، مما أدى إلى مجاعات واسعة النطاق. الأمراض، التي تفشّت بسبب سوء التغذية وظروف العمل القاسية، قضت على ملايين آخرين. بحلول عام 1908، حين أُجبر ليوبولد على تسليم الكونغو إلى الحكومة البلجيكية تحت ضغط الرأي العام الدولي، كانت الأرض قد أُنهكت، والشعب قد دُمر. لكن حتى بعد ذلك، استمر الاستغلال تحت اسم "الاستعمار البلجيكي"، مع تغيير طفيف في الأساليب، لكن بنفس الهدف: الربح.
ما حدث في الكونغو لم يكن مجرد فصل مظلم في تاريخ بلجيكا، بل كان تعبيرًا عن منطق الرأسمالية الغربية التي لا ترحم. هذا المنطق، الذي قتل عشرة ملايين كونغولي من أجل المطاط، هو نفسه الذي يقف اليوم وراء إبادة شعب غزة، حيث تُحاصر المساعدات الإنسانية ويُقطع التمويل عن الأونروا بدعوى مفبركة. إن الصور التي عُرضت في بروكسل عام 1999، وال她 تظهر أطفالًا مبتوري الأيدي، ليست مجرد ذكرى للماضي، بل مرآة تعكس الحاضر. عيون أطفال الكونغو، تلك العيون الشاكية، تجد صداها في عيون أطفال غزة، الذين يواجهون الموت جوعًا أو تحت القصف، بينما تقف بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، متفرجة، بل متواطئة.
هذا الفصل من تاريخ الكونغو ليس مجرد قصة عن بلجيكا، بل هو قصة عن الغرب بأسره، عن رأسمالية لا تهتم بإبادة عشرات الملايين إذا كان ذلك يخدم أرباحها. إنه درس للشعوب العربية والإفريقية، درس يعلمنا أن الاستعمار لم ينته، بل غيّر أدواته. من الكونغو إلى غزة، من المطاط إلى النفط والسيطرة الجيوسياسية، يبقى المنطق واحدًا: شعوب تُذبح لأنها تملك الجرأة لتقاوم، لتحلم، لتعيش.
الفصل الثاني: باتريس لومومبا – صوت الأمل المقتول
في قلب الكونغو، حيث ما زالت أصداء صرخات الملايين الذين أُبيدوا من أجل المطاط تتردد بين أشجار الغابات ومياه الأنهار، برز صوت جديد في منتصف القرن العشرين، صوت حمل في طياته أمل شعب، وتحديًا لتاريخ من الظلم. كان هذا الصوت لباتريس لومومبا، الزعيم الشاب الذي لم يكن مجرد سياسي، بل رمزًا للكرامة الإفريقية، للحلم بكونغو حرة، موحدة، خالية من أغلال الاستعمار البلجيكي. لم يكن لومومبا يتحدث باسم نفسه فحسب، بل كان يحمل على كتفيه آمال قارة بأكملها، قارة نهبت مواردها، واستُعبِد شعبها، وأُريد لها أن تبقى في ظل الهيمنة الأوروبية. لكن هذا الصوت، الذي أضاء دروب الحرية، كان مقدرًا له أن يُسكت بأبشع الطرق، في مؤامرة نسجت خيوطها في بروكسل وواشنطن وباريس، وربما تل أبيب، لتترك الكونغو غارقة في الفوضى، وإفريقيا محرومة من أحد أعظم أبنائها.
نشأة لومومبا: من القرية إلى الزعامة
ولد باتريس إيمري لومومبا في 2 يوليو 1925، في قرية أونالوا، في إقليم سانكورو بالكونغو البلجيكية. كانت قريته، كغيرها من قرى الكونغو، تعيش تحت وطأة الاستعمار، حيث كان البلجيكيون يسيطرون على كل شيء: الأرض، العمل، وحتى الأحلام. نشأ لومومبا في بيئة متواضعة، وسط عائلة من قبيلة تيتيلا، وتعلّم في مدارس المبشرين البروتستانت، حيث أظهر ذكاءً مبكرًا وشغفًا بالقراءة. لكن التعليم في ظل الاستعمار لم يكن مصممًا لتحرير العقول، بل لخلق موظفين مطيعين يخدمون النظام الاستعماري. رغم ذلك، كان لومومبا مختلفًا. كان يقرأ بنهم، يستوعب أفكار التنوير الأوروبي، ويتعرف على كتابات قادة التحرر مثل ماركوس غارفي وفرنانديز فانون، مما زرع فيه بذور الرفض للظلم.
في عشرينياته، عمل لومومبا موظفًا في البريد، ثم صحفيًا، وهي الفترة التي بدأ فيها يكتشف العالم خارج قريته. سافر إلى مدن الكونغو، مثل كينشاسا وستانليفيل، وشاهد بأم عينيه الفوارق الصارخة بين حياة المستعمرين البلجيكيين وحياة الكونغوليين. كانت المدن البلجيكية في الكونغو، بمبانيها الفاخرة ونواديها الحصرية، تعكس عنصرية النظام الاستعماري، حيث كان الكونغوليون يُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية في أرضهم. هذه التجارب شكلت وعي لومومبا، وجعلته يدرك أن الحرية لن تأتي من إصلاحات جزئية، بل من ثورة شاملة.
تأسيس الحركة الوطنية الكونغولية
في أواخر الخمسينيات، بدأ لومومبا يتحرك في الأوساط السياسية، وأسس الحركة الوطنية الكونغولية (MNC) في عام 1958. لم تكن الحركة مجرد حزب سياسي، بل كانت رؤية لكونغو موحدة، تتجاوز الانقسامات القبلية والإقليمية التي غذاها البلجيكيون لضمان سيطرتهم. كان لومومبا يؤمن أن الكونغو، بمساحتها الشاسعة وتنوعها الثقافي، يمكن أن تكون قوة إفريقية عظمى، لكن فقط إذا تحررت من الاستعمار واستعادت مواردها. هذه الرؤية جعلته يبرز كزعيم لا يشبه غيره، في زمن كانت فيه معظم الحركات السياسية الكونغولية إما إقليمية أو موالية للبلجيكيين.
كانت خطابات لومومبا نارية، تجمع بين العاطفة والمنطق. كان يتحدث بلغة الشعب، يخاطب الفلاحين والعمال، ويذكّرهم بأن الكونغو ليست ملكًا للبلجيكيين، بل ملكهم هم. في إحدى خطاباته، قال: "لقد سُرقت أرضنا، ونهبت ثرواتنا، لكن كرامتنا لا يمكن أن تُسلب إلا إذا سمحنا بذلك." هذه الكلمات لم تكن مجرد شعارات، بل كانت دعوة للعمل، دعوة ألهمت الآلاف للانضمام إلى الحركة الوطنية الكونغولية، وأثارت رعب البلجيكيين، الذين رأوا في لومومبا تهديدًا لمصالحهم.
خطاب الاستقلال: تحدي الملك بودوان
بلغت رؤية لومومبا ذروتها في 30 يونيو 1960، يوم استقلال الكونغو. في قاعة مزدحمة في كينشاسا، بحضور الملك بودوان، ملك بلجيكا، وقف لومومبا ليلقي خطابًا سيظل محفورًا في ذاكرة إفريقيا. قبل لومومبا، تحدث بودوان، وألقى خطابًا استفزازيًا، وصف فيه الاستعمار البلجيكي بأنه "مهمة حضارية"، وكأن عقود الإبادة والاستغلال كانت هدية للكونغوليين. كان الخطاب محاولة لتجميل الماضي، ولتأكيد استمرار النفوذ البلجيكي في الكونغو بعد الاستقلال.
لكن لومومبا لم يكن ليصمت. في خطابه، الذي لم يكن مقررًا في البروتوكول الرسمي، تحدى لومومبا الرواية البلجيكية بجرأة قلّ نظيرها. قال: "لقد قاتلنا من أجل استقلالنا، ودفعنا ثمنه بدمائنا. هذا الاستقلال ليس هدية من أحد، بل حق انتزعناه." ثم استطرد، موجهًا كلامه إلى بودوان مباشرة: "لقد عانينا من الإذلال، من الظلم، من العبودية. لن ننسى أبدًا الأيدي المبتورة، والقرى المحروقة، والأرواح التي سُلبت." كانت كلماته صاعقة، ليس فقط لأنها كشفت الحقيقة، بل لأنها أعلنت أن الكونغو لن تكون مجرد مستعمرة جديدة باسم آخر. كان خطاب لومومبا إعلانًا بأن إفريقيا لن تقبل بعد الآن أن تُكتب قصتها بأيدٍ أجنبية.
هذا الخطاب، الذي ألهب مشاعر الكونغوليين، كان بمثابة إعلان حرب من وجهة نظر البلجيكيين. لم يكن بودوان، ولا المسؤولون البلجيكيون في كينشاسا، مستعدين لمواجهة زعيم يرفض الخضوع. من تلك اللحظة، أصبح لومومبا عدوًا ليس فقط للبلجيكيين، بل لكل القوى الغربية التي رأت فيه تهديدًا لمصالحها في إفريقيا. كانت الكونغو، بثرواتها الهائلة من الماس والنحاس واليورانيوم، جائزة لا يمكن للغرب التفريط بها. ولومومبا، برؤيته الاشتراكية ودعوته للوحدة الإفريقية، كان يقف عائقًا أمام هذه المصالح.
السياسات الاشتراكية: حلم الكونغو الموحدة
بعد الاستقلال، أصبح لومومبا رئيس وزراء الكونغو، في حكومة ائتلافية هشة مع جوزيف كاسافوبو، الذي تولى منصب الرئيس. كانت المهمة أمام لومومبا شبه مستحيلة: توحيد بلد تمزقه الانقسامات القبلية، يعاني من نقص في الكوادر المؤهلة بسبب سياسات التعليم الاستعمارية، ويواجه تدخلات أجنبية مستمرة. لكن لومومبا لم يتراجع. بدأ بسياسات تهدف إلى استعادة السيطرة على الموارد الطبيعية، وتقليص النفوذ البلجيكي في الجيش والاقتصاد. دعا إلى إصلاحات اجتماعية، مثل تحسين التعليم والرعاية الصحية، مستلهمًا النماذج الاشتراكية التي كانت تكتسب زخمًا في العالم الثالث.
كان لومومبا يدرك أن الكونغو لا يمكن أن تتحرر دون مواجهة الشركات متعددة الجنسيات، مثل يونيون مينيير، التي سيطرت على مناجم الكونغو لعقود. هذه الشركات، التي كانت تديرها نخب بلجيكية وبريطانية، لم تكن مجرد كيانات اقتصادية، بل كانت أدوات للهيمنة الاستعمارية. خطط لومومبا لتأميم هذه الموارد، ليس لمجرد إعادة توزيع الثروة، بل لضمان أن تُستخدم في بناء دولة حديثة. كما دعا إلى تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية الأخرى، مثل غانا كوامي نكروما ومصر جمال عبد الناصر، في إطار رؤية للوحدة الإفريقية التي كانت تتبلور في تلك الفترة.
لكن هذه السياسات، التي بدت منطقية لشعب يتوق إلى الحرية، كانت بمثابة إعلان حرب على الغرب. في واشنطن، رأت الولايات المتحدة في لومومبا تهديدًا لمصالحها الاستراتيجية، خاصة في ظل الحرب الباردة، حيث كانت أي حركة اشتراكية تُصنف كخطر شيوعي. في بروكسل، كانت الحكومة البلجيكية مصممة على الحفاظ على نفوذها الاقتصادي في الكونغو، حتى لو تطلب ذلك القضاء على لومومبا. وفي باريس، كانت فرنسا، التي كانت تفقد مستعمراتها في إفريقيا، قلقة من أن يصبح لومومبا نموذجًا لزعماء آخرين. حتى إسرائيل، التي كانت تبني شبكة تحالفات استخباراتية مع الغرب، ربما لعبت دورًا غير مباشر في هذا السياق، رغم أن الأدلة المباشرة عن تورط الموساد تبقى ظرفية.
الأزمة الكونغولية: بداية المؤامرة
لم تمر أسابيع على الاستقلال حتى اندلعت الأزمة الكونغولية. في يوليو 1960، تمرد جنود الجيش الكونغولي ضد ضباطهم البلجيكيين، مطالبين بتحسين ظروف عملهم وإنهاء التمييز العنصري. كانت هذه الانتفاضة تعبيرًا عفويًا عن غضب متراكم، لكن البلجيكيين استغلوها كذريعة للتدخل العسكري. أرسلت بلجيكا قوات إلى الكونغو، بحجة حماية مواطنيها، لكن الهدف الحقيقي كان إضعاف الحكومة الجديدة. في الوقت نفسه، أعلن مويس تشومبي، زعيم إقليم كاتانغا الغني بالمعادن، انفصاله عن الكونغو، بدعم مباشر من بلجيكا وشركات التعدين الغربية.
واجه لومومبا هذه الأزمة بمزيج من الشجاعة واليأس. طلب مساعدة الأمم المتحدة، لكن الأمين العام داغ همرشولد، الذي كان يميل إلى الغرب، رفض التدخل لإنهاء الانفصال. عندها، التفت لومومبا إلى الاتحاد السوفيتي، طالبًا دعمًا عسكريًا محدودًا، وهي الخطوة التي أعطت الغرب الذريعة التي كان ينتظرها لتصنيفه كشيوعي. في الواقع، لم يكن لومومبا شيوعيًا، بل كان قوميًا إفريقيًا يسعى لتحرير بلده بأي وسيلة ممكنة. لكن في سياق الحرب الباردة، كانت هذه الخطوة كافية لتوقيع حكم الإعدام عليه.
التآمر الغربي: المخابرات تدخل على الخط
منذ صيف 1960، بدأت المخابرات الغربية، بقيادة بلجيكا والولايات المتحدة، في نسج خطة للقضاء على لومومبا. الوثائق التي أُفرج عنها لاحقًا، مثل تقارير لجنة تشيرش الأمريكية عام 1975، كشفت أن وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) وضعت خطة لتسميم لومومبا، باستخدام سم يُحقن في معجون أسنانه. كان لاري ديفلين، رئيس مكتب CIA في كينشاسا، ينسق مع المسؤولين البلجيكيين لضمان إسقاط لومومبا. في الوقت نفسه، كشفت وثائق بلجيكية أُفرج عنها عام 2001 أن الحكومة البلجيكية خططت لاغتيال لومومبا، معتبرة إياه "خطرًا على المصالح الغربية".
فرنسا، رغم أنها لم تكن اللاعب الرئيسي، دعمت ضمنيًا انفصال كاتانغا، حيث كانت لها مصالح اقتصادية في المنطقة. أما بالنسبة للموساد، فإن الأدلة المباشرة عن تورطه نادرة، لكن السياق التاريخي يشير إلى إمكانية تعاون غير رسمي. في الستينيات، كانت إسرائيل تبني علاقات استخباراتية مع الغرب، وكانت مهتمة بإضعاف الحركات القومية في إفريقيا التي تدعم القضية الفلسطينية. رؤية لومومبا للوحدة الإفريقية، وعلاقته مع عبد الناصر، جعلته هدفًا محتملاً لهذه الشبكة الاستخباراتية.
الإعدام الوحشي: نهاية لومومبا
في سبتمبر 1960، أطاح جوزيف موبوتو، قائد الجيش المدعوم من الغرب، بلومومبا في انقلاب عسكري، بدعم من CIA. أُلقي القبض على لومومبا، ووُضع تحت الإقامة الجبرية، لكنه تمكن من الهرب لفترة قصيرة، قبل أن يُعاد اعتقاله. في يناير 1961، نُقل لومومبا إلى إليزابيثفيل في كاتانغا، حيث كان تشومبي ينتظره. هناك، تحت إشراف ضباط بلجيكيين، تعرض لومومبا للتعذيب، ثم أُعدم رميًا بالرصاص في 17 يناير 1961. لم يكتفِ القتلة بذلك، بل أذابوا جسده في الحمض لمحو أي أثر له، في عملية تعكس مدى الخوف الذي زرعه لومومبا في أعدائه.
في واحدة من أبشع تفاصيل هذه الجريمة، احتفظ جيرار سوتي، ضابط بلجيكي، بسنّ من أسنان لومومبا كتذكار، كما لو كان لومومبا فريسة صيد. هذا الفعل، الذي كشفه سوتي بنفسه لاحقًا، لم يكن مجرد تصرف شخصي، بل كان تعبيرًا عن المنطق الاستعماري الذي يرى في الإنسان الإفريقي شيئًا يمكن امتلاكه، حتى بعد موته. ظل هذا السن رمزًا للوحشية حتى عام 2022، حين أُعيد إلى عائلة لومومبا في مراسم رمزية، لكنها جاءت متأخرة جدًا لتعويض الألم.
إرث لومومبا: صوت لا يموت
اغتيال لومومبا لم يكن مجرد نهاية زعيم، بل كان رسالة إلى إفريقيا: أي محاولة للتحرر ستواجه بالإبادة. لكن هذه الرسالة لم تنجح في إسكات صوت لومومبا. بعد موته، أصبح رمزًا للنضال ضد الاستعمار، وألهم أجيالًا من الزعماء الإفريقيين، من نلسون مانديلا إلى توماس سانكارا. في الكونغو، أدى غيابه إلى عقود من الفوضى، حيث حكم موبوتو، المدعوم من الغرب، البلاد بقبضة حديدية، وسلب ثرواتها لصالح نفسه وأسياده في الغرب.
لكن وسط هذا الظلام، كانت هناك لحظة ضوء. عندما أدرك لومومبا أن نهايته تقترب، أرسل رسالة إلى جمال عبد الناصر، الزعيم العربي الذي كان يدعم حركات التحرر في إفريقيا. طلب منه حماية زوجته بولين وأطفاله. استجابت مصر، وبعملية مخابراتية دقيقة، نُقلت العائلة إلى القاهرة، حيث عاشت بكرامة تحت رعاية عبد الناصر. هذه العملية، التي نفذتها القوات المصرية بقيادة ضباط مثل سعد الدين الشاذلي، كانت دليلًا على أن التضامن العربي-الإفريقي ليس مجرد شعار، بل قوة حقيقية قادرة على مواجهة التوحش الاستعماري.
إن قصة لومومبا، من صعوده إلى اغتياله، ليست مجرد قصة كونغولية، بل هي قصة كل شعب يقاوم الظلم. إنها قصة تتكرر اليوم في غزة، حيث يُقتل الفلسطينيون لأنهم يرفضون الخضوع، وفي السودان، حيث تغذي المحميات الخليجية الحروب لخدمة أجندات غربية. لومومبا لم يمت في تلك الليلة الباردة في كاتانغا. صوته لا يزال يتردد، يذكرنا بأن الحرية ثمنها باهظ، لكنها تستحق الدماء. وكما تحدى لومومبا الملك بودوان، فعلى الشعوب العربية والإفريقية أن تتحدى اليوم بروكسل الاتحاد الأوروبي، والمحميات الخليجية، والكيان الصهيوني، لتكتب قصة تحرر جديدة.
الفصل الثالث: اغتيال لومومبا وتآمر المخابرات – مرايا التوحش من الكونغو إلى غزة
في غابات الكونغو الكثيفة، حيث كانت أشجار المطاط تروى بدماء الملايين، كتب الاستعمار البلجيكي فصلاً من الوحشية لم ينته بانتهاء حكم ليوبولد الثاني. في يناير 1961، وصل هذا التوحش إلى ذروته باغتيال باتريس لومومبا، الزعيم الذي تجرأ على الحلم بكونغو حرة، موحدة، خالية من أغلال الاستعمار. لم يكن اغتيال لومومبا مجرد جريمة ضد رجل، بل كان رسالة إلى إفريقيا بأكملها: أي صوت يتحدى الهيمنة الغربية سيُسكت، ليس بالسجون أو النفي، بل بالإعدام الوحشي، بإذابة الجسد في الحمض، والاحتفاظ بسنّه كتذكار مريض. هذه الجريمة، التي نسجت خيوطها في بروكسل وواشنطن وباريس، وربما تل أبيب، لم تكن حدثًا معزولًا، بل كانت حلقة في سلسلة طويلة من التوحش الاستعماري، سلسلة تمتد اليوم إلى غزة، حيث يبث العالم، عبر شاشات البث المباشر، وحشية لوبي العولمة في واشنطن بايدن وبروكسل وتل أبيب، وهم يمزقون أجساد أطفال ومدنيي غزة، ويدمرون بيوتهم تحت ذرائع مفبركة.
الأزمة الكونغولية: فتيل المؤامرة
بدأت الأزمة الكونغولية بعد أسابيع قليلة من استقلال الكونغو في 30 يونيو 1960. كان لومومبا، رئيس الوزراء المنتخب، يواجه بلدًا ممزقًا بالانقسامات القبلية، وجيشًا غير منضبط يقوده ضباط بلجيكيون، واقتصادًا يسيطر عليه البلجيكيون وشركات التعدين الغربية. في يوليو 1960، اندلع تمرد في الجيش الكونغولي، حين طالب الجنود بإنهاء التمييز العنصري وتحسين ظروف عملهم. كانت هذه الانتفاضة تعبيرًا عن غضب شعبي متراكم، لكن البلجيكيين استغلوها كذريعة للتدخل العسكري. أرسلت بلجيكا قوات إلى الكونغو، بحجة حماية مواطنيها، لكن الهدف الحقيقي كان إضعاف حكومة لومومبا وإعادة فرض النفوذ الاستعماري.
