|
نقد العقل السياسي التركي
عطا درغام
الحوار المتمدن-العدد: 8310 - 2025 / 4 / 12 - 02:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تسيطر علي العقل السياسي التركي أوهامًا ؛ لا تسير مع سياسة الواقع، إنما تبدو كخيالات واعتقادات وسيطرة الماضي لا تستقيم مع العالم المعاصر، وما تزال أحلام حقبة الإمبراطورية العثمانية؛ وأحلام عودتها، والانقلاب على معاهدة سيڨر 10 أغسطس/آب 1920؛ حتى تتوسع الدولة التركية اليوم أكثر، ما تزال حاضرة في العقل السياسي التركي؛ إضافة براجماتية ممجوجة؛ تجعلهم ينقلبون على تحالفاتهم؛ وحتى اتفاقياتهم .،فما يزال الاعتقاد لدى العقل السياسي بأن تركيا تستحق أن تكون من الدول الكبرى في العالم. والاستراتيجية التركية تعتبر كل الدول ذات الأصول التركمانية، أو من كانوا تحت الدولة العثمانية؛ ينبغي أن تكون تحت سيطرتهم، في وتدور فلك سياستهم. وإنْ كان الحلم بعودة الإمبراطورية صعب التحقق؛ لكنهم يؤمنون إيماناً مطلقاً بأن الـ (ميثاق الملّلي) حق تاريخي لهم، ومصممون على تنفيذه؛ وضم أراضيه يوماً ما الى ديارهم! حيث يتضمن الميثاق المللي ضم أراضٍ في شمال سوريا وحلب ودير الزور والموصل حتى جبل سنجار؛ ويجب أن تعود لتركيا، وهذا ما يعمل عليه أردوغان دون كلل، ولذلك يدعم المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري في إدلب وما حولها، ويطمع كثيراً بالاستحواذ على شمال شرق سوريا (مناطق سيطرة الإدارة الذاتية ـ مسد وقسدــ) ويعتبرها من فضاء الأمن القومي التركي. وطيلة العقود التي تلت إعلان الجمهورية التركية ،حكمت تركيا رؤية سياسية واحدة رسخها أتاتورك وتبنتها من بعده الحكومات الجمهورية ،والتي تعتمد أساسًا علي العلمنة الكاملة للدولة، ليس سياسيًا فحسب بل علي مختلف المستويات العسكرية والفكرية والاجتماعية، حتي رغم الانقلاب الأردو غاني علي علمانية أتاتورك إلا أن هناك عناصر مشتركة تسيطر علي هذا العقل وتتحكم في توجهه السياسي. طبيعة العقل السياسي التركي المعاصر ومما لا شك فيه أن هناك مواصفات إيجابية يتميز بها العقل التركي أفراداً وسلطة، ولعل من أهمها الانضباط والبساطة ودماثة الخلق ظاهرياً؛ والصبر، ولكن هناك صفات أخرى سلبية؛ أثرت على أدائهم السياسي بوضوح، ولعل من أهمها: أنّ السياسي التركي عقله عقل إمبراطوري؛ حيث يعتقد بأنه سليل إمبراطورية كبرى؛ وأنه أعرق من غيره وأكثر فهمًا، وبالتالي فهو شديد الاعتداد بالنفس؛ وينظر إلى آراء الآخرين وإن جاءت من مفكرين كبار بكثير من اللامبالاة، كما لديه ثوابت مسبقة، تجعله يتخذ مواقف غير محسوبة بدقة؛ وأحياناً يتخذ مواقف متصلبة في مواضع تقتضي المرونة وسعة الأفق. كما يميل العقل السياسي التركي إلى المناكفات مع الآخرين، إضافة إلى تبني مواقف استعلاء عليهم؛ حتى مع من هو أقوى منه رغم رضوخه في النهاية. الاستعلاء التركي وظهرت لغة الاستعلاء التركي في مواقف ومناسبات عديدة، منها مؤتمر ميونيخ للأمن، عندما وجه أبو الغيط، انتقادًا بسبب التدخلات الإقليمية والدولية في سوريا، ومعترضًا على تدخل أنقرة العسكري في هذا البلد العربي العريق، لكن وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو سارع إلى الرد عليه بعنف وعصبية واستعلاء، قائلاً: "نحن ندافع عن أمننا، أتمنى أن تكون منظمتكم قوية بما يكفي، لكي تمنع قائد إحدى الدول الأعضاء لديها من قتل ما لا يقل عن نصف المليون نسمة، واستخدام الأسلحة الكيماوية". وظهرت لغة الاستعلاء الممزوجة بالوقاحة والجهل أيضًا عندما خرج الصحفي التركي هولكي أوغلو المحسوب على الحزب الحاكم وأحد المقربين من الرئيس التركي أردوغان على قناة KRT التركية، وقال: "حتى لو بعث سيدنا محمد وأسس حزبًا، فلن يحصل على أصوات أكثر من أردوغان ولن يفوز عليه". ويذكرنا تصريح الصحفي التركي، بحديث قاله وزير داخلية أردوغان الأسبق أفكان علاء، أثناء مؤتمرات شباب حزب العدالة والتنمية فبراير2015، عندما تطرق النقاش حينها إلى الشأن الخليجي، دعا أفكان علاء، شباب الحزب لفتح مكة من جديد، بعد ادعائه أن الرسول صلى الله عليه وسلم تملكه الغرور بعد فتح مكة، وهناك موقف آخر يشير إلى الاستعلاء التركي، عندما توجه رئيس الوزراء الأسبق داود أوغلو بداية فبراير 2016 للسعودية في زيارة رسمية، وانتهز الفرصة للتوجه للكعبة المشرفة، واستقبله آلاف الأتراك المعتمرين بالتصفيق والصفير بشكل أشبه بمشجعي كرة القدم، وبتأكيد ذلك الحضور التركي الرهيب لم يكن مصادفة، وبعدها علَّقت صحف حزب العدالة والتنمية على مشهد أوغلو بالكعبة، قائلة "الإسلام بُعث من جديد"، ووصف كتّاب ومفكرون هذا المشهد بأنه "عبثي" يتطابق مع قول الله تعالى "وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَة". وهذه اللغة باتت مرفوضة تمامًا من أقطاب الوطن العربي، وجسد ذلك الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الذي أشار إلى نبرة الاستعلاء لدى النظام التركي، ووجّه خلال حوار سابق مع صحيفة الأهرام المصرية، رسالة شديدة اللهجة إلى تركيا ونظام الملالي الإيراني، قائلاً إن "أي حديث يتضمن استخدام نبرة استعلائية أو طائفية، أو به شبهة مسعى للتأثير على سيادة أي دولة عربية، أو أوضاعها وتوازناتها الداخلية هو أمر مرفوض". جبل الاستعلاء التركي، بدأ ينهار ويتداعى، على وقع الأحداث التي ارتكبها أردوغان نفسه، وجاءت بنتائج عكسية، عليه وعلى شعبه وعلى المنطقة بأسرها، التي ترفض أن يخرج على العالم ديكتاتور بدرجة "إمبراطور" جديد، يجلس في إسطنبول، ويتحكم في العديد من الدول من حوله، فيطاع أمره في التو واللحظة. عندما يتكلم أردوغان في صلف وغرور وكبر عن قتل أكثر من ألفين من الجنود السوريين العرب مقابل ثلاثة وثلاثين من الأتراك المحتلين للتراب للسوري، وأن هذا الانتقام لا يساوي دماء الجنود الأتراك.. هنا تظهر بصورة لا تحتاج إلى توضيح قيمة الإنسان العربي مقارنة بالسيد العثماني في ميزان أردوغان. يتكرر هذا الخطاب بصورة دائمة عند حديث أردوغان عن أي مسؤول عربي؛ سواء أكان رئيس دولة، أو وزيرا؛ دائما تكون هناك نظرة فوقية فيها قدر كبير من الاستعلاء والكبر وعدم الاحترام. الاستغلال الديني وتوصم العقلية التركية بأنها عقلية تنزع إلي استغلال الدين لتحقيق نفع سياسي، وعُرف أردوغان بتضامنه المستمر مع القضايا الإسلامية، إذ وقف بقوة ضد قرار ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وأرسل مساعدات عاجلة لأقلية الروهينغا في ميانمار، كما دافع بقوة عن حركات الإسلام السياسي، خاصة في مصر، بشكل جعل بعض التقارير الإعلامية تربط بين هذه التحركات وبين رغبة "السلطان" في البحث عن زعامة للعالم الإسلامي. ويظهر الاستعلاء السياسي في تركيا أقل خطورة الأقل خطورة وتأثيرا إذا قورن بالاستعلاء الثقافي والحضاري واللغوي، ففي تركيا التي ترفع شعار الإسلام؛ بل تدعي زعامة العالم الإسلامي السُّني ، فهي تعلي اللغة القومية على لغة القرآن الكريم، بل إنها تحارب اللغة العربية، مثلما حدث في تركيا حين شنت حملة مكثفة لتغيير أسماء المطاعم والمحلات التي يملكها