الصعوبات التي واجهت تأسيس مجلس التعاون الخليجي.

محمد محمد جمال الدين

الحوار المتمدن-العدد: 8307 - 2025 / 4 / 9 - 17:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

بالطبع وكعادة أي مشروع قوى يوحد ما بين الدول نجد العديد من الصعوبات التي تعترض هذا المشروع التأسيسي لمجلس التعاون الخليجي، ولولا قوة الحوافز والدوافع التي كان سيجنيها الدول الست من مجلس التعاون الخليجي أكبر من الصعوبات التي واجهته، ومن هذه الصعوبات والعراقيل التي واجهت تأسيس مجلس التعاون الخليجي التالي:
النزعة القبلية:
يعرف كل من يتابع المجتمعات القبلية أن القبائل والعصبية القبلية لا تزال تؤدي دورا مهما في كثير من البلدان وخاصة دول الخليج، ولقد استخدمت القبلية منذ القدم كوسيلة من وسائل الصراع بين مختلف مكونات المجتمع القبلية، ولم تخلو المجتمعات القبلية من النزاعات بسبب تضارب المصالح أو الصراع علي المكاسب الحقيقية.
كما أن القبلية هي إحدى وسائل التأثير الأيديولوجي، وهي الأيديولوجية المحددة للسلوك السياسي والاجتماعي. ومن مثل هذه العناصر الأخرى النفعية السياسية والاقتصادية وما لدى القادة لتقديمه، وكذلك الإلهام الديني، وكلاهما تبعثه وتطلق شرارته قوى خارجية مثل الغزوات الأجنبية، وتقوم بعض القبائل على أساس صلات النسب التي تعود إلى أصل مشترك، وقبائل أخرى قد تشكلت تاريخيا على أساس سياسي، بالالتفاف حول قائد ما.
ولقد توغلت العصبية القبلية أكثر إبان فترات الاستعمار، حيث حاول المستعمر توسيع رقعة الفرقة بين القبائل، وهذا وإن دل على شيء فإنما يدل على أن هذا النوع من القبلية وهذا التعصب يتغلغل في أوساط المجتمعات الدول المُستعمرة أكثر من مثيلاتها، كما أن القبلية والتعصب عرفته أوروبا أيضاً في نظرية نقاء الجنس الآري وهي النظرية التي كان يستند عليها الالمان فيسبب تفوقهم، وهي أيضاً ما بُنيت عليه الحركة الصهيونية أهدافها أيضا، أي نظرية العنصر السامي، إذ يعتقد اليهود أن الاختلاط بباقي الأجناس يفقدهم الصفاء الذي حافظوا عليه كجنس سام.
إن الدول العربية بوضع عام والدول الخليجية على وجه الخصوص لديها النزعة القبلية القطرية التي قد تركزت في النفوس واحتلت مكانتها في ضمير الناس مكان الوحدة الوطنية فأصبحت عند البعض القطرية هي الوطنية وهي الولاء، ولكن الدولة الحديثة تعتمد على قدرة مؤسساتها وبنيتها في ادارة شؤونها الداخلية والخارجية، وترتكز الدولة على المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية في بسط هيمنة الدولة، ومن هنا فإن اهم القضايا المرتبطة بتأسيس مجلي التعاون الخليجي هي قضية الموقف الشعبي المنقسم ما بين مؤيد ومعارض على أساس قبلي.
السيادة:
السيادة في أبسط مفهوم لها هي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وفكرة سيادة الدولة ظهرت مع بداية وجود الدول، ولا يمكن أن تكتمل الشخصية القانونية للدولة إلا بتوافر ثلاثة أركان، السلطة والإقليم والسكان، والسيادة هي إحدى أهم خصائص وسمات الدولة الحديثة، فالسيادة وضع قانوني ينسب للدولة عند توافرها على مقومات مادية، من مجموع أفراد وإقليم وهيئة منظمة وحاكمة، وهي تمثل ما للدولة من سلطان تواجه به الأفراد داخل إقليمها وتواجه به الدولالأخرى في الخارج، ومن مقتضيات هذا السلطان، أن يكون مرجع تصرفات الدولة في مختلف شؤونها إرادتها وحدها.
والدولة هي صاحبة السيادة الداخلية على أقاليمها، ولا تستطيع أي سلطة أخرى أن تعلو عليها في فرض إرادتها على الأفراد والهيئات داخل حدودها، أو في تنظيم شؤون إقليمها، فللدولة وحدها الحق في مباشرة كل الاختصاصات المتصلة بوجودها باعتبارها دولة، وتتمتع الدولة بالسيادة الداخلية، كما تمتلك الدولة الأدوات اللازمة لتمكينها من القيام بوظائفها في إدارة الشأن العام وفي التشريع والقضاء، أما المظهر الخارجي فيتمثل في عدم خضوع الدولة لأي دولة أو سلطة أجنبية أخرى، بحيث تتمتع الدولة بالسلطة العليا على حدودها بما يؤمن استقلالها الكامل في مواجهة الدول الأخرى ويجعلها على قدم المساواة معها، فالسيادة بحكم الضرورة هي ولاية الدولة في حدود إقليمها ولاية انفرادية ومطلقة، وأن احترام السيادة الإقليمية فيما بين الدول المستقلة، يعد أساسا جوهرياً من أسس العلاقات الدولية .
وتعد السيادة من أهم التحديات التي واجهت مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فالدول الخليجية ذات مواقف متشددة نحو قضية السيادة، ولعل ذلك يرجع الى تركيبة القوى السياسية داخلالأنظمة الخليجية، ولكن الرغبة في تأسيس مجلس التعاون الخليجي أدت الى تقديم بعض التنازلات المتعلقة بالقوة والسيادة السياسية من الكافة لضمان قدرة المجلس على التأسيس والاستمرارية.
الأوضاع الإقليمية
جاءت الأوضاع الإقليمية المحيطة بدول مجلس التعاون الخليجي كلها لتدفع لسرعة إنشاء المجلس ومن أبرز هذه الأجواء المحيطة:
- الثورة الإسلامية بإيران: انطلقت بدايات الثورة الإسلامية الإيرانية في عام 1979 م ، بقيادة آية الله روح الله الخميني، وبمشاركة تيارات أخرى من المجتمع الإيراني آنذاك، وأدت بالنهاية إلى سقوط النظام الملكي بقيادة الشاه محمد رضا بهلوي ، وتأسيس النظام الجمهوري الإسلامي في إيران، وفى الواقع لم تكن الثورة بسبب أخطاء سياسية بل نشبت بسبب ضغوط سحيقة كانت تتراكم بشكل متزايد على المجتمع الإيراني، ولقد أدت هذه الثورة الى تعقد الأوضاع الجيوستراتيجي لدول الخليج العربي، وصنعت تحولاً نوعياً بالغ التأثير في دول الخليج ، وهو ما مثل دافعاً قوياً لتأسيس مجلس التعاون الخليجي خوفاً من زحف المد الشيعي الى الدول الخليجية.
- الحرب العراقية الإيرانية 1980 – 1988م: الصراعات ما بين ايران والعراق ليست جديدة بل هي متجذرة تاريخياً يتخللها بعض الهدوء احياناً، ومن منا لا يتذكر معركة القادسية، ولقد تعددت الأسباب المؤدية الى الحرب ما بين العرق وايران ، منها احتلال ايران للجزر الإماراتية الثلاث ، وايضاً دعم ايران للتمرد الكردي بالعراق، وأيضاً عزم ايه الله خميني بتصدير الثورة الإسلامية الإيرانية للعراق ولدول الخليج وقد جاء اندلاع الحرب العراقية الإيرانية قبل تأسيس مجلس التعاون الخليجي بثمانية اشهر وذلك لما ترتب عليه الوضع من الترتيبات الأمنية التي وجدت نفسها أمام خيارات صعبة ما بين القوتين الرئيستين في المنطقة ، وادراكاً من دول التعاون الخليجيي لما قد يترب عليه من بروز مخاطر كبيرة.
- الاعتبارات الإقليمية: وتمثل في الضعف الذي أصاب جامعة الدول العربية بعد الجدل الذي أثير بعد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية 1979م، بكامب ديفيد ، وانتقال مقر الجامعة الى تونس، مما أصاب الأمن القمي العربي بالفراغ الأمني

#محمد_محمد_جمال_الدين (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات