أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة البازار .














المزيد.....

مقامة البازار .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8316 - 2025 / 4 / 18 - 10:05
المحور: الادب والفن
    


مقامة البازار :

تعود كلمة بازار بأصلها إلى الكلمة الفارسية wāzā )) )) , والتي جاءت من الكلمة البروتو هندو الإيرانية (( واها-كارانا wahāčarana)) , حيث انتشر مصطلح بازار بعد ذلك على نطاق عالمي , كانتشار فكرة البازار بحد ذاتها , وشكلت البازارات شبكة تربط المدن الرئيسية ببعضها , لتبادل البضائع والثقافة والمعلومات المختلفة , والبازار هو سوق تتكون من مجموعة من الدكاكين أو المتاجر الصغيرة ويعرف على وجه الخصوص في الشرق الأوسط , والبلقان , وآسيا الوسطى , وشمال إفريقيا , وجنوب آسيا , وعادة ما تقع البازارات في شوارع مقببة أو مغطاة بها أبواب في كل طرف وتكون بمثابة سوق مركزية للمدينة.

تطور مفهوم البازار لتكون هناك علائق تربطه مع السياسة , خصوصا ضمن تقاطعات القوة والنفوذ في ساحة التبادل , ولطالما كان البازار , بمفهومه الواسع الذي يتجاوز السوق التقليدي ليشمل أي فضاء للتفاوض والتبادل , حاضراً بقوة في تشكيل المجتمعات وتفاعلاتها , وبينما يُنظر إليه غالباً كمركز اقتصادي حيوي , فإن تأثيره يمتد بعمق ليلامس حقل السياسة المعقد , تاركاً بصمات واضحة على هياكل السلطة , صناعة القرار , وحتى طبيعة الخطاب السياسي , ففي جوهره , يمثل البازار فضاءً للتفاعل بين أطراف متعددة تسعى لتحقيق مصالح متباينة , هذا التفاعل , القائم على العرض والطلب , والمساومة , والتنازلات , يحمل في طياته ديناميكيات قوة ونفوذ يمكن إسقاطها بسهولة على الساحة السياسية , فالسياسة , في جوانب عديدة منها , ليست سوى (( بازار )) كبير تُعرض فيه الأفكار , والتحالفات , والمصالح , وتُعقد فيه الصفقات , وتُباع وتُشترى فيه الولاءات.

أحد أبرز انعكاسات البازار على السياسة يكمن في تأثيره على تشكيل هياكل السلطة وتوزيعها , ففي الأنظمة السياسية التي تسمح بقدر كبير من التداولية والتفاوض , يصبح البازار آلية لتجميع القوى وتشكيل التحالفات , الأحزاب السياسية , على سبيل المثال , كثيراً ما تدخل في (( مساومات )) لتشكيل حكومات ائتلافية , حيث تقدم تنازلات في برامجها أو في توزيع المناصب مقابل الحصول على دعم شركائها , وبالمثل , فإن جماعات الضغط والمصالح المختلفة تمارس نوعاً من (( المساومة )) مع صناع القرار للتأثير على السياسات والقوانين التي تخدم مصالحها , ويلعب البازار دوراً محورياً في عملية صناعة القرار السياسي , فبدلاً من اتخاذ القرارات بشكل أحادي من قبل طرف واحد , غالباً ما تتطلب العملية السياسية الناجحة نوعاً من (( التفاوض )) بين مختلف الأطراف المعنية , هذا التفاوض قد يشمل تقديم تنازلات , وإيجاد حلول وسط , أو حتى تبادل المنافع , فالميزانيات العامة , على سبيل المثال , غالباً ما تكون نتاج (( مساومات )) طويلة بين مختلف الوزارات والجهات الحكومية للحصول على حصة أكبر من الموارد , والقوانين الهامة تمر بمراحل من النقاش والتعديل والتوافق بين مختلف الكتل البرلمانية , وهو ما يمكن اعتباره نوعاً من (( البازار )) التشريعي .

