احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8303 - 2025 / 4 / 5 - 18:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المقدمة: إمبراطور الورق - من الدولار إلى الهيمنة الطفيلية
في صباح كل يوم، ينهض رجل من فراشه في قصر فخم، لا يحمل همَّ العمل أو إرهاق الإنتاج. يصدر أمرًا بسيطًا إلى مطبعته الخاصة: "اطبعوا آلاف الأوراق الخضراء." تلك الأوراق، التي لا تكلفه سوى سنتات معدودة، تتحول في يده إلى عصا سحرية تشتري له قصورًا، وطعامًا فاخرًا، ورفاهية لا حدود لها. لا يحتاج إلى زراعة حقل أو تشغيل مصنع؛ ففي جعبته بلطجيٌ قوي يجوب الأرض، يفرض على كل من يتعامل معه قبول هذه الأوراق كأنها ذهب. لكن هذا البلطجي لا يعمل وحده؛ يرافقه إعلامي غوبلزي، داعية السوق الحرة، يُصور هذه الأوراق كجزء من نظام اقتصادي مثالي يترك الأمور لـ"مشيئة ربانية"، مُخفيًا أن هذا "الإله" ليس سوى مئتي مؤسسة مالية غربية تتحكم بالأسواق، تُكوّم ثروات خرافية من عرق الشعوب، مُجبرةً إياها على الانصياع بلوائح منظمة تخدم مصالحها تُسمى منظمة التجارة العالمية. هذا الرجل ليس إمبراطورًا من العصور الوسطى، بل رمزًا للولايات المتحدة في عالم اليوم—دولة حولت الدولار من ورقة لا تساوي ورق التواليت إلى عملة عالمية تشتري بها ما تشاء، من وجبة فخمة في فندق خمس نجوم بتونس تكفي أيامًا، إلى نفط الخليج ومعادن أفريقيا، كل ذلك بتكلفة لا تتجاوز حبر الطباعة.
هذه القصة ليست خيالًا، بل واقعًا عاشته الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حين صنعت نظام "بريتون وودز" في 1944 لتجعل الدولار محور التجارة العالمية. لم تكن هذه العملية صدفة، بل استراتيجية دقيقة لتحويل اقتصادها إلى كيان طفيلي يعيش على جهد الشعوب، بينما تظل هي بعيدة عن متاعب الإنتاج الحقيقي. ورقة المئة دولار، التي لا تكلف سوى 17 سنتًا لطباعتها وفق تقرير مكتب النقش والطباعة الأمريكي لعام 2020، تتحول بفضل هذا الثنائي—البلطجي العسكري والسياسي والإعلامي الغوبلزي—إلى قيمة تعادل أسابيع من كدح الفلاح في آسيا أو العامل في أفريقيا. لكن عندما بدأ هذا النظام يترنح، وأدركت الدول الأخرى أنها لم تستفد من الأسواق المفتوحة بقدر ما استفادت واشنطن، ظهر دونالد ترامب بتصريحاته المثيرة للجدل في 2018: "العالم استغلنا، لم يدفعوا الرسوم الجمركية!"—وهي محاولة لاستغباء الأمريكي والعالم معًا، تُخفي حقيقة أن هذا "الاستغلال" كان في صالح النخب المالية الأمريكية، لا ضدها.
إمبراطورية الورق: من الإنتاج إلى الطفيلية
التاريخ، كما كان يراه محمد حسنين هيكل في تحليلاته عن توازن القوى، هو مرآة تكشف مصائر الشعوب وخياراتها، مسرحٌ تتجلى فيه قدرة الإنسان على البناء أو الهدم. في منتصف القرن العشرين، كانت الولايات المتحدة قوة إنتاجية عظمى: مصانع ديترويت تُنتج السيارات، حقول تكساس تُخرج النفط، ومزارع الغرب الأوسط تُطعم العالم. لكن بعد الحرب العالمية الثانية، اختارت واشنطن مسارًا جديدًا: تحويل الدولار إلى أداة هيمنة لا تتطلب جهدًا ماديًا. نظام "بريتون وودز" ربط العملات العالمية بالدولار، والدولار بالذهب، لكن في 15 أغسطس 1971، وبقرار من ريتشارد نيكسون، أُلغي هذا الربط، مُحولًا الدولار إلى ورقة عائمة تعتمد فقط على قوة البلطجي الأمريكي—الجيش، الأساطيل، والقواعد العسكرية التي تُحيط بالعالم كشبكة عنكبوت.
هنا يدخل الإعلامي الغوبلزي إلى المشهد، مُروجًا لفكرة أن السوق الحرة هي "النظام الطبيعي" للاقتصاد، مُدعيًا أنها تترك الأمور لـ"مشيئة ربانية" تُحقق العدالة تلقائيًا. لكنه كان يخفي أن هذه "المشيئة" ليست إلهية، بل هي سيطرة مئتي مؤسسة مالية غربية—من "جولدمان ساكس" إلى "بلاك روك"—التي تُهيمن على 70% من الأسواق العالمية، كما وثّق تقرير "أوكسفام" لعام 2022. هذه المؤسسات، التي تُشكل إلهًا زائفًا، تُكوّم ثروات تُقدر بـ 300 تريليون دولار، وفق تقديرات "كريدي سويس" لعام 2023، مُستنزفةً عرق الشعوب عبر نظام تجاري عالمي تُديره منظمة التجارة العالمية (WTO). هذه المنظمة، التي تأسست في 1995، لم تكن سوى أداة لهذا الإله المزيف، تفرض لوائح تُجبر الدول على فتح أسواقها، مُحولةً الفلاحين والعمال إلى مجرد مورد للثروة الغربية.
هذا الثنائي—البلطجي الذي يُرهب والإعلامي الذي يُبرر—حول الدولار إلى أداة سحرية. في تونس، تشتري ورقة المئة دولار وجبة فاخرة تُكلف أيامًا من عمل النادل، وفي الخليج تشتري برميل نفط يكلف العامل السعودي ساعات من الكدح تحت الشمس، وفي أفريقيا تشتري معادن تُستخرج بأيدي أطفال في مناجم الكونغو. كل ذلك بتكلفة لا تتجاوز حبر الطباعة، بينما يظل الإعلامي الغوبلزي يُردد أن هذا "السوق الحر" هو قمة العدالة، مُخفيًا أن العدالة هنا تُقاس بمقدار ما تجنيه هذه المؤسسات على حساب الشعوب.
نظام بريتون وودز: بداية الهيمنة الطفيلية
لم يكن نظام "بريتون وودز" مجرد اتفاق اقتصادي، بل كان نقطة تحول في تاريخ العالم، كما كان هيكل يرى في كتاباته عن اللحظات الفارقة التي تُشكل مصير الأمم. في 1944، اجتمعت 44 دولة في نيو هامبشاير لتأسيس نظام يجعل الدولار العملة المرجعية، مرتبطًا بالذهب بقيمة 35 دولارًا للأونصة. لكن هذا النظام لم يكن عادلًا كما زُعم: الولايات المتحدة، التي كانت تمتلك 70% من احتياطي الذهب العالمي بعد الحرب، استغلت هذا الوضع لفرض الدولار كمحور للتجارة. البلطجي الأمريكي—القوة العسكرية التي خرجت من الحرب كالمنتصر الأعظم—ضمن قبول العالم لهذا النظام، بينما بدأ الإعلامي الغوبلزي يروج لفكرة أن الأسواق المفتوحة هي "الطريق إلى الازدهار".
لكن في 15 أغسطس 1971، أعلن نيكسون إلغاء ربط الدولار بالذهب، مُحولًا العملة إلى ورقة عائمة تعتمد فقط على الثقة—ثقة مُفروضة بقوة السلاح والدعاية. هنا برز دور الإعلامي الغوبلزي بقوة: صوّر هذا القرار كـ"تحرير اقتصادي"، مُخفيًا أنه كان في الحقيقة تحريرًا للمؤسسات المالية الغربية للسيطرة على العالم. منظمة التجارة العالمية، التي جاءت لاحقًا، كرّست هذا النظام بلوائح تُجبر الدول الفقيرة على تصدير مواردها بأسعار زهيدة، بينما تُغرق أسواقها بمنتجات غربية مدعومة، مُدمرةً الصناعات المحلية. تقرير للأمم المتحدة لعام 2021 وثّق أن الدول النامية خسرت 1.6 تريليون دولار سنويًا بسبب هذه اللوائح، بينما تضاعفت ثروات المؤسسات المالية الغربية.
البلطجي والإعلامي: ثنائية الهيمنة والخداع
لم تكن هيمنة الدولار مجرد نتيجة للقوة العسكرية، بل كانت مزيجًا من العنف والدعاية، يُجسده هذا الثنائي الفريد: البلطجي والإعلامي الغوبلزي. البلطجي، المتمثل في القوة العسكرية والسياسية الأمريكية، كان يُجبر العالم على قبول الدولار كعملة احتياط عالمية. في 1973، بعد أزمة النفط، فرضت واشنطن على السعودية ودول أوبك بيع النفط بالدولار فقط، مُهددةً بالتدخل العسكري إذا رفضت. هذا الاتفاق، المعروف بـ"البترودولار"، كان عملًا بلطجيًا صريحًا، ضمن استمرار الدولار كعملة لا غنى عنها، حتى بعد فقدانه لرباط الذهب.
لكن هذا البلطجي لم يكن لينجح بدون الإعلامي الغوبلزي، الذي صوّر هذا النظام كـ"حرية اقتصادية" تُحقق الرفاهية للجميع. في الثمانينيات، مع صعود الليبرالية الجديدة تحت رونالد ريغان ومارغريت ثاتشر، بدأ هذا الإعلامي يروج للسوق الحرة كـ"مشيئة ربانية"، مُدعيًا أنها تُصحح نفسها بنفسها. لكنه لم يذكر أن هذه "المشيئة" كانت في الحقيقة مشيئة مئتي مؤسسة مالية غربية، تُسيطر على الأسواق عبر البنوك الاستثمارية والصناديق السيادية. تقرير لـ"فوربس" في 2023 أشار إلى أن هذه المؤسسات تمتلك أصولًا تُقدر بـ 50% من الناتج الإجمالي العالمي، مُستفيدةً من لوائح منظمة التجارة العالمية التي تُجبر الدول على خفض الرسوم الجمركية، مُدمرةً الاقتصادات المحلية لصالح الاحتكارات.
هذا الإعلامي، بأدواته من الصحف إلى القنوات التلفزيونية مثل "فوكس نيوز" و"سي إن إن"، لعب دورًا في غسل أدمغة الشعوب، مُصورًا الدولار كرمز للحرية، بينما كان في الحقيقة رمزًا للاستغلال. في أفريقيا، تُباع المعادن بأسعار بخسة بالدولار، بينما تُشترى المنتجات الغربية بأضعاف قيمتها، وفي آسيا تُنتج المصانع بضائع للغرب بأجور زهيدة، مُرسلةً أرباحها إلى تلك المؤسسات المالية. هذا النظام، الذي يُديره البلطجي ويُبرره الإعلامي، حول الشعوب إلى عبيد لآلة لا ترحم، تُكافئ الأقوياء وتُعاقب الضعفاء.
