يوخنا أوديشو دبرزانا
الحوار المتمدن-العدد: 8313 - 2025 / 4 / 15 - 10:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رسالة مفتوحة إلى معالي وزير الثقافة السوري الموقر
معالي الوزير:
بناء على ما تحملونه من الشهادات الأكاديمية من جامعات مرموقة وخبرتكم المهنية وفصاحتكم اللغوية والموهبة الشعرية التي خصكم الله بها احترت بأي من الألقاب أخاطبكم فكلها تليق بمقامكم ، لذا اكتفيت بالمعالي وما الألقاب سيدي إلا سياطاً تلهب ظهر حاملها لأنها أمانة ومن أمثالنا السريانية الآشورية مثلاً يقول : الجبال ترفض حمل وزر الأمانة الثقيل . أرجو الله أن يمدكم بالعون والحكمة وبعد
أستاذنا الكريم : تابعت كلمات السادة الوزراء يوم توليكم المهام واستوقفتني كلمتكم ذات المدلولات العميقة عبثاً حاولت تفكيك رموزها في حينه ، لكن دعني أن اقول أن الثقافة في سوريا مفتتة منذ زمن النظام البائد فقد سبقكم في التفتيت كل من الملعونين (( الأب والابن )) لقد مهدا لكم سبيل الوصول الى ما آلت إليه سوريا المنارة والنور واليكم بعض من الأدلة :
أ - منظمات البعث (( الطلائع والشبيبة دورات الصاعقة…..)) والمنهاج التعليمي بالعلوم الاجتماعية
ب - انحسار دور السينما والمسرح واحتكار الإعلام بكل أشكاله
ج - مدارس تحفيظ وتلقين القرآن الكريم وليس(( تعليمه)) والمؤسسات المماثلة (( القبيسيات ومدارس التصوف ذات المنهاج الدراسي الواحد )) بعد الانفتاح على الوهابية بعد أحداث حماة مراضاة وكسب الإخوان المسلمين وفي التشيع منظمة الإمام مرتضى ودور ملالي إيران
د - غياب الكتب الفلسفية والأدبية عن واجهات ورفوف المكتبات و استعيض عنها بالكتب الدينية والفقهية
ه - استيراد الأئمة وكأن سوريا كانت خالية من العلماء والمشايخ النيرين ، مثالًاً عام 1987 اشيد جامع في قرية الطويلة المواجه لقريتنا من الجانب الجنوبي لنهر الخابور وقابلت شخصياً إمام الجامع كان (جزائرياً ). المفارقة أنه غادر القرية مطروداً من أهلها . و - شراء الذمم لرجالات العلم والمعرفة والفن ورجالات الدين من كل المذاهب والأديان
اليوم بعد سماعي لقائكم مع الدكتور معاذ على قناة تلفزيون سوريا لمست نوعاً من التناقض بين كلمتكم وماجاء على لسانكم ، قلتم في هذا اللقاء أنكم سمعتم من أحد اللغويين أن كلمة السريان أو السوريون مشتقة من العربية وتحديداً من كلمة سراة أي السادة ومنها تغربت وأصبحت سير بالإنكليزية أي السيد…الخ . صدقاً فيا حبذا أني لم استمع واشاهد ذلك اللقاء لقد خاب ظني وأملي بعودة سوريا ((المنارة )) من خلال هامة اكاديميٍة مستنير مثلكم . لقد كنت من متابعي برنامج ((الفصاحة)) ومن المعجبين بأدائكم النجومي . اعتقد تتفقون معي أن المثقف لا تأسره الأقوال بل عليه إخضاعها للمماحكة العقلية البحتة فكيف الاكاديمي والاعلامي مثلكم تخونه الأمانة العلمية ؟ إنها لمأساة في قلب الحقائق . أي أجتهادٍ أو تأويل هذا ؟ حقاً إنها مساهمة في تفتيت الثقافة المفتتة . أبهذه العقلية تعاد امجاد سوريا ما قبل المسيحية بقرون ؟ لا تنسى أن كلمة سوريا كانت تكنى بها هذه المساحة الشاسعة من الجغرافية الممتدة من البحر إلى جبال زاغروس وحتى تخوم جزيرة العرب
معالي الوزير :
أما بخصوص اللغة و أقدميتها والاشتقاقات لست أعرَفُ منكم بالسيرة النبوية الشريفة ولا تلك الدراية بكتب الحديث النبوي و التفاسير والمفسرين رغم أني كنت أحضر دروس الديانة الإسلامية في مدينة الرقة وربما لكم معرفة بمدرسي المقيم في لندن الأستاذ الفاضل ((حمصي الحماده )) . أعتقد أني قرأت أن رسول الله (صلعم) طلب إلى زيد بن ثابت تعلم السريانية لأنها لغة الملائكة وتعلمها في سبعة عشرة يوماً وهذا دليل انتشارها . وعلى شاهد قبر امرئ القيس مكتوب بالسريانية ( هذا قبر امرئ القيس ملك العرب ) وهذا وارد في حولية الندوة الدولية لدراسة الرقة وآثارها . أما الجواب ((إن بني قومي أولى بعلومي)) فهو للمترجم والطبيب العلامة إسحاق بن حنين على سؤال الخليفة العباسي عن سبب ترجمته عن اليونانية إلى السريانية اولا وبعدها إلى العربية . من الأدلة الكثير بتلازم اللغتين وهنا يحضرني العلامة مار عبديشوع الصوباوي ومناظراته بالسريانية والعربية مع صاحب المقامات و القامة الشامخة أبو محمد الحريري
معالي الوزير : إليكم مقتبس من أحاديث السلف الصالح صورة منقولة عبر تطبيقات غوغل كما هي مما يؤكد أقدمية السريانية ويفند تأويلكم وما سمعتموه من ذلك اللغوي ..
