أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - طفولية المعارضة العراقية














المزيد.....

طفولية المعارضة العراقية


عبدالله سلمان
كاتب وباحث

(Abdallah Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 8310 - 2025 / 4 / 12 - 22:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خضم المشهد السياسي العراقي المتأزم تبرز المعارضة كعنصر يفترض أن يكون جادا يدفع باتجاه التغيير ويُعبر عن تطلعات الشعب وما يعانيه . لكن ما نراه على أرض الواقع هو عكس ذلك تمامًا فبدلًا من تقديم رؤى واضحة أو بدائل مسؤولة تنشغل بعض أطراف المعارضة بترويج شائعات وصياغة توقعات خيالية لا تمت بصلة للواقع وكأن السياسة ساحة لممارسة الهوايات. تصرفات لا تعكس نضجًا سياسيًا بقدر ما تُظهر سلوكًا طفوليًا يُفقدها مصداقيتها ويعمّق فجوة الثقة بينها وبين الشارع العراقي الذي ضاق ذرعًا بهكذا خطابات فارغة ووعود لا ترى النور.
لا يخفى على أحد أن العمل من اجل الديمقراطية الحقيقية لا تكتمل دون معارضة فاعلة تراقب وتنتقد وتقدم البديل الواقعي للتغيير لكنها أيضًا تتحلى بالمسؤولية وتخاطب الناس بلغة العقل والمنطق. ما يحدث في العراق اليوم هو نقيض لهذا المفهوم إذ تحولت بعض أطراف المعارضة إلى أدوات للتشويش بدل أن تكون منصات للوعي وانزلقت إلى ممارسة سلوكيات لا تليق بمشهد سياسي يُفترض أنه ناضج.
ان منصات التواصل الاجتماعي التي كان يمكن أن تكون مساحة لتنوير الرأي العام أصبحت بالنسبة للبعض مجرد ساحات لبث الإشاعات وتداول تسريبات بلا مصدر وترويج توقعات تصل أحيانًا إلى حد الخيال السياسي. كل حدث مهما كان صغيرًا يُفسَّر بمبالغة وخارج سياقه الحقيقي وكل تصريح يُحوَّر ليخدم سردية قائمة على الإثارة لا الحقيقة. الأسوأ أن هذه الممارسات لا تُظهر فقط استخفافًا بعقول الناس بل تكشف عن غياب تام لأي مشروع سياسي حقيقي لدى هذه الجهات.
وما يفاقم هذا المشهد العبثي أن كثيرًا من هذه الأصوات المعارضة لا تتحرك بدافع المصلحة الوطنية أو الرغبة في التغيير كما تدعي ، بل تُساق خلف أهداف شخصية ضيقة لا تخلو من الاطماع فيلهثون خلف شهرة شخصية سريعة أو يحاولون تثبيت أقدامهم في مشهد إعلامي مضطرب يفتح أبوابه لمن يثير الضجيج أكثر من من يطرح الحقائق.
الا أن بعض هذه الجهات باتت مكشوفة التوجه إذ تُموَّل وتُحرَّك بشكل مباشرأو غير مباشر من جهات سياسية لها مصلحة في خلق فوضى إعلامية والتشويش على الرأي العام لا سيما مع اقتراب الانتخابات أو إعادة ترتيب أوراق النفوذ داخل ما يُعرف بـ"المنطقة الخضراء" وبأسلوب يفتقر للحد الأدنى من الذكاء السياسي وكأن الهدف لم يكن التغيير الحقيقي بل مجرد حجز مقعد في قطار المصالح ولو كان الثمن وعي الناس ومستقبلهم .
وفي هذا السياق لا يمكن تجاهل تأثير المتغيرات الإقليمية خصوصًا التحولات الأخيرة في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران والمنطقة ككل. إذ بدت واشنطن أكثر ميلًا إلى إعادة ضبط أولوياتها وفتح قنوات جديدة أو مرنة مع بعض الخصوم التقليديين وهو ما خلق حالة من التكهنات لدى بعض الأطراف العراقية التي تقرأ السياسة كمن يقرأ الأبراج. فخرج علينا من يدّعي فجأة أنه "قريب من دوائر القرار في واشنطن" أو أنه "يمتلك معلومات خاصة عن نوايا الإدارة الأمريكية" في محاولات مكشوفة لتضخيم الذات وإيهام الجمهور بصلات لا وجود لها.
إن هذا النوع من الادعاءات الذي يتكرر مع كل استحقاق انتخابي او تصريح امريكي لم يعد مجرد عبث سياسي بل أصبح كذبًا صريحًا يمارسه البعض بلا أدنى خجل أو مسؤولية. فالولايات المتحدة التي تعيد ترتيب أوراقها في المنطقة بناءً على مصالحها الكبرى لا تبني استراتيجياتها على إشارات من نشطاء تويتر أو مقاولين سياسيين يسعون لحجز موطئ قدم بأي ثمن.
وفي خضم هذا العبث من الواجب القول وبصراحة لا تحتمل المجاملة إن على أولئك المراهقين سياسيًا الذين يحاولون خلق هالة وهمية حول أنفسهم أن يكفوا عن هذا السلوك اللا مسؤول الذي كلّف العراقيين كثيرًا من الاستقرار والثقة والفرص الضائعة. فالعراق ليس حقل تجارب لمراهقات سياسية ولا ساحة لتضخيم الذات على حساب وعي شعب تعب من الوعود الكاذبة والمشاهد المتكررة.
إن من يدّعون تمثيل الشعب وهم في الواقع لا يمثلون سوى مصالحهم عليهم أن يعرفوا حجمهم الحقيقي في الشارع ، لا ذلك الذي تصوّره لهم فقاعات الإعلام المأجور أو جمهور المصالح المؤقتة. إن كان لديهم ذرة حرص على البلد فالأولى بهم أن يتحدوا على رؤية مشتركة ويصوغوا خطابًا يعبر عن تطلعات الشعب لا أن ينشغلوا بالتزوير والتشويش والفوضى التي لا تخدم سوى رؤوس الفساد والمليشيات.
العمل السياسي ليس ساحة للمزايدات ولا مجالًا للتهريج بل مسؤولية تحتاج إلى وعي و شجاعة وموقف. وإذا لم ترتقِ المعارضة إلى هذا المستوى فإنها لن تكون سوى عبء إضافي على العراق يُضاف إلى أعباء منظومة 2003 وخرابها .
في نهاية المطاف على المواطن العراقي أن يتحلى بالوعي الكافي وألّا يُعلّق آمالًا كبيرة على من أثبتت التجربة أنهم يتصرفون بلا مسؤولية ويغرقون في خطابات طفولية لا تليق بطموحات شعبٍ عانى ما يكفي من التلاعب والإحباط. فالواقع لا يتغير بالشعارات ولا بالانفعالات بل بوعي جماعي يحقق مطالب الشعب في الخلاص من نظام المحاصصة والتوافقية .
أما القوى السياسية المعارضة فالمطلوب منها مراجعة جادة لنفسها والوقوف عند الحقيقة بدل الاستمرار في خداع الناس من أجل مكاسب آنية ضيقة لا تدوم. الوطن لا يتحرر بالخداع ولا بالمناورات بل بالصدق والشجاعة والاعتراف بالخطأ حين يقع ثم تصحيحه بإرادة جادة لا تعرف التلاعب ولا تتستر خلف الأقنعة.
العراق يستحق أفضل من هذا المشهد وأبناءه أحق بقيادة ناضجة تضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.



