أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - - صلاح دياب - لذة البوح على الورق















المزيد.....

- صلاح دياب - لذة البوح على الورق


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 8306 - 2025 / 4 / 8 - 00:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لماذا يقرر شخص ما ، أن يكتب سيرته الذاتية ؟.
لماذا يريد تحويل التجارب والعواطف والمواقف واللحظات التى عاشها بدمه وأعصابه وعصارة أحلامه ، الى صفحات من ورق ، بين ضفتى كتاب ؟؟.
ما عشناه فى حياتنا ، " ملكية خاصة " لنا ، نظل طول العمر نحميها من محاولات السرقة ، والانتهاك ، والاعتداء ، والتشويه .
اذا تنازل شخص ما ، وهو فى كامل قواه العقلية ، وباختياره ، عن هذه الملكية ، لتصبح " على المشاع " ، يمتلكها الجميع ، فهذا شخص وصل الى درجة عالية ، من
" النضج " النفسى ، و " التصالح " مع الحياة ، و " الاعتزاز " بالذات .
وهذا هو " صلاح دياب " ، فى مذكراته " هذا أنا ".
رغم ادراكه ، بأنه يخطو فوق أرض ملغمة ، بالانحيازات ، والمجاملات ، والتعصبات ،
والمقارنات ، لم يرجع عن القرار ، ودفع بالمذكرات الى المطبعة . وهذا ليس له ، الا معنى واحد ، أن المدح ، أو الذم ، عنده سواء ، وأن ارضاء الناس ليس هاجسه . يريد ارضاء شئ أعمق ، وأجمل ، وأبقى . ما هو ؟. وتجئ الاجابة على لسانه هو شخصيا :
" الاحتياج الى البوح " ؟.
لماذا يحتاج " صلاح دياب " الى البوح ، رغم أنه ليس زعيما سياسيا ، أو مصلحا اجتماعيا ، أو نجما سينمائيا ، حسب وصفه ؟. لكنه أيضا ، ليس بالشخص " العادى " ، الذى يشبه ملايين الناس . ليس صدفة أن يبدأ المذكرات باحدى مقولات المتمرد العظيم ، ألبير كامو : " أن تكون مختلفا عن الآخرين ، فهذا لا سيئا ، ولا جيدا ، وانما يعنى فقط أن عندك ما يكفى من الشجاعة ، لتكون أنت على طبيعتك ".
أعتقد أن " صلاح دياب " ، قد تذوق مرة ، خِلسة ، دون ترتيب مسبق ، " لذة " أن يكون
" على طبيعته " ، فقرر أن يستعيدها ، على الورق .
من تجاربه ، أدرك احدى حقائق الحياة الكبرى ، أن لا أحد ، ولا شئ ، يستحق أن نلبس قناعا ، وأن لمسات الماكياج ليست تجملا ، وانما كذب ، ومنْ يحب الورد ، لا يبالى بأشواكه .
" هذا أنا " ، صفحات ممتعة عبر الزمان والمكان ، تعكس التجربة الثرية ، لانسان " سبع صنايع " ... رجل أعمال ، وحلوانى ، ومهندس ، وخبير عقارات ، وصحفى وناشر وكاتب ، يؤمن بأن النجاح يعنى تحويل " الصدف " الى " فرص " ، وأن الطريق الذى يعلق لافتة :
" محظور الاقتراب " ، هو الجدير برحلة الألف ميل .
وقف " صلاح دياب " ، أمام مرآة العمر ، الممتد 80 عاما . أحداث ، ومواقف ، نجاحات وعثرات ، كلها تشير الى شخصية استثنائية ، فريدة من نوعها . لديه القدرة ، على تمييز " الخيال الواقعى " ، عن " الخيال الخرافى "...... والتفريق بين " المستحيل
الممكن " ، و " المستحيل الغير ممكن " ، وفرز التراب الذى سيصبح ذهبا ، عن التراب الذى يبقى ترابا .
طوال رحلته ، يخبرنا أن النجاح ليس القدرة على حل المشكلات والأزمات . ولكنه القدرة على منع حدوثها أصلا . واذا حدثت ، يشتغل للتأكد أنها لن تتكرر . يتفوق ، ليس لأنه الرجل ، صاحب الخطط والبرامج والمشروعات والعقود ، والفلوس . ولكن لأنه الرجل صاحب " الرؤية " ، المولود للريادة والابتكار والفوز . " الفيروسات المضادة " ،
لا تمل ولا تكل ، من محاصرته . وهو لا يمل ولا يكل ، من الانتصار عليها ، معلنا :
" هل من مزيد ؟ ".
عند الكثيرين ، يمثل " الفشل " نهاية الطريق ، والاستسلام للندم والاحباط . لكننا أمام رجل ، يعلم أن الخوف من الفشل ، شيخوخة مبكرة لأحلامه ، تؤدى الى العجز والشلل ،
الخوف هو العار ، والهزيمة ، وليس الفشل . السقوط الى أسفل ، هو مجرد حادثة . لكن البقاء فى الأسفل ، هو اختيارنا ، وقرارنا .
أخبرنا سيجموند فرويد ، 6 مايو 1856 – 23 سبتمبر 1939 ، أن لا شئ يغير
الانسان مثل " الألم ". لكن " صلاح دياب " ، يفعل العكس ، ويغير هو " الألم " الى
" الأمل " ، باعادة ترتيب الحروف الثلاث .
" اذا أردت أن تخدم وطنك ، عليك أن تكون فى الصف الأول دائما ". هكذا تكلم " توفيق
دياب " الجد ذو الأثر الكبير ، فى حياة وشخصية الحفيد ، ليزرع بذور التميز ، ولا يسمع لمقولة : " ليس فى الامكان أبدع مما كان ".
يعتذر " صلاح دياب " ، لزوجته بأنه لم " يتغير " ، رغم امتداد العمر الى الثمانين . فمازال رغم سفرياته حول العالم ، مسكونا بأجواء القرية . لم تفارقه الحماقة ، وشطحات الجنون ، ولمحات الرومانسية . أنا شخصيا أرى أن الانسان الذى يريد البقاء شابا ، فعليه أن يكرر حماقاته . وهكذا هو انسان " السبع صنايع " ، يتمنى " سبع حيوات " على الأقل . يتوق الى مساحات اضافية من العمر ، يعيشها بالفهم والخبرة والحكمة التى اكتسبها . ليس من العدل ، أن تُغلق الأبواب ، بعد أن عثرنا على المفتاح الصحيح ، وأن البدر لا ينقص ، الا حين يكتمل .
" سُجنت أول مرة ، فى قضية سلاح مزعومة ، وفى المرة الثانية لمخالفة بناء سور لمصنع لابوار ، منذ خرجت من ادارته من سنوات طويلة .. والتهمتان لا تخلان بالشرف ، وأعتبرهما طلقات طائشة باتجاهى ". هكذا كتب الرجل ذو " الأرستقراطيات " المتعددة ، عن تجربة السجن . قرأت سطورا لم يكتبها : " من الأكرم للانسان أن يُسجن وهو برئ ، عن أن
يُطلق سراحه وهو مذنب ".
رغم كثرة وتعدد أعماله ، ومشروعاته ، فان " صلاح دياب " ، " الأب " ، و " الجد "،
يعطى أسرته ، وعائلته ، حقها الكامل فى الاهتمام ، والرعاية . لا أعرف ، ان كنت على صواب ، أم لا ، اذا أحسست ومنذ البداية ، أن " لمة " البيت ، هى أجمل وأهم ، مشروع
فى حكاية العمر ، بدون خطابات ضمان ، ولا دراسة جدوى .. وربما اذا خُير ، سيختار دون تفكير أو تردد لقب " Family Man " ، وليس Business Man "".
" هذا أنا " ، سيرة لانسان ، لا يؤمن أنه يجب أن يحترق ، لانارة الطريق لغيره . لديه عقل الفيلسوف دائم التساؤل والدهشة ، وعاطفة الفنان المُغرم بالتفاصيل ، وشغف الأطفال بتكسير اللعب ، وصمود الجنود .
هو " خلطة " تتجدد مكوناتها ، مع كل طلعة شمس .
نهاية المذكرات المهداة الى الجد " توفيق دياب " ، ليست على الاطلاق " النهاية ".
بعض السير الذاتية ، تكون " ختاما " يسدل الستار ، ويلقى على الدنيا السلام . لكن
" صلاح دياب " ، المخلص لطبيعته ، لا يعترف بالنهايات . أغلب السير الذاتية ، تكون اطفاء للحرائق . لكنه يكتب لاشعالها .
بعد البوح ، وازاحة الكثير من علامات الاستفهام ، سيظل " صلاح دياب " ، يتسائل ، ما اذا كانت السعادة ، فى ترك الأشياء ، أم فى الحصول عليها ... هل ما نأخذه ، هو ما يشكلنا ، أم ما نعطيه ؟ ... أيهما كان الأصعب ، استصلاح الأراضى " البور " ، أم استصلاح
النفوس " البور " ؟.... هل التواضع بداية الاخفاق ، أم ثروة يضاعفها الزمن ؟.. هل رأس المال هو الأهم أم رأس المال ؟.
البشر نوعان . الأول مهما أعطيناه يظل فقيرا . والثانى مهما أخذنا منه ، يبقى من الأغنياء .
" هذا أنا " كتاب العمر ، لواحد من النوع الثانى .



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خانتنى - أمى - وتركتنى مع هواتف ذكية وبشر أغبياء
- - الطفل المدلل - الذى يأكل من لحمنا ويشرب من دمائنا
- فاسدة أخلاقيا وأفتخر
- وداعا للدولة المدنية الحديثة
- موقف السويد من مقتل سلوان موميكا
- خلطة - صاحب السعادة كش كش بيك - و- سى عمر - وسر - الأستاذ حم ...
- أيها الكافر الملحد : ماذا يمنعك عن أن تنكح أمك ؟ -.
- امرأة واحدة تصلح ما أفسده العالم
- ليس ارتفاع الأسعار ولكن انخفاض الثقافة
- حضارة عالمية تنثر مادتها الوراثية فى كل مكان
- - ماذا تفعل المرأة بجسدها ؟ - السؤال الوحيد المؤرق للرجال
- اسمى .. حياتى قصيدتان
- لا خير فى مجتمعات تتعاطى الحب فى سرية مثل الممنوعات
- اليوم هل يجوز للمرأة لبس الألوان الفاتحة ؟ وغدا هل يجوز للمر ...
- لا أتكلم بالعين والحاجب .. الزمن .. انهضى حبيبتى ثلاث قصائد
- فى أزمنة الخيش قصيدة
- هل حفظنا الدرس بعد اغتيال السادات فى 6 أكتوبر 1981 ؟
- قصيدة لا شئ أخسره
- اربع قصائد جثة الظلام .. النساء .. كن نفسك .. هى وأنا
- أين موطن - الاسلام الصحيح - ؟


المزيد.....




- زيلينسكي يؤكد وجود قوات أوكرانية نشطة في منطقة بيلغورود الرو ...
- إعلام يمني: 22 غارة أمريكية استهدفت صنعاء ومحافظتي مأرب والح ...
- مخلوق -خالد- غريب يكشف أسرار عكس الشيخوخة
- نتنياهو يطمح إلى إقناع ترامب بتطبيق -نموذج ليبيا- على إيران ...
- دراسة: قصور القلب يسرّع شيخوخة الدماغ
- شركة أوروبية ناشئة تطور صاروخا فضائيا قابلا لإعادة الاستخدام ...
- كوريا الجنوبية: الانتخابات الرئاسية المبكرة في 3 يونيو
- تشيلي.. العثور على بقايا متجمدة لأنثى إكثيوصور حامل
- ترامب يريد تحويل الناتو إلى مشروع تجاري
- -علامة سوداء-: هبوط المظليين في أوكرانيا


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - - صلاح دياب - لذة البوح على الورق