أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - سمات الحداثة في (هذا الولد مولع بالنساء) لصلاح زنكنه















المزيد.....

سمات الحداثة في (هذا الولد مولع بالنساء) لصلاح زنكنه


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 8304 - 2025 / 4 / 6 - 18:51
المحور: الادب والفن
    


د. جلال عبد الله خلف
ناقد وأكاديمي / جامعة ديالى

تكشف هذه الدراسة عن العناصر الأدبية التي تسهم في تشكيل الحداثة الشعرية، التي تسعى إلى التحرّر من الأساليب القديمة، واستبدالها بتعابير أكثر انفتاحا، بالاتكاء على تقنيات جديدة، كالانزياح اللغوي والتّكثيف الدلالي، والسرد والحوار واللغة الخالية من التعقيد، فضلا عن التخلص من الأوزان والقوافي، واستبدالهما بالإيقاعات المنبعثة من البديع كالتكرار والجناس والطباق، وعلى الرغم مما حققته الحداثة من ثورة في بنية القصيدة، فقد واجهت انتقادات كثيرة من انصار الشعر العمودي الذين رأوا فيها خروجا عن هوية الشعر العربي، ومع ذلك لا تزال هذه الحركة تمثل أحد أهم التحولات في تاريخ الادب العربي الحديث؛ إذ أسهمت في تطوير لغة الشعر وأدواته الفنية، مما أتاح للشعراء مساحة أكبر للتعبير عن روح العصر .

الشاعر المتمرّد:
إنّ من يقرأ لصلاح زنكَنه، يدرك منذ الوهلة الأولى أنّه شاعر متمرّد بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، شأنه في ذلك شأن الشعراء المتمردين عبر التاريخ بدءًا بامرئ القيس، ومرورا بكعب بن زهير وعمر بن أبي ربيعة وبشار بن برد وأبي نواس, وانتهاء بنزار قباني والجواهري وحسين مردان وأخرين، ولعلّ جهر الشعراء بالتمرّد هو أنّهم لم يجدوا من يفهمهم, يقول الدكتور صالح الشّادي عندما سئل لماذا يعاني الشعراء في كلّ الأزمان والامكنة؟, قال لأنّهم لم يجدوا من يفهمهم، فأبو تمام الذي كان يكتب ما لا يُفهم حسب رواية مجتمعه، يرد عليهم لماذا لا تفهمون ما أقول ؟ ومن يطلع على سيرة الشعراء يجد أنّ تمرّدهم نابع عن الاختلاف النّظري في ملاحظة الأشياء وتقلبات السلوك الداخلي لديهم، فالشاعر بطبعه حرّ التفكير واسع الأفاق، ذو نظره مختلفة لكلّ ما هو حوله، فهو ينظر إلى ما خلف الأشياء، فيرى ما لا يراه الاخرون، واذا كان الشاعر أبو نواس قد اتخذ الكأس وسيلة لتمرّده، فانّ صلاح زنكَنه قد وجد فلسفة تمرّده في المرأة، ولعلّ مجموعته التي بين أيدينا هي خير مثال على ذلك، فهو في ذلك يقلّد خطى إنكيدو في جلجامش الذي دعته شمخة إلى تجريب مفاتنها الجسدية؛ لتخرّجه من البداوة الى الحضارة، أو من الطفولة إلى النّضج، فالمرأة هي تلك التجربة التي أخرجت زنكَنه من الطفولة إلى الشباب كما أخرجت شمخة إنكيدو من الصحراء إلى أوروك، فهو قد اتّخذ من المرأة وسيلة لإظهار فحولته من خلال الوصف الدّقيق لمكامن المرأة بشكل يُسقط من حساباته جميع الاعتبارات الاجتماعية ، ويمزق من خلاله الحجب والأستار المقدسة، فصور زنكَنه الشّعرية هي كل خلجات نفسه ونزعاته وميوله وأهوائه، تضاف اليها الجرأة في ابداء هذه الخلجات النّفسية والنّوازع الإنسانية في بلد غارق إلى الأذقان بالتقاليد الدينية والاجتماعية، فالمرأة لم تكن في شعره ذكرى أو فكرة أو مثال، ولم تكن معنى يرقى إلى مستوى الرّمز المشحون بالدّلالات والرّؤى، بل كان تتشظى عبر قصائد متمردة تحمل رغبات هائجة تصل إلى حدّ القسوة اللذيذة، فخرج عن المألوف، وأشعل حرائق بجسد القصيدة وجدلاً في المشهد الشعري العربي الحديث، فقد أحب المرأة حتى الثمالة، وذاب في هذا الحب كأنّه الوجه الآخر للحياة، فمفهوم زنكَنه للعلاقة بين الرّجل والمرأة إنّما هي علاقة حسيّة، وما العلاقات العذريّة إلّا ضربا من الخيال أو نوعاً من الوهم، فالغرائز على وفق منظوره هي العوامل المحركة للعلاقات بين الذّكر والأنثى، فهو في ذلك يتفق مع الجواهري الذي يرى أنّ الجميل في الجمال هو في لمسه وليس في النّظر إليه، فهو في ذلك له شبهٌ كبير باللورد بايرون كل منهما عنيف في غرائزه، لا يقف أمامه أي حاجز اجتماعي أو ديني، لا سيد إلا طاقة الشهوة العارمة كما يقول ألبير كامو هنا مملكته المحمومة، حيث يجد أجمل صرخاته، ما قيمة جميع مخلوقات الأرض إزاء شهوة واحدة, وبالتالي جعل من الغزل عنصرا ظاهراً عبر صفات إخبارية يبوح من خلالها بالجمال الأنثوي، فالرّغبة للذة تكمن في شكل الجسد وأنثويته؛ ليكون جسد المرأة هو رمز للهوى، مجسّداً في ذلك قول كامو: الذي يقول إنّ الصرخة وحدها تجعلنا نحيا، وهذا ما ترجمه الشاعر صلاح زنكَنه في مسيرته الشعرية من خلال جرأته واتخاذه للمواقف الجريئة والتعبير عنها من دون أن يخشى في ذلك لومة لائم، لقد كان الشاعر في كل مواقفه منسجما داخليا مع ذاته كلّ الانسجام؛ لإيمانه المطلق بما يقول؛ لذا لا يجد حرجا من الجهر والتعبير عن مكامن نفسه المتمردة على الرغم ما تحمله هذه الكلمة من مخاطر في مجتمع الف السير في جله على المألوف.

قراءة في العناوين .. أولا / دلالات عنوان المجموعة:
من المعلوم أن العنوان يهدف في فلسفته الى توضيح دلالة المجموعة ومعناها؛ كونه المفتاح الأساس، فهو يحمل إشارات تمهيدية لموضوع المحتوى، ويثير فضول القارئ كما أنه يعكس الفكرة الرئيسية ، وإذا أردنا فهم عنوان المجموعة الموسومة بـ (هذا الولد مولع بالنساء) لابد علينا قبل كل شيء الوقوف على مدلولات الفاظها وتراكيبها نحويا وبلاغيا، فنقول(هذا) اسم إشارة في محل رفع مبتدأ، (الولد) بدل أو عطف بيان مرفوع، و(مولع)خبر مرفوع (بالنساء جار) ومجرور، إذن الجملة تعني إن الولد متيم أو شغوف بالنساء، والجملة تحمل دلالة بلاغية تعتمد على الاستعارة والتوكيد, وإن استخدام الشاعر للفظة (مولع) يشير إلى شدة التعلق، وهو مأخوذ من الفعل (ولع ) الذي يدل على الاشتعال والاحتراق، مما يضفي على الجملة ايحاء مجازيا بأن ولعه بالنساء كالنار المشتعلة مما يعزز المعنى ويجعله أكثر تأثيرا.
أما التوكيد فان استخدام لفظة (مولع) بدلا من مجرد يحب أو يميل فيه مبالغة في التصوير، مما يشير الى تعلق شديد، وليس مجرد إعجاب عابر، فالجملة قصيرة لكنها تحمل معنى مكثفا يوصل الفكرة بوضوح دون الحاجة الى تفصيل إضافي، كما أن تعريف العنوان من خلال استخدام المعارف قد أدى الى توضيح دلالته وتحديد معناه، وبالتالي فهو يشير إلى نوع من الخصوصية ويجعله يشير إلى شيء معين، كما أسهم اللون بإضفاء دلالات جديدة على العنوان حيث جاءت عبارة (هذا الولد مولع) مكتوبة باللون الأحمر، بينما جاءت كلمة النساء مكتوبة باللون الأخضر، وكما هو معلوم أنّ اللون الأحمر يدل على القوة والعاطفة، أو حتى العنف في السياقات الثقافية، بينما الأخضر غالبا ما يرتبط بالحياة والنمو والامل والطبيعة، فان العنوان في المجمل يمكن أن يعكس في دلالته التوازن بين المشاعر المتناقضة، أو التركيز على فكرة الصراع والتجدد.

