أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - دونالد هتلر (الجزء الأول)















المزيد.....

دونالد هتلر (الجزء الأول)


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8311 - 2025 / 4 / 13 - 02:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دونالد هتلر
(الجزء الأول)

الآن اتضح بلا شك و"أن تقاليد جميع الأجيال الغابرة تجثم فعلا كالكابوس على أدمغة أحياء عالم اليوم" (1) وانبعثت أشباح شخصيات و"رموز" خَالَ العالمُ أنّهم باتُوا من عِداد الماضي وقد ذهبوا بلا رِجْعة. واتضح أن "كابوس" الماضي الكريه ما عاد مجرّد كابوس بل أصبح حقيقة ملموسة وتحوّل إلى فاجعة تُقِضّ مضاجع كافّة شعوب العالم.

عاد دونالد ترامب إلى البيْت الأبيض"، وَكْرُ أشرس أنواع البشر وأكْثرُهم إجرامية ودموية، وراح طوال الأسابيع القليلة من تولِّيه المسؤولية الأولى على رأس أكبر دولة وأقوى اقتصاد وأعتى جيش في العالم، يباغت الجميع بسلسلة طويلة من القرارات والإجْراءَات الّتي أدْخلت العالم في عهْدٍ جديد من النّزاعات والزّوابع.

إن العالم مقدم على مسار جديد يحمل في طياته مخاطر لا حدّ لها. وأوّل هذه المخَاطر خطرُ الحرْبِ المدمّرة للكوْن والبشر. قد يبدو ذلك محض مبالغة ولكن كلّ المُؤشّرات المادّية الملمُوسة تبْعثُ على اليقين بأن العالم مهدّد بالفناء على أيدي مغامر من طراز أدولف هتلر الذي ينبعث من جديد في شخص لا يحمل بالضرورة نفس الاسم واللقب ولكنه يشبهه إلى حد بعيد ويحمل كل مواصفاته.

هتلر وترامب كلاهما منتوج أزمة
عاش العالم سنة 1929 على وقع أخطر أزمة اقتصادية عصفت بالنظام الرأسمالي العالمي وأنتجت فيما انتجت النازية وزعيمها أدولف هتلر. وها نحن اليوم بعد حوالي قرن بالتمام والكمال في وضع شبيه بذلك الوضع، يرزح فيه العالم تحت تأثيرات أزمة أشد وأخطر. وفي خضم تطوراتها نعيش على وقع تصاعد نزعات فاشية ونازية جديدة تنتشر وتتوسع في كل أرجاء العالم تقريبا بزعامة مغامر جديد من ذات الطراز. إنه دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

لقد شق طريقه، مثله مثل سلفه أدولف هتلر، بسرعة عجيبة قلما توقعها الفاعلون في عالم السياسة والتنافس على مواقع القيادة في جهاز ضخم ومعقد كجهاز الدولة الامريكية. قد يكون الشعار الذي ركبه منذ حملته للرئاسية الأولى سنة 2016 "لنعيد لأمريكا عظمتها" Make America Great Again وهو الشعار ذاته للحملة التي أوصلته مجددا إلى قمة الحكم لا في أمريكا فحسب وإنما في العالم كله، قد يكون لهذا الشعار فضل عليه ولكن الأكيد أن تظافر عوامل الازمة التي عصفت بالمنظومة الرأسمالية المعولمة منذ أكتوبر 2008 كانت هي العامل الحاسم في صعود "هذا المبتدئ السياسي، الدخيل المتغطرس، ]الذي[ فاق دهاؤه دهاء الخبراء والمستشارين والمطلعين على دخائل الأمور، أي كل عصبة المتنفذين والمعجبين بأنفسهم الذين أوصلوا المدينة إلى هذا الوضع العاجز الباعث على الإحباط..." (2).

