أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - 9 نيسان يوم سقوط الصنم الاكبر والاخطر والاحقر














المزيد.....

9 نيسان يوم سقوط الصنم الاكبر والاخطر والاحقر


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 19:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُمثِّل التاسع من نيسان/أبريل 2003 محطَّةً فارقةً في التاريخ العراقي الحديث، لا بوصفه حدثاً عابراً، بل كَـمُنْعَطَفٍ جذريٍّ فصل بين عهدين: عهد القمع والاستبداد الذي تجسَّد في حكمٍ شمولي طويل، وعهدٍ جديدٍ حاول العراقيون من خلاله استعادة أنفاسهم بعد عقودٍ من الخناق. ففي هذا اليوم، لم يسقط مجرَّد تمثالٍ في ساحة الفردوس ببغداد، بل سقط رمزٌ لنسقٍ سياسيٍ كاملٍ ارتكز على ثقافة التخويف والتفرد، ليتحوَّل الحدث إلى إيذانٍ بزوال نظامٍ طالما أحاط نفسه بهالات القداسة الزائفة.
لقد تجاوزت دلالات هذا اليوم كونه لحظةَ تحريرٍ من حكم الفرد، ليكون تعبيراً عن صراعٍ مركَّبٍ بين مكوِّنات الهوية العراقية: الأصيل في مقابل الدخيل، والقيم النبيلة في مواجهة الرذائل المُستشْرية، والحق الذي يناوئ الباطل... .
إنَّ يوم 9 نيسان يومٌ لا يُشبه سائر الأيام؛ انه يوم الفصل ؛ يومٌ فَصَلَ بين الدخيل والأصيل، والرذيل والنبيل، والطالح والصالح، واللئيم والحليم , والبخيل والكريم ... ؛ يومٌ من نورٍ وعهدٍ جديد، تنفَّس فيه العراقيُّون الصُّعَداء، وذاقوا طَعمَ الكرامةِ والحريةِ والإباء.
يومُ التاسع من نيسان، بكل حمولته الدلالية المتشابكة والمعقدة، سيظلُّ يومَ الأيام، وسيبقى عام 2003 سيدَ الأعوام... وعلى الرغم من كل التحديات والمؤامرات والغُزوات والعمليات الارهابية والصولات الطائفية الاجرامية التي تعرَّض لها العراقُ والأمةُ والأغلبيَّةُ العراقيةُ بالتزامن مع سقوط الصَّنَم... ، الا إن هذه التضحيات لم تذهب سُدًى؛ ففي سبيل الحرية والوطن والديمقراطية والهُوية العراقية الأصيلة، تَهون الصعاب وتُرخص الدماء، ويُبذل الغالي والنفيس.
لم تكن التضحيات الوطنية التي قدَّمها العراقيون خلال سنوات الحُكم الاجرامي الطائفي الهجين هباءً وبلا نتيجة واقعية ، اذ تحوَّلت مع مرور السنوات إلى إرثٍ يتوارثه الاجيال والشباب في صدروهم وقلوبهم وعقولهم ... ؛ فالمشهد المزري للقوات الصدامية والاجهزة القمعية يوم السقوط ؛ الذي بدا للناس وكأنهم " فص ملح ذاب في الماء " يظهر واقع النظام البائد وقتذاك ، اذ تحوَّل إلى واقعٍ معقَّدٍ تتداخل فيه عوامل الاحتلال الخارجي مع إرث التهميش الداخلي، وصراعات الهُويَّات الفرعية والهجينة مع أحلام الدولة المدنية والاغلبية العراقية .
ومع ذلك، يبقى يوم التاسع من نيسان علامةً فارقة على مقاومة شعبٍ رفض أن يُختزل في صورة الضحية الأبدية، فانتفض ضدَّ منظومةٍ قمعيةٍ جثمت على صدر الوطن عقوداً، بدءاً من حكم بقايا العثمنة، مروراً برعايا الاستعمار البريطاني، وصولاً إلى الأنظمة الهجينة و الشمولية والطائفية التي حوَّلت العراق إلى ساحةٍ لتصفية الحسابات ونهب الثروات وقتل وتهميش الكفاءات .