اللاجئون السوريون من العربية إلى التركية. وعلى الرغم من الخطاب الإسلامي الذي يرفعه النظام التركي ، فإن كل ما يقدمه من تاريخ وحضارة هو تاريخ أجدادهم، وليس تاريخ مختلف شعوب وأقوام المسلمين، فحيثما يذهب أردوغان يضغط من أجل إحياء التراث العثماني. حتى في بناء المساجد يشترط على كل من تتبرع له تركيا بمسجد أن يكون البناء على الطراز العثماني، على الرغم من أن المسلمين بنوا مساجدهم طبقا لثقافات المجتمعات التي عاشوا في كنفها، فقد تبنوا النمط المعماري للشعوب التي عاشوا معها، ولم يتم تعميم نمط معماري واحد على جميع المسلمين.. فقط مع تركيا أردوغان يكون الشرط الأساسي لبناء مسجد أن يكون طبقا للنمط العثماني من جمهورية غانا في غرب أفريقيا، إلى نيوزيلندا التي عرض عليها مسؤول الشؤون الدينية في حكومة أردوغان بناء مسجد على الطراز العثماني فرفضت حكومتها. تركيا تؤسس لمرجعية دينية وثقافية تستخدم كل طاقة ومخزون الدين الإسلامي لترسيخ الاستعلاء العنصري للقوميات العثمانية ، وللأسف هناك من يسوق ذلك من بين العرب، ويوظف كذلك كل قيم الإسلام، وكل آلام وآمال المسلمين لتخديرهم، وإخضاعهم للسيد العثماني، وفي هذه الحالة يتحول الإسلام الى وسيلة لتحقيق طموحات وأحلام عنصرية عرقية للتر. كما يسعى أردوغان من خلال شعاراته الرنانة وحديثه عن المسلمين، سحب البساط من تحت أقدام المملكة العربية السعودية، كي يتولى زعامة العالم الإسلامي السُّني لفرض نفسه سلطانًا في المنطقة، ولذلك استخدم أردوغان مؤخراً حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بتاريخ 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018 في قنصلية بلاده في إسطنبول، للدعاية الشخصية وسعى للنيل من السعودية ومكانتها في الشرق الأوسط. ويستغل أردوغان تنظيمات «الإسلام السياسى» التي تمارس حرب تضليل لا تهدأ لخداع البسطاء بشعارات الدين، واستثارة المشاعر الدينية من أجل مصالحها السياسية، وتزيف وعى المخدوعين بأن الإسلام لا يقوم إلا ببناء «الخلافة» وكأن الإسلام لا يصلح لبناء المستقبل، ولا يمكن أن «ينهض» إلا بتوليهم السلطة. السعيد أن هناك ما يمكن تسميته بـ«الحلف المدنس» بين معظم تيارات الإسلام السياسى. ويومًا بعد يوم، تسقط الأقنعة عن النظام التركي، ورئيسه أردوغان؛ فلم يعد هناك من يستطيع أن يدافع عن "الديمقراطية التركية"، أو "الصداقة وحسن الجوار"، بعدما ظهرت الصورة القاتمة الغارقة في الاستعلاء والتجبر، والحرص على تحقيق المصالح الضيقة على حساب سيادة الدول المجاورة، وحدودها المنتهكة، وشعوبها الضعيفة. الطورانية والعقل التركي موهوم بالطورانية التي ظهرت في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وما تبعها من محاولات التتريك والحرب الضارية والمذابح والإبادات على الإثنيات العربية واليونانية والأرمنية الكردية وغيرها، ما هي إلا ترجمة لهذا الشعور بالنقص إزاء شعوب ذات باع طويل في الحضارة والرقي الفكري والعلمي والسياسي. النزعة الاستعمارية والعل التركي عقل استعماري يريد بسط نفوذه خارج أراضيه ، فقد قاد أردوغان جيوشه خارج حدود بلاده، للقيام بعمليات من شأنها بسط النفوذ التركى، واتخذت طابعا مذهبيًا فى بعض الأحيان، ففى العراق نشر قواته فى الشمال رغم رفض الحكومة العراقية، وفى سوريا خرجت جيوش أردوغان على حدود التماس معها، من أجل تحقيق أحلام النظام فى التخلص من الأكراد، وفى صيف عام 2016، أطلق عمليات "درع الفرات" العسكرية فى مدينة جرابلس شمال سوريا، لإيهام العالم، بأن الدولة التركية تطهر تلك المناطق من تنظيم داعش الإرهابي، وجدد مواجهته مع أكراد سوريا، خلال عملية عسكرية جديدة برية وجوية فى سوريا شنها فى 20 يناير 2018، تحت مسمى "غصن الزيتون"، كما شن عدوان على الأراضي السورية فى أكتوبر 2019، من أجل القيام بتطهير عرقي للأكراد، وهكذا قضى أردوغان على إرث أتاتورك، وكشف الوجه التركى القبيح لإعادة أملاك الدولة العثمانية، وفرض الوصاية على الأراضي التى فقدتها الدولة العثمانية فى نهاية الحرب العالمية الأولى. الفكر الانقلابي يميل العقل التركي إلي الفكر الانقلابي مما ينعكس علي الأداء السياسي، فقد شهدت الحياة السياسية في تركيا ثلاثة انقلابات عسكرية تلت كل منه عمليات قمع قاسية (1960 و1971 و 1980). وأجبر الجيش التركي الذي يعتبر نفسه ضامنًا للعلمانية، على الاستقالة رئيس الوزراء الإسلامي نجم الدين أربكان راعي أردوغان الذي أحكم قبضته على الجيش فور توليه السلطة. وفي 15 تموز/يوليو 2016، أفلت رجب طيب أردوغان من محاولة انقلاب أسفرت عن مقتل 250 شخصا وجرح 1500 آخرين. وقد قادها عسكريون لكن أردوغان اتهم الداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة بتدبيرها، وشن حملة تطهير غير مسبوقة اعتقل خلالها عشرات الآلاف من الجنود والقضاة والمثقفين والصحافيين والمعارضين الأكراد. وفي 2017 انتقلت تركيا ذات الغالبية السنية والتي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة من نظام برلماني إلى نظام رئاسي وسّع صلاحيات رئيس الدولة بشكل كبير. عقل براجماتي ومن سلبيات العقل السياسي التركي؛ أنه عقل مادي مقياسه الأول دائمًا هو مقياس الربح والخسارة المادية، ويحب أن يكسب دون أن يدفع شيئاً، ويعتقد أنه بدماثة خلقه الظاهرية؛ يستطيع كسب قلوب الناس؛ فيضيع الكثير من الحلفاء. وهناك مثل تركي يترجم مادية العقل التركي وبخله؛ يقول المثل متحدثاً عن الأتراك: إن التركي في جيبه عقربة؛ فيخشى أن يمد يده في جيبه فتلدغه العقربة! للدلالة على بخله. ونتيجة البراغماتية التركية المصلحية المفرطة عند الطبقة السياسية التركية الاستعداد لتغيير التحالفات والاتفاقات والانقلاب عليها؛ إنْ وجدوا مصلحة ولو صغيرة في ذلك. وهذا ما حصل مع السوريين اللاجئين إليها؛ فقد تخلوا في يوم وليلة عن مفهوم المهاجرين والأنصار مع السوريين؛ الذي كان يصدح به أردوغان في خطبه. وكثيرا ما كان يقوم أردوغان باستخدام ملف اللاجئين كأداة ضغط للحصول علي الدعم ماديا وعسكريا بما يمكنه من تحقيق مخططاته في المنطقة ،وحينما تراجع هذا الدعم قام بفتح الحدود مهددًا أوربا بوصول ملايين المهاجرين إليها مخلًا باتفاقه مع الاتحاد الأوربي عام 2016 الأهم في ذلك؛ ويوضح البراغماتية في الإستراتيجية التركية، أنّ السلطة التركية الحاكمة؛ قامت بإلغاء أحد أهم شعارات حزب العدالة والتنمية الحاكم والقائل بأن تركيا تمثل الأخ الأكبر لشعوب العالم الإسلامي؛ وأنهم الجهة المدافعة عن حق الشعوب المسلمة في التحرر من الاستبداد، كما قاموا بالتخلي نهائياً عن الحركات الإسلامية؛ ودعم الإسلام السياسي؛ رغم أنهم كانوا الحاضن لهم. ولذلك نجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستخدم كثيراً ذريعة ومصطلح “التركوفوبيا” في الفترة الأخيرة، وأن “أوروبا غارقة كثيراً في مخاوفها، و“التركوفوبيا” تتزايد ومعها الإسلاموفوبيا. والمثير في أن مصطلح التركوفوبيا يذكّر للوهلة الأولى بالإسلاموفوبيا، بل يصر ناحتوه على دمج المصطلحين معاً، مثلما فعل أردوغان، ولعل وراء مزاحمة “التركوفوبيا” للإسلاموفوبيا في الاستعمال وفي التوظيف، عقل ماكر يدركُ أن للخلط بينهما محاصيل وافرة. هذه السياسة قامت على فرضية؛ أدت إلى متغيرات في السياسة التركية؛ إذ يعتقد الساسة الأتراك بأن روسيا ستحسم الأمر في أوكرانيا هذه عاجلاً أم آجلاً، وبالتالي فإن الدولار لن يكون العملة العالمية مستقبلاً. وبذلك باتت السياسة التركية متخلية عن كثير من الأطروحات السابقة التي كان يتبناها حزب العدالة والتنمية الحاكم، ولم تعد من أولوياته الرابطة الروحية الجامعة بينهم وبين المسلمين، بل الهم الأكبر لهم الآن، وملهم كل التصرفات السياسية هو كيفية الفوز بالانتخابات. عدم الثقة بالآخرين لا يثق بالآخرين، ودائمُ التوجس منهم؛ حتى ولو كانوا حلفاءه، ويحرص على مباشرة جميع الأعمال المتعلقة فيه بيديه، ولا يشرك بها أقرب المقربين إليه من حلفائه ومحبيه. وتتأكد رغبة إمبراطور تركيا الجديد فى الاستمرار هو وحزبه فى الحكم إصراره على النظام المعروف بالعتبة البرلمانية التى تفرض على أى حزب لدخول البرلمان الحصول على عشرة فى المائة من مجموعة أصوات الناخبين المقيدين جميعاً ،وليس مجرد أصوات الذين شاركوا فى العملية الانتخابية ،وهذا بطبيعة الأحوال يؤدى إلى حرمان معظم الأحزاب التركية إن لم يكن كلها من دخول البرلمان ليبقى حزب الحرية والعدالة وحده هو المسيطر على البرلمان ،وتتأكد إمبراطورية رجب طيب أردوغان. ليس هذا كله فحسب وإنما رغبة أردوغان الذى يقف فى مواجهة تيار التاريخ العالمي الذى يتجه نحو الديمقراطية وثورة المعلومات امتدت رغبته إلى تحطيم القضاء بحسبان أن القضاء يحدّ من سلطات السيد الإمبراطور. فى عام 2008 رفعت قضية ضد حزب الحرية والعدالة على اعتبار أن توجه الحزب تحت رئاسة أردوغان بدأ يأخذ اتجاهًا لا علمانيًا وأنه بدأ يأخذ اتجاها يقترب من الإسلام السياسى وأوشكت المحكمة العليا فى تركيا أن تحكم بوضع نهاية لحزب الحرية والعدالة ،ولكن رئيس المحكمة العليا آنذاك – هاشك كيليش – استطاع أن يناور، وأن يكسب بعض أعضاء المحكمة واستعمل حقه فى أن يكون صوته مرجحًا لكى يحول دون الحزب وهذه الضربة القاضية. وكان معروفًا أن هناك صداقة قوية بين أردوغان ورئيس المحكمة العليا ،وشاع فى الأوساط التركية أن الحكم كان سياسيًا أكثر من اعتماده على الاعتبارات القانونية البحتة. وأخيراً والإمبراطور الجديد يحاول أن يفرّغ تركيا من كل صوت قوى أو معارض ،فإنه بدأ فى تخوين كل من يخالفه الرأي باعتبار أنه وحده الذى يملك الحقيقة. وأخيراً فإن أردوغان نسى موقف «هاشم كيليش» رئيس المحكمة العليا فى عام 2008، واتهمه أخيراً بأنه انقلابي ويسعى لإسقاط حكومة أردوغان،، وذلك فى أعقاب رفض المحكمة العليا القوانين التى فرضت منع ما يعرف فى هذه الأيام باسم تويتر ويوتيوب ؛أي وسائل الاتصال الإلكتروني التى تربط الناس ببعضها فى كل أنحاء العالم الآن. لأن المحكمة العليا برئاسة الصديق القديم – هاشم كيليش – حكمت بعدم دستورية هذه القوانين، كما أنها وهذا هو الأخطر بالنسبة لأردوغان أصبح اتجاهها واضحًا نحو إلغاء نظام «العتبة البرلمانية» الذى يحمى حزب أردوغان من أي معارضة حقيقية فى البرلمان. وهكذا يريد أردوغان أن يجمع كل السلطات فى يده ،وأن يعيد الإمبراطورية العثمانية ويتربع هو على عرشها. عقدة النقص أولاً: إذا تحدَّثنا عن العُنصرية في دول الشرق فسنجد أن الأتراك هم أوضح نموذج لذلك؛ فقد أقاموا تاريخهم كله على التعصب والتشدد والإحساس الذاتي بالتميز دون مبرر، وكانت الحامية التركية في كل ولاية تتصور أنها الوصية على البشر والثروة، بل وحامية حمى الدين والمُدافعة عن الخلافة الإسلامية. ولقد اتسم الوجود التركي دائماً بالغطرسة والدموية التي لا تتوقف، ولم يؤمنوا أبداً بمفهوم الدولة الوطنية، بل ظلوا دائماً متحمسين لتفكيك الولايات إلى لواءات وأقضية حتى يتيسر لهم أمر السيطرة عليها، وإذلال سكانها. من هنا فإن قرون الوجود العثماني في المنطقة العربية - على سبيل المثال - هي قرون الظلم والظلام والتخلف والتراجع عن روح العصور الحديثة التي مرَّت بها دول أخرى. ثانياً: إن الذي يتابع المسلسلات التركية الأخيرة سيكتشف الرسالة الحقيقية منها هي محاولة صنع تاريخ تركي لا وجود له، بل هو وجود الأقوام التي خضعت لسيطرة العثمانيين والظروف الصعبة التي مرَّت بها شعوبها والتعامل الدَّامي من جانب الأتراك معهم، وهم يتنصَّلون اليوم من ذلك التاريخ المُلطخ بالدماء، ويتبرءون مما يرون فيه كشفاً لجرائمهم، أو ترويعاً للشعوب تحت راياتهم، ويكفي أن نقدم نموذجًا واحدًا، ونعني به مذابح الأرمن في مطلع القرن الماضي، عندما أباد الأتراك ملايين من أبناء تلك القومية الصغيرة مسيحية الديانة في تعصب واضح وإجرام لا يخفى على أحد! فإذا كان هناك الهولوكوست الألماني ضد اليهود فقد كان ما جرى هو الهولوكوست التركي ضد الأرمن، ولقد أدانت دول كثيرة تلك المذبحة، واعترفت بها، وكان في طليعة الدول الأوروبية التي بادرت إلى ذلك الجمهورية الفرنسية، بل إن دولًا عربية قد شاركت في الاعتراف بالمذابح وإدانتها؛ فلقد اتخذ البرلمان الأردني في فبراير (شباط) 2020 قرار الاعتراف والإدانة ضد الأتراك، فالسجل التركي حافل بالخطايا والمظالم في كل اتجاه. ثالثاً: إن الشعب التركي خليط من الشعوب المُجاورة، ولا يوجد جنس نقي؛ فهم مزيج من الأكراد والفرس وشعوب القوقاز وممالك وسط آسيا، إضافة إلى دول البلقان؛ لذلك فإن الثقافة التركية مُحصِّلة مُتداخلة من نتاج شعوب مختلفة، ولو نظرنا إلى مدينة عربية مرموقة مثل حلب السورية سندرك أن المقامات التركية في الغناء قد أخذت جزءاً كبيراً منها من أواسط آسيا مُمتزجة بشرق أوروبا مُطعمة بالروح العربية القادمة من الموصل العراقية إلى حلب السورية، فلقد استفاد الأتراك كثيراً من التعددية والتنوع في الولايات العثمانية، فأقاموا دعائم العمارة من القصور الفخمة والمساجد الرائعة على حساب أرباب الحرف في الولايات الإسلامية. وهنا نتذكر أن سليم الأول عندما غزا مصر، فإنه أخذ ما يقرب من ألف صانع ماهر وحرفي متميز وأرسلهم إلى عاصمة العثمانيين ،فكان لهم فضل الإعمار والتشييد ونشر الذوق المصري الأصيل في ربوع الدولة التركية، فالثقافة التركية في مجملها حصيلة امتصاص واستحواذ من جانب الأتراك الذين أخذوا بالقوة ما لا يستحقون. جمال حمدان وصف في كتاباته الأتراك بأنهم "رعاع الإستبس، وجماعات بربرية بلا تاريخ أو حضارة، فهم بربر وهمج يحاربون بعضهم من أجل الكلأ والمراعي والسبايا"، وشهد العام 1402 معركة بين الجيوش التركية المتصارعة لنهب الثروات وانتهت بانتصار تيمور لنك ووقوع بايزيد الأول وزوجته دسبينا خاتون في الأسر. أكد في كتابه "استراتيجية الاستعمار والتحرير" أن الأتراك "بنوا ملكهم فوق جثث الآلاف من العرب والمسلمين الأبرياء، السلاجقة كانوا وبالًا على الدولة العباسية وسبب ضعفها وسقوطها، ثم تحالف تيمور لنك مع الصليبيين ضد فارس والعراق وسورية، لكن الظاهر برقوق قاد جيوش مصر لإيقاف التقدم التركي في البلاد العربية". عقل تآمري و العقل السياسي التركي عقل يميل إلي المؤامرات ضد البلاد المجاورة ، ويظهر من خلال تحالف مخابراتى تركى ــ إسرائيلى، تمتد خيوطه إلى المخابرات المركزية، وفى إطار هذه الحلقة توجد الحلقة الإخوانية التى ربطت الإخوان رسميًا بالمخابرات المركزية عام 1953، وبرعاية جون فوستر دالاس وزير الخارجية فى إدارة إيزنهاور؛ أى أن هناك خيوطا تربط الأطراف الأربعة، مع ما هو ظاهر أحيانا من وجود تنافر بينها. ويقول الكاتب الإسرائيلى، والضابط السابق فى الموساد، يوسى ألفر" إن العلاقة التركية ــ الإسرائيلية، شملت دور تركيا بالتجسس على دول عربية، ونقل معلوماتها إلى إسرائيل". أيضا مايكل إيزنستات مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى كتب: "إن إسرائيل وتركيا كانتا تتشاركان فى معلومات مخابراتية، جرى التوسع فيها فى عهد أردوغان. وإن معلومات هذه العلاقة كانت تصل إلى المخابرات المركزية الأمريكية". عقل مخادع علاقة العثمانيين بالقضية الفلسطينية، وهى واحدة من أكثر القضايا التي تم استغلالها لدغدغة مشاعر ملايين المواطنين العرب، من خلال اتخاذ مواقف تركية حماسية ضد إسرائيل في العلن، في مقابل سياسات وتفاهمات تركية- إسرائيلية، دفعت بالعلاقات الثنائية إلى مرتبة العلاقات الاستراتيجية، وأصبحت بموجبها أنقرة، وفى ظل حكم حزب العدالة والتنمية هي الشريك الأكبر تجاريًا وعسكريًا لتل أبيب. فموقف أردوغان وإصراره على تعزيز التعاون مع إسرائيل، ليس سوى امتداد لتاريخ طويل من العلاقات الحميمة بين الأتراك والإسرائيليين، فقد كانت تركيا ثانى دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بالدولة الصهيونية، وذلك عام ١٩٤٩، إضافة إلى انحياز تركيا للعلاقات مع إسرائيل على حساب العلاقات العربية. عقل كتوم والعقل السياسي التركي هو عقل كتوم؛ لا يُطلْع حلفاءه على ما يفكر فيه؛ ولا يشاورهم في قراراته؛ وتلك المسألة تجعل بينه وبينهم مسافة غير مريحة، كما أنه لا يعطيهم أي معلومة ذات قيمة؛ يمكن أن يُبنى عليها قرار سليم ذو مصداقية، ولا يجد مشكلة في مفاجأتهم بقراراته. وهذا واضح في تعامله مع المعارضة السورية التي تنام في كنفه، وهذا الأمر يكاد يكون عاماً في العقل التركي؛ حتى داخل بنيتها السياسية والسلطوية؛ ولقد أكد ذلك؛ واشتكى منه معظم كوادر الصف الأول في الدولة التركية والحزب؛ فهم لا يعرفون شيئاً مما يدور في القصر الجمهوري في أنقرة. عقل عنصري الأتراك هم أوضح نموذج للعنصرية؛ فقد أقاموا تاريخهم كله على التعصب والتشدد والإحساس الذاتي بالتميز دون مبرر، وكانت الحامية التركية في كل ولاية تتصور أنها الوصية على البشر والثروة، بل وحامية حمى الدين والمُدافعة عن الخلافة الإسلامية. ولقد اتسم الوجود التركي دائماً بالغطرسة والدموية التي لا تتوقف، ولم يؤمنوا أبداً بمفهوم الدولة الوطنية، بل ظلوا دائماً متحمسين لتفكيك الولايات إلى لواءات وأقضية حتى يتيسر لهم أمر السيطرة عليها، وإذلال سكانها. من هنا فإن قرون الوجود العثماني في المنطقة العربية - على سبيل المثال - هي قرون الظلم والظلام والتخلف والتراجع عن روح العصور الحديثة التي مرَّت بها دول أخرى. كاره للعرب مشكلة العقل السياسي التركي أنه في العموم لا يحب العرب! رغم حاجته لهم اليوم أكثر من أي وقت مضى في مواجهة الغرب، فمن الممكن أن يمنحوه قوة مضافة، لكنه ما يزال يحمل في داخله الغضب منهم، وينظر إليهم باعتبارهم خونة؛ خانوا الإمبراطورية العثمانية؛ وتحالفوا مع الغرب؛ إذ يعتبر حركات التحرر العربية والاستقلال من الهيمنة العثمانية؛ خيانة وغدر بتركيا، ولهذا لم ينسَ أبداً الثورة العربية الكبرى، ولكنه يتناسى سلوك حركة الاتحاد والترقي التي استحوذت على السلطة آخر أيام الدولة العثمانية؛ ويتجاهل سياسية التتريك البائسة التي أذلت العرب؛ وجعلتهم يكفرون بالعثمانية. فدفعتهم المتغيرات الدولية، وولادة الدولة الوطنية الحديثة للانتفاضة على القهر العثماني؛ الذي كان استعمارًا استغل الدين لتحقيق مصالحه. لقد نجح الساسة الأتراك في رسم صورة نمطية حول كل ما هو عربي، حتى أصبح المواطن التركي العادي يرى في العربي رمزًا لعدم النظافة، والكسل، وقلة الذكاء، ولتعدد الزوجات، وسوء معاملة الآخر، وبالتالي خلق حالة من الرفض العِرقي للعنصر العربي داخل تركيا، وهو ما يُفسِّر التعامل الاستعلائي للأتراك تجاه السياح العرب. انطلاقًا مما سبق يتبيَّن أن المنطقة العربية ابتُلِيَت بما يمكن أن نطلق عليه “لعنة الجغرافيا”، وهي اللعنة التي زاد من تأثيرها غياب توجُّه عربي وَحْدَوِي بالنظر إلى أن الدول العربية ليست جميعها على قلب رجل واحد، بل تجد ولاء بعض المكونات العربية للأتراك أو الفرس أكثر من ولائها لوطنها، وهو ما جعلها تتحوَّل إلى طابور خامس ينخر الجسد العربي الجريح. عقل بلا هوية واضحة تصدر تركيا صورة ادعائية بامتلاكها هوية متعددة -مسلمة وعثمانية وتركية وأوروبية و أوروآسيوية- وهذا التوسيع المراوغ لحدود الهوية هو أداة من أدوات تحقيق الهدف التركي ببناء قوة إقليمية عالمية التوجه، لأنه يوسع مجال مناورتها وآفاق عملها ويبرر نشاطها الدبلوماسي في فضاءات عدة. ورغم الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها هذه الأداة التكتيكية كونها يمكن أن تساهم في وضع التصورات والرؤى الفكرية موضع التطبيق إلا أنها تحمل في طياتها ازدواجية فكرية وعملية، حيث نجد الدولة الناهضة تسعى جاهدة إلى الانضمام إلى عالم الكبار في حين لا يسمح لها هذا العالم باختراقه. إذ يعج بحسابات أخرى قد تدفعهم لبناء حصن منيع يقف أمام من يحاول اختراقه، لتقع هذه القوى الناهضة بين شقي رحى، فرفض الكبار يولد لديها شعورا بالإذلال والإحباط حيث تقف في منتصف الطريق لا تستطيع الانضمام إلى عالم الكبار لكنها في نفس الوقت تأبى أن تنضم إلى قائمة الدول الأصغر، ويدفعها هذا الشعور إلى اتباع سياسة ازدواجية متناقضة على مستوى الفكر والحركة، فنجدها تعارض الغرب وتتبع لهجة معادية له، في نفس الوقت تسعى جاهدة للالتحاق به . يعيش في الماضي العقلية السياسية التركية تتسم بالجمود السياسي ولا تتفهم المتغيرات الدولية ،وتعيش في الماضي ، فنجد أردوغان يسعى إلى استعادة دور «الباب العالى» الذي كان يحج إليه الولاة بحثًا عن رضا خليفة المسلمين، ويجزلون له العطاء.. أردوغان يبحث اليوم عن عطايا بلاد الإسلام في شمال العراق، وشمال سوريا، والآن في ليبيا. ولكن مشروعه يصطدم بمصر التي وقفت في حنجرته لأنها عصية على البلع أو الهضم، فراح يترصد مشروع إعادة بناء مصر القوية العفية، لأنه يصطدم مباشرة بمشروعه التوسعي على حساب دول المنطقة. التحديات أمام العقل التركي السياسي أولا: مصر كانت مصر هدفًا دائما لتآمر الأتراك، ومحاولة القضاء على الدور المصري في المنطقة، أو على الأقل تهميشه، وذلك من خلال التآمر بصور مختلفة على مصر وطمس شخصيتها القومية ،ولما كانت مصر من قبل 2010 و2012، بابا مغلقًا أمام طموحات أردوغان، باعتبارها قوة إقليمية لها وزنها فى منطقة الشرق الأوسط، فإنه شعر بأن هذا الباب قد فتح أمامه عام 2012، لكن أعيد إغلاقه بقوة عام 2013 ،فأصابته صدمة نفسية، اهتز لها عقله، الذى كان قد سرح خارج حدود العقل والمنطق والتاريخ، فتفجرت فيه كل مشاعر الكراهية لمصر ونظامها الجديد. وبين المشروع المصرى الذي تجسده ثورة ٣٠ يونيو، وكيف أن كلا منهما ينظر للمنطقة وللثوابت السياسية الأساسية نظرة مختلفة تماما، وأن تركيا تتعجل الصدام مع مصر، لأنها تدرك أن استعادة مصر لدورها الإقليمى بقوة، تمثل العقبة الرئيسية أمام تنفيذ مشروع العثمانية الجديدة. وهناك الكثير من الحقائق التي تمثل إضاءة مهمة لمجريات الأحداث المعاصرة، وبخاصة ما يتعلق بالدور التركى في التآمر على مصر في قضية مياه النيل منذ عام ١٩٥٨ والدور التركى في مساندة رفض تمويل إنشاء السد العالى، مرورًا بالتآمر مع إثيوبيا آنذاك لحرمان مصر من مياه النيل، وصولًا إلى التعاون التركى الحالى مع أديس أبابا لإنشاء سد النهضة، وتعطيش مصر، تمامًا كما فعلت في مشروعات السدود على نهرى دجلة والفرات للتحكم في حياة سوريا والعراق. وتبدو مواقف أردوغان الرخيصة من مصر ورئيسها، خاصة بعد ثورة 30 يونيو التى أطاحت بحكم الإخوان وبالإسلام السياسى الذى يتعارض مع صحيح الدين، وكذلك احتضانه للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابين. وأخذت وتيرة التنسيق بين أردوغان والإخوان تتصاعد، بتنظيمه مؤتمرات فى إسطنبول لقيادات إخوانية من خارج تركيا. أبرزها المؤتمر الذى عُقد عام 2006 فى إسطنبول وحضرته مجموعة كبيرة من قيادات الإخوان منهم يوسف القرضاوى، وتتابعت المؤتمرات واللقاءات، ووضع برامج التعاون والتنسيق بينهما من ناحية، وبين المخابرات المركزية الأمريكية من ناحية أخرى، للبدء فى عام 2010 للترتيب لمشروع تمكين الإخوان من حكم مصر. هذه الترتيبات بدأت عقب المذكرة السرية التى قدمتها مجموعة مختارة من مجلس الأمن القومى الأمريكي، إلى أوباما فى أغسطس 2010، و التى توقعت حدوث ثورة أو انتفاضة شعبية فى مصر، وعلى الفور اتخذ أوباما قرارا باستباق الثورة أو الانتفاضة لاختطاقها، وتسليمها للإخوان، وهو ما كشفته فى الأشهر الأولى من عام 2011، صحف نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ومجلة نيويورك المعروفة بنفاذها إلى ما وراء الكواليس للكشف عن أسرار مخفية. ويطمح أردوغان إلي استعادة مجد الإمبراطورية العثمانية تبدأ من مصر وفى حالة وصول الإخوان إلى الحكم تجسدت فى عقل أردوغان أحلامه العثمانية. فالمؤرخ التركى سوبر كاجابتاى يغوص فى عمق هذه اللحظة، وما تلاها، فى أكثر من كتاب منها «السلطان الجديد» «وإمبراطورية أردوغان» وغيرهما، ودراسة بعنوان «فشل أردوغان على النيل»، يعرض فيها سقوط طموحاته فى بسط نفوذه السياسى على منطقة الشرق الأوسط، تحت المسمى الذى يفضله وهو العثمانية الجديدة. والبروفيسور كاجابتاى هو مدير برنامج الدراسات التركية فى مركز واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وفى مؤلفاته يقول: "إن لحظة وصول الإخوان إلى حكم مصر عام 2012، جعلت أردوغان يقتنع تماما بأن هذه الأحداث قد غيرت العالم العربى بأكمله، وحولته إلى نظام جديد". فبعد فوز الإخوان، أصبح أردوغان صاحب نفوذ كبير فى مصر، جعل تفكيره الذى كان خارج العصر والعقل، يتصور إمكان إعادة الاستعمار العثماني. حتى إنه قال صراحة فى تصريح له: "إن تركيا الحديثة، هى استمرار للإمبراطورية العثمانية". قبل ذلك ببضع سنين، كان أردوغان قد سعى منذ عام 2003، لكى يجعل من تركيا القوة الكبرى الوحيدة فى الشرق الأوسط. و يشرح هذه الفكرة فى عقل أردوغان الكاتب التركى بورال بيكديل، ، ويقول فى دراسة نشرها مركز السياسات الدولية بمعهد جيتسون: "بادرت تركيا عقب أحداث الربيع العربى بوضع خطة تمكنها من دمج دول المنطقة فى إمبراطورية عثمانية جديدة، وفى الوقت نفسه تساعد الإخوان على الوصول للحكم فى هذه الدول، بدءا من تونس وليبيا، وأن تنشأ فيها حكومات تابعة". ويتابع بيكديل طرح معلوماته بقوله: "وبينما كانت تعلو أحلام أردوغان، فقد كان يقترب موعد مظاهرات المصريين فى 30 يونيو 2013، وفى الحال أرسل أردوغان رئيس مخابراته هاكمان فيدان إلى القاهرة، فى مهمة لتحذير محمد مرسى من تحرك وشيك فى مصر لإنهاء حكم الإخوان، ولكى يجرى فيدان مناقشات مع قيادات الإخوان لتجنب حدوث ذلك. لكن خطة أردوغان أحبطت أمام خروج ملايين المصريين إلى الشوارع رفضا لحكم الإخوان". ولم يكن تحالف أردوغان والإخوان مقصورًا على دورهم فى مصر، بل للتمكين لهم فى بقية الدول العربية، التى يعتقد أردوغان أنها كانت خاضعة للإمبراطورية العثمانية السابقة.. ثانيًا: المسألة الكردية تعد القضية الكردية المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار السياسي في تركيا ،وتشكل تحديًا للنظام الجمهوري للدولة منذ تأسيسها عام 1923؛إذ تؤثر علي المستويين الداخلي والخارجي. فقد سعت النخب السياسية إلي تبني مشروع بناء الدولة إلا أن القضية الكردية شكلت تهديدا للأمن القومي .وضمن هذا الإطار بدأت تركيا في صياغة موقفها كون تلك القضية كانت عقبة أمام عملية تجانس المفهوم الجديد للأمة التركية التي تنتمي إلي رؤية معينة تعتمد علي التكيف الاجتماعي والثقافي وليس العرقي. ويمكن إرجاع أصول الصراع التركي- الكردي إلي تجزئة الأكراد إلي عدة دول بعد تفكيك الإمبراطورية العثمانية. فقد وضعت معاهدة لوزان حدودًا جديدة بين دول الشرق الأوسط مما دفع الأكراد للتواجد في دول تركيا وسورية والعراق وإيران، فكان الصراع فوضوي ومعقد وغير مستقر، وقد تم استخدام عدة وسائل . فسياسة التميز العرقي بين الأتراك والأكراد وإطلاق تسمية "أكراد الجبل" من قبل السياسيين الأتراك أدي إلي حرمانهم من هوياتهم الدينية واللغوية. فقد درجت الأحزاب السياسية التي تسلمت مقاليد السلطة لعقود طويلة بإعطاء الأكراد الوعود من أجل أن تحظي بأصواتهم في حملاتها الانتخابية في إيجاد مخرج المشكلة الكردية، بل علي العكس تأزم الوضع يومًا بعد آخر مما جعل تركيا تنوء من ثقل الخسائر الباهظة في المال والأرواح وجعل الأتراك يشعرون بالعجز و الإذلال لفشلهم في إلحاق الهزيمة بمجموعة من المقاتلين المنتشرين في الجبال. وعلي الرغم من اعتراف غالبية الأحزاب التركية بوجود مشكلة لا بد من حلها إلا أن الاختلاف بينها حول تسميتها ،هل هي مشكلة كردية ؟..أم مشكلة جنوب شرق تركيا؟ ..