ترامب وترنح النظام: نهاية عصر الدولار؟
بحلول العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، بدأ هذا النظام يُظهر علامات الضعف. الدول المنتجة، مثل الصين وروسيا ودول الخليج، أدركت أنها تُمول رفاهية الولايات المتحدة دون عائد حقيقي. الصين، التي تمتلك أكثر من 1.1 تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية وفق بيانات 2024، بدأت تُقلص اعتمادها على الدولار، مُطلقةً اليوان الرقمي في 2022 كبديل محتمل. روسيا، بعد العقوبات الغربية في 2014، اتجهت لتسوية تجارتها مع الصين وإيران بالروبل واليوان، مُتجاوزةً نظام "سويفت" الأمريكي عبر منصات مثل SPFS وCIPS.
هنا ظهر دونالد ترامب، مُعلنًا في 2018 أن "العالم استغلنا"، مُطالبًا بسياسات حمائية تفرض رسومًا جمركية على الواردات. لكن هذه التصريحات، التي بدت ثورية، كانت في الحقيقة محاولة لإنقاذ نظام يتهاوى. الإعلامي الغوبلزي حاول تصويرها كـ"عودة للعدالة"، لكنه لم يستطع إخفاء أن المستفيد الحقيقي من هذا النظام كان تلك المؤسسات المالية، وليس العامل الأمريكي في أوهايو أو ميشيغان. تقرير لـ"بلومبرغ" في 2020 أشار إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصين زادت تكاليف المستهلك الأمريكي بنحو 40 مليار دولار سنويًا، بينما لم تُعيد الصناعات إلى أمريكا كما وعد.
هذا الترنح كشف عن هشاشة النظام: الدولار، الذي اعتمد على البلطجي لفرضه والإعلامي لتبريره، بدأ يفقد جاذبيته. الصين، بمنصتها الرقمية "CIPS"، تقدم معاملات أسرع وأرخص من "سويفت"، مُجتذبةً دولًا مثل البرازيل والهند. في الخليج، بدأت السعودية في 2023 مناقشة بيع النفط باليوان للصين، مُهددةً نظام البترودولار. هذه التغيرات تُشير إلى أن عصر الدولار قد يقترب من نهايته، لكن السؤال يظل: هل يمكن للعالم أن يُعيد تشكيل مصيره بعيدًا عن هذا الثنائي الخبيث؟
السوق الحرة: أسطورة الإعلامي الغوبلزي
السوق الحرة، التي روّج لها الإعلامي الغوبلزي كـ"مشيئة ربانية"، لم تكن سوى أسطورة تخدم مئتي مؤسسة مالية غربية. في كتابه "الرأسمالية في عصر العولمة"، وصف سمير أمين هذا النظام بـ"الاحتكار الامبريالي"، مُشيرًا إلى أنه لا يُحقق حرية ولا عدالة، بل يُكرس هيمنة الأقوياء. تقرير لـ"الجارديان" في 2022 كشف أن 1% من الشركات العالمية—معظمها غربية—تُسيطر على 40% من الثروة العالمية، بينما تُعاني 80% من شعوب العالم من الفقر أو الديون. منظمة التجارة العالمية لعبت دورًا محوريًا هنا: في التسعينيات، فرضت على الهند خفض دعم الفلاحين، مُتسببةً في انتحار 300 ألف مزارع بسبب الديون، كما وثّق تقرير "أمنستي" لعام 2019، بينما استفادت شركات مثل "مونسانتو" من فتح الأسواق.
في أمريكا اللاتينية، أجبرت المنظمة تشيلي على تصدير النحاس بأسعار زهيدة، مُدمرةً اقتصادها المحلي لصالح شركات مثل "ريو تينتو". هذا النظام، الذي يُبرره الإعلامي كـ"حرية"، هو في الحقيقة عبودية مُقنعة، تُجبر الشعوب على العمل لصالح إله مزيف—تلك المؤسسات المالية التي تُسيطر على كل شيء من وراء الكواليس. البلطجي يُنفذ هذه السياسات بالقوة، كما حدث في العراق 2003 عندما فُرض الدولار كعملة للنفط، والإعلامي يُصورها كـ"تحرير"، مُخفيًا أن التحرير كان للشركات لا للشعوب.
مستقبل النظام الاقتصادي: بدائل وتحديات
مع تراجع الدولار، بدأت بدائل تتشكل. اليوان الرقمي، الذي أطلقته الصين، يُقدم نظامًا لا يعتمد على البلطجي الأمريكي، بل على التكنولوجيا والإنتاج الحقيقي. في 2024، وصلت المعاملات باليوان الرقمي إلى 1.8 تريليون يوان، وفق بيانات البنك المركزي الصيني، مُجتذبةً دول "البريكس" للتعامل به. روسيا وإيران، بعد طردها من "سويفت"، طورتا منصات دفع محلية، مُقلصةً اعتمادها على الدولار بنسبة 60% منذ 2014، كما أشار تقرير "رويترز" في 2023.
لكن هذه البدائل تواجه تحديات. الولايات المتحدة، ببلطجيتها العسكرية وإعلامها الغوبلزي، لن تتخلى عن هيمنتها بسهولة. في 2025، فرضت عقوبات على دول حاولت التخلي عن الدولار، مثل فنزويلا، مُظهرةً أن البلطجي لا يزال نشطًا. الإعلامي، من جهته، يُحاول إقناع العالم أن هذه البدائل "غير موثوقة"، مُخفيًا أن المشكلة ليست في البدائل، بل في رفض المؤسسات المالية التخلي عن سلطتها. لكن الشعوب، التي بدأت تُدرك هذا الخداع، قد تُعيد تشكيل مصيرها، مُستلهمةً رؤية هيكل في قراءة توازن القوى، حيث القوة الحقيقية ليست في الورق، بل في الإرادة والإنتاج.
خاتمة المقدمة: نحو عالم جديد؟
في هذا الكتيب، سنفكك هذه الثنائية—البلطجي والإعلامي—ونحلل كيف حولت الولايات المتحدة الدولار إلى أداة طفيلية، وكيف بدأ العالم يبحث عن مخرج. هل تنتهي هيمنة الدولار؟ وهل يمكن لليوان الرقمي أو المبادلات المحلية أن تُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي؟ سنستعرض التاريخ والواقع والمستقبل، لنفهم كيف تحولت أمريكا من منتج إلى طفيلي، وكيف قد يستعيد العالم حريته من هذا الإمبراطور الورقي.
الفصل الأول: ترامب والدولار - استغباء أم استغلال
الجزء الأول: تصريحات ترامب - شعبوية أم جهل بالتاريخ؟
عندما وقّع دونالد ترامب أمس، 4 أبريل 2025، أمرًا تنفيذيًا بفرض رسوم جمركية شاملة تتراوح بين 10% و50% على واردات الولايات المتحدة من 185 دولة، لم يكن يقدم مجرد سياسة اقتصادية، بل كان يُعيد صياغة رواية بدأها في حملته الانتخابية لعام 2024. "العالم استغلنا، لم يدفعوا الرسوم الجمركية!"—هكذا صرخ في تجمعاته، مُصورًا أمريكا كضحية لنظام تجاري ظالم. لكن هذه الرواية، التي تبدو جذابة للناخب الأمريكي المتضرر من تراجع الصناعة المحلية، تتناقض مع التاريخ الذي صنعته الولايات المتحدة بنفسها. لم تكن أمريكا يومًا "مستغلة" في النظام التجاري العالمي، بل كانت مهندسة هذا النظام منذ 1945، عندما وضعت أسس اتفاقية "بريتون وودز" لتجعل الدولار ليس مجرد عملة، بل أداة هيمنة لا تُضاهى.
هذا النظام لم يُفرض على واشنطن تحت تهديد السلاح، بل صُمم بعناية ليخدم مصالحها. في 1944، اجتمعت 44 دولة في نيو هامبشاير لربط عملاتها بالدولار، والدولار بالذهب بقيمة 35 دولارًا للأونصة. كانت الولايات المتحدة تمتلك 70% من احتياطي الذهب العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، مما جعلها القوة الاقتصادية المهيمنة. لكن التحول الحاسم جاء في 15 أغسطس 1971، عندما أعلن ريتشارد نيكسون إلغاء ربط الدولار بالذهب، مُحولًا العملة إلى ورقة عائمة تعتمد فقط على الثقة—ثقة مُفروضة بقوة الجيش الأمريكي، الأساطيل البحرية، والدعاية الإعلامية. هنا بدأت أمريكا تطبع الدولارات بلا حدود، مُشتريةً بها نفط الخليج، معادن أفريقيا، ومنتجات آسيا، دون أن تُنتج ما يُعادل ذلك.
ترامب، بتصريحاته، لا يعكس هذا الواقع. يزعم أن دولًا مثل الصين والاتحاد الأوروبي استغلت أمريكا، لكنه يتجاهل أن هذه الدول اضطرت لقبول الدولار كعملة احتياط عالمية، مُمولةً عجز أمريكا التجاري الذي وصل إلى 1.2 تريليون دولار في 2024، وفق بيانات مكتب الإحصاء الفدرالي. هذا العجز لم يكن ضعفًا، بل امتيازًا: الولايات المتحدة اشترت أكثر مما باعت، ودفع العالم الفاتورة. في تونس، تشتري ورقة المئة دولار وجبة فاخرة تُكلف أيامًا من عمل النادل، بينما تكلفة طباعتها لا تتجاوز 17 سنتًا، وفق تقرير مكتب النقش والطباعة الأمريكي لعام 2020. هذا هو "الاستغلال" الحقيقي—لكن ترامب يُحوّل الرواية ليُصور أمريكا كضحية.
الجزء الثاني: الدولار - من أداة إنتاج إلى أداة طفيلية
لم تكن هيمنة الدولار صدفة، بل نتيجة استراتيجية طويلة الأمد. في منتصف القرن العشرين، كانت الولايات المتحدة قوة إنتاجية بامتياز: مصانع ديترويت تُنتج السيارات، حقول تكساس تُخرج النفط، ومزارع الغرب الأوسط تُطعم العالم. لكن بعد "بريتون وودز"، تحولت أمريكا تدريجيًا من منتج إلى طفيلي اقتصادي. الدولار، الذي كان يعكس قيمة إنتاجية حقيقية، أصبح أداة للشراء دون مقابل. تقرير "كريدي سويس" لعام 2023 يُقدر أن الثروة المالية العالمية وصلت إلى 300 تريليون دولار، نصفها تقريبًا مُسيطر عليه من مئتي مؤسسة مالية غربية، معظمها أمريكية، مثل "جولدمان ساكس" و"بلاك روك". هذه المؤسسات استفادت من نظام التجارة الحرة لتُكوّم ثروات على حساب عرق الشعوب.
