نزار فجر بعريني
الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 00:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دراسة نقدية في طبيعة برنامج وسلوك القيادة الجديدة.
الجزء الأوّل:
في مؤتمر النصر، الأربعاء ٢٩ يناير ٢٠٢٥، تمّ تكليف السيد أحمد الشرع رئيس الإدارة الجديدة بمهمّة رئاسة الجمهورية العربية السورية للمرحلة الانتقالية التي قد تمتد لخمس سنوات ، وحصل بذلك ملء شاغر المسؤولية الأولى في الدولة، وهو أبرز إنجازات المرحلة المؤقّتة بعد تعثّرإجراءات عقد مؤتمر وطني تأسيسي!
في اليوم التالي، وفي خطابه الاوّل كرئيس للجمهورية العربية السورية، طرح الرئيس الشرع الخطوط العامة لبرنامجه السياسي، محددا الهدف المركزي والأهداف المرحلية والتحدّيات، كما وشكل الدولة وطبيعة النظام السياسي .
احاول في هذا الدراسة توضيح طبيعة المرحلة الانتقالية وما قد تواجهه من تحدّيات وما توجّبه من مهام على صعيد النضال الشعبي والنخبوي العام.
أوّلا ،
في ابرز اطروحات البرنامج السياسي:
بعد توضيح طبيعة آليات وغايات تكليفه بمنصب الرئيس، في إطار "...مشاورات مكثّفة مع الخبراء القانونيين لضمان سير العملية السياسية ضمن الأعراف القانونية، وبما يمنحها الشرعية اللازمة"، وبصفته" رئيسا لسوريا في هذه الفترة المصيرية "، التي يعتقد أنّها " مرحلة انتقالية، وهي جزء من عملية سياسية تتطلب مشاركة حقيقية لكل السوريين والسوريات، في الداخل والخارج، لبناء مستقبلهم بحرية وكرامة دون إقصاء أو تهميش " ".
في الهدف الاستراتيجي الواعد للعملية السياسية ، يؤكّد الخطاب على العمل من أجل "تحقيق وحدة سوريا ونهضتها"، بما يحوّل سوريا المستقبل إلى "منارة العلم والتقدم وملاذ الأمن والاستقرار، سوريا الرخاء والتقدم والازدهار، سوريا التي تمد يدها بالسلام والاحترام، ليعود أهلها إلى وطن عزيز كريم مزدهر آمن مطمئن ".
في المعلومات التي قدّمها السيد الرئيس في مقابلاته الصحفية المتتالية ، تمرّ العملية السياسية في مرحلتين متداخلتين ، المؤقّتة والإنتقالية. في توصيف طبيعة السلطة في المرحلة الأولى المؤقّتة، التي تنتهي مطلع آذار، والإنتقالية، اللاحقة، يقول السيد أحمد الشرع ، " كنّا حريصين في المرحلة الأولى على ألاّ تنهار مؤسّسات الدّولة، فسيطرنا عليها عبر الحكومة الّتي أعددناها في إدلب، وأعطيناها فقط ثلاثة أشهر ريثما نجمع المعلومات من داخل إدلب ونتواصل مع الكثير من النّاس. وبالتّالي، بعد انقضاء ثلاثة أشهر، ستُشكَّل حكومة أوسع وأكثر تنوّعًا، تشارك فيها كلّ شرائح المجتمع، لكن سيكون الاختيار مبنيًّا على الكفاءة لا على الانتماء العرقي أو الدّيني".(١).
في تفاصيل إجراءات تشكيل مؤسسات الحكم خلال المرحلة الإنتقالية، سيقوم السيد الرئيس بتكليف مَن يُشكل حكومة أنتقالية ، وتعيين" لجنة تحضيرية" لتشكيل " مجلس تشريعي مصغّر"، يكون بمثابة البرلمان خلال المرحلة الانتقالية، ويعمل على إصدار" المبادىء الدستورية " توافقا مع نتائج حوارات " المؤتمر الوطني" إذ" سيتمّ الإعلان عن تشكيل لجنته التحضيريّة قريبا" .
ثانيا ،
حول مؤسسات الحكم والأولويات ، تضمّنت أطروحات البرنامج:
١ السلطة التنفيذيّة.
