أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - طلال الربيعي - التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 87















المزيد.....


التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 87


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 08:20
المحور: مقابلات و حوارات
    


حقيقة التحليل النفسي والحقيقة الشعرية

وفقًا لجرينبرج, سور, ودي بيانشيدي، اعتقد المحلل النفسي بيون أن
"قدرة الإنسان على تحمل الحقائق عن نفسه هشة؛ والحقيقة مصدر دائم للألم، والرغبة في المعرفة لا يمكن إشباعها أو إكمالها أبدًا؛ وبالتالي فإن الميل إلى العمل المراوغ كبير والعقل مستعد دائمًا لابتكار الأكاذيب لمعارضة هذا الألم" (ص. ١١٠).
New Introduction to the Work of Bion, Revised Edition
https://www.amazon.com/New-Introduction-Work-Bion-Revised/dp/0876684401
---------
هذه الحلقة ستتضمن الاشارة الى مصطلحين كلاهما يمكن ترجمتهما في العربية الى حقيقة: truth و fact. لكن هنالك فرق ببن الاثنين تغمط حقه الترجمة-ترجمتي الى العرببة. ولذلك فاني ساستخدم الحرف F للاشارة الى Fact, والحرف T للاشارة الى Truth. وهذا التمييز سيكون ساري المفعول دوما في كل الحلقات المقبلة.
الفرق بين F و T هو كالتالي:
The terms “fact” and “truth” are often used interchangeably, but they have distinct meanings.
A “fact” is a statement that can be verified´-or-proven to be true through evidence´-or-demonstration. It is objective and verifiable. For example, “the earth is round” is a fact that can be scientifically proven.
“Truth,” on the other hand, is a concept that is more subjective and philosophical. It refers to the state´-or-quality of being in accordance with reality´-or-fact. Truth can also encompass a wide range of beliefs, values, and experiences. For example, the statement “honesty is the best policy” is a truth that is accepted by many people, but it may not be universally true for everyone.
In summary, a fact is a statement that can be verified, while truth is a concept that is subjective and refers to the state´-or-quality of being in accordance with reality´-or-fact.
"غالبًا ما يُستخدم مصطلحا "F" و"T" بالتبادل، لكن لكل منهما معنيان مختلفان.
"F" هي عبارة يمكن التحقق منها أو إثبات صحتها بالدليل أو البرهان. وهي موضوعية وقابلة للتحقق منها. على سبيل المثال، "الأرض كروية" F يمكن إثباتها علميًا.
"T"، من ناحية أخرى، مفهوم أكثر ذاتية وفلسفية. يشير إلى حالة أو صفة الوجود المتوافق مع الواقع او F. يمكن أن تشمل T أيضًا مجموعة واسعة من المعتقدات والقيم والتجارب. على سبيل المثال، عبارة "الصدق هو أفضل سياسة" هي T يقبلها الكثيرون، ولكنها قد لا تكون صحيحة للجميع.
باختصار، F هي عبارة يمكن التحقق منها، بينما T مفهوم ذاتي يشير إلى حالة أو صفة الوجود المتوافق مع F.
WHAT IS THE DIFFERENT BETWEEN FACT AND TRUTH
https://researchcage.com/2023/02/01/what-is-the-different-between-fact-and-truth/#:~:text=A%20%E2%80%9Cfact%E2%80%9D%20is%20a%20statement,is%20more%20subjective%20and%20philosophical.

كما نوهت في الحلقة السابقة, ان بيون جادل بأن الموضوع الحقيقي T للتحليل - الصفات النفسية، واللاوعي، وأي تجربة تُرى من قمة التحليل النفسي - لا يُوصف ولا يُتاح للإدراك من خلال الحواس؛ أنه عندما يتعلق الأمر بالتعرف على موضوع التحليل النفسي والتواصل اللفظي (النشر) بشأنه، قد يكون هناك فرق كبير بين ادراك الحقيقة T نظريًا وإيجاد الكلمات الفعلية اللازمة للتعبير عنها.

ولكن قد يتساءل بعصنا ما هي الحقيقة T؟
عرفت "الحقيقة T" تقليديًا بأنها "ما يتوافق مع الواقع أو الحقيقة F؛ تطابق تام مع ما هو كائن، أو كان، أو سيكون" . ويرتكز هذا التعريف على نظرية التطابق - فما هو "حقيقي T" هو عبارة أو قضية تؤكد شيئًا يتوافق مع شيء آخر موجود أو واقعي. قد نتردد في فكرة أن الحقيقة تتوافق مع ما هو "ليس بعد، ولكنه سيكون"، فكيف نعرف ما سيكون وهو لم يحدث بعد؟ ولكن، في الغالب، يبدو هذا التعريف منطقيًا من حيث اللغة والتجربة اليومية.

ولكن هل ينطبق هذا التعريف أيضًا على التحليل النفسي؟ إذا كان بيون مُصيبًا، وأن الصفات النفسية لا يُمكن إدراكها مباشرةً بالحواس، فهل يصمد هذا التعريف عند دراسته في ضوء الواقع النفسي، والبناء السردي المشترك بين الأشخاص، وغيرها من تحولات الحالات غير المُمثلة (لغويا) أو ضعيفة التمثيل؟ كيف يُؤخذ هذا التعريف في الاعتبار عند صياغة مفاهيم اللاوعي غير المُصاغ أو الناشئ، ودراسة موضوعات التحليل النفسي؟ هل ثمة صعوبة متأصلة في مفهوم الحقيقة T في التحليل النفسي تُؤدي إلى انزلاق حتميّ، أو حتى إلى التباس، في الاستخدام عند محاولة تعريفه وتطبيقه؟

لننظر، على سبيل المثال، إلى الورقة البحثية "استشعار حقيقة ما يحدث: حول كتاب بيون "ملاحظات حول الذاكرة والرغبة"،" بقلم توماس هـ. أوغدن (2015)،
Intuiting the truth of what s happening: on Bion s "notes on memory and desire"
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/25876534/

اوغدن هو بلا شك أحد أكثر الكتاب التحليليين إنتاجًا وتأثيرًا وتطورًا. لد توماس أوغدن عام ١٩٤٦، وهو محلل نفسي وكاتب أمريكي، ألّف كتبًا في التحليل النفسي والرواية. لُقب بـ"محلل الشعراء النفسي".
https://www.instagram.com/qafilapsychosocial/p/DDKPv1NsedF/?img_index=1

في هذه الورقة, يتفق اوغدن مع تأكيد بيون على أن التفسيرات-التأويلات التحليلية للاوعي تعتمد على حدس المُحلِّل لحظيا at-one-ment أكثر من اعتمادها على الملاحظات الموضوعية والتجريبية-الامبريقية.

من بين النقاط العديدة المُقنعة والمفيدة التي طرحها أوغدن ما يلي:
• يقلل بيون من الدور المركزي للوعي awareness في العملية التحليلية، ويُرسّخ مكانه عمل المُحلِّل (اللاواعي إلى حدٍّ كبير) في استنباط الواقع النفسي (الحقيقة T) للجلسة من خلال التوحد معها.
• التفكير الأصيل، الذي هو في الغالب لاواعٍ، يسعى إلى الحقيقة (الواقع).
• «بدون الحقيقة (O)-الحقيقة المطلقة بعرف بيون، أو على الأقل الانفتاح عليها، لا يكون التفكير مستحيلاً فحسب؛ بل تصبح فكرة التفكير نفسها بلا معنى.
• يُصرّ بيون بشدة على أن عالم اللاوعي هو عالم المحلل النفسي. اللاوعي هو عالم التفكير والشعور اللذين يُشكّلان معًا الواقع النفسي (الحقيقة التحليلية النفسية) للفرد في أي لحظة.
• إذا كان المحلل النفسي سيُصبح تحليليًا اصيلا في طريقة ملاحظته، فيجب أن يكون قادرًا على التخلي عن أنماط الإدراك الواعية القائمة على الحواس، والتي تجذب عقل المحلل إلى التجربة الواعية وأنماط التفكير (على سبيل المثال، الذاكرة والرغبة) التي تخشى/تتجنب إدراك الواقع النفسي اللاواعي (الحقيقة) لما يحدث في جلسة التحليل النفسي.

ما أود لفت انتباه القارئ إليه في هذه المجموعة المختارة من المقتطفات هو التأكيدات أو المعادلات المختلفة ولكن ذات الصلة فيما يتعلق بالحقيقة T والحقيقة التحليلية النفسية التي تحتويها. تُساوى الحقيقة مع "الواقع"، و"الواقع النفسي"، و"الواقع النفسي اللاواعي"، وO (الحقيقة النهائية Ultimate Reality بعرف بيون)، وهناك إشارة إلى ما يُسمى "الحقيقة التحليلية النفسية, التي قد تُعادل أو لا تُعادل أيًا من هذه المعاني، أو مع المعاني الأكثر شيوعًا وقبولًا اجتماعيًا لكلمة "الحقيقة".

اذا دققنا النظر وافترضنا أن هذه المتشابهات ليست كلها متكافئة وقابلة للتبادل، فعلينا أن نسأل: ما هي "الحقيقة" في التحليل النفسي، وهل هناك "حقيقة تحليلية نفسية" مختلفة عما نعنيه بالحقيقة بمعناها الاجتماعي العادي؟ هذا التحليل للحقيقة والحقائق يقودنا حتمًا إلى بعض الأسئلة الأساسية التي أربكت التحليل النفسي منذ نشأته، والتي ربما تكون عصية على الحل بأي شكل من الأشكال: ما الذي نعتقد أننا نعرفه، وكيف نعتقد أننا نتوصل إلى معرفته؟ ما هي بياناتنا، وما هي أدلتنا فيما يتعلق بملاحظاتنا وافتراضاتنا ومعتقداتنا؟ كيف يتم التحقق من صحة كل من هذه الفئات أو إثبات خطئها، وهل تؤثر في بعضها البعض؟

في مقاله لاحقًا، يشير أوغدن إلى حقائق (realities) متعددة متعايشة ومتنافرة، جميعها صحيحة. إذا وُجدت "حقائق متعددة متعايشة ومتنافرة"، فهل توجد أيضًا حقائق Ts متعددة متعايشة ومتنافرة؟ في عالم الواقع الخارجي اليومي، تميل الحقيقة Tإلى الشعور بأنها مفردة وليست متنافرة أبدًا: فالقميص أزرق أو غير أزرق. قد يكون أزرق وأبيض، لكن خطوطه البيضاء لا تُلغي حقيقة أنه أزرق جزئيًا أيضًا؛ زرقته ليست موضع شك.

كما وصف أوغدن، فإن مريضته السيدة س كانت تحب طفلها ولا تحبه في الوقت نفسه. يمكن وصف هذه الحالة ومحاولة حل المشاكل التي قد تترتب عليها بالقول إنها مترددة أو أنها امتلكت كلا الشعورين، بالتناوب أو حتى في آن واحد. لكن يمكن القول أن القيام بذلك قد يغفل شيئًا مما وصفه أوغدن: ربما لم تكن علاقة "الحب/عدم الحب" المتذبذبة أو المتناقضة مع الطفل "تعكس بصدق " حالة المريضة العاطفية أو معتقدات أوغدن عنها، وأن "كل الحب وفقط الحب" و"كل الحب وفقط لا الحب" بدت لأوغدن "حقيقة" T حالة المريضة - وهو ما كان على كل من السيدة س ومحللها قبوله ومواجهته. ومن هنا جاء تأكيد أوغدن فيما يتعلق بمريضته أن "الطفل ميت، والطفل حي".

طرح أوغدن حقيقةً يُمكننا تسميتها شرطية: لم تكن حقيقة كل عنصر من عناصر هذا الموقف العاطفي حقيقية T إلا عند وجود توتر جدلي مع نظيره" . وللمزيد من التوضيح، يؤكد اعتقاده بأنه: لو انحزتُ لأحد العنصرين لشعرتُ السيدة س
بخوفٍ من معرفة هويتها الحقيقية في تلك اللحظة - أمٌّ تُحب طفلها وأمٌّ عاجزة عن حب طفلها.

يُقدّم أوغدن أيضًا تعليقًا على مجال الواقع النفسي الفريد والثمين، والذي يبدو غريبًا أحيانًا، عندما يتساءل عمّن تنتمي إليه هذه المشاعر: كنتُ أنا والسيدة س نختبر مجموعةً واسعةً من المشاعر العميقة... التي لم تكن أصولها واضحة؛ هل كانت مشاعري أم مشاعر المريضة، أم مشاعر شخصٍ ثالثٍ من نتاجنا اللاواعي" ؟ ربما الثلاثة جميعهم معا، بنسب متغيرة باستمرار.

هنا أيضًا، يشعر القارئ بأن الأرضية التي كانت تبدو واضحة ومتينة بدأت تتغير. نجد أنفسنا عالقين في تعقيدات نظرية المعرفة, لا سيما فيما يتعلق بنطاقها وأساليبها وصلاحيتها، والتمييز بين الاعتقاد المبرر والرأي الشخصي.
ولعلّ اللجوء الى الفلسفة قد يكون مفيدا هنا.

