أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - خزامي مبارك - انظروا كيف دشن حمدوك نفسه كمبرادورًا بدرجة رئيس وزراء!















المزيد.....

انظروا كيف دشن حمدوك نفسه كمبرادورًا بدرجة رئيس وزراء!


خزامي مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 8309 - 2025 / 4 / 11 - 18:49
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


أصل لفظ "كمبرادور" جاء من البرتغالية comprador، وتعني "المشتري". لكن الكلمات، شأنها شأن الكائنات الحية، تنمو وتتطور، وقد تطورت هذه الكلمة حتى حملت دلالات وصفية أوسع وأشمل مما كانت عليه في الأصل؛ إذ استُخدمت في البداية في الصين خلال الحقبة الاستعمارية، لوصف السماسرة أو الوكلاء المحليين الذين يعملون مع الشركات التجارية الأوروبية.
أما اليوم، فهو مصطلح سياسي–اقتصادي يُستخدم لوصف الطبقة أو النخبة المحلية التي تتعاون مع القوى الاستعمارية أو الإمبريالية، وتقوم بدور الوسيط لخدمة مصالح الرأسمال الأجنبي على حساب المصلحة الوطنية.
كثير من الناس يرفضون استخدام هذا المصطلح بحجة نظريات المؤامرة أحيانًا، أو بدعوى التخوين أحيانًا أخرى، وهذا لا يعنيني كثيرًا، لأن تلك الاعتراضات غالبًا ما تكون أحكامًا عامة لا تقوم على حجج متماسكة، كما أنها لا تبتعد كثيرًا عن أساليب القمع ومحاولات إسكات الآخرين.
أما حمدوك المعني هنا، فهو رئيس الوزراء السوداني الأسبق، وأحد أبرز زبائن معهد "تشاتام هاوس". و"تشاتام هاوس" – أو المعهد الملكي للشؤون الدولية – مقره لندن، وقد تأسس عام 1920 بعد الحرب العالمية الأولى (أو "الحرب الأوروبية") كمحاولة من النخب البريطانية لتحليل وتفسير النظام العالمي الجديد الذي نشأ آنذاك.
لكن سرعان ما توسعت أعماله ومشاريعه لتشمل "دعم الديمقراطية والسياسات العامة" في دول الجنوب. وقد عُرفت هذه الأساليب في سياق فكر التحرر الوطني بأنها أساليب استعمارية ومحاولات لتقويض السيادة الوطنية للدول. ولتشاتام هاوس رصيد ليس بالقليل في هذا المضمار، حتى بلغ حد إدراجه ضمن المنظمات غير المرغوب فيها من قبل النيابة العامة الروسية.
بالأمس، أطل علينا عبدالله حمدوك بمقال نشره بالإنجليزية في صحيفة Financial Times بعنوان:
"There is no military solution in Sudan" (لا حل عسكري في السودان).
وصحيفة فاينانشال تايمز، كحال تشاتام هاوس، تُعد من أدوات الإعلام الإمبريالي الناعم، وهي غالبًا ما تعبر عن مصالح الشركات الكبرى والمؤسسات المالية الغربية. كما أن خطابها في دعم السياسات التقشفية والخصخصة وتحرير الأسواق ليس بخافٍ.
وقبل مناقشة مضمون المقال وحججه، دعونا نطرح سؤالًا: إذا كانت لكل رسالة إعلامية جهة مستقبِلة أو جمهور مستهدف، فمن هم المستهدفون بهذا المقال؟ من هم القراء الذين يخاطبهم حمدوك؟ هل هم عموم السودانيين والثوار؟ أم أنه يخاطب ما يسميهم "أطراف الحرب"؟ أم أن هناك جهة أخرى يقصدها حمدوك ويحرضها على فعلٍ ما من خلال هذا المقال؟
أولًا: لا يمكن القول إن المقال موجه إلى السودانيين، لأنه من المعروف أن الغالبية العظمى من السودانيين يقرأون ويكتبون بالعربية، أو كما يطلق عليهم في أدب السودان الجديد: شعب "عربفوني" (ناطق بالعربية). ومن النادر جدًا أن تجد من يتابع مثل هذه الصحف كـ Financial Times أو The Guardian أو Wall Street Journal من جمهور السودانيين.
إذن، من هم المستهدفون؟ إنهم – وبكل تأكيد – حكومات الدول الغربية ومؤسساتها وشركاتها، ومن يساندهم، ممن يسميهم حمدوك بـ "المجتمع الدولي". وهذه جهة غير محايدة، وليست بريئة في هذا العصر، وتاريخها القريب في التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتفكيكها ليس قليلًا، مما يجعلها تستحق لقب "قوى الإمبريالية". والحديث طويل في هذا الشأن.
فلننظر إذًا إلى ما قاله حمدوك، وماذا يريد منهم أن يفعلوا.
بدأ مقاله بالقول:
"يمر السودان بمرحلة حرجة. لقد شردت الحرب التي اجتاحت أمتنا الملايين، ودمرت مؤسساتنا، وتركت شعبنا في حالة من المعاناة لا تُوصف. ومع ذلك، فإن المأساة التي تتكشف أمام أعيننا ليست حتمية."
لو حاولنا فهم هذه الفقرة، نلاحظ أن حمدوك – رغم إشارته إلى الحرب – يتجنب ذكر من أشعلها ومن يمولها، وكأن هذه الحرب التي تدور في السودان نزلت علينا من السماء بلا فاعل. وهذه روح من الاستهبال والتدليس، فلا توجد حرب في هذا الكون تقوم على المجهول.
وإذا تابعنا الفقرة إلى نهايتها نجد أنه يقول:
"إنها نتيجة عقود من الإقصاء والتفاوت الاقتصادي والتدهور المؤسسي. وهي أزمة لا يمكن، ولن تُحل، بقوة السلاح."
هنا، يحاول حمدوك – بصورة ما – أن يُسقط الحرب الجارية على سرديات الحروب القديمة في السودان، كحرب الهامش والمركز، والتمردات في دارفور وجبال النوبة وشرق السودان. وهذا يعني، في نظره، أن قوى الإمبريالية بريئة، وليست هي من أشعلت هذه الحرب.
وهذه السردية نفسها يتبناها الجنجويد، عندما يقولون إنهم يحاربون "دولة 1956"، وإنهم امتداد لتمرد قوى الهامش، وهي سردية كذّبتها الوقائع والتجربة، والدليل الأكبر على ذلك هو جلسات المحاكم الدولية التي تحاكم الإمارات – زعيمة هذه الحرب وممولها.
أما الأكثر إثارة للدهشة فهو ما ورد في مقال حمدوك بشأن "اجتماع الأسبوع المقبل في لندن"، حيث قال:
"يُمثل الاجتماع المرتقب لوزراء الخارجية في لندن لمناقشة الوضع في السودان فرصة نادرة وحاسمة للعالم لتكثيف جهوده. أرحب بهذه المبادرة البريطانية، التي تُظهر قيادة مُلحة في لحظة محورية. يجب أن يكون هذا الاجتماع نقطة تحول – لحظة يتجاوز فيها المجتمع الدولي التعبير عن القلق نحو عمل جماعي ملموس. لا يمكن للعالم أن يدير ظهره."
بعيدًا عن هذه اللغة الشاعرية والمليئة بالاحتيال اللغوي، فإن هذا الاجتماع المذكور لا تُشارك فيه حكومة السودان، مما يعني أنه اجتماع لدول أجنبية لمناقشة شأن داخلي لدولة أخرى ليست طرفًا فيه. فكيف يُعقد اجتماع يزعم السعي لإيقاف الحرب دون حتى إشراك الدولة التي تدور فيها الحرب؟ أي نوع من الاستهبال هذا؟
عمومًا، يتضح من هذا المقال أنه تحريض مباشر لتلك الدول للتدخل في الشأن السوداني، وترويج لسردية الجنجويد التي يستخدمونها كمبرر لتفكيك مؤسسات الدولة وقتل النساء والأطفال، كما أنه تبرئة صريحة للجهات التي أشعلت الحرب ومولتها.
فإذا كانت "الكومبرادورية" تعني الوكيل المحلي الذي يخدم الاستعمار، فليس بوسعنا إلا أن نقول إن عبدالله حمدوك كمبرادور برتبة رئيس وزراء.
Khouzami Mubarak
11/أبريل/2025