أورد عباس عراقجي , وزير الخارجية الإيراني , قصة البازار في كتابه (( قوة التفاوض)) الصادر في أيار 2024 , حيث تناول فيه مراحل التفاوض السياسي , والدبلوماسي , مستعرضاً كيف تشكّلت ثقافة التفاوض الإيرانية على النمط البازاري , وخاصة أنه ابن أحد تجار السجاد في طهران , حيث ان البازار في الثقافة الإيرانية ليس مجرد سوق شعبية , بل تتشكل فيه عقلية المقايضة , مساومة طويلة , إخفاء للأسعار , تكتيكات تفاوضية , كالتظاهر بالانسحاب , واللعب على الأعصاب , ويقولون انه في أحد أيام الصيف في طهران دخل دبلوماسي غربي إلى البازار الكبير برفقة مترجم إيراني , وبين ضجيج الباعة , وروائح التوابل , قال المترجم مبتسماً : (( هنا تتعلّم إيران التفاوض , البازار هو مدرستنا الأولى)) .

كتب زيد بن كمي نائب المدير العام لقناتي العربية والحدث : (( يقدّم عراقجي نفسه باعتبار أنه امتداد لمدرسة البازار , وموجّهاً رسالة ضمنية للأميركيين أن أبناء البازار لا يقدمون شيئاً بلا مقابل , ولا يكشفون أوراقهم منذ البداية , وهذه الصورة كانت حاضرة مع بداية المفاوضات الأميركية - الإيرانية يوم السبت الماضي التي استضافت العاصمة العُمانية مسقط أولى جلساتها بين المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف , وعباس عراقجي , ويبدوأن تلك الجلسة والجلسات المقبلة لن تخلو من العرض , والرفض , والمساومة ,والمناورة , لكن ما غاب عن عراقجي أن الرئيس دونالد ترمب لم يكن من محبّي المساومات التقليدية , بل عاشق للصفقات الواضحة , يعرضها في العلن , ويعلن نتائجها بلا مواربة , هو رجل يفضل الحسم على التلكؤ , والنتائج على التفاصيل , ولا يقرأ من كتاب البازار, وهو ما أكد عليه مبعوثه ويتكوف أنه لن يتم أي اتفاق مع إيران إلا على طريقة ترمب )) .

هناك أبيات شعرية عربية تستشهد بالبازار , وغالباً ما تستخدمه كرمز للازدحام , والتنوع , والتقلبات , وأحياناً للبحث عن شيء ذي قيمة وسط ضجيج الحياة , وبما أن البازار مكان للبيع والشراء والربح والخسارة , فقد يُستخدم كرمز لتقلبات الحياة وحظوظها المتغيرة , وقد يشير بيت شعري إلى أن (( الدنيا كالبازار , يوم لك ويوم عليك )) .

(( قلبي كبَازَارِ الهَوَى مُزْدَحِمٌ , بِكُلِّ صَنْفٍ مِنَ الأَشْوَاقِ وَالْوَلَهِ )) .
(( في بَازَارِ الأَيَّامِ نَبْحَثُ عَنْ أَمَلٍ , كَمُشْتَرٍ يَرْجُو اللُّؤْلُؤَ بَيْنَ الْحَصَى )) .
(( أَيَّامُنَا بَازَارٌ سَرِيعُ التَّقَلُّبِ , مَا رَبِحَ اليَوْمَ قَدْ يَخْسَرُ غَدًا )) .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الشيطان يكمن في التفاصيل .
- مقامة الفن للفن ؟
- مقامة ما طار طير .
- مقامة الأستيلاد .
- مقامة البلاد البلاد .
- مقامة المربك و المرتبك .
- مقامة اطاعة المسؤول .
- مقامة حُراس التناحة .
- مقامة سُكرةعراقية .
- مقامة ترانيم المواويل
- مقامة رفيق الحويجة .
- مقامة الأنبهار .
- مقامة السمراوتين .
- مقامة الدرويش .
- مقامة فرحة العيد ؟
- مقامة زئير المعري .
- مقامة كرسي العراق .
- مقامة العجمي و الأعجمي .
- مقامة جنود العسل .
- مقامة المرورة .


المزيد.....




- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد
- صحفي إيطالي يربك -المترجمة- ويحرج ميلوني أمام ترامب
- رجل ميت.. آخر ظهور سينمائي لـ -سليمان عيد-
- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة البازار .