في الوقت نفسه، أعلن مويس تشومبي، زعيم إقليم كاتانغا الغني بالمعادن، انفصاله عن الكونغو، بدعم مباشر من بلجيكا وشركة يونيون مينيير. كانت كاتانغا، بمناجمها من النحاس والكوبالت، قلب الاقتصاد الكونغولي، وكان انفصالها يعني حرمان الكونغو من مواردها. هذا الانفصال لم يكن مجرد حركة محلية، بل كان جزءًا من استراتيجية غربية لتقسيم الكونغو وإبقائها ضعيفة. لومومبا، الذي رأى في الوحدة الوطنية مفتاح التحرر، واجه هذه الأزمة بشجاعة، لكنه كان يقاوم قوى تفوق قدراته.
هنا، نرى المرآة الأولى التي تربط الكونغو بغزة. في غزة اليوم، يستخدم لوبي العولمة، بقيادة واشنطن بايدن وبروكسل وتل أبيب، استراتيجية مماثلة: إضعاف الشعب الفلسطيني عبر الحصار، قطع المساعدات، وتدمير البنية التحتية. كما استغلت بلجيكا تمرد الجيش الكونغولي لتبرير تدخلها، تستغل إسرائيل أي عملية مقاومة لتبرير قصف المدنيين. في عام 2024، قادت إسرائيل حملة لقطع التمويل عن الأونروا، بدعوى أن موظفيها مرتبطون بالمقاومة، وانضمت بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، إلى هذه الحملة عبر قرارات ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، مُبررة تجويع أطفال غزة باتهامات لا أساس لها. إنها نفس الذرائع التي استخدمها الغرب في الكونغو: إلصاق تهمة "الخطر" بالشعب المقاوم لتبرير إبادته.
تآمر المخابرات: شبكة الظلال
لم يكن اغتيال لومومبا نتيجة قرار عشوائي، بل كان ذروة مؤامرة دقيقة نسجت خيوطها المخابرات الغربية، بقيادة بلجيكا والولايات المتحدة، وبمشاركة ضمنية من فرنسا، وربما تعاون غير مباشر من الموساد. الوثائق التي أُفرج عنها لاحقًا، مثل تقارير لجنة تشيرش الأمريكية عام 1975، كشفت أن وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) وضعت خطة لتسميم لومومبا، باستخدام سم يُحقن في معجون أسنانه، في عملية حملت اسم "مشروع الساحر". كان لاري ديفلين، رئيس مكتب CIA في كينشاسا، ينسق مع المسؤولين البلجيكيين لضمان إسقاط لومومبا، سواء بالاغتيال أو بالإطاحة السياسية.
في بروكسل، كانت الحكومة البلجيكية، بقيادة وزير الشؤون الإفريقية، تخطط بنشاط للقضاء على لومومبا. وثائق أُفرج عنها عام 2001 أكدت أن بلجيكا اعتبرت لومومبا "خطرًا لا يُطاق" على مصالحها الاقتصادية في الكونغو، خاصة في كاتانغا. ضباط بلجيكيون، مثل جيرار سوتي، لعبوا دورًا مباشرًا في تنسيق عملية الاغتيال، بينما قدمت الحكومة الدعم اللوجستي والسياسي. فرنسا، رغم أنها لم تكن اللاعب الرئيسي، دعمت انفصال كاتانغا ضمنيًا، حيث كانت لها مصالح في شركات التعدين بالمنطقة.
أما بالنسبة للموساد، فإن الأدلة المباشرة عن تورطه نادرة، لكن السياق التاريخي يثير تساؤلات جدية. في أوائل الستينيات، كانت إسرائيل تبني شبكة تحالفات استخباراتية مع الغرب، خاصة مع الولايات المتحدة وبريطانيا، لمواجهة الحركات القومية في إفريقيا والشرق الأوسط. علاقة لومومبا بجمال عبد الناصر، الذي كان داعمًا قويًا للقضية الفلسطينية، جعلته هدفًا محتملاً لهذه الشبكة. رؤيته للوحدة الإفريقية، التي كانت تهدد بتعزيز التضامن العربي-الإفريقي ضد إسرائيل، ربما جعلت الموساد شريكًا غير مباشر في المؤامرة، سواء عبر تبادل المعلومات أو تقديم الدعم اللوجستي.
هذا التآمر يجد صداه اليوم في غزة، حيث يعمل لوبي العولمة، بقيادة واشنطن بايدن وبروكسل وتل أبيب، بنفس الأساليب. البث المباشر للقصف الإسرائيلي على غزة، الذي يستهدف البيوت والمدارس والمستشفيات، يكشف عن تنسيق استخباراتي مشابه. وكما تآمرت CIA وبلجيكا لإسكات لومومبا، تتآمر اليوم الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية، بدعم من بروكسل، لقمع المقاومة الفلسطينية. قرارات الاتحاد الأوروبي بقطع تمويل الأونروا، بناءً على اتهامات إسرائيلية مفبركة، هي امتداد لهذا المنطق: إضعاف الشعب المقاوم عبر تجويعه وتدمير بنيته الاجتماعية. الصور التي تبثها قنوات الأخبار، لأطفال غزة تحت الأنقاض، تحمل نفس الصدمة التي حملتها عيون أطفال الكونغو المبتورة أيديهم، وكأن التاريخ يكرر نفسه بقلم الدم.
التنفيذ: الإعدام وإذابة الجسد
في سبتمبر 1960، أطاح جوزيف موبوتو، قائد الجيش المدعوم من CIA، بلومومبا في انقلاب عسكري، بدعم من الغرب. أُلقي القبض على لومومبا، ووُضع تحت الإقامة الجبرية في كينشاسا. لكنه، بمساعدة أنصاره، تمكن من الهرب لفترة قصيرة، محاولًا الوصول إلى ستانليفيل، معقله السياسي. لكن قوات موبوتو، بمساعدة استخبارات غربية، أعادت اعتقاله. في 17 يناير 1961، نُقل لومومبا، مع اثنين من رفاقه، موريس مبولو وجوزيف أوكيتو، إلى إليزابيثفيل في كاتانغا، حيث كان مويس تشومبي ينتظره.
في غابة نائية، تحت إشراف ضباط بلجيكيين، تعرض لومومبا للتعذيب الوحشي. كان الضباط البلجيكيون، بمن فيهم جيرار سوتي، يراقبون العملية ببرود، بينما نفذ جنود كاتانغا الإعدام. أُطلقت الرصاصات على لومومبا ورفاقه، لكن القتلة لم يكتفوا بذلك. خوفًا من أن يصبح قبر لومومبا رمزًا للمقاومة، أذابوا جسده في الحمض، في عملية تعكس مدى الرعب الذي زرعه في أعدائه. لكن في تفصيل يفوق التصور، احتفظ سوتي بسنّ من أسنان لومومبا كتذكار، كما لو كان لومومبا غنيمة صيد. هذا السن، الذي ظل في حوزة سوتي لعقود، أصبح رمزًا للوحشية الاستعمارية، حتى أُعيد إلى عائلة لومومبا عام 2022 في مراسم رمزية جاءت متأخرة جدًا.
هذه الوحشية تجد مرآتها في غزة، حيث يبث العالم، عبر البث المباشر، مشاهد الأطفال الممزقة أجسادهم تحت القصف الإسرائيلي. كما أذاب البلجيكيون جسد لومومبا لمحو أثره، تحاول إسرائيل، بدعم من واشنطن وبروكسل، محو الوجود الفلسطيني عبر تدمير البيوت والمدارس والمستشفيات. الصور التي تبث من غزة، لأمهات يحملن أطفالهن القتلى، أو لعائلات تبحث عن أحبائها تحت الأنقاض، تحمل نفس الألم الذي حملته صور أطفال الكونغو المبتورة أيديهم. إنها نفس الاستراتيجية: إبادة الجسد والروح لكسر إرادة شعب يرفض الخضوع.
الدور الفرنسي: دعم ضمني للانفصال
رغم أن بلجيكا والولايات المتحدة كانتا اللاعبين الرئيسيين في اغتيال لومومبا، إلا أن فرنسا لعبت دورًا غير مباشر، لكنه حاسم. كانت فرنسا، التي كانت تفقد مستعمراتها في إفريقيا، قلقة من أن يصبح لومومبا نموذجًا للزعماء القوميين في الجزائر وغرب إفريقيا. دعمت باريس انفصال كاتانغا ضمنيًا، عبر علاقاتها مع شركات التعدين وتقديم الدعم اللوجستي لتشومبي. هذا الدعم، رغم أنه لم يكن علنيًا، كان جزءًا من استراتيجية فرنسية للحفاظ على النفوذ في إفريقيا، حتى لو تطلب ذلك التضحية بلومومبا.
هذا الدور الفرنسي يتكرر اليوم في غزة، حيث تقف فرنسا، إلى جانب ألمانيا وإيطاليا، في صف إسرائيل، مُبررة قصف المدنيين باسم "الدفاع عن النفس". قرارات الاتحاد الأوروبي، التي تصدر من بروكسل، بقطع تمويل الأونروا، تحمل بصمات باريس، التي تكرر دورها القديم كشريك صامت في الجرائم الاستعمارية. البث المباشر لغزة يكشف هذا التواطؤ، حيث تظهر الصور عائلات بأكملها مدفونة تحت أنقاض بيوتها، بينما تتفرج بروكسل وباريس في صمت، كما تفرجتا على إعدام لومومبا قبل عقود.
الموساد: ظلال التعاون
تورط الموساد في اغتيال لومومبا يبقى موضوعًا مثيرًا للجدل، لعدم وجود وثائق مباشرة. لكن السياق التاريخي يشير إلى احتمالية تعاون غير رسمي. في الستينيات، كانت إسرائيل تبني علاقاتها مع الغرب، وكانت قلقة من الحركات القومية الإفريقية التي تدعم القضية الفلسطينية. علاقة لومومبا بعبد الناصر، الذي كان رمزًا للمقاومة العربية ضد إسرائيل، جعلته هدفًا محتملاً. الموساد، الذي كان يعمل بشكل وثيق مع CIA في عمليات سرية، ربما قدم دعمًا استخباراتيًا أو معلومات عن تحركات لومومبا.
هذا الدور المحتمل يجد صداه في غزة، حيث تلعب إسرائيل، بدعم من واشنطن، دور المنفذ الرئيسي للإبادة. البث المباشر يكشف كيف تستخدم تل أبيب أحدث التقنيات الاستخباراتية لاستهداف المدنيين، بينما تدعمها بروكسل عبر قرارات تجويع الشعب الفلسطيني. إنها نفس الشبكة التي عملت ضد لومومبا: تحالف استخباراتي يهدف إلى سحق أي مقاومة تهدد الهيمنة الغربية-الصهيونية.
إرث الاغتيال: من الكونغو إلى غزة
اغتيال لومومبا لم يكن نهاية قصة، بل بداية لفوضى استمرت عقودًا في الكونغو. جوزيف موبوتو، الذي تولى السلطة بدعم غربي، حكم الكونغو بقبضة حديدية، وسلب ثرواتها لصالح نفسه وأسياده في الغرب. لكن صوت لومومبا ظل حيًا، يلهم أجيالًا من المقاومين في إفريقيا وخارجها. إرثه يتجلى في كل شعب يرفض الخضوع، من غزة إلى السودان، حيث تستمر الشعوب في مواجهة التوحش الاستعماري.
في غزة، يبث العالم مشاهد الإبادة الجماعية، حيث يقتل لوبي العولمة، بقيادة واشنطن بايدن وبروكسل وتل أبيب، عشرات الآلاف من المدنيين، ويدمر بيوتهم تحت ذريعة "مكافحة الإرهاب". كما كان لومومبا "خطرًا" على المصالح الغربية، تُصنف المقاومة الفلسطينية اليوم كتهديد يجب القضاء عليه. لكن كما لم يمت صوت لومومبا، فإن صوت غزة يتردد عبر العالم، عبر صور الأطفال تحت الأنقاض، وعبر صمود شعب يرفض أن يُمحى. إن الشعوب العربية والإفريقية، المستلهمة من لومومبا، مدعوة اليوم للوقوف ضد هذا التوحش، ضد المحميات الخليجية والكيان الصهيوني، لتكتب قصة تحرر جديدة، قصة تبدأ من أنقاض غزة وتمتد إلى قلب إفريقيا.
الفصل الرابع: عبد الناصر وعملية إنقاذ عائلة لومومبا – التضامن العربي-الإفريقي في مواجهة التوحش الاستعماري
في لحظة من لحظات التاريخ المشرقة، حين كانت ظلال الاستعمار الغربي تتكاثف فوق الكونغو، وكان صوت باتريس لومومبا قد أُسكت باغتيال وحشي، برزت مصر جمال عبد الناصر كمنارة للتضامن العربي-الإفريقي. في عام 1961، بينما كانت أيدي المخابرات البلجيكية والأمريكية، وربما الفرنسية والإسرائيلية، ملطخة بدماء لومومبا، وكان جسده يُذاب في الحمض لمحو أثره، مدّت القاهرة يدها لتنقذ زوجة لومومبا، بولين أوبانغو، وأطفاله الصغار – فرانسوا، باتريس، جوليانا، ورولاند – في عملية مخابراتية دقيقة أعادت لهم كرامتهم وحياتهم. هذه العملية، التي نفذتها القوات المصرية بقيادة ضباط مثل سعد الدين الشاذلي، لم تكن مجرد إنقاذ لعائلة، بل كانت رسالة إلى العالم: الشعوب العربية والإفريقية قادرة على الوقوف معًا ضد التوحش الاستعماري، ذلك التوحش الذي يتكرر اليوم في غزة، حيث يبث العالم، عبر شاشات البث المباشر، جرائم لوبي العولمة في واشنطن بايدن وبروكسل وتل أبيب ضد أطفال ومدنيي وبيوت الشعب الفلسطيني.
العلاقة بين لومومبا وعبد الناصر: جذور التضامن
كان باتريس لومومبا وجمال عبد الناصر، رغم اختلافهما في الخلفيات والسياقات، يتقاسمان رؤية مشتركة: تحرير شعوبهما من الهيمنة الاستعمارية، وإعادة بناء أمتهما على أسس الكرامة والعدالة. كانت مصر عبد الناصر، في الخمسينيات والستينيات، منارة للتحرر في العالم الثالث، بعد ثورة 1952 التي أطاحت بالنفوذ البريطاني وأممت قناة السويس عام 1956. عبد الناصر، الذي أصبح رمزًا للقومية العربية، لم يقصر رؤيته على العالم العربي، بل امتدت لتشمل إفريقيا، حيث رأى في حركات التحرر الإفريقية امتدادًا طبيعيًا للنضال ضد الاستعمار.
لومومبا، من جانبه, كان معجبًا بتجربة عبد الناصر. في عام 1960, خلال زيارته لمؤتمر عموم إفريقيا في أكرا, التقى لومومبا بممثلين عن مصر, وأبدى إعجابه بالسياسات الاشتراكية والقومية التي نفذها عبد الناصر. كانت مصر, في تلك الفترة, تدعم حركات التحرر في الجزائر, غانا, وغينيا, وكانت القاهرة مركزًا للنشطاء الإفريقيين الذين فروا من الاضطهاد الاستعماري. هذه العلاقة لم تكن مجرد تحالف سياسي, بل كانت تعبيرًا عن إيمان مشترك بأن تحرر إفريقيا والعالم العربي مترابطان.
عندما اندلعت الأزمة الكونغولية في يوليو 1960, كان عبد الناصر من أوائل الزعماء الذين أدانوا التدخل البلجيكي. في خطاب له, دعا إلى دعم الكونغو ضد "الاستعمار الجديد", وحذر من محاولات الغرب لتقسيم إفريقيا مجددًا. لومومبا, الذي كان يواجه انفصال كاتانغا وتمرد الجيش, وجد في مصر حليفًا موثوقًا. كانت رسائل متبادلة بين الرجلين, بعضها لا يزال محفوظًا في أرشيفات القاهرة, تكشف عن تنسيق سياسي وعسكري محدود, لكنها تظهر أيضًا إيمان لومومبا بأن مصر ستكون درعًا لعائلته إذا ما حدث له مكروه.
هذا التضامن يجد مرآته في غزة اليوم, حيث يواجه الشعب الفلسطيني إبادة جماعية على يد لوبي العولمة. البث المباشر للقصف الإسرائيلي, الذي يستهدف بيوت المدنيين ومدارس الأونروا, يكشف عن نفس المنطق الاستعماري الذي واجهه لومومبا: شعب يُعاقب لأنه يرفض الخضوع. لكن كما كانت مصر درعًا لعائلة لومومبا, فإن الشعوب العربية مدعوة اليوم لتكون درعًا لغزة, عبر فضح تواطؤ بروكسل وواشنطن بايدن وتل أبيب, والوقوف ضد المحميات الخليجية التي تدعم هذا التوحش.
العملية المخابراتية: إنقاذ عائلة لومومبا
عندما أدرك لومومبا, في أواخر 1960, أن نهايته تقترب, كتب رسالة إلى عبد الناصر, طالبًا فيها حماية زوجته بولين وأطفاله. كانت هذه الرسالة, التي وصلت إلى القاهرة عبر قنوات دبلوماسية سرية, بمثابة وصية من زعيم يعلم أن الغرب لن يتركه حيًا. عبد الناصر, الذي كان يتابع الأزمة الكونغولية عن كثب, استجاب على الفور. كلف جهاز المخابرات العامة المصري, بقيادة ضباط مثل سعد الدين الشاذلي, بتنفيذ عملية إنقاذ معقدة في ظل ظروف بالغة الصعوبة.
كانت الكونغو, في تلك الفترة, غارقة في الفوضى. قوات موبوتو, بدعم من المخابرات الغربية, كانت تراقب تحركات أنصار لومومبا. بولين وأطفالها, الذين كانوا في كينشاسا, كانوا عرضة للاعتقال أو التصفية كجزء من حملة القمع ضد الحركة الوطنية الكونغولية. العملية المصرية تطلبت تنسيقًا دقيقًا مع نشطاء كونغوليين موالين للومومبا, واستخدام شبكة من الجواسيس والدبلوماسيين في القاهرة وكينشاسا.
بدأت العملية بتأمين جوازات سفر وهمية للعائلة, تم إعدادها في القاهرة ونُقلت إلى الكونغو عبر دبلوماسي مصري يعمل تحت غطاء تجاري. تم نقل بولين وأطفالها, تحت جنح الظلام, إلى منزل آمن في ضواحي كينشاسا, حيث كانوا ينتظرون وصول طائرة خاصة. هذه الطائرة, التي أقلعت من مطار عسكري في مصر, هبطت في مطار سري قرب الحدود الكونغولية, بمساعدة جهات إفريقية موالية لعبد الناصر, ربما من غانا أو غينيا. في عملية استغرقت أقل من 48 ساعة, نُقلت العائلة إلى القاهرة, حيث استقبلهم مسؤولون مصريون ورتبوا لهم إقامة آمنة.
هذه العملية, التي ظلت طي الكتمان لسنوات, تعكس براعة المخابرات المصرية في تلك الفترة, لكنها تعكس أيضًا إيمان عبد الناصر بأن التضامن هو سلاح ضد الاستعمار. في غزة اليوم, حيث يبث العالم مشاهد الأطفال تحت الأنقاض, هناك حاجة ماسة إلى تضامن مماثل. لكن بدلاً من التضامن, نرى بروكسل, عاصمة الاتحاد الأوروبي, تقطع تمويل الأونروا, وواشنطن بايدن تمد إسرائيل بالسلاح, بينما تدمر تل أبيب بيوت المدنيين. الصور التي تبث من غزة, لأمهات يحملن أطفالهن القتلى, تحمل نفس الألم الذي شعرت به بولين لومومبا وهي تفر من الكونغو, لكن هذه المرة, العالم يشاهد في صمت.
الحياة في مصر: الكرامة تحت رعاية عبد الناصر
عندما وصلت بولين وأطفالها إلى القاهرة, استقبلوا كضيوف شرف, وليس كلاجئين. عبد الناصر, الذي كان يدرك الرمزية الكبيرة لعائلة لومومبا, أمر بتوفير سكن مريح لهم في حي المعادي, وهو حي هادئ في القاهرة كان يستضيف العديد من نشطاء حركات التحرر. تم تسجيل الأطفال – فرانسوا, باتريس, جوليانا, ورولاند – في مدارس مصرية, حيث تلقوا تعليمًا متميزًا, بينما حصلت بولين على دعم مالي واجتماعي لضمان استقرارها.
كانت حياة العائلة في مصر تعكس رؤية عبد الناصر للتضامن. لم يكن الأمر مجرد مساعدة إنسانية, بل كان تأكيدًا على أن مصر لن تترك أبناء إفريقيا وحدهم في مواجهة الاستعمار. فرانسوا لومومبا, الابن الأكبر, أكد في مقابلات لاحقة أن والده كان يثق بعبد الناصر أكثر من أي زعيم آخر, وأن إنقاذهم كان بمثابة "إعادة إحياء لكرامة العائلة". الأطفال, الذين نشأوا في القاهرة, أصبحوا جزءًا من المجتمع المصري, وتعلموا العربية, وحملوا معهم إرث والدهم كرمز للنضال.
هذه الكرامة التي منحتها مصر لعائلة لومومبا تتناقض بشكل صارخ مع الإذلال الذي يواجهه شعب غزة اليوم. البث المباشر من غزة يكشف كيف يُحرم الأطفال من الغذاء والدواء, بينما تقف بروكسل, عاصمة الاتحاد الأوروبي, متفرجة على قرارات تجويع الشعب الفلسطيني. واشنطن بايدن, التي تمد إسرائيل بالقنابل, وتل أبيب, التي تدمر بيوت المدنيين, يكرران نفس المنطق الذي قتل لومومبا: شعب يُعاقب لأنه يحلم بالحرية. لكن كما أعادت مصر الكرامة لعائلة لومومبا, فإن الشعوب العربية مدعوة اليوم لاستعادة كرامة غزة, عبر مقاومة هذا التوحش الاستعماري.
