|
الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة: -الْجُزْءِ الثَّانِي-
حمودة المعناوي
الحوار المتمدن-العدد: 8309 - 2025 / 4 / 11 - 17:26
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
_ أَخْلَاق الْأَرْضَ
أَخْلَاق الْأَرْضَ هِيَ فَلْسَفَةُ أَوْ إِطَار نَظَرِيّ قَدَّمَه عَالِم الْبِيئَة الْأَمْرِيكِيّ الدُّو لِيُوبُولْد Aldo Leopold (1887-1948) حَوْلَ كَيْفِيَّةِ إعْتِبَارِ الْبَشَر لِلْأَرْضِ مِنْ النَّاحِيَةِ الْأَخْلَاقِيَّة. لِيُوبُولْد طَرَحَ هَذَا الْمَفْهُومِ فِي كِتَابِهِ الْكِلاَسِيكِيّ "الْمُنَاخ الرِّيفِيّ لِمُقَاطَعَة الرَّمَل" (A Sand County Almanac) الْمَنْشُور عَامّ 1949، وَاَلَّذِي يُعْتَبَرُ نَصًّا أَسَاسِيًّا فِي الْحَرَكَةِ البِيئِيَّة. فِي هَذَا الْكِتَابِ، جَادَل لِيُوبُولْد بِأَنَّهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْأَخْلَاقَيَّات التَّقْلِيدِيَّة الَّتِي تُنَظِّمُ عَلَاقَات الْإِنْسَانِ مَعَ بَنِي الْبَشَرِ، هُنَاكَ حَاجَةٌ مَاسَّةٌ إلَى "أَخْلَاقِيَّات جَدِيدَةٍ" تُنَظِّم عَلَاقَةُ الْإِنْسَانِ بِالْأَرْض وَالْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ الَّتِي تَنْمُو عَلَيْهَا. أَخْلَاق الْأَرْضِ الَّتِي إقْتَرَحَهُا لِيُوبُولْد تَرْفُضُ وِجْهَاتِ النَّظَرِ الْبَشَرِيَّة الْمَرْكَزِيَّة الَّتِي تَفْصِلُ الْإِنْسَان تَمَامًا عَنْ الْبِيئَة، وَتُرَكِّز بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْحِفَاظِ عَلَى النَّظْمِ الإيْكُولُوجِيَّة الصِّحِّيَّة وَ تَجْدِيد الذَّاتُ. "مُقَاطَعَة الرَّمَل" كَانَتْ أَوَّلَ عَرَض مِنْهُجي لِنَهْج كُلِي أَوْ بَئِيي لِلْبِيئَة. عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ لِيُوبُولْد لَهُ الْفَضْلُ فِي صِيَاغَةِ مُصْطَلَح "أَخْلَاق الْأَرْض"، هُنَاك الْعَدِيدِ مِنَ النَّظَرِيَّاتِ الْفَلْسَفِيَّةِ الَّتِي تَتَنَاوَلُ كَيْفِيَّة مُعَامَلَة الْبَشَر لِلْأَرْضِ. وَمِنْ أَبْرَزِ أَخْلَاقِيَّات الْأَرْضِ تِلْكَ الَّتِي تَضْرِبُ بِجِذْورِهَا فِي الِإقْتِصَادِ، وَ النَّفْعِيَّة، وَ التَّحْرُرِيَّة، وَالْمُسَاوَاةُ، وَالْبِيئَة. أَحَدُ أَنْوَاعِ أَخْلَاقِيَّات الْأَرْضِ هُوَ النَّهْج الْقَائِمِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الِإقْتِصَادِيَّة الذَّاتِيَّة. لِيُوبُولْد إنْتَقَدَ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْأَخْلَاقَيَّات مِنْ وِجْهَتَيْن. أَوَّلًا، يُجَادِل بِأَنَّ مُعْظَمَ أَعْضَاء النِّظَام البِيئِيّ لَيْسَ لَهُمْ قِيمَةَ إقْتِصَادِيَّة. وَبِالتَّالِي، يُمْكِنُ لِهَذِهِ الْأَخْلَاقَيَّات أنْ تَتَجَاهل أَوْ حَتَّى تَقْضِي عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَعْضَاء عِنْدَمَا تَكُونُ ضَرُورِيَّةً لِصِحَّة الْمُجْتَمَع الْحَيَوِيّ لِلْأَرْض. ثَانِيًا، يَنْزِعَ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْأَخْلَاقَيَّات إلَى أبْعَادٍ مُهِمَّة مِنَ الْحُفَّاظُ عَلَى النَّظْمِ الَّإيْكُولُوجِيَّة الصِّحِّيَّة إلَى الْحُكُومَةِ، وَهِيَ مُهِمَّةٌ كَبِيرَةٌ وَشَاقَّةٌ لِدَرَجَة إنْ الْمُؤَسَّسَاتِ الْحُكُومِيَّةِ لَا يُمْكِنُهَا التَّعَامُلِ مَعَهَا بِفَعَّالِيَّة. لِلتَّغَلُّب عَلَى هَذِهِ الْقُيُودِ، إقْتَرِحْ لِيُوبُولْد "أَخْلَاقِيَّات الْأَرْضِ" الْقَائِمَةِ عَلَى الْبِيئَةِ. هَذَا الْمَنْهَجِ يُرَكِّزُ عَلَى الْحِفَاظِ عَلَى النَّظْمِ الَّإيْكُولُوجِيَّة الصِّحِّيَّة وَتَجْدِيد الذَّات كَأَهْداف أَخْلَاقِيَّة بَدَلًا مِنْ التَّرْكِيز فَقَطْ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الِإقْتِصَادِيَّة الذَّاتِيَّة. وَيَرَى لِيُوبُولْد إنْ الْإِنْسَانِ لَيْسَ مُنْفَصِلًا عَنْ الْبِيئَة الطَّبِيعِيَّة، بَلْ هُوَ جُزْءٌ لَا يَتَجَزَّأُ مِنْهَا. وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ الْمُجْتَمَعَ الْحَيَوِيّ الَّذِي يُشْكِلُ الْأَرْضِ هُوَ الْمِحْوَر الأَسَاسِيّ لِأَخْلَاقِيَّات الْأَرْضِ. هَذَا الْمَنْظُورِ الْأَخْلَاقِيّ الشَّامِل يَرْفُض الرُّؤْيَة الْحَصْرِيَّة لِلْإِنْسَان كَمَرْكَز لِلْكَوْن وَكَائنْ مُنْفَصِلٌ عَنْ الطَّبِيعَةِ. بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ، يَرَى الْإِنْسَانُ كَجُزْءٍ مِنْ مُجْتَمَعٍ حَيَوِيّ أَوْسَع يَسْتَحِقّ الْحِمَايَة وَالِإحْتِرَام الْأَخْلَاقِيّ. كَمَا أَنْ أَخْلَاقِيَّات الْأَرْضِ لَهَا تَطْبِيقَات عَمَلِيَّةً عَلَى الْمُسْتَوَى الْفَرْدِيِّ وَالْمُجْتَمِعِي. عَلَى الْمُسْتَوَى الْفَرْدِيِّ، تُشَجِّع هَذِه الْأَخْلَاقَيَّات عَلَى تَبَّنِي نَمَط حَيَاة أَكْثَر إسْتِدَامَة وَتَقْدِيرًا لِلطَّبِيعَة. عَلَى الْمُسْتَوَى الْمُجْتَمَعي، تَدْعُو إلَى سِيَاسَات وَ تَشْرِيعَات بِيئِيَّة أَكْثَر صَرَامَة لِحِمَايَة النَّظْم الَّإيْكُولُوجِيَّة. وَ جَدِير بِالذِّكْرِ أَنَّ تَطْبِيق أَخْلَاقِيَّات الْأَرْضِ يَتَطَلَّب تَوْفِير الظُّرُوف الِإجْتِمَاعِيَّةِ وَ السِّيَاسِيَّةِ الْمُنَاسَبَة، حَيْثُ إنَّ هَذَا الْمَفْهُومِ يُمْكِنُ أَنْ يُحَقِّقَ نَتَائِج عَمِيقَة عَلَى الْمُسْتَوَى البِيئِيّ. أَخْلَاق الْأَرْضِ الَّتِي طَرَحَهَا الدُّو لِيُوبُولْد تُمَثِّلُ نَقَلَة نَوْعِيَّة فِي فِكْرِ الإِنْسَانِ تُجَاهَ الْبِيئَةِ، حَيْثُ تَدْعُو إلَى تَبَّنِي مَنْظُور أَخْلَاقِيّ أَوْسَع يُنْظَرُ إلَى الْإِنْسَانِ كَجُزْء لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ النِّظَامِ البِيئِيّ الْكُلِّيّ بَدَلًا مِنْ كَوْنِهِ كَائِنًا مُنْفَصِلًا وَمُتَسَلِّطًا عَلَيْهِ. وَهَذَا الْمَنْظُورَ لَهُ إنْعِكَاسِات عَمَلِيَّةُ مُهِمَّة عَلَى الْمُسْتَوِيَيْنِ الْفَرْدِيّ وَالْمُجْتَمِعِي.
