أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8313 - 2025 / 4 / 15 - 21:58
المحور:
كتابات ساخرة
(1) Turn the Page...!
السادسة والنصف، أكملتُ عملي وغادرتُ... نصف ساعة أمضيتها أجوب بعض الشوارع، أسمع في أذنيّ موسيقى صاخبة، أمشي وأنظر، دون وجهة، ودون هدف... السابعة دخلتُ محطة المترو، بعد عشرين دقيقة تقريبا أصل منزلي، أستحم، أتعشى ثم أخرج للقاء رفيقتي، ذلك كان ما سيحصل... لكنه لم يحدث...
عندما صعدتُ من النفق، لفتت انتباهي... واقفة تنتظر في الاتجاه المعاكس لاتجاهي... مساري كان من اليسار إلى اليمين وقطارها كان العكس... أمتار تفصل بيننا عندما وقفتُ ونظرتُ نحوها. لم تتفطن في البدء، كان وقتا أقل من الدقيقة وأنا أنظر إليها دون أن تتفطن، وما ان تفطنتْ حتى نظرتْ ولم تُحول نظرها.
لم يكن شيئا كحب من أول نظرة، كان أعظم بكثير... ما شعرتُ به أن كل شيء محيط بي غاب، ما رأيته أن كل شيء اختفى، تحول إلى بياض تحيط به من كل النواحي اشعاعات، وفي نهاية ذلك البياض كانت تقف ناظرة لي... كل شيء كان يدفعني دفعا نحو نهاية ذلك النفق الأبيض أين كانت تقف، لكني لم أفعل، وعدتُ أدراجي بسرعة... نزلت الدرجات وسرتُ قليلا حتى تخطيتُ حاجز الدخول وصعدتُ درجات... كان عزمي أن أنزل من الجهة الأخرى للمحطة، لأصعد إليها، لكني رأيتها تصعد نحوي... صعدتْ درجتين وعندما رأتني أقف في مستوى الدرجة الأولى دون أن أنزل... توقفتْ ونظرتْ لي، قليلا، ثم صعدت نحوي.
كانت لحظة غريبة... كيف كنتُ أنظر إليها، وكيف كانت تنظر لي... لم تكن لحظة غريزة، كانت لحظة لقاء! ما شعرتُ به كان كأني فقدتُ عينا أو يدا أو أنفا منذ زمن وفي لحظة وجدتُه! كانت أول مرة رأيتها، لكني شعرتُ أني لستُ أعرفها منذ زمن بل أكثر... شعرتُ أنها جزء مني! لو كانت تشبهني لكنتُ قلتُ أنها أخت لا أعلم بوجودها، لكنها لم تكن كذلك... بعد وقت دون كلام، وبين الحين والآخر يدفعني ويدفعها أحد النازلين، مددتُ يدي اليسرى لها، فمدتْ اليمنى، وابتعدنا قليلا عن مدخل المحطة، وتكلمتُ...
- رأيتُ مرة وثائقيا عن أخ وأخت، لا أحد منهما كان يعرف الآخر، وكيف التقيا... قالا أنه كان حبا من أول نظرة، لم يفهما كيف حصل كل شيء إلا عندما اكتشفا أنهما أخوان...
- ماذا قلتَ؟!
- تبا! أعتذر... أعتذر! أأأ... أسحب ما قلتُ... لم يكن هدفي إغضابكِ...
- ...
- أردتُ فقط أن أصف... أن أتكلم عما وقع منذ قليل...
- لا أعلم عما تتحدث!
- الذي شعرتُ به عندما رأيتكِ... كان غريبا، جديدا لم أعش شيئا مثله...
- آه... زبون جديد سيحبني... تعودتُ على ذلك. لكن، بدأتُ أضجر...
- زبون؟
- ثلاثة أو أربعة على ما أتذكر.
- و... وتعملين...؟
- ليس المال كل شيء، هناك المغامرة أيضا
- مغامرة؟
- نعم... كل رجل مغامرة جديدة، اكتشاف... أحيانا كثيرة أتعلم ما لم أكن أعلم... الحياة جميلة ومليئة بالأسرار
- نعم... أرى...
- إذن؟
- إذن ماذا؟
- إلى أين سنذهب؟ منزلك؟ أو
- ليس عندي منزل... أظن أني سأنتظر المترو القادم...