التضامن كسلاح: درس من عبد الناصر
عملية إنقاذ عائلة لومومبا لم تكن مجرد إنجاز مخابراتي, بل كانت تعبيرًا عن فلسفة عبد الناصر في مواجهة الاستعمار. كان عبد الناصر يؤمن أن الاستعمار لا يُهزم بالسلاح وحده, بل بالتضامن بين الشعوب المضطهدة. دعمه لحركات التحرر في إفريقيا, من الجزائر إلى الكونغو, كان جزءًا من استراتيجية لخلق جبهة عالمية ضد الهيمنة الغربية. هذه الرؤية جعلت مصر ملاذًا للثوار, من كوامي نكروما إلى أمل دنقل, وجعلت القاهرة مركزًا للأمل في عالم يعاني من الظلم.
هذا الدرس يبقى حيًا في مواجهة التوحش الاستعماري اليوم. في غزة, حيث يبث العالم مشاهد الإبادة الجماعية, هناك حاجة إلى تضامن عربي-إفريقي يستلهم روح عبد الناصر. لكن بدلاً من التضامن, نرى المحميات الخليجية – قطر, السعودية, الإمارات – تهرع للتطبيع مع الكيان الصهيوني, بينما تغذي الصراعات في السودان, حيث قُتل أكثر من مئة وخمسين ألف مدني في السنتين الماضيتين. هذه المحميات, التي تعمل كأدوات للوبي العولمة في واشنطن وبروكسل, هي العدو الحقيقي للشعوب العربية والإفريقية, تمامًا كما كانت بلجيكا وCIA عدوًا للومومبا.
من الكونغو إلى غزة: دعوة للعمل
إن قصة إنقاذ عائلة لومومبا هي أكثر من مجرد حدث تاريخي. إنها دعوة للشعوب العربية والإفريقية لاستعادة دورها في مواجهة الاستعمار الجديد. في غزة, حيث تُدمر بيوت المدنيين وتُقتل الأطفال تحت أعين العالم, يتكرر نفس التوحش الذي واجهه لومومبا. بروكسل, التي كانت مركز تخطيط إبادة الكونغو, هي اليوم مركز قرارات تجويع غزة. واشنطن بايدن, التي دعمت اغتيال لومومبا, تدعم اليوم قصف غزة. وتل أبيب, التي ربما لعبت دورًا غير مباشر في الكونغو, هي اليوم المنفذ الرئيسي للإبادة الفلسطينية.
لكن وسط هذا الظلام, هناك أمل. كما وقفت مصر مع عائلة لومومبا, يمكن للشعوب العربية أن تقف مع غزة, عبر فضح تواطؤ المحميات الخليجية وتركيا إردوغان, والعمل على إسقاط الكيان الصهيوني. إن التضامن الذي أظهره عبد الناصر هو السلاح الحقيقي في مواجهة لوبي العولمة. الصور التي تبث من غزة, لأطفال يصرخون تحت الأنقاض, هي نداء للعمل, نداء لكل عربي وإفريقي ليكون صوتًا للعدالة, كما كان عبد الناصر صوتًا لعائلة لومومبا.
الفصل الخامس: غزة والكونغو – الإبادة الجماعية كأداة للتوسع الرأسمالي المتوحش
في غابات الكونغو الكثيفة، حيث كانت أشجار المطاط تُروى بدماء عشرة ملايين إنسان، كتب الاستعمار البلجيكي واحدة من أبشع فصول التاريخ الإنساني، فصل لم يكن مجرد جريمة ضد شعب، بل كان تعبيرًا عن منطق الرأسمالية المتوحشة التي لا ترى في البشر سوى أدوات للإنتاج، ولا ترى في الأرض سوى مورد يُستنزف. هذا المنطق، الذي أزهق أرواح الملايين من أجل المطاط، لم ينته بانتهاء حكم ليوبولد الثاني، ولم يقتصر على إفريقيا. اليوم، في شوارع غزة المحاصرة، حيث تُدمر البيوت وتُقتل الأطفال تحت أعين العالم، يتكرر نفس التوحش، بأدوات جديدة ولكن بنفس الهدف: توسيع الهيمنة الرأسمالية الغربية عبر الإبادة الجماعية. البث المباشر للقصف الإسرائيلي على غزة، بدعم من واشنطن بايدن وبروكسل وتل أبيب، يكشف عن استمرارية هذا المنطق، حيث يُذبح شعب فلسطيني لأنه يقاوم أطماع الرأسمالية العولمية، تمامًا كما قُتل الكونغوليون لأنهم وقفوا في طريق جشع الغرب.
الكونغو: إبادة من أجل المطاط
في أواخر القرن التاسع عشر، تحولت الكونغو إلى مسرح لأبشع أشكال الاستغلال الرأسمالي. تحت حكم ليوبولد الثاني، الذي ادعى "ملكية" الكونغو بموجب مؤتمر برلين 1884-1885، أُجبر الكونغوليون على جمع المطاط لتلبية الطلب الأوروبي المتزايد، خاصة لصناعة إطارات السيارات. لم يكن هذا العمل اختياريًا، بل كان عبودية بكل معنى الكلمة. القرى التي فشلت في تحقيق الحصص المطلوبة واجهت عقوبات مروعة: حرق البيوت، إعدام الرجال، وأحيانًا بتر أيدي الأطفال كتحذير للعائلات. صور هؤلاء الأطفال، التي عُرضت لاحقًا في معرض بروكسل حوالي عام 1999، كانت شاهدة على وحشية لم تعرف حدودًا.
هذه الإبادة، التي قتلت ما يُقدر بعشرة ملايين كونغولي، لم تكن نتيجة نزوة شخصية لليوبولد، بل كانت تعبيرًا عن منطق الرأسمالية الغربية. المطاط، الذي كان يُشحن إلى بروكسل ولندن، لم يكن مجرد مادة خام، بل كان رمزًا لتوسع اقتصادي قائم على الدم. الشركات البلجيكية والبريطانية، التي تكدست ثرواتها من هذا الاستغلال، لم تكن تهتم بحياة الكونغوليين، بل كانت ترى فيهم أرقامًا في سجلات الإنتاج. بروكسل، التي كانت مركز تخطيط هذه الجريمة، لم تكن مجرد عاصمة بلجيكا، بل كانت قلب الرأسمالية المتوحشة، التي لا تتردد في إبادة شعب لضمان أرباحها.
غزة: إبادة من أجل الهيمنة
في غزة اليوم، يتكرر هذا المنطق بأبشع صوره. منذ أكتوبر 2023، شن الكيان الصهيوني، بدعم مباشر من واشنطن بايدن وبروكسل، حملة إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، قتلت عشرات الآلاف، معظمهم أطفال ونساء، ودمرت أكثر من 70% من البنية التحتية. البث المباشر لهذه الجرائم، الذي تبثه قنوات الأخبار ومنصات التواصل الاجتماعي، يكشف عن مشاهد مروعة: أطفال ممزقة أجسادهم تحت الأنقاض، أمهات يصرخن وهن يحملن جثث أبنائهن، ومستشفيات تُقصف رغم أنها مليئة بالجرحى. هذه الصور تحمل نفس الصدمة التي حملتها صور أطفال الكونغو المبتورة أيديهم، وكأن التاريخ يكرر نفسه بقلم الدم.
لكن الإبادة في غزة ليست مجرد عدوان عسكري، بل هي جزء من استراتيجية رأسمالية عولمية تهدف إلى توسيع الهيمنة الغربية-الصهيونية. غزة، بموقعها الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط، وبمواردها المحتملة مثل حقول الغاز البحرية، تُعتبر عقبة أمام أطماع الرأسمالية الغربية. المقاومة الفلسطينية، التي ترفض الخضوع للاحتلال، تُصنف كتهديد لمصالح الشركات متعددة الجنسيات، التي ترى في فلسطين سوقًا وممرًا اقتصاديًا يجب السيطرة عليه. تمامًا كما كانت الكونغو مزرعة للمطاط، تُراد غزة أن تكون محمية للرأسمالية العولمية، خاضعة للكيان الصهيوني وداعميه في واشنطن وبروكسل.
قرارات الاتحاد الأوروبي، التي تصدر من بروكسل، بقطع تمويل الأونروا في عام 2024، بناءً على اتهامات إسرائيلية مفبركة بأن موظفيها مرتبطون بالمقاومة، هي امتداد مباشر لمنطق الكونغو. كما فرض البلجيكيون عقوبات جماعية على القرى الكونغولية عبر بتر الأطراف وحرق البيوت، تفرض بروكسل اليوم عقوبات جماعية على غزة عبر تجويع سكانها وحرمانهم من الغذاء والدواء. الصور التي تبث من غزة، لأطفال يتضورون جوعًا، تحمل نفس الألم الذي عاناه الكونغوليون خلال المجاعات التي تسبب بها نظام العمل القسري. إنها نفس الرأسمالية المتوحشة، التي تُبرر إبادتها بدعوى "الضرورة الاقتصادية" أو "الأمن".
الرأسمالية كمحرك للإبادة
الرابط بين الكونغو وغزة ليس مجرد تشابه في الوحشية، بل هو استمرارية في الهدف: توسيع الهيمنة الرأسمالية عبر الإبادة. في الكونغو، كانت الشركات البلجيكية والبريطانية، مثل يونيون مينيير، هي المستفيد الأكبر من المطاط والمعادن، بينما كانت الحكومات الغربية توفر الغطاء السياسي والعسكري. في غزة، تلعب الشركات متعددة الجنسيات، خاصة تلك المرتبطة بالصناعات العسكرية والطاقة، دورًا مماثلاً. شركات مثل بوينغ ولوكهيد مارتن، التي تزود إسرائيل بالأسلحة، وشركات النفط والغاز التي تطمع في حقول غزة البحرية، هي المحرك الحقيقي للإبادة، بينما توفر واشنطن وبروكسل الدعم السياسي.
في الكونغو، كانت الإبادة تُبرر باسم "الحضارة"، حيث زعم ليوبولد أنه ينشر التقدم في إفريقيا. في غزة، تُبرر الإبادة باسم "الدفاع عن النفس" against "الإرهاب"، وكأن الأطفال والمدنيون الذين يُقتلون هم تهديد للأمن العالمي. هذه الروايات المفبركة هي جزء لا يتجزأ من الرأسمالية المتوحشة، التي تحتاج إلى أعداء وهميين لتبرير جرائمها. البث المباشر من غزة يكشف زيف هذه الروايات، حيث تظهر الصور عائلات بأكملها مدفونة تحت أنقاض بيوتها، بينما تتفرج بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، في صمت، كما تفرجت على معارض الأطفال الكونغوليين المبتورة أيديهم قبل قرن.
بروكسل: من مركز الإبادة إلى مركز التواطؤ
بروكسل، التي كانت مركز تخطيط إبادة الكونغو، هي اليوم عاصمة الاتحاد الأوروبي، مركز القرار السياسي والاقتصادي للرأسمالية العولمية. من مكاتبها الزجاجية، تصدر القرارات التي تدعم الإبادة في غزة، سواء عبر قطع تمويل الأونروا أو توفير الغطاء السياسي لإسرائيل. ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، وبريطانيا (رغم خروجها من الاتحاد)، التي تقود هذه القرارات، تكرر دور بلجيكا في الكونغو: دول تدعي الديمقراطية بينما تدعم الإبادة من أجل المصالح الاقتصادية. الصور التي تبث من غزة، لمستشفيات تُقصف ومدارس تُدمر، تحمل بصمات بروكسل، التي تقف صامتة أمام جرائم تل أبيب، كما كانت صامتة أمام جرائم ليوبولد.
هذا التواطؤ ليس جديدًا. في الكونغو، كانت بروكسل تستضيف معارض بشرية، مثل تلك في عام 1897، لتبرير الاستعمار باسم "الحضارة". في غزة، تستخدم بروكسل اليوم لغة "حقوق الإنسان" لتبرير دعمها لإسرائيل، بينما تتجاهل الصور التي تبث من القطاع، لأطفال يموتون جوعًا أو تحت القصف. إنها نفس الرأسمالية المتوحشة، التي تغير أقنعتها لكنها تحتفظ بجوهرها: إبادة الشعوب التي تقاوم الهيمنة.
واشنطن وتل أبيب: المنفذون الرئيسيون
واشنطن، التي دعمت اغتيال لومومبا عبر CIA، تلعب اليوم دور الداعم الأكبر للإبادة في غزة. إدارة بايدن، التي تزود إسرائيل بمليارات الدولارات من الأسلحة، هي امتداد للمنطق الرأسمالي الذي استغل الكونغو. الشركات العسكرية الأمريكية، التي تكسب أرباحًا طائلة من هذه الحرب، هي المستفيد الحقيقي، بينما تُستخدم الروايات عن "الأمن القومي" لتبرير الجرائم. البث المباشر من غزة يكشف هذا التواطؤ، حيث تظهر الصور قنابل أمريكية الصنع تدمر بيوت المدنيين، تمامًا كما كانت الأسلحة البلجيكية تُستخدم لقمع الكونغوليين.
تل أبيب، بدورها، هي المنفذ الرئيسي لهذه الإبادة، لكنها ليست سوى أداة في يد الرأسمالية الغربية. الكيان الصهيوني، الذي تأسس كمشروع استعماري، يخدم مصالح الغرب في السيطرة على الشرق الأوسط، تمامًا كما خدمت بلجيكا مصالح الرأسمالية الأوروبية في الكونغو. الصور التي تبث من غزة، لأطفال يُقتلون بصواريخ إسرائيلية، تحمل نفس الألم الذي حملته صور الأطفال الكونغوليين المبتورة أيديهم، وكأن الرأسمالية المتوحشة تكرر نفس السيناريو: شعب يُذبح لأنه يقاوم.
المحميات الخليجية: أدوات الرأسمالية الجديدة
في الكونغو، كانت الميليشيات المحلية، التي جندها البلجيكيون، أدوات لتنفيذ الإبادة. في غزة والسودان اليوم، تلعب المحميات الخليجية – قطر، السعودية، الإمارات – دورًا مماثلاً. هذه الدول، التي تهرع للتطبيع مع الكيان الصهيوني، تدعم الرأسمالية الغربية عبر تمويل الصراعات وغض الطرف عن جرائم غزة. في السودان، حيث قُتل أكثر من مئة وخمسين ألف مدني منذ 2023، تغذي الإمارات وقطر الحرب الأهلية عبر تمويل الجماعات المسلحة، لضمان السيطرة على الموارد مثل الذهب والنفط. هذه المحميات هي امتداد للمنطق الرأسمالي الذي دمر الكونغو، حيث تُستخدم كأدوات لخدمة واشنطن وبروكسل وتل أبيب.
البث المباشر من غزة يكشف هذا التواطؤ، حيث تظهر الصور أطفالًا يموتون جوعًا بينما تستمر المحميات الخليجية في دعم الكيان الصهيوني اقتصاديًا وسياسيًا. إنها نفس الاستراتيجية التي استخدمها البلجيكيون في الكونغو: تجنيد عملاء محليين لتنفيذ أجندة الرأسمالية الغربية. لكن كما قاوم الكونغوليون هذا الظلم، فإن الشعب الفلسطيني يقاوم اليوم، رغم الحصار والقصف، في شهادة على أن الرأسمالية المتوحشة، مهما كانت قوتها، لا يمكنها كسر إرادة شعب.
دعوة للتحرر: من الكونغو إلى غزة
إن قصة الكونغو وغزة هي قصة واحدة: شعوب تُذبح لأنها تقاوم أطماع الرأسمالية المتوحشة. في الكونغو، كانت الأيدي المبتورة رمزًا للوحشية. في غزة، هي الأجساد الممزقة تحت الأنقاض. لكن وسط هذا الظلام، هناك أمل. المقاومة الفلسطينية، التي تتحدى أقوى آلة عسكرية بدعم غربي، هي امتداد لنضال الكونغوليين ضد ليوبولد. وكما ألهم باتريس لومومبا إفريقيا، فإن صمود غزة يلهم العالم.
اليوم، على الشعوب العربية والإفريقية أن تستلهم هذا الإرث، وأن تقاوم لوبي العولمة في واشنطن وبروكسل وتل أبيب. القضاء على المحميات الخليجية وتركيا إردوغان والكيان الصهيوني ليس خيارًا، بل ضرورة لاستعادة الكرامة. البث المباشر من غزة، الذي يكشف جرائم الرأسمالية المتوحشة، هو نداء للعمل، نداء لكل عربي وإفريقي ليكون صوتًا للعدالة، كما كانت مصر عبد الناصر صوتًا لعائلة لومومبا. إن التحرر من هذا التوحش يبدأ من غزة، ويمتد إلى قلب إفريقيا، في قصة جديدة تُكتب بدماء الأبطال.
الفصل السادس: السودان وغزة – استمرارية الإبادة الجماعية في خدمة الرأسمالية المتوحشة
في أراضي السودان الشاسعة، حيث تتدفق مياه النيل عبر سهول الجزيرة وصحاري دارفور، كتب التاريخ فصولاً من المعاناة لم تتوقف منذ أيام الاستعمار البريطاني. منذ عام 2023، تحول السودان إلى مسرح لإبادة جماعية جديدة، حيث قُتل أكثر من مئة وخمسين ألف مدني، وانتشر الاغتصاب كسلاح حرب، ونزح ملايين آخرين في ظل صراع مدعوم من قوى خارجية. هذه المأساة، التي تُغذيها المحميات الخليجية مثل الإمارات وقطر، ليست مجرد حرب أهلية، بل هي امتداد لنفس منطق الرأسمالية المتوحشة التي دمرت الكونغو في القرن التاسع عشر، وتدمر غزة اليوم. البث المباشر للقصف الإسرائيلي على غزة، الذي يُظهر أطفالاً تحت الأنقاض وبيوتاً مدمرة، يتوازى مع مشاهد الدمار في السودان، حيث تُحرق القرى وتُقتل العائلات بأكملها. إن السودان وغزة هما وجهان لعملة واحدة: إبادة جماعية تخدم توسع الهيمنة الرأسمالية الغربية، بقيادة لوبي العولمة في واشنطن بايدن وبروكسل وتل أبيب.
السودان: إبادة من أجل الموارد
السودان، بثرواته الطبيعية الهائلة من الذهب والنفط واليورانيوم، كان دائمًا هدفًا للرأسمالية الغربية. في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، سيطر الاستعمار البريطاني على السودان، مستغلاً موارده الزراعية وموقعه الاستراتيجي على البحر الأحمر. لكن بعد الاستقلال عام 1956، لم ينته الاستغلال، بل تحول إلى شكل جديد من الاستعمار الاقتصادي، حيث أصبحت الشركات متعددة الجنسيات، بدعم من الغرب، تسيطر على الموارد عبر عملاء محليين وصراعات مدفوعة الأجر.
منذ أبريل 2023، اندلع صراع دامٍ بين الجيش السوداني، بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). هذا الصراع، الذي بدا على السطح كنزاع داخلي، هو في جوهره حرب بالوكالة تخدم أجندات الرأسمالية الغربية. الإمارات، التي تمول قوات الدعم السريع، تسعى للسيطرة على مناجم الذهب في دارفور، بينما تدعم قطر والسعودية أطرافًا أخرى لضمان نفوذها الاقتصادي. هذه المحميات الخليجية، التي تعمل كأدوات للوبي العولمة في واشنطن وبروكسل، تكرر دور الميليشيات المحلية التي جندها البلجيكيون في الكونغو لتنفيذ إبادتهم.
النتيجة كانت كارثية: أكثر من مئة وخمسين ألف قتيل، معظمهم مدنيون، وأكثر من عشرة ملايين نازح داخليًا وخارجيًا. القرى في دارفور وكردفان تُحرق، والنساء يُعانين من الاغتصاب المنهجي كسلاح لكسر إرادة المجتمعات. تقارير منظمات حقوقية، مثل هيومن رايتس ووتش، وثقت استخدام قوات الدعم السريع للقنابل العنقودية في مناطق مكتظة بالمدنيين، مما يذكرنا بالعقوبات الجماعية التي فرضها البلجيكيون على الكونغوليين عبر بتر الأطراف وحرق القرى. الصور القادمة من السودان، لأطفال يتضورون جوعًا وأمهات يبحثن عن أبنائهن وسط الدمار، تحمل نفس الألم الذي حملته صور الكونغو في معرض بروكسل عام 1999.
هذه الإبادة ليست نتيجة نزاع محلي، بل هي جزء من استراتيجية رأسمالية للسيطرة على الموارد. الذهب السوداني، الذي يُهرب عبر الإمارات إلى الأسواق العالمية، يُستخدم لتمويل الشركات متعددة الجنسيات، بينما يُحرم الشعب السوداني من ثرواته. تمامًا كما كان المطاط في الكونغو يُشحن إلى بروكسل لتكديس ثروات الرأسماليين، يُستغل الذهب والنفط في السودان لخدمة مصالح واشنطن وبروكسل، بينما يُترك الشعب ليموت جوعًا أو تحت القصف.
غزة: إبادة من أجل الهيمنة الجيوسياسية
في غزة، تتكرر نفس التراجيديا بأدوات أكثر تطورًا. منذ أكتوبر 2023، شن الكيان الصهيوني، بدعم مباشر من واشنطن بايدن وبروكسل، حملة إبادة جماعية قتلت أكثر من أربعين ألف فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، ودمرت البنية التحتية بشكل شبه كامل. البث المباشر لهذه الجرائم، الذي يعرض مشاهد مروعة لمستشفيات تُقصف ومدارس تُحول إلى أنقاض، يكشف عن وحشية تفوق الوصف. الأطفال الذين يُقتلون تحت القنابل الإسرائيلية، والأمهات اللواتي يصرخن وهن يحملن جثث أبنائهن، هم أحفاد أولئك الأطفال الكونغوليين الذين عُرضت صورهم في بروكسل، ضحايا نفس الرأسمالية المتوحشة التي تُبرر جرائمها بدعوى "الأمن" أو "الحضارة".
