أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - ثالثاً / سنة سوريا وشيعة العراق والعدالة الانتقالية















المزيد.....

ثالثاً / سنة سوريا وشيعة العراق والعدالة الانتقالية


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 8310 - 2025 / 4 / 12 - 08:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثالثاً : سنة سوريا وشيعة العراق ، والعدالة الانتقالية
1 )
تشير تجارب الامم التي نجح فيها تطبيق العدالة الانتقالية إلى حد كبير : إلى ان استعادة الحياة الطبيعية فيها تمت من خلال الانعطاف بعمل مؤسسات الدولة : من واجبها القديم القائم على التمييز والفصل العنصري بين السكان ، إلى واجب جديد يعمل في ضوء من مفهوم المواطنة ومفهوم حقوق الإنسان : وهذا ما حدث في دولة جنوب أفريقيا ، بعد إطلاق سراح المناضل الوطني : نيلسون مانديلا من السجن 1990 ( أي تم نزع فتيل الصراع الذي زرعه المستعمرون البيض في آليات عمل مؤسسات الدولة ) ،
وفي ضوء من مفاهيم الحداثة السياسية أيضاً تم من جديد اعادة تأسيس مؤسسات دولة " رواندا " التي اجتثت وجودها في سنة 1994 : ميليشيات قبيلة " الهوتو " وهي تمارس جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية بحق قبيلة " التوتسي " …
2 )
لم تجرِ في العراق وسوريا صراعات عنصرية بل جرت وبوضوح صراعات طائفية . لقد روَّجَ الاستعمار الأوربي لمفهوم : الرسالة التمدينية للرجل الأبيض في الثقافة الأفريقية لكي بؤكد تفوقه ثقافياً وحضارياً ، وقد شرعن هذا الاعتقاد قانونياً : بحصر إدارة الحكم وإدارة الاقتصاد بيد المتفوقين المرسلين من قبل الحضارة الصناعية لتمدين وتثقيف شعوب الحضارات الرعوية الزراعية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية . لكن في بلدان العالم العربي والإسلامي وجد الاستعمار في الطائفية الدينية أداته في تطبيق شعاره الشهير : فرق تسد . وما يزال الاستعمار يتحكم باقتصادات البلدان العربية ، ويغير انظمتها السياسية متى ما رأى ان من مصلحته تغيير انظمتها السياسية : من خلال تأجيج ثقافة الكراهية والحقد والتكفير الثاوية في اعماق الوعي الجماعي للطوائف الدينية …
3 )
اشهر استراتيجيتين طبقهما الاستعمار في مجال استغلال الدين بكل حمولاته الطائفية والجهادية هما : 1 - دعم تأسيس حركة " الإخوان المسلمون " في مصر 1928 التي سرعان ما انتشرت فروعها في جميع البلدان العربية مع شعارها الطوباوي : الاسلام صالح لكل زمان ومكان " وطوباوية هذا الشعار كامنة في أهدافه القريبة التي تتضمن تكفيراً لكل مظاهر ومفاهيم الـثقافات الأخرى : مخوفةً ومانعةً العقل العربي بهذا التكفير من الانفتاح على مناهج ومفاهيم الحداثة الثقافية : الإنتاجية والعلمية والتفاعل معها .
2 - تشجيع شباب العرب داخل الجزيرة الواقعين تحت حكم أنظمة دكتاتورية عائلية ، والواقعين خارجها تحت حكم أنظمة بوليسية عسكرية : على تبني استراتيجية الجهاد لتحرير افغانستان من احتلال قوات الاتحاد السوفياتي " الكافرة " . وقد حقق الاستعمار الأمريكي من خلال تبني هذه الاستراتيجية من قبل الشباب العربي والإسلامي هدفين في آن واحد : توظيف فرض من فروض الدين الإسلامي وهو الجهاد لصالحه في حربه الباردة ضد الاتحاد السوفياتي الغارب ، وزرع الأوهام العريضة في وعي العرب والمسلمين لأنفسهم : على انهم القوّة العالمية المؤهلة لتحرير العالم من هيمنة الاستعمار الأمريكي والمادية الرأسمالية . ( وهكذا تقاطر ضحايا العرب والمسلمين الذين صدقوا سردية هاملتون في كتابه صدام الحضارات : من طالبان أفغانستان إلى حركة داعش مروراً بعراق صدام حسين والسقوط الصاروخيّ للحركات الإسلامية بعد الربيع العربي ثم سقوط القاعدة وحركة داعش ، وكان لا بد لمشهد فوضى الحركات الإسلامية الجهادية من ان يتم غلقه على طريقة ختمه في افغانستان بتصفية المقاومة التي يقودها التشيع السياسي ومطالبته بتفكيك كل انيابه ومخالبه التي افترس فيها أربع دول عربية : وإيجاد حكم شبيه بطالبان يحكم في سوريا وبنصف تشدد طالبان في العراق )
4 )
الاستراتيجية التي دعمها الاستعمار الأمريكي أثناء الحرب الباردة ، وشجع فيها " يقظة " الامة الإسلامية ، لم تصب في صالح الامة ، فهذه الاستراتيجية في ايقاظ الامة لم تساعد الامة على ان تستعيد اقتصادها من قبضة الاستعمار والانخراط في استيعاب آليات الحضارة الصناعية : بل لكي تظل غارقة في أوهامها : فتتقبل نصيحته عن ضرورة ممارسة فريضة الجهاد ضد الكفر الذي غزا افغانستان واحتلها ( وهذه هي البداية الفعلية للفوضى التي ستضرب باطنابها في اركان المشرق العربي ) . لقد شجع الاستعمار ودعم لوجستياً الوجود الميليشيوي الذي أخذته حركة الجهاد التي ارتدت على مجتمعاتها : صانعة ازدواجية للسلطة سيتعمق مسارها في الحروب التي أشعلها نظام البعث العراقي ، وسترث هذه الميليشيات - التي سيتعاظم نفوذها لاحقاً - فقه الجهاد وتتفنن في فلسفته ، وهكذا نجحَ الاستعمار في الإيحاء بمنهجٍ في الرؤية والتحليل : يركز في السياسة على معالجة الموضوعات اللاهوتية ، ومحاربة " الكفر " ومظاهره ، والجهاد الداخلي من اجل تطبيق الشريعة : فاصبحت هذه الموضوعات في منهج التنظيمات الإسلامية : السنيّة والشيعية على حد سواء : هي الموضوعات التي يجب ان يتمسك بمعالجنها النشاط السياسي ، ولها الأولوية على موضوعات تحرير الاقتصاد ، وتنويع مصادر الدخل والتنمية المستدامة . ومن هنا اصابَ الفشل حكمهم في جميع بلدان العرب التي تسنى لهم فيها تسلق هرم سلطتها : من تونس إلى العراق ، مروراً بليبيا والسودان ومصر وسوريا واليمن …
