|
الأيباك :القناع المالي للاحتكارات الغربية للسيطرة والإبادة الجماعية..كتاب
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8305 - 2025 / 4 / 7 - 17:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
1. المشهد الافتتاحي: مسرحية الصفقة الكبرى
في قاعة مظلمة، حيث يتسلل الضوء عبر شقوق الجدران العتيقة كأنه يخشى الكشف عن أسرارها، يجلسون في صمت ثقيل. ليسوا ملوكًا ولا أباطرة، بل أمراء المال الذين تحولوا إلى آلهة عصرية: ممثلون عن عائلات روتشيلد، مورجان، وروكفلر، يرتدون أردية سوداء مطرزة بخيوط ذهبية ترمز إلى ثرواتهم التي لا تُحصى. أمامهم خشبة مسرح صغيرة، مضاءة بشموع ترقص ألسنتها كأنها تعزف لحنًا صامتًا لما سيأتي. ثم يدخل الرجل، تيودور هرتزل، بقامته الطويلة وقناعه الذهبي الذي يغطي نصف وجهه، كأنه قادم من حلم محموم أو كابوس لم يكتمل. يحمل لفافة من الورق، لكنها ليست مجرد وثيقة، بل سيناريو لمسرحية ستغير وجه التاريخ. "سادتي أصحاب النفوذ"، يبدأ هرتزل بصوت هادئ لكنه يحمل رنينًا عميقًا كأجراس كنيسة مهجورة، "أقدم لكم مشروعًا ليس كغيره. أنا لا أبيع سلعة، ولا أطلب صدقة. أنا أعيد تشكيل فكرة قديمة لتصبح سلاحًا في يديكم. اليهودية، تلك الروح التي عاشت في الشتات لقرون، يمكن أن تتحول إلى أيديولوجيا سياسية، أسميها الصهيونية. أعطوني دعمكم المالي والسياسي، وستكون لكم فلسطين، تلك الأرض التي تقع على مفترق الطرق بين الشرق والغرب، حيث النفط والنفوذ والمستقبل." يلتفت أحد المصرفيين، رجل ذو ملامح حادة كالصقر يمثل آل روتشيلد، ويسأل بنبرة باردة كالجليد: "وما الضمانات؟ كيف نثق بأن هذا المشروع لن يتحول إلى عبء علينا؟" يبتسم هرتزل ابتسامة خافتة، كأنه يعرف سرًا لا يجرؤ على البوح به كاملاً، ويجيب: "نصنع أيديولوجيا تُعمي الشعوب، نزرع الفتنة بينهم، ونتركهم يتقاتلون بينما تفتحون الأبواب لمصالحكم. أعطوني الدعم، وسأعطيكم السيطرة." المشهد لا يتوقف عند هرتزل. من الظلال، يتقدم رجل آخر، يرتدي عباءة سوداء وقناعًا يحمل رمز الهلال، يمثل الوهابية. يتقدم بخطى واثقة ويقول: "أنا أضمن لكم النفط من جزيرة العرب. دعموني لأنشر فكرتي بين القبائل، وسأجعل منها سيفًا في يديكم." يليه رجل ثانٍ، بقناع مزين بكتاب مفتوح، يمثل الإخوانجية، ويعلن: "سأشعل الفتنة في قلب الأمة العربية، سأكون يدكم الخفية التي تُضعف أي مقاومة." ثم يظهر ثالث، بصليب متوهج على صدره، يمثل المسيحية الفاشية، ويقول: "سأكون رأس الحربة ضد أي طموح قومي في الشرق، فقط أعطوني السلاح والمال." المصرفيون يتبادلون النظرات، ثم ينفجرون في ضحكة جماعية، كأنها صدى يتردد في أروقة التاريخ. يوقعون العقود واحدًا تلو الآخر، والمسرح يغرق في صمت ثقيل، لكنه صمت يحمل وعدًا بالدم والسيطرة. هذا المشهد ليس خيالًا محضًا، بل استعارة لما حدث في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. هرتزل لم يكن مجرد حالم، بل كان مفاوضًا التقى ببارونات المال في لندن وفيينا، وعرض عليهم مشروعًا استثماريًا موثقًا في مذكراته وفي مراسلاته مع بارون إدموند دي روتشيلد. في الوقت نفسه، كانت بريطانيا ترعى محمد بن عبد الوهاب ولاحقًا ابن سعود لضمان السيطرة على الجزيرة العربية، كما دعمت حسن البنا لاحقًا لإضعاف الحركات القومية العربية. هذه ليست نظرية مؤامرة، بل وقائع يمكن تتبعها في أرشيفات الاستعمار البريطاني وتقارير المخابرات الغربية.
2. جذور التلاعب: الأديان كأدوات للمصالح المالية
لن نفهم هذا المشهد دون أن نعود إلى الوراء، إلى تاريخ طويل من التلاعب المنظم بدأ قبل قرون. في العصور الوسطى، كان التجار اليهود في أوروبا يلعبون دور الوسطاء الماليين بين الإقطاعيين والكنيسة. القيود الدينية المسيحية التي منعت الربا جعلتهم قناة لا غنى عنها لتدفق رأس المال، لكن هذا الدور لم يكن طوعيًا بالكامل، بل كان مفروضًا عليهم كجماعات هامشية تحت وطأة الاضطهاد. هنا بدأت الفكرة: الأديان يمكن أن تكون جسورًا للسيطرة الاقتصادية. في الوقت نفسه، كانت الكنيسة الكاثوليكية تستخدم الدين كأداة لتبرير الحملات الصليبية، التي لم تكن مجرد حروب دينية، بل محاولات للسيطرة على طرق التجارة بين الشرق والغرب، من القسطنطينية إلى القدس. مع عصر النهضة والاستعمار، تطورت هذه الفكرة إلى نظام أكثر تعقيدًا. في مدن مثل فلورنسا والبندقية، بدأت البنوك الأولى في الظهور كقوى اقتصادية مستقلة، تمول الحروب والمشاريع التجارية بنفس البراعة. بحلول القرن الثامن عشر، برزت عائلات مثل روتشيلد كقوى مالية عابرة للقارات، تمول حروب نابليون وتستثمر في الثورة الصناعية. لكن التحول الحقيقي جاء في القرن التاسع عشر، حين أدركت هذه الاحتكارات أن الأديان ليست مجرد أدوات للتحكم الاجتماعي، بل يمكن أن تُعاد صياغتها لتصبح أيديولوجيات سياسية تخدم مصالحها الجيوسياسية. الصهيونية كانت واحدة من هذه المنتجات، لكنها لم تكن الوحيدة. في الشرق، كانت بريطانيا، التي أصبحت الإمبراطورية المهيمنة، تبحث عن طرق لضمان سيطرتها على الموارد. في القرن الثامن عشر، دعمت حركة محمد بن عبد الوهاب لإضعاف الخلافة العثمانية، التي كانت تشكل عقبة أمام التوسع الاستعماري. لاحقًا، في القرن العشرين، تحولت الوهابية إلى أداة للسيطرة على النفط في الجزيرة العربية، بتمويل مباشر من لندن. هذه ليست قصص خيالية، بل حقائق موثقة في تقارير الدبلوماسيين البريطانيين مثل همفر، الذي كتب عن دوره في تعزيز التيارات المتشددة لخدمة مصالح الإمبراطورية.
3. الصهيونية: من دين إلى أيديولوجيا استعمارية
الصهيونية لم تولد من فراغ، بل كانت نتاج لحظة تاريخية حاسمة. في أواخر القرن التاسع عشر، كانت أوروبا تمر بتحولات اقتصادية وسياسية عميقة. الثورة الصناعية فتحت شهية الاحتكارات المالية للموارد الجديدة، وفلسطين، بموقعها الاستراتيجي، أصبحت هدفًا. تيودور هرتزل، الصحفي النمساوي، لم يكن مجرد حالم برؤية دينية، بل كان مفكرًا عمليًا رأى في اليهودية مادة خام يمكن صياغتها لخدمة مشروع سياسي. في كتابه "الدولة اليهودية" (1896)، وضع الخطوط العريضة لهذا المشروع، لكنه لم يكن لينجح دون دعم مالي وسياسي من الاحتكارات الغربية. دور عائلة روتشيلد كان محوريًا. بارون إدموند دي روتشيلد، المعروف بـ"الأب الروحي للاستيطان"، بدأ بتمويل المستوطنات الأولى في فلسطين في ثمانينيات القرن التاسع عشر، قبل أن يتبنى هرتزل الفكرة رسميًا. لكن الدعم الأكبر جاء من بريطانيا، التي رأت في الصهيونية أداة لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط. وعد بلفور (1917) لم يكن مجرد وعد دبلوماسي، بل كان صفقة استراتيجية بين الحكومة البريطانية واللوبي الصهيوني، بدعم مالي من روتشيلد. الهدف كان واضحًا: إقامة كيان موالٍ للغرب في قلب العالم العربي، يضمن السيطرة على قناة السويس ومنابع النفط المستقبلية.
4. الإسلام المُعاد صياغته: الوهابية والإخوانجية
لن نكتمل الصورة دون أن ننظر إلى الشرق، حيث كانت بريطانيا، تلك الإمبراطورية التي صنعت من التلاعب فنًا، تعمل على إعادة صياغة الإسلام ليصبح أداة في يدها. في القرن الثامن عشر، بدأت الفكرة تتبلور في جزيرة العرب، تلك الأرض الغنية بالرمال التي ستكشف لاحقًا عن ثروة النفط. محمد بن عبد الوهاب، الداعية النجدي، لم يكن مجرد مصلح ديني، بل كان بيدقًا في لعبة أكبر. تقارير المخابرات البريطانية، مثل مذكرات السيد همفر، تكشف عن دوره كعميل غير مباشر للندن، حيث تلقى دعمًا خفيًا لنشر فكرته المتشددة التي تهدف إلى إضعاف الخلافة العثمانية، الحاجز الأخير أمام التوسع الاستعماري في الشرق الأوسط. بحلول القرن العشرين، تحولت الوهابية إلى أداة أكثر تنظيمًا. تحالف آل سعود مع البريطانيين، بدعم مالي وعسكري، أدى إلى تأسيس المملكة العربية السعودية في 1932، لكن هذا التأسيس لم يكن مجرد حدث محلي. كان جزءًا من استراتيجية غربية لضمان السيطرة على النفط، الذي أصبح الدم الجديد للاقتصاد العالمي. الوهابية، بتشددها ورفضها لأي فكرة تقدمية أو قومية، أصبحت سيفًا في يد الاحتكارات المالية، تقطع أوصال أي محاولة للوحدة العربية أو المقاومة. لم تكن دعوة دينية بقدر ما كانت أيديولوجيا سياسية، صُنعت بعناية لتخدم مصالح البنوك الغربية في لندن ونيويورك. في المقابل، ظهرت حركة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928، بقيادة حسن البنا، كوجه آخر لهذه اللعبة. على عكس الوهابية التي ركزت على الجزيرة العربية، كان هدف الإخوان أوسع: زرع الفتنة في قلب الأمة العربية، من المغرب إلى المشرق. البريطانيون، الذين كانوا يسيطرون على مصر كمستعمرة فعلية، رأوا في الإخوان أداة لمواجهة الحركة الوطنية التي قادها سعد زغلول ولاحقًا جمال عبد الناصر. تقارير المخابرات البريطانية، المتوفرة في الأرشيف الوطني في لندن، تكشف عن دعم غير مباشر للإخوان عبر قنوات مالية وتدريبية، بهدف إضعاف أي مشروع قومي يهدد مصالح الاحتكارات الغربية في قناة السويس ومنابع النفط. الإخوان، بتأكيدهم على التكفير والانقسام الداخلي، أصبحوا أداة فعالة لتفتيت المجتمعات العربية. في سوريا والعراق، لعبت فروع الإخوان دورًا في تأجيج الصراعات الطائفية، بينما في مصر كانوا شوكة في خاصرة النظام الناصري الذي حاول بناء دولة حديثة. هذا الدور لم يكن عفويًا، بل كان جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد للاحتكارات المالية، التي رأت في التيارات المتشددة وسيلة لإدارة الأزمات التي تفتعلها في المنطقة، من الحروب إلى الانقلابات. الوهابية والإخوانجية، رغم اختلاف ظاهرهما، كانا وجهين لعملة واحدة: أيديولوجيات دينية مُعاد صياغتها لتكون في خدمة الاحتكارات الغربية. كلاهما استُخدم لإضعاف الشعوب العربية، تمهيدًا لاحتلالها المباشر أو غير المباشر. هذا التاريخ موثق في كتب مثل "الاستعمار والنفط" لجواد العلي، وفي دراسات عن دور الاستعمار البريطاني في تشكيل التيارات الإسلامية المتشددة.
