أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - عهد خروتشوف – البيريسترويكا رقم 1 - الجزء الأول 1-2















المزيد.....

عهد خروتشوف – البيريسترويكا رقم 1 - الجزء الأول 1-2


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8315 - 2025 / 4 / 17 - 18:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع


*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*

ألكسندر سامسونوف
كاتب صحفي ومحلل سياسي
مؤرخ وخبير عسكري روسي

17 أبريل 2025

قبل 120 عامًا، في 17 أبريل 1894، وُلد نيكيتا خروتشوف. خلال عهد ميخائيل غورباتشوف وإصلاحات التسعينيات، حاولت الأوساط الليبرالية الديمقراطية رسم صورة خروتشوف كمُصلح، بل وبطل حاول التخلص من إرث ستالين "الدموي". سُميت فترة حكم خروتشوف بـ"ذوبان الجليد".

لكن الحقائق تقول العكس. البيريسترويكا أو "إعادة الهيكلة" التي قادها غورباتشوف، والتي أدت إلى خسائر جيوسياسية واقتصادية وديموغرافية هائلة (لا تُقارن حتى بغزو القوات النازية)، لم تكن الأولى. بل كانت "البيريسترويكا رقم 1" في الإتحاد السوفياتي بقيادة خروتشوف، الذي نفذ في جوهرها مخططات استراتيجية لجهازي المخابرات الأمريكي والبريطاني. يكفي أن نذكر مذكرة مجلس الأمن القومي الأمريكي 20/1 ("أهدافنا تجاه روسيا") الصادرة في 18 أغسطس 1948 (والتي تُسمى أحيانًا "مخطط دالاس").
لم تكتمل "البيريسترويكا" الأولى في عهد خروتشوف، إذ تمت إزاحته من السلطة. لكن أفعاله تسببت في أضرار جسيمة.

آثار خروتشوف السامة تعود إلى أفعاله في أوكرانيا. اغتيال ستالين وبيريا مكّن خروتشوف من السيطرة على الإتحاد السوفياتي وتغيير مساره بالكامل. تخلى الإتحاد السوفياتي عن مساره الحضاري والسياسي السابق. ليس من قبيل الصدفة أن ليندون لاروش، Lyndon LaRouche Jr. 1922- 2019) الخبير الاقتصادي والناشط السياسي الأمريكي الذي ترشح للرئاسة ثماني مرات، اتهم خروتشوف في العديد من خطاباته بخيانة شعب الإتحاد السوفياتي وسياسة قيادته السابقة.

كثير من الكتّاب والباحثين المعاصرين، بمن فيهم الاشتراكيون، يحاولون تبرئة خروتشوف، ويصورونه كأحمق أو مهرج بجانب "الطاغية"، الذي لا يعرف سوى ضرب المنصة بحذائه أو تهديد الأمريكيين بـ"أم كوزكا". لكن هذا خطأ أو خداع متعمد. بساطته وعدم عمق أفكاره كانت مجرد قناع يخفي طبيعته الحقيقية.

بل إن خروتشوف إستطاع خداع ستالين نفسه، حيث أقنعه بأنه "رجل بسيط" من الريف، لا يفهم التعقيدات السياسية. لذلك لم يرَ ستالين فيه تهديدًا. كما خدع بيريا أيضًا، الذي اعتبره صديقًا لفترة طويلة وساعده كـ"شاب بسيط". عندما أدرك بيريا حقيقة خروتشوف، كان الأوان قد فات. "المهرج" خدع الجميع ووصل إلى قمة السلطة السوفياتية بعد إزاحة جميع منافسيه.

لكن لا يجب إعتبار خروتشوف "عبقريًا" إنتصر في الصراعات الداخلية. كان رجلًا ماكرًا، لكنه لم يكن بذكاء ستالين أو بيريا. عند النظر إلى سيرته، يبدو وكأن قوى أخرى أكثر ذكاءً وقوة كانت تقوده. كانوا بحاجة إلى رجل مثله لضرب الإمبراطورية الستالينية. كان خروتشوف رجلًا هدّامًا.