فإذا ما كانت كردية معناها هناك اعتراف بالهوية الكردية، أما إذا سميت مشكلة جنوب الشرق التركي ؛يعني عدم الاعتراف بالهوية الكردية. وعلي الرغم من اعتراف الجميع أن هناك مشكلة بالفعل إلا أنهم عجزوا عن حلها، لذلك تم قمع أي تعبير من جانب الأكراد بقسوة. وتأسيسًا علي ذلك تعامل المسؤولون الأتراك مع تلك المشكلة وفق ما جاء في الدساتير التركية السابقة، وآخرها دستور عام 1982 الذي نص علي عدم وجود تفرقة بين المواطنين علي أساس الانتماء العرقي. فالمشكلة من وجهة نظرهم مشكلة إرهاب يُمارس من قبل حزب العمال الكردستاني علي حد قول "ديميريل" الذي صرح به في 14 أبريل 1997. ونتيجة لذلك ظل المشهد السياسي مستقطبًا والحياة الاجتماعية معرقلة مما ولَّد فراغا أدي إلي تبني أيديولوجيات مختلفة أثرت سلبًا علي قدرة الساسة المعاصرين علي الاستجابة للتحديات الراهنة التي تشكلها الأنشطة الكردية إلا من استخدام القوة واتباع النهج العسكري الذي لن يوفر حلولًا طويلة الأجل أو إيجاد حلًا للتعددية الثقافية في المجموعات العرقية المختلفة لجمعها بقومية واحدة. وعادت القضیة الكردیة بعد قیام الثورة في سوریا عام 2011 للبروز من جدید كإحدى المحددات السلبیة المؤثرة في العلاقة بین تركیا و سوریا، واتخذت العلاقات البینیة للدول أحیانا طابعًا تعاونیًا وفي أحیان أخرى طابعا تساومیًا بشأن القضیة الكردیة إلا أن النزاع كان السمة الغالبة التي یتخذها شكل العلاقات فیما بینها، كذلك أدى موقف تركیا من النظام السوري والمخالف لموقف إیران من تحریك هذه الأخیرة الورقة الكردیة لزعزعة استقرار تركیا ،وذلك بدعم عناصر حزب العمال الكردستاني التركي، وبالتالي فإن القضیة الكردیة كانت مصدر تهدید على مستوى الاستقرار الداخلي للدول من جهة وعلى مستوى العلاقات فیما بینها من جهة أخرى . ثالثًا: التحدي الأمني أصبحت سياسة تركيا الخارجية أسيرة القلق الأمني في الداخل الناجم من التحديات الكردية للسياسة الكمالية إلي إيجاد الانسجام الداخلي وسعي المؤسسة العسكرية التركية البيروقراطية أن مصادر مشكلات تركيا تقع خارج الحدود؛ فإنها تسعي لتأمين الحلول عبر تحالفها العسكري مع إسرائيل ..وفي حين أن العلاقات التركية –الإسرائيلية قد تبرهن أنها مفيدة فيما يتعلق بالتعاون العسكري ونقل التكنولوجيا، فإنها لا تسعي بالتأكيد أن تحل مشكلات البلد الداخلية الملحة، لأنها ستمثل عنصر تغاضب إضافي حتي لو أرادت أن تكون لها علاقة بالمشكلة الكردية التي لا تستطيع أن تساهم في حلها . كما أن القضية الكردية ترتبط بالكثير من القضايا المتعلقة بوضع تركيا الجيوسياسي في إقليم الشرق الأوسط ،فهي مرتبطة بالعلاقات مع العراق وكذلك بمسار العلاقات التركية الإسرائيلية، وتكفي الإشارة إلي أن جهاز الموساد الإسرائيلي كان وراء إلقاء المخابرات التركية القبض علي القائد عبد الله أوجلان المحبوس في جزيرة إيمرالي في نهاية التسعينيات من القرن الماضي رابعًا: الانضمام للاتحاد الأوربي تقدمت تركيا بطلب لعضوية الجمعية الأوروبية عام 1959 م وقبلت فيها عام 1963 م بتوقيع اتفاقية أنقرة، ثم تقدمت بطلب لعضوية الاتحاد عام 1987 م ،فقبلها الأخير مرشحة عام 1999 م، غير أن مفاوضات العضوية الكاملة لم تبدأ إلا عام 2005 م في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية الأولى، ولكن دون تحديد سقف زمني لها. واليوم، وبعد كل هذه العقود من تقديم الطلب وأكثر من 15 سنة من بدء المفاوضات، ما زال أمام تركيا شوط كبير لتقطعه في مسيرة عضويتها المأمولة، فهناك 14 فصلًا فقط من أصل 35 فصلا قد فتحت للتفاوض، بينما تعلق دول مثل فرنسا وألمانيا وقبرص )اليونانية ( ثمانية فصول أخرى وتمنع فتحها. فبعد هذه الفترة التاريخية الطويلة ما بين طلب الانضمام والمفاوضات ذات الطبيعة المعقدة بالصعوبات لم يتحقق خلالها طلب تركيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي على الرغم من المساعي والاصلاحات. فتركيا تريد أن تستثمر من انضمامها من دعم الاتحاد الأوروبي الذي يقوم بتقديم الدعم إلى الدول الراغبة فى الحصول على عضويته من أجل تأهيلها للعضوية ،كما يقدم المساعدات المالية لمكافحة الإرهاب وصور الفساد فى الدول التي تسعى لنيل العضوية ، علاوة علي حرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز وتفعيل سياسته الخارجية والأمنية لدعم الاستقرار في الدول الأوروبية وتأكيد سيادة القانون في ربوع القارة. وعلي الرغم من أن الاتحاد الأوروبي رغم اهتمامه بقضية توسيع العضوية فيه وترحيبه بمزيد من الدول الأعضاء رغبة منه في تقوية التجربة الوحدوية وتغذيتها بالكثير من مصادر القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية إلا أن الشروط والمعايير الواجب توافرها في الدول الراغبة الانضمام ليست محلًا لجدل أو نقاش، فعلى الدول استيفائها، فاهتمام الاتحاد الأوروبي الواضح بالديمقراطية ونظم الحكم الرشيد وعدم تقبله لأي دولة غير ديمقراطية تتبع أساليب قمعية أو تعسفية في الإدارة والحكم. وفي النهاية ،فإن المساعي التركية للانضمام للاتحاد الأوروبي وصلت إلى طريق مسدود في ظل إخفاقات شديدة على صعيد الديمقراطية، كما أن محاولة الانقلاب التي جرت في تركيا في يوليو عام 2016 ، كانت أحد الأسباب الرئيسية لتعليق مفاوضا ت الاتحاد الأوروبي معها فى نوفمبر 2016 ؛ بسبب التدابير القمعية التي مارستها الحكومة التركية بعد الانقلا ب المذكور، أضف أن انضمام تركيا يتوقف على الإصلاحات السياسية الداخلية وتسوية النزاعات الإقليمية، وإيجاد حل جذري للقضايا المتعلقة بالأكراد وغاز المتوسط وقبرص وغيرها من القضايا، والتي تحول بينها وبين الانضمام للاتحاد. رابعًا الهوية التركية تواجه تركيا تحديًا كبيرًا حول تأكيد الهوية التركية ،وهناك علاقة قوية بين الصراع الداخلي حول الهوية في تركيا وبين توجهات سياستها الخارجية، ومن خلال ذلك يمكن قراءة مستقبل السياسة الخارجية التركية . ويرجع توقف محاولة تطوير هوية قومية جديدة تشمل الإسلام مع التفوق عليه، إلى قرار أردوغان بالعودة إلى دائرة ناخبيه الإسلاميين الضيقة، وسواء شاء أردوغان أم أبى، أصبح الشعب التركي مُغربا إلى حد كبير، ولا يملك أي رغبة في إعادة تنظيم مظاهر حياته الأساسية وفقًا للإسلام، ولكن في الوقت ذاته، لا تلقى محاولات محو الإسلام من الحياة التركية تماما سوى الفشل. تأسيسا على ما تقدم, يمكن القول إن الأنموذج السياسي ذا الجذور الاسلامية الممثل ب "حزب العدالة والتنمية" التركي الحاكم ينتهج مسلكا برغماتيًا في الحقل الهوياتي: توفيقيًا في الداخل, ويسعى الى توظيف البعد الهوياتي العابر للحدود في الخارج ،منطلقًا من المرجعية الاسلامية والإرث الإمبراطوري لتركيا المعاصرة متخذًا في الغالب لاسيما في سنواته المبكرة القوة الناعمة سبيلا الى ذلك، مفارقاً النهج الهوياتي الجهادي العابر للحدود والذي ينتهج على الدوام سبيل العنف تنفيذا لأجندته, غير أن السنوات الأخيرة شهدت توجهًا نحو السياسة الهجومية العسكرية الحازمة التي تشهد لها العمليات العسكرية في سوريا . ورغم كل المسار الإصلاحي الذي بدأ جديًا مع حزب العدالة والتنمية ، لم تستطع تركيا تجاوز مشكلات الهوية.. فتركيا أمام طريقين بشكل عام :الأول: توجد في تركيا كممثل مهم في العالم والهوية التركية التي تضعف يوما بعد يوم . أما الثاني فتوطد الهوية التركية التي تحافظ علي نفسها وقوتها مقابل ذلك توجد تركيا كلاعب دولي عادي ووسيط ..وهذا التناقض يدعو إلي الدهشة لأنه في الحالة الطبيعية تقوي هوية الدول كلما قويت الدولة، لكن الوضع ليس كذلك في عالم اليوم ،وفي تركيا .