#خزامي_مبارك (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السودان الدولة والثورة والصراع الإجتماعي وفرص البقاء:
- عبد العزيز الحلو وحفلة نيروبي التراجوكوميدية من متى نصر اليا ...
- مرآة معكوسة الجوانب
- في فاشر السلطان الحكاية القادمة. ____
- الخطابات الانفصالية: طفل برأسين في جسد واحد أو -التحالف غير ...
- في تسمية الضحايا لجلادهم__ كلمة الجنجويد والذاكرة الشعبية
- حرب الخامس عشر من أبريل: صراع الجيش والدعم السريع أم غزو إمب ...
- خواطر وآمال
- في اليوم العالمي للمهاجرين
- لا يمكن بناء سودان خالٍ من الحروب إلا بالعلمانية:
- سؤال العلمانية في السودان
- النخبة المهزومة تلملم أطرافها من جديد لتصفية الثورة
- لا ثورة وطنية بلا قوى ريفية
- هل ابتلعت قوى المركز حزب المؤتمر السوداني؟
- نخاسة الرقيق كوعي في دولة الاسلاموعروبيين


المزيد.....




- أقدم غوريلا في العالم تحتفل بعيد ميلادها الـ68 عامًا.. شاهد ...
- السعودية تكشف 5 إجراءات قبل موسم الحج 2025 حفاظا على سلامة ا ...
- ترامب يتجاهل مصافحة زوجة وزير الصحة.. مشهد محرج خلال حدث ريا ...
- -تنذكر ما تنعاد-، صور من حرب لبنان الأهلية في الذكرى الـ50 ل ...
- قوة تدميرية غير مسبوقة.. واشنطن في طريقها لتطوير قنبلة ذرية ...
- الجزائر تعرب عن -احتجاجها الشديد- على حبس أحد موظفيها القنصل ...
- حماس: قصف الاحتلال مستشفى المعمداني جريمة حرب بغطاء أميركي
- الجزائر تحتج على توقيف فرنسا أحد موظفي قنصليتها
- طهران تعلن عن جولة جديدة وترامب يشيد بالمحادثات معها
- عاجل | مصادر طبية: 7 شهداء وعدد من الجرحى في قصف استهدف سيار ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - خزامي مبارك - انظروا كيف دشن حمدوك نفسه كمبرادورًا بدرجة رئيس وزراء!