أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين














المزيد.....

ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8311 - 2025 / 4 / 13 - 15:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بالأمس القريب وبعد انهيار مفاوضات المرحلة الثانية بين حركة حماس ودولة الاحتلال والتي كان من المفترض أن تنهي الحرب عن غزة بسبب تجبر الطاغية "بنيامين نتنياهو"، عاد العدوان وبشكل أعنف من قبل، فأُفرغت رفح من سكانها بعد تهجيرهم قسرا. وجاء دور الشجاعية وأوامر إخلاء سكانها مما بقي من بيوتهم ثم خانيونس وأمر إخلاءها بالكامل. لكن ما حصل بعد منتصف ليلة الثالث عشر من ابريل/2025 كان بشعا جدا ويعكس ما وصلت إليه الشعوب العربية من تدجين وصمت كان من نتائجه تمرد دولة الاحتلال وفعل كل ما يحلو لها من قصف وقتل وارتكاب ما لم يُرتكب على مر التاريخ البشري.
فما ارتكبته عصابات الاحتلال بعد منتصف هذه الليلة من أوامر لإخلاء مستشفى المعمداني الذي يتكدس فيه مئات الجرحى والمصابين من أطفال وكبار السن ورميهم في العراء للبرد ينهش ما تبقى منهم، ثم قصف المستشفى من طائرات الغدر لهو الجنون والعلو الكبير الذي وصلت له دولة الشتات، وهو أمر ليس بالمستغرب.

فكل ما حصل ويحصل في فلسطين عامة وغزة خاصة ومنذ حادثة حرق المسجد الأقصى سببه نحن..
فمتى بدأ مسلس التدجين، وغُيبت الشعوب عن التأثير السياسي في أهم القضايا المصيرية..قضية فلسطين منذ 48 وما تلاها وصولا إلى العدوان على غزة 2023 بشكل صارخ ومؤلم؟؟

إن هذا الغياب ليس طارئا أو وليد اليوم، بل إن له تاريخ ومسار طويل من التدجين المنهجي الذي مارسته الأنظمة العربية بحق شعوبها، من خلال القمع السياسي، والرقابة الفكرية، وإعادة تشكيل الوعي العام بما يخدم بقاء السلطة ويديم الخضوع.

منذ أن خرجت الدول العربية من حقبة الاستعمار ، تحولت إلى كيانات تسيطر عليها أنظمة استبدادية ترفض إشراك الشعوب في صنع القرار، وتتعامل مع السياسة باعتبارها شأنا محصورا بين النخب الحاكمة وأجهزتها الأمنية. وقد مارست هذه الأنظمة سياسة منهجية في قمع أي نشاط شعبي يعبّر عن موقف سياسي مغاير، خصوصا حين يكون مرتبطاً بالقضية الفلسطينية. فالتضامن مع غزة، أو مناصرة المقاومة، لم يكن يُعد فعلا سياسيا نبيلا، بل "جريمة" تهدد الأمن الداخلي وبالتالي كرسي الحاكم، لذلك فإنها تستدعي الملاحقة والسجن.

أضف إلى ذلك صنع حالة من إعادة إنتاج الوعي العربي وفق رؤية استسلامية، يتم من خلالها تشويه مفاهيم المقاومة، وتضخيم الخطر الداخلي أو الإقليمي على حساب العدو الحقيقي. وفي العقود الأخيرة، تزايد هذا النهج مع موجات التطبيع العربي مع دولة الاحتلال، والذي ترافق مع خطاب رسمي يبرّر التقارب ويمهد لقبوله شعبيا، في مقابل تشويه صورة الفلسطيني المقاوم، وتحويله إلى "إرهابي".

وهنا لا ننسى الإعلام الخبيث الذي لعب دورا لا يستهان به في هذا التدجين، من خلال التركيز على توافه الأخبار وتغييب المصيرية منها، أو عبر تحويل النقاش العام إلى صراعات داخلية طائفية، لتشتيت الانتباه عن القضية المركزية مما يحصل من إبادة وحصار في غزة، وهذا ما لاحظناه بالفعل وخاصة مع انتشار "الذباب الالكتروني" في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والذي كانت وظيفته بث الفرقة وشيطنة المقاومة الفلسطينية.