إن تركيا ستصبح دولة مهمة في العالم حسب إضعافها للهوية التركية ،وإن هذا الوضع سيكون أوضح ديناميكيا خلال السنوات المقبلة. آليات تغيير العقل السياسي التركي هناك آليات لابد من اتباعها في تغيير طريقة تفكير العقل التركي كي يسود الأمن والاستقرار السياسي في تركيا وتتمثل في: 1- الإفراج عن القائد عبد الله أوجلان إن قضية حرية عبدالله أوجلان هي مسالة حيوية، وستعمل علي تحقيق السلام ، وهذا السلام هو أمر لا يعني تركيا والكرد فحسب، بل هو حاجة للشرق الأوسط أيضاً، ولهذا السبب، فإن حرية عبدالله أوجلان وطاولة المفاوضات باتتا قضية حيوية. على أن السلام مع الكرد هو أمر مهم أيضاً بالنسبة للمنطقة، و تحقيق السلام بين الأتراك والكرد سيخلق تأثيراً مهماً في المنطقة، وأن تحقيق سلام من هذا النوع سيفضي إلى تحقيق العديد من عمليات السلام، وبالطريقة نفسها، فإن مبادرة السلام التي قد تنطلق في تركيا، سيكون لها تأثيرها في أماكن أخرى أيضاً. 2- حل المسألة الكردية بداية الحل هو الاعتراف بحق الكرد في تقرير مصيرهم ضمن حدود الدول التي يعيشون فيها، ويتم ذلك عبر إجراءات قانونية ودستورية تضمن المساواة وحماية الحقوق السياسية والثقافية. ولذا يتضمن هذا الحل المقترح للاعتراف بحقوق الكرد عدة خطوات أساسية منها: يجب أن تبدأ الحكومات المعنية بالاعتراف بحق الكرد في تقرير مصيرهم وضمان مساواتهم مع باقي المواطنين. هذا الاعتراف يكون عبر تعديلات دستورية أو قوانين تضمن لهم حقوقهم الثقافية، اللغوية، والسياسية. تحتاج هذه الدول إلى سن قوانين جديدة أو تعديل قوانينها الحالية لتشمل حقوق الكرد بشكل واضح. قد تتضمن هذه الإجراءات تنظيم انتخابات تمثيلية تعكس التوزيع العرقي، أو تخصيص حصص سياسية للكرد في الهيئات التشريعية. يجب أن تضمن الدساتير والقوانين حماية حقوق الكرد في الحفاظ على لغتهم وثقافتهم وممارستها بشكل حر. هذا يشمل إنشاء مؤسسات تعليمية وإعلامية ناطقة بالكردية ودعم الفعاليات الثقافية. لضمان فعالية الحل السياسي، يجب أن يُشرك الكرد بشكل فعال في العملية السياسية وصنع القرار، بما في ذلك تولي مناصب قيادية في الحكومات المحلية والوطنية. ويكون الحوار بين الكرد والحكومات المحلية جزءًا أساسيًا من الحل السياسي، جنبًا إلى جنب مع دعم إقليمي ودولي لضمان استدامة الحلول وتحقيق السلام. مع منح الكرد حكمًا ذاتيًا داخل الدولة قد يكون حلاً فعالًا لتحقيق تطلعاتهم دون الانفصال الكامل 3- إحياء فكرة تصفير المشكلات العمل علي تجديد الدعوة التي أطلقها «أحمد داود أوغلو» ، تحمل عنوان" تصفير المشكلات" ، ،وذلك بعيدًا عن الخداع السياسي والبراجماتية اللتين اتبعهما أردوغان في بسط نفوذه علي الدول المحيطة ، ولأن «صفر مشاكل» كان مجرد غطاء لإخفاء نزعة الهيمنة التركية على العالم الإسلامى، فإن هذا المشروع «المعتدل» لم يلبث أن كشف عن وجهه الاستعمارى، متبعًا تاريخ وجغرافيا أسلافه، مكررًا لعبة «الضفدع» فى القفز لدول المنطقة فى مسار غير خطى، عبر عناصر محلية داعمة على حد تعبير «أردوغان»، خططت وشاركت واستفادت من اضطرابات الربيع العربى، من أجل الهيمنة الإمبراطورية على الإقليم. و تقوم هذه السياسة النظيفة لهذه الفكرة على حل المشكلات المعلقة مع دول الجوار من خلال عقد اتفاقيات ومعاهدات وشراكات لتحويل العلاقات من صراعية إلى تعاونية وإخراج تركيا من بلد "محاط بالأعداء" إلى بلد "محاط بالأصدقاء " .وقد سعت تركيا إلى بناء علاقات تعاونية مع سورية بعد حالة من العداء كادت تصل إلى مرحلة الحرب في 1998 ، واتخذت تركيا مبادرات لحل النزاعات الثنائية وإنشاء مجالس للتعاون الاستراتيجي وإلغاء الشروط المطلوبة لتأشيرة الدخول لرعاية الدول المجاورة وإقامة مناطق للتجارة الحرة. وكانت الرؤية التي تقوم عليها سياسة تصفير المشكلات أن لتركيا دورًا مركزيًا يحتم عليها التصرف كقوة تُرسي النظام من خلال نظام إقليمي يقوم على عوامل الاستقرار بدلاً من حالة الاضطراب، وكذا عملت تركيا على حل المشكلات كذلك مع أرمينيا ومع القبارصة اليونانيين، فدعمت خطة كوفي عنان، الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، الخاصة بالتطبيع مع قبرص، كما فتحت حوارًا مع اليونان ومع حكومة كردستان في شمال العراق. وعملت على توسيع التفاعل الثقافي والاقتصادي والسياسي بغرض إقامة نطاق آمن حول تركيا، وقد ساعد على ذلك النمو الاقتصادي الذي شهدته تركيا في ظل حكم حزب العدالة والتنمية. ومع الاضطرابات التي شهدتها المنطقة العربية مع ما يعرف بالربيع العربي وجدت تركيا بيئة إقليمية مضطربة على حدودها الشرقية والجنوبية الشرقية، فبدأت علاقتها تسوء بإيران. وبدأت تتدخل في الصراع في العراق حيث اتهمها رئيس الوزراء العراقي «نوري المالكي» بالتدخل في الشؤون الداخلية في بلاده وبدأت في دعم المعارضة السورية ضد حكومة الرئيس بشار الأسد 4- تغيير الدستور التركي ولن تستطيع تركيا الخروج من أزمتها إلّا من خلال سن دستور جديد يوفر حريات واسعة لجميع المواطنين. يجب التذكر أن النظام العلماني الذي أوجد أردوغان هو النظام الذي عمل على حماية الحرية من الدين، ولكن لم يعمل على حماية الحرية الدينية. لقد عكس أردوغان هذه المواقف. وفي المرحلة القادمة، من أجل التأكد من احترام حقوق كل من تركيا التقية والعلمانية، يجب أن يضمن الدستور كلا شكلي الحرية الدينية. ومن شأن قيام ميثاق ليبرالي جديد أن يسمح لتركيا أيضاً بحل قضيتها مع الأكراد من خلال ضمان حقوق واسعة للجميع، بمن فيهم الأكراد. وإذا كان بوسع تركيا تحقيق السلام مع الأكراد، فبإمكانها أيضاً تحقيق السلام مع الأكراد الموالين لـ «حزب العمال الكردستاني» في شمال سوريا، وهو تطور مرحب به سيؤدي بدوره إلى منح أنقرة حاجز وقائي ضد عدم الاستقرار، والجهادية، والصراع الطائفي، والحرب الأهلية، التي من المحتمل أن تنحدر جميعها من سوريا وتهدد تركيا لعقود من الزمن. 5- الحل في الفكر الأوجلاني إن القوي الغربية تري في الحل يكون "الكل ضد الكل" علي أساس الفوضي الخلاقة لإدارة تشكيل المنطقة من جديد وفق مشاريعهم ، بينما يري أوجلان أن الحل يكمن في أن يكون "الكل مع الكل" علي أساس أخوة الشعوب والإنسانية والتعيش السلمي ما بين كافة شعوب المنطقة وثقافتها لبناء المجتمع والإنسان الحر علي أساس التكامل الإقليمي لبناء الشرق الأوسط الديمقراطي بديلا عن الشرق الأوسط الكبير لدى أوجلان نظرية فكرية شاملة إذا تم تطبيقها على أرض الواقع فهي كفيلة بحل مشكلات الشرق الأوسط، وهي نظرية نابعة من هذه الأرض وبالتالي ليست غريبة عليها، نظرية قائمة على أسس وقيم ومبادئ إنسانية وأخلاقية سامية ومتأصلة وراسخة على هذه الأرض ولدى كل الشعوب التي تعيش على أرض الشرق الأوسط، نظرية تدرك بعمق حقيقة تركيبة الإنسان في المنطقة وخصوصيات شعوبها. وهي تعمل على تقوية مبادئ التعايش السلمي بين شعوب المنطقة الذي هو أصيل وعريق منذ القدم 6-إعادة النظر في المنهج السياسي التركي علي تركيا أن تفكر في التغيير في سياستها الخارجية، وتتوقف عن التدخلات الخارجية، وتوقف عملياتها العسكرية ، فخلال السنوات الأخيرة قامت تركيا ب: خلال السنوات الماضية قامت تركيا بـ: شن ثلاث عمليات توغل عسكرية في سوريا، وإرسال إمدادات ومقاتلين إلى ليبيا ،كما عملت علي نشر قواتها البحرية في شرق المتوسط لتأكيد مزاعمها بشأن حقوقها في المنطقة، كما وسعت عملياتها العسكرية ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني شمال العراق، وإرسال تعزيزات عسكرية إلى آخر معاقل المعارضة السورية في إدلب ، والتهديد المتواصل بشن عمليات عسكرية جديدة في شمال سوريا لمواجهة "الجماعات المسلحة الإرهابية"، ولدى تركيا كذلك وجود عسكري في قطر والصومال وأفغانستان وقوات لحفظ السلام في البلقان. ويعتبر وجودها العسكري العالمي حالياً الأكبر منذ أيام الإمبراطورية العثمانية.