ثانيا/ دلالات عناوين القصائد :
من يتصفح عناوين المجموعة الشعرية (هذا الولد مولع بالنساء) يلاحظ بوضوح، أن جل عناوين قصائدها جاءت بصيغة النكرة مثل: (لعوب، ندى، أمل، كوثر، هبة، صبوات، شطحات، شهقات، ثمرات)، إلخ وهذا المعنى قد قصده الشاعر، وذلك لإضفاء لمسات فنية على ما يسطره من إبداع شعري، إيمانا منه بأنّ التنكير في الشعر في سياقاته المعهودة يوشي بالإيحاء والغموض والتشويق، كما أنه يثير فضول القارئ؛ لأنّه لا يحدّد بدّقة ماهيّة الموضوع مثل (حادثة) بدلا من(الحادثة الكبرى)، كما أنّ يحمل دلالة التعميم والشمول، فالتنكير في دلالته الشعرية يدل على ظاهرة عامة وليس على شيء محدد، كما عرفنا ذلك في تنكير الالفاظ السابقة، أضف إلى ذلك أن التنكير يدفع القارئ إلى التأويل والتعدّد الدلالي، فهو يثير في النفس تساؤلات لا تنتهي ، فالنكرة في الشعر تشبه الطيف الذي لا يُرى بوضوح، لكنّها تجعل القارئ يغرق في بحور الاحتمالات، فمثلا عنوان (أمل) قد يرمز لمعان مختلفة حسب السياق وكذلك قولنا (ليل طويل) قد يوحي بأي ليل طويل سواء كان في الواقع أو في الشعور النفسي، بينما (الليل الطويل) قد يحدده بحالة معينة، وبناء على ما سبق نستطيع القول أنّ التنكير في دلالته أعمق من التّعريف في المضامين الشعرية.

بلاغة الأسلوب الشعري بين التشبيه والمجاز
أولا/ التشبيه:
وهو أداة بلاغية تستخدم لبيان المشابهة بين شيئين يشتركان في صفة معينة، ويهدف الى توضيح المعنى وتقريب الصورة الى ذهن المتلقي؛ لخلق الإبداع والتخييل ولرسم صور مبتكرة تتسم بقوة الإيحاء، كما يضفي على الكلام لمسة جمالية، ويستخدم أيضا لتأكيد الصفة في المشبه ومن ذلك قوله: (مرات يتوهج كأنّه جبل جليدي) فالتشبيه بجبل جليد يحمل عدة دلالات منها: البرود العاطفي أو الثقل والجمود أو أشياء مخفية خلف الظاهر، مثل الأسرار والمشاعر المكبوتة، وانتقل الشاعر إلى نوع آخر من التشبيه وهو التشبيه البليغ كما في قوله مثل: ( قلبي طبل، قلبي مدفع، النساء بحار، النساء حدائق، النساء سماوات، فالنساء رمز للجمال والخصوبة والعطاء في بلاغة التشبيه، ويكون المشبه أكثر وضوحا، مما يعمّق الصورة في ذهن السامع .