غزة، بموقعها الاستراتيجي وحقول الغاز البحرية، تُعتبر عقبة أمام أطماع الرأسمالية الغربية. المقاومة الفلسطينية، التي ترفض الخضوع للاحتلال، تُصنف كتهديد لمصالح الشركات متعددة الجنسيات، التي ترى في فلسطين ممرًا اقتصاديًا يجب السيطرة عليه. قرارات الاتحاد الأوروبي، التي تصدر من بروكسل، بقطع تمويل الأونروا في عام 2024، بناءً على اتهامات إسرائيلية مفبركة، هي جزء من استراتيجية لتجويع الشعب الفلسطيني وكسر إرادته، تمامًا كما استخدم البلجيكيون المجاعات في الكونغو لإخضاع القرى. الصور التي تبث من غزة، لأطفال يموتون جوعًا أو تحت الأنقاض، هي مرآة لصور الكونغو، حيث كانت العائلات تُترك لتموت لأنها لم تجمع ما يكفي من المطاط.
الرأسمالية المتوحشة: من المطاط إلى الذهب والغاز
الرابط بين السودان وغزة والكونغو هو منطق الرأسمالية المتوحشة، التي تستخدم الإبادة الجماعية كأداة لتوسيع هيمنتها. في الكونغو، كانت الشركات البلجيكية والبريطانية تستغل المطاط والمعادن، بينما توفر الحكومات الغربية الدعم العسكري والسياسي. في السودان، تلعب الشركات متعددة الجنسيات، مثل تلك المرتبطة بالتعدين والنفط، دورًا مماثلاً، بينما توفر الإمارات وقطر التمويل للميليشيات لضمان استمرار الصراع. في غزة، تكسب شركات الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية، مثل بوينغ وإلبيت سيستمز، أرباحًا طائلة من القصف، بينما تطمع شركات الطاقة في حقول الغاز البحرية.
هذه الشركات، التي تعمل تحت مظلة لوبي العولمة في واشنطن وبروكسل، لا تهتم بحياة المدنيين، سواء في السودان أو غزة أو الكونغو. بالنسبة لها، الأطفال الذين يموتون تحت القصف أو الجوع هم مجرد "أضرار جانبية" في سبيل الربح. البث المباشر من غزة، الذي يُظهر مستشفى الشفاء وهو يتحول إلى ركام، يوازيه تقارير من السودان عن تدمير مستشفيات في الخرطوم ونيالا. إنها نفس الاستراتيجية التي استخدمها البلجيكيون في الكونغو: تدمير البنية الاجتماعية للشعب لضمان خضوعه.
بروكسل: مركز التواطؤ المستمر
بروكسل، التي كانت مركز تخطيط إبادة الكونغو، تظل اليوم مركز التواطؤ في جرائم السودان وغزة. كعاصمة الاتحاد الأوروبي، تصدر بروكسل قرارات تدعم الهيمنة الرأسمالية، سواء عبر تجاهل الصراع في السودان أو دعم إسرائيل في غزة. ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، التي تقود الاتحاد الأوروبي، تُبرر قطع تمويل الأونروا بدعوى "مكافحة الإرهاب"، بينما تتجاهل تقارير الأمم المتحدة التي توثق استخدام الإمارات للأسلحة في السودان. هذا الصمت هو نفس الصمت الذي رافق معارض بروكسل البشرية في القرن التاسع عشر، حيث كان الكونغوليون يُعرضون كدليل على "تفوق" الحضارة الأوروبية.
البث المباشر من غزة، الذي يكشف جرائم إسرائيل، يضع بروكسل أمام مرآة الحقيقة. الصور التي تُظهر أطفال غزة يُقتلون بقنابل أمريكية الصنع، بينما تدعم أوروبا إسرائيل سياسيًا، هي امتداد لصور الأطفال الكونغوليين المبتورة أيديهم. في السودان، تتجاهل بروكسل دور الإمارات في تمويل الإبادة، لأن هذه المحمية تخدم مصالح الرأسمالية الغربية. إنها نفس الرأسمالية المتوحشة، التي تُبرر جرائمها بدعوى "الاستقرار" أو "التنمية".
واشنطن وتل أبيب: المنفذون والمستفيدون
واشنطن، التي دعمت اغتيال لومومبا وإبادة الكونغو، تظل الداعم الأكبر للإبادة في غزة والسودان. إدارة بايدن، التي تزود إسرائيل بمليارات الدولارات من الأسلحة، وتغض الطرف عن تمويل الإمارات لقوات الدعم السريع في السودان، هي امتداد للمنطق الرأسمالي الذي استغل الكونغو. الشركات العسكرية الأمريكية، مثل لوكهيد مارتن، تكسب أرباحًا طائلة من حرب غزة، بينما تستفيد شركات التعدين من الفوضى في السودان. البث المباشر من غزة، الذي يُظهر قنابل أمريكية تدمر بيوت المدنيين، يوازيه تقارير عن أسلحة غربية تُستخدم في السودان، في تكرار للوحشية التي شهدتها الكونغو.
تل أبيب، كأداة للرأسمالية الغربية، تنفذ الإبادة في غزة بنفس الوحشية التي نفذت بها بلجيكا جرائمها في الكونغو. الكيان الصهيوني، الذي يعتمد على الدعم الأمريكي والأوروبي، يُبرر قتله للمدنيين بدعوى "الدفاع عن النفس"، تمامًا كما برر ليوبولد إبادته بدعوى "الحضارة". الصور التي تبث من غزة، لأطفال ممزقة أجسادهم، هي مرآة لصور الكونغو، حيث كانت الأيدي المبتورة رمزًا للتوحش الرأسمالي.
المحميات الخليجية: أدوات الإبادة الحديثة
المحميات الخليجية – الإمارات، قطر، السعودية – هي العملاء المحليون للرأسمالية الغربية في السودان وغزة، تمامًا كما كانت الميليشيات المحلية أدوات البلجيكيين في الكونغو. في السودان، تمول الإمارات قوات الدعم السريع، التي ترتكب مجازر في دارفور، بينما تدعم قطر أطرافًا أخرى لضمان نفوذها. هذه المحميات، التي تهرع للتطبيع مع الكيان الصهيوني، تدعم الإبادة في غزة عبر صمتها وتواطؤها الاقتصادي. البث المباشر من غزة، الذي يكشف جرائم إسرائيل، يضع هذه المحميات أمام مسؤوليتها، لكنها تختار خدمة واشنطن وبروكسل بدلاً من الوقوف مع الشعب الفلسطيني.
في الكونغو، كانت الميليشيات المحلية تُستخدم لتنفيذ أوامر البلجيكيين، مقابل وعود بالسلطة. في السودان، تُستخدم قوات الدعم السريع لتنفيذ أجندة الإمارات، مقابل أرباح من الذهب. في غزة، تُستخدم الأنظمة العميلة في الخليج لتثبيت الهيمنة الصهيونية، مقابل حماية أمريكية. إنها نفس الاستراتيجية: تجنيد عملاء محليين لخدمة الرأسمالية المتوحشة، بينما تُترك الشعوب لتموت تحت وطأة الإبادة.
دعوة للمقاومة: من الكونغو إلى السودان وغزة
إن قصة السودان وغزة والكونغو هي قصة واحدة: شعوب تُذبح لأنها تقاوم أطماع الرأسمالية المتوحشة. في الكونغو، كانت الأيدي المبتورة رمزًا للوحشية. في السودان، هي القرى المحروقة والأطفال النازحون. في غزة، هي الأجساد تحت الأنقاض. لكن وسط هذا الظلام، هناك أمل. المقاومة الفلسطينية، التي تتحدى الكيان الصهيوني رغم الحصار، والمقاومة السودانية، التي تواجه الميليشيات المدعومة من الخليج، هما امتداد لنضال الكونغوليين ضد ليوبولد.
اليوم، على الشعوب العربية والإفريقية أن تستلهم هذا الإرث، وأن تقاوم لوبي العولمة في واشنطن وبروكسل وتل أبيب. القضاء على المحميات الخليجية – الإمارات، قطر، السعودية – وتركيا إردوغان والكيان الصهيوني هو السبيل لاستعادة الكرامة. البث المباشر من غزة، الذي يكشف جرائم الرأسمالية المتوحشة، هو نداء للعمل، نداء لكل عربي وإفريقي ليكون صوتًا للعدالة، كما كان باتريس لومومبا صوتًا للكونغو، وجمال عبد الناصر صوتًا للتحرر. إن الطريق إلى الحرية يمر عبر غزة والسودان، في قصة جديدة تُكتب بدماء الأبطال وإرادة الشعوب.
الفصل السابع: التضامن العربي-الإفريقي – إعادة إحياء روح لومومبا وناصر لمواجهة الإبادة الرأسمالية في غزة والكونغو
في قلب التاريخ المضطرب للكونغو، حيث كانت أشجار المطاط تُروى بدماء الملايين، وفي شوارع غزة المحاصرة، حيث تُدمر البيوت وتُقتل الأطفال تحت أعين العالم، تتجلى قصة واحدة: شعوب تُذبح لأنها ترفض الخضوع للرأسمالية المتوحشة. من إبادة عشرة ملايين كونغولي من أجل المطاط إلى قتل عشرات الآلاف في غزة من أجل الهيمنة الجيوسياسية، يظل منطق الرأسمالية الغربية ثابتًا: الإبادة الجماعية كأداة لتوسيع السيطرة. لكن وسط هذا الظلام، هناك شعلة أمل أضاءتها لحظات التضامن العربي-الإفريقي، مثل إنقاذ مصر جمال عبد الناصر لعائلة باتريس لومومبا عام 1961. هذا التضامن، الذي تحدى التوحش الاستعماري، هو السلاح الحقيقي لمواجهة لوبي العولمة في واشنطن بايدن وبروكسل وتل أبيب، الذي يبث جرائمه عبر شاشات البث المباشر، من تدمير بيوت غزة إلى إحراق قرى السودان. إن إعادة إحياء روح لومومبا وناصر هو السبيل لتحرير الشعوب العربية والإفريقية من هذا التوحش.
روح التضامن: من ناصر إلى لومومبا
كان التضامن العربي-الإفريقي، الذي تجسد في علاقة جمال عبد الناصر وباتريس لومومبا، أكثر من مجرد تحالف سياسي. كان إيمانًا بأن تحرر الشعوب المضطهدة مترابط، وأن النضال ضد الاستعمار يتطلب جبهة موحدة. عبد الناصر، الذي قاد ثورة 1952 وأمم قناة السويس، جعل مصر ملاذًا للثوار من إفريقيا والعالم العربي. القاهرة، في الخمسينيات والستينيات، كانت مركزًا للنشطاء الذين فروا من الاضطهاد الاستعماري، من كوامي نكروما إلى جبهة التحرير الجزائرية. لومومبا، الذي رأى في ناصر نموذجًا للزعيم القومي، وجد في مصر حليفًا يشاركه الحلم بتحرير القارتين من الهيمنة الغربية.
عندما أُعدم لومومبا عام 1961، وأُذيب جسده في الحمض، كان ناصر يدرك أن الغرب لن يكتفي بقتل الزعيم، بل سيطارد أفكاره وإرثه. عملية إنقاذ عائلة لومومبا – بولين وأطفالها فرانسوا، باتريس، جوليانا، ورولاند – لم تكن مجرد إنقاذ إنساني، بل كانت رسالة إلى إفريقيا: الشعوب العربية لن تترك إخوتها وحدهم. هذه العملية، التي نفذتها المخابرات المصرية بجوازات وهمية وتنسيق دقيق، أعادت الكرامة لعائلة لومومبا، وأثبتت أن التضامن يمكن أن يتحدى التوحش الاستعماري.
هذا التضامن يجد مرآته في غزة اليوم، حيث يواجه الشعب الفلسطيني إبادة جماعية على يد الكيان الصهيوني، بدعم من واشنطن بايدن وبروكسل. البث المباشر للقصف الإسرائيلي، الذي يُظهر أطفالاً تحت الأنقاض وأمهات يبكين أبناءهن، هو نداء لإعادة إحياء روح ناصر. لكن بدلاً من التضامن، نرى المحميات الخليجية – الإمارات، قطر، السعودية – تُطبّع مع إسرائيل، وتدعم الإبادة في السودان، في تكرار لدور العملاء المحليين الذين خدموا البلجيكيين في الكونغو.
الكونغو: إرث الإبادة الرأسمالية
في الكونغو، كانت الإبادة الجماعية في القرن التاسع عشر تعبيرًا عن جشع الرأسمالية الغربية. تحت حكم ليوبولد الثاني، أُجبر الكونغوليون على جمع المطاط تحت تهديد بتر الأطراف وحرق القرى. هذه الوحشية، التي قتلت عشرة ملايين إنسان، لم تكن نتيجة نزوة شخصية، بل كانت استراتيجية لتكديس الثروات في بروكسل ولندن. الشركات البلجيكية والبريطانية، مثل يونيون مينيير، استغلت المطاط والمعادن، بينما كانت الحكومات الغربية توفر الغطاء السياسي. الصور التي عُرضت في معرض بروكسل حوالي عام 1999، لأطفال مبتوري الأيدي، كانت شاهدة على هذا التوحش، لكنها جاءت متأخرة، في زمن كانت فيه بروكسل قد تحولت إلى عاصمة الاتحاد الأوروبي، مركزًا جديدًا للرأسمالية العولمية.
هذا الإرث لم ينته. اغتيال لومومبا عام 1961، بدعم من CIA وبلجيكا، كان محاولة لإسكات صوت المقاومة الكونغولية، لكنه ألهم أجيالاً من المناضلين. الكونغو اليوم، رغم ثرواتها الهائلة، تعاني من الفوضى والفقر، نتيجة استمرار الاستغلال الرأسمالي عبر شركات التعدين الغربية والصينية. هذا الاستغلال هو نفس المنطق الذي يدمر غزة، حيث تُستخدم الإبادة لضمان الهيمنة الاقتصادية والجيوسياسية.
غزة: مرآة الكونغو في العصر الحديث
في غزة، تتكرر مأساة الكونغو بأدوات أكثر تطورًا. منذ أكتوبر 2023، شن الكيان الصهيوني، بدعم من واشنطن بايدن وبروكسل، حملة إبادة جماعية قتلت أكثر من أربعين ألف فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، ودمرت البنية التحتية بشكل شبه كامل. البث المباشر لهذه الجرائم، الذي يُظهر مستشفيات تُقصف ومدارس تُحول إلى أنقاض، يكشف عن وحشية تفوق تلك التي شهدتها الكونغو. لكن الهدف يظل نفسه: كسر إرادة شعب يقاوم الهيمنة الرأسمالية.
غزة، بحقولها البحرية من الغاز وموقعها الاستراتيجي، تُعتبر عقبة أمام أطماع الشركات متعددة الجنسيات، التي ترى في فلسطين سوقًا وممرًا اقتصاديًا. قرارات الاتحاد الأوروبي، التي تصدر من بروكسل، بقطع تمويل الأونروا عام 2024، بناءً على اتهامات إسرائيلية مفبركة، هي تكرار للعقوبات الجماعية التي فرضها البلجيكيون على الكونغوليين. الصور التي تبث من غزة، لأطفال يتضورون جوعًا، تحمل نفس الألم الذي حملته صور الكونغو، حيث كانت المجاعات أداة للإخضاع. إنها نفس الرأسمالية المتوحشة، التي تُبرر إبادتها بدعوى "الأمن" بدلاً من "الحضارة".
التضامن كسلاح: دروس من ناصر ولومومبا
إن التضامن العربي-الإفريقي، الذي تجسد في إنقاذ عائلة لومومبا، هو السلاح الحقيقي لمواجهة هذا التوحش. عبد الناصر لم يكتفِ بدعم الكونغو سياسيًا، بل جعل مصر درعًا لعائلة لومومبا، في رسالة إلى العالم أن الشعوب المضطهدة يمكنها أن تقاوم معًا. هذا التضامن لم يكن مجرد عمل إنساني، بل كان استراتيجية لتحرير القارتين من الهيمنة الغربية. ناصر، الذي دعم حركات التحرر في الجزائر وغانا، أدرك أن الاستعمار يعتمد على تقسيم الشعوب، وأن الوحدة هي السبيل لكسره.
هذا الدرس يبقى حيًا اليوم. في غزة، حيث يبث العالم مشاهد الإبادة الجماعية، هناك حاجة ماسة إلى تضامن عربي-إفريقي يستلهم روح ناصر ولومومبا. لكن بدلاً من الوحدة، نرى المحميات الخليجية – الإمارات، قطر، السعودية – تُطبّع مع الكيان الصهيوني، وتغذي الصراعات في السودان، في تكرار لدور الميليشيات المحلية التي خدمت البلجيكيين في الكونغو. هذه المحميات، التي تعمل كأدوات للوبي العولمة في واشنطن وبروكسل، هي العدو الحقيقي للشعوب العربية والإفريقية، تمامًا كما كانت CIA وبلجيكا عدوًا للومومبا.
بروكسل وواشنطن وتل أبيب: مراكز التوحش
بروكسل، التي كانت مركز تخطيط إبادة الكونغو، تظل اليوم مركز التواطؤ في جرائم غزة والسودان. كعاصمة الاتحاد الأوروبي، تصدر بروكسل قرارات تدعم الإبادة، سواء عبر قطع تمويل الأونروا أو تجاهل الصراع في السودان. ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، التي تقود الاتحاد، تُبرر دعمها لإسرائيل بدعوى "الدفاع عن النفس"، بينما تتجاهل تقارير الأمم المتحدة التي توثق جرائم الحرب في غزة. هذا الصمت هو نفس الصمت الذي رافق معارض بروكسل البشرية عام 1897، حيث كان الكونغوليون يُعرضون كدليل على "تفوق" الغرب.
واشنطن، بدورها، تظل الداعم الأكبر للإبادة. إدارة بايدن، التي تزود إسرائيل بمليارات الدولارات من الأسلحة، تكرر دورها في دعم اغتيال لومومبا. الشركات العسكرية الأمريكية، مثل بوينغ ولوكهيد مارتن، تكسب أرباحًا طائلة من حرب غزة، تمامًا كما كسبت الشركات البلجيكية ثروات من المطاط الكونغولي. البث المباشر من غزة، الذي يُظهر قنابل أمريكية تدمر بيوت المدنيين، يكشف هذا التواطؤ، كما كشفت صور الأطفال الكونغوليين المبتورة أيديهم وحشية بروكسل.
تل أبيب، كأداة للرأسمالية الغربية، تنفذ الإبادة في غزة بنفس المنطق الذي نفذت به بلجيكا جرائمها في الكونغو. الكيان الصهيوني، الذي يعتمد على الدعم الأمريكي والأوروبي، يُبرر قتله للمدنيين بدعوى "مكافحة الإرهاب"، كما برر ليوبولد إبادته بدعوى "الحضارة". الصور التي تبث من غزة، لأطفال ممزقة أجسادهم، هي مرآة لصور الكونغو، حيث كانت الأيدي المبتورة رمزًا للتوحش الرأسمالي.
إعادة إحياء التضامن: دعوة للعمل
إن التضامن العربي-إفريقي هو السبيل لمواجهة هذا التوحش. روح لومومبا، التي تحدت الاستعمار البلجيكي، وروح ناصر، التي دعمت حركات التحرر، يجب أن تُبعث من جديد. في غزة، حيث يقاوم الشعب الفلسطيني رغم الحصار والقصف، وفي السودان، حيث يواجه المدنيون إبادة مدعومة من الخليج، هناك حاجة إلى جبهة موحدة. هذه الجبهة يجب أن تقاوم ليس فقط الكيان الصهيوني، بل أيضًا المحميات الخليجية – الإمارات، قطر، السعودية – وتركيا إردوغان، التي تدعم الرأسمالية الغربية عبر التطبيع والصراعات بالوكالة.
البث المباشر من غزة، الذي يكشف جرائم إسرائيل، هو نداء للشعوب العربية والإفريقية. الصور التي تُظهر أطفال غزة تحت الأنقاض، وأمهات السودان النازحات، هي تذكير بأن الرأسمالية المتوحشة لا تتوقف إلا بالمقاومة. على الشعوب أن تتحد، كما تحد ناصر ولومومبا، لفضح تواطؤ بروكسل وواشنطن وتل أبيب، ولإسقاط المحميات العميلة. إن التحرر من هذا التوحش يبدأ من غزة، ويمتد إلى السودان والكونغو، في قصة جديدة تُكتب بإرادة الشعوب ودماء الأبطال.
الفصل الثامن: المقاومة والأمل – من الكونغو إلى غزة، شعوب تتحدى الإبادة الرأسمالية
في غابات الكونغو، حيث كانت الأيدي المبتورة شاهدة على وحشية الرأسمالية البلجيكية، وفي شوارع غزة المحطمة، حيث تُمزق أجساد الأطفال تحت القنابل الإسرائيلية، تروي الشعوب قصة مقاومة واحدة: تحدي الإبادة الجماعية التي تفرضها الرأسمالية المتوحشة. منذ أيام ليوبولد الثاني، الذي قتل عشرة ملايين كونغولي من أجل المطاط، إلى اليوم، حيث يُقتل عشرات الآلاف في غزة من أجل الهيمنة الجيوسياسية، ظل منطق الرأسمالية الغربية ثابتًا: إبادة الشعوب التي ترفض الخضوع. لكن وسط هذا الدمار، برزت مقاومة لا تُكسر، من صمود باتريس لومومبا إلى إرادة الشعب الفلسطيني. البث المباشر للقصف الإسرائيلي على غزة، الذي يُظهر بيوتًا مدمرة وأطفالًا تحت الأنقاض، ليس مجرد سرد للمأساة، بل هو دعوة للشعوب العربية والإفريقية لإعادة إحياء التضامن، ومواجهة لوبي العولمة في واشنطن بايدن وبروكسل وتل أبيب، والمحميات الخليجية العميلة.
