سمير خطيب
الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 17:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
#التراجع_الاستراتيجي :
بين حماية الأبرياء والثبات على الهدف** ⬇️⬆️
مقدمة:
✍️ الاختيار الصعب بين المواجهة والتراجع!!
في خضم الحروب والصراعات الدموية، يبرز أحيانًا خيارٌ صعبٌ أمام القادة: الاستمرار في القتال مهما بلغت التكاليف، أو الانسحاب المؤقت لحماية المدنيين الأبرياء، وهذا القرار غالبًا ما يُوصم بـ"الضعف" أو "الهزيمة"، لكن التاريخ يُثبت أن الحكمة العسكرية والإنسانية تقتضي أحيانًا التراجع، خاصة عندما يكون العدو وحشيًا لا يُفرق بين مقاتلٍ وطفلٍ.
**التراجع في الفكر الاستراتيجي: من لينين إلى صن تزو**
في كتابه "خطوة إلى الأمام، خطوتان إلى الخلف"(1904)، يقدم فلاديمير لينين رؤيةً ثاقبةً للتراجع التكتيكي:
> *"التقدم لا يكون دائمًا بأشكال مباشرة... أحيانًا يجب التراجع لتنظيم القوى، وإعادة حساب المواقف، قبل القفزة الحاسمة."
هذه الفكرة ليست جديدة، فقد سبقها القائد الصيني صن تزو في "فن الحرب" بمقولته الشهيرة:
"الانسحاب المنظم هو بأهمية الهجوم المنظم. فالقائد الحكيم يعرف متى يتراجع كما يعرف متى يهاجم."
✍️ولنا في التاريخ عبرة : كيف أنقذ التراجع الأبرياء
1. الهجرة النبوية: تراجعٌ لبناء النصر
عندما اشتد بطش قريش بالمسلمين في مكة، اختار النبي محمد الهجرة إلى المدينة، رغم ما بدا عليه هذا القرار من تراجعٍ مؤقت، لكن هذا الانسحاب الاستراتيجي حمى المستضعفين من التعذيب والقتل، ومكّن المسلمين من بناء قوةٍ حققت النصر لاحقًا.
2. انسحاب الروس من موسكو (1812): **انتصارٌ بثمن التراجع**
عندما غزا نابليون روسيا، أحرق القائد كوتوزوف موسكو وانسحب بجيشه، مُضحّيًا بالمدينة ليجبر جيش نابليون على مواجهة الشتاء القاتل. النتيجة؟ تحوّل الانسحاب إلى نصرٍ ساحقٍ بعد أشهر.
3. حرب 1967: الهزيمة التي مهدت للانتصار...
رغم مرارتها، فإن قبول مصر هزيمة 1967 أوقف المزيد من الخسائر البشرية، وسمح بإعادة التنظيم لتحقيق النصر في 1973.
**الدرس المستفاد: هناك قيَمٌ أعلى من "النصر" التقليدي
🚩**الحياة أولًا**: لا يُقاس النصر بالأرض المحتلة فقط، بل بالأرواح المحفوظة.
🚩**التراجع ليس استسلامًا**: بل هو إعادة تنظيم، كما فعل لينين في ثورته، أو كوتوزوف في حربه.
🚩**العدو الدموي يُهزم بالحكمة**: المواجهة المباشرة مع عدوٍ لا يُبالي بالدماء قد تكون انتحارًا جماعيًا.
الخاتمة: الشجاعة الحقيقية في اختيار الحياة**
التراجع حين يكون الخيار الوحيد لإنقاذ الأبرياء هو أعلى درجات الشجاعة. فالأرض تُسترد، والكرامة تُستعاد، لكن الأرواح البريئة لا تعود. كما قال لينين: *"أحيانًا، الخطوة إلى الوراء هي الشرط للقفزة إلى الأمام"*.
سمير الخطيب - أفكار وخواطر
#سمير_خطيب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