- أحمق! [وتركتني]
- [تسمرتُ في مكاني أنظر إليها حتى نزلتْ درجات مدخل المحطة وغابتْ] أأأ... عندكِ حق... كل الحق! نعم أحمق! [https://www.youtube.com/watch?v=qPOTEs_yTJo]
(2) يا إله الكون يا...!
- تعالي، اقتربي مني، دعينا نقدم عرضا ملهِما لمن ينظرون إلينا... الحقيقة أظنهم ينظرون إليكِ وليس لي... أنتِ الفاتنة المثيرة هنا... اقتربي
- انقلبت الآية... فافعل ما شئتَ
- على وزن إذا لم تستح فافعل...؟
- حاشاكَ!
- لا أزال أذكر تلك الأيام... عشر سنوات إلى الوراء، كنا في الثانوية، وكنتُ العاشق المهووس بكِ... لم تأبهي بي ولم ترحمي ذلك المراهق الذي كنتُ
- كنتُ مراهقة مثلكَ ولا تستطيع لومي في شيء!
- بل أستطيع، هناك من أحبتني وقتها، ولم أتصرف معها مثلما فعلتِ معي... كنتِ شريرة عزيزتي ولم ترحمي حبي لكِ... أبشع ما فعلتِ يوم سخرتِ مني أنتِ وصديقاتكِ
- الآن تنتقم؟
- لستُ حقودا، أنا فقط أتكلم عن ذكريات
- كنا صغارا
- والآن كبرنا؟ أكيد... كبرنا... تعرفين، أحيانا أتمنى لو يعود ذلك الشعور الذي كان... بصدق، يحدث ذلك أحيانا
- لا أصدق أنكَ لا تحبني، تحاول إيهام نفسكَ بذلك، وقد صدقتَ وهمكَ!
- قرّبي وجهكِ من وجهي، لنجعلهم يظنون أني سأقبّلكِ... وانظري في عينيّ وحاولي عدم التركيز مع ما سيخرج من شفتيّ، ستكتشفين تجافيا كبيرا...
- لن أفعل! و... حصة التعذيب هذه تنوي أن تُطيلها أكثر؟!!
- قلتِ أني صدقتُ وهما، أردتُ أن أثبت لكِ العكس لا أن أعذبكِ... اقتربي
- لن أفعل!
- طيب... مثلما تريدين... عندي اقتراح... لو سبقتني إلى الحمام وألتحق بكِ؟
- توقف عن إهانتي!
- هل تحقيق ما تتمنينه إهانة؟!
- تعرف ماذا أقصد! أرجوكَ لا تواصل
- أواصل ماذا؟ أنا هنا لأكون كل شيء تريدينه! أليس الجنس مما تريدين؟
- ليس هكذا، وأرجوكَ توقفْ! لا تواصل إهانتي!
- طيب... لا ذكريات، لا جنس، ما رأيكِ في نكتة؟ أن أرفه عنكِ وأضحككِ واجب حبيبكِ أليس كذلك؟
- ...
- اسمعي لهذه... "صلبٌ جافٌّ يدخل، ورخوٌ مبللٌ يخرج"؟
- ...
- هيا خمني؟
- لستَ ظريفا...
- لأن نيتكِ سيئة! العلكة عزيزتي وليس...!
- لماذا لا تهجرني؟
- لأنكِ جميلة... وأيضا عشرة عمر بيننا
- لماذا لم تخني؟
- لأني لا أستطيع اللعب على حبلين
- وتظن أني سأواصل هكذا؟
- أنتِ ضعيفة، لذلك ستواصلين...
- تخلط بين الجنس وبين حياتي الطبيعية
- لا عزيزتي، مازوشيتكِ مستفحِلة، ولن تستطيعي حصرها في الجنس... لا أحد سيُوفر لكِ ذلك غيري
- أستطيع أن أجد العشرات!
- نعم لكن عندكِ مشكلتين لا حل لهما
- ...
- واحد: تحبينني، اثنان: كلهم سيرونني مجرد عاهرة
- أحب أن أكون عاهرة
- لم أقصد لحظات الجنس عزيزتي... لا تكوني بهذا الغباء
- أحبكَ!
- أنا أيضا!
- كاذب!!
- لا أحبكِ إذن...
- لستُ وحدي المريضة... المشوّهة!
- ...
- قلتَ أنكَ تستطيع الزواج بي؟
- نعم، بالتأكيد...