5. المسيحية الفاشية: أذرع الاحتكارات في الشرق
في الشرق الأوسط، لم تقتصر اللعبة على اليهودية والإسلام. المسيحية أيضًا تم استغلالها كأداة لخدمة الاحتكارات المالية، لكن بأسلوب مختلف. في لبنان، البلد الذي كان يُنظر إليه كجسر بين الشرق والغرب، برزت تيارات مسيحية متطرفة مثل الكتائب والقوات اللبنانية (الجعجعية) كأذرع للمصالح الغربية. هذه التيارات لم تكن مجرد تعبير عن هوية طائفية، بل كانت أدوات سياسية صُنعت بعناية لمواجهة أي طموح قومي عربي يهدد النفوذ الاستعماري. حزب الكتائب، الذي أسسه بيار الجميل في 1936، استلهم أفكاره من الفاشية الأوروبية، وبالأخص النموذج الإسباني لفرانكو والإيطالي لموسوليني. لكن وراء هذا الإلهام، كان هناك دعم غربي مباشر. فرنسا، التي كانت الوصية على لبنان بموجب الانتداب، رأت في الكتائب أداة لتعزيز نفوذها في مواجهة الحركات العربية المناهضة للاستعمار. لاحقًا، في الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، تحولت الكتائب والقوات اللبنانية إلى رأس حربة للغرب، بتمويل من الولايات المتحدة وإسرائيل، لضرب المقاومة الفلسطينية والقوى التقدمية في لبنان. مجزرة صبرا وشاتيلا (1982)، التي نفذتها القوات اللبنانية بإشراف إسرائيلي، لم تكن مجرد عمل وحشي، بل كانت تعبيرًا عن الدور الذي صُنعت من أجله هذه التيارات: أدوات للإبادة والفتنة تخدم مصالح الاحتكارات الغربية. الولايات المتحدة، التي كانت تدعم إسرائيل ككيان صهيوني، وجدت في هذه التيارات المسيحية المتطرفة حليفًا محليًا يضمن استمرار الهيمنة على المنطقة. تقارير الكونغرس الأمريكي عن تمويل الجماعات المسلحة في لبنان تكشف عن ملايين الدولارات التي ضُخت لهذه الأدوات تحت غطاء "مكافحة الشيوعية" أو "حماية الأقليات". هذه التيارات لم تكن استثناءً لبنانيًا. في أماكن أخرى من العالم العربي، مثل السودان، استُخدمت الكنيسة الإنجيلية كأداة لتأجيج الصراعات الطائفية والقبلية، بتمويل من الاحتكارات الأمريكية التي كانت تطمع في الموارد الطبيعية. المسيحية الفاشية، مثل الصهيونية والوهابية، كانت قناعًا آخر لنفس الهدف: إضعاف المجتمعات تمهيدًا للسيطرة عليها.
6. إيباك واللوبيات: أذرع الإبادة الجماعية
إذا كانت الصهيونية هي السيف، فإن "إيباك" (AIPAC) هي الدرع التي تحميها في الغرب. تأسست لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية في 1951 كجزء من جهود اللوبي الصهيوني لضمان دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني. لكن دورها تجاوز العلاقات العامة إلى أداة للفساد السياسي الممنهج. من خلال التبرعات "القانونية" والضغط على أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ، أصبحت إيباك مهندسة للسياسة الأمريكية تجاه فلسطين، وبالأخص تجاه الإبادة الجماعية في غزة. في كتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية" لجون ميرشايمر وستيفن والت، يوثق الباحثان كيف تستخدم إيباك شبكة من الرشاوى غير المباشرة - عبر تمويل الحملات الانتخابية - لضمان تصويت الكونغرس لصالح إسرائيل، حتى في مواجهة جرائم مثل حصار غزة أو الحروب المتكررة (2008، 2014، 2021، وما بعد 2023). في عام 2024 وحده، قدمت إيباك أكثر من 100 مليون دولار كتبرعات للسياسيين الأمريكيين، وفقًا لتقارير مركز الشفافية السياسية، بهدف ضمان استمرار المساعدات العسكرية لإسرائيل بقيمة 3.8 مليار دولار سنويًا. لكن إيباك ليست وحدها. في بريтанيا، تعمل منظمات مثل "أصدقاء إسرائيل المحافظون" و"حزب العمال أصدقاء إسرائيل" بنفس الطريقة، تمول السياسيين وتضغط لدعم الكيان الصهيوني. في فرنسا، تتجلى هذه اللوبيات في نفوذ شخصيات مثل برنار-هنري ليفي، الذي يروج للسياسات الصهيونية تحت غطاء "الدفاع عن حقوق الإنسان". أما في ألمانيا، فإن الدعم غير المشروط لإسرائيل، المبرر بـ"كفارة الهولوكوست"، يخفي دور الاحتكارات المالية في تعزيز هذا التحالف. هذه اللوبيات ليست مجرد جماعات ضغط، بل أذرع للاحتكارات التي صنعت الصهيونية كأداة للسيطرة.
7. خاتمة المقدمة: دعوة لكشف الأقنعة
هذه المقدمة ليست مجرد سرد تاريخي، بل محاولة لكشف خيوط لعبة كبرى بدأت قبل قرون وما زالت مستمرة. الاحتكارات المالية، من روتشيلد إلى مورجان، لم تكتفِ بجمع الثروات، بل صنعت أدوات أيديولوجية - الصهيونية، الوهابية، الإخوانجية، المسيحية الفاشية - لتكون سيوفًا ودروعًا في خدمتها. إيباك واللوبيات الشبيهة هي امتداد لهذه الاستراتيجية، تضمن استمرار الإبادة الجماعية في غزة وغيرها من المجازر تحت غطاء "الديمقراطية" أو "الدفاع عن النفس". هذا الكتاب دعوة للقارئ، سواء كان باحثًا أو مواطنًا عاديًا، لينظر خلف الأقنعة. إنه ليس مجرد تحليل للماضي، بل أداة لفهم الحاضر والتأمل في المستقبل. كيف يمكن للشعوب أن تستعيد سيادتها من قبضة هذه المنظومة؟ الإجابة تبدأ بالوعي، وتنتهي بالفعل.
هذا المشروع لم يكن دينيًا في جوهره، بل كان استعماريًا بامتياز. اليهودية، كديانة، تم تجريدها من روحانيتها وتحويلها إلى أيديولوجيا سياسية تخدم مصالح الاحتكارات. هذا التحول لم يكن عفويًا، بل كان نتاج تخطيط دقيق، موثق في مراسلات هرتزل مع البارونات الماليين وفي تقارير اللجنة الملكية البريطانية التي درست جدوى المشروع الصهيوني تأسست لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية في 1951 كجزء من جهود اللوبي الصهيوني لضمان دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني. لكن دورها تجاوز العلاقات العامة إلى أداة للفساد السياسي الممنهج. من خلال التبرعات "القانونية" والضغط على أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ، أصبحت إيباك مهندسة للسياسة الأمريكية تجاه فلسطين، وبالأخص تجاه الإبادة الجماعية في غزة. في كتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية" لجون ميرشايمر وستيفن والت، يوثق الباحثان كيف تستخدم إيباك شبكة من الرشاوى غير المباشرة - عبر تمويل الحملات الانتخابية - لضمان تصويت الكونغرس لصالح إسرائيل، حتى في مواجهة جرائم مثل حصار غزة أو الحروب المتكررة (2008، 2014، 2021، وما بعد 2023). في عام 2024 وحده، قدمت إيباك أكثر من 100 مليون دولار كتبرعات للسياسيين الأمريكيين، وفقًا لتقارير مركز الشفافية السياسية، بهدف ضمان استمرار المساعدات العسكرية لإسرائيل بقيمة 3.8 مليار دولار سنويًا. لكن إيباك ليست وحدها. في بريطانيا، تعمل منظمات مثل "أصدقاء إسرائيل المحافظون" و"حزب العمال أصدقاء إسرائيل" بنفس الطريقة، تمول السياسيين وتضغط لدعم الكيان الصهيوني. في فرنسا، تتجلى هذه اللوبيات في نفوذ شخصيات مثل برنار-هنري ليفي، الذي يروج للسياسات الصهيونية تحت غطاء "الدفاع عن حقوق الإنسان". أما في ألمانيا، فإن الدعم غير المشروط لإسرائيل، المبرر بـ"كفارة الهولوكوست"، يخفي دور الاحتكارات المالية في تعزيز هذا التحالف. هذه اللوبيات ليست مجرد جماعات ضغط، بل أذرع للاحتكارات التي صنعت الصهيونية كأداة للسيطرة. 7. خاتمة المقدمة: دعوة لكشف الأقنعة هذه المقدمة ليست مجرد سرد تاريخي، بل محاولة لكشف خيوط لعبة كبرى بدأت قبل قرون وما زالت مستمرة. الاحتكارات المالية، من روتشيلد إلى مورجان، لم تكتفِ بجمع الثروات، بل صنعت أدوات أيديولوجية - الصهيونية، الوهابية، الإخوانجية، المسيحية الفاشية - لتكون سيوفًا ودروعًا في خدمتها. إيباك واللوبيات الشبيهة هي امتداد لهذه الاستراتيجية، تضمن استمرار الإبادة الجماعية في غزة وغيرها من المجازر تحت غطاء "الديمقراطية" أو "الدفاع عن النفس". هذا الكتاب دعوة للقارئ، سواء كان باحثًا أو مواطنًا عاديًا، لينظر خلف الأقنعة. إنه ليس مجرد تحليل للماضي، بل أداة لفهم الحاضر والتأمل في المستقبل. كيف يمكن للشعوب أن تستعيد سيادتها من قبضة هذه المنظومة؟ الإجابة تبدأ بالوعي، وتنتهي بالفعل.
الفصل الأول "تاريخ صناعة الأدوات الأيديولوجية"
1. المقدمة: البذور الأولى للتلاعب الديني في أروقة التاريخ، حيث تتشابك خيوط الروح بالمادة، بدأت قصة ليست مجرد حكاية عن إيمان، بل عن كيف تحول الإيمان إلى أداة في يد أصحاب النفوذ. لم يكن هذا التحول وليد لحظة عابرة، بل كان نتاج تاريخ طويل بدأ في العصور الوسطى، حين كانت أوروبا تغرق في ظلام الإقطاع والحروب الدينية. في تلك الحقبة، لعب التجار اليهود دورًا لم يكن اختياريًا بالكامل، بل مفروضًا عليهم كجماعات هامشية تحت وطأة الاضطهاد. القيود المسيحية على الربا جعلتهم وسطاء ماليين بين الإقطاعيين والكنيسة، يديرون شبكات القروض والتجارة في ظل عالم يرفضهم ويحتاجهم في آن واحد. هنا زُرعت البذرة الأولى: فكرة أن الأديان يمكن أن تكون جسورًا للسيطرة الاقتصادية. في الوقت نفسه، كانت الكنيسة الكاثوليكية تمارس لعبتها الخاصة. الحملات الصليبية (1095-1291)، التي رُفعت فيها رايات الصليب كرمز للقداسة، لم تكن مجرد حروب دينية. كانت محاولات للسيطرة على طرق التجارة بين الشرق والغرب، من القسطنطينية إلى القدس، حيث كانت البضائع الثمينة - الحرير، التوابل، والذهب - تتدفق إلى أوروبا الجائعة. الكنيسة، بدعم من التجار والنبلاء، حولت الدين إلى أداة لتبرير الغزو والنهب، فيما يمكن أن نطلق عليه أول نموذج للاستعمار الديني. هذه ليست نظرية، بل حقائق موثقة في سجلات المؤرخين مثل ستيفن رانسيمان في كتابه "تاريخ الحروب الصليبية". مع عصر النهضة، بدأت البنوك تظهر كقوى مستقلة. في فلورنسا والبندقية، كانت عائلات مثل ميديشي تمول الفنون والحروب بنفس البراعة، لكن القفزة الحقيقية جاءت في القرن الثامن عشر مع صعود عائلات مثل روتشيلد. هذه العائلة، التي بدأت كمصرفيين في فرانكفورت، أصبحت بحلول القرن التاسع عشر قوة مالية عابرة للقارات، تمول حروب نابليون وتستثمر في الثورة الصناعية. لكن الاحتكارات المالية لم تكتفِ بجمع الثروات، بل أدركت أن السيطرة على العالم تتطلب أدوات سياسية واجتماعية. هنا بدأت مرحلة جديدة: تحويل الأديان إلى أيديولوجيات تخدم مصالحها الجيوسياسية. هذا الفصل ليس مجرد استعراض تاريخي، بل محاولة لفهم كيف صنعت الاحتكارات المالية أدواتها الأيديولوجية - الصهيونية، الوهابية، الإخوانجية، المسيحية الفاشية - لتكون سيوفًا ودروعًا في خدمتها. سنبدأ بالصهيونية، ثم ننتقل إلى الإسلام المُعاد صياغته، وننتهي بالمسيحية الفاشية، لنرى نمطًا متكررًا عبر التاريخ.
