أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - مائة يوم من السقوط: محطات هائلة من التحولات كأنها قرن















المزيد.....

مائة يوم من السقوط: محطات هائلة من التحولات كأنها قرن


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8305 - 2025 / 4 / 7 - 06:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مائة يوم من السقوط: محطات هائلة من التحولات كأنها قرن3/3


مرت مئة يوم منذ سقوط النظام، وشهدت البلاد تحولًا سريعًا- يشبه ما يحدث في الخيال العلمي- وكأنها عاشتها على مدى قرن بل قرون. هذه الفترة القصيرة كانت مليئة بالأحداث الجسيمة التي بدت وكأنها تحولات تاريخية، رغم قصر الوقت. ومع كل هذه التغيرات، تبقى الحقيقة المرة أن السوريين يواجهون تحديات أكبر من أي وقت مضى.
بدأت المرحلة الجديدة بتشكيل دستور مؤقت منح الرئيس صلاحيات واسعة، وهو ما كان يعد خطوة أولى نحو إعادة بناء الدولة. كان من المفترض أن يتولى السيد أحمد الشرع المسؤولية مؤقتًا، ليقود سوريا إلى مرحلة انتقالية يسلم فيها البلاد إلى سياسيين ذوي كفاءة، خلال أشهر فحسب. لكن مع مرور الأيام، اتضح أن الأمر كان مختلفًا تمامًا. بدلاً من أن تكون السلطة في يد حكومة انتقالية قادرة على اتخاذ قرارات جريئة، ازدادت قبضة الرئيس على مقاليد السلطة، واختفت الآمال التي كانت تدور حول تسليم البلاد إلى سياسيين مهنيين، بعد أن تم استلام سوريا- مصادفة- لمتعهدين عسكريين، وفق تزكية إقليمية دولية، فر على إثرها رأس النظام المجرم بشار الأسد وبعض زبانيته المقربين!
بينما كان يُتوقع أن تشهد سوريا سلسلة من الإصلاحات الحقيقية، شهدنا انعقاد أشباه مؤتمرات عدة، مثل "ما يسمى ب"مؤيتمر" الحوار الوطني" و"ما يسمى بمؤيتمر النصر". هذه" المؤيتمرات" كانت عبارة عن محاولات للتجميل والمكيجة والتغطية على الواقع القائم، حيث تم إقصاء الكرد كقومية ثانية كما تم إقصاء مكونات أخرى، رغم أن دورهم في الثورة كان بارزًا في كثير من الجوانب. ومع تشكيل اللجنة التحضيرية للدستور، لم يكن هناك أي تمثيل حقيقي للكرد، بل كان التشكيل يتجاهل حتى حقوقهم الدستورية، ويستمر في إبعاد الحركة الكردية عن أي مشاركة حقيقية في الحكومة أو الدستور الجديد. كما لم تشهد التشكيلات الوزارية وجودًا لممثلين من الحركة الكردية، وهو ما يمثل تجاهلًا واضحًا لحقوق فئة مهمة في المجتمع السوري.
من الجوانب الإيجابية، كان التوقيع مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من بين أبرز الخطوات التي ساهمت في منع إراقة الدماء، على الرغم من تعقيد الوضع العسكري في البلاد. هذا الاتفاق كان مهمًا لتقليل العنف في مناطق محددة، إلا أن الحلول السياسية كانت محدودة ولم تلبِّ احتياجات السوريين بشكل كامل. كان من المفترض أن يعترف الدستور بحقوق الكرد كقومية ثانية-أجل- ويثبت حقوقهم في إطار التعددية، لكن ذلك لم يتحقق. وفي الوقت نفسه، كان هناك استبعاد مستمر للمعارضة التاريخية التي كان من المفترض أن يكون لها دور أكبر في رسم معالم المرحلة القادمة، وأستثني هنا: كل من كان مؤتمراً بأيدي الخارج، ووقف مع الاحتلال التركي، أو من تلوثت أيديهم بالدم والمال السياسي!
التدخلات الخارجية كانت حاضرة في كل مرحلة، ومع الحرب المستمرة في الساحل السوري، ازداد التوتر بين الفصائل المختلفة، وتلقى المدنيون العزل المزيد من المعاناة. بينما كان أكبر منجز بعد سقوط الأسد إخراج الفصائل من عفرين، إلا أن جميع مدن وأرياف سوريا لاتزال محكومة بالواقع المرير لآثارالحرب التي لم يكن لها نهاية واضحة، بما ألحق بالبلاد من دمار وتهجير وتجويع وهوما كان يجب الاشتغال عليه إسعافياً منذ اللحظة الأولى. كما لا نزال في انتظار محاكمة مجرمي الحرب على مستوى البلاد منذ بداية مجازرالحرب وحتى مجازر الساحل، عبر تطبيق أسس العدالة الانتقالية، لكن هذه المبادرة لم تجد الدعم الكافي من المجتمع الدولي، ما أدى إلى استمرار الوضع دون محاسبة حقيقية.
ومع تصاعد التوترات بين تركيا وإسرائيل على الساحة السورية، بدا أن المصالح الإقليمية تتصادم بشكل كبير. تركيا كانت تسعى لتوسيع نفوذها في سوريا، تحت ستار العداء للكرد، معتبرة أن أي اتفاق يجب أن يتم تحت إشرافها، بينما إسرائيل كانت تحاول جعل سوريا دولة ضعيفة ومقيدة يمكن السيطرة عليها بسهولة. كما أن التدخل الروسي والأمريكي الذي فهم طويلاً أنه يتأسس على تناقضات واضحة ووجهات نظر متضادة، بات يخضع للتفاهمات الجديدة، بين هاتين القوتين اللتين كانتا مع تركيا وإيران سبباً في استمرار الحرب وحكم نظام الأسد والدمار والقتل والتهجيرفي سوريا.