_ الْحُقُوقُ الْأَصْلِيَّة وَالْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة البِيئِيَّة
تَكْشِفُ قَضَايَا الْحُقُوق الْأَصْلِيَّة وَالْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة البِيئِيَّة عَنْ عَلَاقَاتٍ مُعَقَّدَة وَ دِينَامِيكِيَّة بَيْنَ السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ وَ الْقِوَّى الْعَالَمِيَّة الْمُسَيْطِرَة. فَالْحُقُوق الْأَصْلِيَّة تَرْتَبِطُ بِشَكْلٍ وَثِيق بِمخَاوف حِمَايَةُ الْبِيئَة وَالتَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة. تَنْتَمِي الْحُقُوق الْأَصْلِيَّةِ إلَى السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ الَّذِينَ يُعَرَفُونَ بِأَنَّهُمْ السُّكَّان الْأَصْلِيُّون لِلْأَرْضِ الَّتِي إحْتَلَّهَا الْأَجَانِبُ. وَلَكِنَّ مَنْ الصَّعْب تَحْدِيدٌ مِنْ هَمٍّ بِالضَّبْط "السُّكَّان الْأَصْلِيُّون"، حَيْثُ إنَّ التَّعْرِيفَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ السِّيَاقِ الِإسْتِعْمَارِيّ. بِشَكْلٍ عَامٍّ، يُنْظَرُ إلَى السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ عَلَى أَنَّهُمْ مُجْتَمَعَات مَا قَبْلَ الِإسْتِعْمَار الَّتِي تُوَاجِهُ تَهْدِيدًا مُحَدَّدًا مِنْ ظَاهِرَة الِإحْتِلَال. يَرْتَبِط الِإعْتِرَاف بِحُقُوق السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ تَارِيخِيًّا بِالتَّبَرُّير الْأَخْلَاقِيّ لِلِإسْتِعْمَار نَفْسِه. فَبِالْمَوْازَاة مَعَ تَبْرِير الِإسْتِعْمَارِيَّة بِغَرَض أسْمَى لِكُلٍّ مِنْ الْمُسْتَعْمِر وَالْمُسْتَعْمَر، أَعْرَبَتْ بَعْض الْأَصْوَات عَنْ قَلَقِهَا تُجَاه مُعَامَلَة السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ. وَمَعَ ذَلِكَ، لَا تَزَالُ هُنَاك ثُغْرَة كَبِيرَةً فِي تَنْفِيذِ هَذِهِ الْمَعَايِيرَ الْقَانُونِيَّة وَ الْأَخْلَاقِيَّة الَّتِي تَعْتَرِفْ بِحُقُوق السُّكَّان الْأَصْلِيِّينَ. فِي السِّيَاقِ الْحَدِيث، تَرْتَبِط مَسَائِلَ الْحُقُوقِ الْأَصْلِيَّة بِالْمَخَاوِف البِيئِيَّة بِشَكْل مُتَزَايِد. فَبِسَبَب الْعَلَاقَة الْوَثِيقَة بَيْنَ الْوَضْعِ الِإقْتِصَادِيّ وَالثَّقَافِيّ لِلسُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ وَبَيْن الظُّرُوف البِيئِيَّة، أَصْبَحْت قَضَايَا الْحُقُوق الْأَصْلِيَّة مُرْتَبِطَة بِالْقَضَايَا الْمُتَعَلِّقَة بِالتَّغَيُّر الْمُنَاخِيّ وَالْحِفَاظِ عَلَى الْغَابَات وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّةِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يَكَافح السُّكَّانِ الْأَصْلِيُّون مِنْ أَجْلِ الْحُفَّاظُ عَلَى حُقُوقِهِمْ فِي الْأَرَاضِي وَالمَصَادِر الطَّبِيعِيَّةِ الَّتِي عَاشُوا عَلَيْهَا لِأَجْيَال. وَيَزْعُمُ بَعْضُ مُمَثَّلي مَجْمُوعَات السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ أَنَّ حُقُوقَ الْأَرَاضِي الْخَاصَّةُ بِهِمْ لَمْ يَتِمَّ إحْتِرَامِهَا بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي تَوَصَّلَتْ بِهَا الْحُكُومَاتِ إلَى إتِّفَاقَات بِشَأْنِ آلِيَّات تَقْيِيم الْكَرْبُون وَالْحِفَاظِ عَلَى الْغَابَات. وَيَقُولُونَ إنَّ حَقِّهِمْ فِي الْمُوَافَقَةِ الْحُرَّة وَالْمَسْبُقَة وَالْمُسْتَنِيرَة قَدْ تَمَّ إنْتِهَاكِه. وَ فِي هَذَا السِّيَاقِ، تَبْرُز قَضَايَا أَخْلَاقِيَّة كَبِيرَة حَوْل كَيفِيةِ التَعَامُل مَعَ حُقُوقِ السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ فِي سِيَاقِ الْجُهُودِ الْعَالَمِيَّةِ لِلتَّصْدِي لِلتَّغَيُّرِ الْمُنَاخِيّ وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ. فَهُنَاك حَاجَةَ إلَى مُوَازَنَة مَصَالِح الشَّرِكَات وَالْحُكُومَات مَعَ حُقُوقِ وَقَضَايَا السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ الَّذِينَ قَامُوا بِحِمَايَة هَذِه الْبَيِّئَات لِأَجْيَال. فِي الْوَاقِعِ، تُشِير الْأَبْحَاث إلَى أَنْ مُمَارَسَات السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ فِي الْإِدَارَةِ الْمُسْتَدَامَة لِلْأَرَاضِي وَتَدْابِير التَّكَيُّف مَع الْمُنَاخ تُعَدُّ أَسَاسِيَّةً فِي مُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَات البِيئِيَّة الْعَالَمِيَّة. وَمَعَ ذَلِكَ، غَالِبًا مَا تَرْفُضُ هَذِهِ المَعَارِفُ وَالْمَهَارات وَالْمُمَارَسَات الصِّحِّيَّة لِمُجْتَمَعٍات السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ، مِمَّا يُحَرِّمُهَا مِنْ فُرْصَةٍ الْمُسَاهَمَةِ فِي صِيَاغَةِ الْحُلُولِ لِلْمَشَاكِلِ الَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَيْهَا. وَ بِالنِّسْبَة لِنِسَاء وَفَتْيات السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ، غَالِبًا مَا تَنْفِي الْقَضَايَا الْهَيْكَلِيَّة عَبَّرَ النَّظْم الصِّحِّيَّة حَقِّهِنَّ فِي الِإسْتِقْلَالِ الْجَسَدِيّ وَتَعَرَّض حَيَاتِهِنّ لِلْخَطَر. فَهُنّ أَكْثَر عُرْضَةً لِلْمَوْتِ أَثْنَاءَ الْحَمْلِ أَوْ الْوِلَادَةِ، وَغَالِبًا مَا يَتِمُّ إنْكَار مُمَارَسَات الْوِلَادَةُ التَّقْلِيدِيَّة الْخَاصَّة بِهِنّ وَيُمْكِن تَجْرِيمُهَا. لِذَلِكَ، يَتَطَلَّب مُعَالَجَةِ هَذِهِ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة البِيئِيَّة الْمُعَقَّدَة الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ مُرَاعَاةً إرْث الِاسْتِعْمَار وَ الْعُبُودِيَّة وَعَدَمُ الْمُسَاوَاةِ عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ. وَهُنَاك حَاجَةٍ مُلِحَّةٍ إِلَى تَصْمِيم سِيَاسَات وَتَدْخُلَات تَضْمَنُ إحْتِرَامُ حُقُوقِ السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ وَتَمْكِينُهُمْ مِنْ الْمُسَاهَمَةِ فِي الْحُلُولِ البِيئِيَّة الْمُسْتَدَامَة. وَ بِالتَّالِي تَكْشِف قَضَايَا الْحُقُوق الْأَصْلِيَّة وَالْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة البِيئِيَّة عَنْ تَشَابَكَات مُعَقَدَة وَإخْتِلَافَات قِيَمِيَّة بَيْنَ السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ وَ الْقِوَّى الْعَالَمِيَّة المُهَيْمِنَة. وَ يتَطَلَّب مُعَالَجَةِ هَذِهِ التَّحَدِّيَات إلْتِزَامًا أَخْلَاقِيًّا قَوِيًّا بِإحْتِرَام حُقُوق السُّكَّانِ الْأَصْلِيِّينَ وَالِإسْتِفَادَةِ مِنْ مَعَارِفِهِمْ وَمُمَارَسَاتّهِم الثَّمِينَة فِي مُوَاجَهَةِ الْأَزَمَات البِيئِيَّة الْعَالَمِيَّة.