5 )
لم يزرع الاستعمار الكراهية الطائفية في ثقافة المجتمعات الاهلية العراقية والسورية كما فعل في زرع ثقافة الفصل العنصري في أسس آليات اشتغال مؤسسات الدول الأفريقية ، انما وجد الاستعمار ثقافة الكراهية ثاوية في اعماق وعي التجمعات الاهلية في المشرق العربي : فاستغلها ، لقد لاحظ عزلة هذه الطوائف عن بعضها في مناطق جغرافية خاصة بها ( شيعة العراق في الشرق والجنوب ، ويسكن سنته في الغرب ، ويسكن علوية سوريا في الساحل ، وتسكن سنتها في دمشق وحلب ، فيما يسكن الدروز الجنوب ) وبسبب ثقافة الكراهية هذه التي تملي على كل طائفة : الفرار بأعضائها من " نجاسة " الطوائف الأخرى : ضمت سوريا تحت سلطة الاستعمار الفرنسي دولاً طائفية متعددة حتى سنة 1922 ، وظلت الوحدة الوطنية العراقية قويّة كشعار سياسي في برامج احزاب وطنية معروفة بتضحياتها السخيّة من اجل هذه الوحدة التي - للأسف - لن تتحقق من غير جسور اقتصادية متينة وعلاقات تجارية جارية على قدم وساق ، تحيطها بنية دولة لا مركزية ، تخلو من كل مظاهر الطائفية في الحكم ومنها تقسيم الرئاسات الثلاث على أساس طائفية …
6 )
لم يغرز الاستعمار ثقافة الكراهية التي جعلت من الميليشيات المسلحة تقتل الناس على الهوية : باعثين مع الاستعمار موروث الكره العائلي الذي تبادلته عوائل قريش على شكل صراعات دامية على السلطة . وقد امتص الصراع السني الشيعي جميع الصراعات الأخرى ووظفها لصالحه : كما امتصّ الصراع العرقي بين السود والبيض في إفريقيا : جميع الصراعات ووظفها لصالحه ، ان الصراع الطائفي في المشرق العربي قديم جداً ، وما يزال ، يسهم بقوة في تشكيل تاريخ المنطقة . وقد تأجج هذا الصراع بين الشيعة والسنة في مراحل مختلفة من تاريخ مصر والمشرق العربي ، وفي الأخير : تم احتلال السلطة في البلدين : من قبل ميليشيات : تكذب إذا ادعت بانها تقاتل " الشيطان الآكبر " بل هي ميليشيات تكونت بموافقة " الشيطان الأكبر " لأمد زمني محدود لاحت في الأفق نهايته ، فأعلنت امس الميليشيات الولائية في العراق عزمها على تسليم أسلحتها بعد موافقة " الولي الفقيه " في طهران على دخول المفاوضات حول نزع سلاحه النووي . لقد انتهت فترة التبشير بالتشيع للولي الفقيه في طهران في يوم 7 اكتوبر 2023 ، وأسدلت الميليشيات السنيّة التي تقودها هيئة تحرير الشام في سوريا : الستار على تلك المرحلة ، وستتبين خطوط المرحلة المقبلة في البيان الختامي الذي سيصدر بعد نهاية المفاوضات حول تفكيك البرنامج النووي الإيراني بين الوفدين : الأمريكي والإيراني في سلطة عمان التي ستبدأ غداً السبت . ان تطبيق العدالة الانتقالية في الدولتين ، يجب بالضرورة ان ترافقه عمليات اعادة بناء لمؤسسات الدولتين وفق مفاهيم المواطنة وحقوق الانسان ، حيث لم تعد المفاهيم الطائفية التي تحكمت بمؤسسات الدولتين : صالحة لإدارة التعدد الديني والعرقي الذي تتكون منه مجتمعات العراق وسوريا …
7 )
أَلغت سلطات مجالس قيادة الثورات ، وانظمة الحزب الواحد : الوجود الفعلي لمؤسسات الدولة في البلدين ، نتيجة تدخلها الدائم في شؤونها : ممهدةً الطريق امام الميليشيات الطائفية لاحتلالها ، وتحويل موظفيها إلى اشباح صامتة ، لا تستطيع البت باي مسألة : ادارية او تنموية او ثقافية أو استثمارية او جنائية ، إلا بأخذ رأي الميليشيا التي اصبحت الوزارة او المديرية المعنية من حصتها .. بدأَ الالغاء الفعلي لمؤسسات الدولة في العراق منذ انقلاب 1963 وبزوغ الحرس القومي ، الذي ألغى وجود القضاء والمحاكم بمحاكاته الشهيرة لمثقفي العراق في الشوارع وإطلاق الرصاص على كل مظاهر الحداثة والتحضر . وتعمق هذا المسار مع انقلاب البعث الثاني 1968 ، وتجدد سنة 2003 بعد الاحتلال الامريكي وسقوط الدكتاتورية ، وحدث الالغاء الفعلي لمؤسسات الدولة في سوريا بعد تسلط العسكر منذ عام 1970 ، وتجدد مع احداث الربيع العربي 2011 ، حيث تتقاسم عائلة آل الاسد : السلطة مع الميليشيات المسلحة ( القاعدة ، داعش ، جبهة النصرة ، هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها ) التي تسيطر كل منها على محافظة او اكثر من المحافظات السورية ، وهي سيطرة مطلقة على كل شيء فيها : على الحرث والضرع والثروات الطبيعية ومصير البشر . فالعدالة الانتقالية لا يمكن تطبيقها في هذين البلدين قبل اعادة تأسيس مؤسسات الدولة وفق مفاهيم المواطنة وحقوق الانسان . دون هذا التأسيس الجديد لمؤسسات الدولتين : لا تطبيق لاي عدالة : وسيظل هذين البلدين مهددين بوقوع إبادة جماعية طائفية او تصفيات عرقية ، مع اي تراخي في رقابة الامم المتحدة عليهما …