يخضع النظام الرأسمالي منذ 2008 إلى أزمة لم يتعافى منها بعد رغم ما ضُخَّ مِنْ أموال مهولة ورغم كل المحاولات والسياسات التي تم استنباطها لإنقاذه. فلا السياسات النقدية (والترفيع في نسب الفائدة) ولا السياسات القطاعية (العقارات والعقارات السياحية أو التكنولوجيات الحديثة أو المركب الصناعي الحربي الخ...) التي أدت في كل مرة إلى ظهور "فقاعة" جديدة، انتشلت الاقتصاد الرأسمالي العالمي من حالة الركود والركود التضخمي la stagfation (نسبة نمو قريبة من الصفر ونسب تضخم عالية). بل ظلت نسبة النمو ضعيفة جدا وشهدت كل القطاعات ركودا عدا القطاعي البنكي الذي سجل معدل أرباح سنوية (حوالي 15%) وقطاع التكنولوجيات الحديثة (75%). فيما عرفت البطالة والتضخم وانخفاض القدرة الشرائية مؤشرات مرتفعة ولم يتسن الحط منها فكانت الفئات الكادحة والهشة هي أكثر المتضررين منها.

هذه الأوضاع المتأزمة على امتداد أكثر من عقدين من الزمن شكلت الحاضنة الاقتصادية والاجتماعية التي ساعدت موضوعيا على نشوء تيارات ذات مقاربات متطرفة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا سرعان ما انتشرت واتسع تأثيرها حتى وصل بعضها الحكم في أكثر من بلد في العالم.

ضمن هذه الموجات الشعبوية والفاشية صعد ترامب إلى الحكم سنة 2017 ووضع جزء من سياساته اليمينية المتطرفة سواء على الصعيد الداخلي الأمريكي أو العالمي موضع تنفيذ. غير أن الظروف التي مازالت لم تنضج آنذاك تمام النضج جعلت أوساطا واسعة من الناخبين الأمريكيين من الطبقات الوسطى والشعبية تتردد في انتخابه من جديد فخسر جولة 2021 الانتخابية لكنه عاد وانتصر هذه المرة (نوفمبر 2024) بفارق واضح وصريح.

جاء ترامب ليعزز نفوذ اليمين المتطرف في العالم، ليعزز نفوذ "التجمع الوطني" اليميني المتطرف الذي أصبح يشكل قوة رئيسية على الساحة السياسية الفرنسية ويقوي مكانة ميلوني وحزبها سليل الحزب الفاشي الإيطالي، حزب الدوتشي la Duce في إيطاليا وكذلك أوربان في المجر وخافير ميلاي في الارجنتين ونارندرا مودي في الهند ودونالد داسك في بولندا وخيرط فيلدرز في هولندا والقائمة طويلة. فترامب هو إذن واحد ضمن كوكبة من وجوه اليمين المتطرف الذين أفرزتهم أزمة الرأسمالية في الوقت الراهن ولكنه وجه ذو وزن خاص وبمواصفات "تميزه" عن البقية بما يجعله أقربهم إلى أدولف هتلر زعيم النازية.

وما من شك أن في عودته للحكم دفع سياسي ومعنوي لتيارات رجعية يمينية فاشستية في أماكن كثيرة أخرى من العالم ودعم للصهيونية كواحدة من أبشع هذه التيارات. لقد خصّ نائبه (أي نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس) رئيسة الحزب النازي الجديد في ألمانيا (AfD Alternative fur Deutschland-) دون غيرها من الأحزاب السياسية في ألمانيا على هامش مؤتمر الامن الدولي في ميونيخ بحفاوة وترحيب خاص. وليس خاف على أحد حجم الدعم الذي يلقاه المجرم نتنياهو والكيان الصهيوني ككل من لدن إدارة ترامب الذي تبجّح وبكل وقاحة على مرأى ومسمع من العالم بأن يفتح على سكان غزة "أبواب الجحيم" أن لم يقع إطلاق سراح الرهائن الصهاينة في أجل زمني محدد.

وفوق كل ذلك يعود ترامب للحكم مكشرا عن أنيابه ويستهل ولايته الجديدة، وبالتحديد يوم تنصيبه رئيسا بإمضاء سلسلة من القرارات التنفيذية التي تجسد مجمل توجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والديبلوماسية والعسكرية الجديدة.