_ التَّوَازُنِ بَيْنَ الْحُقُوقِ الْبَشَرِيَّة وَالْحُقُوق البِيئِيَّة
الْعَلَاقَةِ بَيْنَ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ وَالْبِيئَة هِيَ عَلَاقَةٌ وَثِيقَة وَ تَكَامُلِيَّة. فَحِمَايَةُ الْبِيئَةِ وَضَمَان سَلَامَتِهَا وَنَظَافَتِهَا أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ لِتَحْقِيق الْعَدِيدِ مِنَ الْحُقُوقِ الْأَسَاسِيَّة لِلْإِنْسَانِ، مِثْلَ الْحَقِّ فِي الْحَيَاةِ وَالصِّحَّةِ وَالْعَمَل وَ اللُّجُوء وَالْمِيَاهُ النَّظِيفَة وَ الْغِذَاء الْآمنُ. فِي الْمُقَابِلِ، تَلْعَب مُمَارَسَة حُقُوقِ الْإِنْسَانِ دُورًا مُحَوَّريا فِي إِرْسَاءِ وَحِمَايَة الْبِيئَةَ مِنْ خِلَالِ آلِيَّاتٌ مِثْلُ الْحَقِّ فِي الْحُصُولِ عَلَى الْمَعْلُومَاتِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي إتِّخَاذِ الْقَرَارَات البِيئِيَّة وَالْوُصُولُ إلَى الْقَضَاءِ لِحِمَايَة الْبِيئَة. لِذَا، فَإِنَّ تَحْقِيقَ التَّوَازُنِ بَيْنَ الْحُقُوقِ الْبَشَرِيَّة وَالبِيئِيَّة هُو تَحَدٍّ وَاجِب الْمُوَاجَهَة فَالِإعْتِرَاف بِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ فِي بِيئَة نَظِيفَة وَ أَمِنَّة وَصَحَّيَّة يُعَدُّ أَمْرًا جَوْهَرِيًّا لِحِمَايَة كَرَامَةُ الْإِنْسَانِ وَالْحِفَاظِ عَلَى حُقُوقِهِ، وَهُوَ مَا أَكَّدَتْهُ الْعَدِيدِ مِنَ الْمَوَاثِيق الدَّوْلِيَّة كَإِعْلَان سْتُّوكْهُولْم لِعَامٍ 1972 وَاَلَّذِي إعْتَبَرَ الْبِيئَة الطَّبِيعِيَّة "أَمْرًا جَوْهَرِيًّا" لِلتَّمَتُّع بِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ الْأَسَاسِيَّةُ. وَ فِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ، فَإِنَّ مُمَارَسَة حُقُوقِ الْإِنْسَانِ تُسَاعِدُ عَلَى حِمَايَةِ الْبِيئَة وَ تَعْزِيز إسْتِدَامَتُهَا، كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي حَقِّ الْمُشَارَكَةِ فِي صُنْعِ الْقَرَارَات البِيئِيَّة وَالْحُصُولُ عَلَى الْمَعْلُومَاتِ وَقَدْ تَمَّ تَكْرَيس هَذَا التَّرَابُطَ فِي الْعَدِيدِ مِنَ الدَّسَاتِير الْوَطَنِيَّة وَالِإتِّفَاقِيَّات الْإِقْلِيمِيَّة لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ، حَيْثُ أَصْبَحَ "الْحَقُّ فِي بَيّْئَة نَظِيفَة وَ صَحَّيَّة" أَحَدُ الْحُقُوق الْأَسَاسِيَّة لِلْإِنْسَان. وَيُشْكِلُ ذَلِكَ إعْتِرَافًا قَانُونِيًّا دَوْلِيًّا مُتَزَايِدًا بِأَهَمِّيَّة هَذَا الْحَقِّ وَضَرُورَة الْمُوَازَنَة بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُقُوقِ الْبَشَرِيَّة الْأُخْرَى. فِي هَذَا السِّيَاقِ، تَبْرُز قَضِيَّة "الْعَدَالَة الْمُنَاخِيَّة" كَتَجْسِيد عَمَلِي لِهَذَا التَّوَازُن. فَتَغَيُّر الْمُنَاخ وَإِثَارَة السَّلْبِيَّةِ عَلَى الْبِيئَةِ وَالمُجْتَمَعَات الْبَشَرِيَّة تُؤَثِّر بِشَكْلٍ غَيْرِ مُتَنَاسِب عَلَى الْفِئَات الْأَكْثَر ضَعْفًا وَإحْتِيَاجًا، مِمَّا يُشْكِلُ إنْتِهَاكًا لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ الْأَسَاسِيَّةُ. وَلِذَلِكَ، فَإِنَّ الْجُهُود الدَّوْلِيَّة لِمُوَاجَهَة تَغَيُّرِ الْمُنَاخِ وَالتَّخْفِيفِ مِنْ أثَارِهِ تَسْتَنِدُ إلَى مَبَادِئِ الْعَدَالَةِ وَالْمُسَاوَاةِ فِي التَّحَمُّلِ وَالْمَنَافِع، بِمَا يَضْمَنُ إحْتِرَام الْحُقُوق البِيئِيَّة وَالْإِنْسَانِيَّة عَلَى حَدِّ سَوَاءٍ. وَ مَنْ هَذَا الْمُنْطَلَقِ، تَتَعَاظَم الْحَاجَةِ إلَى تَطْوِيرٍ إِطَار قَانُونِيٍّ وَ تَنْظِيمِي شَامِلٌ يَكْفُل التَّوَازُنِ بَيْنَ حِمَايَة الْبِيئَة وَصَوْن حُقُوقِ الْإِنْسَانِ. فَلَا يُمْكِنُ تَحْقِيقُ التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة أَوْ الِإسْتِمْتَاعُ بِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ دُونَ ضَمَانِ بِيئَة صِحِّيَّة وَنَظِيفَة. وَالْعَكْس أَيْضًا صَحِيحٌ، فَحِمَايَةُ الْبِيئَةِ لَا تَتَحَقَّقُ دُون إحْتِرَام حُقُوقِ الْإِنْسَانِ الْأَسَاسِيَّةُ كَالْحَقِّ فِي الْمَعْلُومَات وَالْمُشَارَكَةِ فِي إتِّخَاذِ الْقَرَارَات. وَهُنَا تَكْمُن أَهَمِّيَّة تَعْزِيز التَّشْرِيعَات وَالسِّيَاسَات الْوَطَنِيَّة وَالدُّولَيَّة الْقَائِمَةُ عَلَى التَّكَامُلَ بَيْنَ الْبَعْدَيْنِ البِيئِيّ وَ الْإِنْسَانِيّ، بِمَا يَضْمَنُ الْمُسَاوَاةِ فِي التَّمَتُّعِ بِالْحُقُوق وَ يَحُولُ دُونَ تَرْكِ أَيْ فَرْدٍ أَوْ مَجْمُوعَةً "خَلْف الرَّكْب". وَهَذَا يَتَطَلَّب تَضَافَر الْجُهُود عَلَى مُخْتَلِفِ الْمُسْتَوَيَاتِ لِتَطْوِير وَتَنْفِيذ آلِيَّاتٌ فَعَّالَة لِإرْساء هَذَا التَّوَازُنِ الْمَنْشُود. وَمِنْ هُنَا، يَتَّضِحُ أَنَّ الْحُقُوقَ البِيئِيَّة وَالْإِنْسَانِيَّة لَيْسَتْ مُتَنَاقِضَة أَوْ مُتَعَارِضَة، بَلْ هُمَا وَجْهَانِ لِعَمَلَة وَاحِدَة. فَحِمَايَّة الْبِيئَةِ وَالتَّمَتُّع بِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ الْأَسَاسِيَّةُ هُمَا رَكِيزَتَان أُسَاسيتان لِبِنَاءِ مُجْتَمَع عَادِل وَ مُسْتَدَام. وَتَحْقِيق التَّوَازُنِ بَيْنَهُمَا يُمَثِّلُ أَحَدَ أَهَمّ التَّحَدِّيَات الَّتِي تُوَاجِهُ الْمُجْتَمَعُ الدَّوْلِيُّ فِي الْقَرْنِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ.
