أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - - المختارات- لها قصّتُها أيضاً …














المزيد.....


- المختارات- لها قصّتُها أيضاً …


سعدي يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1800 - 2007 / 1 / 19 - 11:27
المحور: الادب والفن
    


آنَ كنتُ في البلاد التونسية ، قبل أكثرَ من عَــقْدٍ من الزمان ، فكّــرتُ في أن أنخِـلَ شِــعري ، فأختارَ من نخيلــه . لم يكن ثـمّتَ سببٌ . ولربّــما كنتُ أُزجي الوقتَ ؛ فاليومُ طويلٌ في تونسَ ، وبخاصّـةٍ لـمَن ليس من أهلِــها ، الأهلِ ، مـثلي .
وهكذا جئتُ بغربالي ، وشــرعتُ أنخِــلُ . آنذاكَ كانت القصائد المتكومة في الغربال تمتد في الفترة من1955 إلى 1993 ، مستغرقـةً ما يقارب الأربعين من الأعوام .
العجيب في الأمر أن نـتـيـجَ الغربلةِ كان ثلاثة دفاتر يضمُّ الواحدُ منها أكثرَ من مائة صفحة !
أكنتُ متساهلاً ، أم أنني تيّــاهٌ بشِــعري إعجاباً ؟
كلا الأمرَينِ واردٌ ، أو أحدُهما في الأقلّ !
بعد تونس الخضراء ، تونس الخليج والكروم والكرَم والقيروان ، والأصدقاء الكِــثار ، ترحّـلْتُ وأقمتُ في بلدانٍ عدّةٍ : فرنسا ، سوريا ، الأردن ، و المملكة المتحدة أخيراً …
تركتُ في كل بلدٍ أوراقي ( إلاّ الشِـعر ) وكتبي ( مكتبتي الصغيرة ) ، لأحاول أن أبني مكتبةً صغيرةً أخرى
منذورةً لأن تُــترَكَ في صبيحةٍ غامضةٍ ، أو في مســاءٍ ملتبسِ الجهات .
لكنّ " المختارات" التونسية التصقتْ بحقائـبي … هل الأمرُ مصادفةٌ محضٌ ؟
*
قبل أيامٍ اتّصلتْ بي ســوســن بشــير من القاهرة .
قالت لي : بلغَــني أنك آتٍ إلى مصر ، في موعدٍ غير بعيدٍ عن أيام معرض الكتاب . ما رأيُكَ في مختاراتٍ ؟
فوجِئتُ بالمــقــترَح !
ثم تَـمَلّـيتُــهُ ، فرأيتُ أنه مستحيلٌ ضمن السقف الزمني المتــاح .
قلتُ لها : سأفكِّــرُ … ( أعني سأصرف النظر! ) .
*
في مساء اليوم نفســه ، ألَــحَّ عليّ الــمـقـترَحُ …
وفي مثل الفجاءةِ ، أو طائفِ الكرى ، تذكّرتُ أنني أعددتُ مختاراتٍ من شِــعري ، في مقامي التونسـيّ !
أتكون معي الآنَ ؟
في الليل ( وهو بهيمٌ في الريف الإنجليزي أيضاً ، شأنَ الأريافِ كلِّــها ) ، أمسيتُ أبحثُ عن تلك المختارات ودفاترها الثلاثــة …
ولقد وجدتُــها !
كانت مندسّـةً في ركنٍ لا يكادُ يَــبِــينُ من أحد الرفوف التي اكتظّتْ منذ أمَــدٍ .
*
لكنّ المـطمَــحَ اختلَفَ ، بعد الدفاتر .
هل بالإمكان أن تمتدّ " المختارات" إلى ســنة 2005 ؟
مع الدفاتر التونسية صار كل شــيء ممكناً !
*
لكنْ …
كيف يختار المرءُ نصوصاً ؟
إنْ لم يكنْ كاتبَــها ، تَـيَـسَّــرَ الأمرُ . أنت تختار نصوصاً عن أعماق البحار مثلاً ، أو آفاق الفضاء ؛
فتذهب إلى مظانِّكَ ، هنا وهناك ، وتلتقطُ بُـغْـيَتَكَ المحدودة المحددة ، وتؤوب بغنيمتك راضياً .
أمّـا إن كنتَ كاتبَ النصوص ( الشعرية بخاصّـة ) ، فالأمرُ سيكونُ جدَّ مختلف .
على أي أساسٍ سوف تُـقِــيمُ اختيارَكَ ؟
الزمن؟
الغرَض ؟
القيمة الجمالية ؟
*
حين تضع الزمن ، وحده ، أساساً للاختيار ، فأنت تؤدي مهمّـةً محددة ، قد تكون ذات نفعٍ كبيرٍ في مجال الدراسة والتوثيق .
وحين تضع الغرضَ أساساً للاختيار ، فأنت تؤدي مهمّــةً شبه اجتماعية ، قد تكون ذات نفعٍ كبيرٍ في تتبُّعِ الاتجاهات العامّــة لحِقبةٍ معيّـنةٍ وعلائقها بالنص الشعريّ .
وحين تضع القيمة الجمالية أساساً للاختيار ، فأنت تؤدي مهمّــةً غايةً في الدقّــة والمسؤولية ، عبرَ رصدِك
المنجَــزَ الفنــيّ وتجلِّــياتِـه الأدقَّ رهافةً ..
*
أمّــا سبيلي الشخصيّ ، في هذه " المختارات " فكان الجمع بين عنصرَي الزمن والقيمة الجمالية . أي أنني حاولتُ أن أضع المنجزَ الجمالـيّ في سياقه الزمني ، كي تسهُلَ متابعةُ قِـيَـمٍ فنيةٍ معيّـنةٍ عبر السنوات
( عبر العقود – في حالتي ) : الصورة – التكرار – الجناس – التضادّ اللغوي- الجملة الشعرية – اللحظة السايكولوجية - تعدُّد الأصوات – تداخل الأزمنة - اللون وتدرّجاته - استخدام الـموروث الشعبي – التنقيط - المفردة الأجنبية - اسم العَـلَــم – الاسم الجامد – إحالةُ المشتقّ إلى الجامد – الموقف من النعت – الموقف من الحال – الموقف من التشبيه - الموقف من التشبيه بالإضافة - معالجة الفَــضْـلة -
أطروحة الاستغناء عن المصدر بإطلاقٍ - الخ .
هذا إن أردنا التعبيرَ بدمٍ باردٍ .
*
غير أن المســعى مختلفٌ .
اختلافُ الـمسعى ، يَـتـأتّـى من كونكَ غيرَ ذي دمٍ باردٍ ، حتى لو ظننتَ غيرَ ذلك .
وهكذا ، ستكون في مَـهَبِّ الريحِ ، أُسُـسُــكَ الثلاثةُ التي اعتمدتَــها للاختيار …
لا زمن
لا غرض
لا قِـيَم .
*
الخيطُ الـخفِـيّ الذي ينتظمُ حياتكَ ونَـصَّـكَ ، وينتظمُ ما خفِـيَ منكَ وما بَطُــنَ ، هو :
الفوضى …
ولسوف تلْحَظُ أنّ كل العواملِ والأسئلةِ والأعاريضِ والعوارضِ …
كلَّ حِــرْفيّــةِ المهنة الشعرية …
كلَّ حياتكَ غيرِ الــمُـجْــديةِ …
كانت استجابةً للخيط المقدّس الخفيّ الذي تتمسّكُ به ( حتى لو لم تَعِ ذلك ) في الــمتاهة ، متاهةِ العيش العاديّ والقماءة ، هذا الخيط الذي يصلُك بالفوضى البعيدةِ والجميلةِ مثل ســرابٍ . ويصلُكَ بما يستحقُّ أن تعيشَ من أجله ، و تموت من أجله .
إذاً ، أنت تنتظمُ ، لتدخل في الفوضى مجهَّــزاً !
أعتقدُ أن " المختارات " تدور في الدوّامةِ هذه !
*
أمّــا بَـعْــدُ …
فهاهو ذا كتابي الشعري الثاني يصدرُ في مصر عن " آفاق " .
أمّـا الأول فكان " أربع حركاتٍ " أصدرتْها قصورُ الثقافة أيام محمد عيد ابراهيم .