2. الصهيونية: من الشتات إلى المشروع الاستعماري
الصهيونية لم تبدأ مع تيودور هرتزل، بل كانت فكرة تطورت تدريجيًا في أذهان مفكرين وممولين قبله. في القرن التاسع عشر، كانت اليهودية في أوروبا تعيش حالة من الشتات والاضطهاد، لكنها كانت أيضًا مادة خام يمكن صياغتها لأغراض سياسية. موسى هس، الفيلسوف الألماني، كان من أوائل من طرح فكرة العودة إلى فلسطين في كتابه "روما والقدس" (1862)، لكنه لم يكن مجرد حالم. كان متأثرًا بالحركات القومية الأوروبية، ورأى في اليهودية إمكانية تحويلها إلى حركة قومية تخدم أغراضًا أوسع. الدور الحقيقي بدأ مع عائلة روتشيلد. بارون إدموند دي روتشيلد، المعروف بـ"الأب الروحي للاستيطان"، بدأ في ثمانينيات القرن التاسع عشر بتمويل المستوطنات الأولى في فلسطين، مثل ريشون لتسيون وزخرون يعقوب. لم يكن هذا مجرد عمل خيري، بل استثمار استراتيجي. فلسطين، بموقعها بين الشرق والغرب، كانت مفتاحًا للسيطرة على قناة السويس وطرق التجارة إلى الهند. روتشيلد، بثروته الهائلة، رأى في هذا المشروع فرصة لتعزيز نفوذه الاقتصادي والسياسي، لكنه احتاج إلى أداة أيديولوجية تجمع اليهود تحت راية واحدة. هنا يدخل تيودور هرتزل المشهد. الصحفي النمساوي، الذي شهد محاكمة دريفوس في فرنسا (1894) وأدرك عمق معاداة السامية، لم يكن مجرد حالم برؤية دينية. في كتابه "الدولة اليهودية" (1896)، وضع خطة عملية لإقامة دولة يهودية، لكنه كان واضحًا: هذا المشروع يحتاج إلى دعم الاحتكارات المالية. هرتزل التقى ببارونات المال في لندن وفيينا، وعرض عليهم صفقة: "أعطوني المال والنفوذ، وسأعطيكم كيانًا مواليًا في قلب الشرق الأوسط." مذكراته تكشف عن مراسلاته مع بارون روتشيلد ومع شخصيات مثل اللورد ناثان روتشيلد في بريطانيا، حيث حاول إقناعهم بجدوى المشروع. الدعم الكبير جاء من بريطانيا، التي كانت تبحث عن وسيلة لتعزيز هيمنتها على الشرق الأوسط بعد تراجع النفوذ العثماني. وعد بلفور (1917)، الذي أصدره وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور إلى اللورد ليونيل روتشيلد، لم يكن مجرد وعد دبلوماسي. كان صفقة استراتيجية بين الحكومة البريطانية واللوبي الصهيوني، بدعم مالي من روتشيلد، لإقامة "وطن قومي لليهود" في فلسطين. الهدف لم يكن إنسانيًا، بل استعماريًا: كيان موالٍ للغرب يضمن السيطرة على قناة السويس ومنابع النفط المستقبلية في المنطقة. تقارير اللجنة الملكية البريطانية (1937) تؤكد أن هذا الوعد كان جزءًا من خطة طويلة الأمد لتقسيم العالم العربي. الصهيونية، إذن، لم تكن حركة دينية في جوهرها، بل أيديولوجيا سياسية صُنعت لخدمة الاحتكارات المالية. اليهودية جُردت من روحانيتها وحولت إلى أداة استعمارية، موثقة في كتب مثل "الصهيونية من منظور ضحاياها" لإدوارد سعيد، الذي يصفها كمشروع استعماري غربي بامتياز.
الصهيونية وفتنة فلسطين لم تتوقف الفتنة الصهيونية عند النكبة أو حرب 1967، بل تطورت إلى نظام دائم للإضعاف. في الضفة الغربية، تحولت المستوطنات إلى أداة لتفتيت المجتمع الفلسطيني جغرافيًا واجتماعيًا. بحلول 2025، كان هناك أكثر من 250 مستوطنة ونقطة استيطانية، تحيط بالقرى الفلسطينية كالأفاعي، تقطع الطرق وتمنع التواصل بين التجمعات السكانية. هذا التقطيع لم يكن عشوائيًا، بل كان جزءًا من خطة "التقسيم الوظيفي" التي وثقها المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس، حيث يتم إضعاف الفلسطينيين عبر عزلهم في جيوب صغيرة غير قابلة للحياة. في غزة، أصبح الحصار أداة الفتنة الأكثر وحشية. منذ 2007، فرضت إسرائيل، بدعم أمريكي وأوروبي، حصارًا خانقًا حول القطاع، مدمرًا اقتصاده ومجتمعه. تقارير منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن 70% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي بحلول 2025، بينما تُدمر الحروب المتكررة أي أمل في الاستقرار. لكن الفتنة لم تكن مادية فقط. الدعم الأمريكي للانقسام بين فتح وحماس، الذي كشفت عنه وثائق ويكيليكس لعام 2007، كان محاولة لزرع الفتنة السياسية، حيث تلقى محمد دحلان تمويلًا أمريكيًا لمواجهة حماس، مما أدى إلى صراع دموي داخلي. الحروب على غزة لم تكن مجرد عمليات عسكرية، بل كانت أدوات للإضعاف النفسي والاجتماعي. في حرب 2023-2024، دُمرت أكثر من 80% من المدارس والمستشفيات، وفقًا لتقرير الأونروا، ليس لأسباب عسكرية، بل لكسر إرادة شعب بأكمله. هذه الاستراتيجية، المدعومة من لوبيات مثل إيباك التي تضمن استمرار المساعدات العسكرية الأمريكية، تُظهر كيف تستخدم الصهيونية الفتنة كمقدمة للسيطرة الدائمة. الاحتكارات المالية، التي تستفيد من غاز شرق المتوسط وموقع إسرائيل الاستراتيجي، كانت المهندس الحقيقي وراء هذا النظام، كما يوثق ذلك كتاب "الدولة الصهيونية" لروجر غارودي.
3. الوهابية والفتنة الطائفية في العالم العربي في العالم العربي، كانت الوهابية أداة الفتنة الأكثر فتكًا. منذ تأسيس المملكة السعودية في 1932 بدعم بريطاني، بدأت الوهابية تلعب دورًا في تأجيج الصراعات الطائفية لإضعاف الدول الوطنية. في العراق، وبعد الغزو الأمريكي في 2003، أصبحت الوهابية، عبر تمويل السعودية للجماعات المتشددة مثل القاعدة وداعش، أداة لتفتيت المجتمع العراقي. الصراع بين السنة والشيعة، الذي لم يكن بارزًا قبل الغزو، أُشعل بنار التمويل السعودي والدعم الأمريكي غير المباشر، كما يكشف عن ذلك تقرير "السعودية وداعش" لمعهد واشنطن. في سوريا، لعبت الوهابية دورًا مماثلاً بعد اندلاع الاحتجاجات في 2011. السعودية، بدعم من الولايات المتحدة وقطر، مولت جماعات مثل جبهة النصرة وأحرار الشام، التي تحولت إلى أدوات للفتنة الطائفية بين العلويين والسنة والأكراد. تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن السعودية أنفقت أكثر من 3 مليارات دولار بين 2012 و2015 على تسليح هذه الجماعات، بهدف إسقاط نظام بشار الأسد، لكن النتيجة كانت تدمير سوريا كدولة موحدة، مما سهّل السيطرة الغربية على مواردها النفطية. اليمن هو مثال آخر. الحرب التي بدأت في 2015 بقيادة السعودية ضد الحوثيين لم تكن مجرد صراع إقليمي، بل كانت محاولة لإضعاف اليمن عبر الفتنة الطائفية والقبلية. الدعم الأمريكي للتحالف السعودي، بما في ذلك بيع أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار في عهد ترامب، كان جزءًا من استراتيجية الاحتكارات لضمان السيطرة على مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية للنفط. الوهابية، بتكفيرها للحوثيين كشيعة، كانت الغطاء الأيديولوجي لهذه الحرب، التي أدت إلى مقتل أكثر من 400 ألف شخص، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة. تمويل الجماعات المتشددة لم يقتصر على الصراعات الكبرى. في دول مثل لبنان ومصر، دعمت السعودية تيارات سلفية لإضعاف الحركات القومية واليسارية، مما زاد من الانقسامات الداخلية. هذه الاستراتيجية، التي تخدم مصالح الاحتكارات المالية في النفط والنفوذ، تُظهر كيف تُستخدم الوهابية كأداة للفتنة والإضعاف على نطاق واسع.
4. الإخوانجية: الفتنة الداخلية في الدول العربية الإخوان المسلمون، منذ تأسيسهم في 1928، كانوا أداة للفتنة الداخلية في الدول العربية. في مصر، لعبوا دورًا في إضعاف الحركة الوطنية ضد الاحتلال البريطاني، ثم واجهوا النظام الناصري بعد ثورة 1952. محاولة اغتيال عبد الناصر في 1954، التي وثقتها التقارير المصرية، كانت محاولة لزرع الفتنة وإسقاط مشروع الاستقلال الوطني. الدعم البريطاني والأمريكي الخفي للإخوان، كما يكشف عنه كتاب "الإخوان المسلمون والاستعمار" لريتشارد ميتشل، كان يهدف إلى تفتيت الوحدة الوطنية. في سوريا، قاد الإخوان تمردًا ضد حكومة البعث في السبعينيات والثمانينيات، بلغ ذروته في انتفاضة حماة 1982، التي قُتل فيها عشرات الآلاف. هذا التمرد، المدعوم من السعودية والولايات المتحدة، كان محاولة لإضعاف سوريا كحليف للاتحاد السوفيتي، لكنه أدى إلى تعميق الانقسامات الطائفية. في السودان، دعم الإخوان نظام حسن الترابي في التسعينيات، مما أشعل الفتنة بين الشمال والجنوب، وسهّل لاحقًا تدخل الاحتكارات الأمريكية في النفط السوداني. بعد الربيع العربي في 2011، برز دور الإخوان كأداة للفتنة مجددًا. في مصر، استغلوا الثورة للوصول إلى السلطة في 2012، لكنهم فشلوا في بناء دولة بسبب تركيزهم على الصراعات الداخلية، مما مهد لعودة العسكر بدعم غربي. في ليبيا، دعموا الجماعات المتشددة ضد القذافي، مما أدى إلى فوضى استمرت لعقد، تخدم مصالح الاحتكارات في النفط الليبي. الإخوان، بتحالفهم مع الغرب، كانوا أداة لتفتيت المجتمعات العربية، كما يوثق ذلك عبد الوهاب المسيري في أعماله. 5. المسيحية الفاشية والفتنة في لبنان في لبنان، كانت المسيحية الفاشية أداة الفتنة الأبرز. الحرب الأهلية (1975-1990)، التي بدأت بمواجهات بين الكتائب الفلسطينيين، كانت نتيجة استراتيجية غربية لإضعاف لبنان كمركز للمقاومة العربية. الكتائب والقوات اللبنانية، بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة، أشعلوا الفتنة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين، مما حول لبنان إلى ساحة صراع دموية. مجزرة صبرا وشاتيلا (1982)، التي نفذتها القوات بإشراف إسرائيلي، كانت ذروة هذه الفتنة، حيث قُتل أكثر من 3000 فلسطيني ولاجئ لبناني. الدعم الأمريكي للكتائب، الذي وثقته تقارير الكونغرس عن تمويل الجماعات المسلحة، كان يهدف إلى إضعاف المقاومة الفلسطينية والقوى التقدمية في لبنان. هذه الفتنة لم تكن محلية، بل كانت جزءًا من استراتيجية الاحتكارات للسيطرة على الشرق الأوسط، حيث كان لبنان نقطة انطلاق للمقاومة ضد إسرائيل. 6. الخاتمة: الفتنة كمقدمة للاحتلال من فلسطين إلى لبنان، تُظهر هذه الأمثلة كيف تُستخدم الفتنة كاستراتيجية للإضعاف تمهيدًا للاحتلال. الاحتكارات المالية، عبر أدواتها الأيديولوجية، لا تسعى للنصر العسكري فقط، بل لكسر إرادة الشعوب، مما يجعلها فريسة سهلة للسيطرة المباشرة أو غير المباشرة.
إيباك: الذراع السياسية للاحتكارات المالية في أمريكا
البدايات: من الدعاية إلى القوة السياسية
لم تكن "إيباك" مجرد منظمة ولدت من فراغ. تأسست في 1951 تحت اسم "اللجنة الأمريكية الصهيونية للشؤون العامة" (AZCPA) على يد إيزيا كينين، وهو صحفي ولوبيست عمل سابقًا لصالح الحكومة الإسرائيلية. جاءت نشأتها كرد فعل على موجة الانتقادات الدولية لإسرائيل بعد مجزرة قبية في 1953، حين قتلت قوات إسرائيلية بقيادة آرييل شارون عشرات الفلسطينيين في قرية بالضفة الغربية. كانت المهمة الأولية لـ"إيباك" تحسين صورة إسرائيل في الولايات المتحدة، لكنها سرعان ما تحولت إلى أداة سياسية بفضل دعم الاحتكارات المالية، وعلى رأسها عائلة روتشيلد وأثرياء يهود أمريكيون مثل شيلدون أديلسون في مرحلة لاحقة. في الخمسينيات، كانت إيباك تعمل في الظل، تركز على بناء علاقات مع أعضاء الكونغرس وتزويدهم بالمعلومات "المفيدة" عن إسرائيل. لكن بحلول السبعينيات، وبعد حرب أكتوبر 1973، بدأت قوتها تتضح. ارتفع ميزانيتها من 300 ألف دولار في 1973 إلى أكثر من 7 ملايين دولار في أواخر الثمانينيات، كما يوثق ذلك كتاب "اللوبي الإسرائيلي وسياسة الخارجية الأمريكية" لجون ميرشايمر وستيفن والت. هذا التحول لم يكن صدفة، بل كان نتيجة اندماجها مع مصالح الاحتكارات المالية التي رأت في إسرائيل أداة للسيطرة على الشرق الأوسط، منطقة النفط والممرات الاستراتيجية.
الآلية: كيف تسيطر إيباك على الكونغرس؟
إيباك ليست مجرد لوبي تقليدي يقدم التبرعات وينتهي الأمر. إنها شبكة معقدة تعمل بطرق متعددة لضمان ولاء الكونغرس لإسرائيل. أولاً، هناك التبرعات "القانونية" عبر لجنتها السياسية (AIPAC PAC) و"مشروع الديمقراطية المتحدة" (UDP)، وهو سوبر باك تأسس في 2021 للتدخل المباشر في الانتخابات. في دورة الانتخابات لعام 2024، أنفقت إيباك أكثر من 100 مليون دولار، وفقًا لتقارير لجنة الانتخابات الفيدرالية، معظمها لدعم مرشحين موالين لإسرائيل وهزيمة التقدميين مثل جمال بومان وكوري بوش، اللذين انتقدا الإبادة الجماعية في غزة. ثانيًا، تستخدم إيباك أسلوب "العصا والجزرة". المشرع الذي يرفض دعم إسرائيل يواجه حملات تشهير وحرمان من التمويل، بينما يُكافأ الموالون برحلات فاخرة إلى إسرائيل ودعم مالي ضخم. في 2018 وحده، أنفقت إيباك 3.5 مليون دولار على اللوبيين، وفقًا لمركز OpenSecrets، وهو مبلغ قد يبدو متواضعًا مقارنة بجماعات مثل غرفة التجارة الأمريكية (70 مليون دولار سنويًا)، لكنه فعال بفضل تركيزها على قضية واحدة: إسرائيل. ثالثًا، تعتمد إيباك على الدعاية الممنهجة. تنشر تقارير شهرية ومذكرات أسبوعية تحث الرأي العام الأمريكي على دعم إسرائيل، وتصورها كـ"الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، بينما تتجاهل احتلالها لفلسطين وجرائمها. هذه الدعاية ليست موجهة فقط للجمهور، بل للسياسيين الذين يعتمدون على هذه "المعلومات" لتبرير مواقفهم.
التوسع العالمي: لوبيات موازية في أوروبا
تأثير إيباك لا يقتصر على الولايات المتحدة. في بريطانيا، تعمل منظمات مثل "أصدقاء إسرائيل المحافظون" و"حزب العمال أصدقاء إسرائيل" بنفس النهج، حيث تمول السياسيين وتضغط لدعم إسرائيل دون شروط. في فرنسا، يبرز دور شخصيات مثل برنار-هنري ليفي، الفيلسوف الذي يروج للسياسات الصهيونية تحت شعار "حقوق الإنسان"، بدعم من شبكات مالية مرتبطة بالاحتكارات الغربية. أما في ألمانيا، فإن الدعم غير المشروط لإسرائيل، المبرر بـ"كفارة الهولوكوست"، يخفي دور اللوبيات الصهيونية في تعزيز هذا التحالف، كما يظهر في تمويل حملات المستشارين الألمان منذ عهد كونراد أديناور. هذه اللوبيات ليست مستقلة، بل تعمل كامتداد لنفس الاحتكارات التي صنعت إيباك. عائلات مثل روتشيلد ومورجان، وشركات مثل أرامكو وشيفرون، لها مصالح مشتركة في السيطرة على الموارد والممرات الاستراتيجية، وترى في إسرائيل حارسًا لهذه المصالح في الشرق الأوسط. إيباك والإبادة الجماعية في غزة منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023، لعبت إيباك دورًا محوريًا في ضمان استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل. في 2024، ضغطت لتمرير حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 20 مليار دولار، كما أشار إلى ذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن في تصريحاته عن "الالتزام الثابت" بأمن إسرائيل. هذا الدعم لم يكن مجرد مساعدة عسكرية، بل كان غطاءً سياسيًا للإبادة الجماعية التي أودت بحياة أكثر من 40 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة. إيباك لم تكتفِ بالضغط على الكونغرس، بل استهدفت التقدميين الذين دعوا لوقف إطلاق النار، مثل أعضاء "الفرقة" (The Squad) في الحزب الديمقراطي. حملاتها ضد بومان وبوش، التي كلفت أكثر من 23 مليون دولار، كانت رسالة واضحة: أي انتقاد لإسرائيل سيكون مكلفًا سياسيًا. هذا النهج أثار انتقادات من منظمات مثل "العدالة الديمقراطية" و"الصوت اليهودي للسلام"، التي وصفت إيباك بأنها "تهديد للديمقراطية الأمريكية". الاحتكارات المالية وراء إيباك وراء إيباك تقف شبكة من الأثرياء والشركات الكبرى. الملياردير جان كوم، مؤسس واتساب، هو أكبر المتبرعين لـUDP بـ5 ملايين دولار في 2024، وفقًا لـSludge. آخرون مثل ديفيد ميسر (Freepoint Commodities) ومارتن جيلر (Geller & Company) قدموا مئات الآلاف. هؤلاء ليسوا مجرد أفراد، بل ممثلون لمصالح الاحتكارات التي ترى في إسرائيل أداة للسيطرة على النفط والغاز في شرق المتوسط، خاصة بعد اكتشافات حقل ليفياثان. هذه الاحتكارات ليست يهودية فقط. شركات مثل لوكهيد مارتن ورايثيون، التي تصنع الأسلحة المستخدمة في غزة، تستفيد من استمرار الحروب التي تدعمها إيباك. هنا تتكشف الصورة: إيباك ليست مجرد لوبي صهيوني، بل جزء من منظومة رأسمالية عالمية تهدف إلى الهيمنة الاقتصادية والسياسية
الانتقادات والمقاومة
إيباك ليست بلا معارضة. في السنوات الأخيرة، بدأت حركات تقدمية مثل "رفض إيباك" (Reject AIPAC)، التي تضم أكثر من 20 منظمة يسارية، في التصدي لنفوذها. هذه الحركات ترى في إيباك تهديدًا للديمقراطية وحقوق الإنسان، وتدعو الديمقراطيين لرفض دعمها. في الوقت نفسه، تزايدت شعبية القضية الفلسطينية بين الشباب الأمريكي، حيث أظهرت استطلاعات مثل تلك التي أجرتها Gallup في 2024 أن أكثر من نصف الديمقراطيين يرون أن إسرائيل تمارس "إبادة جماعية" في غزة. هذا التغير في الرأي العام يضع إيباك في موقف دفاعي. نفقاتها الضخمة، التي تجاوزت 100 مليون دولار في 2024، قد تُفسر كعلامة يأس وليس قوة، كما يرى المحللون في "Common Dreams". لكن هذا لا يقلل من خطورتها، فهي لا تزال قادرة على تغيير مسار الانتخابات وصناعة السياسات.
الخلاصة
إيباك ليست مجرد لوبي، بل هي ذراع سياسية للاحتكارات المالية التي صنعت إسرائيل كأداة استعمارية. منذ بداياتها المتواضعة إلى نفوذها الحالي، تكشف قصتها عن نمط متكرر: تحويل الأيديولوجيا إلى سلاح للهيمنة. سواء في أمريكا أو أوروبا، تعمل إيباك واللوبيات المشابهة لضمان استمرار السيطرة الغربية على الشرق الأوسط، حتى لو كان الثمن إبادة شعوب بأكملها.
الفصل الثاني: الفتنة والإضعاف كاستراتيجية
1. المقدمة: مسرح الفتنة - حيث تُشعل النيران
في ليلة باردة من ربيع 1948، كانت قرية دير ياسين النائمة على تلة غربي القدس تشهد واحدة من أبشع فصول التاريخ الحديث. في الظلام، تقدمت عصابات الهaganah والإرغون، مسلحة ببنادق بريطانية وقنابل يدوية، لتنفذ مجزرة أودت بحياة أكثر من 100 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال. لم تكن هذه المجزرة مجرد عمل عسكري، بل كانت مسرحية مدروسة بعناية: مشهد يُشعل الرعب في قلوب القرويين المجاورين، يدفعهم للهروب من أراضيهم، ويفتح الطريق أمام المشروع الصهيوني لإقامة دولته على أنقاضهم. في تلك الليلة، لم تكن النار التي أُضرمت في دير ياسين مجرد نيران مادية، بل كانت شرارة فتنة ستمتد آثارها لعقود. هذا المشهد لم يكن استثناءً، بل كان نموذجًا لاستراتيجية قديمة كالتاريخ نفسه: الفتنة كأداة للإضعاف والسيطرة. منذ أن بدأت الاحتكارات المالية الغربية تشكل أدواتها الأيديولوجية، كانت الفتنة هي السلاح الخفي الذي يمهد الطريق للاحتلال، سواء كان مباشرًا بالجيوش أو غير مباشر بإدارة الأزمات. في فلسطين، زرعت الصهيونية الفتنة بين العرب لتسهيل النكبة. في الجزيرة العربية، استخدمت الوهابية لتأجيج الصراعات الطائفية. في لبنان، حولت المسيحية الفاشية البلاد إلى ساحة حرب أهلية. ومن وراء الكواليس، كانت إيباك واللوبيات تدير هذه الفتن من بعيد، بأموال الاحتكارات ونفوذها. هذا الفصل ليس مجرد سرد لأحداث متفرقة، بل محاولة لكشف النمط الذي يربطها: كيف استخدمت الاحتكارات المالية الفتنة كاستراتيجية لإضعاف المجتمعات، تمهيدًا للسيطرة عليها. سنبدأ من النكبة، وننتقل إلى الصراعات الطائفية في العالم العربي، وننتهي بدور اللوبيات في إدارة هذه الفوضى من الخارج. 2. الصهيونية: الفتنة كأداة للنكبة النكبة الفلسطينية في 1948 لم تكن مجرد هزيمة عسكرية، بل كانت نتيجة استراتيجية فتنة دقيقة التخطيط. منذ وعد بلفور في 1917، عملت الحركة الصهيونية، بدعم بريطاني، على زرع الانقسامات بين الفلسطينيين. كانت الخطة واضحة: إضعاف النسيج الاجتماعي الفلسطيني لتسهيل الاستيلاء على الأرض. في العشرينيات والثلاثينيات، استغلت بريطانيا التوترات بين القبائل والعائلات الفلسطينية، ودعمت بعض الزعماء المحليين لمواجهة آخرين، كما يوثق ذلك المؤرخ وليد الخالدي في كتابه "كل ما تبقى". مع بدء الانتداب البريطاني، بدأت العصابات الصهيونية مثل الهaganah والإرغون في تنفيذ عمليات استفزازية لإشعال الفتنة. مجزرة دير ياسين لم تكن الحادثة الوحيدة؛ في قرية اللد عام 1948، قتلت القوات الصهيونية أكثر من 400 شخص، مما دفع الآلاف للهروب. هذه العمليات لم تكن عشوائية، بل كانت جزءًا من "خطة دالت"، التي وضعتها القيادة الصهيونية لتطهير عرقي ممنهج، كما يكشف ذلك إيلان بابيه في كتابه "التطهير العرقي في فلسطين". الهدف كان إشعال الرعب لتفريغ الأرض من سكانها. الفتنة لم تقتصر على العنف المباشر. استغلت الصهيونية الانقسامات السياسية بين الفصائل الفلسطينية، مثل الحسينيين والنشاشيبيين، لتأجيج الصراع الداخلي. بريطانيا، بدورها، دعمت هذه الانقسامات عبر سياسة "فرق تسد"، مما أضعف المقاومة الفلسطينية قبل أن تبدأ الحرب. هذا النهج وثقته تقارير اللجنة الملكية البريطانية (1937)، التي أوصت بتقسيم فلسطين لتسهيل السيطرة. بعد النكبة، استمرت الفتنة كأداة للسيطرة. في الضفة الغربية وقطاع غزة، دعمت إسرائيل، بمساعدة اللوبيات مثل إيباك، الانقسامات بين فتح وحماس، مما أدى إلى صراع داخلي في 2007 أضعف المقاومة الفلسطينية. هذه الاستراتيجية ليست مجرد تكتيك عسكري، بل تعبير عن رؤية الاحتكارات المالية التي رأت في فلسطين نقطة انطلاق للسيطرة على الشرق الأوسط. 