كما لا ننسى أن هذه الوسائل، التي بدت في البداية كمساحة تحررية، سرعان ما أخضعت للمراقبة، وأُفرغت من مضمونها الثوري، فأصبحت وسيلة لتفريغ الغضب بدل توجيهه نحو الفعل.

الواقع في غزة اليوم يكشف هشاشة الموقف العربي الشعبي، ليس لانعدام الرغبة، بل لانعدام الوسائل. الشعوب تشعر بالخزي والعار وتحمل عقدة الذنب لذلك هي تريد أن تصرخ، أن تحتج، أن تقتحم الحدود لتقاوم، لكنها ممنوعة من كل أدوات الفعل، فلا إعلام حر، ولا أحزاب مستقلة، ولا ساحات عامة تمكنهم من التعبير عن آرائهم دون خوف وملاحقة.
فصار أقصى ما تستطيع الشعوب العربية فعله هو التبرع، أو التغريد، أو الدعاء.

وهنا نكون كشعوب قد وصلنا إلى لحظة مؤلمة تتقاطع فيها الإبادة في غزة مع صمتنا وعجزنا، لحظة تختبر ما تبقى من كرامة لدينا.

اليوم الوقفات لا تكفي والاحتجاجات لم تعد تغني ولا تسمن من جوع. اليوم نحن بحاجة إلى استعادة وعينا، بحاجة إلى ثورة حقيقية تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.

وأنا على يقين بأن الزمن لا يتوقف، والشعوب وإن خُنقت، فإنها لا تموت. والتاريخ، بكل سواده اليوم، قد يكون تمهيدا لانفجار قادم يعيد للناس صوتهم، ويمنح القضية حقها من الفعل لا مجرد العاطفة.



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضفة الغربية...إلى أين؟؟؟
- الشجاعية لم ولن تسقط...مجزرة ٩/إبريل/٢٠٢ ...
- بيت دراس...ذاكرة لا تنسى
- رأس حمزة شاهد في محكمة الآخرة
- البوابات الحديدية..ما قصتها؟؟
- ماذا بقي من الإنسانية؟ مجزرة رجال الدفاع المدني
- ليلة حرق الكلمة السادس من إبريل/٢٠٢٥
- هل ستكون رمال موراغ مقبرة أخرى؟؟
- متى نكسر الأقفال ونخرج من الأقفاص؟؟
- مجازر الثالث من نيسان/٢٠٢٥ في مدارس غزة
- لماذا رفح؟؟
- لو كانت جثة فرعون تنطق لأخبرته بذلك.
- حين ألبسته الكفن بدل ثياب العيد
- امرأة من رفح.. وجع يمشي على الأرض
- ستفشل كما فشلت كل مرة...
- الحرب الفاشية تعود إلى غزة ١٨/آذار
- القوانين الدولية والاتفاقيات تسقط في وحل حصار غزة
- ما بين قرط ساندي بيل وقرط روح الروح يتقزم الخيال وتتضخم الحق ...
- الاستيطان الرعوي أداة سريعة لقضم الأراضي الفلسطينية
- البحث عن الهوية في رواية مرايا القدس-سفر سقوط الأقنعة للكاتب ...


المزيد.....




- الإمارات تعلن استئناف الرحلات الجوية مع سوريا
- “حماس” تصدر بيانا بشأن المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار
- مصدر إسرائيلي: فجوات كبيرة مع حماس الغذاء والوقود سينفدان قر ...
- لافروف: ترامب يتبع المنطق السليم في السياسة الخارجية
- لافروف: المخططات الأوروبية للسلام تهدف إلى الحفاظ على نظام ز ...
- لافروف: ظهر أخيرا أشخاص عقلاء في الإدارة الأمريكية ولا نسعى ...
- لماذا يستخدم نظام كييف المدنيين دروعا؟
- إسرائيل تسلم مصر مقترحا جديدا لوقف إطلاق النار في غزة
- وزير الداخلية الفرنسي: ليس لدي أي هوس بالسلطات الجزائرية ولا ...
- الجزائر.. ضبط 66 كيلوغراما من -الكوكايين- قرب الحدود المغربي ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين