أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل الدلفي - ثمة ما يُقال في تصحيح سرديات الهوية العراقية














المزيد.....

ثمة ما يُقال في تصحيح سرديات الهوية العراقية


كامل الدلفي

الحوار المتمدن-العدد: 8311 - 2025 / 4 / 13 - 16:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجهود الفردية التي يبذلها باحثون أو مثقفون عراقيون يمتازون بالعبور النوعي والتجذر النظري، تلعب دورًا محدودًا في تصحيح المسارات المقلوبة في الثقافة العامة السائدة، أو في مستقرات اللاوعي الجمعي، بشأن تلك السرديات الاصطناعية القسرية التي رُكّبت تاريخيًا بديلاً عن المسار الطبيعي لفهم الذات العراقية العامة.

لقد أدى ذلك إلى اختفاء "الساكن الأصلي" لبلاد الرافدين، وحلّت محله سرديات جعلت من العراقيين مهاجرين يدافعون عن أصولهم الافتراضية، تارةً كعرب أقحاح من يثرب أو اليمن أو الشام، وتارةً أخرى في مواجهة أصول افتراضية قصد منها الإساءة، كالهند أو أفريقيا، من خلال تصنيفات مثل الزط أو الزنوج أو الگَركة أو الغجر أو الفُرس وسواها، وهي فرضيات تمويهية دوّنها مؤرخو الفتح، وطمست حقائق دامغة في صيرورة التحولات العرقية واللغوية والدينية والثقافية للكينونة الرافدينية الممتدة من السومرية والأكدية والبابلية والآشورية والآرامية حتى مصبّها الأخير في الشكل العربي المعاصر، الذي يمثل قرابة 87٪ من السكان، يكتمل بتنوع يشكل الـ13٪ المتبقية.

إن الدفاع عن أصالة هوية السكان ومحدودية الملتحقين إليهم بتعاقب الهجرات، مسألة غاية في الأهمية، لكنها شديدة التعقيد، ولا يمكن أن تتحقق بالجهود الفردية المتناثرة، بل من خلال تفعيل مؤسسات العقل العراقي الجمعي، وإطلاق لحظة صحوة وجودية للدولة العراقية، في سبيل هدف يكاد يفوق في أهميته أي هدف آخر.

وقد كتب الصديق عبد الجبار خضير لوعة جديدة في هذا السياق، فجّرها في داخله مقالٌ لمثقف عراقي إسلامي ليبرالي، موهوم بسرديات الفتح، تخيّل فيه أن الشعب العراقي بجميع مكوناته جاء مهاجرًا إلى هذا السهل الطيني! لله دره، ما أوهمه؟ لكنه – للأسف – محق في وهمه، بينما يمارس الآن دور المثقف التنويري المدافع عن الحريات وحق الاختلاف، عبر استنساخ كامل لخطابات أوروبية مترجمة، كمفكر إسلامي مختلف يربط إسلامه بالديمقراطية. وللعلم، فإن المنظومتين الفكريتين – الإسلامية والأوروبية – لا تمنحانه فرصة العودة إلى تاريخ ما قبل الغزو الذي تأسستا عليه، ولا تتيحان له تلمّس حقائقه.

حين اقترح مجلس الحكم في عام 2003 تصميم نموذج لعلم عراقي جديد، تقدم فيلسوف العمارة الراحل رفعت الجادرجي – الذي غادر الحياة لاحقًا تاركًا للعراق والإنسانية تراثًا نظريًا وتطبيقيًا تنحني أمامه القامات الرفيعة – بتصميم لعلم عراقي مفارق لجميع النسخ السائدة منذ تأسيس الدولة العراقية حتى عام 2003. لقد استوحى تصميمه من البيئة العراقية الخالصة في ألوانه وعناصره، لكن الفكرة أثارت جدلاً صاخبًا بلغ حد إحراق النموذج في الساحات، واتهام التصميم بأنه تهميش متعمد لهوية العراق، وتناغم واضح مع العلم الإسرائيلي!

ما السر الكامن في هذا التصميم الفني الذي استفز الرأي العام العراقي والعربي والإسلامي؟ إنها عبقرية العودة إلى الجذور العراقية، التي تحرر العراق من قبضة الفكر السياسي القومي والديني، وتكسر وصاية "النجوم الخضراء والمستطيلات الثلاث"، وتنهي سطوة السرديات الشعرية مثل:
سلِ الرماح العوالي عن مآثرنا... بيضٌ صنائعُنا، سودٌ وقائعُنا، خضرٌ مرابعُنا، حمرٌ مواضينا.

لن تفلح الجهود الفردية – مهما بلغت من عبقرية، كإبداع الجادرجي – في معالجة ما يكتنف الهوية العراقية من احتقان، ما لم تتحول إلى مشروع وطني مؤسسي جامع.



#كامل_الدلفي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نواح الساحل القتيل - نص شعري
- سنديانةُ الساحل السوري
- كرسي هزاز - نص شعري
- كاريكاتير محلي / قصة قصيرة جدا
- قرار العفو العام تهديد للاستقرار السياسي والأمني في العراق.
- شعور الخوف من -عزرائيل-عند النخبة اوالعامة
- الموجة الترامبية الجديدة والعشرة المبشرون بالسلطة في العراق.
- كابينة الضحك - قصة بصيرة
- قراءة واقعية في المشروع السياسي السوري الجديد.
- 2 آب 1990 الاسود: فوهة لهجوم الشياطين والافاعي والدبابير على ...
- قراءة في كأس مقلوبة
- 100 عام من تجربة الدولة الوطنية لم تكن كافية لهضم درس الوطني ...
- 9نيسان2004 ذكرى محنة كأداء لعلكم تتفكرون!!
- حدثان فارقان في حياتي يلتقيان معا في يوم واحد
- يصعب على الجوعان نعم الثرد. أفكار في الثقافة المجتمعية
- اخي الكوردي
- كيف يواجه المجتمع العراقي ثقافة العنف وتنمر غرائز القتل.
- على انغام الراديو - قصة قصيرة
- ثرثرة - قصة قصيرة
- مقالب هولاكو & الهدوء اللذيذ ( قصتان قصيرتان جدا)


المزيد.....




- ترامب عن إيران: اعتادت التعامل مع أغبياء في أمريكا خلال المف ...
- لقاء مناقشة حول موضوع “مستجدات الحياة السياسية الوطنية وإصلا ...
- إيقاف الدروس بتونس بعد وفاة 3 تلاميذ في انهيار سور مدرسة
- عرائض الاحتجاج في إسرائيل تمتد إلى لواء غولاني
- يائير نتنياهو متطرف أكثر من أبيه هاجم أميركا وسب ماكرون
- الجزائر تطرد 12 دبلوماسيا فرنسيا وتشن هجوما لاذعا على ريتايو ...
- قضية الطالبة التركية أوزتورك تهدد بأزمة دستورية في أميركا
- ترامب يحمّل شخصين مسؤولية اندلاع الحرب في أوكرانيا
- طهران تعلن مكان انعقاد الجولة الثانية من المفاوضات مع واشنطن ...
- تونس.. غضب في مزونة بعد وفاة طلاب في حادث انهيار سور مدرسة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل الدلفي - ثمة ما يُقال في تصحيح سرديات الهوية العراقية