أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بثينة تروس - الاعيسر مبعوث الكيزان لرجم الشيطان!














المزيد.....

الاعيسر مبعوث الكيزان لرجم الشيطان!


بثينة تروس
(Buthina Terwis)


الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 12:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهد لا يخلو من مفارقة تثير العجب، وزير الإعلام في حكومة بورتسودان العائد من بريطانيا حيث التمدن والمؤسسات والنهج الديمقراطي ليُفاجئنا بخطاب أقرب إلى طقوس "رجم الأوثان"، بدلًا من تقديم خطاب دولة يليق بتجربته وخبراته. الوزير خالد الأعيسر الذي سبق أن سوق لنفسه بسيرة معرفية ومهنية محترمة، تمتد من جامعة بولتون في المملكة المتحدة إلى أروقة الإعلام العربي في كبريات الصحف والقنوات، شارك مؤخرًا في فعالية نُظمت تحت عنوان (رجم الشيطان)!! حدثنا (خاطبت اليوم مسيرة (حماة الوطن) التي نظمتها منظمة عتاب الثقافية تحت شعار (رجم الشيطان) وشاركت فيها جماهير غفيرة من مدينة بورتسودان. جاءت المسيرة بهدف رجم دمية تمثل رمزية قائد المليشيات المتمرد، والتأكيد على رفض الشعب السوداني لعودة ميلشياته بأي شكل من الأشكال إلى الحياة السودانية. لقد انتهى عهد المليشيات وأعوانها ورعاتها بلا رجعة)!
وانتشر مقطع مصور للوزير وهو يفتتح مشهد "الرجم"، وسط مجموعة من المؤيدين الذين يعلو صوت تكبيرهم وزغاريدهم، في لحظة بدت وكأنها مسرحية شعبوية ساخرة لا تليق بمقام رجل دولة، لكنها تشبه حالات وزراء حكومة الحركة الإسلامية، أمثال الشهير (اللمبي) الجنرال عبد الرحيم محمد حسين لصيق المخلوع البشير ووزير الداخلية الأسبق، وبدعة خطة وزارته (الدفاع بالنظر)! لكن السؤال الجوهري هنا، أما كان الأجدر بوزير يحمل الجنسية البريطانية، ويحمل إرثًا من الخبرات الإعلامية الدولية، بدل التهافت في التمكين في السلطة، أن يوجه خطابه ومجهوده نحو رفع الوعي، لا الانزلاق في استعراضات لا تحل أزمة ولا توقف حربًا، ألم يكن من أولى أولوياته أن يُذكّر منظمي هذه الفعالية بخطورة انتشار السلاح وتعدد المليشيات، وأن يضع في مقدمة حديثه أهمية بناء السلام، وترسيخ العدالة، والتأسيس لخطاب يواجه جذور الأزمة، بدل هذه الجهالات؟ إن تشبيه "حميدتي" بالشيطان، وتجسيده في دمية، قد يبدو متنفسًا عاطفيًا، لكنه لا يعالج الدماء المسفوكة، ولا يعيد المهجّرين، ولا يُصلح الخراب الممتد على أرض الوطن، وأكثر من ذلك شيطنته واجرام ميلشياته مفهومة في اللحم والدم لدى من أُخرجوا من ديارهم، وأُريقت دماؤهم، وانتهُكت أعراضهم. وفي رجم دمية لن يجدوا المواساة.
والوزير بحكم موقعه وخبراته الإعلامية الراقية! يفترض أن يُسهم في إعداد الراي العام المستنير ببرامج ترفع من شأن العدالة وحقوق الإنسان، وأن يُحذّر من أخذ المواطنين بالشبهات، وأن يُسلّط الضوء على القضايا الكبرى، بحكم خبراته في المعيشة في بلدان المواطنة ذات الحقوق المتساوية، مثل الاختفاء القسري للمواطنين، وفيات المعتقلين، والتقارير التي وثّقت أسباب الوفيات داخل معتقلات الدعم السريع في سوبا، توثيق الشهادات الطبية، والكشف عن الكوادر التي أُجبرت على العمل تحت التهديد، والمعلومات التي انتشرت في وسائل الإعلام حول وفاة 78 شخصًا داخل المعتقل، كلها قضايا تمسّ جذور الأزمة وتهم أنسان السودان، وتُعنى بما يحفظ دماء الناس وكرامتهم. فها هو الوزير، صاحب العلوم المتعددة، يجمع في خطابه ما بين مفاهيم العوالم الحضرية... وعصور الجاهلية! بينما كان يُنتظر منه أن يُعلّم وأن يستبدل منصة الوعي بمنصة الرجم. فهل يعقل أن تتحول وظيفة الإعلام، لا سيما من موقع وزاري، إلى أداء تعبوي سطحي رجعي مهووس؟ أم هي سخرية الاقدار علي يد وزارة الأعيسر أعادتنا إلى هذا المشهد الكاريكاتوري... لنرجم الدمى بدل أن نرجم الفساد والعنف والجهل ونوقف الحرب.
إن رعونة الوزير وفرحته الطفولية برجم الدمية تؤكد، فعلاً، أن الإعلام والأقلام قد آلت إلى غير أهلها. فالشيطان الحقيقي لا يسكن في مجسّم بلاستيكي، بل يتجسّد في عبادة المناصب، والتشبّث بالكراسي على جماجم الضحايا، والخضوع لبطانة السلطة. وهي ذات المغريات التي استخدمتها الحركة الإسلامية لصناعة (حميدتي)، ولاتزال تصنع في المزيد من الميليشيات، وهي الاَن سوف تدفع بوافدٍ بلدان الحضارة إلى أن ينحني أمام الرعاع، فقط ليؤكّد ولاءه لحكّام بورتسودان.
يا سعادة الوزير في النهاية، لا تُقاس قيمة المسؤول بما يردده من شعارات أو بما يستعرضه من ماضٍ مهني، بل بما يقدمه من مواقف تتسم بالحكمة والرؤية والمسؤولية، لقد تعب الشعب السوداني طوال حكوماته المتعاقبة من الرموز والتجسيدات والدمى، والتكبير والتهليل الاجوف، وهو اليوم في أمسّ الحاجة إلى خطاب عقلاني، يُعيد للناس ثقتهم في مؤسساتهم، وفي رجالات دولتهم. أما أن يُختزل الصراع في دمية، وتُختزل العدالة والقصاص في رجم، فذلك ليس سوى محاولة يائسة لذرّ الرماد في العيون، والهروب من الأسئلة الحقيقية!