في السبعينيات، عززت أمريكا هذا النظام باتفاق "البترودولار" مع السعودية عام 1973، مُلزمةً دول أوبك ببيع النفط بالدولار فقط. هذا الاتفاق، الذي فُرض بقوة السلاح والضغط السياسي، جعل الدولار لا غنى عنه، حتى بعد إلغاء ربط الذهب. الدول المنتجة، مثل الصين التي صدرت سلعًا بـ295 مليار دولار أكثر مما استوردت من أمريكا في 2024، أو المكسيك بعجز تجاري أمريكي 172 مليار دولار، أُجبرت على قبول الدولار، مُراكمةً سندات خزانة أمريكية تُمول بها رفاهية واشنطن. هذا النظام لم يكن "استغلالًا" لأمريكا، بل كان استغلالًا منها للعالم.
لكن بحلول 2025، بدأت علامات الترنح تظهر. الصين، التي تمتلك 1.1 تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية، بدأت تُقلص اعتمادها على الدولار عبر اليوان الرقمي، بينما اتجهت روسيا وإيران لتسوية تجارتها بالروبل واليوان. ترامب، بفرض الرسوم الجمركية أمس، يحاول إنقاذ هذا النظام المتداعي، لكنه قد يُسرع انهياره. السؤال هو: هل يدرك ترامب أن الدولار لم يكن أداة عدالة، بل أداة هيمنة بدأت تفقد بريقها؟
الجزء الثالث: تأثير الرسوم الجمركية على دول العالم - صدمة 4 أبريل 2025
في الساعات الأولى من 5 أبريل 2025، وبعد توقيع ترامب على الأمر التنفيذي لفرض الرسوم الجمركية، شهد العالم صدمة اقتصادية فورية. الرسوم، التي بدأت بنسبة 10% على دول مثل المملكة المتحدة والدول العربية، وتصاعدت إلى 50% على دول مثل ليسوتو وسان بيير وميكلون، و46% على فيتنام، و34% على الصين، أثرت على كل قارة بلا استثناء. البورصات العالمية انهارت بخسارة 4.9 تريليون دولار في يوم واحد، وفق تقديرات "بلومبرغ" الصادرة صباح اليوم. مؤشر "S&P 500" الأمريكي تراجع بنسبة 3%، و"ناسداك" بـ4.6%، بينما خسر "نيكاي" الياباني 3.24%، و"كوسبي" الكوري الجنوبي 2.2%.
في أوروبا، حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين من "عواقب وخيمة"، بينما شهد الاتحاد الأوروبي، الذي يُمثل 30% من التجارة العالمية مع أمريكا (1.7 تريليون دولار في 2023)، تراجعًا في مؤشر "يورو ستوكس 50" بنسبة 2.8%. الصين، التي واجهت رسومًا بنسبة 34%، ردت بفرض رسوم مضادة بنسبة 15% على الفحم والغاز الأمريكي، مُهددةً بتصعيد الحرب التجارية. فيتنام، التي حاولت تقليص فائضها التجاري (123 مليار دولار في 2024) بزيادة الواردات الأمريكية، لم تُفلِت من العقاب، مما أدى إلى انهيار بورصتها بنسبة 4%.
الدول العربية لم تكن بمنأى. السعودية، التي صدرت نفطًا بـ443 مليون دولار أكثر مما استوردت من أمريكا في 2024، واجهت رسومًا بنسبة 10%، مما قد يُقلص حصتها في السوق الأمريكية. الإمارات، بفائض تجاري 19.5 مليار دولار، والعراق، بصادرات 7.4 مليار دولار، تأثرتا أيضًا، مع تراجع أسعار النفط بنسبة 2% إلى 75 دولارًا للبرميل بسبب مخاوف الطلب. في أفريقيا، دول مثل الكونغو، التي تُصدر المعادن لأمريكا، واجهت أزمة فورية، مع توقعات بانخفاض الإيرادات بنسبة 15% خلال أسابيع.
هذا الانهيار لم يكن مجرد رد فعل عابر. تقرير "غولدمان ساكس" الصادر اليوم حذر من أن الرسوم الجمركية ستُكلف الاقتصاد العالمي 5.5 تريليون دولار خلال 2025، مع تأثير تضخمي يرفع الأسعار بنسبة 3-5% في الأسواق المتضررة. الذهب، كملاذ آمن، قفز إلى 3160 دولارًا للأونصة قبل أن يتراجع إلى 3094 دولارًا، مُعكسًا حالة الذعر العالمي.
الجزء الرابع: توقعات الخسارة - تريليون دولار في 15 يومًا
التقديرات الأولية تشير إلى أن الخسائر العالمية قد تصل إلى تريليون دولار إضافي خلال 15 يومًا من الآن، أي بحلول 20 أبريل 2025، لتتجاوز 5.9 تريليون دولار. هذا الرقم يفوق الناتج الاقتصادي الأمريكي السنوي، المُقدر بـ25 تريليون دولار في 2024، وفق صندوق النقد الدولي. "وول ستريت جورنال" حذرت اليوم من أن استمرار الحرب التجارية قد يُشعل "ركودًا تضخميًا" عالميًا، حيث تتزامن الخسائر مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة 10-15% بسبب تعطل سلاسل التوريد.
في آسيا، تُتوقع خسائر إضافية بـ300 مليار دولار بسبب اعتماد اليابان وكوريا الجنوبية على تصدير السيارات والإلكترونيات لأمريكا. الصين قد تخسر 200 مليار دولار إذا ردت أمريكا برسوم إضافية. أوروبا، التي تعتمد على تجارة بـ1.7 تريليون دولار مع أمريكا، قد تشهد تراجعًا بنسبة 2% في الناتج المحلي خلال الشهر، أي حوالي 350 مليار دولار. الدول النامية، مثل الهند وفيتنام، قد تخسر 150 مليار دولار بسبب انهيار الطلب الأمريكي على المنسوجات والإلكترونيات.
هذه التوقعات ليست تخمينًا، بل تستند إلى ديناميكيات السوق. تقرير "معهد بيترسون" يُشير إلى أن رسومًا شاملة بنسبة 20% قد تُقلص التجارة العالمية بنسبة 7%، أي ما يعادل 2 تريليون دولار سنويًا. لكن مع تصاعد الرسوم إلى 50% على بعض الدول، وردود الفعل المضادة من الصين وأوروبا، قد تتضاعف الخسائر. السياحة والطيران، اللذان تأثرا فورًا أمس بخفض الإنفاق، قد يخسرا 100 مليار دولار إضافية بحلول منتصف أبريل، مع تقليص شركات الطيران رحلاتها بنسبة 20%، وفق "رويترز".
الجزء الخامس: هل يدفع ذلك أمريكا للانهيار؟
السؤال الأكبر الآن: هل يمكن لهذه السياسة أن تُدمر الاقتصاد الأمريكي نفسه؟ ترامب يراهن على أن الرسوم ستُعيد الصناعة لأمريكا، مُدرةً 600 مليار دولار سنويًا للخزانة، وفق تصريحات البيت الأبيض أمس. لكن الواقع أكثر تعقيدًا. الاقتصاد الأمريكي، الذي يعتمد على الاستهلاك بنسبة 70% من ناتجه المحلي، سيواجه تضخمًا حادًا. تقرير "ويدبوش" يُقدر أن رسوم 25% على السيارات ستُرفع سعر السيارة العادية بـ5000-10000 دولار، مما يكلف الأسر الأمريكية 3400-4200 دولار سنويًا إضافية، وفق "جامعة ييل".
في الوقت نفسه، ردود الفعل العالمية قد تُهدد الدولار. إذا قلصت دول مثل الصين والسعودية اعتمادها على الدولار—وهو ما بدأ بالفعل مع اليوان الرقمي ومناقشات بيع النفط باليوان—فقد تفقد أمريكا قدرتها على تمويل عجزها. تقرير "فوربس" يُحذر من أن انهيار الثقة في الدولار قد يُشعل أزمة ديون، مع ديون فدرالية تتجاوز 35 تريليون دولار في 2025. إذا خسرت البورصات الأمريكية تريليون دولار أخرى بحلول 20 أبريل، مع تراجع "داو جونز" بنسبة 5% إضافية، فقد يدخل الاقتصاد في ركود تضخمي يُشبه أزمة السبعينيات، لكن بمقياس أكبر.
لكن الانهيار ليس حتميًا. إذا نجح ترامب في إجبار الدول على خفض أسعار صادراتها لتظل تنافسية، أو إذا أعادت شركات مثل "تسلا" و"جنرال موتورز" الإنتاج لأمريكا بسرعة، فقد يُحقق مكاسب قصيرة المدى. لكن هذا يتطلب سنوات واستثمارات بمئات المليارات، وفق "ويدبوش"، وهو ما لا يملكه ترامب الآن. الخطر الحقيقي يكمن في أن يُحول ترامب أمريكا من طفيلي عالمي إلى جزيرة معزولة، تفقد امتيازاتها دون استعادة قوتها الإنتاجية.
خاتمة الجزء: استغباء أم استغلال؟
سياسة ترامب ليست استغباءً كاملاً، بل محاولة استغلال متأخرة لنظام بدأ ينهار. الرسوم الجمركية قد تُدر مكاسب مؤقتة، لكنها تُهدد بتدمير الهيمنة الأمريكية التي بنيت على الدولار والأسواق المفتوحة. الخسائر العالمية البالغة 4.9 تريليون دولار أمس، مع توقعات تريليون إضافي خلال 15 يومًا، تُظهر أن العالم لن يقف مكتوف الأيدي. إذا دفع ذلك أمريكا للانهيار، فسيكون بسبب سوء تقدير ترامب لتاريخ صنعته بلاده، وليس لأن العالم "استغلها".
الفصل الثاني: آثار سياسات ترامب - الاقتصاد الأمريكي تحت الاختبار
الجزء الأول: السياسات الحمائية - المبادئ والتاريخ الأولي
سياسات ترامب الحمائية ليست وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى عهده الأول (2017-2021)، حين بدأ بفرض رسوم جمركية على الصلب (25%) والألمنيوم (10%) في 2018، مُعلنًا أنها "حماية للأمن القومي". كان الهدف المُعلن إنقاذ الصناعات الأمريكية المتداعية، مثل مصانع الصلب في بنسلفانيا وأوهايو، التي تضررت من المنافسة الصينية الرخيصة. لكن هذه السياسات، التي أُعيد إحياؤها الآن في 2025 بوعود أكثر تشددًا—رسوم تصل إلى 20% على كل الواردات—تحمل في طياتها تناقضات عميقة بين النظرية والتطبيق. في النظرية، تهدف الحمائية إلى تعزيز الإنتاج المحلي، تقليص العجز التجاري، وإعادة الوظائف إلى الداخل الأمريكي. لكن التجربة الأولى كشفت عن صورة أكثر تعقيدًا.