_ التَّوْفِيقُ بَيْنَ التَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ
التَّوْفِيقُ بَيْنَ التَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ هُو تَحَدِّ رَئِيسِيّ يُوَاجِهُ الْعَالَمَ الْيَوْمَ. وَمَعَ ذَلِكَ، هُنَاكَ الْعَدِيدِ مِنَ الطُّرُقِ الَّتِي يُمْكِنُ مِنْ خِلَالِهَا تَحْقِيقِ التَّوَازُنِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْهَدَفَيْن الْمُهِمَيّْن. يُمْكِنُ لِلْبُلْدَان تَحْقِيق التَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة مِنْ خِلَالِ الِإسْتِخْدَام الْفَعَال وَالْمَسْؤُول لِلْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة، مِثْل الطَّاقَة وَالْمِيَاه وَالْغَابَات. وَيَتَطَلَّبُ ذَلِك تَطْبِيق مُمَارَسَات الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ وَالتَّخْطِيط الْحَذَر لِلِإسْتِخْدَام الْمُسْتَدَام لِلْمَوَارِد. و يُعَدّ التَّحَوُّلِ إلَى مَصَادِر الطَّاقَةِ الْمُتَجَدِّدَةِ، مِثْل الطَّاقَةِ الشَّمْسِيَّةِ وَالرِّيَاح وَالطَّاقَة الْمَائِيَّة، أَدَّاة رَئِيسِيَّة لِتَحْقِيق التَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة مَعَ الْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ. فَهَذِه التِّقْنِيَّات نَظِيفَة وَ قَابِلَة لِلتَّجْدِيد، وَتُسَاعِد عَلَى الْحَدِّ مِنْ إنْبِعَاثَاتِ الْغَازَاتِ الضَّارَّةِ. كَمَا يُرَكِّز الِإقْتِصَاد الدَّائِرِيّ عَلَى إعَادَةِ إسْتِخْدَام الْمَوَادّ وَالْحَدُّ مِنْ النِّفَايَات مِنْ خِلَالِ إِعَادَةِ التَّدْوِيرِ وَالتَّصْنِيع. وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ هَذَا النَّهْجِ إلَى تَحْقِيقِ نُمُوّ إقْتِصَادِيّ مَعَ الْحِفَاظِ عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. وَ يُمْكِنُ لِلزِّرَاعَة الْمُسْتَدَامَة، بِمَا فِي ذَلِكَ الزِّرَاعَة الْعُضْوِيَّة وَالزِّرَاعَة الْحَيَوِيَّة، أَنْ تَعَزُّز الْإِنْتَاجِيَّة الزِّرَاعِيَّة مَعَ الْحِفَاظِ عَلَى التُّرْبَةِ وَالْمِيَاه وَ التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ. مِنْ خِلَالِ تَطْبِيق تِقْنِيَات وَمُمَارَسَات أَكْثَر كَفَاءَة فِي إسْتِخْدَامِ الطَّاقَة وَالْمَوَادّ الْخَام، يُمْكِن لِلْبُلْدَان تَحْقِيق نُمُوّ إقْتِصَادِيّ مَعَ الْحَدِّ مِنْ بَصْمَتِهَا البِيئِيَّة. إذْن، التَّوْفِيقُ بَيْنَ التَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ هُو تُحَدّ مُهِمّ، وَلَكِنْ هُنَاكَ الْعَدِيدِ مِنَ الْحُلُولِ الْمُتَاحَة لِلْبُلْدَان لِتَحْقِيقِ هَذَا التَّوَازُنِ. وَ يَتَطَلَّب ذَلِكَ إتِّبَاعَ نَهْج مُتَكَامِل يَشْمَل إدَارَة الْمَوَارِد بِشَكْل مُسْتَدَام وَالِإسْتِثْمَار فِي الطَّاقَةِ الْمُتَجَدِّدَةِ وَتَعْزِيز الِإقْتِصَاد الدَّائِرِيّ وَتَشْجِيع الْمُمَارَسَات الزِّرَاعِيَّة الْمُسْتَدَامَة وَتَحْسِين كَفَاءَة إسْتِخْدَام الطَّاقَة وَالْمَوَارِد.
_ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمَوَارِد وَالْحِفَاظِ عَلَى حُقُوقِ الأَجْيَال الْقَادِمَة
الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمَوَارِد وَالْحِفَاظِ عَلَى حُقُوقِ الأَجْيَال الْقَادِمَة هِيَ مِنْ أَهَمِّ المَسْؤُولِيَّاتِ الَّتِي يَنْبَغِي عَلَيْنَا تَحَمُلَهَا، فَالْأَجِيال الْقَادِمَةِ سَتُوَاجِه تَحَدِّيَات عَدِيدَةٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَوْفِير الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة اللَّازِمَة لِمُوَاجَهَة إحْتِيَاجَاتِهِمْ المُسْتَقْبَلِيَّة. عَلَى الأَجْيَالِ الْحَالِيَّة الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَ إسْتِخْدَامُهَا بِكَفَاءَة لِضَمَان إسْتِمْرَارَيْتُهَا وَتَوَافُرِهَا لِلْإِجْيَال الْقَادِمَة. كَمَا يَجِبُ التَّخْطِيط بِعِنَايَة للِإسْتِغْلَال الْمَوَارِد بِطَرِيقَة مُسْتَدَامَة، مَعَ الْحِرْصِ عَلَى عَدَمِ الْإِفْرَاطِ فِي إسْتِهْلَاكِهَا أَوْ إسْتِنْزَافها.وَ عَلَى الأَجْيَالِ الْحَالِيَّة تَوْعِيَّة الأَجْيَال الْقَادِمَة بِأَهَمِّيَّة الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمَوَارِد وَتَعْلِيمِهِمْ أَسَالِيب الِإسْتِخْدَام الْأَمْثَل لَهَا. كَذَا أَهَمِّيَّة الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمَوَارِد لِتِلْبِيَة إحْتِيَاجَات الأَجْيَال الْقَادِمَةِ مِنَ خِلَالِ تَوْفِير الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة اللَّازِمَة لِتِلْبِيَة إحْتِيَاجَات الأَجْيَال الْقَادِمَة كَالطَّاقَة وَالْمِيَاه وَ الْغِذَاء. و الْحُفَّاظُ عَلَى التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ وَ النَّظْم البِيئِيَّة لِضَمَان إسْتِمْرَارِيَّةِ الْحَيَاةِ عَلَى الْكَوْكَب. و تَجَنُّب الْأثَار السَّلْبِيَّة لِلِإسْتِخْدَام غَيْرِ الْمُسْتَدَامِ لِلْمَوَارِد عَلَى الْبِيئَةِ وَالْمُنَاخِ وَالمُجْتَمَعَات، أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى حُقُوقِ الأَجْيَال الْقَادِمَة وَ ضَمَان تَلْبِيَة إحْتِيَاجَاتِهِمْ المُسْتَقْبَلِيَّة هِيَ مَسْؤُولِيَّةٌ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الأَجْيَال الْحَالِيَّة وَالْقَادِمَة. وَهَذَا يَتَطَلَّب إتِّخَاذ إجْرَاءَات فَوْرِيَّة لِحِمَايَة الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَ ضَمَان إسْتِخْدَامُهَا بِكَفَاءَة وَ بِطَرِيقَة مُسْتَدَامَة. أَنَّ الْحُفَّاظَ عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة هُو مَسْؤُولِيَّة مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الأَجْيَال الْحَالِيَّة وَالْأَجِيال الْقَادِمَةِ. مِنَ الضَّرُورِيِّ أَنْ نَضْمَن تَوَافُر هَذِهِ الْمَوَارِدِ لِلْإِجْيَال الْمُقْبِلَةِ لِتِلْبِيَة إحْتِيَاجَاتِهِمْ المُسْتَقْبَلِيَّة. يَتَطَلَّبُ ذَلِكَ إتِّخَاذُ خُطُوَات مَلْمُوسَة لِتَقْلِيل إسْتِهْلَاك الْمَوَارِد غَيْر الْمُتَجَدِّدَة وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ. يَجِبُ عَلَيْنَا تَقْلِيل إسْتِهْلَاكِ الطَّاقَةِ وَالْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة غَيْر الْمُتَجَدِّدَة مِثْل الْوَقُودِ الْأُحْفُورِيِّ وَالْمَعَادِن النَّادِرَةِ. يَنْبَغِي تَشْجِيع إسْتِخْدَام مَصَادِرِ الطَّاقَةِ الْمُتَجَدِّدَةِ كَالطَّاقَة الشَّمْسِيَّة وَالرِّيَاح وَالْمِيَاه. كَمَا يَجِبُ إعَادَةُ تَدْوِير النِّفَايَات وَتَطْوِير مُمَارَسَات الِإقْتِصَادُ الدَّائِرِيّ لِتَقْلِيل الِإسْتِهْلَاك وَإسْتِخْدَام الْمَوَادّ بِشَكْلٍ أَكْثَرَ فَعَّالِيَّة. إنْ تَحْدِي حِمَايَة الْبِيئَة لِصَالِح الأَجْيَال الْقَادِمَة يَتَطَلَّب الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ الْحَدِّ مِنْ إنْبِعَاثَاتِ الْغَازَاتِ الدَّفَيْئَة وَتَقْلِيلُ التَّلَوُّث البِيئِيّ. وَيَنْبَغِي إتِّخَاذُ خُطُوَات لِحِمَايَة التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ وَالنَّظْم البِيئِيَّة لِلْحِفَاظِ عَلَى تَوَازُن الطَّبِيعَة. وَ يَجِب تَشْجِيع الْمُمَارَسَات الزِّرَاعِيَّة الْمُسْتَدَامَة وَ إِدَارَة الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة بِطَرِيقَة مَسْؤُولَة. فِي النِّهَايَةِ، أَنَّ حِمَايَة حُقُوق الأَجْيَال الْقَادِمَةِ فِي الْحُصُولِ عَلَى مَوَارِدِ طَبِيعِيَّة كَافِيَة هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْنَا جَمِيعًا. مِنْ خِلَالِ إتِّخَاذ إجْرَاءَات مُحَدَّدَة لِتَرْشِيد الِإسْتِهْلَاك وَحِمَايَة الْبِيئَة، يُمْكِنُنَا ضَمَان إسْتِمْرَارِيَّة التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة لِصَالِح الأَجْيَال الْمُقْبِلَة.