#بثينة_تروس (هاشتاغ)       Buthina_Terwis#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جبريل.. من حصان طروادة الي دبابة المشتركة!
- موقف ثابت من تابت إلى طرة!
- حكوماتنا ومظالم نسوية مستمرة!
- هل يجرؤ الجيش على التبرؤ من كتائب البراء؟
- لا سبيل لمدنية في حكومة مليشيا!
- الجنرال العطا مرشد عسكري لفلول الحركة الاسلامية
- التمييز بين الطلاب وتأصيل الأحقاد!
- نساء في حواضن الدعم والجيش!
- روسيا من دنا عذابها الي اخت بلادي!
- للذين قالوا لا للمدنية من بريطانيا!
- كارتيلات اخوانية وشعب في محنة!
- الي متي يلد الجيش ويبارك الشعب؟!
- السفير شرفي وراية السلام في الظلام!
- الفريق العطا الجنرال والوصاية الجبرية!!
- مشمعات المفوضية سبب الشكية!
- صوت الكنداكات وتنابلة السلطان!
- هواهم يجافي جنيف والجنينة!
- البرهان وساعتا التوهان!
- دبلوماسية (صرف البركاوي)!
- أم قرون ودواس الساسة الذكوريون!


المزيد.....




- أمريكا.. القبض على طالب فلسطيني في جامعة كولومبيا قبل حصوله ...
- تركن أحلامهن ونسجْن السجاد، أفغانيات يتحدّين قيود طالبان رغم ...
- بمشاعل مضيئة... قرية في كشمير تحيي مهرجانًا صوفيًّا يعود إلى ...
- البيت الأبيض يجمد 2.2 مليار دولار من دعم جامعة هارفارد بعد ر ...
- ترامب عن إيران: اعتادت التعامل مع أغبياء في أمريكا خلال المف ...
- لقاء مناقشة حول موضوع “مستجدات الحياة السياسية الوطنية وإصلا ...
- إيقاف الدروس بتونس بعد وفاة 3 تلاميذ في انهيار سور مدرسة
- عرائض الاحتجاج في إسرائيل تمتد إلى لواء غولاني
- يائير نتنياهو متطرف أكثر من أبيه هاجم أميركا وسب ماكرون
- الجزائر تطرد 12 دبلوماسيا فرنسيا وتشن هجوما لاذعا على ريتايو ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بثينة تروس - الاعيسر مبعوث الكيزان لرجم الشيطان!