فراس الوائلي
الحوار المتمدن-العدد: 8313 - 2025 / 4 / 15 - 21:56
المحور:
الادب والفن
أنا الحرفُ إذا اشتَهى نفسه، لا يُنطق، بل يُستدعى. أنا العينُ الثالثة حين تفغر فمها لا لتنظر، بل لتلد صراخَ المعنى. الجسدُ الذي أُبيح له أن يكتب بلذّته، لا بلُغته؛ فصارت أصابعي أفواهًا، والورقُ سريرًا يهتزّ تحته الانكشاف. لا تكتب كأنك تُعبّر، بل كأنك تنسلخ. لا تبدأ السطر، بل انزفه. ارمِ يدك في جمر الحروف، ودَع الرماد يُعيد تشكيلك. اللغة ليست أداة، بل كائنٌ غامضٌ يسكن نخاعك، يتلوّى في عروقك، ينتظر من يفتح له بوابة الجسد ليصرخ. كل حرفٍ طلسم، كل فاصلةٍ شهقةٌ صُودِر صوتها، كل جملةٍ خيطُ نارٍ يربط الجرح بالنفَس، والنفَسَ بالخالق، والخالقَ بجسدك حين يُستباح بنشوة النور. لا تكتب ما تُجيده، بل ما تخشاه أن يشبهك. لا تطرق باب المعنى، بل اكسره بظهرك. لا تفتح الحروف، بل انتزع صرختها من رحمها. البلاغة: هي أثر الدم على الورق، هي النور حين يُستخرج من خاصرة الكلمة، هي الجملة حين تتلوّى من اللذة لا من النحو. اكتب كمن ينام على جسد المعنى، ثم يستيقظ ليكتبه وهو ما زال دافئًا. اكتب لا لتُفهم، بل لتُنطق من مكانٍ لا اسم له. اكتب لأن النار إذا خمدت فيك، مات الحرف وصار ترابًا لا نبوءة.
هذا هو السِّفْر القِرْمزيّ: حين تتجرّد اللغة من كسوتها، حين يكتب الجسد من فخذيه، وحين تنطق اليد باسمٍ لا تعرفه، ويُفتح الباب بين الحرف والعالم، بابٌ لا يُغلق، لأنه كُتِب بلذةٍ لا تُمحى ولا تُغفر.
#فراس_الوائلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