_ تَحْدِيدُ المَسْؤُولِيَّات وَالْأَوَّلُوِيَّات بَيْنَ الدُّوَلِ الْمُتَقَدِّمَة وَ النَّامِيَة
أَنَّ مَسْأَلَةَ تَحْدِيد المَسْؤُولِيَّات وَالْأَوَّلُوِيَّات بَيْنَ الدُّوَلِ الْمُتَقَدِّمَة وَالنَّامِيَة فِي مَجَالِ الْحُفَّاظُ عَلَى الْبِيئَةِ وَالتَّصَدِّي لِتَغَيُّر الْمُنَاخ هِيَ إحْدَى أَهَمّ وَأَكْثَرُ الْمَسَائِلِ إثَارِه لِلْجَدَل فِي الْمُفَاوَضَاتِ الدَّوْلِيَّة الْمُتَعَلِّقَة بِالبِيئَة وَالمُنَاخ. . الْمَبَادِئ الْأَسَاسِيَّة يَسْتَنِد التَّوْزِيع الْعَادِل لِلْمَسْؤُولِيَّات بَيْنَ الدُّوَلِ الْمُتَقَدِّمَة وَالنَّامِيَة إلَى عِدَّةِ مَبَادِئ أَسَاسِيَّة وَجَرَى تَكْرِيسَهَا فِي الْعَدِيدِ مِنَ الِإتِّفَاقِيَّات وَ الْمَوْتِمَرًات الدَّوْلِيَّة الْمُعْنِيَة بِالبِيئَة وَالمُنَاخ: . مَبْدَأ المَسْؤُولِيَّات الْمُشْتَرَكَةِ وَلَكِنْ الْمُتَبَايِنَة: يَنُصُّ هَذَا الْمَبْدَأِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الدُّوَل لَهَا مَسْؤُولِيَّة مُشْتَرَكَةٌ فِي حِمَايَةِ الْبِيئَة الْعَالَمِيَّة، وَلَكِنَّ هَذِهِ المَسْؤُولِيَّات تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ مُسَاهَمَة كُلِّ دَوْلَةٍ فِي إحْدَاثِ الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة وَقُدْرَتِهَا عَلَى الْمُسَاهَمَةِ فِي حِلِّهَا. . مَبْدَأ "الْمُلَوَّث يَدْفَع": وَفْقًا لِهَذَا الْمَبْدَأ، يَتَحَمَّل الْمُلَوَّث تَكَالِيف الْأَضْرَارِ الَّتِي يُسَبِبُهَا لِلْبِيئَة، بِمَا فِي ذَلِكَ تَكَالِيف الْوِقَايَة وَالْعِلَاج وَالتَّعْوِيض. وَهَذَا يَعْنِي أَنَّ الدُّوَلَ الْأَكْثَرَ تَلْوِيثًا لِلْبِيئَة يَجِبُ أَنْ تَتَحَمَّلَ الْعِبْىء الْأَكْبَرِ فِي التَّصَدِّي لِمُشْكِلَات الْبِيئَة وَالمُنَاخ. . مَبْدَأ الْمُسَاعَدَة وَالتَّعَاوُن الدَّوْلِيِّين: يَنُصُّ هَذَا الْمَبْدَأِ عَلَى ضَرُورَةِ تَقْدِيم الدُّوَل الْمُتَقَدِّمَة الدَّعْم الْمَالِيّ وَالتِّكْنُولُوجِيّ لِلدُّوَل النَّامِيَة لِتَمْكِينِهَا مَنْ الْمُسَاهَمَةِ فِي الْجُهُودِ الْعَالَمِيَّةِ لِحِمَايَة الْبِيئَة وَالمُنَاخ. . أَوْلَوِيَّات الدُّوَل الْمُتَقَدِّمَة وَالنَّامِيَة بِنَاءً عَلَى هَذِه الْمَبَادِئِ، هُنَاكَ إخْتِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيات بَيْنَ الدُّوَلِ الْمُتَقَدِّمَة وَالنَّامِيَة فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ وَ التَّصَدِّي لِتَغَيُّر الْمُنَاخ: . الدُّوَل الْمُتَقَدِّمَة: . تَحَمُّلِ الْمَسْؤُولِيَّةِ الْأَكْبَرِ فِي إحْدَاثِ الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة وَ الْمُنَاخِيَّة نَتِيجَةُ إنْبِعَاثِاتِهَا التَّارِيخِيَّة الضَّخْمَة مِنَ الْغَازَاتِ الدَّفَيْئَة. . عَلَيْهَا الْقِيَامُ بِخُطُوَات أَكْثَر طَمُوحًا لِخَفْض إنْبِعَاثِاتِهَا وَ تَحْقِيقُ التَّحَوُّلِ إلَى إقْتِصَاد مُنْخَفِض الْكَرْبُون. . تَوْفِير الدَّعْم الْمَالِيّ وَالتِّكْنُولُوجِيّ لِلدُّوَل النَّامِيَة لِمُسَاعَدَتُهَا فِي التَّكَيُّف مَع أثَار تَغَيُّرِ الْمُنَاخِ وَالْمُسَاهَمَةِ فِي الْجُهُودِ الْعَالَمِيَّةِ لِلْحَدّ مِنْه. . الدُّوَل النَّامِيَة: . تُعَانِي بِشَكْلٍ أكْبَرَ مِنَ أثَار تَغَيُّرِ الْمُنَاخِ رَغْم مُسَاهَمَّتُهَا الضَّئِيلَة فِي إحْدَاثُه. . أَوْلَوِيًّاتِهَا التَّنْمَوِيَّة وَالِإقْتِصَادِيَّة تَحْتَاجُ إلَى مَزِيدِ مِنْ الدَّعْم لِتَمْكِينِهَا مَنْ الْمُسَاهَمَةِ فِي الْجُهُودِ الْعَالَمِيَّةِ لِمُكَافَحَة تَغَيَّر الْمُنَاخ. . تُطَالِب بِالْمَزِيدِ مِنَ الْمُسَاعَدَات الْمَالِيَّة وَالتِّكْنُولُوجِيَّة مِنَ الدُّوَلِ الْمُتَقَدِّمَة لِتَعْزِيز قُدْرَاتِهَا عَلَى التَّكَيُّفِ مَع أثَار تَغَيَّر الْمُنَاخ. فِي النِّهَايَةِ، يَتَطَلَّب التَّصَدِّي الْفَعَال لِتَحَدِّيَات الْبِيئَةِ وَالْمُنَاخِ تَضَافَر الْجُهُود الدَّوْلِيَّة عَلَى أَسَاسِ مِنَ المَسْؤُولِيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلَكِنْ الْمُتَبَايِنَة، وَتَقْدِيم الدَّعْم اللَّازِم لِلدُّوَل النَّامِيَة لِتَمْكِينِهَا مَنْ الْمُسَاهَمَةِ فِي هَذِهِ الْجُهُود. وَهَذَا مَا يَعْكِس رَوْح التَّعَاوُن وَ التَّضَامُن الدَّوْلِيِّين اللَّازِمَيْن لِمُوَاجَهَة هَذِه التَّحَدِّيَات الْعَالَمِيَّة.
_ الحُقُوقِ وَالوَاجِبَاتِ البِيئِيَّة لِلْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات وَالْحُكُومَات
الْحَقُّ فِي الْبِيئَةِ السَّلِيمَة وَالنَّظِيفَة هُوَ حَقٌّ أَسَاسِيّ مِنْ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ، الَّذِي تَمَّ الِإعْتِرَافِ بِهِ فِي الْعَدِيدِ مِنَ الْمَوَاثِيق وَ الِإتِّفَاقِيَّات الدَّوْلِيَّة لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ. وَيَنْطَوِي هَذَا الْحَقِّ عَلَى وَاجِبَاتِ وَ إلْتِزَامَات عَلَى جَمِيعِ الْأَطْرَافِ - الْأَفْرَاد وَ المُؤَسَّسَات وَالْحُكُومَات - لِلْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ وَحِمَايَتِهَا مِنْ التَّلَوُّثِ وَالتَّدَهُّوُر. بِالنِّسْبَةِ لِلْأَفْرَادِ، فَإِنَّ الْحَقَّ فِي الْبِيئَةِ السَّلِيمَة يَرْتَبِط بِإلْتِزَامَات فَرْدِّيَّة مِثْل الْحُفَّاظُ عَلَى النَّظَافَةِ الْعَامَّة، وَعَدَم التَّخَلُّصِ مِنْ النِّفَايَات بِطُرُق ضَارَّة بِالبِيئَة، وَ الْمُسَاهَمَةِ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَتَرْشِيد إسْتِهْلَاكِهَا. كَمَا يَتَضَمَّنُ هَذَا الْحَقِّ مَسْؤُولِيَّة الْأفْرَادِ عَنْ الْمُشَارَكَةِ فِي الْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ مِنْ خِلَالِ الْمُبَادَرات الْمُجْتَمَعِيَّة وَالْأنْشَطَة البِيئِيَّة التَّطَوُّعِيَّة. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤَسَّسَات، سَوَاءٌ كَانَتْ شَرِكَاتٍ تِجَارِيَّةٍ أَوْ مُنَظَّمَات غَيْر حُكُومِيَّة أَوْ مُؤَسَّسَات أُخْرَى، فَإِنْ لَهَا وَاجِبَات بِيئِيَّة تَتَمَثَّلُ فِي الِإلْتِزَامِ بِالتَّشْرِيعَات وَالْقَوَانِينَ البِيئِيَّة، وَإتِّبَاع الْمُمَارَسَات الْمُسْتَدَامَة فِي إدَارَةِ عَمَلِيَّاتِهَا وَأنْشِطَتِهَا، وَالْحَدُّ مِنْ أثَارِهَا السَّلْبِيَّةِ عَلَى الْبِيئَةِ. كَمَا عَلَيْهَا الْمُسَاهَمَةِ فِي الْمُبَادَرات وَ البَرَامِج البِيئِيَّة وَتَعْزِيز الْوَعْي البِيئِيّ بَيْن الْمُوَظَّفِين وَ المُجْتَمَعَات الَّتِي تَعْمَلُ فِيهَا. وَبِالنِّسْبَةِ لِلْحُكُومَات، فَإِنْ لَهَا دَوْرًا أَسَاسِيًّا فِي حِمَايَةِ الْحَقِّ فِي الْبِيئَةِ السَّلِيمَةِ مِنْ خِلَالِ سَنّ التَّشْرِيعَات البِيئِيَّة الفَعَالَة، وَتَنْفِيذ السِّيَاسَات وَالبَرَامِج الرَّامِيَة إلَى الْحَدِّ مِنْ التَّلَوُّثِ وَحِمَايَة الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة. كَمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الْحُكُومَات تَشْجِيع الْمُشَارَكَةِ الْمُجْتَمَعِيَّةِ فِي الْقَضَايَا البِيئِيَّة، وَتَوْفِير الْحِمَايَة الْقَانُونِيَّة لِلْمُدَافَعِين عَنْ الْبِيئَة، وَ تَعْزِيز الْوَعْي البِيئِيّ لَدَى الْمُوَاطِنِين. وَبِشَكْلٍ عَامٍ، فَإِنْ الْحَقَ فِي الْبِيئَةِ النَّظِيفَة وَالْأَمَنَة يَتَطَلَّب تَضَافَر جُهُود جَمِيعِ الْأَطْرَافِ - الْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات وَالْحُكُومَات - لِتَحْقِيق التَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة وَالْحِفَاظِ عَلَى الْبِيئَةِ لِأَجْيَال الْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَلِ. وَ هَذَا يَتَطَلَّب إلْتِزَامًا مُشْتَرَكًا بِالْمَسْؤُولِيَّة البِيئِيَّة عَلَى جَمِيعِ الْمُسْتَوَيَات.