أما اللغة الأساسية التي كان يتحدث بها آدم، فالمشهور أنها السريانية، ومما يمكن أن يستدل به
على ذلك: ما أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله؛ كم الأنبياء؟ قال: مائة ألف وعشرون ألفا. قلت: يا رسول الله؛ كم الرسل من ذلك؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر، جما غفيرا. قال: قلت: يا رسول الله؛ من كان أولهم؟ قال: آدم. قلت: يا رسول الله؛ أنبي مرسل؟ قال: نعم، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلا. ثم قال: يا أبا ذر؛ أربعة سريانيون: آدم، وشيث، وأخنوخ -وهو إدريس، وهو أول من خط بالقلم- ونوح. وأربعة من العرب: هود، وشعيب، وصالح، ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
معالي الوزير :
أرجو أن تتقبلوا مني هذه المحاورة بصدر رحب كعالم وأكاديمي وشاعر دعني أقول لمقامكم أنكم أولتم ولكن أخطأتم التأويل وهذا ما قاله الخليفة أبي بكر رضي الله عنه في رده على الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضوان الله عليه عندما طالبه على الاقل بعزل خالد بن الوليد بعد فعلته الشنيعة في قتل مالك بن نويرة وما غايتي من ذكر هذه السيرة إلا أملاً أن تدعوا سيرة (( سيف الله المسلول)) لكتاب التاريخ وللمشايخ ولولا ما أتى به من أفعال شنيعة أخرى لما عزله الخليفة العادل بعد أن عمل السيف في رقاب أهل دمشق الذين فتحوا له أبوابها مرحبين ، إن اقحامه في الشعر وخاصة كشاعر من وزنكم لسان حال المقهورين والمعذبين والمغيبين في الزنازين لسان حال اليتامى والثكالى والأرامل ضحايا البراميل إهانة لروح الشعر التي تلبس الشاعر المرهف فليس كل من ينظم ويقول الشعر هو شاعر. الشعراء الملبوسين بروح الشعر هم وجدان الأمم ووجدان الإنسانية ، فإذا خانوا تلك الروح فليسقط الإنسان ولتسقط الإنسانية . إن قضية الظلم هي واحدة في كل زمان ومكان .
أما في موضوع الاجتهاد والتأويل اسمحوا ببعض من التأويل والاجتهاد من خلال لغتنا السريانية وأقول أن تسمية العرب هي من السريانية وبكل بساطة اليكم التوضيح :
الغنم بالسريانية عربا ܥܪܒܐ والغنام عربايا ܥܪܒܐܝܐ ويكون السريان الاشوريين أطلقوا كلمة العرب على الأقوام المتاخمة للامبراطورية التي كان اقتصادها معتمداً بشكل أساسي على تربية الأغنام والمواشي وللعلم ورد ذكر العرب في عدد من الرقم الآشورية واستعانة بعض ملوكهم بهم . أنتم اجتهدتم ومن حقنا ايضاً الاجتهاد والتأويل ومن حقنا الحفاظ على خصوصية وقدسية لغتنا فهي لغة حية و لغتنا هويتنا
مسكها :
بما اننا في دولة دينية بامتياز ادعوكم لمشاركتي بعضاَ من صلاة الفجر التي نتلوها بشكل يومي بمختلف طوائفنا:
يا رب أمنح بنعمتك ورحمتك في هذا الصباح الخلاص للمظلومين ، الفكاك للأسرى والعزيمة للبائسين ، العودة للبعيدين وصون القريبين، المغفرة للخاطئين والرضى عن التائبين ، العزة للبررة والستر للمعوزين وشفاء للمرضى
….. أكتفي بهذه الأدعية كونها طويلة . أرجو أن أكون موفقاً في ترجمتها .
من الرب نطلب أن يهب لقادة دولتنا الحكمة في تسيير شؤون البلاد والعباد ليكون وطننا السوري بيتاً للجميع دعائمه العدل والمساواة وسقفه الحرية
يوخنا أوديشو دبرزانا شيكاغو 6 نيسان 2025
#يوخنا_أوديشو_دبرزانا (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