#عبدالله_سلمان (هاشتاغ)       Abdallah_Salman#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بريطانيا. راعية النظام الطائفي في العراق ومخططها لتدجين المع ...
- بريطانيا.. راعية النظام الطائفي في العراق وأساليبها في تدجين ...
- الزمن الجميل: بين السردية التاريخية والتعايش المجتمعي
- قرأة في القانون والفقه الدستوري
- تعريف كتاب الديمقراطية في العراق بين النظرية والتطبيق
- الانتخابات الامريكية ووسائل ادارة النفوذ في العالم
- من احتلال بغداد الى دمــار غزة
- السطو الاعظم
- المقترح الامريكي لانهاء العدوان على غزة لماذا الان ؟
- تعريف كتاب العلمانية منهج فكري ام عقيدة دينية (رؤية تحليلية ...
- تحت وطأة التحديات فشل استراتيجية الردع في الشرق الأوسط
- تجاوزات الاعلام الغربي ، استخفاف واستغفال مواطنيهم
- اشكالية الانسان في الاعلان العالمي لحقوق الانسان
- للانتصار وثبة وفرح
- مسرحية التبادل تمثيل امريكي هابط
- بلينكن واكاذيب امريكا المتجولة
- قراءة في المشروع الامريكي – البريطاني في تكوين شرق اوسط جديد ...
- محمد شياع السوداني وبناء عالم افتراضي
- مهرجان البصرة الرياضي والهوية الوطنية العراقية
- كم انت طيب يا صديقي


المزيد.....




- فيديو.. الطيران الإسرائيلي يقصف مستشفى المعمداني في غزة
- تقرير أميركي: هذا هدف إيران من محادثات -السبت الأول-
- تقديرات إسرائيلية: فرص التوصل إلى اتفاق بشأن غزة -في تزايد- ...
- ترامب: المحادثات مع إيران -تمضي على نحو جيد-
- عذّب ابنتيه حتى الموت.. تفاصيل جريمة مروعة في مصر
- تحطم طائرة في حقل موحل شمالي ولاية نيويورك
- مستخدمو تطبيق -واتس اب- حول العالم يبلغون عن مشاكل في عمل ال ...
- نقل الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو إلى المستشفى بسبب آلام ...
- بريطانيا.. وزير السكك الحديدية قد يواجه غرامة لاستخدامه الها ...
- ميرتس يعارض انضمام أوكرانيا للناتو والاتحاد الأوروبي قبل انت ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - طفولية المعارضة العراقية