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثانياً ؛ سنة سوريا وشيعة العراق والمعارضة
- سنة سوريا وشيعة العراق ورفض الدولة الحديثة
- من يوميات صائم في ولاية لويزيانا
- وفاز دونالد ترامب بالرئاسة : الجزء الثاني
- وفاز دونالد ترامب بالرئاسة ؛ الجزء الاول
- الرسالة الجوابية الثانية على سؤال احد قرائي
- ادونيس : يعيد نشر قصيدة الطوفان
- هذه رسالة إلى قاريء وتليها أخرى إلى قاريء آخر
- احمد عدوية والتغيير
- هل يقبل احمد الشرع الحلقة التلفزيونية التي اعدها الإعلامي اح ...
- وتستمر الهزيمة : ثانياً
- أَنا اخترتُ
- ورحل طاغية آخر
- تداول السلطة على الطريقة السورية
- موقف التيار الصدري : موقفاً صحيحاً
- وتستمر الهزيمة
- بعض مفاهيم المقاومة الإسلامية
- المقاومة والمقاومة الإسلامية
- أنا إنسان
- أنا حزين


المزيد.....




- أقدم غوريلا في العالم تحتفل بعيد ميلادها الـ68 عامًا.. شاهد ...
- السعودية تكشف 5 إجراءات قبل موسم الحج 2025 حفاظا على سلامة ا ...
- ترامب يتجاهل مصافحة زوجة وزير الصحة.. مشهد محرج خلال حدث ريا ...
- -تنذكر ما تنعاد-، صور من حرب لبنان الأهلية في الذكرى الـ50 ل ...
- قوة تدميرية غير مسبوقة.. واشنطن في طريقها لتطوير قنبلة ذرية ...
- الجزائر تعرب عن -احتجاجها الشديد- على حبس أحد موظفيها القنصل ...
- حماس: قصف الاحتلال مستشفى المعمداني جريمة حرب بغطاء أميركي
- الجزائر تحتج على توقيف فرنسا أحد موظفي قنصليتها
- طهران تعلن عن جولة جديدة وترامب يشيد بالمحادثات معها
- عاجل | مصادر طبية: 7 شهداء وعدد من الجرحى في قصف استهدف سيار ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - ثالثاً / سنة سوريا وشيعة العراق والعدالة الانتقالية