هل ستصبح سوريا ديمقراطيّة؟
"في منطقتنا هناك تعاريف متعدّدة لمفهوم الدّيمقراطيّة. إذا كان المقصود بالدّيمقراطيّة هو أن يقرّر الشّعب من يحكمه، ومن يمثّله في البرلمان، إذًا نعم، سوريا تسير في هذا الاتّجاه."
"حكومة تشاركية" .
" وسنعمل على تشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبّر عن تنوع سوريا برجالها ونسائها وشبابها .."
و في أهدافها " تتولّى العمل على بناء مؤسسات سوريا الجديدة حتى الوصول إلى إجراء انتخابات حرة نزيهة" .
في أولوياتها للمرحلة الانتقالية:
أ-" تحقيق السلم الأهلي وملاحقة المجرمين الذين ولغوا في الدم السوري، وارتكبوا بحقنا المجازر والجرائم، سواء اختبؤوا داخل البلاد أو فروا خارجها عبر عدالة انتقالية حقيقية".
ب- إتمام وحدة الأراضي السورية بكل سوريا وفرض سيادتها تحت سلطة واحدة وعلى أرض واحدة.
ت- بناء مؤسسات قوية للدولة تقوم على الكفاءة والعدل، لا فساد فيها ولا محسوبية ولا رشاوى.
ث -إقامة دعائم اقتصاد قوي يعيد لسوريا مكانتها الإقليمية والدولية ويوفر فرص عمل حقيقية كريمة لتحسين الظروف المعيشية واستعادة الخدمات الأساسية المفقودة."
٢في طبيعة السلطة التشريعية .
"مجلس تشريعي مصغر " تشكّله لجنة تحضيريّة مُعيّنة من قبل السيد الرئيس ، و يعدّ" الإعلان الدستوري ، ليكون المرجع القانوني في المرحلة الانتقالية ".(٢).
٣في طبيعة المؤتمر الوطني ومهام المشاركين :
" سيكون منصّة مباشرة للمداولات والمشاورات و الاستماع لمختلف وجهات النظر حول برنامجنا السياسي القادم" .
-----------------------------------------------
(١)- شرح بالتفصيل طبيعة المرحلة والمهام والتحدّيات:
" ... فالمرحلة المقبلة الممتدّة لخمس سنوات ستركّز على إعادة بناء الدّولة على أسسٍ جديدةٍ وحديثة، تقوم على تعزيز العدل والمشورة، وعلى مشاركة جميع شرائح المجتمع في إدارة البلاد. هذه السنوات الخمس المقبلة ستمرّ بعدّة محطّات، ونأمل أن نتجاوز الصّعوبات والعقبات بسلاسة، معتمدين على وعي الشّعب السّوري وحالة التسامح التي يظهرها جميع مكوّناته. هناك مشاكل كثيرة في سوريا تتطلّب خطوات جدّية وسريعة وفعّالة.
أهمّ هذه الخطوات هو توحيد الشّعب السّوري داخل البلاد، وهذا أهمّ رصيد نمتلكه، والحمد لله تحقّق ذلك اليوم. صحيح أنّنا دخلنا دمشق بمعركة عسكريّة، لكنّ تلك المعركة اتّسمت في غالبيّتها بالرّحمة والمغفرة. لذا فإنّ الأسلوب الّذي دخلنا به دمشق أدّى دورًا رئيسيًّا في تحقيق السّلم الأهلي، رغم أنّ هناك بعض التجاوزات تحدث هنا وهناك، إلّا أنّها قليلة.
الأمر الآخر أنّ سوريا تحتاج إلى بناء اقتصاد قوي. واليوم نعمل على إعادة تأهيل الاقتصاد في البلد. وهناك أيضًا التحدّي الأمني، وقد قطعنا شوطًا كبيرًا في ذلك، باستثناء المناطق الخاضعة لسيطرة قوّات سوريا الدّيمقراطيّة أو المنطقة الواقعة تحت احتلال حزب العمّال الكردستاني في شمال شرق سوريا. إنّنا نُجري مفاوضات معهم على أمل حلّ الأمور من دون أيّ مواجهة.
وفي الوقت نفسه عملنا خلال الفترة القصيرة الماضية على ترميم العلاقات بين سوريا والدّول الإقليميّة والدّوليّة، والحمد لله كنّا موفّقين حتّى الآن. بالتّالي إذا استمرّت الأوضاع بهذا الشّكل في الخمس سنوات القادمة، فأنا أعتقد أنّ المستقبل سيكون واعدًا خلال هذه الفترة. وأظنّ أنّ العاملين اللذين قد يزيدان من معاناة الشّعب السّوري هما أوّلًا العقوبات الأمريكيّة المفروضة من قبل الولايات المتّحدة على النّظام (لأنّه كان يقتل شعبه)، وهذه العقوبات ما زالت قائمة. وثانيًا التقدّم الإسرائيلي الأخير، الّذي يجب حلّه. فالإسرائيليّون يجب أن يتراجعوا لأنّ استمرار وجودهم بهذا الشّكل سيخلق مشكلات كبيرة في المستقبل."
"لكي تُجرى انتخابات حرّة ونزيهة تتمتّع بالمصداقيّة في سوريا، نحتاج إلى إجراء إحصاءٍ سكاني، وعودة النّاس من الخارج، وفتح السّفارات، واستئناف التواصل القانوني مع المواطنين. إضافةً إلى ذلك، هناك الكثير ممّن نزحوا داخليًّا أو كانوا في مخيمات في دول الجوار ولم يُسجّلوا في لجان اللاجئين، وغير ذلك.
بالتّالي، هذه العمليّة تحتاج إلى وقت، وقد سألتُ الخبراء، وأكّدوا أنّنا نحتاج على الأقل ثلاث إلى أربع سنوات لإتمامها. خلال هذه الفترة، نطوّر قانون الانتخابات والدّستور والقوانين الّتي ستنظّم البلاد. نعمل عليها بتأنٍّ وبالتّشاور مع الخبراء والأمم المتّحدة أيضًا. وعندما تصبح هذه الأمور جاهزة، سنجري انتخابات تتمتّع بالنّزاهة"، وتشمل انتخابات رئاسية ، وتتيح مشاركة الأحزاب السياسيّة وفقا للقوانين الواضحة التي يضعها خبراء موثوقين يتمتّعون بكفاءة عالية، يحدّدون قانون الأحزاب ومَن الّذي يمكنه تأسيس حزبٍ والمشاركة في الانتخابات".
(٢)-
وحول طبيعة المؤسسة التشريعية ، يُضيف ، " سيكون هناك إعلان دستوري يحدّد مجموعة مبادئ تعرّف هويّة الدّولة وشكلها ومستقبلها ... وهناك أيضًا المجلس القضائي الأعلى. لا يمكننا إلغاء كلّ القوانين السّابقة دفعةً واحدة؛ لأن هناك الكثير من القضايا المنظورة أمام المحاكم والتي يزيد عددها على مئة وخمسين ألف قضيّة مفتوحة. فلا يمكن إلغاؤها قبل وضع قانون جديد. ولكن عبر الخبراء واللّجان المتخصّصة في القوانين القضائيّة، سيتمّ اقتراح قوانين جديدة وإلغاء القوانين القديمة الّتي لا تتناسب مع الوضع السّوري. وأيّ قانونٍ سيُصدَر سيُعرَض على هيئة برلمانيّة مؤقّتة للتّصويت عليه بالموافقة أو الرّفض. إضافةً إلى ذلك، هناك المجلس القضائي الأعلى والمحكمة الدستوريّة العليا. أي إنّ هناك آليّة قانونيّة لإقرار أيّ قانون في البلد، وليست عملية انفعاليّة. والرّئيس لا يملك سلطة القول بأنّه يريد هذا القانون أو ذاك؛ بل تخضع الأمور كلّها للقواعد العامّة المنصوص عليها تحت مظلّة الإعلان الدّستوري" .أمّا إذًا من الممكن أن يكون القانون المعتمد هو الشّريعة، فقد أكّد أنّ "هذا الأمر يعود للخبراء. إذا وافقوا عليه، فدوري هو التّنفيذ، وإن لم يوافقوا، فدوري أيضًا هو تنفيذ ما يقرّرونه."
-------------يُتبع -------------------------
#نزار_فجر_بعريني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