3. الوهابية والإخوانجية: الفتنة الطائفية في العالم العربي في العالم العربي، كانت الوهابية والإخوانجية أدوات الاحتكارات لزرع الفتنة الطائفية. الوهابية، التي بدأت كدعوة دينية في القرن الثامن عشر، تحولت في القرن العشرين إلى أداة لتأجيج الصراعات السنية-الشيعية. في العراق، دعمت السعودية، بتمويل أمريكي، التيارات المتشددة بعد الغزو الأمريكي في 2003، مما أشعل حربًا طائفية أودت بحياة مئات الآلاف. تقارير CIA المفرج عنها تكشف أن هذا الدعم كان جزءًا من استراتيجية لإضعاف أي مقاومة للاحتلال. في سوريا، لعبت الوهابية دورًا مماثلاً بعد 2011. الجماعات المسلحة مثل جبهة النصرة وداعش، الممولة بأموال النفط السعودية، حولت الانتفاضة الشعبية إلى حرب طائفية بين السنة والعلويين، كما يوثق ذلك المؤرخ باتريك كوكبيرن في كتابه "صعود الدولة الإسلامية". هذه الفتنة لم تكن عفوية، بل كانت مدعومة من الاحتكارات الغربية التي رأت في تقسيم سوريا وسيلة للسيطرة على مواردها. الإخوانجية، من جانبها، كانت أداة للفتنة الداخلية. في مصر، أججت الجماعة الصراع بين العلمانيين والإسلاميين، خاصة بعد ثورة 1952، مما أضعف النظام الناصري. في اليمن، دعمت الإخوان، بتمويل سعودي، الحرب الأهلية بعد 2014، مما حول البلاد إلى ساحة صراع بين الحوثيين والقوى الأخرى. هذه الفتنة كانت في صالح الاحتكارات التي استفادت من استمرار الفوضى للسيطرة على الموانئ والنفط. 4. المسيحية الفاشية: الفتنة في لبنان وسوريا في لبنان، كانت الحرب الأهلية (1975-1990) مثالًا صارخًا على الفتنة الطائفية. الكتائب والقوات اللبنانية، بدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل، أشعلت الصراع بين المسيحيين والمسلمين، مما أدى إلى تقسيم البلاد. مجزرة تل الزعتر (1976) وصبرا وشاتيلا (1982) كانتا جزءًا من هذه الاستراتيجية لإضعاف المقاومة الفلسطينية والقوى التقدمية. في سوريا، دعمت التيارات المسيحية المتطرفة، بتمويل غربي، نظام الانتداب الفرنسي في العشرينيات، ثم لعبت دورًا في تعزيز الانقسامات خلال الحرب الأهلية بعد 2011. هذه الفتنة كانت أداة للاحتكارات للسيطرة على الموارد والموقع الاستراتيجي. 5. إيباك واللوبيات: إدارة الفتنة من الخارج إيباك لعبت دورًا في إدارة الفتنة من الخارج. في العراق، دعمت اللوبيات الصهيونية الغزو الأمريكي في 2003، مما أشعل الفتنة الطائفية. في فلسطين، تضمن إيباك استمرار الانقسام بين فتح وحماس عبر الضغط على الكونغرس لدعم إسرائيل دون شروط. هذا الدور موثق في تقارير "العدالة الديمقراطية" التي تكشف عن تأثير إيباك على السياسة الخارجية. 6. الخاتمة: الفتنة كاستراتيجية دائمة الفتنة ليست مجرد تكتيك مؤقت، بل استراتيجية دائمة للاحتكارات المالية. من النكبة إلى حروب العراق وسوريا، تظل الفتنة السلاح الأمثل لإضعاف المجتمعات وتسهيل السيطرة عليها.
الفصل الثالث: السيطرة الاقتصادية: من النفط إلى الغاز
1. المقدمة: الموارد كغنيمة الحرب
في غرف القرار المغلقة، حيث تُرسم خرائط العالم بأقلام الذهب والنفط، لم تكن الفتنة هدفًا بحد ذاته، بل كانت جسرًا إلى الغنيمة الحقيقية: الموارد. منذ أن أدركت الاحتكارات المالية في القرن التاسع عشر أن النفط هو الدم الجديد للاقتصاد العالمي، أصبحت السيطرة على الشرق الأوسط هدفًا لا يُضاهى. لكن هذه السيطرة لم تكن ممكنة دون إضعاف الشعوب التي تمتلك هذه الثروات، وهنا جاء دور الأدوات الأيديولوجية التي صنعتها تلك الاحتكارات. هذا الفصل يتتبع كيف تحولت الفتنة إلى أداة للسيطرة الاقتصادية، من النفط في الخليج إلى الغاز في شرق المتوسط. النفط لم يكن مجرد وقود، بل كان أداة للهيمنة السياسية والاقتصادية. في بدايات القرن العشرين، كانت بريطانيا تسيطر على نفط العراق وإيران عبر شركات مثل "البترول الأنجلو-فارسية" (BP اليوم)، بينما بدأت الولايات المتحدة تتطلع إلى الخليج بعد الحرب العالمية الثانية. لكن مع صعود الحركات القومية في الخمسينيات والستينيات، أصبحت السيطرة المباشرة صعبة، فتحولت الاحتكارات إلى استراتيجية الفتنة لضمان استمرار تدفق الموارد. 2. النفط في الخليج: الوهابية كحارس البوابة في الجزيرة العربية، كان النفط هو الجائزة التي صنعت المملكة السعودية كحليف للغرب. اكتشاف النفط في 1938 بحقل الدمام لم يكن مجرد حدث اقتصادي، بل كان نقطة تحول جيوسياسية. التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية، الذي تكرس في لقاء روزفلت وابن سعود في 1945، كان صفقة بين الاحتكارات الأمريكية (ستاندرد أويل، أرامكو) والنظام السعودي. الوهابية، بتشددها، كانت حارس البوابة: أداة لقمع أي مقاومة داخلية ولضمان ولاء النظام للغرب. في السبعينيات، وبعد أزمة النفط 1973، أصبحت السعودية أداة للسيطرة على أسعار النفط العالمية. اتفاقية بترودولار، التي أُبرمت في 1974 بين واشنطن والرياض، ضمنت أن يُباع النفط بالدولار فقط، مما عزز هيمنة الاحتكارات الأمريكية على الاقتصاد العالمي. لكن هذه السيطرة لم تكن ممكنة دون إضعاف الدول المجاورة. الوهابية، عبر تمويلها للجماعات المتشددة في العراق وإيران، كانت أداة للفتنة التي منعت أي تحالف عربي أو إسلامي يهدد هذه الهيمنة. في اليمن، استخدمت السعودية النفط كسلاح للسيطرة على مضيق باب المندب. الحرب ضد الحوثيين، بدعم أمريكي، لم تكن لإعادة "الشرعية"، بل لضمان بقاء هذا الممر تحت سيطرة الاحتكارات الغربية، كما يوثق ذلك تقرير "النفط والحرب" لمعهد كارنيغي.
1. المقدمة :موارد كغنيمة الحرب في غرف القرار المغلقة، حيث تُرسم خرائط العالم بأقلام الذهب والنفط، لم تكن الفتنة هدفًا بحد ذاته، بل كانت جسرًا إلى الغنيمة الحقيقية: الموارد. منذ أن أدركت الاحتكارات المالية في القرن التاسع عشر أن النفط هو الدم الجديد للاقتصاد العالمي، أصبحت السيطرة على الشرق الأوسط هدفًا لا يُضاهى. لكن هذه السيطرة لم تكن ممكنة دون إضعاف الشعوب التي تمتلك هذه الثروات، وهنا جاء دور الأدوات الأيديولوجية التي صنعتها تلك الاحتكارات. هذا الفصل يتتبع كيف تحولت الفتنة إلى أداة للسيطرة الاقتصادية، من النفط في الخليج إلى الغاز في شرق المتوسط. النفط لم يكن مجرد وقود، بل كان أداة للهيمنة السياسية والاقتصادية. في بدايات القرن العشرين، كانت بريطانيا تسيطر على نفط العراق وإيران عبر شركات مثل "البترول الأنجلو-فارسية" (BP اليوم)، بينما بدأت الولايات المتحدة تتطلع إلى الخليج بعد الحرب العالمية الثانية. لكن مع صعود الحركات القومية في الخمسينيات والستينيات، أصبحت السيطرة المباشرة صعبة، فتحولت الاحتكارات إلى استراتيجية الفتنة لضمان استمرار تدفق الموارد. 2. النفط في الخليج: الوهابية كحارس البوابة في الجزيرة العربية، كان النفط هو الجائزة التي صنعت المملكة السعودية كحليف للغرب. اكتشاف النفط في 1938 بحقل الدمام لم يكن مجرد حدث اقتصادي، بل كان نقطة تحول جيوسياسية. التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية، الذي تكرس في لقاء روزفلت وابن سعود في 1945، كان صفقة بين الاحتكارات الأمريكية (ستاندرد أويل، أرامكو) والنظام السعودي. الوهابية، بتشددها، كانت حارس البوابة: أداة لقمع أي مقاومة داخلية ولضمان ولاء النظام للغرب. في السبعينيات، وبعد أزمة النفط 1973، أصبحت السعودية أداة للسيطرة على أسعار النفط العالمية. اتفاقية بترودولار، التي أُبرمت في 1974 بين واشنطن والرياض، ضمنت أن يُباع النفط بالدولار فقط، مما عزز هيمنة الاحتكارات الأمريكية على الاقتصاد العالمي. لكن هذه السيطرة لم تكن ممكنة دون إضعاف الدول المجاورة. الوهابية، عبر تمويلها للجماعات المتشددة في العراق وإيران، كانت أداة للفتنة التي منعت أي تحالف عربي أو إسلامي يهدد هذه الهيمنة. في اليمن، استخدمت السعودية النفط كسلاح للسيطرة على مضيق باب المندب. الحرب ضد الحوثيين، التي بدأت في 2015 بدعم أمريكي، لم تكن لإعادة "الشرعية"، بل لضمان بقاء هذا الممر تحت سيطرة الاحتكارات الغربية. تقرير "النفط والحرب" لمعهد كارنيغي يكشف أن الولايات المتحدة قدمت أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار للسعودية بين 2015 و2020، بهدف حماية مصالحها في المنطقة. الوهابية، بتبريرها الديني للحرب، كانت الغطاء الأيديولوجي لهذه العملية. لكن السيطرة على النفط لم تكن كافية. في الثمانينيات، بدأت السعودية تستخدم أموال النفط لتمويل الجماعات المتشددة في أفغانستان ضد السوفييت، مما أدى إلى ظهور القاعدة. هذه الجماعات، التي تحولت لاحقًا إلى أدوات فتنة في العالم العربي، كانت جزءًا من استراتيجية الاحتكارات لإبقاء المنطقة في حالة فوضى تُسهل استغلال مواردها. في العراق، بعد الغزو الأمريكي في 2003، دعمت السعودية الجماعات السنية ضد الحكومة الشيعية، مما أدى إلى صعود داعش، التي سيطرت على حقول النفط في الموصل حتى 2017، قبل أن تُستعيد السيطرة عليها الشركات الغربية مثل إكسون موبيل. النفط في الخليج لم يكن مجرد مورد، بل كان أداة للسيطرة الاقتصادية العالمية. الوهابية، كحارس لهذه البوابة، لعبت دورًا مزدوجًا: قمع الداخل وتفتيت الخارج، لضمان استمرار تدفق الثروة إلى الاحتكارات المالية. 3. النفط في العراق وإيران: الصهيونية والإخوان كأدوات التفتيت في العراق، كان النفط هدفًا للاحتكارات الغربية منذ اكتشافه في كركوك عام 1927. بريطانيا، عبر شركة نفط العراق (IPC)، سيطرت على الإنتاج حتى تأميم النفط في 1972 تحت قيادة حزب البعث. لكن هذا التأميم أثار غضب الاحتكارات، التي بدأت تبحث عن أدوات لإضعاف العراق. الإخوان المسلمون، الذين كانوا نشطين في العراق منذ الخمسينيات، لعبوا دورًا في تأجيج الفتنة الداخلية ضد الحكومة القومية، بدعم من السعودية والولايات المتحدة. الغزو الأمريكي في 2003 كان ذروة هذه الاستراتيجية. الصهيونية لعبت دورًا غير مباشر عبر لوبيات مثل إيباك، التي ضغطت على الكونغرس لدعم الحرب، كما يكشف كتاب "اللوبي الإسرائيلي" لميرشايمر ووالت. الهدف لم يكن "نشر الديمقراطية"، بل السيطرة على نفط العراق، الذي يُقدر احتياطيه بـ145 مليار برميل. بعد الغزو، أُعيد توزيع العقود لصالح شركات مثل شيفرون وإكسون، بينما أُضعفت العراق عبر الفتنة الطائفية التي دعمتها السعودية والإخوان. في إيران، كانت السيطرة على النفط هدفًا منذ بداية القرن العشرين. بريطانيا، عبر البترول الأنجلو-فارسية، سيطرت على النفط حتى تأميمه في 1951 بقيادة محمد مصدق. ردًا على ذلك، نظمت الولايات المتحدة وبريطانيا انقلاب 1953، بدعم من الإخوان المسلمين الذين كانوا يعارضون مصدق لأسباب أيديولوجية. بعد عودة الشاه، أُعيد النفط إلى أيدي الاحتكارات الغربية حتى الثورة الإيرانية في 1979، التي أنهت هذه الهيمنة مؤقتًا. لكن الفتنة استمرت عبر دعم الغرب لصدام حسين في حرب الخليج الأولى (1980-1988)، التي هدفت إلى إضعاف إيران اقتصاديًا وعسكريًا. الصهيونية والإخوان، كأدوات للفتنة، كانتا مفتاح السيطرة على نفط العراق وإيران، مما يُظهر كيف تُستخدم الأيديولوجيات لخدمة المصالح الاقتصادية للاحتكارات. 4. الغاز في شرق المتوسط: الصهيونية كلاعب جديد مع اكتشاف الغاز في شرق المتوسط في أواخر القرن العشرين، تحولت المنطقة إلى ساحة جديدة للسيطرة الاقتصادية. حقل ليفياثان قبالة سواحل إسرائيل، الذي اكتُشف في 2010 باحتياطي يُقدر بـ22 تريليون قدم مكعب، كان نقطة الانطلاق. الصهيونية، بدعم من الاحتكارات المالية الأمريكية والأوروبية، أصبحت أداة للسيطرة على هذه الثروة الجديدة. إسرائيل، بمساندة لوبيات مثل إيباك، حصلت على دعم عسكري واقتصادي لتأمين هذه الحقول، بينما عملت على إضعاف الدول المجاورة مثل لبنان وسوريا. في لبنان، كانت المسيحية الفاشية أداة للفتنة التي منعت البلاد من استغلال مواردها. الحرب الأهلية (1975-1990)، بدعم من إسرائيل، أضعفت لبنان، مما سمح لإسرائيل بالتفاوض على ترسيم الحدود البحرية في 2022 لصالحها، كما يوثق تقرير "الغاز والصراع" للمجلس الأطلسي. في سوريا، دعمت إسرائيل والولايات المتحدة الجماعات المتشددة بعد 2011 لإسقاط النظام، مما أعاق أي خطط لاستغلال الغاز السوري. الغاز لم يكن مجرد مورد، بل كان أداة لتعزيز هيمنة إسرائيل الإقليمية. اتفاقيات تصدير الغاز إلى أوروبا، التي بدأت في 2023، كانت جزءًا من استراتيجية الاحتكارات لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي بعد الحرب الأوكرانية، مما يُظهر كيف تُستخدم الصهيونية كلاعب اقتصادي جديد في خدمة الغرب. 5. السيطرة غير المباشرة: الديون والشركات متعددة الجنسيات بعد الفتنة والسيطرة على الموارد، استخدمت الاحتكارات أدوات غير مباشرة مثل الديون والشركات متعددة الجنسيات. في مصر، فرض صندوق النقد الدولي قروضًا بقيمة 12 مليار دولار في 2016، مشروطة بخفض الدعم، مما أضعف الاقتصاد المحلي لصالح الشركات الغربية. في العراق، سيطرت شركات مثل هاليبرتون على إعادة الإعمار بعد 2003، مستنزفة ثروات البلاد. هذه الاستراتيجية، التي وثقها كتاب "اعترافات قاتل اقتصادي" لجون بيركنز، تُظهر كيف تُكمل السيطرة الاقتصادية ما بدأته الفتنة. 6. الخاتمة: الموارد كمحرك للفتنة من النفط إلى الغاز، تُظهر هذه الأمثلة كيف تُستخدم الفتنة كأداة للسيطرة الاقتصادية. الاحتكارات المالية، عبر أدواتها الأيديولوجية، لا تسعى فقط للسيطرة على الموارد، بل لإبقاء الشعوب في حالة ضعف دائم، مما يضمن استمرار هيمنتها.
1. المقدمة: الاحتلال كنتيجة طبيعية للفتنة
في أروقة التاريخ، حيث تُكتب نهايات الشعوب بحبر الدم والنفط، لم تكن الفتنة مجرد مرحلة عابرة، ولا السيطرة الاقتصادية هدفًا نهائيًا. كلاهما كان مقدمة لشيء أعمق: الاحتلال الدائم. الاحتكارات المالية، التي صنعت أدواتها الأيديولوجية بعناية، لم تكتفِ بإضعاف المجتمعات أو استغلال مواردها، بل سعت إلى تكريس هيمنتها عبر احتلال يمتد عبر الزمن، سواء كان مباشرًا بالجيوش والمستوطنات، أو غير مباشر عبر الأنظمة الوكيلة والديون. هذا الفصل ينظر إلى النتيجة الطبيعية لهذه الاستراتيجية، حيث تتحول الشعوب من ضحايا الفتنة إلى أسرى احتلال لا ينتهي. 2. فلسطين: الصهيونية كأداة للاحتلال الدائم في فلسطين، كانت الصهيونية مشروعًا للاحتلال الدائم منذ البداية. النكبة في 1948 لم تكن حدثًا عابرًا، بل كانت بداية نظام صُمم ليستمر، بدعم من الاحتكارات المالية مثل روتشيلد ووعد بلفور. حرب 1967 كرست هذا الاحتلال باحتلال الضفة وغزة، بينما تحولت المستوطنات إلى أداة لتقطيع الأوصال، حيث وصل عددها إلى 250 بحلول 2025، تضم 700 ألف مستوطن. في غزة، الحصار منذ 2007، بدعم إيباك والمساعدات الأمريكية (3.8 مليار دولار سنويًا)، حول القطاع إلى سجن مفتوح، بينما أضعفت الحروب المتكررة (2008-2025) إرادة المقاومة. الانقسام بين فتح وحماس، المدعوم أمريكيًا كما تكشف وثائق ويكيليكس، والسلطة الفلسطينية كوكيل للاحتلال، كلها تُظهر كيف يمتد الاحتلال من الأرض إلى السياسة والاقتصاد، لخدمة مصالح الاحتكارات في المنطقة. 3. الخليج: الوهابية كضامن للاحتلال غير المباشر في الخليج، تحولت الوهابية إلى ضامن للاحتلال غير المباشر. السعودية، بعد لقاء روزفلت وابن سعود في 1945، أصبحت محمية للغرب، تحمي مصالح الاحتكارات الأمريكية في النفط. القواعد العسكرية الأمريكية، مثل الظهران والعديد في قطر، التي تضم 40 ألف جندي بحلول 2025 وفقًا للبنتاغون، تُظهر هذا الاحتلال بوضوح. الوهابية قامت بقمع المعارضة الداخلية وتصدير الفتنة لإضعاف الجوار، كما في البحرين (2011) واليمن (2015)، حيث حمت مضيق باب المندب لصالح الغرب بأسلحة أمريكية بقيمة 110 مليارات دولار. هذا النمط، الموثق في "النفط والإمبراطورية" لدانيال يرغين، يكشف كيف تُستخدم الوهابية لتكريس احتلال دائم دون حاجة إلى جيوش غربية مباشرة. 4. مصر وسوريا: الإخوانجية كأداة للاحتلال السياسي في مصر، كانت الإخوانجية أداة للاحتلال السياسي غير المباشر. بعد ثورة 1952، واجهت الإخوان نظام ناصر، بدعم بريطاني وأمريكي كما يكشف "الإخوان المسلمون والاستعمار" لريتشارد ميتشل، في محاولة لإضعاف مشروع الاستقلال الوطني. محاولة اغتيال ناصر في 1954 كانت تعبيرًا عن هذا الدور. بعد الربيع العربي، وصل الإخوان للسلطة في 2012، لكنهم ركزوا على الفتنة الداخلية، مما مهد لانقلاب 2013 بدعم غربي وخليجي. النظام الجديد، بقيادة السيسي، أصبح وكيلاً للغرب، حيث فرض صندوق النقد الدولي قروضًا بـ12 مليار دولار في 2016، مشروطة بخفض الدعم، مما أضعف الاقتصاد لصالح الاحتكارات. في سوريا، استخدمت الإخوان الفتنة لإضعاف النظام القومي. انتفاضة حماة 1982، بدعم من السعودية والولايات المتحدة، كانت محاولة لتفتيت سوريا، لكنها فشلت مؤقتًا. بعد 2011، دعمت الإخوان والجماعات المتشددة، بتمويل غربي وخليجي (3 مليارات دولار بين 2012-2015 وفقًا للأمم المتحدة)، الحرب الأهلية التي دمرت البلاد، مما سهل التدخل الغربي والروسي. الإخوان، كأداة للفتنة، أدت إلى احتلال سياسي واقتصادي غير مباشر، حيث أصبحت سوريا ساحة للنفوذ الخارجي، كما يوثق باتريك سيل في "الصراع على سوريا". الإخوانجية، في كلا البلدين، لم تكن مجرد حركة دينية، بل كانت أداة للاحتلال السياسي الذي يخدم مصالح الاحتكارات في إضعاف الدول القومية. 5. لبنان: المسيحية الفاشية والاحتلال المؤقت في لبنان، كانت المسيحية الفاشية أداة للاحتلال المؤقت الذي تحول إلى هيمنة دائمة. الحرب الأهلية (1975-1990)، التي أشعلتها الكتائب والقوات اللبنانية بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة، كانت محاولة لإضعاف لبنان كمركز للمقاومة الفلسطينية. الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان من 1982 إلى 2000، الذي بدأ بغزو بيروت، كان ذروة هذا الاحتلال المباشر. مجزرة صبرا وشاتيلا (1982)، التي نفذتها القوات بإشراف إسرائيلي وقتل فيها أكثر من 3000 شخص، كانت تعبيرًا عن هذا الدور الوحشي، كما وثق تقرير الأمم المتحدة. بعد انسحاب إسرائيل في 2000، تحول الاحتلال إلى شكل غير مباشر. الاقتصاد اللبناني، الذي انهار في 2019 بسبب ديون تجاوزت 90 مليار دولار، أصبح تحت رحمة الاحتكارات الغربية عبر قروض صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. الدعم الأمريكي للقوات اللبنانية استمر عبر تمويل غير مباشر، كما كشفت تقارير الكونغرس، لضمان بقاء لبنان ضعيفًا سياسيًا واقتصاديًا. المسيحية الفاشية، رغم تراجعها العسكري، ساهمت في تكريس هيمنة غربية دائمة، حيث أصبح لبنان ساحة للنفوذ الأمريكي والفرنسي بدلاً من دولة مستقلة. 6. الخاتمة: الهيمنة الكاملة كمشروع مستمر من فلسطين إلى لبنان، تُظهر هذه الأمثلة كيف تتحول الفتنة إلى احتلال دائم، سواء كان مباشرًا كما في إسرائيل، أو غير مباشر عبر الأنظمة الوكيلة والديون. الصهيونية، الوهابية، الإخوانجية، والمسيحية الفاشية لم تكن مجرد أدوات للإضعاف، بل كانت آليات لتكريس هيمنة الاحتكارات المالية. هذا المشروع، الذي بدأ بالاستعمار الأوروبي وتطور مع الرأسمالية الحديثة، لا يزال مستمرًا، يُدار من غرف القرار في واشنطن ولندن، ويُنفذ عبر أدوات محلية تخدم مصالح عالمية.
