أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - رأس حمزة شاهد في محكمة الآخرة














المزيد.....

رأس حمزة شاهد في محكمة الآخرة


بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة

(Badea Al-noaimy)


الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 16:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عتمة هذا العالم الصامت، المدّعي تطل صورة حمزة عيسى أبو عيسى كصفعة على وجه الإنسانية، كصرخة تختنق، كدمعة لا تجد من يمسحها.
لا كلمات تكفي لوصف قسوة المشهد وبشاعة الجريمة، ولا بيان يمكنه أن يبرر أو يفسر كيف يُفصل رأس طفل عن جسده في زمن المحاكم الدولية والجنائية المزعومة.

حمزة الذي قصف مع عائلته في دير البلح وسط قطاع غزة بتاريخ ٧/نيسان/٢٠٢٥ مأساة لا تحتاج إلى تعليق بقدر ما تحتاج إلى وقفة أمام ضمائرنا، أمام السياسات الدولية الملعونة التي شرعنت القتل حين أعطت الضوء الأخضر للقاتل تحت مسميات وذرائع باتت مستهلكة.

حمزة لم يكن رقما، لم يكن خبرا عابرا في شريط عاجل. كان يفترض أن يركض خلف ألعابه، يضحك حين تهرب كرته بعيدا عنه وهو يلاحقها. لكن في زمن الحرب بات حمزة وغيره من أطفال غزة مرعوبين يلحقون بأمهاتهم، يتشبثون بأثوابهن خوفا من صوت القنابل الغادرة التي تصم السمع وتوقف نبضات القلب. كان يفترض بحمزة أن يدخل الروضة، أن يتعلم كتابة اسمه، أن يحلم مثل كل أطفال الأرض. لكن الحرب التي لا ترحم، قررت أن تُطفئ هذا النور. صاروخ واحد أنهى كل شيء. لم يبقَ من حمزة إلا جسد صغير مفصول الرأس، تحمله يد رجل يُفترض أنه معتاد على إنقاذ الأرواح، لا جمع أشلاء الأطفال.

أي عالم هذا الذي يرى رأس طفل يُفصل عن جسده ثم يمضي في يومه بشكل اعتيادي؟
وأي قوانين هذه التي لم تستطع حماية طفولته، ولم تجرؤ على إدانة قاتليه؟ أي ضمير هذا الذي سكت عن المجزرة، وصمت عن الطغيان، وتوارى خلف عبارات الدبلوماسية الباردة؟
إن ما حدث لحمزة لا يبرر بكل ذرائع السياسة الهابطة، بل هو الجريمة بعينها، الجريمة التي لا تحتاج إلى محقق ولا دليل، لأن الجسد الصغير كان هو الدليل.

منذ أكثر من مئة عام، منذ أن حلم "ثيودور هيرتزل" بفلسطين كدولة يهودية والفلسطيني يُحاصر، يُشرد، يُقتل، يُنسى، لكن حمزة أعاد تذكير العالم أن هناك شعباً يُذبح كل يوم، لا لأنه يهدد أحدا، بل لأنه ببساطة يرفض أن يُمحى.

منذ أن تصدرت صورة حمزة شاشات الهواتف، وهي تعلق في قلوبنا كأنها خنجر مسموم. فكيف لأعيننا أن تغفو بعد أن رأت ما رأت؟ وكيف لقادة العالم "المتحضر" أن يستمروا في الحديث عن "العدالة" المزعومة بينما أطفال فلسطين يُدفنون بلا رؤوس؟ فحتى الأرض لم تعد تتسع لدموع الأمهات، ولا الهواء يتسع لصرخات الفقد.

إن لحظة الموت التي عاشها حمزة ليست لحظة عابرة، بل هي اللحظة التي خلخلت الوعي الإنساني كله. إنها لحظة سقوط لكل ما ظنناه سابقا بأنه قيم ومبادئ.

ما يحصل في غزة ليس مجرد حرب، إنها مجزرة متواصلة، إنها امتحان يومي لفكرة أننا بشر. وكل يوم يسقط فيه طفل مثل حمزة، يخسر العالم جزءا من إنسانيته.

وحمزة، رغم استشهاده سيبقى أيقونة. لا لأن صورة جسده الذي كان بلا رأس قاسية ومفجعة، بل لأن موته فضح الزيف، وكشف الخذلان، وجعلنا نعيد النظر في أنفسنا..
هل نحن بشر حقاً؟ أم أننا مجرد شهود زور على آخر فصول المأساة؟ حمزة رحل، لكنه أخذ معه شيئا من أرواحنا، وتركنا نتساءل بخجل موجع: من القادم؟ ومن يجرؤ على النظر في عيني أمّه؟.
فإلى متى سنشاهد المآسي في غزة ثم نخرس؟ إلى متى سيظل عار صمتنا وعقدة ذنبنا بحق ما نشاهد يرافقنا قبل أن ننتفض ونكسر قيد القمع والخنوع؟؟



#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)       Badea_Al-noaimy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البوابات الحديدية..ما قصتها؟؟
- ماذا بقي من الإنسانية؟ مجزرة رجال الدفاع المدني
- ليلة حرق الكلمة السادس من إبريل/٢٠٢٥
- هل ستكون رمال موراغ مقبرة أخرى؟؟
- متى نكسر الأقفال ونخرج من الأقفاص؟؟
- مجازر الثالث من نيسان/٢٠٢٥ في مدارس غزة
- لماذا رفح؟؟
- لو كانت جثة فرعون تنطق لأخبرته بذلك.
- حين ألبسته الكفن بدل ثياب العيد
- امرأة من رفح.. وجع يمشي على الأرض
- ستفشل كما فشلت كل مرة...
- الحرب الفاشية تعود إلى غزة ١٨/آذار
- القوانين الدولية والاتفاقيات تسقط في وحل حصار غزة
- ما بين قرط ساندي بيل وقرط روح الروح يتقزم الخيال وتتضخم الحق ...
- الاستيطان الرعوي أداة سريعة لقضم الأراضي الفلسطينية
- البحث عن الهوية في رواية مرايا القدس-سفر سقوط الأقنعة للكاتب ...
- كأنه لم يجرب أداة الحصار من قبل
- قرية ناصر الدين..كانت هنا وستنتفض كفينيق
- التحدي الكبير لا يجابه إلا بالتصدي الكبير
- مياه الليطاني والأردن ولاحقا النيل والفرات


المزيد.....




- الدفاع الروسية: قوات كييف استهدفت بنى الطاقة 8 مرات في 24 سا ...
- نواف سلام يبحث مع أبو الغيط الوضع في لبنان والمنطقة
- ليبيا.. حرائق غامضة تلتهم 40 منزلا في مدينة الأصابعة خلال 3 ...
- رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام يصل إلى دمشق حيث سيلتقي بال ...
- -يجب علينا تخيُّل العالم ما بعد الولايات المتحدة- - الغارديا ...
- الجزائر تمهل 12 موظفا في سفارة فرنسا 48 ساعة لمغادرة أراضيها ...
- -ديب سيك - ذكيّ ولكن بحدود... روبوت الدردشة الصيني مقيّد بضو ...
- انخفاض تعداد سكان اليابان إلى أدنى مستوى منذ عام 1950
- جدل في الكنيست حول مصر.. وخبير يعلق: كوهين أحد أدوات الهجوم ...
- وزير خارجية فرنسا يدعو لفرض -أشد العقوبات- على روسيا


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بديعة النعيمي - رأس حمزة شاهد في محكمة الآخرة