لندن 7/12/2006


* المادة مقدمة لكتاب " سعدي يوسف – مختاراتي 1955/ 2005 " الذي يصدر أوائل شباط ( فبراير ) 2007 ، عن دار " آفاق " القاهرية ، لمناسبة مؤتمر الشعر العربي الأول المنعقد هناك .



#سعدي_يوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوزيف كونراد في البَرّ اللاتينيّ
- العالَمُ كما لا نعرفُهُ
- مرةً أخرى : لِنَتَفادَ الحربَ الأهليةَ
- في العراق : ولايةُ الذمّيّ ، لا ولايةُ الفقيه
- تفكيك العراق العربي
- قصيدةٌ أخرى عن - باب سُليمان
- جحيم عبد العزيز الحكيم
- المماليك وأيامُهم الزائلة ...
- الجانب الآخر من الحدود
- مرحباً !
- الحمارُ الحَرونُ الذي بُلِيْنا به
- شكراً للشعب الأميركيّ !
- صدام حسين عميل منذ نعومه مخالبه
- هديّةٌ صباحيّة
- الشيوعي الأخير يقرأ أشعاراً في كندا
- الشيوعيّ الأخيرُ يعدِّلُ في النشيدِ الأممي ّ
- في البحر الكاريبيّ ، في يوم ٍما ...
- الشيوعيّ الأخير يعود من الشاطيء
- تأطيرُ المثقفين العراقيين في الخارج استعماريّاً
- شهادةُ جنسيّةٍ


المزيد.....




- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته
- فرنسا: جدل حول متطلبات اختبار اللغة في قانون الهجرة الجديد
- جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلا ...
- المدينة العتيقة بتونس.. معلم تاريخي يتوهج في رمضان
- عام على رحيل صانع الحلم العربي محمد الشارخ
- للشعبة الأدبي والعلمي “جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 ال ...
- من هو ضحية رامز في 13 رمضان؟ .. لاعب كرة قدم أو فنان مشهور “ ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعدي يوسف - - المختارات- لها قصّتُها أيضاً …