ثانيا/ المجاز:
مجموعة الشاعر تعج بالصور الشعرية المبدعة التي تتسم في مجملها ببراعة التصوير، وفنية التشكيل المبهر، وهدف الشاعر من خلق تلك الصور الخيالية، هو إثارة الدهشة في القارئ، وتجنب الابتذال، وذلك بعد استخدام التعبيرات المباشرة والمستهلكة، وقد تنبه القدماء والمحدثون بأنّ المجاز هو روح الشعر وجوهره، ولولاه لأصبح الشعر مجرد وزن وقافية، لا يسمن ولا يغني من جوع، وصلاح زنكَنه من أهمّ الأصوات الشعرية المتمردة لتي دفعت وحرّكت النص إلى المزيد من الإبداع والايجاز الفنّي، فهو يكتب بلغة تصويرية تأسر المتلقي بدلالاتها الايحائية المنبثة من أعماق نفسه التواقة إلى جمال الصورة وتصوير الجمال، وتتشكّل الصّور الكنائية لديه من خلال منح الصفات البشريّة لغير البشريّة مثل: الجمادات أو الظواهر أو الحيوانات؛ لإضفاء الحيوية والجاذبية على النّص، والتعبير عن المشاعر والأفكار الفلسفية أو المعنوية أسهل للفهم، مثل تصوير الزّمن بوصفه لصّا، مما يضفي دلالة جمالية وإبداعيه على النص، ففي صفحة 18 يبدع الشاعر في كثير من صوره الكنائية، ونلمس تلك المفاهيم في قوله: (يطرق الحب، العصافير تحب، باب القلب، قلب يبكي، دموعك تؤرشف، القمر يحتفي) وينبغي أن نقف عند قوله (جسدك سريري) فهي عبارة تحمل دلالة بلاغية قائمة على الاستعارة المكنية، حيث شبه المتكلم الجسد بالسرير دون التّصريح بلفظ المشبه به (السرير) وإنّما أتى بصفة من صفاته, بوصفه مكاناً للراحة والاستلقاء، وذلك لتصوير العلاقة العاطفية والجسديّة بأسلوب مجازي يوحي بالعاطفة العميقة أما قوله:( وألتهم ثمارك كلص ظريف),عبارة فيها استعارة حيث شبهت الأفكار والمشاعر بالثمار التي تؤكل، وعبارة (كلص ظريف) تعبير مجازي إذ يوصف اللص بالظريف مما يضفي طابعا ساخراً أو مفارقة بلاغية، وقد تكون (ثمارك) تورية عن جهد أو تعب الشخص، مما يعزز من وقع الظلم أو الخداع في المعنى، وقوله: (أزرع التفاح) عبارة تحمل دلالات بلاغية متعددة بحسب السياق، اذا كان المقصود فعلا زراعة التفاح فهو استخدام مباشر، أما اذا كانت تقال مجازا فقد تكون استعارة للحثّ على نشر الخير أو الجمال، أي زرع التفاح يمثل الأعمال الصالحة، ويمكن أن تكون كنية عن الوفرة والعطاء، أذ أنّ زراعة الأشجار المثمرة ترمز الى الجهد المثمر، والمستقبل الواعد، أو قد يستخدم مجازا مرسلا علاقته السببية، أو قد تحمل معنى ضمنيا يشبّه الاعمال الحسنة بغرس شجرة مثمرة, وسأقف أيضا عند العبارة المجازية في قوله: (سأفطر على جسدك), فهي صوره بارعه تحمل دلاله بلاغية من خلال الاستعانة التصريحية والتشبيه الضمني، فقد استعار الشاعر الفعل (أفطر) وهو في الأصل متعلق بالطعام؛ ليعبر عن رغبة جسديه أو وجدانيه، مما يخلق إحساسا بالشغف القوي، كما أنّ النص فيه تشبيه ضمني، فهو يشبّه اللقاء بالمحبوبة بالإفطار بعد الجوع أو الصيام، مما يعزّز شعور التوق والحرمان الذي يسبق الوصول إليها، كما أننا نجد المجاز المرسل في قوله: (لعريك جموحُ الفرَس) للتعبير عن طبيعة الشخص أو موقف يتمتّع بالقوة والحيوية والتحدّي.

المحسنات اللفظية
إنّ قصائد الشاعر صلاح زنكَنه محملة بجمله من موضوعات علم البديع، والتي تهدف في حقيقتها إلى تحسين اللفظ و تجميلها واضفاء الموسيقى اللفظية عليها، مما يجعلها اكثر تأثيرا في المتلقي، ومن أهم أهدافها إبراز جمالية اللغة وتقوية التأثير العاطفي، مما تجعل المعاني اكثر اقناعا وإثارة من خلال التلاعب بالألفاظ واظهار براعة الكاتب أو الشاعر، ومن أشهر المحسنات: (التّكرار والجناس والطباق).

