أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - الولاء للأغلبية العراقية : بين مسؤولية التمثيل وخيانة الانتماء














المزيد.....

الولاء للأغلبية العراقية : بين مسؤولية التمثيل وخيانة الانتماء


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8307 - 2025 / 4 / 9 - 09:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن انحناءة السياسي المُذِلَّة لأصحاب النفوذ العالمي، وانبطاحه المُخجل أمام إملاءات القوى العظمى، واندفاعه اليائس نحو الأحضان الأجنبية، تبقى حلقةً مفرغةً لا تُنتِج سوى الخيبة والهزيمة ، حتى لو تكرست لعقود... ؛ فغياب القاعدة الشعبية الراسخة، وافتقاد البيئة المجتمعية الحاضنة، يحوِّلان أي حركة سياسية إلى هيكل أجوف، حتى لو ادعت تمثيل "الأغلبية الصامتة"... ؛ ولا خلاص لهذه الحركات – خاصة تلك المنبثقة من عمق البيئات المحلية لمكون الاغلبية العراقية – إلا بتجريد نفسها من إرث "العقلية الدونية والانبطاحية " التي تُخضِع الوطن لوصاية الخارج وتفضل مصالح المكونات الاخرى على مصلحة المكون الوطني الاكبر ، والتخلص من عناصر "الرداءة السياسية" الذين يحوِّلون الحزب إلى ساحةٍ لتصفية الحسابات وتحقيق المصالح الشخصية والفئوية والعائلية الضيقة .
أما من يتخذ من الدعم الخارجي سُلَّمًا للوصول إلى السلطة، أو يبني شرعيته على تحالفاتٍ هجينة مع طبقة "البيروقراطيين الفاسدين والكيانات والعوائل والشخصيات المتكلسة والمتخشبة "، أو يروج لخطابٍ زائف عبر إعلامٍ ترفيهيٍ مُتخمٍ بالمُؤثرين المُتناقضين مع هموم الشارع، فمصيره – بلا ريب – سيكون نسخةً مكررةً من فشل الأنظمة الهجينة الهشَّة.
ولكي لا تتحول الديمقراطية الناشئة إلى مجرد شعارٍ براقٍ يُخفي انهيارًا أخلاقيًا، فإن المهمة الأولى للقيادة الوطنية تكمن في تفكيك "ثقافة التبعية والدونية والحقارة الحزبية " وإعادة بناء الاستراتيجية على أسسٍ وطنيةٍ خالصة ... ؛ وهذا المنهج يقتضي – قبل كل شيء – استدعاء الكفاءات العراقية المُهمَّشة من المحسوبين على الاغلبية ، بغض النظر عن انتماءاتها الفرعية، ودمجها في مشروعٍ جامعٍ يُحوِّل التنوع إلى قوةٍ لا إلى نقمة... ؛ فلا مكان هنا لخطابات الاستعلاء أو إقصاء الآخر، بل المطلوب حوارٌ جادٌ يعيد الاعتبار للإنسان العراقي الاصيل المُنهك من ويلات الفساد والحروب والازمات والمشاكل والتحديات .
إن إصلاح القطاع الصحي المُتداعي، وإحياء التعليم المُتهالك، وبناء بنيةٍ تحتيةٍ تُنقذ المناطق المُهملة من براثن الفقر والاهمال ، ليست مجرد وعود انتخابية، بل هي الاختبار الحقيقي لصدقية أي زعيمٍ يُريد أن يكتب اسمه في سجل التاريخ.
وفي قلب هذا المشروع، تُطرح إشكالية الهوية الجمعية: فكيف يُبرر سياسيٌ ما انتسابه الجغرافي والديموغرافي لمدينةٍ عريقةٍ مثل النجف أو كربلاء، ثم ينشغل بتمثيل مطالب أقاليمَ لم يُنتخب منها؟!
أليست هذه الازدواجية دليلًا على انفصامٍ خطيرٍ بين النخبة والجمهور؟!
والأكثر إثارةً للسخرية أن يُصارع مسؤولٌ – ينتمي رسميًا للأغلبية الشيعية – من أجل حقوق أقلياتٍ بعيدةٍ عنه جغرافيًا وثقافيًا، بينما تُهمل قواعده الشعبية في أحياء العمارة او الديوانية المُدمَّرة!
إنها لعبةٌ مكشوفةٌ: تكتيكٌ انتهازيٌ لابتلاع الشرعية تحت غطاء "الوطنية الشاملة"، بينما الحقيقة المُرة تكشف أن "الوطن" هنا مجرد واجهةٍ لمصالح ضيقةٍ تتاجر بآلام الناس من ابناء الاغلبية العراقية ؛ فلا تنافي من تحقيق مصالح المكون الاكبر مع مراعاة حقوق بقية المكونات , اما ان تستمر معادلة تضحية المكون الاكبر من اجل المكونات الاخرى ؛ بحجة كونه الاخ الاكبر او بذريعة ام الولد ؛ فهذا الامر يرفضه العقل والوجدان والمنطق السياسي , ولا يؤمن به الا الاحمق او ضعيف الشخصية او الدوني المنبطح .

فعندما ينتخبك أبناء الكوت لتمثيلهم في السلطة التشريعية أو التنفيذية، أو لتتبوأ منصبًا سياسيًا رفيعًا، فإن العقد الاجتماعي الضمني يفرض عليك واجبًا مقدسًا: أن تكون صوتَ مطالبهم، وساعيًا لتحقيق تطلعاتهم... ؛ فمن البديهي أن يتوقع الناخبون من ممثليهم العمل الجاد لتحسين واقعهم الخدمي، والنهوض بالبنى الصحية والتعليمية، وإحياء القطاعات الزراعية والصناعية في مدينتهم، لأن هذه الأولويات ليست مجرد "مطالب محلية"، بل هي أسسٌ لتعزيز الثقة بين المواطن والدولة، وضمانًا لاستقرار الوطن ككل... ؛ فالديمقراطية الحقيقية لا تبنى إلا حين يشعر الفرد بأن حقوقه مصانة، وحين يلمس أن من انتخبوه لم يخونوا العهد.
وفي هذا السياق، تتفق النظم الديمقراطية العريقة على مبدأ جوهري: أن المسؤول المنتخب هو وكيلٌ عن دائرته الجغرافية أولًا... ؛ فالنائب البريطاني أو الأمريكي لا يُقاس نجاحه بمدى دفاعه عن حقوق ناخبي ولايةٍ أخرى، بل بمدى إخلاصه لمن أعطوه أصواتهم... ؛ أما الخروج عن هذه القاعدة تحت شعاراتٍ فضفاضةٍ مثل "الوطنية الجامعة" أو "الولاء للأمة"، فإنه يتحول إلى خيانة سياسية تُفقد النظام شرعيته، وتُغذي السخط الشعبي... ؛ فالفرد المُهمَل في مدينته، الذي يرى طرقًا مُتهالكة ومستشفياتٍ مكتظة، لن يتوانى عن تحميل "الوطن" مسؤولية إخفاقات ممثليه، وقد يصبح – في لحظة يأس – وقودًا لأجنداتٍ خارجية تستغل غضبه لزعزعة الأمن الوطني .
غير أن المُعضلة تكمن في أولئك السياسيين الذين يختارون الانزياح عن دورهم الأساسي: فالنائب القادم من جنوب العراق، الذي يتجاهل معاناة أبناء محافظته، وينشغل بالمطالبة بحقوق إقليمٍ آخر، إنما يرتكب خطيئتين: الأولى أنه يُحوِّل الديمقراطية إلى مهزلة بانفصاله عن قاعدته الشعبية، والثانية أنه يخدع نفسه بادعاء "الدفاع عن الآخرين"، بينما لا يملك شرعية تمثيلهم... ؛ فكيف يُبرر عضو برلمان من الكوت ترك مدارس مدينته تُنهار، بينما يُنفق جهده في الدفاع عن مطالب تكريت؟!
وكيف يُصدق ناخبو العمارة خطاب سياسيٍ لا ينتمي إلى واقعهم، ولا يفقه تفاصيل معاناتهم؟! إنها لعبةٌ مزدوجة: خسارةٌ للجميع، وانتقاصٌ من مفهوم التمثيل السياسي ذاته.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوفيات تحت التعذيب : جرائم تخفيها الاجهزة الامنية ويكشفها ا ...
- سوريا تحت نير الحركات متعددة الجنسيات والعصابات الدولية
- من يوقف شلال الدم العلوي في سوريا ؟!
- قتلوا الطفولة العلوية في العيد !
- ثلاثة ايام من الالام والمعاناة في مديرية مكافحة المخدرات
- ثاني اوكسيد الكذب
- ترنح الأمة العراقية بين الأصالة والانحراف
- العراقي بين نعمة الحرية ومسؤولية الحفاظ عليها
- تدهور المحتوى الديني وانتشار الدجل والتفاهة
- الشر قائم و قادم لا محالة
- الطائفي يتنصل من الخيانة والمسؤولية ويتباكى على صدام ونظامه ...
- استحالة العيش مع التكفيريين والطائفيين
- لا مناص لنا من الايمان بالأمة العراقية وتعزيز دولة المواطنة ...
- تنهدات الاحرار لما سيؤول اليه امر العراق في المستقبل القريب ...
- وادي حوران محتل كالجولان من قبل الامريكان (4)
- ويستمر التحريض الطائفي في سوريا : وين الزلم يا حسين !!
- ابو عبيدة يكسر جدار التعتيم : ابادة العلويين ليست هدفا لثورت ...
- عدالة حكومة الجولاني المزيفة
- هم عراقيون ولكن بالمواطنة لا بالأصالة
- الجمهورية السورية التركية – كيانٌ مُتعدد الجنسيات مُتنافرٌ ا ...


المزيد.....




- الدفاع الروسية: قوات كييف استهدفت بنى الطاقة 8 مرات في 24 سا ...
- نواف سلام يبحث مع أبو الغيط الوضع في لبنان والمنطقة
- ليبيا.. حرائق غامضة تلتهم 40 منزلا في مدينة الأصابعة خلال 3 ...
- رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام يصل إلى دمشق حيث سيلتقي بال ...
- -يجب علينا تخيُّل العالم ما بعد الولايات المتحدة- - الغارديا ...
- الجزائر تمهل 12 موظفا في سفارة فرنسا 48 ساعة لمغادرة أراضيها ...
- -ديب سيك - ذكيّ ولكن بحدود... روبوت الدردشة الصيني مقيّد بضو ...
- انخفاض تعداد سكان اليابان إلى أدنى مستوى منذ عام 1950
- جدل في الكنيست حول مصر.. وخبير يعلق: كوهين أحد أدوات الهجوم ...
- وزير خارجية فرنسا يدعو لفرض -أشد العقوبات- على روسيا


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - الولاء للأغلبية العراقية : بين مسؤولية التمثيل وخيانة الانتماء