TRUTH AND PHILOSOPHY
Truth is one of the central subjects in philosophy. It is also one
of the largest. Truth has been a topic of discussion in its own
right for thousands of years . . . . The problem of truth is in a
way easy to state: what truths are, and what (if anything) makes
them true. But this simple statement masks a great deal of controversy. Whether there is a metaphysical problem of truth at
all, and if there is, what kind of theory might address it, are all
standing issues in the theory of truth.
بالرجوع إلى موسوعة ستانفورد للفلسفة (2013)، نكتشف أن:
"الحقيقة من المواضيع المحورية في الفلسفة. وهي أيضًا من أكبرها. لطالما كانت الحقيقة موضوع نقاش قائم بذاته لآلاف السنين... ومن السهل تحديد مشكلة الحقيقة: ما هي الحقائق، وما الذي يجعلها (إن وُجد) صحيحة. لكن هذه العبارة البسيطة تُخفي جدلًا واسعًا. فوجود مشكلة ميتافيزيقية للحقيقة، وإن وُجدت، فأي نظرية يُمكن أن تُعالجها، كلها مسائل قائمة في نظرية الحقيقة."
Truth
https://plato.stanford.edu/entries/truth/
تأكيدًا لذلك، تُدرج الموسوعة العديد من النظريات الفلسفية المختلفة حول معنى الحقيقة وصياغة معانيها، وتُغرقنا في نقاشاتٍ مُعقّدةٍ حول أمورٍ مثل نظريات التطابق، ونظريات التماسك، والنظريات البراغماتية، ونظريات التعددية، وغيرها.

من الواضح أن البحث الذي شرعنا فيه أكثر تعقيدًا بكثير مما توحي به نظرةٌ أولى عابرة. فهل يُمكن للفنون أن تُقدّم لنا بعض التوضيح؟

الحقيقة T والفنون
فيما يلي بعض التعليقات ذات الصلة المستمدة من الأدب والرسم والسينما:
• يُقال إن الكاتب المسرحي والروائي الايطالي الحائز على جائزة نوبل في الآداب عام ١٩٣٤, لويجي بيرانديلو.
Luigi Pirandello
https://www.britannica.com/biography/Luigi-Pirandello
وصف الحقيقة بأنها ضبابية في حركة a blur in motion.

• لم تلق لوحة بابلو بيكاسو لرسم الكاتبة جيرترود شتاين استحسانًا في البداية من قِبل المهتمين بموضوعها.
كتبت شتاين (١٩٣٣) عن رد بيكاسو على الشكوى من أن اللوحة لا تُشبهها: "نعم، قال، الجميع يقول إنها لا تُشبهها، لكن هذا لا يُحدث فرقًا، ستُشبهها،"
The Autobiography of Alice B Toklas (1933)
https://gutenberg.net.au/ebooks06/0608711.txt

•بدأ المخرج السينمائي فيرنر هرتزوغ فيلمه الوثائقي عن حرائق النفط في الكويت التي أعقبت حرب الخليج الأولى، "دروس الظلام"،
A Lesson from Lessons of Darkness: video essay
https://www.google.com/search?gs_ssp=eJzj4tTP1TcwKk-3yDVg9JLKSS0uzs8rVshPU0hJLMrOA3IVMlKLqvLTAfk7DX8&q=lessons+of+darkness+herzog&rlz=1CAPKUQ_enAT1119&oq=Lessons+of+Darkness%2C+&gs_lcrp=EgZjaHJvbWUqBwgBEC4YgAQyBggAEEUYOTIHCAEQLhiABDIHCAIQABiABDIHCAMQABiABDIHCAQQABiABDIHCAUQABiABDIHCAYQABiABDIHCAcQABiABDIHCAgQABiABNIBCDQwNjFqMGo3qAIAsAIA&sourceid=chrome&ie=UTF-8#fpstate=ive&vld=cid:65982a5e,vid:IDEghmBZ5N8,st:0
بما اتضح أنه اقتباس زائف من عالم الرياضيات والفيزياء بليز باسكال: "سيحدث انهيار الكون النجمي - مثل الخلق - في روعة عظيمة". أوضح هرتزوغ لاحقًا: "الكلمات المنسوبة إلى بليز باسكال التي تُقدّم فيلمي "دروس الظلام" هي في الواقع من تأليفي. باسكال نفسه لم يكن ليُعبّر عنها بشكل أفضل.
هذا الاقتباس المُزيّف، وإن لم يكن مُزيّفًا، ينبغي أن يكون بمثابة تلميح أولي لما أحاول التعامل معه. إن الاعتراف بالتزوير على أنه تزوير لا يُسهم إلا في انتصار المحاسبين. قد تسأل: لماذا أفعل هذا؟ السبب بسيط، ولا ينبع من اعتبارات نظرية، بل من اعتبارات عملية. بهذا الاقتباس كبادئة، أُرفع المُشاهد، حتى قبل أن يشاهد اللقطة الأولى، إلى مستوى عالٍ يدخل منه إلى الفيلم. وأنا، مُؤلّف الفيلم، لا أدعه ينزل من هذا المستوى حتى ينتهي. فقط في هذه الحالة من السمو يُمكّن من تحقيق شيء أعمق، نوع من الحقيقة التي تُعدّ عدوًا للواقع المحض. "حقيقة مُبهجة" Ecstatic truth، هكذا أسميها" (هرتزوغ، ٢٠١٦).
On the Absolute, the Sublime
and Ecstatic Truth
WERNER HERZOG
https://www.bu.edu/arion/files/2010/03/Herzog.pdf

• يتذكر الكاتب الشهير ديفيد فان:
Author David Vann
https://davidvann.com/
"حضرتُ ذات مرة درسًا مع غريس بيلي (كاتبة وشاعرة وناشطة سياسية امريكية توفيت في عام ٢٠٠٧)، حيث أخبرتنا أن كل سطر في الرواية يجب أن يكون حقيقيًا"
Legend of a Suicide
https://www.amazon.com/Legend-Suicide-David-Vann/dp/0141043784
(صفحة ٣).

الرواية، بطبيعة الحال، "ليست حقيقية"، ومع ذلك، ما هو أكثر صدقًا بمعنى كونها "حقيقية" من ماكبث أو الملك لير؟ ما هي حقيقة القصيدة - خاصة إذا نظرنا إلى تأثيرها النفسي، بما يتجاوز محتواها الفكري؟ وماذا نفعل كمحللين بحقيقة اللاوعي أو الواقع النفسي، تلك العوالم التي لا تُوصف والتي تُمثل أكبر اهتمام لنا ولمرضانا؟

بالعودة إلى نقطة انطلاقنا، يمكننا أن نرى أن شبه الظل للارتباطات التي تُحيط باستخدامنا وشعورنا بكلمة "حقيقة T" وترافقه وتؤثر عليه، تميل نحو الثنائيات والمطلق.

حقيقة التحليل النفسي، الحقيقة الناشئة
في اللغة الشائعة، يكون الشيء إما صادقًا أو كاذبًا، صوابًا أو خطأ، صحيحًا أو غير صحيح. إلا أن حقيقة التحليل النفسي، "حقيقة" الواقع النفسي، مثل الحقيقة الشعرية، والحقيقة الجمالية، والحقيقة النشوانية-المبهجة (كما في فيلم هيرتزوغ اعلاه) ، قد تكون من نوع آخر. إذا اتفقنا مع بيون - ومجموعة واسعة من الفلاسفة، من أفلاطون إلى كانط وما بعدهما - على أن التجربة الوجودية الخام، التي أسماها ليفين تجربة "كابيتال-إي"، لا يمكن معرفتها بالكامل، فإن جميع الحقائق، وخاصة الحقائق اللاواعية، أو تلك التي تشترك في حالات غير ممثلة (لغويا) أو تنبع منها أو تعكس الواقع النفسي، تكون عرضة لأن تكون جزئية أو غير كاملة. إنها ناشئة EMERGENT، وبالتالي غير قابلة للوصف، وتبحث عن تعبير تمثيلي بدلًا من أن تكون مكتملة التكوين ومتنكرة أو مخفية، وبالتالي لا يمكن التحدث عنها إلا بعد أن تخضع لشكل من أشكال التحول. إن دراسة بيون للتمييز بين O وK - أي بين الواقع المطلق والجزء منه الذي يمكننا أن ندركه - تُنبهنا إلى أنه قد تكون هناك مستويات مختلفة من الحقيقة، وتعبيرات اصطلاحية مختلفة، ومستويات مختلفة من التشبع الفكري الذي يمكن من خلاله التعبير عن هذه الحقائق، أو المصطلحات التي يمكن من خلالها معرفتها.