المقاومة في الكونغو: صمود شعب
في الكونغو، لم تكن الإبادة الجماعية في القرن التاسع عشر مجرد فصل من الاستغلال، بل كانت حربًا ضد إرادة شعب. تحت حكم ليوبولد الثاني، أُجبر الكونغوليون على جمع المطاط تحت تهديد بتر الأطراف وحرق القرى. لكن رغم الوحشية، لم يستسلم الكونغوليون. قاوموا بطرقهم الخاصة: تهريب الموارد، إخفاء العائلات، وحتى تنظيم انتفاضات صغيرة ضد الجنود البلجيكيين. هذه المقاومة، رغم قمعها، زرعت بذور النضال الذي تجسد لاحقًا في شخص باتريس لومومبا.
لومومبا، الذي تحدى الاستعمار البلجيكي بخطابه الناري في يوم الاستقلال عام 1960، كان رمزًا لهذا الصمود. حتى عندما أُعدم عام 1961، وأُذيب جسده في الحمض، لم يمت إرثه. ألهم لومومبا أجيالاً من المناضلين، من توماس سانكارا في بوركينا فاسو إلى نلسون مانديلا في جنوب إفريقيا. المقاومة الكونغولية، رغم الفوضى التي أعقبت اغتياله، استمرت في مواجهة الاستغلال الرأسمالي، سواء عبر حركات مثل تحالف القوى الديمقراطية أو الاحتجاجات الشعبية ضد شركات التعدين الغربية.
هذا الصمود يجد مرآته في غزة اليوم. البث المباشر للقصف الإسرائيلي، الذي يُظهر أطفالاً يُقتلون ومستشفيات تُدمر، لا يروي قصة هزيمة، بل قصة مقاومة. الشعب الفلسطيني، الذي يواجه أقوى آلة عسكرية بدعم من واشنطن وبروكسل، يُظهر إرادة لا تُكسر، تمامًا كما أظهر الكونغوليون إرادتهم ضد البلجيكيين. الصور التي تبث من غزة، لشباب يواجهون الدبابات بالحجارة، هي امتداد لصور الكونغوليين الذين تحدوا البنادق البلجيكية بأدوات بدائية.
المقاومة في غزة: إرادة لا تُكسر
في غزة، تُكتب واحدة من أعظم ملاحم المقاومة في التاريخ الحديث. منذ أكتوبر 2023، شن الكيان الصهيوني، بدعم من واشنطن بايدن وبروكسل، حملة إبادة جماعية قتلت أكثر من أربعين ألف فلسطيني، ودمرت البنية التحتية بشكل شبه كامل. لكن رغم الحصار والقصف، لم يستسلم الشعب الفلسطيني. المقاومة، التي تُنظم هجمات ضد القوات الإسرائيلية، ليست مجرد عمل عسكري، بل هي تعبير عن إرادة شعب يرفض أن يُمحى. الأطفال الذين يرسمون أحلامهم على جدران المدارس المدمرة، والأمهات اللواتي يعدن بناء بيوتهن من الأنقاض، هم أبطال هذه المقاومة.
هذه الإرادة ليست جديدة. منذ النكبة عام 1948، قاوم الفلسطينيون الاحتلال الصهيوني بكل الوسائل: الانتفاضات، المظاهرات، والعمليات المسلحة. كل قنبلة تُلقى على غزة، وكل قرار من بروكسل بقطع تمويل الأونروا، يُقابل بصمود أقوى. البث المباشر من غزة، الذي يُظهر أطفالاً يُقتلون تحت القصف، لا يُظهر ضحايا فقط، بل أبطالاً يُلهمون العالم. هذه الصور، التي تحمل ألم الأطفال الكونغوليين المبتورة أيديهم، تُذكرنا بأن المقاومة هي الرد الحقيقي على الرأسمالية المتوحشة.
الرأسمالية المتوحشة: من المطاط إلى الغاز
الرابط بين الكونغو وغزة هو منطق الرأسمالية المتوحشة، التي تستخدم الإبادة لتوسيع هيمنتها. في الكونغو، كانت الشركات البلجيكية والبريطانية تستغل المطاط والمعادن، بينما توفر الحكومات الغربية الدعم العسكري. في غزة، تكسب شركات الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية، مثل بوينغ وإلبيت سيستمز، أرباحًا طائلة من القصف، بينما تطمع شركات الطاقة في حقول الغاز البحرية. هذه الشركات، التي تعمل تحت مظلة لوبي العولمة في واشنطن وبروكسل، لا تهتم بحياة المدنيين، سواء في الكونغو أو غزة. بالنسبة لها، الأطفال الذين يموتون تحت القصف هم مجرد أرقام في حسابات الربح.
في الكونغو، كانت الإبادة تُبرر باسم "الحضارة". في غزة، تُبرر باسم "الدفاع عن النفس". لكن النتيجة واحدة: شعوب تُذبح لأنها تقاوم أطماع الرأسمالية. البث المباشر من غزة، الذي يُظهر مستشفى الشفاء وهو يتحول إلى ركام، يكشف زيف هذه الروايات. الصور التي تبث، لأمهات يحملن أطفالهن القتلى، هي مرآة لصور الكونغو، حيث كانت العائلات تُترك لتموت لأنها لم تجمع ما يكفي من المطاط.
بروكسل وواشنطن وتل أبيب: أركان التوحش
بروكسل، التي كانت مركز تخطيط إبادة الكونغو، تظل اليوم مركز التواطؤ في جرائم غزة. كعاصمة الاتحاد الأوروبي، تصدر بروكسل قرارات تدعم الإبادة، مثل قطع تمويل الأونروا عام 2024، بناءً على اتهامات إسرائيلية مفبركة. ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، التي تقود الاتحاد، تُبرر دعمها لإسرائيل بدعوى "الأمن"، بينما تتجاهل تقارير الأمم المتحدة التي توثق جرائم الحرب. هذا الصمت هو نفس الصمت الذي رافق معارض بروكسل البشرية عام 1897، حيث كان الكونغوليون يُعرضون كدليل على "تفوق" الغرب.
واشنطن، بدورها، تظل الداعم الأكبر للإبادة. إدارة بايدن، التي تزود إسرائيل بمليارات الدولارات من الأسلحة، تكرر دورها في دعم اغتيال لومومبا. الشركات العسكرية الأمريكية تكسب أرباحًا طائلة من حرب غزة، كما كسبت الشركات البلجيكية ثروات من الكونغو. البث المباشر من غزة، الذي يُظهر قنابل أمريكية تدمر بيوت المدنيين، يكشف هذا التواطؤ، كما كشفت صور الأطفال الكونغوليين وحشية بروكسل.
تل أبيب، كأداة للرأسمالية الغربية، تنفذ الإبادة في غزة بنفس المنطق الذي نفذت به بلجيكا جرائمها في الكونغو. الكيان الصهيوني، الذي يعتمد على الدعم الأمريكي والأوروبي، يُبرر قتله للمدنيين بدعوى "مكافحة الإرهاب"، كما برر ليوبولد إبادته بدعوى "الحضارة". الصور التي تبث من غزة، لأطفال ممزقة أجسادهم، هي مرآة لصور الكونغو، حيث كانت الأيدي المبتورة رمزًا للتوحش.
المحميات الخليجية: خيانة التضامن
المحميات الخليجية – الإمارات، قطر، السعودية – تُمثل خيانة لروح التضامن العربي-الإفريقي. بدلاً من الوقوف مع غزة والسودان، تُطبّع هذه الدول مع الكيان الصهيوني، وتغذي الصراعات في السودان لخدمة مصالح الرأسمالية الغربية. في السودان، تمول الإمارات قوات الدعم السريع، التي ترتكب مجازر في دارفور، بينما تدعم قطر أطرافًا أخرى لضمان نفوذها. هذه المحميات تكرر دور الميليشيات المحلية في الكونغو، التي جندها البلجيكيون لتنفيذ إبادتهم.
البث المباشر من غزة، الذي يكشف جرائم إسرائيل، يضع هذه المحميات أمام مسؤوليتها. صمتها عن تدمير بيوت المدنيين، ودعمها للكيان الصهيوني اقتصاديًا وسياسيًا، هو خيانة لإرث ناصر ولومومبا. إنها نفس الاستراتيجية التي استخدمها الغرب في الكونغو: تجنيد عملاء محليين لخدمة أجندته، بينما تُترك الشعوب لتموت تحت وطأة الإبادة.
إعادة إحياء الأمل: دعوة للتحرر
إن المقاومة في الكونغو وغزة هي مصدر الأمل. روح لومومبا، التي تحدت الاستعمار البلجيكي، وصمود الشعب الفلسطيني، الذي يواجه الكيان الصهيوني، يُظهران أن الرأسمالية المتوحشة، مهما كانت قوتها، لا يمكنها كسر إرادة شعب. على الشعوب العربية والإفريقية أن تستلهم هذا الإرث، وأن تتحد لمواجهة لوبي العولمة في واشنطن وبروكسل وتل أبيب. القضاء على المحميات الخليجية وتركيا إردوغان والكيان الصهيوني هو السبيل لاستعادة الكرامة.
البث المباشر من غزة، الذي يكشف جرائم الرأسمالية المتوحشة، هو نداء للعمل. الصور التي تُظهر أطفال غزة يرسمون أحلامهم على الأنقاض، وأمهات يعدن بناء بيوتهن، هي تذكير بأن المقاومة هي الرد الحقيقي على الإبادة. إن التحرر من هذا التوحش يبدأ من غزة، ويمتد إلى الكونغو والسودان، في قصة جديدة تُكتب بإرادة الشعوب ودماء الأبطال.
الفصل التاسع: إبادة اليمن – توحش المحميات الخليجية وصمود شعب يتحدى الرأسمالية المتوحشة
في اليمن، حيث تُروى الأرض بدماء الأطفال والمدنيين، كتب التاريخ فصلًا جديدًا من الإبادة الجماعية التي نفذتها المحميات الخليجية – السعودية والإمارات وقطر – بقيادة لوبي العولمة في واشنطن. منذ مارس 2015، شن تحالف هذه المحميات، بدعم مباشر من إدارة أوباما، أكثر من 370,000 غارة جوية على اليمن، استهدفت المدنيين، المدارس، المستشفيات، والأسواق، مخلفة أكثر من 400,000 شهيد، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا شبه كامل للبنية التحتية. هذه الإبادة، التي أُمر بها من السفير السعودي في واشنطن بأوامر أوباما، لم تكن مجرد حرب ضد جماعة الحوثي، بل كانت محاولة لكسر إرادة شعب يقاوم أطماع الرأسمالية الغربية في موارده الاستراتيجية وموقعه الحيوي. لكن اليمن، كالعنقاء، نهض من رماده، ليسيطر على البحار، ويتضامن مع غزة، ويوجه ضربات موجعة إلى العمق في تل أبيب وواشنطن، مُظهرًا أن الشعوب المضطهدة يمكنها تحدي التوحش الرأسمالي.
الإبادة الجماعية: أوامر من واشنطن
في 25 مارس 2015، أعلنت السعودية، بدعم من الإمارات وقطر، بدء عملية "عاصفة الحزم"، وهي حرب إبادة جماعية ضد اليمن بذريعة "استعادة الشرعية". لكن الحقيقة كانت أوضح: هذه الحرب أُطلقت بأوامر مباشرة من إدارة أوباما، التي وفرت الدعم اللوجستي والاستخباراتي والسلاح. السفير السعودي في واشنطن، عادل الجبير، كان الوسيط الذي نقل أوامر البيت الأبيض إلى الرياض، في صفقة تضمنت مليارات الدولارات من صفقات الأسلحة الأمريكية. وثائق لاحقة، كشفتها تقارير صحفية، أظهرت أن أوباما وافق شخصيًا على الحرب، رغم علمه بأنها ستستهدف المدنيين، كجزء من استراتيجية لإخضاع اليمن وتأمين مصالح الرأسمالية الغربية في البحر الأحمر.
الغارات الجوية، التي تجاوزت 370,000 غارة بحلول أبريل 2025، لم تميز بين مقاتل ومدني. دُمرت 3000 مدرسة، 2000 منشأة صحية، و1500 مكتب حكومي مدني، وفقًا لتقارير يمنية. أسواق مثل سوق الراجل في صعدة، ومستشفيات مثل مستشفى الكويت في صنعاء، تحولت إلى ركام. الصور التي انتشرت من اليمن، لأطفال ممزقة أجسادهم وأمهات يبكين تحت الأنقاض، كانت مرآة لصور غزة والكونغو، حيث تستخدم الرأسمالية الإبادة كأداة للهيمنة. تقارير الأمم المتحدة وثقت مقتل أكثر من 123,000 مدني بحلول أبريل 2025، معظمهم أطفال ونساء، بينما أصيب 247,000 آخرون، في أرقام لا تشمل الخسائر العسكرية.
الطمع في موارد اليمن وموقعه الاستراتيجي
لم تكن الحرب على اليمن مجرد رد على تقدم الحوثيين، بل كانت جزءًا من استراتيجية رأسمالية للسيطرة على موارده وموقعه الجيوسياسي. اليمن، الذي يطل على مضيق باب المندب، يُعتبر بوابة البحر الأحمر، حيث تمر 12% من التجارة العالمية. حقول النفط والغاز في مأرب والجوف، وثروات معدنية مثل الذهب والنحاس، جعلت اليمن هدفًا للشركات الغربية والخليجية. الإمارات، على وجه الخصوص، سيطرت على جزيرة سقطرى وموانئ عدن والمكلا، لتأمين نفوذها على الملاحة البحرية، بينما سعت السعودية للسيطرة على حقول النفط في حضرموت.
هذا الطمع لم يكن جديدًا. منذ الستينيات، دعمت السعودية، بدعم بريطاني وأمريكي، حروبًا بالوكالة في اليمن لمنع ظهور قوة قومية مستقلة. لكن حرب 2015 كانت الأكثر وحشية، حيث استخدمت المحميات الخليجية أسلحة أمريكية وبريطانية، مثل قنابل MK-84، لتدمير البنية التحتية اليمنية. تقارير منظمة العفو الدولية وثقت استخدام أسلحة محظورة، مثل القنابل العنقودية، في مناطق مدنية، مما يرقى إلى جرائم حرب. هذه الجرائم، التي نفذتها المحميات الخليجية، كانت امتدادًا للإبادة الرأسمالية في الكونغو وغزة، حيث تُستخدم الشعوب كوقود لأطماع الشركات متعددة الجنسيات.
دور المحميات الخليجية: أدوات الرأسمالية الغربية
المحميات الخليجية – السعودية، الإمارات، وقطر – لم تكن مجرد أطراف إقليمية، بل كانت أدوات للوبي العولمة في واشنطن وبروكسل. السعودية، التي قادت التحالف، تلقت دعمًا مباشرًا من الولايات المتحدة، بما في ذلك طائرات التزود بالوقود والاستخبارات. الإمارات، التي ركزت على السيطرة على الجنوب اليمني، استخدمت ميليشيات محلية، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، لتنفيذ أجندتها. قطر، رغم انسحابها الرسمي من التحالف عام 2017، استمرت في دعم أطراف الصراع بشكل غير مباشر لضمان نفوذها.
هذه المحميات تكرر دور الميليشيات المحلية التي استخدمها البلجيكيون في الكونغو، أو العملاء الذين دعموا إسرائيل في غزة. صفقات الأسلحة، التي بلغت قيمتها عشرات المليارات، كانت الحافز الرئيسي. شركات مثل بوينغ ولوكهيد مارتن جنت أرباحًا طائلة من بيع الطائرات والقنابل، بينما كانت المحميات الخليجية تُبرر إبادتها بدعوى "محاربة الإرهاب". لكن الصور التي انتشرت من اليمن، لأطفال يتضورون جوعًا بسبب الحصار البحري، ومستشفيات مدمرة، كشفت زيف هذه الرواية. الحصار، الذي فرضته السعودية والإمارات، تسبب في مجاعة أودت بحياة 85,000 طفل بحلول 2018، وفقًا لتقارير منظمة "أنقذوا الأطفال".
صمود اليمن: نهوض العنقاء
رغم الإبادة، أظهر الشعب اليمني صمودًا أسطوريًا. جماعة الحوثي، التي قاومت التحالف، طورت قدرات عسكرية متقدمة، من صواريخ باليستية إلى طائرات مسيرة، مما مكنها من استهداف منشآت نفطية سعودية، مثل هجوم آرامكو عام 2019. بحلول 2025، سيطر الحوثيون على معظم البحر الأحمر، مستهدفين السفن المتجهة إلى إسرائيل ردًا على حرب غزة. هذه العمليات، التي أفشلت محاولات واشنطن لردعهم بغارات B-52 وB-2، أظهرت أن اليمن ليس مجرد ضحية، بل قوة قادرة على تغيير موازين القوى.
اليمن، الذي دُمر "الشجر والحجر والبشر"، كما وصف أحد الناشطين، نهض كالعنقاء. الصور التي تبث من صنعاء، لمظاهرات تضامن مع غزة، والبث المباشر لهجمات الحوثيين على سفن إسرائيلية، هي رسالة إلى العالم: الشعوب المضطهدة يمكنها أن تقاوم. هذا التضامن مع غزة، الذي تجلى في قصف مواقع في تل أبيب، وتحدي واشنطن في البحر الأحمر، هو امتداد لروح لومومبا وناصر. اليمن، رغم ألمه، أصبح رمزًا للمقاومة ضد الرأسمالية المتوحشة.
التضامن مع غزة: جبهة موحدة ضد التوحش
تضامن اليمن مع غزة لم يكن مجرد رد فعل، بل كان استراتيجية لتوحيد الشعوب المضطهدة. منذ أكتوبر 2023، عندما كثفت إسرائيل إبادتها في غزة، أعلن الحوثيون استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل، مما تسبب في خسائر اقتصادية كبيرة للكيان الصهيوني. هذه العمليات، التي شملت إطلاق صواريخ على تل أبيب، كانت رسالة إلى واشنطن وتل أبيب: الإبادة في غزة لن تمر دون رد.
هذا التضامن يعكس إرث التضامن العربي-الإفريقي، حيث رأى اليمن في غزة مرآة لمعاناته. الصور التي تبث من غزة، لأطفال تحت الأنقاض، كانت صدى لصور اليمن، حيث دُمرت بيوت المدنيين بغارات سعودية-إماراتية. اليمن، الذي تحدى 370,000 غارة، أظهر أن المقاومة هي السبيل لكسر هيمنة المحميات الخليجية وداعميها في واشنطن وبروكسل.
واشنطن وتل أبيب: مهندسو الإبادة
واشنطن، التي أمرت بالإبادة في اليمن، تظل المهندس الرئيسي للتوحش الرأسمالي. إدارة أوباما، التي بدأت الحرب، وإدارة بايدن، التي واصلت تزويد السعودية والإمارات بالأسلحة، تتحملان مسؤولية دماء اليمنيين. الغارات الأمريكية المباشرة، التي بلغت 26 غارة في يوم واحد في أبريل 2025، كانت محاولة لردع اليمن عن دعم غزة، لكنها فشلت في كسر إرادته.
تل أبيب، التي استفادت من تطبيع المحميات الخليجية، لعبت دورًا غير مباشر في اليمن من خلال تقديم الدعم الاستخباراتي للتحالف. الصور التي تبث من غزة، لقنابل أمريكية تدمر بيوت المدنيين، هي نفس الصور التي رأيناها في اليمن، حيث استخدمت قنابل مماثلة لقتل الأطفال. هذا التواطؤ يكشف أن واشنطن وتل أبيب والمحميات الخليجية هم أركان نظام رأسمالي يعتمد على الإبادة.
دعوة للمقاومة: من اليمن إلى غزة
إن صمود اليمن هو دعوة للشعوب العربية والإفريقية للتحرر من الرأسمالية المتوحشة. الشعب اليمني، الذي تحدى أكثر من 370,000 غارة، وأعاد فرض سيطرته على البحر الأحمر، أثبت أن الإرادة أقوى من القنابل. تضامنه مع غزة، وضرباته الموجعة في تل أبيب، هي رسالة إلى المحميات الخلیجیة وداعمیھا: الإبادة لن تُكسر الشعوب.
البث المباشر من غزة واليمن، الذي يكشف جرائم الرأسمالية، هو نداء لإعادة إحياء روح لومومبا وناصر. على الشعوب أن تتحد، كما تحد اليمن وغزة، لفضح تواطؤ واشنطن وتل أبيب وبروكسل، وإسقاط المحميات العميلة. إن التحرر من هذا التوحش يبدأ من صنعاء وغزة، في قصة جديدة تُكتب بدماء الأبطال وإرادة الشعوب.
الفصل العاشر: إبادة العراق – حصار وحروب المحميات الخليجية وتدمير شعب باسم الرأسمالية المتوحشة
في أرض العراق، مهد الحضارات، حيث كتبت سومر وأكد وبابل أولى فصول التاريخ الإنساني، نفذت المحميات الخليجية – السعودية، الكويت، وقطر – بالتواطؤ مع لوبي العولمة في واشنطن وتل أبيب، إبادة جماعية ضد شعب العراق امتدت لعقود، بدأت بحصار اقتصادي قاتل في التسعينيات، وتلا ذلك حربين مدمرتين في 1991 و2003. هذا الحصار، الذي قتل نصف مليون طفل عراقي، وصفته وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت عام 1996 بأنه "يستحق" من أجل مصالح الرأسمالية الغربية في موارد العراق النفطية. المحميات الخليجية، التي مولت الحصار والحروب، كانت أدوات في يد واشنطن لتدمير شعب رفض الخضوع، في تكرار للوحشية الرأسمالية التي شهدتها الكونغو وغزة واليمن. لكن الشعب العراقي، رغم الدمار، ظل رمزًا للصمود، متضامنًا مع غزة، ومقاومًا للهيمنة الصهيونية-الغربية.
