عقيل الفتلاوي
صحفي وباحث
(Aqeel Al Fatlawy)
الحوار المتمدن-العدد: 8313 - 2025 / 4 / 15 - 10:20
المحور:
حقوق الانسان
ما أقسى أن يصبح العنف مشهداً مألوفاً في مجتمعنا، وأن تتحول الجرائم إلى أحداث روتينية لا تثير سوى تعليقات عابرة قبل أن تُنسى. لكن بعض الجرائم تظل صرخة في وجه النظام، تفضح فساده وتكشف عن وحشيته. قصة المهندس الشاب (بشير خالد ) ليست مجرد حادثة عنف عابرة، بل هي نموذج صارخ لاستغلال السلطة والاستخفاف بحياة الإنسان في العراق.
بدأت القصة بمشاجرة بين بشير خالد ولواء في الداخلية، لكنها تحولت إلى جريمة مروعة بكل معنى الكلمة. تعرض الشاب للتعذيب الوحشي، ثم نُقل من مركز شرطة حطين إلى سجن مركزي مليء بالمجرمين. هناك، سُلّم كفريسة لوحوش بشرية، بعد أن أعطى ضباط الشرطة (الأوامر) بقتله. الفيديوهات المسربة من داخل السجن تظهر تعذيباً وحشياً، وضرباً مبرحاً، حتى تحول جسده إلى لوحة من الكدمات والألم.
النائب في البرلمان (حسين عرب ) كشف تفاصيل الجريمة، مؤكداً أنها (مُكتملة الأركان)، بدءاً من التعذيب، وصولاً إلى التآمر مع المجرمين داخل السجن لإنهاء حياة الشاب. حتى بعثة الأمم المتحدة (يونامي ) تدخلت، داعية إلى تحقيق نزيه، لكن السؤال: هل ستكون النتائج مختلفة هذه المرة؟
رئيس الوزراء شكّل لجنة تحقيق، ووزير الداخلية أعلن متابعته الشخصية للقضية، لكن العراقيين يعرفون جيداً أن (العلة علتنا). الفساد صار نظاماً، والعنف أداة طبيعية في يد من يملكون السلطة. القضية ليست فردية، بل هي نموذج لما يحدث يومياً خلف جدران السجون وأروقة الدوائر الحكومية. الفرق الوحيد أن جريمة بشير خالد انكشفت وأصبحت (ترينداً)، بينما آلاف الضحايا يموتون بصمت.
الجريمة لم تنتهِ بموت بشير، بل ستستمر طالما بقي الفاسدون بمنأى عن العقاب. اليوم نرى مأساته في جسده المليء بالكدمات، وغداً سنراها في وجوه المعلمين المضربين الذين يتعرضون للعنف، أو في أي مواطن عادي يقع ضحية لسلطة متوحشة.
السؤال الأكبر: كم من الضحايا يجب أن يسقطوا قبل أن نتحرك؟ كم من الفيديوهات يجب أن تسرب، وكم من الصرخات يجب أن تذهب سدى؟ العنف ينتشر كخيط دم، وإذا لم يُوقف الفساد عند حده، فسيظل كل واحد منا محتملاً أن يكون (بشير خالد) التالي.
الوقت ليس للحديث فقط، بل للتحرك قبل أن تذبل كل الصرخات في الوادي السحيق للفساد.
#عقيل_الفتلاوي (هاشتاغ)
Aqeel_Al_Fatlawy#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