أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهين شيخاني - الفيدرالية: هل تكون خلاصًا أم انقسامًا؟ قراءة في تجربتي العراق وسوريا -














المزيد.....

الفيدرالية: هل تكون خلاصًا أم انقسامًا؟ قراءة في تجربتي العراق وسوريا -


ماهين شيخاني
( كاتب و مهتم بالشأن السياسي )


الحوار المتمدن-العدد: 8318 - 2025 / 4 / 20 - 08:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة

حين تنهار الدولة المركزية، وتتعالى أصوات الهويات المغيّبة، يُطرح السؤال الكبير: هل تكون الفيدرالية طوق نجاة أم وصفة انفجار؟ في العراق، وُلد إقليم كوردستان من رماد الحروب والحصار، وفي سوريا، تشكّلت إدارة ذاتية وسط غبار المعارك. كلا المشروعين يرفع راية الفيدرالية، لكن المسارات متباينة، والمآلات غير محسومة.

هذه المقالة تغوص في عمق تجربتين متداخلتين، تفكك التحديات، وتفحص الإمكانات، وتحاول الإجابة: هل يمكن للكورد في سوريا أن يستلهموا نموذج كوردستان العراق؟ وهل ما زالت الفيدرالية في الشرق الأوسط مشروعًا قابلًا للحياة، أم حلمًا مؤجلاً؟

أولاً: الفيدرالية كنظرية سياسية

الفيدرالية تُعرّف بأنها نظام سياسي دستوري يقوم على توزيع السلطة بين حكومة مركزية ووحدات إقليمية، بحيث تُمارَس السيادة بشكل مزدوج ومتكامل. وغالباً ما تنشأ الفيدراليات نتيجة توافق سياسي بين كيانات سابقة الاستقلال، أو كردّ فعل على الاستبداد المركزي.

ومن أبرز مزاياها:

تعزيز المشاركة السياسية.

حماية الأقليات.

تشجيع التنمية المحلية.

تقليل التوترات الانفصالية.

لكن هذه المزايا لا تتحقق إلا في وجود ثقافة سياسية ديمقراطية، ومؤسسات قوية، وتوزيع عادل للثروات.

ثانياً: فيدراليات ناجحة وفاشلة حول العالم



يمكن تصنيف الفيدراليات في العالم إلى نوعين رئيسيين:

فيدراليات ناجحة:
الولايات المتحدة: حيث النظام الفيدرالي متماسك منذ أكثر من قرنين.

ألمانيا: طوّرت “فيدرالية تعاونية” بعد الحرب العالمية الثانية.

سويسرا: نموذج يحتذى به في التعدد اللغوي والديني ضمن نظام فيدرالي صارم.

فيدراليات متعثرة أو فاشلة:
يوغوسلافيا: قادت الفيدرالية إلى الانفصال بسبب غياب هوية وطنية جامعة.

إثيوبيا: شهدت انهيارًا جزئيًا في العلاقة بين المركز والأقاليم واندلاع صراعات داخلية.



ثالثاً: التجربة العراقية – فيدرالية ناقصة النضج؟

أقرّ الدستور العراقي لعام 2005 النظام الفيدرالي كإطار قانوني لإعادة بناء الدولة بعد سقوط النظام المركزي. ورغم أن النص الدستوري واضح في ضمان حقوق الأقاليم، إلا أن التطبيق ظل مقتصرًا عمليًا على إقليم كوردستان.

إقليم كوردستان كنموذج

يتمتع الإقليم بحكومة وبرلمان مستقلين، وقوات أمنية (البيشمركة)، وسلطة واسعة على موارده الطبيعية. لكنه واجه أزمات متكررة مع بغداد، أبرزها:

الصراع حول عائدات النفط.
ملف المناطق المتنازع عليها.
تجميد الموازنة المالية للإقليم.
في المقابل، يعاني الإقليم داخليًا من:

خلافات حزبية على السلطة .

تدخلات خارجية إقليمية .

إنها تجربة “نصف فيدرالية”، ناجحة على المستوى الإداري، لكنها متعثرة على صعيد الديمقراطية الداخلية وبناء المؤسسات.

رابعاً: الفيدرالية الكردية في سوريا – مشروع في طور التكوين؟

أُعلنت “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” عام 2014، ثم تطورت إلى “الفيدرالية الديمقراطية” عام 2016، بقيادة قوات سوريا الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطي.

رغم محدودية الاعتراف الدولي، إلا أن الإدارة الذاتية أنجزت بعض الخطوات المهمة:

تأسيس مؤسسات مدنية محلية.

توفير خدمات مستقرة نسبيًا.

إشراك المكونات المتنوعة (عرب، كرد، سريان) في الحكم المحلي.

لكن التحديات كبيرة، وتشمل:

رفض النظام السوري والمعارضة للفيدرالية واعتبارها “مشروعًا انفصاليًا”.

الحصار الجغرافي والسياسي والاقتصادي من تركيا وبعض القوى الإقليمية.

الاتهام بالتبعية لحزب العمال الكردستاني (PKK)، ما يقلل من شرعيتها الدولية.

وعليه، تبقى هذه الفيدرالية في منطقة رمادية: لا هي دولة معترف بها، ولا جزء فاعل من الدولة السورية القائمة.

خامساً: هل يمكن للسوريين، خصوصاً الكرد، الاستفادة من التجربة العراقية؟

* ما يمكن الاستفادة منه:

الاعتراف الدستوري بالتعددية
أقرّ الدستور العراقي بالتنوع القومي والديني، ويمكن لسوريا أن تتبنى نموذجًا مشابهًا في حال تم إنتاج دستور جديد توافقي.

إنشاء مؤسسات محلية فاعلة
مثل برلمان كوردستان وحكومته، يمكن للإدارة الذاتية أن تطور مؤسساتها ضمن إطار وطني سوري.

اللغة والهوية الثقافية
إعطاء مساحة للغات والثقافات المحلية ضمن النظام التربوي والإعلامي يعزز التعايش بدل الصراع.

** ما يجب الحذر منه:

الصراع المستمر مع المركز
التجربة العراقية أظهرت أن المواجهة مع المركز تضر أكثر مما تنفع. الحوار هو البديل.

الفساد واحتكار السلطة
الاحتكار الحزبي أدى إلى تراجع ثقة الناس بالحكم المحلي. الشفافية والتداول ضروريان.

الخطاب القومي الضيق
لا بد أن تُبنى الفيدرالية على أسس مدنية وشراكة وطنية شاملة، لا على انغلاق قومي.

إن النجاح في بناء فيدرالية حقيقية في سوريا يتطلب أكثر من نموذج، بل يتطلب إرادة سياسية ومجتمعية لبناء عقد اجتماعي جديد يقوم على التعدد والمواطنة.

سادساً: ملاحظات ختامية – الفيدرالية في المشرق العربي

ما يمكن استنتاجه من الحالتين العراقية والسورية، هو أن الفيدرالية في المنطقة ليست مسألة دستورية فقط، بل سؤال وجودي يرتبط بهوية الدولة نفسها. النجاح في تطبيقها مشروط بعدة عوامل، أهمها:

وجود عقد اجتماعي ودستور توافقي.

إشراك جميع المكونات في إدارة الدولة.

توزيع عادل للموارد والثروات.

ضمان الحقوق المدنية والسياسية.

تفكيك المركزية السلطوية.

فإذا ما فُهمت الفيدرالية كآلية للانفصال والتقسيم، فإنها تهديد مباشر. أما إذا تم التعامل معها كوسيلة لتحقيق العدالة التشاركية، فإنها قد تمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية حقيقية.

الهوامش والمراجع من مصادر متنوعة .
Post Views: 68



#ماهين_شيخاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تغني الجبال / قصة قصيرة
- الوجود الكوردي في كوردستان وعلاقة القبائل العربية الأصيلة با ...
- -راية فوق بئر مهجور -
- بطاقة يانصيب
- عينا روزا..؟.
- انسحاب المجلس من الائتلاف
- التنوع الثقافي في الجزيرة السورية...؟.
- لعبة الأقدار - الإعلامي وإخلاف الوعد
- - كرامة الجبلي -
- الإقليم والإدارة وجمهوريتي عنق الزجاجة
- - الطريق الى برده ره ش - لعبة الأقدار ..ج4.
- ظاهرة - العشائرية -
- بصيص أمل - من لعبة الأقدار (ج 3) - قصة قصيرة
- اسمها والعيون / قصة قصيرة...
- مناضلون على الصفحة الزرقاء
- رئيس دفن الموتى
- المرتزقة والولاء لمن يدفع أكثر والاتفاقية الدولية لمناهضة ال ...
- المبدع يلماز كونيه ... الحياة القصيرة لفنان شامخ الرأس...؟.
- الشروع في مشروع
- لوحة آناهيتا


المزيد.....




- بعد تقرير CNN.. أمريكا تؤكد تخفيض عدد قواتها في سوريا بأكثر ...
- سفير الصين بواشنطن يتوعد الدول الأخرى برد حاسم على الحروب ال ...
- علماء يزعمون اكتشاف -لون جديد- لم يره أحد من قبل
- تحقيق لرويترز يكشف تفاصيل عملية تهريب ثروة الأسد على متن طائ ...
- لندن: تظاهرة حاشدة دفاعا عن حقوق المتحولين جنسيا بعد حكم قضا ...
- القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية: لن نرد على الرسوم الجمركي ...
- كوريا الشمالية تحذر من عواقب وخيمة لتخفيف ترامب قواعد تصدير ...
- الجيش السوداني: مقتل 7 مدنيين بقصف للدعم السريع في الفاشر
- أطعمة ضرورية لخفض الكوليسترول والحفاظ على صحة القلب
- طبيب يوضح خطر مشروبات الطاقة على الصحة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهين شيخاني - الفيدرالية: هل تكون خلاصًا أم انقسامًا؟ قراءة في تجربتي العراق وسوريا -