الفصل الخامس بعنوان "المقاومة والصمود: مواجهة الهيمنة" 1. المقدمة: جذور المقاومة في الوعي الشعبي في ظلال الفتنة والاحتلال، حيث تُنسج خيوط الهيمنة بأيدي الاحتكارات المالية، لم تكن الشعوب مجرد ضحايا صامتة. من بين الأنقاض والدمار، نبتت بذور المقاومة، ليست كفعل عابر، بل كتعبير عن وعي تاريخي عميق يرفض الخضوع. الصهيونية، الوهابية، الإخوانجية، والمسيحية الفاشية قد تكون صنعت الفتنة وكرست الاحتلال، لكنها لم تستطع كسر إرادة شعوب ترى في الصمود ليس فقط خيارًا، بل هوية. هذا الفصل يروي قصة هذه المقاومة، من فلسطين إلى الخليج، حيث تتحدى الشعوب أدوات الاحتكارات وتسعى لاستعادة مصيرها. المقاومة لم تبدأ بالسلاح، بل بالوعي. في فلسطين، كان رفض النكبة أول صرخة ضد الاحتلال الصهيوني. في لبنان، كان صعود حزب الله ردًا على الاحتلال الإسرائيلي والمسيحية الفاشية. في مصر وسوريا، كانت المقاومة القومية حائط صد ضد الإخوانجية والتدخل الغربي. حتى في الخليج، حيث تُخنق الأصوات تحت وطأة الوهابية والقواعد الأمريكية، برزت حركات شعبية تتحدى الاحتلال غير المباشر. هذا الوعي التاريخي، الذي يمتد من ثورات القرن العشرين إلى انتفاضات القرن الحادي والعشرين، هو ما جعل الصمود ممكنًا في وجه هيمنة تبدو لا تُقهر. 2. فلسطين: المقاومة الفلسطينية من النكبة إلى غزة في فلسطين، كانت المقاومة وليدة النكبة. عندما هُجر 750 ألف فلسطيني في 1948، لم يكن الرحيل نهاية القصة، بل بداية نضال لم يتوقف. في مخيمات اللجوء في الأردن ولبنان وسوريا، تشكلت النواة الأولى للمقاومة، حيث أدرك الفلسطينيون أن الاحتلال الصهيوني لن يُهزم بالصمت. الانتفاضة الأولى في 1936 ضد الانتداب البريطاني كانت إرهاصًا لهذا الوعي، لكن النكبة حولته إلى فعل. الفدائيون، الذين بدأوا عملياتهم في الخمسينيات، كانوا أول تعبير عن هذا الصمود، كما يوثق المؤرخ وليد الخالدي في "كل ما تبقى". مع تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في 1964، أصبحت المقاومة منظمة. عمليات فتح وحركة التحرير الفلسطينية ضد إسرائيل في الأردن ولبنان كانت رسالة واضحة: الاحتلال لن يمر دون ثمن. حرب 1967، رغم هزيمتها العسكرية، أشعلت شرارة جديدة، حيث برزت فصائل مثل الجبهة الشعبية بقيادة جورج حبش. الانتفاضة الأولى (1987-1993)، التي قادها الشباب بالحجارة، كانت نقطة تحول، حيث أظهرت للعالم أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم. تقرير الأمم المتحدة يشير إلى مقتل أكثر من 1200 فلسطيني خلالها، لكنها كسرت صورة إسرائيل "الديمقراطية". في غزة، وصلت المقاومة ذروتها مع صعود حماس في 1987. الانتفاضة الثانية (2000-2005)، التي أشعلتها زيارة آرييل شارون للمسجد الأقصى، شهدت تحولًا إلى المقاومة المسلحة، حيث أطلقت حماس والجهاد الإسلامي صواريخ بدائية على المستوطنات. حصار غزة منذ 2007، بدعم أمريكي، لم يوقف هذا الصمود. حروب 2008، 2014، و2023-2024، رغم دمارها (40 ألف قتيل وفقًا للأونروا)، أظهرت قدرة الفلسطينيين على التحدي. صواريخ المقاومة، التي وصلت إلى تل أبيب في 2021، كانت دليلاً على أن الاحتلال، رغم قوته، لم ينتصر على الإرادة. 2. فلسطين: المقاومة الفلسطينية من النكبة إلى غزة الانتفاضة الشعبية لم تكن الوحيدة. في الضفة الغربية، واجه الفلسطينيون المستوطنات (700 ألف مستوطن بحلول 2025) بمقاومة يومية، من المظاهرات إلى العمليات الفردية. "هبة السكاكين" في 2015 كانت تعبيرًا عن هذا الصمود، حيث استخدم الشباب أدوات بسيطة لمواجهة جيش الاحتلال. رغم القمع، أجبرت هذه المقاومة إسرائيل على تعزيز الحواجز، مما يكشف عن ضعفها أمام الإرادة الشعبية. كتاب "المقاومة الشعبية" لمازن قمصية يوثق كيف أصبحت هذه الأفعال رمزًا للتحدي. في الشتات، لعبت الجاليات الفلسطينية دورًا في تعزيز الوعي العالمي. حملات المقاطعة (BDS) منذ 2005، التي استهدفت الشركات الداعمة للاحتلال مثل كاتربيلر وHP، أثرت على الاقتصاد الإسرائيلي بمليارات الدولارات، وفقًا لتقرير Rand Corporation. هذا الصمود، الذي يمتد من غزة إلى الشتات، يُظهر أن المقاومة الفلسطينية ليست مجرد رد فعل، بل مشروع لاستعادة الحق في مواجهة احتلال مدعوم من الاحتكارات. 3. لبنان: حزب الله وتحرير الجنوب في لبنان، كان حزب الله رمزًا للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي والمسيحية الفاشية. تأسس في 1982 كرد فعل على الغزو الإسرائيلي، تحول الحزب من ميليشيا صغيرة إلى قوة إقليمية. تحرير جنوب لبنان في 2000، بعد 18 عامًا من الاحتلال، كان انتصارًا تاريخيًا، حيث أجبرت عمليات المقاومة إسرائيل على الانسحاب دون شروط. تقرير "حرب التحرير" للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية يشير إلى أن حزب الله نفذ أكثر من 4000 عملية بين 1982 و2000، مما كلف إسرائيل مئات الجنود. حرب 2006 كانت اختبارًا آخر للصمود. رغم التدمير (1200 قتيل لبناني وفقًا للأمم المتحدة)، صمد حزب الله أمام 34 يومًا من القصف الإسرائيلي، مدعومًا بشعبيته الواسعة. صواريخه، التي وصلت إلى حيفا، أظهرت أن المقاومة يمكنها ردع الاحتلال. هذا الانتصار، الذي وصفه حسن نصر الله بـ"النصر الإلهي"، كان رسالة للاحتكارات الداعمة لإسرائيل بأن الهيمنة ليست مطلقة. حزب الله، رغم التحديات الداخلية، أصبح نموذجًا للمقاومة التي تجمع بين السلاح والوعي الشعبي. 4. مصر وسوريا: المقاومة القومية والشعبية في مصر، كانت المقاومة القومية حائط صد ضد الإخوانجية والتدخل الغربي. ثورة 1952، بقيادة جمال عبد الناصر، أنهت الاحتلال البريطاني وأممت قناة السويس، مما أثار غضب الاحتكارات. حرب 1956، رغم الهزيمة العسكرية، كانت انتصارًا سياسيًا، حيث صمدت مصر أمام بريطانيا وفرنسا وإسرائيل. بعد وفاة ناصر، واجه الشعب الإخوان في 2013، حيث أطاح الملايين بحكمهم في ثورة 30 يونيو، رافضين الاحتلال السياسي الغربي. في سوريا، صمد النظام القومي ضد الإخوان والتدخل الغربي. انتفاضة حماة 1982 قُمعت، لكن الحرب بعد 2011 كانت التحدي الأكبر. رغم الدمار، صمدت الحكومة بدعم شعبي وروسي، محافظة على وحدة البلاد ضد التقسيم الغربي. المقاومة الشعبية في حلب ودمشق، التي وثقها تقرير "سوريا: الحرب والصمود" لمركز كارنيغي، أظهرت رفضًا للهيمنة الخارجية. 5. الخليج: الصمود الشعبي ضد الوهابية والاحتلال غير المباشر في الخليج، واجه الشعب الوهابية والاحتلال غير المباشر. في البحرين، قادت الاحتجاجات الشيعية في 2011 مقاومة ضد النظام المدعوم سعوديًا، رغم القمع. في اليمن، صمد الحوثيون ضد الحرب السعودية منذ 2015، محافظين على السيطرة على صنعاء. في السعودية، برزت أصوات معارضة مثل جمال خاشقجي، رغم اغتياله في 2018، تتحدى السيطرة الوهابية. هذه الحركات، رغم ضعفها، تُظهر بداية وعي شعبي ضد الهيمنة. 6. الخاتمة: مستقبل المقاومة في مواجهة الهيمنة المقاومة، من فلسطين إلى الخليج، ليست مجرد رد فعل، بل مشروع صمود يعتمد على الوعي. رغم قوة الاحتكارات، فإن هذه الحركات تُظهر أن الهيمنة ليست قدرًا، بل تحديًا يمكن مواجهته بالإرادة والتنظيم.
خاتمة "إيباك والإبادة الجماعية: دور اللوبي الصهيوني في تعزيز الهيمنة ودعم الجرائم ضد الشعب العربي" 1. المقدمة: إيباك كأداة للاحتكارات المالية والصهيونية في قلب السياسة الأمريكية، حيث تُصنع القرارات التي تحدد مصائر الشعوب، تقف إيباك (AIPAC) كرمز للنفوذ الذي تجاوز حدود اللوبي التقليدي ليصبح أداة للاحتكارات المالية والصهيونية في تعزيز الهيمنة الغربية على الشرق الأوسط. لم تكن إيباك مجرد منظمة ضغط تدافع عن مصالح إسرائيل، بل كانت جسرًا بين الأموال الكبيرة في وول ستريت والجرائم التي تُرتكب في غزة وأرجاء العالم العربي. تأسست في 1951 كـ"اللجنة الأمريكية الصهيونية للشؤون العامة"، بدأت كأداة دعائية لتلميع صورة إسرائيل بعد مجزرة قبية 1953، لكنها تحولت بحلول الثمانينيات إلى قوة سياسية تتحكم في أروقة الكونغرس وتفرض إرادتها على صناع القرار. هذا التحول لم يكن وليد الصدفة. وراء إيباك تقف الاحتكارات المالية التي رأت في إسرائيل أداة للسيطرة على المنطقة، من عائلة روتشيلد في القرن التاسع عشر إلى أثرياء مثل شيلدون أديلسون وجان كوم في العصر الحديث. هذه الاحتكارات لم تكتفِ بتمويل إيباك، بل استخدمتها لدعم الإبادة الجماعية في غزة وضد الشعب العربي كجزء من استراتيجية أوسع للهيمنة. في هذه الخاتمة، سنكشف كيف أصبحت إيباك لاعبًا مركزيًا في تكريس الاحتلال الصهيوني، من خلال تمويل الأسلحة التي تدمر غزة، والضغط على السياسيين لتجاهل الجرائم، وتعزيز السردية التي تبرر القتل والتشريد. 2. إيباك وغزة: تمويل الإبادة الجماعية في غزة، حيث تُسمع صرخات الأطفال تحت الأنقاض، تقف إيباك كمهندس رئيسي للإبادة الجماعية التي شهدها القطاع منذ عقود. دورها لم يكن مجرد دعم سياسي، بل كان تمويلًا مباشرًا للأسلحة التي حولت غزة إلى مقبرة جماعية. منذ حرب 2008-2009، التي قتلت أكثر من 1400 فلسطيني، إلى حرب 2023-2024 التي أودت بحياة أكثر من 40 ألف شخص وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، كانت إيباك القوة التي ضمنت استمرار تدفق المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل. في 2024، ضغطت إيباك على الكونغرس لتمرير حزمة مساعدات بـ20 مليار دولار، كما أشار وزير الخارجية أنتوني بلينكن في تصريحاته، لدعم العمليات العسكرية التي دمرت 60% من منازل غزة. آلية نفوذ إيباك في هذا السياق تعتمد على المال والضغط. في دورة الانتخابات 2024، أنفقت إيباك أكثر من 100 مليون دولار عبر لجنتها السياسية و"مشروع الديمقراطية المتحدة" (UDP)، لدعم الموالين لإسرائيل ومعاقبة المنتقدين مثل جمال بومان وكوري بوش، اللذين خسرَا مقعديهما بعد حملات ممولة من إيباك. هذا المال لم يكن فقط للسياسيين، بل لتبرير الإبادة. تقرير منظمة العفو الدولية (ديسمبر 2024) وجد أن إسرائيل ارتكبت أعمالاً تُصنف تحت اتفاقية الإبادة الجماعية، بما في ذلك القتل العمد وفرض ظروف حياة تهدف إلى التدمير الجسدي للفلسطينيين في غزة، وكانت إيباك الدرع السياسي لهذه الجرائم. إيباك لم تكتفِ بالدعم المالي، بل صنعت سردية تبرر القتل. في مؤتمرها السنوي، وزعت "مذكرات سياسية" تصور إسرائيل كـ"ضحية"، متجاهلة الحصار الذي بدأ في 2007 والمجازر المتكررة. هذه السردية، المدعومة بتبرعات من شركات مثل لوكهيد مارتن التي تزود إسرائيل بالأسلحة، حولت الإبادة الجماعية إلى "دفاع عن النفس" في أعين الكونغرس. لكن الشقوق بدأت تظهر، إذ أظهرت استطلاعات Gallup لعام 2024 أن 55% من الديمقراطيين يرون إسرائيل كدولة تمارس "إبادة جماعية"، مما يكشف حدود نفوذ إيباك أمام الوعي الشعبي المتزايد.