وقد أعلن ترامب منذ الأيام الأولى نية بلاده في الانسحاب من حلف شمال الأطلسي إذا ما امتنعت بلدان أوروبا عن تخصيص ما لا يقل عن 5 % من الناتج الإجمالي المحلي لكل بلد للإنفاق على التّسْليح. وطالب من أوروبا أن تستعدّ للدفاع عن نفسها بنفسها إذا مَا تعرّضت لأي هجوم. وتذرّع بأن بلاده ما عادت مستعدة للإنفاق على أوروبا أكثر مما أنفقت إلا إذا قبلت هذه الأخيرة بتسديد ما عليها. وقد قال في إحدى تصريحاته ""إذا لم يدفعوا فلن أدافع عنهم".
قد يبدو مدلول هذه المعطيات أمر غير ذي أهمية ولكن ما انجر عنه حتى الآن وما يمكن ان ينجر عنه مستقبلا هو ما يجعلنا نستحضر سمات الاحتقان والتوتر الذي ساد في الدولي قبيل الحرب العالمية الثانية جراء التصعيد العسكري النازي باتجاه إشعال فتيل الحرب. ومعلوم أنه مباشرة عقب تصريحات ترامب سارع قادة أوروبا بالرد، وبما يفيد أن القارة العجوز قد قررت دون تردد الدخول بكل قوة في السباق المحموم نحو التسلّح.



هوامش
1 – استعارة من قولة كارل ماركس في كتابه "الثامن عشر من برومير لويس بونابارت" ص 151 – الجزء الأول، مختارات ماركس انجلز، دار التقدم موسكو 1975.
2 – من كتاب "ترامب بلا قناع: رحلة من الطموح والغرور والمال والنفوذ" – مايكل كرانش ومارك فيشر، ترجمة ابتسام بن خضراء – الطبعة الأولى دار السافي 2017، ص 13.



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع جريدة النهج الديمقراطي العمالي بالمغرب الشقيق
- العمال يدفعون فاتورة أزمة الاتحاد في ظل استشراس أعداء العمال
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ...
- حوار مع موقف -أفريكا براس- AFRICA press
- حتى تعود الأمور إلى نصابها (مقدمة كتاب الاتحاد العام التونسي ...
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحول (الجزء الثا ...
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل - الجزء ال ...
- ألمانيا تربط مع تاريخها النازي
- أزمة ... فهدنة وتبقى دار لقمان على حالها
- يا عمال العالم، اتحدوا شاخ البيان ولكنه ما زال راهنا وحيويا
- فشل سياسة -التهميش الاجتماعي- وعودة الحركة الاضرابية
- الخلافات الرئيسية داخل اليسار هي حول قيس سعيد
- إعادة كتابة الجغرافيا
- المتلازمة التونسية Le syndrome tunisien
- حكومة ترامب الجديدة حكومة أغنى أغنياء أمريكا
- في ذكرى تأسيس الاتحاد: مرّة أخرى في الأزمة النقابية وشروط تج ...
- الأزمة الراهنة للرأسمالية العالمية: صعود قوى اليمين المتطرّف ...
- الأزمة الراهنة للرأسمالية العالمية: صعود قوى اليمين المتطرّف ...
- ترامب على خطى أسلافه: جنون العظمة ونزعات الغطرسة والتوسّع وت ...
- الأزمة الراهنة للرأسمالية العالمية: صعود قوى اليمين المتطرف ...


المزيد.....




- مَن هو الداعية نبيل العوضي الذي سُحبت جنسيّته الكويتية مرّتي ...
- مراهق يقتل والديه للحصول على أموال لاغتيال ترامب وإسقاط الحك ...
- الإمارات تؤكد دعمها لسوريا وفصيل سوري بارز يعلن خضوعه للدولة ...
- إحراق منزل حاكم ولاية بنسلفانيا الأمريكية
- إسقاط أربع مسيرات أوكرانية في أجواء ثلاث مقاطعات روسية
- -الدفاع الثوري- يتبنون التفجير الأخير في أثينا ويهدونه إلى - ...
- غارات أمريكية تستهدف مصنعا بمحافظة صنعاء اليمنية
- الأمن البحريني يقبض على أجنبي سرق ساعة ثمينة وحاول الهروب عب ...
- كاتس: مساحات واسعة بغزة أصبحت ضمن المناطق الأمنية وسيضطر الس ...
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الشهب إلى سمائنا في عرض مبهر يرى ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - دونالد هتلر (الجزء الأول)