_ الْمَرْكَزِيَّة البِيئِيَّة و تَحَدِّيَاتُ الْعَصْرِ الْحَدِيثِ
مَبْدَأُ الْمَرْكَزِيَّة البِيئِيَّة يُوَاجِه الْعَدِيدِ مِنَ التَّحَدِّيَات الرَّئِيسِيَّة فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ. مِنْهَا مَبْدَأ الْمَرْكَزِيَّة الْبَشَرِيَّة، الَّذِي يَضَعُ مَصَالِح الْإِنْسَانِ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلِ، هَذَا النَّهْجِ مَا زَالَ السَّائِد فِي غَالِبِيَّةِ الْمُجْتَمَعَات. وَ يَنْظُرُ إلَى الطَّبِيعَةِ وَالْبِيئَة كَمُجَرَّد مَوَارِد لِخِدْمَة إحْتِيَاجَاتِ الْبَشَرِ، دُونَ إعْطَاءِ أَهَمِّيَّة لِقِيمَتِهَا الذَّاتِيَّة. تَبَّنِي هَذَا الْمَنْظُورِ يُؤَدِّي غَالِبًا إلَى إسْتِغْلَال الْبِيئَة بِشَكْلٍ غَيْرِ مُسْتَدَامٍ، مِثْل إزَالَة الْغَابَاتِ أَوِ التَّلَوُّث، بِحُجَّة تَحْقِيق الْمَصَالِح الِاقْتِصَادِيَّة وَالتَّنْمِويَّة الْبَشَرِيَّة. كَمَا يَرْتَبِط التَّحَدِّي السَّابِق بِتَغَلغل الْعَقْلِيَّةِ الْمَادِّيَّةُ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْحَدِيثَة، وَاَلَّتِي تُقَيِّم التَّقَدُّم وَالتَّنْمِيَة عَلَى أَسَاسِ النُّمُوِّ الِإقْتِصَادِيِّ وَالرِّبْح الْمَادِّيَّ فَقَطْ. هَذَا النَّهْجِ يُضْعِفُ مِنْ أَهَمِّيَّةِ الِإعْتِبَارَات البِيئِيَّة فِي صُنْعِ القَرَارِ، وَيُقَلِّلَ مِنْ قِيمَةِ الطَّبِيعَة وَالنَّظْم الَّإيْكُولُوجِيَّة، بِإعْتِبَارِهَا مُجَرَّد مَوَارِد لِإسْتِغْلَالِهَا لِتَحْقِيق الْأَرْبَاح. إضَافَة إلَى ذَلِكَ هُنَاكَ نَقْصٌ كَبِيرٌ فِي الْوَعْيِ وَالثَّقَافَة البِيئِيَّة لَدَى عَامَّةِ النَّاسِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُجْتَمَعَاتِ. فَالْكَثِيرُ مِنْ الْأفْرَادِ لَا يُدْرِكُونَ التَّرَابُط الوَثِيقِ بَيْنَ أَنْشِطَتِهِمْ الْيَوْمِيَّة وَالتَّأْثِير السَّلْبِيِّ عَلَى الْبِيئَةِ. كَمَا أَنَّ ضَعْفَ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ البِيئِيّ يُؤَدِّي إلَى إنْتِشَارِ الْمُمَارَسَات الضَّارَّة بِالبِيئَة، مِثْل الْإِفْرَاطُ فِي إسْتِهْلَاكِ الْمَوَارِد الطَّبِيعِيَّة وَإِنْتَاج النِّفَايَات. هَذَا يُعِيق تَبَّنِي مَبْدَأ الْمَرْكَزِيَّة البِيئِيَّة عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ. إلَى جَانِبِ ذَلِكَ فَفِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْيَانِ، تَفْتَقِر الْحُكُومَات وَالمُؤَسَّسَات إلَى الْإِرَادَةِ السِّيَاسِيَّةِ وَالْقُدُرَات اللَّازِمَة لِوَضْع وَتَطْبِيق سِيَاسَات وَتَشْرِيعَات بِيئِيَّة فَعَّالَة. هُنَاكَ نَقْصٌ فِي الْمَوَارِدِ الْمَالِيَّة وَالْبَشَرِيَّة الْمُخَصِّصَة لِحِمَايَة الْبِيئَة، فَضْلًا عَنْ ضَعْفٍ آلِيَّاتِ الْمُسَاءَلَة وَالرَّقَابَة. هَذَا يُحَدُّ مَنْ قَدَّرَة الْمُجْتَمَعِ عَلَى تَبَّنِي مَبْدَأ الْمَرْكَزِيَّة البِيئِيَّة فِي الْوَاقِعِ الْعَمَلِيّ. فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْيَانِ، تَوَاجَه الْحُكُومَات ضُغُوطا مُتَزَايِدَة لِتَحْقِيق التَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة السَّرِيعَة، عَلَى حِسَابِ الِإعْتِبَارَات البِيئِيَّة. فَالْحَاجَةُ إلَى تَوْفِيرِ فُرَصِ الْعَمَلِ وَالْخِدْمَات الْأَسَاسِيَّة لِلسُّكَّان تَدْفَع صُنَّاع السِّيَاسَات إلَى إعْطَاءِ الْأَوْلَوِيَّة لِلنَّمو الِإقْتِصَادِيِّ عَلَى حِسَابِ حِمَايَة الْبِيئَة. هَذَا يُشْكِلُ تَحَدِّياً كَبِيرًا أمَام تَبَّنِي مَبْدَأ الْمَرْكَزِيَّة البِيئِيَّة. فِي الْخُلَاصَةِ، فَإِنْ التَّحَدِّيَات الرَّئِيسِيَّةِ الَّتِي تُوَاجِهُ مَبْدَأ الْمَرْكَزِيَّة البِيئِيَّة تَكْمُنُ فِي الْهَيْمَنَةِ الْمُسْتَمِرَّة لِلْمُرْكَزِيَّة الْبَشَرِيَّة، وَسِيَادَة الْعَقْلِيَّة الْمَادِّيَّة الْمُرَكَّزَة عَلَى النُّمُوِّ الِإقْتِصَادِيِّ، وَغِيَاب الْوَعْي وَالثَّقَافَة البِيئِيَّة، وَضَعَّف الْحَوْكَمَّة وَالتَّشْرِيعَاتِ البِيئِيَّة، بِالْإِضَافَةِ إلَى الضُّغُوط الْمُتَزَايِدَة لِلتَّنْمِيَة الِإقْتِصَادِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة. تَجَاوُزُ هَذِهِ التَّحَدِّيَات يَتَطَلَّب جُهُودًا مُكَثَّفَةً عَلَى كَافَّةِ الْمُسْتَوَيَات لِلتَّرْوِيج لِمَبْدَإ الْمَرْكَزِيَّة البِيئِيَّة وَتَعْزِيز الْمُمَارَسَات الْمُسْتَدَامَة.
_ الَّإيْكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة وَالْإِيكَولُوجْيَا الضَّحْلَة؛ مَأْزِق الْمُمَارَسَة و الْخَطَّاب
هُنَاكَ تَحَدِّيَات كَبِيرَةٍ تُوَاجِهُ كُلٍّ مِنْ حَرَكَتَيْ الَّإيْكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة وَالْإِيكَولُوجْيَا الضَّحْلَة، وَهُنَاكَ أَوْجُهٌ إخْتِلَاف رَئِيسِيَّة بَيْنَهُمَا. فِيمَا يَخُصّ التَّحَدِّيَات الرَّئِيسِيَّة لِحَرَكَة الَّإيْكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة فَهِي كَالْآتِي : . التَّغْيِير الْجِذْرِيّ فِي الْوَعْيِ وَالنَّظْرَة الْبَشَرِيَّة: تَدْعُو الَّإيْكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة إلَى تَغْيِيرِ جِذْرِيٍّ فِي طَرِيقَة تَفْكِير الْبَشَر وَإِدْرَاكِهِمْ لِعَلَاقَتِهِمْ بِالطَّبِيعَة وَالْبِيئَة. وَهَذَا التَّحَوُّل الْفِكْرِيِّ وَ الثَّقَافِيِّ الْكَبِيرُ هُوَ أَمْرٌ صَعْبٌ التَّحْقِيق وَشَاق، حَيْثُ يَتَطَلَّب إِعَادَةِ تَشْكِيلِ جِذْرِيَّة لِلنَّمُوذَج السَّائِد لِلْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَ الطَّبِيعَةِ. . مُوَاجَهَةٌ الْهَيْمَنَة الْفِكْرِيَّةُ وَالسِّيَاسِيَّةُ لِلْمُقَارَبَات الْبَشَرِيَّة الْمَرْكَزِيَّة: تَوَاجَه الَّإيْكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة تَحْدُيا كَبِيرًا فِي التَّأْثِيرِ عَلَى الْخِطَابِ وَالسِّيَاسَات السَّائِدَة الَّتِي تَضَعُ مَصَالِحُ الْإِنْسَانِ فِي الْمَرْكَزِ، وَتَنْظُرُ إلَى الطَّبِيعَةِ كَمُجَرَّد مَوَارِد لِخِدْمَةِ الْإِنْسَانِ. وَهَذَا يَتَطَلَّب مُوَاجَهَةِ قِوَّى سِيَاسِيَّة وَإقْتِصَادِيَّة قَوِيَّة تُدَعِّم هَذَا النَّمُوذَجَ. . تَحْقِيقُ التَّطْبِيقِ العَمَلِيِّ وَالتَّغْيِير السُّلُوكِي: حَتَّى بَعْدَ إحْدَاثِ التَّحَوُّل الْفِكْرِيّ الْمَطْلُوبَ، هُنَاكَ تَحَدِّ كَبِيرٌ فِي تَرْجَمَةِ هَذِهِ الْمَبَادِئِ الْفَلْسَفِيَّةِ إِلَى مُمَارَسَات عَمَلِيَّةُ مَلْمُوسَة عَلَى مُسْتَوَى الْأَفْرَادِ وَالمُجْتَمَعَات وَالمُؤَسَّسَات. وَ يَتَطَلَّب ذَلِك تَغْيِيرَات جِذْرِيَّة فِي نَمَطٍ الْحَيَاة وَالْإِنْتَاج وَالِإسْتِهْلَاك. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحَرَكَة الَّإيْكُولُوجِيَا الضَّحْلَة، فَتَوَاجه التَّحَدِّيَات التَّالِيَة: . التَّرْكِيز الْمَحْدُودِ عَلَى الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة السَّطْحِيَّة: تَنْتَقِد الَّإيْكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة الَّإيْكُولُوجِيَا الضَّحْلَة لِكَوْنِهَا تُرَكِز فَقَطْ عَلَى مُعَالَجَةِ مَظَاهِر . التَّلَوُّث وَفِقْدَان التَّنَوُّع الْبَيُولُوجِيّ دُونَ التَّطَرُّقِ لِلْجَذور الْحَقِيقِيَّةِ لِلْأَزْمَة البِيئِيَّة فِي النَّمُوذَجِ الْحَضَارِيّ السَّائِد. . عَدَم التَّحَدِّي الْجِذْرِيّ لِلنَّظَّام الِإقْتِصَادِيّ وَالِإجْتِمَاعِيّ الْقَائِم: بَيْنَمَا تَسْعَى الَّإيْكُولُوجِيَا الضَّحْلَة لِحُلُولِ جُزْئِيَّة لِبَعْض الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة، إلَّا أَنَّهَا لَا تَتَحَدَّى بِشَكْل جِذْرِيّ النِّظَامِ الِإقْتِصَادِيِّ وَالِإجْتِمَاعِيّ الَّذِي يُنْتِجُ هَذِهِ الْمُشْكِلَاتِ. وَهَذَا يُحِدُّ مَنْ قُدْرَتِهَا عَلَى إحْدَاثِ تَغْيِير حَقِيقِيّ وَعَمِيق. . الِإفْتِقَارِ إلَى رُؤْيَةِ شُمُولِيَّة لِلنَّظَّام البِيئِيّ: تُرْكَز الَّإيْكُولُوجِيَا الضَّحْلَة عَلَى مُعَالَجَةِ الْقَضَايَا البِيئِيَّة بِشَكْل مُنْفَصِل دُونَ النَّظَرِ إلَى تَرَابُطَهَا وَتَكَامُلُهَا ضَمِن مَنْظُومَة الْبِيئَة الْكُلِّيَّةِ. وَهَذَا يُحَدُّ مَنْ فَعَّالِيَّتَهَا فِي مُعَالَجَةِ الْأَزْمَة البِيئِيَّة بِشَكْلٍ شَامِلٍ. تَوَاجَه كُلٍّ مِنْ حَرَكَتَيْ الَّإيْكُولُوجِيَا الْعَمِيقَة وَالْإِيكَولُوجْيَا الضَّحْلَة تَحَدِّيَات كَبِيرَةً، لَكِنْ طَبِيعَةِ هَذِهِ التَّحَدِّيَات تَخْتَلِف بِشَكْل جَوْهَرِيّ بَيْن الْمُقَارَبَتَيْن. فَالْإيكولُوجْيَا الْعَمِيقَة تَسْعَى إِلَى تَحَوُّلَات جِذْرِيَّة فِي الْوَعْيِ وَالنِّظَامِ الِإجْتِمَاعِيِّ وَ الِإقْتِصَادِيّ، بَيْنَمَا تُرْكَز الَّإيْكُولُوجِيَا الضَّحْلَة عَلَى مُعَالَجَةِ الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة السَّطْحِيَّة دُون التَّصَدِّي لِلْجَذور الْحَقِيقِيَّةُ لِهَذِه الْمُشْكِلَات.