فيما يتعلق بالوضع التحليلي، فإن الحقيقة المخفية (المكبوتة) - التي تُمثل نصف ثنائية (أي صادقة وليست كاذبة)، مكتملة التكوين وقابلة للاكتشاف، قد تتوافق بشكل أفضل مع حقيقة نظرية فرويد الطوبوغرافية واللاوعي الديناميكي. إنها ما نعرفه، ولكن ما لا نستطيع أن نُعلمه أو لا نلاحظه بوعي أننا نعرفه. (أي أن القمع يتطلب منا أن نتذكر باستمرار، دون وعي، ما يُفترض بنا أن ننساه!) هذه الحقيقة هي حقيقة الاستعارة الأثرية، واللاوعي الديناميكي أو المكبوت، والحالات العقلية الممثلة، ومعالجة القطاعات المنظمة والعصابية.
(في كتابه "تأويل الأحلام" الصادر عام ١٩٠٠، قدم فرويد نموذجه الطوبوغرافي للعقل، والذي يعني أن العقل يمكن تقسيمه إلى ثلاث أجزاء: الوعي، ما قبل الوعي, واللاوعي.
The Psychodynamic Perspective)
https://nobaproject.com/modules/the-psychodynamic-perspective#:~:text=the%20structural%20model.-,The%20Topographic%20Model,conscious%2C%20preconscious%2C%20and%20unconscious.
(

الشاعر الانكليزي وليام وردزورث (توفى في عام ١٨٥٠), انسجاما مع ارسطو, يعتقد ان حقيقة الشعر اكثر حقيقية من اية حقيقة اخرى.
"كان أرسطو أول من أعلن أن الحقيقة الشعرية تتفوق على الحقيقة التاريخية. ووصف الشعر بأنه أكثر الكتابات فلسفية. ويتفق وردزورث مع أرسطو في هذا الشأن. فقد منح وردزورث الشعر مكانة رفيعة بحيث يتعامل مع الخصوصي كما يتعامل مع العام. هدفه هو الحقيقة الشاملة. الشعر صادق مع الطبيعة. ويعلن وردزورث أن الشعر هو "الصورة" أو "الإنسان والطبيعة". على الشاعر أن يضع في اعتباره أن غايته (هدفه) هي نشر المتعة. ويؤكد أن الشعر سيتكيف مع الاكتشافات والاختراعات العلمية الجديدة. وسيخلق أسلوبًا جديدًا لتوصيل الأفكار الجديدة. لكن حقيقة الشاعر هي تلك التي تبصر في أعماق الأشياء وتمكّن الآخرين من رؤيتها. تربط الحقيقة الشعرية البشرية جمعاء بالحب والشعور بالترابط جمعا مع البشر."
Wordsworths Views on Poetic Truth
http://www.literary-articles.com/2010/02/wordsworths-views-on-poetic-truth.html
يتبع



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 86
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 85
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 84
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 83
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 82
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 81
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 80
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 79
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 78
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 77
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 76
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 75
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 74
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 73
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 72
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 71
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 70
- التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 69
- العلم في التراث الماركسي التقليدي (السائد)4!
- العلم في التراث الماركسي التقليدي (السائد)3!


المزيد.....




- أقدم غوريلا في العالم تحتفل بعيد ميلادها الـ68 عامًا.. شاهد ...
- السعودية تكشف 5 إجراءات قبل موسم الحج 2025 حفاظا على سلامة ا ...
- ترامب يتجاهل مصافحة زوجة وزير الصحة.. مشهد محرج خلال حدث ريا ...
- -تنذكر ما تنعاد-، صور من حرب لبنان الأهلية في الذكرى الـ50 ل ...
- قوة تدميرية غير مسبوقة.. واشنطن في طريقها لتطوير قنبلة ذرية ...
- الجزائر تعرب عن -احتجاجها الشديد- على حبس أحد موظفيها القنصل ...
- حماس: قصف الاحتلال مستشفى المعمداني جريمة حرب بغطاء أميركي
- الجزائر تحتج على توقيف فرنسا أحد موظفي قنصليتها
- طهران تعلن عن جولة جديدة وترامب يشيد بالمحادثات معها
- عاجل | مصادر طبية: 7 شهداء وعدد من الجرحى في قصف استهدف سيار ...


المزيد.....

- تساؤلات فلسفية حول عام 2024 / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - طلال الربيعي - التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 87