في بداية مسيرته، كان خروتشوف تروتسكيًا تائبًا. في عشرينيات القرن الماضي، كاد يُطرد من الحزب بسبب انشغاله بالثراء الشخصي. تاب عن ذنوبه أمام كاغانوفيتش، الذي أصبح أول حامٍ له. ثم ساعدته زوجة ستالين، ناديجدا أليلوييفا، في صعوده. ارتقى خروتشوف على أنقاض التروتسكيين والزينوفييفيين. في 1935، ترأس خروتشوف منطمة الحزب في موسكو وأظهر قسوته في حملات "التطهير الكبير"، ثم في أوكرانيا. في يناير 1938، عُين سكرتيرًا أول للحزب الشيوعي الأوكراني. لم يكن خروتشوف ساديًا أو قاتلًا مرضيًا مثل بعض "الحرس اللينيني"، لكنه كان انتهازيًا بلا ضمير، مستعدًا لسحق الآخرين من أجل مصلحته. الغريب أن العديد من أمثاله دفعوا ثمن أفعالهم وأصبحوا ضحايا للقمع الستاليني، لكن خروتشوف نجا.

كما تميز خروتشوف بـ"عدم القابلية للإسقاط". في 1942، كعضو في المجلس العسكري للجبهة مع المارشال تيموشينكو، أصر خروتشوف على الهجوم من جيب بارفينكوفو بالقرب من خاركيف، رغم معارضة هيئة الأركان العامة التي رأت في ذلك مخاطرة. إنتهى الهجوم بكارثة على الجبهة الجنوبية، وتمكنت القوات الألمانية من التقدم حتى ستالينغراد والقوقاز. بينما دفع آخرون حياتهم أو مناصبهم مقابل أخطاء أقل، لم يتأثر خروتشوف، بل حصل على رتبة جنرال في 1943.

في 1946-1947، عاد خروتشوف إلى أوكرانيا كرئيس للحزب الشيوعي الأوكراني. بسياسته غير المدروسة، زاد من تدهور الزراعة وساهم في تفاقم الأزمة. رغم أن المحاصيل كانت ضعيفة بالفعل، تفاقم الجوع. وبدلًا من معاقبته، عُين مسؤولًا عن الزراعة، حيث تسبب بمزيد من الفوضى بسبب إصلاحاته الفاشلة. لكن بدلًا من العقاب، أصبح سكرتيرًا للجنة المركزية للحزب في موسكو.

شارك خروتشوف في مؤامرة ضد ستالين. بالطبع، لم يكن هو العقل المدبر، لكنه إستغل الأجواء العامة. في ذلك الوقت، خشي "الحرس القديم" (ما عدا بيريا) من حملة تطهير جديدة. كان ستالين يخطط لتجديد دماء النخبة الحزبية والدولة، مما هدد مصالحهم.

كانت وفاة ستالين ثم إغتيال بيريا الخطوتين الأولى لـ"البيريسترويكا". في أكتوبر 1952، ذكر ستالين أنه بحلول 1962-1965، إذا استمر النمو الاقتصادي بنفس الوتيرة، سيكون الإنتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية ممكنًا، بدءًا بإلغاء المال (الذي سيقتصر على التجارة الخارجية). هذا التحدي للغرب جعل "الأجندة السوفياتية" تنشط لمنعه.

ثم جاءت الضربة الثانية: تقرير خروتشوف عن "عبادة شخصية ستالين" في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في فبراير 1956. كان هذا التقرير بداية الانحراف عن المسار الستاليني، الذي كان يهدف إلى بناء مجتمع مختلف قائم على الإبداع والخدمة. بدأت إصلاحات معادية للاشتراكية والشعب، مما مهد لسقوط الإتحاد السوفياتي في 1991. كما أضرت الحملة المناهضة لستالين بعلاقات موسكو مع الصين، التي كانت تحترمه بشدة.

تسببت "البيريسترويكا" الخروتشوفية في ضربات قوية للجيش وأجهزة الأمن. استخدم خروتشوف الجنرالات أولًا للتخلص من بيريا، بمساعدة جوكوف. ثم قام بتصفية العديد من كبار المسؤولين الأمنيين والدبلوماسيين والعلماء الذين كان بيريا يشرف عليهم.

بعد تعزيز سلطته، أظهر خروتشوف حقيقته: قام بـ"تحسين" القوات المسلحة، مع إعطاء الأولوية للصواريخ الباليستية والأسلحة النووية، وتقليص باقي الفروع العسكرية. أُلغيت برامج ستالين لبناء أسطول بحري قوي، وحُولت السفن إلى خردة. كما دمرت القوات الجوية، حيث أُغلقت العديد من المصانع والبرامج الواعدة.

كانت إصلاحات خروتشوف فوضوية لكنها منهجية في جوهرها: هَدْم الإتحاد السوفياتي. بدأ بتدمير المبدأ الاشتراكي الأساسي: "لكل حسب عمله". فُرضت المساواة في الأجور رغم إختلاف الجهد، مما قتل الحافز. بينما في عهد ستالين، كان الأجر يعكس العمل الحقيقي.

تحولت النخبة الحزبية إلى طبقة جديدة من المستغلين، مما مهد لـ"البيريسترويكا" في الثمانينيات. تحول الاشتراكية الخروتشوفية إلى رأسمالية دولة، مع ارتفاع الأسعار كأبرز دليل.

الضربة التي وجهها للزراعة

باعتباره "خبيرًا زراعيًا"، أطلق خروتشوف مشاريع مدمرة:
1. إلغاء محطات المكننة الزراعية (MTS): أجبرت المزارع الجماعية على شراء المعدات بأسعار مرتفعة، مما أفقرها.
2. دمج المزارع الجماعية: قلص عددها من 83 ألفًا إلى 45 ألفًا دون تخطيط كافٍ.
3. القضاء على القرى "غير الواعدة": هُجرت آلاف القرى الروسية، مما أضر بالديموغرافيا والزراعة.
4. استصلاح الأراضي البكر: تم بسرعة وبإسراف، مما أدى إلى تدهور التربة.
5. هوس الذرة: فُرضت زراعتها حتى في المناطق غير المناسبة، مع عقوبات على من يفشل.
6. حملات اللحوم والألبان: أدت إلى تزوير الإحصاءات وإفلاس المزارع.
7. تجريم الزراعة الخاصة: صودرت ماشية الفلاحين، مما دفعهم إلى الفرار للمدن.

*****
يتبع الجزء الثاني



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 558 – اليمن يحطم أوهام تفوق الجيش الأمريكي
- -رجلنا- في أمريكا
- طوفان الأقصى 557 – ترامب ونتنياهو يرقصان -تانغو واشنطن-
- الأمريكي العظيم – بمناسبة مرور 80 عاما على وفاته
- ألكسندر دوغين – إتحاد روسي – بيلاروسي – إيراني ينقذ الوضع
- طوفان الأقصى 555 – إستضافة المجر للمجرم نتنياهو بين القانون ...
- لماذا تم اختراع أسطورة الكاتب العظيم -قائل الحقيقة- ألكسندر ...
- طوفان الأقصى 554 – الحرب الأبدية في غزة - قادة الطرفين – وفي ...
- نظام الغولاغ (السجون ومراكز الاصلاح ومعسكرات العمل) - الأرشي ...
- طوفان الاقصى 553 – الحرب الأخرى على الفلسطينيين – كيف تستخدم ...
- أكاذيب ألكسندر سولجينتسين الدعائية – الجزء الثاني 2-3
- طوفان الأقصى 552 - المفاوضات الأمريكية الإيرانية وإسرائيل ال ...
- أسطورة -الإبادة الجماعية الدموية لستالين- في أوكرانيا السوفي ...
- طوفان الأقصى 551 – -محور المقاومة-: الانهيار في الحرب أم الب ...
- طوفان الأقصى 550 – اسرائيل + أمريكا ضد إيران
- أسطورة سوداء عن -الجزار الدموي- بيريا – الرجل الثاني بعد ستا ...
- طوفان الأقصى 549 – نتنياهو في بودابست كأنه في بيته
- طوفان الأقصى 548 – حرب الولايات المتحدة مع الحوثيين – مكاسب ...
- كيف دمر خروتشوف أسس الدولة السوفياتية
- طوفان الأقصى547 – آخر أخبار من سوريا – ملف خاص


المزيد.....




- الكويت: القبض على مقيم بحوزته سلاح ناري دهس رجل أمن عمدا وفر ...
- آلاف المؤمنين في ملقة يشاركون في موكب عيد الفصح السنوي
- تقرير يحصي تكلفة وعدد المسيرات الأمريكية التي أسقطها الحوثيو ...
- إعلام أمريكي: كييف وافقت بنسبة 90% على مقترح ترامب للسلام
- السلطات الأمريكية تلغي أكثر من 400 منحة لبرامج التنوع والمسا ...
- البيت الأبيض يشعل أزمة مع جامعة هارفارد بـ-رسالة خطأ-
- ارتفاع حصيلة الضربات الأميركية على رأس عيسى إلى 74 قتيلا
- الكرملين: انتهاء صلاحية عدم استهداف منشآت الطاقة الأوكرانية ...
- في ظلال المجرات… الكشف عن نصف الكون الذي لم نره من قبل
- القوات الروسية تتقدم وتسيطر على ثالث بلدة في دونيتسك


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - عهد خروتشوف – البيريسترويكا رقم 1 - الجزء الأول 1-2