، وكذا وسط توتر مع تركيا، واليونان تعزز قدراتها العسكرية بمقاتلات من فرنسا ،وأيضًا نشرت تركيا قوات بحرية في شرق المتوسط لتأكيد مزاعمها بشأن حقوقها في المنطقة المراجع 1- إبراهيم ميرغني محمد علي، حول الهوية وانعكاساته على السياسة الخارجية التركية، مجلة المستقبل العربى، مركز دراسات الوحدة العربية، مج 42 , ع 491،يناير 2020. 2- أحمد الرمح، قراءة نقدية للعقل السياسي التركي!، مركز دراسات مينا 3- أحمد مجيد جاسم محمد، ،مستقبل النزعة الطورانية التركية، مجلة تكريت للعلوم السياسية، جامعة تكريت - كلية العلوم السياسية، ع 35،يونيو 2024 4- أحمد محمد وهبان، صراع الهوية والبرجماتية و المباديء الكمالية، مجلة كلية التجارة للبحوث العلمية، جامعة أسيوط - كلية التجارة، ع 53،ديسمبر2012 . 5- أرغيل، دوغو ،المشكلة الكردية في تركيا، مجلة شؤون الأوسط،:مركز الدراسات الاستراتيجية ع 87، سبتمبر 1999 6- بتول حسين علوان، العنوان: الهوية الإسلامية العابرة للحدود: السياسة الخارجية التركية في ظل حكومة حزبا لعدالة والتنمية، مجلة تكريت للعلوم السياسية، جامعة تكريت - كلية العلوم السياسية، العدد: ع 19 7- بتول هليل جبير الموسوي، العثمانية الجديدة ومواقف تركيا من قضايا الشرق الأوسط، مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية، الجامعة المستنصرية - مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية ،ع 45،آذار 2014. 8- برونو، ميشيل، من آسيا الصغري إلي تركيا: الأقليات. فرض التجانس الإثني- القومي. جماعات الشتات، سلسلة عالم المعرفة عدد رقم 474،يوليو 2019،المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت،2019. 9- حسام عيسى عبدالرحمن حمدان, معضلة الأكراد السوريين بين صيرورة الاندماج وأسطورة الانفصال، مجلة المستقبل العربى، مركز دراسات الوحدة العربية، مج 40 ,ع 463،سبتمبر 2017 10- دوبريه ،ريجيس: نقد العقل السياسي.ترجمة: د.عفيف دمشقة،ط1، دار الآداب، بيروت، 1986. 11- رتيبة برد، تركيا في مفترق الطرق بين النزعة الأوروبية والعثمانية الجديدة، مجلة المستقبل العربى، مركز دراسات الوحدة العربية، مج 45 , ع 520، يونيو 2022 12- ريم عبدالمجيد ،اللاجئون السوريون بين التلاعب التركي والرفض الأوروبي، مجلة آفاق سياسية، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد: ع 54،أبريل 2020 . 13- سحر حسن أحمد، القضية الكردية تحديات وحلول مستدامة، موقع أتون 14- السيد محمد توفيق محمد إبراهيم، ،العلمانية إنتقالها وتأثيرها على المجتمع التركي،حولية كلية الآداب، جامعة بني سويف - كلية الآداب، مج 12 , ع 2،2023 15- عادل خينوش، عقلية السياسي، الماهر للنشر والتوزيع، الجزائر. 16- علي محمد حمدان، شخصية الطوراني في الأدب، مجلة دوائر الإبداع، جامعة دمشق، التاريخ الميلادي: 2016،الشهر: كانون الأول ، ع 8، كانون الأول 2016. 17- عمر خضيرات، ،العوامل المؤثرة في توجهات السياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة ،العربية 2002 - 2012 م، مجلة المنارة للبحوث والدراسات، جامعة آل البيت - عمادة البحث العلمي، مج 22 , ع 4،كانون الأول 2016. 18- محمد ثلجي، أزمة الهوية في تركيا .. طرق جديدة للمعالجة، في : تركيا بين تحديات الداخل ورهانات الخارج، مركز الجزيرة للدراسات، 2010م. 19- محمد نور الدين تركيا فى الزمن المتحول : قلق الهوية وصراع الخيارات، المستقبل العربى، مركز دراسات الوحدة العربية، مج 21 , ع 237 20- محمود سالم السامرائي، المساومة في السياسة الخارجية التركية، المجلة العربية للعلوم السياسية، ع 13، يناير 2007. 21- منال محمد صالح الحمداني، أكراد تركيا: مشكلة الهوية والحدود 1923 - 1999 مجلة أبحاث كلية التربية الأساسية، جامعة الموصل - كلية التربية الأساسية، مج 16 , ع 1، 2019 22- منصف عبدالحق ،جذور فكرة الاستبداد في العقل السياسي الحديث، مجلة الفكر العربي المعاصر، مركز الإنماء القومي، ، مج 27 , ع 136,137،شتاء 2006. مواقع أليكترونية 1- https://sabq.org/saudia/m5j6 2 2- https://al-ain.com/article/turkey-iran-religious-cover-erdogan 3- https://rawabetcenter.com/archives/108999 4- https://aawsat.com/home/article/39826 5- https://rawabetcenter.com/archives/108999 6- https://www.bbc.com/arabic/middleeast-54601078 1- 2-
#عطا_درغام (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع الشاعرة الأرمينية المعاصرة روزان أساتريان
-
أربيار أربياريان مؤسس الواقعية في الأدب الأرمني
-
السينما المصرية في رمضان
-
في صباح بعيد من حياتي للشاعر الأرمني أريفشات أڨاكيان
-
الكرد في كتابات الجغرافيين المسلمين
-
الحب عند الشاعر الأرمني هامو ساهيان
-
الأب الأخضر .. قصيدة للشاعر الأرمني شانت مكرتشيان-*-
-
-كل صباح- قصيدة للشاعر الأرمني هامو ساهيان
-
سبع حقائق عن الشعر والشعراء الأرمن
-
كيف من المفترض أن أستيقظ وأذهب؟- قصيدة للشاعر الأرمني هامو س
...
-
أفضل خمس قصائد عن الأم في الشعر الأرمني الحديث
-
قصائد أرمنية قديمة
-
من الشعر الأرمني الحديث : -الحب الأول-
-
موسيقى مليئة بالألم. قصة أسلاف 5 نجوم مشهورين وقعوا ضحايا لل
...
-
الإبادة الجماعية الأرمنية في الصحافة الدورية الجورجية، 1914-
...
-
الباشا بين رد الاعتبار والحقيقة التاريخية
-
نوبار باشا في الصحافة الفرنسية في مصر حتي قيام الثورة العراب
...
-
مع الكاتب الأرمني المعاصر ميسروب هاروتيونيان
-
أچاسي أيڤ---ازيان الأديب الأرمني متعدد المواهب
-
ملامح أدب الأقليات في الدولة العثمانية: الأدب الأرمني في نمو
...
المزيد.....
-
أقدم غوريلا في العالم تحتفل بعيد ميلادها الـ68 عامًا.. شاهد
...
-
السعودية تكشف 5 إجراءات قبل موسم الحج 2025 حفاظا على سلامة ا
...
-
ترامب يتجاهل مصافحة زوجة وزير الصحة.. مشهد محرج خلال حدث ريا
...
-
-تنذكر ما تنعاد-، صور من حرب لبنان الأهلية في الذكرى الـ50 ل
...
-
قوة تدميرية غير مسبوقة.. واشنطن في طريقها لتطوير قنبلة ذرية
...
-
الجزائر تعرب عن -احتجاجها الشديد- على حبس أحد موظفيها القنصل
...
-
حماس: قصف الاحتلال مستشفى المعمداني جريمة حرب بغطاء أميركي
-
الجزائر تحتج على توقيف فرنسا أحد موظفي قنصليتها
-
طهران تعلن عن جولة جديدة وترامب يشيد بالمحادثات معها
-
عاجل | مصادر طبية: 7 شهداء وعدد من الجرحى في قصف استهدف سيار
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|