أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - معتقل الموت..مجدو وحادثة تسمم الأسرى ابريل/٢٠٢٥














المزيد.....

معتقل الموت..مجدو وحادثة تسمم الأسرى ابريل/٢٠٢٥


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8312 - 2025 / 4 / 14 - 15:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


معتقل الموت..مجدو وحادثة تسمم الأسرى ابريل/٢٠٢٥

في مشهد متكرر وموجع، تعرّض عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجن "مجدو" خلال الأيام الماضية لحالة تسمم غذائي، بعد تناولهم طعاما فاسدا قدمته إدارة السجن، ما أدى إلى إصابتهم بأعراض صحية شديدة، تمثلت في آلام بالبطن، إسهال، تقيؤ، وارتفاع درجات الحرارة. ورغم وضوح الأعراض وخطورتها، امتنعت إدارة السجن عن تقديم أي رعاية صحية أو إجراء فحوصات طبية، ما يعكس بوضوح سياسة الإهمال الطبي الممنهجة التي تُمارس بحق الأسرى، وتحوّلها إلى أحد أشكال التعذيب النفسي والجسدي الدائم داخل السجون الصهيونية.

وتعتبر هذه الحادثة جزء من منظومة قمع متكاملة تمارسها دولة الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين، الذين تجاوز عددهم الـ ٧٠٠٠ أسير وفقا لإحصائيات نادي الأسير الفلسطيني لعام ٢٠٢٤, بينهم مئات المرضى والمصابين، وبعضهم يعاني من أمراض مزمنة وخطيرة ولم تتلقي العلاج المناسب.
وقد حذر النادي مؤخرا من كارثة صحية نتيجة انتشار عدد من الأمراض المعدية بينها الجرب "السكايبوس" بين المعتقلين في سجن مجدو. وقد أفردت لهذا مقالا تم نشره في وقت سابق.

ويُذكر أنه منذ بداية الحرب على غزة ٢٠٢٣ استشهد في سجون الاحتلال حوالى ٦٣ أسير، وفق بيان مؤسستي شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير، من ضمنهم الأسير القاصر وليد أحمد الذي استشهد في سجن مجدو جراء التعذيب والإهمال الطبي.

حيث لم يعد هذا الإهمال تقصيرا عابرا، بل سياسة رسمية تتعمد ترك الأسير يواجه مصيره دون تدخل، وهو ما وثقته تقارير منظمات حقوق الإنسان مثل "بتسيلم" و"هيومن رايتس ووتش"، التي أكدت مرارا أن سلطات الاحتلال تستخدم الحرمان من الرعاية الصحية كأداة قمع إضافية.

سجن مجدو الواقع في منطقة مرج ابن عامر والذي شهد الواقعة الأخيرة وأقصد حادثة التسمم، ليس مجرد مبنى اعتقال، بل شاهد حي على تاريخ طويل من الانتهاكات. حيث أنشئ بداية كمخيم اعتقال زمن الانتداب البريطاني، وأعيد تفعيله من قبل دولة الاحتلال ليصبح أحد أكبر السجون المخصصة للأسرى الفلسطينيين. ويُعرف بظروفه القاسية واكتظاظه الشديد، ويضم في أقسامه أسرى من كافة الفئات، بما في ذلك القاصرون والمعتقلون الإداريون، الذين يتم احتجازهم دون تهمة أو محاكمة لفترات طويلة، وهو إجراء يخالف بشكل مباشر القوانين الدولية واتفاقية جنيف الرابعة. هذه القوانين التي تصمت حين يتعلق الأمر بالفلسطيني، وهذا ما أصرخ به دائما وأكرره في مقالاتي.

إن ما حدث في مجدو هو انعكاس صارخ للواقع السياسي الذي يعيش فيه أهلنا في فلسطين تحت الاحتلال. فالأسرى، الذين هم في الغالب مقاومون ضد الاحتلال، يُعاملون كمجرمين ويُسلبون أدنى حقوقهم الإنسانية. بينما تستفيد دولة الشتات من غياب أي ضغط جدي من المجتمع الدولي، خصوصا في ظل ازدواجية المعايير التي تُمارَس عند الحديث عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة. فلو أن حادثة مشابهة وقعت في أي مكان آخر، لقامت الدنيا ولم تقعد، أما حين يتعلق الأمر بالفلسطيني، فإن الصمت دائما ما يكون هو اللغة السائدة.