سيظلُّ يومُ التاسع من نيسانَ عالقًا في ذاكرة التاريخ العراقي، وفي ضمير الأغلبيَّة الأصيلة وأحرار الأمَّة؛ فهو يومُ الخلاص من بقايا الاستعمار العثماني والبريطاني ، والتحرر من همجية المُحتلِّين الداخليين والمتجنسين ورعايا الإنجليز وذيول الأتراك والأنظمة العربية القمعية، والانعتاق من نير الطغمة الطائفية التي جثمت على صُدور العراقيين عقودًا من الزمن الأغبر... ؛ إنَّ ذكرى سقوط الصَّنَم ستظلُّ حيةً في ذاكرة الشعب، تتجلَّى في نضالاته وثوراته وانتفاضاته عبر مسيرة الكفاح الوطني الطويل، من أجل الخلاص من عهود التخلُّف وطُغيان جلاوزة الفِئة الهجينة وأعوان الطغمة المُتسلطة الطائفية والمناطقية المقيتة .
ولكن ورغم الفرح العارم الذي اجتاح الشارع العراقي آنذاك، فإن الذاكرة الجمعية تختزن اليوم تناقضاتٍ عميقةً؛ فبينما رأى فيه البعض فجرَ حريةٍ مُنتظَر، رأى آخرون بذور فوضى لم تُثمر سوى مزيدٍ من التشظّي... .
نعم لم يكُن الزمن الذي أعقب السقوط مُجرد امتدادٍ للعهد الهجين السابق وتداعياته الخطيرة ، بل شهدَ ولادةَ أسئلةٍ جديدةٍ حول ماهية الدولة المنشودة : كيف تُبنى مؤسساتٌ تحفظ الكرامةَ والعدل؟
وكيف تُوازن بين الانتماء الوطني والتنوع الثقافي؟
ورغم الإخفاقات التي طبعت مسيرة ما بعد 2003، فإنَّ الحدث ظلَّ منارةً تُذكِّر بأنَّ التضحيات، وإن تأخرت ثمارها، تبقى أساساً لأي تحوُّلٍ حقيقي.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الولاء للأغلبية العراقية : بين مسؤولية التمثيل وخيانة الانتم ...
- الوفيات تحت التعذيب : جرائم تخفيها الاجهزة الامنية ويكشفها ا ...
- سوريا تحت نير الحركات متعددة الجنسيات والعصابات الدولية
- من يوقف شلال الدم العلوي في سوريا ؟!
- قتلوا الطفولة العلوية في العيد !
- ثلاثة ايام من الالام والمعاناة في مديرية مكافحة المخدرات
- ثاني اوكسيد الكذب
- ترنح الأمة العراقية بين الأصالة والانحراف
- العراقي بين نعمة الحرية ومسؤولية الحفاظ عليها
- تدهور المحتوى الديني وانتشار الدجل والتفاهة
- الشر قائم و قادم لا محالة
- الطائفي يتنصل من الخيانة والمسؤولية ويتباكى على صدام ونظامه ...
- استحالة العيش مع التكفيريين والطائفيين
- لا مناص لنا من الايمان بالأمة العراقية وتعزيز دولة المواطنة ...
- تنهدات الاحرار لما سيؤول اليه امر العراق في المستقبل القريب ...
- وادي حوران محتل كالجولان من قبل الامريكان (4)
- ويستمر التحريض الطائفي في سوريا : وين الزلم يا حسين !!
- ابو عبيدة يكسر جدار التعتيم : ابادة العلويين ليست هدفا لثورت ...
- عدالة حكومة الجولاني المزيفة
- هم عراقيون ولكن بالمواطنة لا بالأصالة


المزيد.....




- الدفاع الروسية: قوات كييف استهدفت بنى الطاقة 8 مرات في 24 سا ...
- نواف سلام يبحث مع أبو الغيط الوضع في لبنان والمنطقة
- ليبيا.. حرائق غامضة تلتهم 40 منزلا في مدينة الأصابعة خلال 3 ...
- رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام يصل إلى دمشق حيث سيلتقي بال ...
- -يجب علينا تخيُّل العالم ما بعد الولايات المتحدة- - الغارديا ...
- الجزائر تمهل 12 موظفا في سفارة فرنسا 48 ساعة لمغادرة أراضيها ...
- -ديب سيك - ذكيّ ولكن بحدود... روبوت الدردشة الصيني مقيّد بضو ...
- انخفاض تعداد سكان اليابان إلى أدنى مستوى منذ عام 1950
- جدل في الكنيست حول مصر.. وخبير يعلق: كوهين أحد أدوات الهجوم ...
- وزير خارجية فرنسا يدعو لفرض -أشد العقوبات- على روسيا


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - 9 نيسان يوم سقوط الصنم الاكبر والاخطر والاحقر