حسن صالح مراد الشنكالي
الحوار المتمدن-العدد: 8304 - 2025 / 4 / 6 - 00:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من يطالع تجارب الشعوب التي خرجت من رحم الحروب والدمار، لا بد أن يقف بإعجاب أمام تجارب مثل ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، واليابان بعد القصف النووي، وكوريا الجنوبية التي تحولت من دولة فقيرة إلى قوة صناعية وتكنولوجية كبرى، ورواندا التي خرجت من حرب أهلية دموية لتصبح اليوم مثالًا في التنمية والمصالحة.
هذه الشعوب لم تبكِ على أطلالها طويلًا، بل قررت أن تصنع من جراحها جسورًا للعبور إلى المستقبل. أخذت من ماضيها العبرة، واستثمرت ثرواتها البشرية والمادية لبناء دولة حديثة، قوية، تسودها العدالة وتحكمها الكفاءة.
أما نحن في العراق، ورغم مرور اثنين وعشرين عامًا على سقوط النظام السابق، لم نرَ سوى مشاهد التناحر الطائفي، والاحتقان المذهبي، والتطهير العرقي، والحروب التي لم تهدأ. فبدل أن ننتقل إلى مرحلة الدولة، بقينا أسرى سؤال عقيم: من يحكم؟ الشيعي أم السني؟ وكأننا نعيش في أواخر العصور العباسية لا في القرن الحادي والعشرين.
العراق بلد غني بكل المقاييس. فيه النفط والفوسفات والكبريت، وأراضٍ زراعية وأنهار تمدّه بالحياة، وثروة بشرية شابة قادرة على النهوض بالوطن لو وُجدت الإرادة. ولكن كل هذه الخيرات تحوّلت إلى نقمة بسبب سوء الإدارة، والفساد، وتغليب الولاءات الضيقة على المصلحة الوطنية.
اثنان وعشرون عامًا مرت والسياسي لا يزال مشغولًا بالكسب غير المشروع، والمواطن غارق في هموم الكهرباء والماء والبطالة. اثنان وعشرون عامًا ولا زلنا نُعرّف أنفسنا طائفيًا، ونُقسّم مناصب الدولة وفق معادلة محاصصة بائسة: رئيس وزراء شيعي، ورئيس جمهورية كردي، ورئيس برلمان سني… ولا اتفاق بينهم إلا عند تقاسم الكعكة.
في دول العالم، تُوزّع المهام حسب الكفاءة، أما عندنا، فتُوزّع حسب الطائفة والانتماء. والنتيجة؟ بلد بلا رؤية، وشعب منهك، ومستقبل معلق على حبال الفوضى.
إن لم نُراجع أنفسنا بصدق، ونتحرر من عقدة الطائفة والمذهب، ونجعل من العراق هويةً جامعة لا ساحة صراع، فإن القادم قد لا يكون أفضل من الماضي… بل أسوأ
#حسن_صالح_مراد_الشنكالي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