إن قضية الأسرى الفلسطينيين لا يمكن فصلها عن جوهر القضية الوطنية، فهم المرآة التي تعكس طبيعة الاحتلال، وأحد أعمدة النضال الفلسطيني المستمر. وما يتعرضون له من قمع وتعذيب وإهمال، هو جزء من محاولة الاحتلال كسر إرادتهم وكسر روح المقاومة. لكن التجارب أثبتت أن الأسرى هم أكثر من مجرد ضحايا، بل هم رموز حرية، تحمل أجسادهم آثار السجون، وتحمل أرواحهم صلابة وطن لا يموت.

ما جرى في مجدو هو جريمة أخرى تُضاف إلى سجل دولة الاحتلال الحافل بالانتهاكات، جريمة لن تكون الأخيرة ما لم تتحرك المؤسسات الدولية لوقف هذا الاستهتار د. فالصمت لم يعد مبررا، والتغاضي شراكة ضمنية في الجريمة. ومع كل ذلك، يبقى صوت الأسرى أعلى من جدران السجون، وأقوى من قيودهم، يصرخون في وجه الظلم، ويذكّرون العالم أن الاحتلال لا يكتفي بسرقة الأرض، بل يستهدف الإنسان في أدق تفاصيل حياته، حتى في لقمة طعامه.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين
- الضفة الغربية...إلى أين؟؟؟
- الشجاعية لم ولن تسقط...مجزرة ٩/إبريل/٢٠٢ ...
- بيت دراس...ذاكرة لا تنسى
- رأس حمزة شاهد في محكمة الآخرة
- البوابات الحديدية..ما قصتها؟؟
- ماذا بقي من الإنسانية؟ مجزرة رجال الدفاع المدني
- ليلة حرق الكلمة السادس من إبريل/٢٠٢٥
- هل ستكون رمال موراغ مقبرة أخرى؟؟
- متى نكسر الأقفال ونخرج من الأقفاص؟؟
- مجازر الثالث من نيسان/٢٠٢٥ في مدارس غزة
- لماذا رفح؟؟
- لو كانت جثة فرعون تنطق لأخبرته بذلك.
- حين ألبسته الكفن بدل ثياب العيد
- امرأة من رفح.. وجع يمشي على الأرض
- ستفشل كما فشلت كل مرة...
- الحرب الفاشية تعود إلى غزة ١٨/آذار
- القوانين الدولية والاتفاقيات تسقط في وحل حصار غزة
- ما بين قرط ساندي بيل وقرط روح الروح يتقزم الخيال وتتضخم الحق ...
- الاستيطان الرعوي أداة سريعة لقضم الأراضي الفلسطينية


المزيد.....




- ماذا نعرف عن الاتفاق النووي المتوقع بين واشنطن والرياض؟
- أردوغان: لن نسمح بتقسيم سوريا وسنقف إلى جانب حكومتها في مواج ...
- أبو عبيدة يُعلن فقدان الاتصال بالمجموعة الآسرة للجندي عيدان ...
- عشرات الغارات الأمريكية الجديدة على اليمن
- ماذا يحدث في الأردن؟ ومن هي الجماعة التي تلقت تدريبات في لبن ...
- تونس .. أرقام قياسية لاكتظاظ السجون ورؤية لإصلاح المنظومة
- فيتسو ردا على كالاس: لن يمنعني أحد من حضور احتفالات النصر في ...
- السلطات الأردنية تحبط محاولة تهريب أكثر من نصف طن من الحشيش ...
- وزارة الخارجية الأمريكية تلغي منحاً لدول أجنبية بـ215 مليون ...
- الجيش المصري ينفذ بحثا عسكريا يرسم مستقبل أمن الطاقة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - معتقل الموت..مجدو وحادثة تسمم الأسرى ابريل/٢٠٢٥