أولا/ التكرار:
إنّ التكرار اذا أُحسن استخدامه في محله، فهو يؤدّي إلى أغراض أسلوبية تخدم النص الأدبي، فالشاعر البارع يستخدمه بحسب السياق الذي يتطلبه، فيسهم في تحقيق معنى التأكد والتوكيد لترسيخ المعنى في ذهن المتلقي كما أنه يزيد من الشحنة العاطفية في التنغيم والإيقاع؛ لتعزيز الموسيقى الداخلية، وتسليط الضوء على مفهوم أساسي، ولم يكن الشاعر ببعيد عن هذه المفاهيم ، فمجموعته الشعرية مليئة بالتكرارات المختلفة، فعلى سبيل المثال في صفحه30 كرّر عبارة (هذا الولد)7 مرات, وفي صفحة 6, كرر عبارة (سأكرس) 3مرات, وفي صفحه7 كرر لفظة النساء 13, مرة وفي صفحه 12 كرّر لفظة (ستندمين) 5 مرات, كما كرّر كاف التشبيه في قصيدة هبة 6 مرات، وكرّر لفظة الحب في قصيدة (الحب على الباب) 7 مرات, وفي صفحة 22 كرر ذات الكلمة 10 مرات، وفي قصيدة شطحات كرّر لا الناهية 10 مرات، كما كرّر لفظة صائم 15 مرة وفي قصيدة تجليات جسد كرر لفظة الجسد 30 مرة، ولفظة السرير 9 مرات، مما يعني أنّ الشاعر كان يرمي إلى توكيد مضامين دون أخرى ولخلق إيقاع موسيقي يكون بديلا عن أوزان الخليل، إضافة إلى المرام البلاغية الأخرى.

ثانياً/الجناس:
يستخدم الجناس في الشعر لإضافة جمال موسيقي وإيقاعي للنص، مما يجذب انتباه القارئ أو المستمع، ويهدف لإبراز المعاني وتأكيدها، وإثارة الدهشة والتأمل من خلال اللعب اللغوي للتفكير في العلاقة بين الكلمات ، وبالتالي تعزيز الأسلوب البلاغي، لتلك الأسباب وغيرها نجد الجناس كان حاضرا في مجموعة الشاعر صلاح زنكَنه، ففي صفحه50, نعثر على الجناس بين كلمتي عاشرت وعشرات، وبين أداعب وألاعب، وبين لفظتي: الكتابة والكأبة ، وبين داري ومزاري ، مما يمنح شعر الشاعر إيقاعا موسيقيا جذابا .
ثانيا/ الطباق:
عمد الشاعر إلى الاستعمالات المختلفة للطباق، وذلك لغرض تعميق صوره الشعرية، ولتوضيح ما يريد إيضاحه، بالإضافة إلى خلق تأثير جمالي في نصوصه، وإثاره المشاعر، أو التأكيد على الفكرة المقصودة، كما في صفحه69، فقد طابق الشاعر بين لفظتي صائم ومفطر، وصيف وشتاء، وأسود وأبيض إلخ .

ثالثا/ اللغة الشعرية:
ابتعد الشاعر عن الغموض اللفظي وتعقيداته، فالتجأ الى استخدام الالفاظ الحياتية المختلفة جريا على سنّه الشعر الحديث، فحشّد في شعره جملة من الالفاظ المأنوسة التي لا تحتاج في تفسيرها الرجوع الى المعاجم العربية مثل: القلب، المحراب، الزقزقة، الولهان، نهر، جدار، تفاحة، محصول، الوحشة، الغواية, ولا يخفى أنّ سرّ اختيار الشاعر للألفاظ البسيطة الواضحة هو للتواصل المباشر مع جمهوره الشعري والتأثير العاطفي فيهم؛ لأنّ الالفاظ القريبة تحمل مشاعر مألوفة عند الناس و كذلك يرمي إلى الانسجام التام مع البيئة الثقافية إيمانا منه أنّ الألفاظ الشائعة تربط النص بواقعه الاجتماعي والتاريخي، كما أنّ استخدام الالفاظ المألوفة تُبرز القوه الإيقاعية المحببة وتبرز الصدق والعفوية.

رابعا / السطر الشعري (الجملة الشعرية):
تعمّد الشاعر كتابة قصائده النثرية على طريقة شعر التفعيلة، وذلك من خلال تقسيم جمله الطويلة الى جمل قصيرة متفاوتة وتوزيعها هندسيّا على شكل أسطر شعرية؛ تبعا للموجات العاطفية المختلفة الناتجة من تقلبات الأفكار والمشاعر، ولخلق الإيقاع والتوتر والتكثيف والإيحاء والتأثير العاطفي، وخلق فراغات دلاليه تعطي مساحة للتأمل والتفاعل، فقصيدة النثر في طبيعتها الفنية كما هو معلوم تميل إلى التخلص من الزوائد البلاغية، وهي جزء من بنية قصيدة النثر الحديثة ،كما نشاهد ذلك وضوح في التوزيع الآتي في مفردات قصيدة: (النوافذ)
النوافذ كلمة واحدة
قلب يبكي كلمتان
حسب توقيت قلبي ثلاث كلمات
خلف تلك النافذة الموصدة أربع كلمات

خامسا/ السرد و الحوار:
السرد في قصيدة النثر ليس مجرد وسيله لنقل الأحداث، بل هو تقنيه شعريه تسهم في توليد الدهشة، فالكتابات الشعرية للشاعر صلاح زنكَنه تندرج في جلها في ضمن قصيدة النثر، أو السردية التي تجعلها أقرب الى قصة قصيرة مركّزة ومحكمة البناء، فجل قصائده تتضمّن أغلب عناصر القصة الرئيسية كالحدث والشخصيات والحوار والزّمان والمكان والحبكة والنّهاية، ونجد ذلك بوضوح في القصائد: (هذا الولد) صفحة 3، و( ندى) صفحة11، و(صبوات) صفحة 34.



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إضاءات في شأن السوري
- سماحيات 33
- رؤية نقدية فلسفية لقصيدة (لا شيء يبقى بعد حين) لصلاح زنكنه
- قصيدة (سأحبكِ) لصلاح زنكنه أمام مرايا النقد
- النَّصُّ الطّافحُ بلذّةِ التَّشْويق / قراءة تأويلية في قصص ( ...
- جلولاء ضيقة كصحراء, و فسيحة مثل قلب أم رؤوم.
- الحرب أورثتني العطب الروحي, وسلبتني الطمأنينة
- الحياة بكل تفاصيلها هي الخلفية الحقيقية والذخيرة الحية لأي أ ...
- أحبكِ
- صلاح زنكنه يرسم بالكلمات
- فيزياء الحضور الأنثوي في مجموعة (الصمت والصدى) لصلاح زنكنه
- صلاح زنكنه / صياد الدهشة
- القاص صلاح زنگنه في حوار صريح / الكاتب الحقيقي له موقف
- القصة الكبيرة لا يكتبها إلا قاص الكبير
- لا أحفل بالتراث ولست مغرماً بالسلف
- حالات استثنائية في قصص (‎صوب سماء الأحلام) لصلاح زنكنه / أحم ...
- عمق الثيمة وبساطة اللغة في أحلام صلاح زنكنه .. مشتاق عبد اله ...
- ثلاث إضاءات على مجموعتي القصصية (وجع مر)
- من أرشيفي الورقي .. حوار أجرته معي الشاعرة كولالة نوري
- سماحيات 32


المزيد.....




- -فيلم ماينكرافت- يحقق إيرادات قياسية بلغت 301 مليون دولار
- فيلم -ماينكرافت- يتصدر شباك التذاكر ويحقق أقوى انطلاقة سينما ...
- بعد دفن 3000 رأس ماشية في المجر... تحلل جثث الحيوانات النافق ...
- انتقادات تطال مقترح رفع شرط اللغة لطلاب معاهد إعداد المعلمين ...
- -روحي راحت منّي-.. أخت الممثلة الراحلة إيناس النجار تعبّر عن ...
- -عرافة هافانا- مجموعة قصصية ترسم خرائط الوجع والأمل
- الفنانة ثراء ديوب تتحدث عن تجربتها في -زهرة عمري-
- إلتون جون يعترف بفشل مسرحيته الموسيقية -Tammy Faye- في برودو ...
- معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العر ...
- بين موهبة الرسامين و-نهب الكتب-.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي ج ...


المزيد.....

- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - سمات الحداثة في (هذا الولد مولع بالنساء) لصلاح زنكنه