- وعندما سنفعل، ستواصل معاملتي هكذا؟
- معاملتي مثالية! سأواصل تلبية كل ما تريدين... سأكون العشيق المثالي
- وستعيش طيلة حياتكَ سعيدا بأني يوما ما لم أعركَ اهتماما ثم أحببتكَ؟
- ليس الأمر كما تقولين، قلتُ أني لستُ حقودا... أنا واقعي
- وهل تضمن أن حبي لكَ سيستمر؟
- أنتِ ضعيفة، وضعفكِ هويتكِ التي لن تستطيعي تغييرها، لا أحد يستطيع تغيير جلده عزيزتي! ولا تقولي مايكل...
- سأكون حقلا لممارسة ساديتكَ إذن؟
- لستُ ساديا عزيزتي... أنا لبيتُ وألبي حاجياتكِ
- ولماذا لا تبحث عن أخرى! غير ضعيفة ومريضة مثلي؟!
- العشرة... وأحبكِ مثلما قلتُ... لكنكِ لا تصدقين ذلك
- ممـ... ماذا تفعل؟
- شيء من الأشياء التي تريدين...
- أأ... الناس!
- لا أحد سيتفطن... فقط راقبي وجهكِ
- ...
- هناك من يمضي قضيب داخلها نصف ساعة ولا تشعر بشيء... أنتِ ستصلين الذروة بأصبع... سبحاني!
- يوما ما ستُحاسب على ما تفعل
- ربما... سأدخله...
- ...
- لا أشعر بشيء... يكفيني أن أراكِ تشعرين! أليس ذلك حبا عزيزتي؟
- لا... لا تتوقف!
- يعجبني ما أرى... نحن لصوص... ما أجمل سرقة لحظات كهذه وسط بشر كهؤلاء... هل تحبينني؟
- ...
- هل تحبينني؟
- لا! نعم نعم أحبكَ! لا تتوقف!
- تبا! عزيزتي! نسيتُ أني... لم أغسل رجلي منذ أيام! سأتوقف...
- لا تفعل!
- عاهرة كبيرة!
- نعم! أنا عاهرة! توقف!! توقف الآن! اللعنة!
- وصلنا؟
- اللعنة... نعم!
- سبحاني وسبحان أصابعي إذن!
- أريدكَ الآن!
- ضابط حماية مستعد دائما لأوامركِ عزيزتي! أين؟ الحمامات؟
- لا... لنخرج من هنا...
في السيارة...
- بعد سن اليأس، ستتلاشى رغبتي، ولن تستطيع مواصلة ما تفعل بي...
- ما هذه البلادة عزيزتي؟ ألم تشاهدي أي مرة مقطع بورن فيه عجائز في السبعين والثمانين؟ رغبتكِ لن تهجركِ إلا يوم تموتين! ما دمتِ تتنفسين أنتِ قنبلة جنسية لا أحد يستطيع استعمالها غيري...
- طيب طيب! قد، تحرك واسكت!
- إلى أين تريدين؟
- مكان فيه سرير
- حاضر... تأمرين... لكن... أي ظلم وتعسف هذا الذي يقع عليّ! أنا مضطهد! وأعامل كعبد!
- مسكين... أبكيتني!
- ...
- إلى أين تذهب؟ ليس هذا الـ...
- ابدئي وحدكِ، حتى نصل...
- إلى أين تذهب؟
- لا أستطيع الإجابة الآن
- هلـ...
- وليس من حقكِ السؤال... اعتني بنفسكِ حتى نصل
- لن تستطيع التركيز في سياقتكَ!
- ليس لي خيار، سأحاول!
عندما وصلنا، ودخلنا، كان الجميع ينتظرون مثلما أعددتُ... بابا، ماما، أخي الكبير، أبوها، أمها وأخواها... كانت سعيدة، لم تستطع حبس دموعها فبكتْ... لم أهتم لشيء من كل ذلك، بل فقط ركزتُ مع يدها اليمنى ومن ستصافح... لم تصافح أحدا من أسرتها، قبّلتْ ماما، وصافحتْ بابا وأخي الكبير اللذين لم يشعرا بشيء!
بعد أن تمتْ الخطبة، ولحظة وضعي الخاتم في أصبعها، وُضع في المطعم نغم، أظنه كان اقتراح بابا [https://www.youtube.com/watch?v=BDdUjtlSq9Y]... وشوشتُ في أذنها: "منيكِ" في يدي أبي وأخي، هل ذلك زنا محارم؟ إذا كان كذلك، علينا أن نتوب وألا نواصل هذا الحرام! فردتْ: ماء الزنا هدر! أدخل الخاتم!
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