2. إيباك وغزة: تمويل الإبادة الجماعية لم تكن إيباك مجرد ممول، بل كانت شريكًا في التخطيط. في حرب 2014، التي دمرت 18 ألف منزل وقتلت 2200 فلسطيني، ضغطت إيباك لتمرير 225 مليون دولار إضافية لنظام "القبة الحديدية"، رغم أن إسرائيل لم تكن بحاجة فورية للمال، كما ذكرت كارنيجي للسلام. هذا الدعم لم يكن للدفاع، بل لضمان استمرار الهجوم على غزة. تقرير جامعة بوسطن (يونيو 2024) أكد أن إسرائيل ارتكبت أعمالاً جنوسيدية، بما في ذلك فرض الجوع كسلاح حرب، وكانت إيباك القوة التي منعت الكونغرس من التحقيق في هذه الجرائم. في 2025، مع استمرار الحرب، أصبحت إيباك أكثر جرأة. عندما رفعت جنوب إفريقيا قضية إبادة جماعية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، قادت إيباك حملة لدعم رسالة وقّعها 62 ديمقراطيًا و148 جمهوريًا في الكونغرس (يناير 2024) تدين القضية كـ"لا أساس لها"، متجاهلة الأدلة التي قدمتها جنوب إفريقيا عن قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية. هذا الدعم لم يوقف المجازر، بل شجع إسرائيل على تصعيدها، مما أدى إلى تدمير 25 ألف طن من المتفجرات على غزة بحلول 2024، كما وثق تقرير اللجنة الخاصة للأمم المتحدة. 3. إيباك والشعب العربي: تعزيز الهيمنة الغربية
خارج غزة، لعبت إيباك دورًا في تعزيز الهيمنة الغربية على الشعب العربي. في العراق، دعمت إيباك قرار الحرب في 2002، حيث ضغطت على الكونغرس لتفويض استخدام القوة، مما أدى إلى مقتل مليون عراقي وفقًا لـLancet. في سوريا، ساندت إيباك التدخل ضد النظام بعد 2011، مما سهل تقسيم البلاد وسيطرة الغرب على مواردها. في الخليج، دعمت إيباك الأنظمة الوكيلة مثل السعودية، التي نفذت حربًا في اليمن أودت بحياة 400 ألف شخص، كجزء من استراتيجية لضمان النفوذ الأمريكي على النفط. هذا الدور لم يكن منفصلاً عن دعم إسرائيل، بل كان امتدادًا له. إيباك رأت في إضعاف الدول العربية وسيلة لتكريس تفوق إسرائيل، واستخدمت نفوذها لتبرير العقوبات والحروب التي دمرت المجتمعات العربية، من بغداد إلى دمشق إلى صنعاء.
4. آليات النفوذ: من المال إلى الإعلام نفوذ إيباك يعتمد على شبكة معقدة من المال والإعلام. تبرعاتها، التي تجاوزت 24 مليون دولار في انتخابات 2022، تُستخدم لشراء ولاء السياسيين، كما حدث مع هالي ستيفنز التي فازت بـ4 ملايين دولار من إيباك ضد الناقد آندي ليفين. في الإعلام، تدعم إيباك حملات دعائية تصور الفلسطينيين كـ"إرهابيين"، بينما تتجاهل تقارير مثل تلك الصادرة عن الأمم المتحدة (نوفمبر 2024) عن استخدام إسرائيل الجوع كسلاح. 5. المقاومة ضد إيباك: صعود الوعي الشعبي رغم قوتها، تواجه إيباك مقاومة متزايدة. حركة "رفض إيباك"، التي أطلقتها منظمات تقدمية في 2024، تجمع أكثر من 20 مجموعة لمواجهة نفوذها. استطلاعات Data for Progress (2024) تُظهر أن 64% من الناخبين يدعمون وقف إطلاق النار في غزة، مما يعكس تحولًا في الرأي العام ضد إيباك. 6. الخلاصة: إيباك كجسر للإبادة والهيمنة إيباك ليست مجرد لوبي، بل جسر للإبادة الجماعية والهيمنة الغربية. دورها في تمويل الجرائم في غزة وإضعاف الشعب العربي يكشف عن وجه الرأسمالية الصهيونية، لكن صعود المقاومة يُنبئ بمستقبل قد يحد من نفوذها.
ملخص الكتاب بالعربية: "الأقنعة المالية: كيف صنعت الاحتكارات الغربية أدواتها الأيديولوجية للسيطرة والإبادة" هو كتاب يكشف كيف حولت الاحتكارات المالية الغربية الأديان إلى أدوات سياسية للسيطرة على الشعوب والموارد. يبدأ بمشهد مسرحي رمزي يصور تيودور هرتزل وهو يعرض الصهيونية على البنوك الكبرى، ثم ينتقل إلى تحليل تاريخي معمق. الفصل الأول يتتبع نشأة الصهيونية، الوهابية، الإخوانجية، والمسيحية الفاشية كأدوات للمصالح المالية من العصور الوسطى إلى العصر الحديث. الفصل الثاني يكشف كيف استُخدمت الفتنة لإضعاف المجتمعات، من النكبة الفلسطينية إلى الحروب الطائفية في العراق وسوريا. يبرز الكتاب دور "إيباك" واللوبيات كأذرع حديثة لهذه الاستراتيجية، ويختتم بدعوة للتفكير النقدي لاستعادة السيادة الشعبية. يمزج الكتاب بين السرد الدرامي والتحليل الأكاديمي، مستندًا إلى مصادر مثل سعيد وميرشايمر، ليكون جسرًا بين القارئ العام والمتخصص. ترجمة الملخص إلى الإنجليزية: "The Financial Masks: How Western Monopolies Forged Ideological Tools for Domination and Extermination" unveils the shadowy alchemy by which Western financial empires transmuted religions into instruments of power over nations and resources. It opens with a theatrical tableau: Theodor Herzl, masked in gold, pitches Zionism to the grand barons of banking—a prelude to a piercing historical dissection. Chapter One traces the genesis of Zionism, Wahhabism, the Muslim Brotherhood, and fascist Christianity as pawns of capital, from medieval trade routes to the modern age. Chapter Two lays bare the strategy of division, igniting discord from the Palestinian Nakba to the sectarian infernos of Iraq and Syria. The spotlight falls on AIPAC and its ilk, modern tentacles of this enduring plot, steering chaos from afar. A clarion call closes the work, urging critical reflection to reclaim sovereignty. Blending dramatic narrative with scholarly rigor, buttressed by the likes of Said and Mearsheimer, it bridges the common reader and the erudite mind. ترجمة الملخص إلى الفرنسية : "Les Masques financiers : Comment les monopoles occidentaux ont façonné leurs outils idéologiques pour la domination et l’extermination" soulève le voile sur l’art subtil et ténébreux par lequel les empires financiers occidentaux ont métamorphosé les religions en armes de contrôle des peuples et des richesses. Le rideau s’ouvre sur une scène théâtrale : Theodor Herzl, masqué d’or, propose le sionisme aux grands seigneurs des banques, prélude à une analyse historique d’une profondeur pénétrante. Le premier chapitre retrace l’émergence du sionisme, du wahhabisme, des Frères musulmans et du christianisme fasciste comme instruments des intérêts financiers, depuis les routes médiévales jusqu’à l’ère contemporaine. Le deuxième chapitre révèle l’emploi de la discorde comme levier d’affaiblissement, de la Nakba palestinienne aux brasiers sectaires d’Irak et de Syrie. L’AIPAC et ses semblables, appendices modernes de cette stratégie, orchestrent le tumulte depuis l’ombre. Une exhortation finale appelle à une réflexion critique pour reconquérir la souveraineté. Mêlant récit dramatique et érudition, étayé par des références telles que Said et Mearsheimer, cet ouvrage tisse un lien entre le lecteur profane et l’esprit savant. ترجمة الملخص إلى الهولندية "De Financiële Maskers: Hoe Westerse Monopolies Hun Ideologische Werktuigen Smeedden voor Overheersing en Vernietiging" onthult de duistere kunst waarmee westerse financiële machten religies omvormden tot wapens om volkeren en rijkdommen te knechten. Het boek vangt aan met een theatraal tafereel: Theodor Herzl, gehuld in een gouden masker, biedt het zionisme aan aan de grootbanken—een ouverture voor een indringende historische ontleding. Het eerste hoofdstuk volgt de wording van het zionisme, het wahabisme, de Moslimbroederschap en het fascistische christendom als pionnen van kapitaal, van middeleeuwse handelswegen tot de moderne tijd. Het tweede hoofdstuk legt bloot hoe verdeeldheid als wapen werd ingezet, van de Palestijnse Nakba tot de sektarische vuren in Irak en Syrië. AIPAC en verwante lobby’s treden op als hedendaagse uitlopers van dit complot, dat chaos van veraf aanstuurt. Een slotoproep wekt op tot kritisch nadenken om soevereiniteit te herwinnen. Met een mengeling van dramatische vertelling en academische diepgang, gesteund op bronnen als Said en Mearsheimer, vormt dit werk een brug tussen de gewone lezer en de geleerde ziel.
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تصريحات ترامب: استغلال العالم أم استغباء الأمريكي؟ - الدولار
...
-
التكوين الطبقي للعصابات الحاكمة في أوروبا الشرقية: تعبير عن
...
-
أوربان ونتنياهو: تواطؤ الإبادة من غزة إلى لبنان - جرائم البي
...
-
صنعاء تقاوم الإبادة - القانون الدولي بين النظرية والفعل..كتي
...
-
من بروكسل إلى نيويورك، تواطؤ في الإبادة الفلسطينية (أوهام ال
...
-
حملة بايدن و ترامب الإرهابية ضد إنسانية الشعوب والهولوكوست ا
...
-
خرافة الدفاعات الجوية الأمريكية-الإسرائيلية: إيران وسلاح الب
...
-
الاسلام كماركة تجارية امبريالية في مسرح محميات الخليج
-
رحيل فاضل الربيعي وأزمة العقل العربي المعاصر
-
رحيل فاضل الربيعي ومساهماته الفكرية في مواجهة العقل العبودي.
...
-
أردوغان ونتنياهو والجولاني: أنظمة على مشرحة التاريخ..حكومة ا
...
-
توقعات إيلان بابيه عن نهاية الكيان الصهيوني ودور طوفان الأقص
...
-
عصابات الشاباك الفتحاوية بغزة..الفاشي جعجع واجندته الصهيونية
...
-
لماذا لم تقع إيران في فخ محميات الخليج الصهيو أمريكية ..كتاب
...
-
ما الذي يجعل ديوان نشيد العشق الفلسطيني تراث انساني خالد ينا
...
-
هزيمةٌ أمريكية تاريخية قادمة في اليمن والمصير المحتوم لبيدق
...
-
مقدمة وخاتمة وقصائد ديوان -نشيد العشق الفلسطيني على توهج الق
...
-
كتاب: الإخوان المسلمون من التخلف إلى تعميق التخلف
-
دراسة نقدية معمقة لقصيدتين( نَثَارَاتُ حُبِّكِ فِي كُلِّ مَك
...
-
كتاب -الفاشية النيوليبرالية في عصر ترامب: دراسة حالة قصف الي
...
المزيد.....
-
إيران: قدمنا -عرضًا سخيًا- لإجراء مفاوضات مع أمريكا وننتظر ر
...
-
تصعيد فلسطيني ضد هنغاريا بعد زيارة نتنياهو وانسحاب بودابست م
...
-
الجزائر تقرر غلق مجالها الجوي أمام مالي
-
استمرار جهود الإنقاذ وإزالة الأنقاض بعد الزلزال المدمر الذي
...
-
دراسة تكشف علاقة جديدة بين السوائل وقصور القلب
-
دمار بالممتلكات في عسقلان بعد سقوط صواريخ أطلقت من قطاع غزة
...
-
RT ترصد آثار القصف الأمريكي على صنعاء
-
بزشكيان: على واشنطن إثبات سعيها للتفاوض
-
بعد قمة السيسي وماكرون والملك عبدالله.. بيان ثلاثي مشترك بشأ
...
-
مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا بشأن الأزمة الأوكرانية في 8 أ
...
المزيد.....
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|