الحصار: إبادة نصف مليون طفل
بدأت مأساة العراق الحديثة بعد حرب الخليج الأولى عام 1991، التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، بتمويل خليجي ضخم، رداً على غزو الكويت. لكن الحرب لم تكن النهاية، بل البداية لعقد من الحصار الاقتصادي الذي فرضته الأمم المتحدة، بضغط من واشنطن، ومولته المحميات الخليجية، خاصة السعودية والكويت. هذا الحصار، الذي استمر من 1990 إلى 2003، كان أداة إبادة جماعية استهدفت المدنيين العراقيين، وخاصة الأطفال.
الحصار منع دخول الأدوية، الغذاء، ومعدات إصلاح البنية التحتية، مما تسبب في انهيار النظام الصحي والتعليمي. تقارير منظمة الصحة العالمية وثقت وفاة أكثر من 500,000 طفل عراقي بسبب سوء التغذية والأمراض القابلة للعلاج، مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي، التي كان يمكن منعها بأدوية بسيطة. الصور التي انتشرت من العراق، لأطفال هزيلين في مستشفيات متهالكة، كانت مرآة لصور أطفال غزة واليمن، حيث يستخدم الجوع كسلاح لكسر الشعوب.
مادلين أولبرايت، عندما سُئلت في برنامج "60 دقيقة" عام 1996 عن وفاة نصف مليون طفل، أجابت ببرود: "نعتقد أن الثمن يستحق." هذا التصريح، الذي كشف عن جوهر الرأسمالية المتوحشة، أظهر أن الهدف لم يكن "معاقبة صدام حسين"، بل تدمير شعب يمتلك ثروات نفطية هائلة. المحميات الخليجية، التي دفعت مليارات الدولارات لدعم الحصار، كانت شريكة في هذه الجريمة، مدفوعة بمصالحها الاقتصادية ورغبتها في إضعاف العراق كقوة إقليمية.
الحروب: تدمير العراق بتمويل خليجي
لم يكتفِ لوبي العولمة بالحصار، بل أتبعه بحربين مدمرتين. الأولى، حرب الخليج عام 1991، دمرت البنية التحتية العراقية، حيث قصفت القوات الأمريكية محطات الكهرباء، الجسور، ومصانع المياه، بتمويل خليجي تجاوز 60 مليار دولار، قدمتها السعودية والكويت بشكل رئيسي. الثانية، غزو العراق عام 2003، بقيادة إدارة بوش، كانت ذروة الإبادة، حيث قُتل أكثر من مليون عراقي، ونُهبت ثروات البلاد، وتحول العراق إلى ساحة فوضى طائفية.
المحميات الخليجية لعبت دورًا حاسمًا في تمويل هذه الحروب. السعودية، التي استضافت القواعد الأمريكية، قدمت الدعم اللوجستي والمالي، بينما مولت قطر جماعات متطرفة في مرحلة ما بعد الغزو، مما غذى الصراع الطائفي. الإمارات، رغم دورها الأقل وضوحًا، استفادت من الفوضى عبر عقود إعادة الإعمار التي حصلت عليها شركاتها. هذه المحميات، التي عملت كأدوات لواشنطن، كانت امتدادًا للميليشيات المحلية التي استخدمها البلجيكيون في الكونغو، أو العملاء الذين دعموا إسرائيل في غزة.
الحروب لم تدمر البنية التحتية فحسب، بل مزقت النسيج الاجتماعي العراقي. تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش وثقت استخدام الأسلحة المحظورة، مثل اليورانيوم المنضب، في الفلوجة والبصرة، مما تسبب في ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وتشوهات الأجنة. الصور التي انتشرت من العراق، لأطفال مشوهين وأمهات يبكين في مستشفيات مدمرة، كانت صدى لصور الكونغو وغزة، حيث تُستخدم الإبادة لخدمة أطماع الرأسمالية.
الطمع في النفط: جوهر الإبادة
لم تكن الإبادة في العراق بدافع "إزالة أسلحة الدمار الشامل"، كما زعمت واشنطن، بل كانت حربًا من أجل النفط. العراق، الذي يمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، كان هدفًا للشركات الغربية، مثل إكسون موبيل وشيفرون، التي استولت على عقود النفط بعد 2003. المحميات الخليجية، التي خشيت من قوة العراق الإقليمية، دعمت هذه الحروب لضمان هيمنتها على سوق النفط العالمي.
تصريح أولبرايت بأن "الثمن يستحق" كشف هذا الطمع. النفط العراقي، الذي كان يُدار بكفاءة قبل 1991، أصبح تحت سيطرة الشركات الغربية، بينما حُرم الشعب العراقي من عائداته. الحصار والحروب دمرا الاقتصاد العراقي، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 40% بين 1990 و2003، وفقًا لتقارير البنك الدولي. هذا التدمير يُشبه ما حدث في الكونغو، حيث استُغل المطاط والمعادن لصالح الشركات البلجيكية، أو في غزة، حيث تُستهدف حقول الغاز لخدمة الرأسمالية الغربية.
دور المحميات الخليجية: أدوات الإبادة
المحميات الخليجية لم تكن مجرد داعمين ماليين، بل كانت شريكة في التخطيط والتنفيذ. السعودية، التي رأت في العراق تهديدًا لنفوذها، مولت الحصار والحروب، واستضافت القوات الأمريكية في قواعدها. الكويت، التي قدمت ذريعة الحرب عام 1991، استفادت من إضعاف العراق عبر استعادة نفوذها النفطي. قطر، التي لعبت دورًا في تمويل جماعات متطرفة بعد 2003، ساهمت في تأجيج الفوضى الطائفية، مما جعل العراق ساحة صراع دائمة.
هذه المحميات تكرر دور العملاء المحليين في الكونغو، الذين جندهم البلجيكيون لتنفيذ إبادتهم، أو في اليمن، حيث تمول السعودية والإمارات الحرب ضد المدنيين. صفقات الأسلحة، التي بلغت قيمتها عشرات المليارات، كانت الحافز الرئيسي. شركات مثل بوينغ ولوكهيد مارتن جنت أرباحًا طائلة من بيع الصواريخ والطائرات، بينما كانت المحميات تُبرر إبادتها بدعوى "حماية الأمن الإقليمي". لكن الصور التي انتشرت من العراق، لأطفال يموتون جوعًا أو تحت القصف، كشفت زيف هذه الرواية.
صمود العراق وتضامنه مع غزة
رغم الإبادة، أظهر الشعب العراقي صمودًا أسطوريًا. منذ الحصار، نظم العراقيون مظاهرات ضد الحصار، وتحدوا الفوضى بعد 2003 عبر حركات مقاومة ضد الاحتلال الأمريكي. الفلوجة، التي شهدت معارك ضارية عام 2004، أصبحت رمزًا للمقاومة، حيث واجه المدنيون القوات الأمريكية بأسلحة بدائية. هذا الصمود يُشبه مقاومة الكونغوليين ضد البلجيكيين، أو صمود غزة ضد إسرائيل.
العراق، رغم ألمه، ظل متضامنًا مع غزة. منذ أكتوبر 2023، نظمت مظاهرات حاشدة في بغداد والبصرة دعمًا للشعب الفلسطيني، فيما أعلنت فصائل المقاومة العراقية استهداف قواعد أمريكية ردًا على دعم واشنطن لإسرائيل. هذا التضامن يعكس إرث التضامن العربي-الإفريقي، حيث يرى العراق في غزة مرآة لمعاناته. الصور التي تبث من غزة، لأطفال تحت الأنقاض، هي صدى لصور العراق، حيث دُمر الأمل بنفس الأسلحة الأمريكية.
واشنطن وتل أبيب: مهندسو الإبادة
واشنطن، التي فرضت الحصار وشنت الحروب، تتحمل المسؤولية الكبرى عن إبادة العراق. إدارة كلينتون، التي كثفت الحصار، وإدارة بوش، التي غزت العراق، عملتا لصالح الشركات النفطية والعسكرية. تل أبيب، التي دعمت الحروب عبر لوبيها في واشنطن، استفادت من إضعاف العراق كقوة إقليمية. الصور التي تبث من غزة، لقنابل أمريكية تدمر البيوت، هي نفس الصور التي رأيناها في بغداد عام 2003، حيث استخدمت نفس الأسلحة لقتل المدنيين.
دعوة للمقاومة: من العراق إلى غزة
إن صمود العراق هو دعوة للشعوب العربية والإفريقية للتحرر من الرأسمالية المتوحشة. الشعب العراقي، الذي تحمل حصارًا وحربين، أثبت أن الإرادة أقوى من القنابل. تضامنه مع غزة، ومقاومته للاحتلال الأمريكي، هي رسالة إلى المحميات الخليجية وداعميها: الإبادة لن تُكسر الشعوب. البث المباشر من غزة والعراق، الذي يكشف جرائم الرأسمالية، هو نداء لإعادة إحياء روح لومومبا وناصر. على الشعوب أن تتحد لفضح تواطؤ واشنطن وتل أبيب وبروكسل، وإسقاط المحميات العميلة. إن التحرر يبدأ من بغداد وغزة، في قصة تُكتب بدماء الأبطال وإرادة الشعوب.
الفصل الحادي عشر: إبادات الرأسمالية المتوحشة في سوريا وليبيا والجزائر – تمويل المحميات الخليجية لعصابات الإرهاب الصهيوني بتريليونات الدولارات
في سوريا، حيث تتدفق مياه الفرات عبر أراضٍ شهدت صمود شعب ضد الإبادة، وفي ليبيا، التي تحولت من واحة نفطية إلى ساحة فوضى، وفي الجزائر، التي عاشت عشرية سوداء من الدمار، نفذت المحميات الخليجية – السعودية، قطر، والإمارات – إبادات جماعية بدعم من لوبي العولمة في واشنطن وبروكسل وتل أبيب. هذه المحميات، التي أنفقت تريليونات الدولارات على تمويل جماعات إرهابية تابعة لما يُسمى "الإسلام الصهيوني"، كانت أدوات في يد الكيان الصهيوني المارق وأسياده الغربيين، لتدمير شعوب رفضت الهيمنة الرأسمالية. من العشرية السوداء في الجزائر، إلى تدمير ليبيا بحلف الناتو، إلى الحرب على سوريا، تكرر نفس السيناريو: إبادة جماعية تخدم أطماع الشركات متعددة الجنسيات، بينما تقاوم الشعوب بصمود يُلهم غزة واليمن والعراق.
الجزائر: العشرية السوداء وتمويل الإرهاب الخليجي
في التسعينيات، عاشت الجزائر عقدًا من الإبادة الجماعية المعروف بالعشرية السوداء (1991-2002)، حيث قُتل أكثر من 200,000 مدني، ونُزح الملايين، في صراع بين الجيش الجزائري وجماعات إرهابية مثل الجماعة الإسلامية المسلحة (GIA). هذه الجماعات، التي رُوج لها كـ"إسلامية"، تلقت تمويلًا ضخمًا من السعودية وقطر والإمارات، بغطاء من واشنطن وبروكسل. الهدف لم يكن دينيًا، بل كان إضعاف الجزائر، التي كانت قوة قومية تدعم حركات التحرر، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
تقارير استخباراتية غربية، مثل تلك التي نُشرت في كتاب "الحرب القذرة" للمؤلف حبيب سويدية، وثقت أن السعودية وقطر زودتا هذه الجماعات بمئات الملايين من الدولارات عبر شبكات غسيل أموال في أوروبا. الأسلحة، التي شملت قنابل ومتفجرات، كانت تُهرب من خلال قنوات مدعومة من الإمارات. هذه الجماعات ارتكبت مجازر مروعة، مثل مجزرة بن طلحة عام 1997، حيث ذُبح أكثر من 400 مدني، بما في ذلك أطفال ونساء. الصور التي انتشرت من القرى المحترقة كانت مرآة لصور الكونغو وغزة، حيث تُستخدم الإبادة لكسر إرادة الشعوب.
المحميات الخليجية، التي خدمت الكيان الصهيوني عبر إضعاف الجزائر، كانت تنفذ أجندة واشنطن وبروكسل. الجزائر، التي رفضت التطبيع مع إسرائيل ودعمت جبهة البوليساريو، كانت عقبة أمام الهيمنة الرأسمالية. تمويل الإرهاب كان وسيلة لتدمير اقتصادها وإغراقها في الفوضى، تمامًا كما فعلت المحميات لاحقًا في ليبيا وسوريا.
ليبيا: تدمير دولة بحلف الناتو والمال الخليجي
في عام 2011، تحولت ليبيا من دولة مستقرة ذات أعلى مستوى معيشة في إفريقيا إلى ساحة إبادة وفوضى، بعد تدخل حلف الناتو بدعم خليجي. الحرب، التي بدأت بذريعة "حماية المدنيين"، كانت في جوهرها عملية إبادة جماعية للسيطرة على النفط الليبي وإضعاف دولة دعمت القضية الفلسطينية. السعودية، قطر، والإمارات أنفقت مليارات الدولارات لتمويل جماعات إرهابية مثل "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وفصائل متشددة في مصراتة وبنغازي.
تقرير لمجلة "فورين بوليسي" عام 2013 كشف أن قطر وحدها قدمت أكثر من 3 مليارات دولار لتسليح هذه الجماعات، بينما زودت الإمارات طائرات بدون طيار ودعمًا لوجستيًا. الناتو، بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا، نفذ أكثر من 26,000 غارة جوية، دمرت البنية التحتية وتسببت في مقتل عشرات الآلاف. الصور التي انتشرت من طرابلس وسرت، لأطفال تحت الأنقاض وأسواق محترقة، كانت صدى لصور العراق واليمن، حيث تُستخدم القوة العسكرية لخدمة أطماع الرأسمالية.
المحميات الخليجية، التي دعمت إسقاط نظام معمر القذافي، كانت تنفذ أوامر واشنطن وبروكسل. ليبيا، التي كانت تمتلك احتياطيات نفطية ضخمة وخططت لإنشاء عملة إفريقية مدعومة بالذهب، كانت تهديدًا للهيمنة الاقتصادية الغربية. تمويل الجماعات الإرهابية، التي ارتكبت مجازر مثل قتل 21 قبطيًا مصريًا عام 2015، كان جزءًا من استراتيجية لتحويل ليبيا إلى دولة فاشلة، تخدم مصالح الشركات الغربية والكيان الصهيوني.
سوريا: إبادة بتريليونات الدولارات الخليجية
في سوريا، منذ عام 2011، نفذت المحميات الخليجية إبادة جماعية بتمويل تجاوز تريليون دولار لجماعات إرهابية مثل "داعش"، "جبهة النصرة"، و"الجيش الحر". هذه الجماعات، التي رُوج لها كـ"ثوار"، كانت أدوات للكيان الصهيوني وواشنطن، بهدف إسقاط نظام بشار الأسد، الذي دعم المقاومة الفلسطينية. تقرير لمعهد واشنطن عام 2015 كشف أن السعودية وقطر مولتا هذه الجماعات بمليارات الدولارات عبر قنوات في تركيا ولبنان، بينما قدمت الإمارات دعمًا لوجستيًا واستخباراتيًا.
الحرب السورية، التي قتلت أكثر من 500,000 شخص وشردت 12 مليونًا، كانت الأكثر دموية في سلسلة الإبادات الخليجية. مدن مثل حلب والرقة تحولت إلى أنقاض، بينما ارتكبت الجماعات الإرهابية مجازر مثل مجزرة الكسوة عام 2013. الصور التي تبث من سوريا، لأطفال يتضورون جوعًا وأمهات تحت الأنقاض، هي مرآة لصور غزة والعراق. الحصار الاقتصادي، الذي فرضته واشنطن بدعم خليجي، زاد من المعاناة، مكررًا سيناريو الحصار على العراق.
المحميات الخليجية، التي أنفقت تريليونات الدولارات، كانت تخدم الكيان الصهيوني، الذي استفاد من إضعاف سوريا كحليف للمقاومة. تقارير الأمم المتحدة وثقت أن السعودية وقطر زودتا "داعش" بأسلحة متطورة، بينما ساعدت الإمارات في تهريب النفط السوري لتمويل الإرهاب. هذا التواطؤ يكشف أن الهدف كان تدمير سوريا كقوة إقليمية، لصالح الشركات الغربية التي تطمع في إعادة إعمارها بقيمة 400 مليار دولار.
الرأسمالية المتوحشة: من الجزائر إلى سوريا
الرابط بين الجزائر، ليبيا، وسوريا هو منطق الرأسمالية المتوحشة، التي تستخدم الإبادة لتوسيع هيمنتها. في الجزائر، كان الهدف إضعاف قوة قومية تدعم فلسطين. في ليبيا، كان الطمع في النفط ومنع ظهور عملة إفريقية مستقلة. في سوريا، كانت الرغبة في كسر محور المقاومة. المحميات الخليجية، التي أنفقت تريليونات الدولارات، كانت أدوات للوبي العولمة في واشنطن وبروكسل، تمامًا كما كانت الميليشيات أدوات البلجيكيين في الكونغو.
الشركات الغربية، مثل بوينغ ولوكهيد مارتن، جنت أرباحًا طائلة من بيع الأسلحة للخليج، بينما استفادت إسرائيل من إضعاف هذه الدول. الصور التي تبث من سوريا وليبيا، لمدن مدمرة وأطفال تحت القصف، هي امتداد لصور العراق واليمن، حيث تُبرر الإبادة بدعوى "مكافحة الإرهاب" بدلاً من "الحضارة".
صمود الشعوب وتضامنها مع غزة
رغم الإبادة، أظهرت شعوب الجزائر، ليبيا، وسوريا صمودًا أسطوريًا. في الجزائر، أنهت المقاومة الشعبية العشرية السوداء، وحافظت على استقلالها. في ليبيا، تقاوم قبائل الجنوب الفوضى الخليجية. في سوريا، صمد الجيش السوري بدعم المقاومة، واستعاد معظم الأراضي. هذا الصمود يُشبه مقاومة غزة واليمن، حيث تتحدى الشعوب القنابل بإرادتها.
تضامن هذه الشعوب مع غزة كان واضحًا. مظاهرات حاشدة في دمشق والجزائر العاصمة دعمت فلسطين منذ أكتوبر 2023، بينما أعلنت فصائل سورية استهداف قواعد أمريكية ردًا على دعم واشنطن لإسرائيل. هذا التضامن يعكس إرث لومومبا وناصر، حيث تتحد الشعوب المضطهدة ضد التوحش الرأسمالي.
دعوة للمقاومة: من سوريا إلى غزة
إن صمود الجزائر، ليبيا، وسوريا هو دعوة للشعوب العربية والإفريقية للتحرر. المحميات الخليجية، التي أنفقت تريليونات الدولارات على الإرهاب، يجب أن تُحاسب كأدوات للكيان الصهيوني. البث المباشر من غزة وسوريا، الذي يكشف جرائم الرأسمالية، هو نداء لتوحيد الشعوب ضد واشنطن وبروكسل وتل أبيب. إن التحرر يبدأ من دمشق وطرابلس وغزة، في قصة تُكتب بدماء الأبطال وإرادة الشعوب.
الخاتمة: إرادة الشعوب – نهوض من رماد الإبادة لتحرير الأمة العربية والإفريقية
1. وحدة الإبادة: منطق الرأسمالية المتوحشة
على امتداد القرنين الماضيين، كتبت الرأسمالية المتوحشة فصولاً من الإبادة الجماعية التي امتدت من غابات الكونغو إلى شوارع غزة، ومن قرى اليمن إلى أنقاض العراق، سوريا، ليبيا، والجزائر. هذه الإبادات لم تكن حوادث منفصلة، بل كانت تعبيرًا عن منطق واحد: السيطرة على الموارد والمواقع الجيوسياسية عبر تدمير الشعوب التي تقاوم. في الكونغو، كانت الأيدي المبتورة رمزًا لجشع الشركات البلجيكية التي نهبت المطاط. في غزة، هي الأطفال الذين يُقتلون تحت قنابل الكيان الصهيوني المدعوم من واشنطن. في اليمن، هي مئات الآلاف من الضحايا تحت 370,000 غارة جوية نفذتها المحميات الخليجية. في العراق، كانت نصف مليون طفل قضوا جوعًا خلال الحصار، كما بررت مادلين أولبرايت بقولها إن "الثمن يستحق". في سوريا وليبيا والجزائر، كانت القرى المحترقة ومدن تحولت إلى ركام بتمويل تريليونات الدولارات من السعودية، قطر، والإمارات.
هذا المنطق، الذي يضع أرباح الشركات النفطية والعسكرية فوق حياة الملايين، يعتمد على ثلاثة أركان: القوة العسكرية الغربية، بقيادة واشنطن وبروكسل؛ الكيان الصهيوني المارق، الذي يعمل كذراع للهيمنة في الشرق الأوسط؛ والمحميات الخليجية، التي تُستخدم كعملاء محليين لتنفيذ أجندة الإبادة. البث المباشر للقصف على غزة، الذي يُظهر أمهات يحملن أطفالهن القتلى، والصور التي وثقت مجازر اليمن وسوريا، كشفت هذا التواطؤ. لكن هذه الصور ليست مجرد سرد للألم، بل هي شهادة على إرادة شعوب رفضت أن تُمحى، وتتحدى الرأسمالية المتوحشة بصمودها وتضامنها.
التاريخ كشاهد: استمرارية التوحش
ليس التوحش الرأسمالي ظاهرة حديثة. في القرن التاسع عشر، قتل البلجيكيون عشرة ملايين كونغولي لتلبية الطلب الأوروبي على المطاط. في القرن العشرين، دمر الاستعمار البريطاني والفرنسي إفريقيا والشرق الأوسط عبر تقسيم الأراضي ونهب الموارد. في القرن الحادي والعشرين، تكرر هذا المنطق عبر الحروب بالوكالة التي تُنفذها المحميات الخليجية. السعودية، التي مولت الإرهاب في الجزائر وسوريا، والإمارات، التي سيطرت على موانئ اليمن وليبيا، وقطر، التي دعمت "داعش" والجماعات المتطرفة، ليست سوى امتداد للشركات الاستعمارية التي نهبت الكونغو. واشنطن، التي أمرت بإبادة العراق واليمن، وبروكسل، التي قطعت تمويل الأونروا في غزة، تُكملان هذا النظام الذي يرى في الشعوب أرقامًا في سجلات الربح.
دور المحميات الخليجية: خيانة الأمة
المحميات الخليجية لم تكن مجرد أدوات، بل كانت خائنة للأمة العربية والإفريقية. بينما كانت مصر عبد الناصر تُنقذ عائلة لومومبا، وتدعم حركات التحرر في إفريقيا، اختارت السعودية وقطر والإمارات خدمة الكيان الصهيوني وأسياده في واشنطن. تريليونات الدولارات التي أنفقتها هذه المحميات على تمويل الإرهاب في سوريا، ليبيا، والجزائر، وعلى قصف اليمن، ودعم حصار العراق، كانت استثمارًا في تدمير الأمة. التطبيع مع إسرائيل، الذي قادته الإمارات والسعودية، لم يكن سوى إعلان علني لهذه الخيانة، حيث وضعت هذه المحميات مصالح الرأسمالية الغربية فوق دماء أطفال غزة واليمن.
2. صمود الشعوب: شعلة الأمل
وسط هذا الظلام، برز صمود الشعوب كشعلة أمل لا تُطفأ. من الكونغو، حيث تحدى الكونغوليون البلجيكيين بتهريب الموارد وتنظيم الانتفاضات، إلى غزة، حيث يواجه الشعب الفلسطيني أقوى آلة عسكرية بالحجارة والصواريخ، أثبتت الشعوب أن الإرادة أقوى من القنابل. اليمن، الذي نهض من تحت 370,000 غارة ليسيطر على البحر الأحمر ويضرب تل أبيب، والعراق، الذي صمد رغم حصار قتل نصف مليون طفل، وسوريا، التي استعادت أراضيها من الإرهاب الخليجي، وليبيا، التي تقاوم الفوضى، والجزائر، التي انتصرت على العشرية السوداء – كلها قصص تُظهر أن الرأسمالية المتوحشة، مهما كانت قوتها، لا يمكنها كسر روح شعب.
قصص إنسانية: أبطال من رماد الإبادة
في غزة، تبرز قصة الطفلة هند رجب، التي استغاثت عبر الهاتف وهي محاصرة في سيارة محاطة بالدبابات الإسرائيلية عام 2024، قبل أن تُقتل مع عائلتها. هذه القصة، التي هزت العالم عبر البث المباشر، ليست مجرد مأساة، بل رمز لصمود شعب يرفض الاستسلام. في اليمن، تروي قصة أم محمد، التي فقدت ثلاثة من أبنائها في غارة سعودية عام 2016، لكنها استمرت في إطعام النازحين في صنعاء، درسًا في العطاء وسط الدمار. في العراق، يتذكر الناس قصة الطبيبة وفاء، التي عالجت الجرحى خلال حصار الفلوجة عام 2004، رافضة مغادرة المدينة حتى استشهدت. في سوريا، يُحكى عن الشاب علي، الذي أنقذ أطفالاً من تحت أنقاض حلب عام 2016، ليصبح رمزًا للأمل وسط الحرب.
هذه القصص، التي تتكرر في الكونغو، ليبيا، والجزائر، ليست استثناءات، بل هي جوهر الأمة العربية والإفريقية. كل طفل يرسم على جدار مدمر في غزة، وكل أم تُعيد بناء بيتها في اليمن، وكل مقاوم يواجه الإرهاب في سوريا، هو بطل يُكتب تاريخ التحرر بدمائه وإرادته.
إرث التضامن: من لومومبا إلى ناصر
التضامن العربي-إفريقي، الذي تجسد في إنقاذ مصر عبد الناصر لعائلة لومومبا عام 1961، هو السلاح الحقيقي ضد الرأسمالية المتوحشة. ناصر، الذي جعل القاهرة ملاذًا للثوار من إفريقيا والعالم العربي، أدرك أن تحرر الأمة يتطلب وحدة النضال. دعمه للجزائر، غانا، وفلسطين، واستقباله لعائلة لومومبا، كان رسالة إلى العالم: الشعوب المضطهدة ليست وحدها. لومومبا، الذي ألهم إفريقيا بخطابه الناري عام 1960، ترك إرثًا يعيش في كل مقاوم يتحدى الاستعمار.
هذا الإرث يتجلى اليوم في تضامن اليمن مع غزة، عبر استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، وفي مظاهرات العراق وسوريا والجزائر دعمًا لفلسطين. البث المباشر من غزة، الذي يُظهر أطفالاً يواجهون الدبابات، هو دعوة لإعادة إحياء هذا التضامن. لكن هذا التضامن يواجه تحديًا: خيانة المحميات الخليجية، التي اختارت التطبيع مع إسرائيل وتمويل الإرهاب بدلاً من الوقوف مع الأمة.
3. المحميات الخليجية: خيانة تاريخية
المحميات الخليجية – السعودية، الإمارات، قطر – ليست مجرد أدوات للرأسمالية الغربية، بل هي خائنة لتاريخ الأمة. بينما كانت مصر ناصر تدعم حركات التحرر، اختارت هذه المحميات خدمة واشنطن وبروكسل. تريليونات الدولارات التي أنفقتها على تمويل "داعش" و"جبهة النصرة" في سوريا، والجماعات الإرهابية في ليبيا والجزائر، وعلى قصف اليمن وحصار العراق، كانت استثمارًا في تدمير الأمة. التطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي قادته الإمارات وتبعته السعودية، هو إعلان صريح لهذه الخيانة.
السعودية: رأس الحربة
السعودية، التي مولت العشرية السوداء في الجزائر، وقادت الحرب على اليمن، ودعمت الإرهاب في سوريا والعراق، هي رأس الحربة في هذه الخيانة. تقارير دولية، مثل تلك الصادرة عن الأمم المتحدة عام 2015، وثقت أن الرياض قدمت مليارات الدولارات لتسليح "داعش" و"النصرة"، مما ساهم في مقتل نصف مليون سوري. الحرب على اليمن، التي تجاوزت 370,000 غارة، كانت تعبيرًا عن هذا التوحش، حيث استخدمت أسلحة أمريكية لقتل الأطفال وتدمير المستشفيات.
الإمارات وقطر: شركاء الجريمة
الإمارات، التي سيطرت على موانئ اليمن وليبيا، ودعمت الميليشيات في سوريا، لعبت دورًا لا يقل خطورة. تقرير لمجلة "فورين بوليسي" عام 2013 كشف أن أبوظبي قدمت طائرات بدون طيار ودعمًا لوجستيًا لفصائل إرهابية في ليبيا. قطر، التي أنفقت 3 مليارات دولار على تسليح "الجيش الحر" في سوريا، ساهمت في تأجيج الفوضى. هذه المحميات، التي تُصور نفسها كـ"دول تقدم"، هي في الحقيقة عملاء للكيان الصهيوني، يخدمون أجندة واشنطن وبروكسل.
تركيا إردوغان: تواطؤ جديد
تركيا إردوغان، التي دعمت الإرهاب في سوريا عبر تهريب الأسلحة والنفط، وتُطبّع مع إسرائيل، هي جزء من هذا النظام الخائن. تقارير استخباراتية وثقت أن أنقرة سمحت بمرور مقاتلي "داعش" عبر حدودها، مما ساهم في دمار سوريا. هذا التواطؤ، الذي يُغلف بلغة "الديمقراطية"، يكشف أن تركيا ليست سوى محمية أخرى في خدمة الرأسمالية المتوحشة.
4. التحرر: رؤية للمستقبل
إن تحرير الأمة العربية والإفريقية من الرأسمالية المتوحشة ليس حلمًا، بل ضرورة تاريخية. الشعوب التي قاومت في الكونغو، غزة، اليمن، العراق، سوريا، ليبيا، والجزائر أثبتت أن الإرادة يمكنها هزيمة أقوى الجيوش. لكن هذا التحرر يتطلب رؤية واضحة وخطوات عملية.
أ. توحيد الشعوب: جبهة مقاومة موحدة
الخطوة الأولى هي توحيد الشعوب العربية والإفريقية في جبهة مقاومة موحدة. غزة، التي تقاوم الكيان الصهيوني، واليمن، الذي يضرب السفن الإسرائيلية، والعراق وسوريا، اللذان يواجهان القواعد الأمريكية، هم نواة هذه الجبهة. يجب أن تمتد هذه الجبهة لتشمل الجزائر، التي حافظت على استقلالها، وليبيا، التي تقاوم الفوضى، والكونغو، التي تناضل ضد شركات التعدين. هذا التوحيد يتطلب:
مؤتمرات شعبية: عقد مؤتمرات تجمع ممثلي الحركات المقاومة لتنسيق الجهود.
إعلام موحد: إنشاء منصات إعلامية تكشف جرائم المحميات الخليجية وداعميها.
دعم اقتصادي: إنشاء شبكات اقتصادية تدعم الشعوب المحاصرة، مثل غزة واليمن.
ب. فضح المحميات الخليجية
المحميات الخليجية يجب أن تُحاسب كعملاء للكيان الصهيوني. يمكن تحقيق ذلك عبر:
حملات دولية: توثيق جرائم السعودية والإمارات وقطر في محاكم دولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية.
مقاطعة اقتصادية: دعوة الشعوب لمقاطعة المنتجات والشركات المرتبطة بهذه المحميات.
ضغط شعبي: تنظيم مظاهرات في العواصم العربية والإفريقية للمطالبة بوقف التطبيع مع إسرائيل.
ج. إسقاط الكيان الصهيوني
الكيان الصهيوني، الذي يُشكل رأس الحربة للرأسمالية الغربية في المنطقة، يجب أن يُسقط كجزء من التحرر. هذا يتطلب:
دعم المقاومة الفلسطينية: تزويد غزة بالسلاح والموارد عبر قنوات سرية.
عزل إسرائيل دوليًا: دعم حملات المقاطعة (BDS) لفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل.
تعزيز محور المقاومة: تنسيق بين إيران، سوريا، واليمن، والعراق لمواجهة الهيمنة الصهيونية.
د. إعادة بناء الأمة
التحرر لا يكتمل دون إعادة بناء الأمة. يجب أن تُركز الشعوب على:
التعليم: إنشاء مناهج تعليمية تُعرف الأجيال بتاريخ المقاومة وجرائم الرأسمالية.
الاقتصاد: بناء اقتصادات محلية مستقلة، تقلل الاعتماد على الغرب والمحميات الخليجية.
الثقافة: إحياء التراث العربي-الإفريقي عبر الفن والأدب لتعزيز الهوية.
5. رؤية للمستقبل: أمة حرة
تخيل أمة عربية-إفريقية حرة، حيث تتحرر غزة من الحصار، وتعود اليمن مركزًا للتجارة في البحر الأحمر، ويُعاد بناء العراق وسوريا كقوتين إقليميتين، وتنهض ليبيا من الفوضى، وتُواصل الجزائر دعمها للتحرر، وتستعيد الكونغو ثرواتها من شركات التعدين. هذه الرؤية ليست حلمًا، بل هدفًا يمكن تحقيقه عبر التضامن والمقاومة.
دور الأفراد: كل شخص مقاوم
كل فرد في الأمة هو جزء من هذا النضال. الشاب الذي يكتب عن جرائم إسرائيل على منصات التواصل، والأم التي تُعلم أبناءها تاريخ لومومبا وناصر، والعامل الذي يرفض التعامل مع شركات المحميات الخليجية، هم جميعًا مقاومون. البث المباشر من غزة، الذي يُظهر أطفالاً يواجهون الدبابات، هو دعوة لكل فرد ليكون صوتًا للعدالة.
دور الشباب: قادة التحرر
الشباب هم قادة هذا التحرر. في اليمن، أظهر الشباب قدرة على تطوير صواريخ وطائرات مسيرة. في العراق، قادوا مظاهرات ضد الفساد والاحتلال. في سوريا، أعادوا بناء المدارس المدمرة. هؤلاء الشباب، الذين يحملون إرث ناصر ولومومبا، هم الأمل في بناء أمة لا تخضع للرأسمالية.
6. الختام: قصة تُكتب بدماء الأبطال
إن قصة الأمة العربية والإفريقية ليست قصة إبادة، بل قصة صمود ونهوض. من الكونغو إلى غزة، ومن اليمن إلى العراق وسوريا وليبيا والجزائر، كتبت الشعوب تاريخًا بدماء أبطالها. البث المباشر من غزة، الذي يكشف جرائم الرأسمالية، والصور التي وثقت المجازر في اليمن وسوريا، ليست نهاية القصة، بل بدايتها. هذه الصور، التي تحمل ألم الأطفال والأمل في عيون الأمهات، هي دعوة لكل عربي وإفريقي ليكون جزءًا من هذا التحرر.
الأمة التي تحدت الإبادة في الكونغو، وصمدت في غزة، ونهضت في اليمن، وقاومت في العراق وسوريا، لن تُهزم. إن الطريق إلى الحرية طويل، لكنه مُعبّد بإرادة شعوب رفضت الخضوع. من غزة، التي تُلهم العالم بمقاومتها، إلى الكونغو، التي تناضل ضد الاستغلال، تُكتب قصة جديدة، ليست بدماء الضحايا فحسب، بل بإرادة الأبطال الذين يحملون مشعل الحرية، معلنين أن الأمة العربية والإفريقية، مهما كانت التحديات، ستنتصر.
.......
ملخص الكتاب: إبادات الرأسمالية المتوحشة وصمود الشعوب العربية والإفريقية
يروي هذا الكتاب قصة إبادات جماعية نفذتها الرأسمالية المتوحشة، بقيادة لوبي العولمة في واشنطن وبروكسل وتل أبيب، وبدعم من المحميات الخليجية (السعودية، الإمارات، قطر)، ضد شعوب العالم العربي وإفريقيا، من الكونغو إلى غزة، ومن اليمن إلى العراق، سوريا، ليبيا، والجزائر. الكتاب يُبرز منطق الرأسمالية الذي يُبرر قتل الملايين من أجل الموارد والنفوذ الجيوسياسي، ويسلط الضوء على صمود الشعوب وتضامنها، مستلهمًا إرث باتريس لومومبا وجمال عبد الناصر. عبر فصوله، يوثق الكتاب جرائم المحميات الخليجية، التي أنفقت تريليونات الدولارات على تمويل الإرهاب وحروب الإبادة، ويُقدم رؤية لتحرير الأمة العربية والإفريقية من خلال جبهة مقاومة موحدة.
الفصل الأول: الكونغو – إبادة المطاط
في القرن التاسع عشر، نفذ البلجيكيون، بقيادة ليوبولد الثاني، إبادة جماعية في الكونغو، قتلت عشرة ملايين شخص لاستغلال المطاط. الكونغوليون أُجبروا على العمل تحت تهديد بتر الأطراف وحرق القرى، فيما نهبت الشركات البلجيكية والبريطانية ثروات البلاد. هذه الإبادة، التي وثقتها صور الأطفال المبتورين عام 1897، كانت نموذجًا للرأسمالية المتوحشة، التي تكررت لاحقًا في غزة واليمن. باتريس لومومبا، الذي تحدى الاستعمار عام 1960، أُعدم عام 1961 بدعم من واشنطن وبروكسل، لكن إرثه ألهم مقاومة استمرت ضد شركات التعدين.
الفصل الثاني: غزة – مرآة الإبادة الحديثة
غزة، التي تُواجه إبادة جماعية منذ أكتوبر 2023، تُجسد مقاومة الشعب الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني، المدعوم من واشنطن بايدن وبروكسل. قُتل أكثر من 40,000 فلسطيني، معظمهم أطفال، ودُمرت البنية التحتية. البث المباشر للقصف، الذي يُظهر أطفالاً تحت الأنقاض، يكشف وحشية الرأسمالية التي تطمع في حقول الغاز البحرية. قرارات الاتحاد الأوروبي، مثل قطع تمويل الأونروا عام 2024، تُعيد إنتاج عقوبات الكونغو. لكن صمود غزة، من الانتفاضات إلى المقاومة المسلحة، يُلهم العالم.
الفصل الثالث: التضامن العربي-الإفريقي
يستعيد الكتاب لحظات التضامن العربي-الإفريقي، مثل إنقاذ مصر عبد الناصر لعائلة لومومبا عام 1961، عندما هرّبت المخابرات المصرية بولين وأطفالها من الكونغو. ناصر، الذي جعل القاهرة مركزًا للثوار، دعم حركات التحرر في الجزائر وغانا، مؤمنًا بوحدة النضال ضد الاستعمار. هذا التضامن، الذي تحدى التوحش الغربي، يُقارن بخيانة المحميات الخليجية، التي تُطبّع مع إسرائيل وتدعم الإبادة في السودان واليمن، مكررة دور العملاء المحليين في الكونغو.
الفصل الرابع: اليمن – نهوض العنقاء
منذ 2015، شنت المحميات الخليجية، بقيادة السعودية وبدعم إدارة أوباما، حربًا على اليمن، تضمنت 370,000 غارة جوية، قتلت 400,000 مدني، معظمهم أطفال، ودمرت البنية التحتية. الحرب، التي أُمر بها من السفير السعودي في واشنطن، استهدفت موارد اليمن النفطية وموقعه في باب المندب. رغم الحصار والمجاعة، نهض اليمن بقيادة الحوثيين، الذين سيطروا على البحر الأحمر، واستهدفوا السفن الإسرائيلية دعمًا لغزة، وضربوا تل أبيب، مُظهرين أن الشعوب يمكنها تحدي الرأسمالية.
الفصل الخامس: العراق – حصار وحروب الإبادة
العراق عانى إبادة جماعية عبر حصار (1990-2003) وحربين (1991، 2003)، بدعم خليجي من السعودية والكويت. الحصار، الذي مولته المحميات، تسبب في وفاة نصف مليون طفل، كما بررت مادلين أولبرايت. الحروب، التي دمرت البنية التحتية وقتلت مليون عراقي، استهدفت النفط العراقي لصالح الشركات الغربية. الصور من الفلوجة، لأطفال مشوهين بسبب اليورانيوم المنضب، تُشبه صور غزة. رغم الدمار، صمد العراقيون، ونظموا مظاهرات دعمًا لغزة، مُظهرين إرادة لا تُكسر.
الفصل السادس: سوريا، ليبيا، الجزائر – إرهاب بتمويل خليجي
في سوريا، أنفقت المحميات الخليجية تريليون دولار لتمويل جماعات إرهابية مثل "داعش" و"جبهة النصرة"، مما تسبب في مقتل 500,000 شخص وتشريد 12 مليونًا منذ 2011. في ليبيا، دعمت السعودية وقطر والإمارات تدخل الناتو عام 2011، الذي دمر البلاد ونهب نفطها. في الجزائر، مولت المحميات العشرية السوداء (1991-2002)، التي قتلت 200,000 مدني. هذه الإبادات، التي خدمت الكيان الصهيوني عبر إضعاف دول داعمة لفلسطين، تُظهر دور المحميات كأدوات للرأسمالية الغربية. لكن الشعوب صمدت، حيث استعادت سوريا أراضيها، وقاومت ليبيا الفوضى، وانتصرت الجزائر على الإرهاب.
الفصل السابع: المقاومة – إرادة لا تُكسر
يُبرز الكتاب مقاومة الشعوب كاستجابة للإبادة. في الكونغو، قاوم الناس عبر تهريب الموارد وتنظيم انتفاضات. في غزة، تستمر المقاومة بالحجارة والصواريخ. في اليمن، طورت الحوثيون قدرات عسكرية أذهلت العالم. في العراق، تحدت الفلوجة الاحتلال الأمريكي. في سوريا، صمد الجيش ضد الإرهاب. هذه المقاومة، التي تُشبه صمود لومومبا، تُظهر أن الشعوب قادرة على هزيمة الرأسمالية المتوحشة عبر إرادتها.
الفصل الثامن: التضامن – سلاح التحرر
التضامن العربي-إفريقي هو مفتاح التحرر. إنقاذ مصر لعائلة لومومبا عام 1961 يُمثل نموذجًا لهذا التضامن، كما يتجلى في دعم اليمن لغزة عبر استهداف السفن الإسرائيلية، ومظاهرات العراق وسوريا والجزائر لفلسطين. هذا التضامن، الذي يستلهم إرث ناصر ولومومبا، يواجه خيانة المحميات الخليجية، التي تُطبّع مع إسرائيل وتمول الإرهاب، مكررة دور العملاء في الكونغو.
الفصل التاسع: واشنطن وبروكسل وتل أبيب – أركان التوحش
واشنطن، التي أمرت بإبادة العراق واليمن، وبروكسل، التي تدعم إسرائيل عبر قطع تمويل الأونروا، وتل أبيب، التي تنفذ الإبادة في غزة، هي أركان النظام الرأسمالي. الشركات العسكرية، مثل بوينغ ولوكهيد مارتن، تكسب أرباحًا طائلة من الحروب، بينما تُبرر الإبادة بدعوى "الأمن". الصور من غزة واليمن، لأطفال تحت القصف، تكشف هذا التواطؤ، وتُشبه صور الكونغو.
الخاتمة: رؤية التحرر
تُختتم الخاتمة برؤية لتحرير الأمة العربية والإفريقية عبر توحيد الشعوب في جبهة مقاومة، فضح المحميات الخليجية، وإسقاط الكيان الصهيوني. الخطوات تشمل عقد مؤتمرات شعبية، إنشاء إعلام موحد، ودعم اقتصادي للشعوب المحاصرة. الكتاب يدعو إلى مقاطعة المحميات ومحاسبتها دوليًا، وتعزيز محور المقاومة. قصص إنسانية، مثل الطفلة هند رجب في غزة وأم محمد في اليمن، تُبرز صمود الشعوب. الشباب مدعوون لقيادة هذا التحرر، مستلهمين إرث لومومبا وناصر. من غزة إلى الكونغو، تُكتب قصة نهوض أمة بدماء أبطالها وإرادتها، معلنة أن النصر آتٍ.
..........
Traduction française du texte intégral
Résumé du livre : Les exterminations du capitalisme sauvage et la résistance des
peuples arabes et africains
Ce livre documente les campagnes génocidaires menées par le capitalisme sauvage, -dir-igé par le lobby de la mondialisation à Washington, Bruxelles et Tel Aviv, avec le soutien des régimes du Golfe (Arabie saoudite, Émirats arabes unis, Qatar) contre les peuples du monde arabe et de l Afrique - du Congo à Gaza, et du Yémen à l Irak, la Syrie, la Libye et l Algérie. Il dévoile la logique capitaliste qui justifie le massacre de millions de personnes pour les ressources et la domination géopolitique, tout en mettant en lumière la résilience et la solidarité des peuples opprimés, s inspirant des héritages de Patrice Lumumba et Gamal Abdel Nasser.
Chapitre 1 : Le Congo - Le génocide du caoutchouc
Au XIXe siècle, sous le roi Léopold II, les Belges ont perpétré un génocide au Congo, massacrant dix millions de personnes pour exploiter le caoutchouc. Les Congolais étaient forcés au travail sous la menace d amputations et d incendies de villages, tandis que les entreprises belges et britanniques pillaient les richesses du pays. Ce massacre, documenté par des photos d enfants mutilés en 1897, est devenu le modèle du capitalisme sauvage - reproduit plus tard à Gaza et au Yémen. Patrice Lumumba, qui a défié le colonialisme en 1960, fut exécuté en 1961 avec la complicité de Washington et Bruxelles, mais son héritage inspire toujours la résistance contre les compagnies minières.
Chapitre 2 : Gaza - Le miroir du génocide moderne
Gaza, qui subit un génocide depuis octobre 2023, incarne la résistance palestinienne face à l entité sioniste, soutenue par Washington et Bruxelles. Plus de 40 000 Palestiniens, principalement des enfants, ont été tués et les infrastructures détruites. Les diffusions en -dir-ect des bombardements, montrant des enfants sous les décombres, révèlent la brutalité du capitalisme avide des champs de gaz offshore. Les décisions de l UE, comme le retrait du financement de l UNRWA en 2024, rappellent les sanctions imposées au Congo. Pourtant, la résistance de Gaza, des soulèvements à la lutte armée, inspire le monde.
Chapitre 3 : La solidarité arabo-africaine
Le livre revisite des moments de solidarité arabo-africaine, comme l accueil par l Égypte de Nasser de la famille de Lumumba en 1961, lorsque les services secrets égyptiens exfiltrèrent son épouse Pauline et ses enfants du Congo. Nasser, qui fit du Caire un hub pour révolutionnaires, soutint les mouvements de libération en Algérie et au Ghana, croyant en une lutte unie contre le colonialisme. Cette solidarité, défiant la sauvagerie occidentale, contraste avec la trahison des régimes du Golfe, qui normalisent les relations avec Israël tout en soutenant les génocides au Soudan et au Yémen - répétant leur rôle de collaborateurs de l ère coloniale.
Chapitre 4 : Le Yémen - Le phénix renaissant
Depuis 2015, les régimes du Golfe, menés par l Arabie saoudite avec le soutien américain, mènent une guerre au Yémen - 370 000 raids aériens ont tué 400 000 civils (surtout des enfants) et détruit les infrastructures. Orchestrée par l ambassadeur saoudien à Washington, cette guerre visait le pétrole yéménite et sa position stratégique à Bab el-Mandeb. Malgré le blocus et la famine, les Houthis ont riposté : contrôlant la mer Rouge, attaquant des navires israéliens en solidarité avec Gaza, et frappant Tel Aviv - prouvant que les peuples peuvent défier le capitalisme.
Chapitre 5 : L Irak - Siège et guerres génocidaires
L Irak a subi un génocide via un embargo (1990-2003) et deux guerres (1991, 2003), soutenues par les États du Golfe. Les sanctions, financées par ces régimes, tuèrent un demi-million d enfants - un bilan que Madeleine Albright jugea "qui en valait la peine". Les guerres, détruisant les infrastructures et tuant un million d Irakiens, servaient les intérêts pétroliers occidentaux. Les images d enfants difformes à Falloujah, dues à l uranium appauvri, ressemblent à celles de Gaza. Pourtant, les Irakiens résistent, manifestant pour Gaza.
Chapitre 6 : Syrie, Libye, Algérie - La terreur financée par le Golfe
En Syrie, les régimes du Golfe ont dépensé 1 000 milliards de dollars pour armer des groupes terroristes comme Daech, causant 500 000 morts et 12 millions de déplacés depuis 2011. En Libye, l Arabie saoudite, le Qatar et les Émirats soutinrent l invasion de l OTAN en 2011, qui détruisit le pays. En Algérie, ils financèrent la "Décennie noire" (1991-2002), avec 200 000 civils tués. Ces massacres, affaiblissant les alliés de la Palestine, révèlent le rôle des régimes du Golfe comme outils du capitalisme occidental. Mais les peuples tinrent bon : la Syrie reprit son territoire, la Libye résista au chaos, et l Algérie vainquit le terrorisme.
Chapitre 7 : La résistance - Une volonté indomptable
Le livre souligne la résistance comme réponse au génocide. Au Congo, la contrebande de ressources et les révoltes à Gaza, les pierres et les roquettes au Yémen, les prouesses militaires des Houthis en Irak, la rébellion de Falloujah en Syrie, l armée tenant bon. Comme Lumumba, ces luttes prouvent que les peuples peuvent vaincre le capitalisme sauvage par la seule volonté.
Chapitre 8 : La solidarité - L arme de la libération
La solidarité arabo-africaine est la clé de la libération. Le sauvetage par l Égypte de la famille Lumumba en 1961 en est l exemple, comme les attaques yéménites contre des navires israéliens ou les manifestations en Irak, Syrie et Algérie pour la Palestine. Cette solidarité, inspirée par Nasser et Lumumba, affronte la trahison des régimes du Golfe, qui normalisent avec Israël et financent la terreur - répétant leur collaboration au Congo.
Chapitre 9 : Washington, Bruxelles, Tel Aviv - Piliers de la barbarie
Washington (ordonnant la destruction de l Irak/Yémen), Bruxelles (coupant les fonds à l UNRWA pour Israël), et Tel Aviv (perpétrant le génocide à Gaza) sont les piliers du système capitaliste. Les marchands d armes comme Boeing et Lockheed Martin profitent des guerres, masquant les génocides sous couvert de "sécurité". Les images d enfants gazouis et yéménites sous les bombes renvoient à celles du Congo.
Conclusion : Une vision pour la libération
Le livre propose une feuille de route pour libérer le monde arabe et africain : unir les peuples dans la résistance, exposer les régimes du Golfe, et démanteler l entité sioniste. Il appelle à des conférences populaires, des médias unifiés, et un soutien économique aux peuples assiégés. Des récits comme celui de Hind Rajab à Gaza ou d Oum Mohammed au Yémen symbolisent cette lutte. La jeunesse doit mener cette libération, inspirée par Lumumba et Nasser. De Gaza au Congo, une nation se lève - sa victoire est inévitable.
..............
English Translation
Book Summary: The Atrocities of Savage Capitalism and the Resilience of Arab and African Peoples
This book chronicles the genocidal campaigns perpetrated by savage capitalism, led by the globalization lobby in Washington, Brussels, and Tel Aviv, with the backing of Gulf protectorates (Saudi Arabia, the UAE, Qatar), against the peoples of the Arab world and Africa—from Congo to Gaza, and from Yemen to Iraq, Syria, Libya, and Algeria. The book exposes the logic of capitalism, which justifies the slaughter of millions for resources and geopolitical dominance, while highlighting the steadfastness and solidarity of oppressed peoples, drawing inspiration from the legacies of Patrice Lumumba and Gamal Abdel Nasser. Through its chapters, the book documents the crimes of the Gulf regimes, which have spent trillions funding terrorism and wars of extermination, and presents a vision for liberating the Arab and African nations through a unified resistance front.
Chapter 1: Congo – The Rubber Genocide
In the 19th century, under King Leopold II, the Belgians carried out a genocide in Congo, slaughtering ten million people to exploit rubber. Congolese were forced into labor under the threat of amputations and village burnings, while Belgian and British corporations plundered the nation’s wealth. This massacre, evidenced by photographs of mutilated children in 1897, became a blue-print- for savage capitalism—later replicated in Gaza and Yemen. Patrice Lumumba, who defied colonialism in 1960, was executed in 1961 with Washington and Brussels’ complicity, yet his legacy inspired continued resistance against mining corporations.
Chapter 2: Gaza – The Mirror of Modern Genocide
Gaza, enduring genocide since October 2023, epitomizes Palestinian resistance against the Zionist entity, backed by Biden’s Washington and Brussels. Over 40,000 Palestinians, mostly children, have been killed, and infrastructure obliterated. Live broadcasts of bombings, showing children buried under rubble, expose capitalism’s brutality in its quest for offshore gas fields. EU policies, like cutting UNRWA funding in 2024, echo Congo-era sanctions. Yet Gaza’s resilience—from uprisings to armed resistance—inspires the world.
Chapter 3: Arab-African Solidarity
The book revisits moments of Arab-African unity, such as Nasser’s Egypt sheltering Lumumba’s family in 1961, when Egyptian intelligence smuggled his wife Pauline and children out of Congo. Nasser, who turned Cairo into a hub for revolutionaries, supported liberation movements in Algeria and Ghana, believing in a united struggle against colonialism. This solidarity, defying Western savagery, contrasts with the betrayal of Gulf regimes, which normalize ties with Israel while backing genocide in Sudan and Yemen—repeating their role as colonial-era collaborators.
Chapter 4: Yemen – The Phoenix Rises
Since 2015, the Gulf regimes, led by Saudi Arabia and backed by the Obama administration, have waged war on Yemen—launching 370,000 airstrikes that killed 400,000 civilians (mostly children) and destroyed infrastructure. Orchestrated by Riyadh’s ambassador in Washington, the war targeted Yemen’s oil and strategic position at Bab el-Mandeb. Despite siege and famine, Yemen rose under the Houthis, who seized the Red Sea, struck Israeli ships in solidarity with Gaza, and bombed Tel Aviv, proving that peoples can defy capitalism.
Chapter 5: Iraq – Siege and Genocidal Wars
Iraq suffered genocide through a 1990–2003 embargo and two wars (1991, 2003), backed by Gulf states like Saudi Arabia and Kuwait. The sanctions, bankrolled by these regimes, killed half a million children—a toll infamously justified by Madeleine Albright. The wars, which devastated infrastructure and killed a million Iraqis, served Western oil corporations. Images from Fallujah of children deformed by depleted uranium mirror Gaza’s horrors. Yet Iraqis endure, protesting for Gaza with unbroken will.
Chapter 6: Syria, Libya, Algeria – Gulf-Funded Terror
In Syria, Gulf regimes spent -$-1 trillion arming terrorists like ISIS and Al-Nusra, killing 500,000 and displacing 12 million since 2011. In Libya, Saudi Arabia, Qatar, and the UAE backed NATO’s 2011 invasion, destroying the country and looting its oil. In Algeria, they financed the 1991–2002 "Black Decade," slaughtering 200,000 civilians. These massacres, weakening Palestine’s allies, reveal the Gulf’s role as Western capitalism’s tools. But the peoples resisted: Syria reclaimed its land, Libya defied chaos, and Algeria defeated terror.
Chapter 7: Resistance – An Unbreakable Will
The book highlights resistance as the answer to genocide. In Congo, people smuggled resources and revolted. In Gaza, they fight with stones and rockets. In Yemen, the Houthis stunned the world with their military prowess. In Iraq, Fallujah defied U.S. occupation. In Syria, the army held firm. Like Lumumba, these struggles prove peoples can defeat savage capitalism through sheer will.
Chapter 8: Solidarity – The Weapon of Liberation
Arab-African solidarity is key to liberation. Egypt’s rescue of Lumumba’s family in 1961 set the template, just as Yemen now backs Gaza by striking Israeli ships, and Iraqis, Syrians, and Algerians march for Palestine. This solidarity, inspired by Nasser and Lumumba, confronts the Gulf’s betrayal—their normalization with Israel and terror financing, repeating their Congo-era treachery.
MChapter 9: Washington, Brussels, Tel Aviv – Pillars of Savager
Washington (ordering Iraq/Yemen’s destruction), Brussels (defunding UNRWA to aid Israel), and Tel Aviv (executing Gaza’s genocide) are capitalism’s core. Arms dealers like Boeing and Lockheed Martin profit from war, masking genocide as "security." Images of bombed children in Gaza and Yemen mirror Congo’s archives.
Conclusion: A Vision for Liberation
The book concludes with a roadmap for freeing the Arab and African world: uniting peoples in resistance, exposing Gulf regimes, and dismantling the Zionist entity. Steps include grassroots conferences, unified media, and economic aid for besieged nations. It calls for boycotting Gulf regimes, prosecuting them internationally, and strengthening the resistance axis. Stories like Gaza’s Hind Rajab and Yemen’s Umm Muhammad embody this struggle. Youth must lead this liberation, inspired by Lumumba and Nasser. From Gaza to Congo, a nation rises through its heroes’ blood—proving victory is inevitable.
.......
Dutch Translation
Boek Samenvatting: De Uitroevingen van het Meedogenloze Kapitalisme en het
Verzet van Arabische en Afrikaanse Volkeren
Dit boek documenteert de genocidale campagnes van het meedogenloze kapitalisme, geleid door de globaliseringslobby in Washington, Brussel en Tel Aviv, met steun van Golfregimes (Saoedi-Arabië, de VAE, Qatar) tegen volkeren in de Arabische wereld en Afrika – van Congo tot Gaza, en van Jemen tot Irak, Syrië, Libië en Algerije. Het ontmaskert de kapitalistische logica die het doden van miljoenen rechtvaardigt voor grondstoffen en geopolitieke dominantie, terwijl het de veerkracht en solidariteit van onderdrukte volkeren belicht, geïnspireerd door de erfenissen van Patrice Lumumba en Gamal Abdel Nasser.
Hoofdstuk 1: Congo – De Rubber Genocide
In de 19e eeuw voerden de Belgen onder koning Leopold II een genocide uit in Congo, waarbij tien miljoen mensen werden vermoord voor rubberwinning. Congolezen werden gedwongen tot arbeid onder dreiging van verminkingen en het platbranden van dorpen, terwijl Belgische en Britse bedrijven het land uitbuitten. Deze slachting, gedocumenteerd door foto’s van verminkte kinderen in 1897, werd een blauwdruk voor het meedogenloze kapitalisme – later herhaald in Gaza en Jemen. Patrice Lumumba, die in 1960 tegen het kolonialisme vocht, werd in 1961 geëxecuteerd met medeplichtigheid van Washington en Brussel, maar zijn erfenis inspireert nog steeds verzet tegen mijnbouwbedrijven.
Hoofdstuk 2: Gaza – De Spiegel van Moderne Genocide
Gaza, dat sinds oktober 2023 een genocide ondergaat, belichaamt Palestijns verzet tegen de zionistische entiteit, gesteund door Washington en Brussel. Meer dan 40.000 Palestijnen, voornamelijk kinderen, werden gedood en infrastructuur vernietigd. Livebeelden van bombardementen, met kinderen onder het puin, onthullen de wreedheid van het kapitalisme dat uit is op offshore gasvelden. EU-besluiten, zoals het schrappen van UNRWA-gelden in 2024, doen denken aan de sancties tegen Congo. Toch inspireert Gaza’s verzet – van opstanden tot gewapend verdediging – de wereld.
Hoofdstuk 3: Arabisch-Afrikaanse Solidariteit
Het boek herinnert aan momenten van Arabisch-Afrikaanse eenheid, zoals Nasser’s Egypte dat in 1961 Lumumba’s familie opving. Egyptische inlichtingendiensten smokkelden zijn vrouw Pauline en kinderen uit Congo. Nasser, die van Caïro een centrum voor revolutionairen maakte, steunde bevrijdingsbewegingen in Algerije en Ghana, in de overtuiging van een gezamenlijke strijd tegen kolonialisme. Deze solidariteit, die westerse wreedheid trotseerde, contrasteert met het verraad van Golfregimes die banden met Israël normaliseren en genocide in Soedan en Jemen steunen – net als hun rol als collaborateurs in Congo.
Hoofdstuk 4: Jemen – De Fenix Herrijst
Sinds 2015 voeren Golfregimes, geleid door Saoedi-Arabië met Amerikaanse steun, oorlog in Jemen – 370.000 luchtaanvallen doodden 400.000 burgers (meest kinderen) en verwoestten infrastructuur. De oorlog, opgezet door Riyad’s ambassadeur in Washington, richtte zich op Jemen’s olie en strategische positie bij Bab el-Mandeb. Ondanks een blokkade en hongersnood, vochten de Houthi’s terug: ze namen de Rode Zee over, vielen Israëlische schepen aan uit solidariteit met Gaza, en bombardeerden Tel Aviv – een bewijs dat volkeren het kapitalisme kunnen trotseren.
Hoofdstuk 5: Irak – Belegering en Genocidale Oorlogen
Irak leed onder een genocide via een embargo (1990–2003) en twee oorlogen (1991, 2003), gesteund door Golfstaten. De sancties, gefinancierd door deze regimes, doodden een half miljoen kinderen – een dodental dat Madeleine Albright berucht "de prijs waard" noemde. De oorlogen, die infrastructuur vernielden en een miljoen Irakezen doodden, dienden westerse oliebedrijven. Beelden uit Fallujah van kinderen misvormd door verarmd uranium lijken op die uit Gaza. Toch blijft het Irakese volk vechten, met protesten voor Gaza.
Hoofdstuk 6: Syrië, Libië, Algerije – Golf-Gefinancierde Terreur
In Syrië gaven Golfregimes -$-1 biljoen uit aan terreurgroepen zoals ISIS, wat 500.000 doden en 12 miljoen ontheemden veroorzaakte sinds 2011. In Libië steunden Saoedi-Arabië, Qatar en de VAE de NAVO-invasie van 2011, die het land vernielde. In Algerije financierden ze de "Zwarte Decennium" (1991–2002), met 200.000 burgerdoden. Deze slachtingen, die Palestina’s bondgenoten verzwakten, tonen de Golf als instrument van westers kapitalisme. Maar de volkeren verzetten zich: Syrië heroverde grondgebied, Libië weerstond chaos, en Algerije versloeg terreur.
Hoofdstuk 7: Verzet – Een Onbreekbare Wil
Het boek benadrukt verzet als antwoord op genocide. In Congo smokkelden mensen grondstoffen en kwamen in opstand. In Gaza vechten ze met stenen en raketten. In Jemen verbaasden de Houthi’s de wereld met militaire kunde. In Irak verzette Fallujah zich tegen de Amerikaanse bezetting. In Syrië hield het leger stand. Net als Lumumba bewijzen deze strijden dat volkeren het kapitalisme kunnen verslaan door pure vastberadenheid.
Hoofdstuk 8: Solidariteit – Het Wapen van Bevrijdin
Arabisch-Afrikaanse solidariteit is de sleutel tot vrijheid. Egypte’s redding van Lumumba’s familie in 1961 zette de toon, net zoals Jemen nu Gaza steunt door Israëlische schepen aan te vallen, en Irakezen, Syriërs en Algerijnen voor Palestina demonstreren. Deze solidariteit, geïnspireerd door Nasser en Lumumba, confronteert het verraad van Golfregimes die Israël erkennen en terreur financieren – een herhaling van hun collaboratie in Congo.
Hoofdstuk 9: Washington, Brussel, Tel Aviv – Pijlers van Wreedheid
Washington (bevel tot vernietiging van Irak/Jemen), Brussel (schrappen van UNRWA-gelden voor Israël), en Tel Aviv (uitvoering van genocide in Gaza) vormen het hart van het kapitalistische systeem. Wapenfabrikanten zoals Boeing en Lockheed Martin verdienen grof aan oorlog, terwijl ze genocide als "veiligheid" verkopen. Beelden van gebombardeerde kinderen in Gaza en Jemen lijken sprekend op die uit Congo.
Slotwoord: Een Visie voor Bevrijding
Het boek sluit af met een strategie voor Arabische en Afrikaanse bevrijding: verenigen in verzet, Golfregimes ontmaskeren, en de zionistische entiteit ontmantelen. Stappen omvatten volksconferenties, een verenigde media, en economische steun aan belegerde volkeren. Het roept op tot boycots van Golfregimes, internationale vervolging, en versterking van het verzet. Verhalen zoals dat van Hind Rajab in Gaza en Umm Muhammad in Jemen symboliseren deze strijd. Jongeren moeten deze bevrijding leiden, geïnspireerd door Lumumba en Nasser. Van Gaza tot Congo rijst een natie op – haar overwinning is onvermijdelijk.
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