_ الْبِيئَةِ إمَام تَحَدِّيَات الْحُقُوق وَالْمَسْؤُولِيَّة وَالْعَدَالَة
الْبِيئَة تَوَاجَه فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ الْعَدِيدِ مِنَ التَّحَدِّيَات الْكُبْرَى فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِهَا وَالمَسْؤُولِيَّةَ عَنْ حِمَايَتِهَا وَ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَدَالَة البِيئِيَّة عُمُومًا. هَذِه التَّحَدِّيَات تَكْتَسِب أَهَمِّيَّة مُتَزَايِدَة فِي ظِلِّ التَّزَايُد الْمُسْتَمِرَّ فِي التَّلَوُّث البِيئِيّ وَالْأضْرَار الَّتِي تَلْحَقُ بِالنَّظْم البِيئِيَّة الطَّبِيعِيَّة. تُعْتَبَرُ الْبِيئَة الْيَوْمِ مَصْلَحَةٌ جَدِيرَة بِالْحِمَايَة وَحَقًّا مِنْ حُقُوقِ الْإِنْسَانِ الَّتِي يَجِبُ الْحِفَاظُ عَلَيْهَا وَحِمَايَتِهَا فِي كُلِّ الظُّرُوفِ وَالْأَوْقَات. وَقَدْ تَطَوُّر الِإعْتِرَاف بِحُقُوق الْبِيئَة بِشَكْل تَدْرِيجِيّ عَلَى الْمُسْتَوَى الدَّوْلِيِّ حَيْثُ أَصْبَحَتْ الْبِيئَة مِحْوَر إهْتِمَام عَدَدٍ مِنْ الْمَوَاثِيقِ وَ الِإتِّفَاقِيَّات الدَّوْلِيَّة ذَات الصِّلَة. فِي هَذَا الْإِطَارِ، نَصَّتْ المَادَّةُ 24 مِنْ الْمِيثَاقِ الْإِفْرِيقِيّ لِحُقُوقِ الْإِنْسَانِ وَالشُّعُوب عَلَى أَنَّ "لِكُلِّ الشُّعُوب الْحَقِّ فِي بِيئَة مُرْضِيَّة وَشَامِلَة لِلتَّنْمِيَةِ". كَمَا أَقَرَّ إعْلَان سِتُّوكهولم لِعَامٍ (1972) الْحَقِّ فِي بِيئَة سَلِيمَة بِإعْتِبَارِه أَحَد الْحُقُوق الْأَسَاسِيَّة لِلْإِنْسَان. وَ مَعَ ذَلِكَ، لَا يَزَالُ هُنَاك تَحَدِّيَات كَبِيرَةً فِي إِرْسَاءِ هَذَا الْحَقِّ وَتَطْبِيقِه بِشَكْل فَعَّال، حَيْثُ إنَّ الْكَثِيرَ مِنْ الدُّوَل لَا تَزَالُ تَتَعَامَلُ مَعَ الْبِيئَة كَمُجَرَّد مَوْرِدٍ إقْتِصَادِيٍّ يَتِمّ إسْتِغْلَالُه دُون الِإهْتِمَام بِالحِفَاظ عَلَيْهَا وَمَنَعَ تَدْهُورِهَا. إلَى جَانِبِ الِإعْتِرَاف بِحَقّ الْبِيئَة فِي الْحِمَايَةِ، يَأْتِي مَوْضُوعٌ الْمَسْؤُولِيَّةُ عَنْ حِمَايَةِ الْبِيئَة وَ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا كَتَحَدٍّ آخَرَ. فَالْبِيئَة تَتَأَثَّرُ بِأَنْشِطَة الْإِنْسَانُ الْمُخْتَلِفَة، وَلِذَا فَإِنَّ عَلَى الْجَمِيعِ - الْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات وَ الْحُكُومَات - تَحَمُّلِ الْمَسْؤُولِيَّةِ عَنْ حِمَايَتِهَا مِنْ التَّلَوُّثِ وَ الْأضْرَار البِيئِيَّة. فِي هَذَا السِّيَاقِ، تَلْعَب التَّشْرِيعَات وَ السِّيَاسَات البِيئِيَّة دُورًا مُحَوَّريا فِي تَحْدِيدِ المَسْؤُولِيَّات البِيئِيَّة وَفَرْض الْآلِيَّاتِ اللَّازِمَة لِضَمَان الِإمْتِثَال لَهَا. كَمَا أَنَّ الْمَسْؤُولِيَّةَ البِيئِيَّة تَتَعَدَّى الْمُسْتَوَى الْوَطَنِيِّ لِتَشْمَل الْمُسْتَوَى الدَّوْلِيِّ، حَيْثُ إنَّ بَعْضَ الْمُشْكِلَات البِيئِيَّة ذَاتِ طَبِيعَةٍ عَابِرَة لِلْحُدُود الْوَطَنِيَّة وَتَتَطَلَّب تُنْسَيقا دَوْلِيًّا لِحَلِّهَا. وَمَعَ ذَلِكَ، لَا يَزَالُ هُنَاك تَحَدِّيَات كَبِيرَةً فِي تَطْبِيقِ الْمَسْؤُولِيَّة البِيئِيَّة بِشَكْل فَعَّال، حَيْث تَوَاجَه الْكَثِيرِ مِنْ الدُّوَل صُعُوبَاتٍ فِي إنْفَاذِ الْقَوَانِين البِيئِيَّة وَتَحْدِيد المَسْؤُولِيَّات بِشَكْل وَاضِحٌ، مِمَّا يُؤَدِّي إلَى إسْتِمْرَارِ الْأضْرَار البِيئِيَّة دُون مُحَاسَبَة. تُعَدُّ قَضِيَّة الْعَدَالَة البِيئِيَّة مِنْ أَهَمِّ التَّحَدِّيَات الْمُعَاصِرَة، حَيْث تَسْعَى إِلَى ضَمَانِ تَوْزِيع عَادِل لِلْأعَبَاء وَالْفَوَائِدِ النَّاتِجَةِ عَنِ التَّغَيُّرَات البِيئِيَّة، مَع التَّرْكِيزِ عَلَى حِمَايَةِ الْفِئَات الْأَكْثَر ضَعْفًا وَالْأَكْثَر تَأَثُّرًا بِالْمَشْكُلَات البِيئِيَّة. فِي هَذَا الْإِطَارِ، تَشْمَل الْعَدَالَة البِيئِيَّة عِدَّة أبْعَاد رَئِيسِيَّة: 1. الْإِنْصَافِ فِي تَوْزِيعِ الأَعْبَاء البِيئِيَّة: يَجِبُ أَنْ تَتَحَمَّلَ الدُّوَل وَالمُجْتَمَعَات الْأَكْثَر تَقَدَّمَا جُزْءًا أَكْبَرُ مِنْ الْمَسْؤُولِيَّةَ فِي الْحَدِّ مِنْ الِإنْبِعَأَثْأَتْ وَالأضْرَارُ البِيئِيَّة، نَظَرًا لِإِسْهَامَاتُهَا التَّارِيخِيَّة فِي الْمُشْكِلَاتِ البِيئِيَّة. 2. حِمَايَة الْفِئَات الْأَكْثَر ضَعْفًا: يَجِبُ أَنْ تَحْظَى الْمُجْتَمَعَات الْفَقِيرَة وَالنَّامِيَة بِحِمَايَة خَاصَّةً مِنْ الْأثَارِ السَّلْبِيَّة لِلتَّغَيُّرَات البِيئِيَّة، حَيْثُ إنَّهَا الْأَكْثَرُ تَضَرُّرًا عَلَى الرَّغْمِ مِنْ كَوْنِهَا الْأَقَلّ إِسْهَامًا فِي حُدُوثِهَا. 3. الْمُشَارَكَة الْعَادِلَةِ فِي صُنْعِ القَرَارِ: يَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْفِئَات الضَّعِيفَة جُزْءًا مِنْ عَمَلِيَّةِ صُنْعِ القَرَارِ الْمُتَعَلِّقَة بِالسِّيَاسَات البِيئِيَّة، لِضَمَانٍ أَنّْ تَكُونَ هَذِهِ السِّيَاسَاتِ عَادِلَة وَ فِعَالَة. وَمَعَ التَّقَدُّمِ فِي تَبَنِّي مَفْهُومِ الْعَدَالَةِ البِيئِيَّة عَلَى الْمُسْتَوَى الدَّوْلِيِّ، لَا تَزَالُ هُنَاك تَحَدِّيَات كَبِيرَةً فِي تَطْبِيقِهِ بِشَكْل فَعَّال، نَظَرًا لِتَبَايُن الْمَصَالِح وَالْقُدُرَات بَيْنَ الدُّوَلِ الْمُتَقَدِّمَة وَالنَّامِيَة، وَصُعُوبَة التَّوَصُّلُ إلَى إتِّفَاقَات دَوْلِيَّة مُلْزِمَةٍ فِي هَذَا الشَّأْنُ. فِي الْخِتَامِ، يَتَّضِحُ أَنَّ الْبِيئَة تَوَاجَه تَحَدِّيَات كُبْرَى فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِهَا وَالمَسْؤُولِيَّةَ عَنْ حِمَايَتِهَا وَالْعَدَالَة البِيئِيَّة. وَتَتَطَلَّب مُوَاجَهَةِ هَذِهِ التَّحَدِّيَات جُهُودًا مُتَوَاصِلَة عَلَى الْمُسْتَوِيَيْنِ الْوَطَنِيّ وَالدَّوْلِيّ لِتَعْزِيز الْإِطَار الْقَانُونِي وَالْمُؤَسَسِي.
#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الْأَخْلَاقِ البِيئِيَّة :-الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
-
الْأَخْلَاقِ الطِّبِّيَّة
-
الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة
-
البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ-
-
البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الثَّانِي-
-
البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي فَلْسَفَةِ الِإخْتِلَاف
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : رِهَان الدِّرَاسَات المُسْتَقْبَلِ
...
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَحَدِّيَات الْعَوْلَمَة
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : أَسَاسِيًّات التَّقَدُّمُ
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : إنْتِقَادَات مَا بَعْدَ الْحَدَاثَة
...
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَسَاؤُلَات الْحَدَاثَةِ
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَشْكِيلَات الْحَضَارَةُ
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْمَنْظُور الْفَلْسَفِيّ التَّارِي
...
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق: رَمَزَيات الْمَيثولُوجْيَا
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق: جُذُور الْمُعْتَقَدَات السِّحْرِيَّة
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : تَجَاوُزَات الْأَيْدُيُولُوجِيَّا
-
الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي الْحِكْمَةِ الْغَنُوصِيَّة
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق فِي الْحِكْمَةِ الْهَرْمُسِيَّة
-
الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق؛ مَبَاحِث الْآكْسِيُّولُوجْيَا
المزيد.....
-
أقدم غوريلا في العالم تحتفل بعيد ميلادها الـ68 عامًا.. شاهد
...
-
السعودية تكشف 5 إجراءات قبل موسم الحج 2025 حفاظا على سلامة ا
...
-
ترامب يتجاهل مصافحة زوجة وزير الصحة.. مشهد محرج خلال حدث ريا
...
-
-تنذكر ما تنعاد-، صور من حرب لبنان الأهلية في الذكرى الـ50 ل
...
-
قوة تدميرية غير مسبوقة.. واشنطن في طريقها لتطوير قنبلة ذرية
...
-
الجزائر تعرب عن -احتجاجها الشديد- على حبس أحد موظفيها القنصل
...
-
حماس: قصف الاحتلال مستشفى المعمداني جريمة حرب بغطاء أميركي
-
الجزائر تحتج على توقيف فرنسا أحد موظفي قنصليتها
-
طهران تعلن عن جولة جديدة وترامب يشيد بالمحادثات معها
-
عاجل | مصادر طبية: 7 شهداء وعدد من الجرحى في قصف استهدف سيار
...
المزيد.....
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
المزيد.....
|