السوريون، على اختلاف توجهاتهم، يطمحون في استتباب السلام والأمن، مقرونين بتامين سبل الحياة الكريمة من مسكن- بعد دمار ومأكل ومشرب وضمان صحي وثقة بعد نسف كل ذلك نتيجة آلة الحرب التي كان التدخل الدولي عاملاً مفاقماً في افتقادها كلها. ولكن، ما حدث في الساحل السوري وما يجري من هيمنة الراديكاليين في بعض المناطق، إضافة إلى ما يسمى بالانتهاكات الفردية والتحولات التي شهدتها الشوارع والجامعات بتحويل بعضها إلى أماكن عبادة دينية بشكل مفرط، تعد مؤشرات غير مطمئنة على الوضع القائم. المواطن السوري البسيط، الذي كان يأمل في التغيير بعد سقوط النظام، بات يواجه حالة من الانقسام الداخلي والضغوط الخارجية التي تدفع بها بعض الدوائر وبعض بؤر الفصائل ذات التاريخ السيء ناهيك عن الدورالذي يلعبه بؤر من ملايين البعثيين الذين رضعوا من صدرالنظام السابق وقفزوا إلى مركبة العهد الجديد ولهم مواقف عنصرية من بعض الأقليات: الكرد- الدروز- العلويين- المسيحيين
أجل، إن مواطننا لا يسعى وراء شيء غير أساسي، بل يريد الخبز والماء والكهرباء والهواء النظيف والأمان، والحد الأدنى من الحياة الكريمة. إنه في حاجة إلى حياة إسعافية توفر له الحد الأدنى من مقومات الوجود، بعيدًا عن الصراعات السياسية والأمنية التي تستهلك البلاد وتنهكها يومًا بعد يوم.
ورغم كل هذا، تبقى سوريا في مفترق الطرق، حيث لا يزال الشعب السوري يعاني من حالة من الضياع، في انتظار تحولات أخرى قد تكون أكثر عمقًا، أو قد تظل محكومة بالصراعات الإقليمية والدولية التي لا تنتهي. فما كان يُفترض أن يكون مائة يوم من التحولات نحو الأفضل، تحول إلى سلسلة من الأزمات المتواصلة، ليبقى السؤال: هل ستتمكن سوريا من تجاوز هذه التحديات، أم أن الصراع سيظل مستمرًا دون أفق واضح؟
ومن هنا فإنه يمكن مناشدة اللاهثين إلى تحقيق العطش والجوع إلى السلطة:
دعوا لكم كراسي السلطة ولكن اسمعوا سورييكم لا الأوصياء عليكم أية كانت هوياتهم!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يستلم يقرّر جور ووجوه تتكرر!
- الشمس تشرق من وراء الجبل: عفرين تسقط الرهان والأقنعة
- السنية السياسية كإطار جامع جدلية القيادة والشراكة في سوريا ا ...
- من يرفع علم إسرائيل - 2-
- وصايات وتوصيات النذر بالقيم وتناسي الذات!
- من يرفع العلم الإسرائيلي؟ .
- من يرفع العلم الإسرائيلي؟
- حكومة دمشق الانتقالية: في امتحان الاعتراف بحقوق الكرد
- بعد سقوط البعث العنصري ونظام أسده: قمم جيايي كورمينج تتوهج ب ...
- الأسد والبعث وثنائية الأكثرية والأقلية
- السيد الشرع في دوامته لا خريطة طريق للخلاص إلا عبر رفع آلة ا ...
- دولة المماطلة: بين الحلم بالمواطنة وواقع الإقصاء
- نقد قانوني للإعلان الدستوري المقر لسوريا في المرحلة الانتقال ...
- نقد قانوني للإعلان الدستوري المقر لسوريا في المرحلة الانتقال ...
- حصار الساحل السوري موت بطيء تحت الحصار لمن نجوا من القتل الج ...
- قراءة نقدية قانونية للدستور الجديد: إشكاليات التمييز والهوية ...
- السيد الرئيس الشرع: لا أوافق على دستورك ورئاستك بهذه الصيغة!
- مذابح الساحل السوري: توثيق الجريمة وفضح رعاة القتلة
- إبراهيم محمود عن شهداء الانتفاضة: اعذروني لن أكتب عنكم
- اتفاقية- الأمر الواقع- ما لها وما عليها.


المزيد.....




- لمكافحة الفيضانات في كنتاكي.. مالك يغرق مطعمه بالماء العذب ع ...
- -قمة القاهرة- تدعو لوقف إطلاق النار في غزة.. وتتمسك بـ-مظلة- ...
- مسيرات روسية تخترق دروع دبابة -أبرامز- الأمريكية
- تقرير يكشف شهادات لجنود إسرائيليين حول التدمير الممنهج لغزة ...
- ماكرون في الحسين… زيارة رئاسية بطابع شعبي في قلب القاهرة
- لحظة احتراق الصحفي أحمد منصور
- محكمة روسية تخفف عقوبة السجن بحق جندي أمريكي... إشارة أخرى ل ...
- لم يحدث منذ 1929.. رسوم ترامب تهز بورصات العالم
- ترامب يهدد باستخدام -الفيتو- ضد مشروع قانون التعريفات الجمرك ...
- المبعوث الأممي غير ‏بيدرسون: ناقشت مع الرئيس أحمد الشرع الان ...


المزيد.....

- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - مائة يوم من السقوط: محطات هائلة من التحولات كأنها قرن