لماذا اعلن ترامب الحرب التجارية العالمية ؟

نجم الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 8315 - 2025 / 4 / 17 - 00:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

1-- ان الإقتصاد الراسمالي الاميركي، اقتصاد مريض يعاني من مشكلات اقتصادية واجتماعية ومالية وتجارية..،ومنها تباطوء معدلات النمو الاقتصادي وتنامي معدلات المديونية الاميركية والتي تشكل اكثر من 30 بالمئة من إجمالي المديونية العالمية والعجوزات المالية في الميزان التجاري وميزان المدفوعات والميزانية الحكومية...ويرافق ذلك تنامي معدل الانفاق العسكري للولايات المتحده الأمريكيه بدليل يؤكد إنه في عام 2026 ستكون التخصيصات المالية للدفاع ( البنتاغون) نحو. ترليون دولار أمريكي ؟ وهذا لم يحدث حتى خلال فترة الحرب الباردة بين اميركا والإتحاد السوفيتي في عقد الثمانينات من القرن الماضي ، ريغان لم يحدث ذلك وهو 400 مليار دولار أمريكي تخصيصات الدفاع الاميركي ؟.

ما هوالهدف الرئيس من الحرب التجارية العالمية؟.

هناك اهداف عديدة ومنها:

اولا:: الهدف الرئيس والاول هو ضد بكين

1- يعتبر ترامب ان الخصم الايديولوجي والسياسي والاقتصادي والعسكري للولايات المتحده الأمريكيه هو جمهورية الصين الشعبية وان قوتها ونفوذها في تزايد مستمر وخاصة في الميدان الاقتصادي والعسكري ومن هنا ينبع الخطر من وجهة نظر ترامب على اميركا وبالتالي تم تركيز الحرب التجارية العالمية مع جمهورية الصين الشعبية وزادت الرسوم الجمركية من قبل اميركا اكثر من 150 بالمئة بالضد من بكين وبنفس الوقت اتخذت بكين بزيادة التعريفة الجمركية اتجاه اميركا بنحو 145 بالمئة والحرب مستمرة بين واشنطن وبكين ،وبالتالي ان الهدف الرئيس هو العمل على عرقلة التطور الإقتصادي للاقتصاد الوطني الصيني من وجهة نظر ترامب عبر اشعال الحرب التجارية العالمية وخاصة ضد بكين ويمكن القول ان جوهر الحرب التجارية العالمية هي بين اميركا وجمهورية الصين الشعبية وترامب هو من اعلن هذه الحرب وسوف يخسر في حربه التجارية مع بكين ،لان جمهورية الصين الشعبية لديها سوق داخلية كبيرة اضافة إلى ذلك لديها علاقات اقتصادية واسعة مع دول بريكس وغالبية دول الأطراف وكذلك غالبية دول الاتحاد الاوربي ،ولا يستبعد من حدوث تنسيق بين بكين وبروكسل حول الموقف من ترامب وحربه التجارية العالمية
.
2-- ان الصراع بين اميركا وجمهورية الصين الشعبية اليوم له ابعاد اقتصادية وايديولوجية وسياسية ويسعى ترامب وادارته الجديدة الى تكرار سيناريو تفكيك الاتحاد السوفيتي للمدة 1985--1991 والذي تم تحت غطاء مشروع الحكومة العالمية إلا وهو ما يسمى بالبيرسترويكا الغارباتشوفية الفاسدة والمخربة ومع الأسف (( نجحت)) قوى الثالوث العالمي في تحقيق هدفها اللامشروع واللاقانوني واللاشرعي...اليوم ترامب يهدف تكرار سيناريو تفكيك الاتحاد السوفيتي على جمهورية الصين الشعبية وعبر إعلان الحرب التجارية العالمية وزيادة الانفاق العسكري للولايات المتحده الأمريكيه ،اي حرب ساخنة جديدة وبنفس الوقت يتم تركيز العداء ضد الحزب الشيوعي الصيني وقيادته الثورية

ثانيا:: الاهداف الاخرى تكمن في::

1- العمل على تطوير القطاع الصناعي الاميركي وخاصة قطاع صناعة السيارات..

2- العمل على معالجة العجوزات المالية في الميزان التجاري وميزان المدفوعات والميزانية الحكومية.

3- العمل على تقوية دور ومكانة الدولار الامريكي في المعاملات التجارية الدولية.

4-- يسعى ترامب من حربة التجارية العالمية وهي ضد اكثر من 70 دولة وفي مقدمة هذه الدول هي جمهورية الصين الشعبية تحديداً بهدف ابقاء هيمنة القطب الواحد ،ولكن نسى او تناسى ترامب ان العالم اليوم يعيش نظام التعددية القطبية منذ عام 2007 ولغاية الآن وان بريكس ،منظمة شنغهاي ..،نواة التعددية القطبية وهذه حقيقة موضوعية واضحة للجميع ولا يمكن انكارها وهذه الدول تشكل اكثر من 50 بالمئة من سكان العالم.
5-- ان الراسمالية مشعلة للحروب ورافضة للسلام والتعايش السلمي ولا تلتزم حتى بالقوانين الراسمالية ومنها سوق المنافسة الحرة....تريد تطبيق سوق احتكار القلة وهذا غير ممكن اليوم اضافة إلى ذلك ان نهج ترامب بأعلان الحرب التجارية العالمية هو بالضد من منظمة التجارة العالمية وهي المختصة بشؤون التجارة الدولية وهذا النهج النيوليرالي في السياسة التجارية هو نهج يسير في طريق مسدود وواجه معارضة داخل وخارج اميركا ومن اقرب حلفاء اميركا وهي دول الاتحاد الاوربي وان 99 بالمئة من برنامج ترامب لم يتحقق اصلا وهذا يعني فشل ما يسمى بالعولمة الشيطانية والمتوحشة وفشل نظام القطب الواحد وهيمنته بدليل تم تجميد قراره بالحرب التجارية العالمية ضد الدول الى 90 يوماً باستثناء جمهورية الصين الشعبية ؟. ويستخدم ترامب الرسوم التجارية العالمية كوسيلة ضغط سياسية واقتصادية..ضد الدول بشكل عام وضد الدول المناهظة للنهج الامريكي وغطرستها وعدوانيتها المخالفة للقانون الدولي...فمن غير المعقول والمنطق ان يضم كندا وايرلندا وقناة بنما إلى اميركا والعمل ضد المكسيك وفنزويلا وكوبا وفيتنام وكوريا الشمالية ولاوس...؟. روسيا الاتحادية وبيلاروسيا لم يتم لغاية الآن فرض الرسوم الجمركية ضد هذه الدول بحجة لا يوجد تبادل تجاري مع هذه الدول وهي حجة غير صحيحة من يشتري اليورانيوم المنضب من روسيا والاسمدة الكيمياوية....؟

6-- يسعى ترامب دق اسفين بين موسكو وبكين والعمل على ابعاد موسكو عن بكين وفي كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية...وهذا النهج يدركه الرئيس الروسي فلاديمر بوتين ورئيس جمهورية الصين الشعبية .ولن ينجح هذا السيناريو الشيطاني ،وان تصريحات ترامب متناقظة وسوف لن يحقق شيء منها الا الفوضى وعدم الإستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي..داخل وخارج اميركا.

7-- ترامب رجل اعمال وسياسي في آن واحد وهو يهدف الى(( حلب )) الدول الغنية بمواردها المالية ومنها دول الخليج العربي ودول الاتحاد الاوربي و اوكرانيا...وتحت حجج عديدة منها ضمان وتأمين الامن لهذه الدول من ما يسمى بالاعداء الخارجين ،اي اعداء وهميين بسبب الحصول على الاموال بهدف الاستتثمارات في الإقتصاد الراسمالي الاميركي المريض.

8-- ان الوضع الدولي معقد اليوم وفي كافة المجالات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجيا..ومنها استمرار الحرب الاوكرانية-- الروسية وتعقيداتها بدليل دول الاتحاد الاوربي وخاصة لندن وباريس وبون وبروكسيل اعلنوا دعمهم واسنادهم المالي والعسكري للنظام النيونازي الحاكم في اوكرانيا واستمرار الخلافات بين واشنطن وكييف ،الحرب التجارية العالمية التي اشعلها ترامب ،قضية تايوان الشرق الأوسط الملتهب وخاصة العلاقة بين اميركا وتل ابيب من جهة وبين طهران من جهة اخرى وخاصة حول البرنامج النووي الايراني ،تأرم العلاقات مع كوريا الشمالية...ان كل هذه الازمات او احداها احتمال ان تكون مقدمة لا شعال الحرب الكونية العالمية وخاصة خطر استمرار الحرب الاوكرانية-- الروسية وعدم التوصل إلى حل جذري بين موسكو وواشنطن واشك في التوصل إلى اتفاق...،وتايوان ومنطقة الشرق الأوسط..

9-- ان ترامب يواجه مشاكل عديدة داخل المجتمع الراسمالي الاميركي ومنها معارضة الحزب الديمقراطي الاميركي لنهج ترامب وكذلك قسم من اعضاء الحزب الجمهوري وبقية المؤسسات الحكومية الاميركية الاخرى ،ناهيك عن تفاقم واشتداد التناقضات المختلفة داخل المجتمع الاميركي ومنها تدهور المستوى المعيشي للغالبية العظمى من المواطنين الاميركان وارتفاع الاسعار للسلع والخدمات وتنامي معدلات البطالة..،يرافق ذلك زيادة التخصيصات المالية للدفاع الاميركي .

10-- ان الراسمالية كتشكيلة اجتماعية واقتصادية وخاصة في مرحلتها المتقدمة الامبريالية لا يمكن ان تستقر وتتطور بالاعتماد على السوق الداخلية لانه غير كافي لتطور الامبريالية وفي كافة المجالات وبالتالي فالبحث عن الاسواق الخارجية هو احد اهم الاسباب ،المبررات للتوسع الامبريالي بهدف الاستحواذ على ثروات الشعوب وتصريف جزء من ازمة نظامها المازوم بنيويا وتعظيم الربح الاوليغارشية الحاكمة وحاشيتها في المجتمع الطبقي البرجوازي الاميركي انموذجا حيا وملموسا على ذلك.

11-- نعتقد،ان هذه الاهداف وغيرها سوف لن تنقذ الامبريالية الامريكية وحلفائها في معالجة الازمات الإقتصادية والاجتماعية والمالية والثقافية والاخلاقية...وان الحروب غير العادلة لن تكون حلا جذريا للامبريالية الامريكية وحلفائها ، لان ان اندلعت هذه الحرب الكونية ستكون كارثية وماساوية ومدمرة للجميع ولا يوجد اي طرف يحقق النصر العسكري في هذه الحرب.

ابريل -2025

#نجم_الدليمي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات