أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالناصرعليوي العبيدي - القومية العربية: الضحية الأولى لحزب البعث العربي الاشتراكي














المزيد.....

القومية العربية: الضحية الأولى لحزب البعث العربي الاشتراكي


عبدالناصرعليوي العبيدي
شاعر وكاتب حاصل على البكالوريوس في الهندسة المدنية

(Nasser Aliwi)


الحوار المتمدن-العدد: 8305 - 2025 / 4 / 7 - 22:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


**مقدمة:**
لم تكن القومية العربية فكرة مبتدعة عند العرب وحدهم، بل هي ركيزة أساسية من نظريات تكوين الأمم. فالقومية العربية، على وجه الخصوص، تتميز بكونها حقيقة متكاملة، حيث يجتمع فيها الأصل المشترك، والتاريخ الواحد، والقيم النبيلة، واللغة العربية التي توحد العرب من المحيط إلى الخليج. هذه القومية تقوم على أسس إنسانية وحضارية، مثل إغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم، وإكرام الضيف، وحفظ حقوق الجار، وهي قيم ورثها العرب جيلًا بعد جيل. لكن هذه الفكرة النبيلة تعرضت للتشويه والاستغلال، وكانت الضحية الأولى لهذا التشويه هي القومية العربية نفسها، خاصة على يد حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا.

**القومية العربية: حقيقة متكاملة**
القومية العربية ليست مجرد شعار أو إيديولوجيا، بل هي واقع حي يتجسد في وحدة اللغة، والتاريخ المشترك، والقيم التي تجمع العرب. فالعربية ليست مجرد لغة تواصل، بل هي وعاء ثقافي وحضاري يحمل في طياته تراثًا غنيًا من الأدب، والفلسفة، والعلوم. كما أن القيم العربية الأصيلة، مثل الكرم والشجاعة والوفاء، تعكس مجتمعًا إنسانيًا حضاريًا، قادرًا على العطاء والبناء.

هذه القومية ليست فكرة عنصرية أو إقصائية، بل هي مشروع وحدوي يهدف إلى جمع العرب تحت راية واحدة، لتحقيق النهضة والتقدم. لكنها، للأسف، تعرضت للتشويه عندما استغلتها أنظمة شمولية لتحقيق مصالح ضيقة.

**حزب البعث: من الفكرة إلى الاستبداد**
حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي تأسس في الأربعينيات من القرن الماضي، كان يحمل في بداياته شعارات وحدوية تحررية، تهدف إلى توحيد الأمة العربية وتحريرها من الاستعمار وتحقيق العدالة الاجتماعية. لكن منذ وصوله إلى السلطة في سوريا عام 1963، تحول الحزب إلى أداة بيد مجموعة طائفية استغلت القومية العربية لتبرير الاستبداد والقمع.

قاد الطائفيون العلويون، مثل حافظ الأسد وصلاح جديد ومحمد عمران، انقلابًا داخل الحزب، واستولوا على السلطة عبر اللجنة العسكرية الطائفية. تم إقصاء البعثيين الحقيقيين الذين آمنوا بالقومية العربية كمشروع وحدوي، وحل محلهم ضباط علويون موالون للنظام. تحول حزب البعث من حزب قومي إلى أداة لترسيخ حكم الأقلية الطائفية، التي مارست سلطة استبدادية مطلقة، معتمدة على الأجهزة الأمنية والعسكرية.

**عداء النظام السوري للأمة العربية**
تبين عداء النظام السوري للأمة العربية في مواقف عديدة. أبرزها كان خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، حيث وقف حافظ الأسد إلى جانب إيران الخمينية ضد العراق بقيادة صدام حسين. كان صدام حسين، رغم أخطائه، يمثل حزب البعث العربي الاشتراكي الحقيقي، الذي آمن بالقومية العربية ك مشروع وحدوي. لكن الأسد، ذو الأصول الفارسية، اختار الوقوف مع إيران ضد العرب، مما كشف زيف شعاراته القومية.

كما اتخذ النظام السوري شعار فلسطين للتستر على طائفيته. ففي الوقت الذي كان يدعي فيه دعم القضية الفلسطينية، كان يمارس القتل والتنكيل بالفلسطينيين. مذبحة تل الزعتر في لبنان عام 1976، التي راح ضحيتها آلاف الفلسطينيين، كانت شاهدًا على وحشية النظام. كما قام بقتل القيادات الفلسطينية الحقيقية، وشكل ميليشيات من المرتزقة الفلسطينيين لتكون أدوات في خدمة نظامه الطائفي.

**تحالف النظام السوري مع إيران: طعنة في ظهر القومية العربية**
لم يكن تحالف النظام السوري مع إيران مجرد موقف سياسي، بل كان طعنة في ظهر القومية العربية. إيران، التي رفعت شعار "تصدير الثورة"، كانت تسعى إلى بسط نفوذها في المنطقة على حساب العرب. ميليشيات إيران، مثل حركة أمل في لبنان، ارتكبت مجازر بحق الفلسطينيين، كما فعلت الميليشيات الموالية لإيران في العراق بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، حيث تم تهجير الفلسطينيين الذين كانوا يتمتعون بالحماية والرعاية في عهد صدام حسين.
هذا التحالف كشف زيف شعارات النظام السوري، وأظهر أنه نظام طائفي يعمل ضد مصالح الأمة العربية.
**تشويه القومية العربية: إرث ثقيل**
بسبب ممارسات النظام السوري، أخذ العرب فكرة سيئة عن القومية العربية. لقد ارتبطت في أذهان الكثيرين بالاستبداد والقمع، بدلًا من الوحدة والنهضة. هذا التشويه يتطلب عقودًا من الزمن لإصلاحه، وإعادة الثقة بفكرة القومية العربية كمشروع حضاري وإنساني.
**الخاتمة:**
القومية العربية كانت الضحية الأولى لحزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا. لقد تم استغلالها من قبل نظام طائفي شمولي، حولها من مشروع وحدوي تحرري إلى أداة لتبرير الاستبداد والقمع. لكن القومية العربية، بحقيقتها المتكاملة وقيمها النبيلة، تبقى فكرة صالحة لكل زمان ومكان. إعادة إحيائها تتطلب تحريرها من إرث البعث، وإعادة صياغتها بما يتناسب مع تطلعات الأجيال الجديدة نحو الحرية والكرامة والعدالة.
إن القومية العربية ليست مشكلة في حد ذاتها، بل المشكلة فيمن استغلها لخدمة مصالحه الضيقة. وإعادة الاعتبار لها تتطلب جهدًا فكريًا وسياسيًا، لإعادة الثقة بهذه الفكرة النبيلة التي يمكن أن تكون أساسًا لنهضة عربية حقيقية.
-----
عبدالناصر عليوي العبيدي



#عبدالناصرعليوي_العبيدي (هاشتاغ)       Nasser_Aliwi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يتحول الوطن إلى شركة مساهمة: -إذا لم تربح نبيعه-
- عيد بطعم الحرية
- الحكومة السورية الجديدة: حكومة كفاءات أم حكومة إملاءات؟
- هل فشلت الثورة المضادة
- **غزة بين غدر الأصدقاء وخذلان الأشقاء**
- **أزمة الحدود اللبنانية السورية: عندما يُختزل الوطن في ظل -ا ...
- سوريا الجديدة: الواقع يفرض نفسه، والحكمة تقتضي التعايش


المزيد.....




- رد إيراني واضح على إعلان ترامب المفاجىء عن وجود مفاوضات مباش ...
- يوم الصحة العالمي لهذا العام مخصص للأمهات: تفاوت في الفرص بس ...
- مصادر طبية: مقتل 54 مواطنا منذ فجر الاثنين في غارات إسرائيلي ...
- ترامب ونتنياهو بين حرب غزة ومواجهة إيران
- ترامب يشكو من معاملة الاتحاد الأوروبي السيئة لبلاده
- شاهد.. قطار يسحق شاحنة حبوب في الولايات المتحدة
- ترامب يحذر: إما أن نبرم صفقات جيدة مع كل دولة أو لا شيء
- القوات الروسية تسيطر على بلدة استراتيجية
- هل سمع نتنياهو من ترامب أشياء لا يريدها؟
- العمال يدفعون فاتورة أزمة الاتحاد في ظل استشراس أعداء العمال ...


المزيد.....

- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالناصرعليوي العبيدي - القومية العربية: الضحية الأولى لحزب البعث العربي الاشتراكي