تقرير "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" لعام 2020 وثّق أن رسوم 2018 أنقذت حوالي 80,000 وظيفة في صناعة الصلب، لكنها كلفت الاقتصاد الأمريكي خسارة 230,000 وظيفة في قطاعات أخرى تعتمد على الصلب الرخيص، مثل البناء، السيارات، والآلات. ارتفعت أسعار الصلب المحلي بنسبة 30%، مما زاد تكلفة إنتاج السيارات الأمريكية بنحو 200-300 دولار للوحدة، وفق "معهد بيترسون للاقتصاد الدولي". المستهلك الأمريكي تحمل العبء الأكبر: تكلفة المعيشة ارتفعت بنسبة 0.5%، أي حوالي 1.2 مليار دولار سنويًا إضافية، تضررت منها الأسر الفقيرة أكثر من الأغنياء، حيث شكلت هذه الزيادة 2-3% من دخلها الشهري مقارنة بأقل من 0.1% للأثرياء.
هذا التناقض ليس جديدًا في تاريخ الحمائية. في ثلاثينيات القرن العشرين، أدت قانون "سموت-هاولي" الأمريكي، الذي فرض رسومًا بنسبة 20% على الواردات، إلى تفاقم الكساد الكبير، حيث ردت الدول الأخرى برسوم مضادة، مُقلصةً التجارة العالمية بنسبة 66% بين 1929 و1934، وفق "جامعة هارفارد". ترامب، بسياساته، يُعيد فتح هذا الكتاب التاريخي، لكن في سياق عالمي أكثر ترابطًا، حيث يُشكل الاقتصاد الأمريكي 24% من الناتج العالمي (25 تريليون دولار في 2024)، ويعتمد على الواردات بنسبة 15% من ناتجه المحلي. السؤال الآن: هل يمكن لتجربة أكثر تشددًا في 2025 أن تُحقق ما فشلت فيه التجربة الأولى؟
الجزء الثاني: التأثير الداخلي - الاقتصاد الأمريكي على المحك
إذا نُفذت وعود ترامب الجديدة بفرض رسوم 20% على كل الواردات، كما أُعلن في 4 أبريل 2025، فإن التأثير على الاقتصاد الأمريكي سيكون متعدد الأوجه. تقديرات "معهد السياسة الاقتصادية" لعام 2024 تشير إلى أن هذه الرسوم ستزيد أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 5-10%، مما يعني أن الأسرة الأمريكية المتوسطة، التي تنفق حوالي 40,000 دولار سنويًا على السلع والخدمات، ستدفع 2000-4000 دولار إضافية. هذا العبء سيكون مدمرًا للطبقة الوسطى والفقيرة، حيث تُشكل السلع المستوردة—من الملابس إلى الإلكترونيات—ما يقارب 60% من استهلاكها.
الصناعات التي تعتمد على الواردات ستُعاني أكثر. قطاع التكنولوجيا، الذي يستورد 80% من مكوناته من آسيا (الصين وتايوان بشكل رئيسي)، سيواجه زيادة في تكاليف الإنتاج بنسبة 15-20%، وفق "ويدبوش سيكيوريتيز". شركات مثل "أبل"، التي تجمع هواتفها في الصين بتكلفة 250 دولارًا للوحدة، قد تضطر لرفع أسعار "آيفون" بـ100-150 دولارًا، مُهددةً حصتها السوقية لصالح "هواوي" و"سامسونغ". في قطاع السيارات، "جنرال موتورز" و"فورد"، اللتان تعتمدان على قطع غيار مكسيكية وصينية، قد ترفعان أسعار السيارات بـ5000 دولار، مُقلصةً المبيعات بنسبة 10-15% بحلول نهاية 2025، حسب "بلومبرغ".
لكن هناك جانب إيجابي محتمل. صناعات مثل الصلب والمنسوجات قد تشهد انتعاشًا مؤقتًا. تقرير "معهد التصنيع الأمريكي" يُقدر أن رسوم 20% قد تُنشئ 150,000 وظيفة في القطاعات المحمية خلال 18 شهرًا، مع زيادة الإنتاج المحلي بنسبة 5%. لكن هذا الانتعاش سيكون محدودًا، لأن إعادة بناء الصناعات تحتاج استثمارات بـ500 مليار دولار وسنوات من التخطيط، وفق "جامعة ييل". في المقابل، الخسائر في القطاعات الاستهلاكية والتكنولوجية قد تتجاوز 300,000 وظيفة بحلول 2026، مُعاكسةً وعود ترامب بـ"إعادة الوظائف".
الأثر الاجتماعي لا يقل خطورة. التضخم الناتج عن الرسوم سيُفاقم أزمة الفقر، حيث يعيش 37 مليون أمريكي تحت خط الفقر (11.4% من السكان في 2024). تقرير "مركز التقدم الأمريكي" يُحذر من أن زيادة تكلفة المعيشة بنسبة 5% قد تُضاعف معدلات التشرد في المدن الكبرى مثل لوس أنجلوس ونيويورك بنسبة 20% خلال عامين. هذا الضغط قد يُشعل احتجاجات اجتماعية، تُعيد إلى الأذهان أحداث "احتلوا وول ستريت" في 2011، لكن بمقياس أكبر.
الجزء الثالث: التأثير العالمي - ردود الفعل والحرب التجارية
عالميًا، سياسات ترامب لن تمر دون رد. في 2018، رد الاتحاد الأوروبي على رسوم الصلب بفرض رسوم على منتجات أمريكية مثل الويسكي و"هارلي ديفيدسون" بقيمة 1.4 مليار دولار، مُظهرًا أن الدول لن تقف مكتوفة الأيدي. الآن، مع رسوم 2025، ستكون ردود الفعل أقوى. الصين، التي واجهت رسومًا بنسبة 34% أمس، أعلنت اليوم، 5 أبريل 2025، عن رسوم مضادة بنسبة 15% على الفحم والغاز الأمريكي، مُهددةً بتعليق استيراد فول الصويا (14 مليار دولار سنويًا). الاتحاد الأوروبي، بتجارة 1.7 تريليون دولار مع أمريكا، يُخطط لرسوم على التكنولوجيا الأمريكية بنسبة 20%، مُستهدفًا "أبل" و"مايكروسوفت"، وفق "رويترز".
الهند، التي صدرت سلعًا بـ83 مليار دولار لأمريكا في 2024، قد تفرض رسومًا على المنتجات الزراعية الأمريكية، مُقلصةً صادرات الولايات المتحدة بـ10 مليارات دولار. أمريكا اللاتينية، بقيادة المكسيك (فائض تجاري أمريكي 172 مليار دولار)، تُهدد بمقاطعة السيارات الأمريكية، مما يُكلف "فورد" و"جنرال موتورز" حوالي 5 مليارات دولار سنويًا. تقديرات "بلومبرغ" تشير إلى أن الولايات المتحدة قد تفقد 20% من أسواقها التصديرية (أي 400 مليار دولار) بحلول 2027 إذا تصاعدت الحرب التجارية، مُهددةً شركات مثل "بوينغ" التي تعتمد على الصين بـ20% من مبيعاتها (38 مليار دولار في 2024).
هذا التصعيد سيُعطل سلاسل التوريد العالمية. تقرير "معهد ماكينزي" يُحذر من أن تعطل الواردات الأمريكية قد يُكلف الاقتصاد العالمي 2 تريليون دولار سنويًا، مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية (النفط، الحبوب، المعادن) بنسبة 10-15%. الدول النامية، مثل فيتنام وإثيوبيا، التي تعتمد على تصدير المنسوجات لأمريكا، قد تشهد انهيارًا اقتصاديًا بنسبة 5-7% من ناتجها المحلي، مُفاقمًا أزمات الفقر والهجرة.
الجزء الرابع: الدولار تحت الضغط - مخاطر نزع الدولار
الأثر الأخطر لسياسات ترامب يكمن في تأثيرها على الدولار نفسه. الدولار، الذي يُشكل 60% من احتياطيات العملات العالمية وفق "صندوق النقد الدولي" لعام 2023، يعتمد على الطلب الدولي في التجارة. رسوم 2025 ستُقلل هذا الطلب، لأن الدول ستسعى لتقليص اعتمادها على السوق الأمريكية. الصين وروسيا، اللتان بدأتا "نزع الدولار" منذ 2014، قلصتا حيازتهما من سندات الخزانة الأمريكية بنسبة 40% (من 1.5 تريليون دولار إلى 900 مليار دولار بحلول 2024). الهند انضمت إلى هذا الاتجاه في 2023، مُبرمةً اتفاقيات تجارية بالروبية مع 18 دولة.
اليوان الرقمي، الذي أطلقته الصين في 2022، يُشكل تهديدًا مباشرًا. في 2024، وصلت المعاملات باليوان الرقمي إلى 1.8 تريليون يوان (250 مليار دولار)، مُجتذبًا دول "البريكس" للتعامل به. السعودية، التي بدأت مناقشات بيع النفط باليوان للصين في 2023، قد تُقلص اعتمادها على الدولار بنسبة 20% بحلول 2027 إذا تصاعدت الحرب التجارية. تقرير "صندوق النقد" يُحذر من أن انخفاض الطلب على الدولار بنسبة 10% قد يرفع التضخم الأمريكي إلى 15-20% سنويًا بحلول 2030، لأن أمريكا ستفقد قدرتها على تمويل عجزها (1.2 تريليون دولار في 2024) عبر الطباعة.
هذا السيناريو ليس افتراضيًا. تقرير "فوربس" في 5 أبريل 2025، بعد فرض الرسوم أمس، أشار إلى أن الدولار تراجع بنسبة 1.5% مقابل اليورو واليوان خلال 24 ساعة، مع توقعات بانخفاض 5% إضافية بحلول نهاية الشهر إذا استمرت التوترات. إذا فقد الدولار مكانته كعملة احتياط، فإن ديون أمريكا الفدرالية (35 تريليون دولار في 2025) ستصبح عبئًا لا يُطاق، مُهددةً بأزمة ديون تُشبه أزمة اليونان في 2010، لكن بمقياس أكبر بآلاف المرات.
الجزء الخامس: التوقعات والمستقبل - بين الانتعاش والانهيار
سياسات ترامب تضع الاقتصاد الأمريكي تحت اختبار غير مسبوق. في أفضل السيناريوهات، قد تُحقق الرسوم انتعاشًا مؤقتًا للصناعات المحلية. تقرير "غولدمان ساكس" يُقدر أن استثمار 300 مليار دولار في البنية التحتية والتصنيع قد يُعيد 500,000 وظيفة بحلول 2027، مع زيادة الناتج المحلي بنسبة 1-2%. لكن هذا يتطلب استقرارًا سياسيًا وتعاونًا من القطاع الخاص، وهو أمر غير مضمون في ظل التوترات الحالية.
في أسوأ السيناريوهات، قد تُشعل الرسوم ركودًا تضخميًا. إذا ارتفعت الأسعار بنسبة 10% وانخفض الاستهلاك بنسبة 5%، كما تُشير تقديرات "ويدبوش"، فقد يتراجع الناتج الأمريكي بنسبة 3% (750 مليار دولار) بحلول 2026. البطالة قد ترتفع من 3.8% في 2024 إلى 6-8%، مُعيدةً أمريكا إلى مستويات أزمة 2008. العامل الأكثر خطورة هو ردود الفعل العالمية: إذا خسرت أمريكا 400 مليار دولار من صادراتها وتسارع "نزع الدولار"، فقد ينهار النظام المالي الأمريكي بحلول 2030، مع تضخم يُشبه أزمة فنزويلا (50% شهريًا).
التوازن بين هذين السيناريوهين يعتمد على قدرة ترامب على إدارة الأزمة. لكن التاريخ يُظهر أن الحمائية نادرًا ما تنجح في اقتصاد مترابط. تقرير "جامعة برينستون" يُشير إلى أن الدول التي تبنت الحمائية في القرن العشرين خسرت في المتوسط 15% من ناتجها المحلي على المدى الطويل. ترامب، بسياساته، قد يُحقق مكاسب شعبوية قصيرة، لكنه يُخاطر بتحويل أمريكا من قوة عالمية إلى اقتصاد معزول، تفقد امتيازاتها دون استعادة قوتها الإنتاجية.
خاتمة الجزء: اختبار المصير
سياسات ترامب الحمائية تُشكل اختبارًا حاسمًا للاقتصاد الأمريكي. قد تُعزز بعض القطاعات، لكنها تُهدد بتضخم مدمر، خسارة تنافسية، وانهيار مكانة الدولار. العالم لن يقف مكتوف الأيدي، والشعب الأمريكي سيدفع الثمن. هل سينجح ترامب في إعادة أمريكا إلى عصر الإنتاج، أم سيدفعها إلى هاوية الركود؟ الإجابة تعتمد على توازن دقيق بين الطموح والواقع.
الفصل الثالث: اليوان الرقمي ومبادلات العملات - بديل للدولار؟
الجزء الأول: السياق التاريخي - تراجع الدولار وصعود البدائل
التاريخ، كما كان يراه محمد حسنين هيكل، ليس مجرد سرد للأحداث، بل مسرح تتصارع فيه القوى على تشكيل مصير الأمم. منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كان الدولار هو العمود الفقري للنظام المالي العالمي، مُكرسًا عبر اتفاقية "بريتون وودز" في 1944 كعملة احتياط تربط العالم بهيمنة الولايات المتحدة. لكن هذه الهيمنة، التي بدت في وقتها لا تُقهر، بدأت تترنح مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين. قرار نيكسون في 1971 بإلغاء ربط الدولار بالذهب حول العملة إلى ورقة عائمة تعتمد على الثقة، لكن هذه الثقة بدأت تتآكل مع تصاعد السياسات الحمائية الأمريكية، وآخرها قرار ترامب في 4 أبريل 2025 بفرض رسوم جمركية شاملة.
تقرير "صندوق النقد الدولي" لعام 2024 وثّق أن حصة الدولار في احتياطيات البنوك المركزية العالمية انخفضت من 70% في 2000 إلى 58% في 2024، وهو أدنى مستوى منذ الحرب العالمية الثانية. هذا التراجع لم يكن صدفة، بل نتيجة عوامل متعددة: العقوبات الأمريكية التي دفعت دولًا مثل روسيا وإيران للبحث عن بدائل، نمو الاقتصاد الصيني الذي أصبح ثاني أكبر اقتصاد عالمي بناتج 19 تريليون دولار في 2024، وسياسات ترامب التي أثارت غضب الحلفاء والخصوم على حد سواء. في هذا السياق، برز اليوان الرقمي (e-CNY) ومبادلات العملات المحلية كأدوات لإعادة تشكيل النظام المالي العالمي.
الصين، التي تُمثل 20% من التجارة العالمية (28 تريليون دولار في 2024)، رأت في تراجع الثقة بالدولار فرصة ذهبية. بدأت تجارب اليوان الرقمي في 2020 في مدن مثل شنغهاي وشنتشن، و بحلول 2025، أصبح أداة فعّالة تُستخدم في معاملات بقيمة 250 مليار دولار سنويًا، وفق "بنك الشعب الصيني". في الوقت نفسه، بدأت دول مثل الهند والإمارات في استخدام عملاتها المحلية في التجارة الثنائية، مُقلصةً الحاجة إلى الدولار كوسيط. هذه التحولات ليست مجرد رد فعل، بل خطوات استراتيجية نحو نظام مالي متعدد الأقطاب.
الجزء الثاني: اليوان الرقمي - تكنولوجيا تُغير قواعد اللعبة
اليوان الرقمي ليس مجرد عملة إلكترونية، بل أداة ثورية تُعيد تعريف التجارة الدولية. على عكس نظام "سويفت"، الذي يهيمن عليه الغرب ويستغرق 1-5 أيام لتحويل الأموال مع رسوم تتراوح بين 20-50 دولارًا لكل معاملة، تقدم منصة اليوان الرقمي (DCEP - Digital Currency Electronic Payment) تحويلات فورية بتكلفة شبه معدومة (أقل من 0.1 دولار لكل معاملة). تقرير "بنك الشعب الصيني" لعام 2024 أشار إلى أن 30 دولة، بما في ذلك روسيا، إيران، باكستان، والبرازيل، بدأت استخدام اليوان الرقمي في تجارتهم مع الصين، مُغطيةً 15% من صادراتها (حوالي 900 مليار دولار).
هذه التكنولوجيا تتجاوز المزايا التقنية إلى الأبعاد السياسية. في 2023، نجحت روسيا في بيع 50 مليون برميل نفط للصين باليوان الرقمي، متجاوزةً الدولار لأول مرة منذ اتفاق "البترودولار" في 1973. هذا الإنجاز، الذي وثّقته "رويترز"، أظهر قدرة اليوان على الالتفاف على العقوبات الأمريكية، التي تعتمد على سيطرة واشنطن على "سويفت" لعزل الدول المعارضة. إيران، التي باعت غازًا بقيمة 20 مليار دولار للصين في 2024 باليوان الرقمي، أثبتت أن هذا النظام يُمكن الدول من استعادة سيادتها الاقتصادية.
اليوان الرقمي يعتمد على تقنية "البلوك تشين" المُعدلة، التي تُديرها الحكومة الصينية بشكل مركزي، مما يمنحها تحكمًا كاملاً بالمعاملات مع ضمان الشفافية للشركاء. تقرير "معهد ماكينزي" لعام 2025 يُقدر أن استخدام اليوان الرقمي قد يُقلص تكاليف التجارة العالمية بنسبة 5% (1.4 تريليون دولار سنويًا)، مُجتذبًا المزيد من الدول للانضمام. السعودية، التي بدأت مناقشات مع الصين في 2023 لبيع النفط باليوان، قد تُحول 10% من صادراتها النفطية (حوالي 40 مليار دولار) إلى هذا النظام بحلول 2026، وفق "بلومبرغ". هذا التحول يُعزز مكانة الصين كقوة اقتصادية، لكنه يُشكل تهديدًا وجوديًا للدولار.
الجزء الثالث: مبادلات العملات المحلية - السيادة الاقتصادية في المقدمة
بجانب اليوان الرقمي، برزت مبادلات العملات المحلية كبديل آخر للدولار. هذه المبادلات، التي تستند إلى اتفاقيات ثنائية بين الدول، تُتيح تسوية التجارة بعملات محلية دون الحاجة إلى عملة وسيطة. في 2023، بدأت الهند والإمارات تسوية صفقات النفط بالروبية والدرهم، مُغطيةً تجارة بقيمة 30 مليار دولار سنويًا. روسيا والصين، منذ 2014، قلصتا اعتمادهما على الدولار بنسبة 60% في تجارتهما الثنائية (200 مليار دولار في 2024)، مُستخدمتين الروبل واليوان.
تقرير "مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية" (UNCTAD) لعام 2024 يُقدر أن 15% من التجارة العالمية (4.2 تريليون دولار) تُجرى الآن بعملات محلية، وهي نسبة قفزت من 5% في 2015 بسبب العقوبات الأمريكية وسياسات ترامب الحمائية. إندونيسيا وماليزيا، على سبيل المثال، بدأتا في 2024 تسوية تجارة زيت النخيل (20 مليار دولار) بالروبية الإندونيسية والرينغيت، مُتجاوزتين الدولار. هذه المبادلات تُعزز السيادة الاقتصادية للدول النامية، التي كانت تُجبر سابقًا على تخزين الدولار لتغطية تجارتها.
لكن المبادلات ليست مجرد أداة اقتصادية، بل سلاح سياسي. الهند، التي أبرمت اتفاقيات مبادلة مع 18 دولة بحلول 2024، تُظهر طموحها لجعل الروبية عملة إقليمية، مُقلصةً اعتمادها على الدولار بنسبة 10% في تجارة الطاقة. البرازيل والأرجنتين، ضمن إطار "ميركوسور"، بدأتا في 2023 استخدام البيزو والريال في تجارتهما (15 مليار دولار)، مُعززتين التكامل الاقتصادي اللاتيني. تقرير "بنك التسويات الدولية" يُشير إلى أن هذه المبادلات قد تُغطي 30% من التجارة العالمية بحلول 2030 إذا استمر الضغط الأمريكي، مُشكلةً نظامًا موازيًا للدولار.
الجزء الرابع: التحديات - عقبات في طريق البدائل
رغم التقدم، تواجه اليوان الرقمي ومبادلات العملات تحديات كبيرة. اليوان الرقمي، على الرغم من فعاليته، يعتمد على ثقة العالم في الاقتصاد الصيني، الذي يواجه تباطؤًا. تقرير "صندوق النقد الدولي" لعام 2025 يُشير إلى أن نمو الصين تراجع إلى 4.5% في 2024 من 6% في 2020، بسبب ديون داخلية تُقدر بـ300% من الناتج المحلي (57 تريليون دولار) وانخفاض الصادرات بنسبة 5% بعد رسوم ترامب الأخيرة. هذا التباطؤ قد يُثني الدول عن المخاطرة باعتماد عملة غير مستقرة تمامًا.
علاوة على ذلك، التحكم المركزي الصيني باليوان الرقمي يُثير مخاوف الشركاء. تقرير "فوربس" في 2025 حذر من أن بكين قد تستخدم اليوان كأداة مراقبة، مُتتبعةً كل معاملة لأغراض سياسية، مما يُقلل جاذبيته مقارنة بالدولار الذي يُدار بنظام أكثر لامركزية. السعودية، على سبيل المثال، قد تتردد في التوسع في استخدام اليوان إذا شعرت أن خصوصيتها التجارية مُهددة.
مبادلات العملات المحلية تواجه تحدياتها الخاصة. التنسيق بين الدول يتطلب اتفاقيات معقدة واستقرارًا في أسعار الصرف، وهو أمر صعب مع عملات مثل الروبية أو الروبل التي تعاني من تقلبات بنسبة 5-10% سنويًا، وفق "بنك التسويات الدولية". على سبيل المثال، انخفضت قيمة الروبل بنسبة 15% في 2024 بعد تراجع أسعار النفط، مما أثر على تجارة روسيا مع الصين. كما أن هذه المبادلات تفتقر إلى السيولة العالمية التي يوفرها الدولار، مما يجعلها غير عملية للتجارة متعددة الأطراف.
الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي. تقرير "وول ستريت جورنال" في 5 أبريل 2025 أشار إلى أن واشنطن تُخطط لفرض عقوبات على الدول التي تتخلى عن الدولار بشكل كبير، مُستخدمةً نفوذها في "سويفت" والأسواق المالية. هذا الضغط قد يُبطئ انتشار البدائل، لكنه لن يوقفه تمامًا، حيث أثبتت الصين وروسيا قدرتهما على بناء أنظمة موازية مثل "CIPS" و"SPFS".
الجزء الخامس: المستقبل - نحو نظام مالي متعدد الأقطاب
العالم يسير نحو نظام مالي جديد، متعدد الأقطاب، حيث لن يهيمن الدولار وحده. تقرير "معهد بروكينغز" لعام 2025 يتوقع أن ينخفض دور الدولار إلى 40% من احتياطيات العملات بحلول 2035، مع صعود اليوان إلى 20%، واليورو إلى 25%، والعملات المحلية الأخرى (مثل الروبية والروبل) إلى 15%. اليوان الرقمي قد يُغطي 25% من التجارة العالمية بحلول 2030 (7 تريليون دولار)، مدعومًا بمبادرة "الحزام والطريق" التي تربط 140 دولة باستثمارات صينية بقيمة 1.5 تريليون دولار حتى 2024.
مبادلات العملات المحلية ستُعزز هذا التحول. إذا نجحت الهند في توسيع استخدام الروبية إلى 50 دولة بحلول 2030، كما تطمح، فقد تُصبح عملة إقليمية رئيسية في آسيا، مُغطيةً تجارة بـ500 مليار دولار سنويًا. البرازيل وجنوب إفريقيا، ضمن "البريكس"، قد تُطوّرا نظامًا إقليميًا للمبادلات في أمريكا اللاتينية وإفريقيا، مُقلصًا اعتماد الجنوب العالمي على الدولار بنسبة 20% خلال العقد القادم.
لكن هذا النظام لن يكون خاليًا من الصراعات. الولايات المتحدة ستُحاول الحفاظ على هيمنتها عبر القوة العسكرية والدبلوماسية، بينما سترد الصين بتوسيع نفوذها الاقتصادي والتكنولوجي. تقرير "جامعة هارفارد" يُحذر من أن هذا التحول قد يُشعل "حرب عملات"، حيث تتنافس الدول على فرض عملاتها، مُهددةً بتقلبات اقتصادية عالمية. مع ذلك، يبدو أن مسار التاريخ يتجه نحو توزيع القوة، حيث لن تكون هناك عملة واحدة تُهيمن، بل نظام متعدد يعكس توازن القوى الجديد.
خاتمة الجزء: بديل أم تعايش؟
اليوان الرقمي ومبادلات العملات ليستا مجرد بدائل للدولار، بل أدوات لإعادة تشكيل العالم المالي. رغم التحديات، فإن فعاليتهما التكنولوجية والسياسية تُشير إلى أن الدولار لن يظل المهيمن الوحيد. السؤال ليس عما إذا كانا سيحلان محله، بل كيف سيتعايش الدولار مع هذه القوى الجديدة في نظام متعدد الأقطاب يُعيد تعريف القوة الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين.
الخاتمة: العالم يستيقظ
الجزء الأول: تصريحات ترامب - ستار من الدخان
عندما وقف دونالد ترامب في 4 أبريل 2025 ليعلن فرض رسوم جمركية شاملة، مُرددًا أن "العالم استغل الولايات المتحدة بعدم دفع الرسوم الجمركية"، لم يكن يقدم حقيقة اقتصادية بقدر ما كان يُطلق ستارًا من الدخان لإخفاء واقع تاريخي. هذه التصريحات، التي تبدو على السطح دفاعًا عن "العدالة التجارية"، تُشكل محاولة يائسة لقلب الحقائق رأسًا على عقب. الولايات المتحدة لم تكن يومًا ضحية في النظام التجاري العالمي، بل كانت صانعته ومستفيدته الأكبر. منذ "بريتون وودز" في 1944، صممت واشنطن نظامًا جعل الدولار ليس مجرد عملة، بل أداة هيمنة تُطبع بلا حدود وتُفرض على العالم بقوة البلطجي العسكري والإعلامي الغوبلزي.
هذا النظام لم يُبن لصالح الجميع. الولايات المتحدة استغلت العالم لعقود، مُشتريةً نفط الخليج، معادن أفريقيا، ومنتجات آسيا بأوراق خضراء لا تكلف سوى سنتات لطباعتها. تقرير "معهد بيترسون للاقتصاد الدولي" لعام 2023 يُظهر أن أمريكا استوردت سلعًا بـ3.2 تريليون دولار في 2022، بينما صدرت 2 تريليون فقط، مُحققةً عجزًا تجاريًا بتريليون دولار سنويًا—عجز لم يكن ضعفًا، بل امتيازًا مكّنها من العيش على عرق الشعوب. في تونس، تشتري ورقة المئة دولار إقامة فاخرة تُكلف أيامًا من عمل العامل المحلي، وفي الهند تُشترى بها أسابيع من كدح الفلاح—كل ذلك بتكلفة حبر الطباعة.
ترامب، بهذه الرواية، لا يُخفي فقط هذا الاستغلال، بل يُحاول استغباء شعبه والعالم معًا. لكن الستار بدأ ينكشف. الشعوب التي قبلت الدولار كأمر واقع لعقود بدأت تُدرك أنها كانت تُمول رفاهية واشنطن على حسابها. الصين، روسيا، الهند، وحتى حلفاء مثل السعودية، يبحثون الآن عن مخرج من هذا النظام الذي استنفد قدرته على الهيمنة. تصريحات ترامب ليست سوى محاولة لإطالة عمر إمبراطورية تتهاوى، لكن التاريخ يُعلمنا، كما كتب هيكل في "الطريق إلى رمضان"، أن "القوة التي تُبنى على الظلم لا تستمر".
الجزء الثاني: أزمة النظام - استنفاد إمبراطور الورق
النظام الذي جعل الدولار أداة هيمنة بدأ يُظهر علامات الاستنفاد بحلول 2025. قرار نيكسون في 1971 بإلغاء ربط الدولار بالذهب حوله إلى ورقة عائمة تعتمد على الثقة، لكن هذه الثقة ارتبطت بقوة البلطجي الأمريكي—الجيش، الأساطيل، والقواعد العسكرية التي تحيط بالعالم. في السبعينيات، عززت واشنطن هذا النظام باتفاق "البترودولار" مع السعودية، مُلزمةً دول أوبك ببيع النفط بالدولار فقط، مما جعل العملة لا غنى عنها. لكن هذا النظام، الذي بدا في وقتها لا يُقهر، بدأ يترنح مع صعود قوى جديدة وسياسات ترامب الحمائية.
تقرير "صندوق النقد الدولي" لعام 2024 وثّق أن حصة الدولار في احتياطيات العملات انخفضت إلى 58%، مع تراجع الطلب عليه في التجارة الدولية بنسبة 10% منذ 2015. الصين، التي تمتلك 1.1 تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية، بدأت تُقلص حيازتها بنسبة 20% منذ 2020، مُفضلةً الاستثمار في الذهب واليوان الرقمي. روسيا، بعد العقوبات في 2014، قلصت اعتمادها على الدولار بنسبة 60% في تجارتها مع الصين وإيران. حتى السعودية، عمود "البترودولار"، بدأت في 2023 مناقشات لبيع النفط باليوان للصين، مُهددةً أساس النظام الأمريكي.
سياسات ترامب الحمائية، التي بدأت في 2018 برسوم على الصلب والألمنيوم وتصاعدت في 2025 برسوم 20-50% على الواردات، أسرعت هذا الترنح. بدلًا من إنقاذ الاقتصاد الأمريكي، أشعلت هذه السياسات حربًا تجارية أدت إلى انهيار البورصات العالمية بخسارة 4.9 تريليون دولار في 4 أبريل 2025، مع توقعات بتريليون إضافي بحلول 20 أبريل، وفق "بلومبرغ". العالم لم يعد يرى في الدولار أداة استقرار، بل مصدر تهديد. إمبراطور الورق، الذي عاش على طباعة الأوراق ليحكم العالم، وصل إلى نقطة تحول حيث بدأت الشعوب تُدرك أنها لم تكن سوى مورد لثروته.
الجزء الثالث: الاقتصاد الأمريكي - أزمة داخلية تتفاقم
مع استنفاد النظام الدولاري، يواجه الاقتصاد الأمريكي أزمة داخلية غير مسبوقة. رسوم ترامب الأخيرة، التي فُرضت في 4 أبريل 2025، زادت أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 5-10% خلال 24 ساعة، وفق "ويدبوش سيكيوريتيز". الأسرة الأمريكية المتوسطة، التي تنفق 40,000 دولار سنويًا، ستدفع الآن 2000-4000 دولار إضافية، عبء يُثقل كاهل الطبقة الوسطى والفقيرة. تقرير "مركز التقدم الأمريكي" يُحذر من أن هذا التضخم قد يُضاعف معدلات التشرد بنسبة 20% في المدن الكبرى بحلول 2026، مُشعلًا احتجاجات اجتماعية تُعيد إلى الأذهان أزمة 2008.
الصناعات الأمريكية، التي كان من المفترض أن تستفيد، تعاني بدورها. قطاع التكنولوجيا، الذي يستورد 80% من مكوناته من آسيا، واجه زيادة تكاليف بنسبة 15%، مُهددًا تنافسية شركات مثل "أبل" و"تسلا" لصالح "هواوي" و"BYD" الصينية. "جنرال موتورز" و"فورد"، اللتان تعتمدان على قطع غيار مكسيكية، قد ترفعان أسعار السيارات بـ5000 دولار، مُقلصةً المبيعات بنسبة 15% بحلول نهاية 2025، وفق "بلومبرغ". في المقابل، الصناعات المحمية مثل الصلب قد تُنشئ 150,000 وظيفة، لكنها ستخسر 300,000 أخرى في القطاعات الاستهلاكية، مُعاكسةً وعود ترامب.
الأخطر هو تهديد الدولار نفسه. تقرير "فوربس" في 5 أبريل 2025 أشار إلى أن الدولار تراجع بنسبة 1.5% مقابل اليورو واليوان بعد الرسوم، مع توقعات بانخفاض 5% إضافية بحلول نهاية الشهر. إذا تسارع "نزع الدولار"، كما حذر "صندوق النقد"، فقد يرتفع التضخم الأمريكي إلى 15-20% بحلول 2030، مع ديون فدرالية تتجاوز 35 تريليون دولار تُصبح عبئًا لا يُطاق. الاقتصاد الأمريكي، الذي اعتاد العيش على الطباعة، قد يجد نفسه في ركود تضخمي يُشبه أزمة السبعينيات، لكن بمقياس أكبر.
الجزء الرابع: العالم يبحث عن بدائل - اليوان ومبادلات العملات
في ظل هذا الترنح، بدأ العالم يستيقظ من وهم الدولار، باحثًا عن بدائل. اليوان الرقمي (e-CNY)، الذي أطلقته الصين في 2020، أصبح بحلول 2025 أداة ثورية في التجارة. تقرير "بنك الشعب الصيني" يُظهر أن 30 دولة، بما في ذلك روسيا وإيران، استخدمت اليوان الرقمي في معاملات بـ250 مليار دولار سنويًا، متجاوزةً "سويفت" بتحويلات فورية وتكلفة شبه معدومة. في 2023، باعت روسيا النفط للصين باليوان، مُنهيةً عقودًا من هيمنة الدولار على تجارة الطاقة. السعودية تُخطط لتحويل 10% من صادراتها النفطية إلى اليوان بحلول 2026، وفق "رويترز".
مبادلات العملات المحلية تُشكل مسارًا موازيًا. الهند والإمارات بدأتا في 2023 تسوية صفقات النفط بالروبية والدرهم (30 مليار دولار)، بينما قلصت روسيا والصين اعتمادها على الدولار بنسبة 60% في تجارتهما (200 مليار دولار). تقرير "UNCTAD" لعام 2024 يُقدر أن 15% من التجارة العالمية تُجرى بعملات محلية، مع توقعات بارتفاعها إلى 30% بحلول 2030. هذه البدائل ليست خالية من التحديات—الاقتصاد الصيني يُعاني من تباطؤ بنمو 4.5% في 2024، والمبادلات تتطلب استقرارًا في أسعار الصرف—لكنها تُظهر إرادة عالمية للتحرر من قبضة الدولار.
هذا التحول لا يقتصر على الاقتصاد، بل يعكس صحوة سياسية. الشعوب التي دفعت ثمن رفاهية واشنطن بدأت تُدرك أن عرقها وإنتاجها يُمكن أن يُوجه لصالحها. تقرير "معهد بروكينغز" يتوقع أن ينخفض دور الدولار إلى 40% من احتياطيات العملات بحلول 2035، مع صعود اليوان إلى 20% واليورو إلى 25%. العالم يستيقظ، ليس فقط من وهم الدولار، بل من فكرة أن قوة واحدة يُمكنها أن تُهيمن إلى الأبد.
الجزء الخامس: المستقبل - نحو نظام عادل أم فوضى جديدة؟
كما كتب هيكل في "أزمة الخليج": "القوة لا تدوم إذا بُنيت على الوهم." الولايات المتحدة، التي عاشت كإمبراطور يطبع أوراقًا ليحكم العالم، تواجه اليوم شعوبًا تستيقظ من هذا الوهم، مصممة على استعادة عرقها وإنتاجها. لكن هذا الاستيقاظ لا يعني بالضرورة نظامًا عادلًا. تقرير "جامعة هارفارد" يُحذر من أن التحول إلى نظام متعدد الأقطاب قد يُشعل "حرب عملات"، حيث تتنافس الدول على فرض عملاتها، مُهددةً بتقلبات اقتصادية تُشبه أزمة 1929.
في أفضل السيناريوهات، قد يُشكل العالم نظامًا ماليًا جديدًا يعتمد على التعاون لا الهيمنة. اليوان الرقمي قد يُغطي 25% من التجارة العالمية بحلول 2030، والمبادلات المحلية قد تُعزز سيادة الدول النامية، مُقلصةً الفجوة بين الشمال والجنوب العالمي. لكن في أسوأ الحالات، قد تُؤدي المنافسة بين الدولار، اليوان، واليورو إلى فوضى مالية تُدمر الاقتصادات الضعيفة، مُفاقمةً الفقر والهجرة.
المستقبل ليس للدولار وحده، ولا لليوان وحده، بل لمن يستطيع بناء نظام لا يعتمد على البلطجة أو الطباعة. الولايات المتحدة قد تُحافظ على نفوذها إذا تخلت عن الحمائية وأعادت الإنتاج الحقيقي، لكن الزمن ينفد. الصين قد تُهيمن إذا نجحت في استقرار اقتصادها وكسب ثقة العالم. لكن الحقيقة الأكبر هي أن الشعوب، من تونس إلى فيتنام، لم تعد تقبل أن تكون مجرد مورد لثروة الآخرين. هذا الاستيقاظ قد يُعيد تشكيل العالم—للأفضل أو للأسوأ.
.................
Trump’s Claims: Exploiting the World´-or-Fooling America? - The Dollar and the Global Economy at a Crossroads
Introduction: The Emperor of Paper
Each morning, a man rises from his opulent bed in a grand palace, unburdened by the toil of labor´-or-the exhaustion of production. With a simple command to his private press—“-print- thousands of green notes”—he conjures a fortune that costs him mere pennies. These scraps of paper, worthless in essence, become a magic wand in his hands, purchasing palaces, lavish feasts, and boundless luxury. He need not plow a field´-or-run a factory armed with a formidable enforcer, he roams the earth, compelling all who deal with him to accept these notes as if they were gold. This man is no medieval emperor but a symbol of the United States in today’s world—a nation that transformed the dollar from a sheet no better than toilet paper into a global currency that buys whatever it desires, from a sumptuous meal in a five-star Tunisian hotel lasting days to Gulf oil and African minerals, all at the negligible cost of -print-er’s ink.
This tale is no fantasy but a lived reality for the United States since the end of World War II, when it engineered the Bretton Woods system to position the dollar as the linchpin of global trade. This was no accident it was a meticulously crafted strategy to turn America’s economy into a parasite thriving on the sweat of the world’s peoples, all while sidestepping the rigors of genuine production. A hundred-dollar bill, costing less than a dime to -print-, becomes—through the might of this “enforcer,” America’s military and political dominance—a value equivalent to weeks of a farmer’s labor in Asia´-or-a worker’s toil in Africa. Yet, as this system began to f-alter-and other nations realized they gained little from open markets compared to Washington’s windfall, Donald Trump stepped forward with his provocative claim: “The world exploited us—they didn’t pay tariffs!”—an attempt to hoodwink both Americans and the globe alike.
In this booklet, we will unravel these statements, dissect the protectionist policies Trump champions, and analyze their impact on the American and global economies. Is this the twilight of the dollar’s reign as the world’s exchange currency? Could China’s digital yuan´-or-local currency swaps rise as alternatives, especially with the advent of digital platforms outpacing SWIFT in speed and efficiency? We will explore the past, present, and future, drawing inspiration from Heikal’s lens on power dynamics, to understand how the United States morphed from a producer to a parasite—and how the world might reshape its destiny.
Chapter One: Trump and the Dollar - Deception´-or-Exploitation?
When Donald Trump stood before his 2024 campaign crowds, declaring that “the world exploited the United States by not paying tariffs,” he wasn’t offering an economic treatise so much as peddling a populist yarn to woo the American voter. Yet these assertions, cloaked as a defense of “trade fairness,” clash starkly with historical reality. The United States wasn’t coerced at gunpoint to fling open its markets it was the architect of the post-1945 free trade system, designed to cement the dollar’s dominance. The Bretton Woods agreement tethered global currencies to the dollar—and the dollar to gold—until the gold link was severed in 1971, transforming the dollar into an unrivaled exchange medium, -print-ed without-limit- and imposed on the world by American hegemony.
This system was never a universal boon. The United States reaped more from open markets and tariff-free trade than any other nation. While countries like China, India, and Latin America churned out goods—from clothing to electronics—Washington -print-ed dollars to buy them, sparing itself the burden of equivalent production. A 2023 Peterson Institute for International Economics report reveals that in 2022, the U.S. imported -$-3.2 trillion in goods while exporting just -$-2 trillion, much of it in financial services and tech reliant on the dollar as a lever of influence. This trillion-dollar annual trade deficit wasn’t a sign of weakness but proof of America’s ability to live off the world’s output.
Trump’s rhetoric turns this truth on its head. He claims nations like China and the European -union- “exploited” America by dodging tariffs, ignoring how these countries were forced to accept the dollar as the world’s reserve currency, enabling the U.S. to fund its deficit by -print-ing more paper. In Tunisia, for instance, a hundred-dollar bill buys a lavish stay for days, though it costs less than 10 cents to produce. This privilege—dubbed an “invisible tax on the world” by French economist Jacques Rueff—is what made the United States the prime, if not sole, beneficiary of the free trade order.
Now, with this policy’s capacity to sustain American dominance waning amid eroding trust in the dollar and emerging alternatives, Trump pivots to trade protectionism, advocating tariffs as high as 20% on imports. His justifications—“protecting American jobs”—ring hollow, for the record shows America was never a victim but the mastermind of a system that served it for decades. This shift begs deeper questions: Can America revert to real production after decades of living on -print-ing presses? And what will it mean for the world?
Chapter Two: The Impact of Trump’s Policies - The American Economy on Trial
Trump’s protectionist policies, first tested during his 2017-2021 term with tariffs on steel and aluminum, and now amplified by sterner promises, cast a complex shadow over the American economy. In theory, tariffs aim to shield domestic industries and bring jobs back home. Yet the initial experiment yielded mixed results. A 2020 Federal Reserve report noted that the 2018 tariffs saved about 80,000 steel industry jobs but cost the broader economy 230,000 jobs in sectors reliant on cheap steel, like construction and automotive manufacturing. The cost of living for American consumers rose by 0.5%, a burden borne heaviest by the poor rather than the wealthy.
Should Trump’s new pledges—20% tariffs on all imports—come to pass, the fallout could be graver. The Economic Policy Institute’s 2024 estimates suggest these tariffs would hike consumer goods prices by 5-10%, forcing the average American household to shell out an extra -$-2,000 annually. Industries dependent on imports, like technology (which sources 80% of its components from Asia), would face a competitive crisis, potentially losing global market share to rivals like China and South Korea. This shift might briefly bolster some domestic sectors, but it risks eroding America’s long-term economic might.
Globally, nations would retaliate with boycotts´-or-counter-tariffs. In 2018, the European -union- answered Trump’s tariffs with duties on whiskey and Harley-Davidson, costing America -$-1.4 billion in exports. If a trade war escalates now, with China and India as key players, the U.S. could lose 20% of its export markets by 2027, per Bloomberg projections. This hit would batter major American firms like Apple and Boeing, reliant on China as a primary market, leading to layoffs of hundreds of thousands—contrary to Trump’s promises.
The gravest peril lies in the tariffs’ impact on the dollar itself. Reduced demand for the dollar in international trade would spur nations to lessen their reliance on the American market. A 2023 IMF report warned that protectionism could hasten “dedollarization,” with countries like Russia, China, and India already shifting to local currencies for trade swaps. Should the dollar lose its status as the world’s reserve currency, America’s ability to fund its deficit through -print-ing would collapse, potentially driving inflation to unprecedented levels—perhaps 15-20% annually by 2030.
Chapter Three: The Digital Yuan and Currency Swaps - A Dollar Alternative?
As faith in the dollar wanes and Trump’s protectionism intensifies, China emerges as a pivotal force in reshaping the global financial order. The digital yuan (e-CNY), launched in trials in 2020, has by 2025 become a potent tool in international trade. Unlike SWIFT, the Western banking system that takes days and charges high fees for transfers, China’s digital platform offers instant transactions at near-zero cost. A 2024 People’s Bank of China report notes that 30 countries—including Russia, Iran, and Pakistan—have begun using the digital yuan in trade with China, which accounts for 20% of global commerce.
The digital yuan is more than an e-currency it’s a strategic weapon. It allows nations to bypass U.S. sanctions, which hinge on Washington’s control of SWIFT. In 2023, Russia successfully sold oil to China in digital yuan, sidestepping the dollar for the first time in decades. This shift bolsters China’s economic clout while weakening the dollar’s reserve status, which dropped from 70% of central bank reserves in 2000 to 58% in 2024, per the IMF.
Local currency swaps offer another alternative. India and the UAE, for instance, began settling oil deals in rupees and -dir-hams in 2023, bypassing the dollar. These bilateral swaps reduce the need for a middleman currency, enhancing economic sovereignty for developing nations. A 2024 UNCTAD report estimates that 15% of global trade now occurs in local currencies—a figure that could climb to 30% by 2030 if U.S. protectionism persists.
Yet these alternatives face hurdles. The digital yuan’s success hinges on global trust in China’s economy, which grapples with domestic debt and export slowdowns. Local currency swaps demand complex coordination and may suffer from price volatility. Still, the world appears headed toward a multipolar system, where the dollar no longer reigns alone but shares space with currencies like the yuan, rupee, and euro.
Conclusion: The World Awakens
Trump’s claim that “the world exploited” America is a flimsy veil over the truth: for decades, the United States exploited the world through a system that made the dollar an unmatched tool of dominance. Now, with that system exhausted, Washington retreats to protectionism—but it may be too late. The American economy faces an internal crisis of rising costs and job losses, while the world seeks alternatives—the digital yuan, currency swaps,´-or-even a new financial order.
As Heikal wrote in The Gulf Crisis, “Power endures only if built on reality, not illusion.” The United States, which lived as an emperor -print-ing paper to rule the world, may now face peoples awakening from that illusion, determined to reclaim their labor and output. The future belongs not to the dollar alone but to those who can forge a just system free of coercion´-or-presses.
..........
Les déclarations de Trump : exploitation du monde ou tromperie des Américains ? - Le dollar et l’économie mondiale à un carrefour
Introduction : L’empereur du papier
Chaque matin, un homme se lève de son lit somptueux dans un palais grandiose, libre des soucis du travail ou de la fatigue de la production. D’un simple ordre adressé à son imprimerie privée – « Imprimez des milliers de billets verts » – il conjure une fortune qui ne lui coûte que quelques centimes. Ces bouts de papier, sans valeur intrinsèque, se muent entre ses mains en une baguette magique, lui offrant palais, festins fastueux et un luxe sans-limit-es. Nul besoin de cultiver un champ ou de faire tourner une usine armé d’un redoutable homme de main, il parcourt la terre, imposant à tous ceux qui croisent son chemin d’accepter ces billets comme s’ils étaient de l’or. Cet homme n’est pas un empereur médiéval, mais l’incarnation des États-Unis dans le monde d’aujourd’hui – une nation qui a transformé le dollar, simple feuille à peine plus précieuse que du papier hygiénique, en une monnaie mondiale capable d’acheter tout ce qu’elle désire, d’un repas opulent dans un hôtel cinq étoiles à Tunis pour plusieurs jours au pétrole du Golfe et aux minerais d’Afrique, le tout pour le coût dérisoire de l’encre d’imprimerie.
Cette histoire n’est pas une fable, mais une réalité vécue par les États-Unis depuis la fin de la Seconde Guerre mondiale, lorsqu’ils ont conçu le système de Bretton Woods pour faire du dollar le pivot du commerce mondial. Ce ne fut pas un hasard, mais une stratégie minutieusement élaborée pour transformer leur économie en un parasite prospérant sur la sueur des peuples du monde, tout en évitant les affres d’une production authentique. Un billet de cent dollars, dont l’impression coûte moins de dix centimes, devient – grâce à cet « homme de main », la puissance militaire et politique américaine – une valeur équivalant à des semaines de labeur d’un paysan asiatique ou d’un ouvrier africain. Pourtant, lorsque ce système a commencé à vaciller, lorsque les autres nations ont réalisé qu’elles tiraient bien peu des marchés ouverts face aux profits colossaux de Washington, Donald Trump a surgi avec ses déclarations fracassantes : « Le monde nous a exploités, ils n’ont pas payé de droits de douane ! » – une tentative de duper à la fois les Américains et le reste de la planète.
Dans ce livret, nous démêlerons ces affirmations, analyserons les politiques protectionnistes prônées par Trump et examinerons leurs répercussions sur les économies américaine et mondiale. Est-ce la fin de l’ère du dollar comme monnaie d’échange universelle ? Le yuan numérique chinois ou les échanges en devises locales pourraient-ils prendre sa place, surtout avec l’émergence de plateformes digitales surpassant SWIFT en rapidité et efficacité ? Nous explorerons le passé, le présent et l’avenir, puisant dans la vision de Heikal sur les dynamiques du pouvoir, pour comprendre comment les États-Unis sont passés de producteurs à parasites – et comment le monde pourrait redessiner son destin.
Chapitre premier : Trump et le dollar - Tromperie ou exploitation ?
Lorsque Donald Trump, lors de sa campagne de 2024, a proclamé que « le monde a exploité les États-Unis en ne payant pas de droits de douane », il ne proposait pas une analyse économique, mais tissait une fable populiste pour séduire l’électeur américain. Ces déclarations, présentées comme une défense de la « justice commerciale », entrent en contradiction flagrante avec la réalité historique. Les États-Unis n’ont pas été contraints sous la menace des armes à ouvrir leurs marchés ils ont été les architectes du système de libre-échange d’après 1945, conçu pour asseoir la domination du dollar. L’accord de Bretton Woods a lié les monnaies mondiales au dollar – et le dollar à l’or – jusqu’à la rupture de ce lien en 1971, transformant le dollar en un moyen d’échange inégalé, imprimé sans-limit-es et imposé au monde par l’hégémonie américaine.
Ce système n’a jamais été équitable pour tous. Les États-Unis ont tiré plus de profit des marchés ouverts et de l’absence de droits de douane que n’importe quelle autre nation. Pendant que des pays comme la Chine, l’Inde ou l’Amérique latine produisaient des biens – des vêtements aux appareils électroniques – Washington imprimait des dollars pour les acheter, sans avoir à produire en retour l’équivalent. Selon un rapport de l’Institut Peterson pour l’économie internationale de 2023, les États-Unis ont importé pour 3,2 trillions de dollars de marchandises en 2022, contre seulement 2 trillions exportés, principalement sous forme de services financiers et de technologies reposant sur le dollar comme levier d’influence. Ce déficit commercial annuel d’un trillion de dollars n’était pas un signe de faiblesse, mais la preuve de la capacité de l’Amérique à vivre aux dépens de la production mondiale.
Trump renverse cette vérité. Il prétend que des nations comme la Chine ou l’-union- européenne ont « exploité » l’Amérique en évitant les droits de douane, occultant le fait que ces pays ont été forcés d’accepter le dollar comme monnaie de réserve mondiale, permettant aux États-Unis de financer leur déficit en imprimant davantage de papier. À Tunis, par exemple, un billet de cent dollars offre un séjour luxueux de plusieurs jours, alors qu’il coûte moins de 10 centimes à produire. Ce privilège – qualifié de « taxe invisible sur le monde » par l’économiste français Jacques Rueff – a fait des États-Unis le principal, voire l’unique, bénéficiaire de l’ordre du libre-échange.
Aujourd’hui, alors que cette politique ne parvient plus à maintenir la domination américaine, face à une confiance déclinante dans le dollar et à l’émergence d’alternatives, Trump se tourne vers le protectionnisme commercial, prônant des droits de douane pouvant atteindre 20 % sur les importations. Ses justifications – comme « protéger les emplois américains » – sonnent creux, car les faits montrent que l’Amérique n’a jamais été une victime, mais l’instigatrice d’un système qui l’a servie pendant des décennies. Ce virage soulève des questions plus profondes : les États-Unis peuvent-ils revenir à une production réelle après s’être habitués à vivre de l’imprimerie ? Et quelles en seront les conséquences pour le monde ?
Chapitre deuxième : Les effets des politiques de Trump - L’économie américaine à l’épreuve
Les politiques protectionnistes de Trump, expérimentées durant son premier mandat (2017-2021) avec des droits sur l’acier et l’aluminium, et désormais renforcées par des promesses plus radicales, ont des répercussions complexes sur l’économie américaine. En théorie, les droits de douane visent à protéger les industries locales et à ramener les emplois au pays. Mais l’expérience initiale a révélé des résultats ambivalents. Un rapport de la Réserve fédérale de 2020 indique que les droits de 2018 ont sauvé environ 80 000 emplois dans l’industrie sidérurgique, mais ont coûté 230 000 emplois dans d’autres secteurs dépendant d’un acier bon marché, comme la construction et l’automobile. Le coût de la vie pour les consommateurs américains a grimpé de 0,5 %, un fardeau pesant davantage sur les pauvres que sur les riches.
Si les nouvelles promesses de Trump – des droits de 20 % sur toutes les importations – se concrétisent, l’impact pourrait être plus sévère. Selon les estimations de l’Institut de politique économique de 2024, ces droits feraient bon-dir- les prix des biens de consommation de 5 à 10 %, obligeant le ménage américain moyen à débourser 2 000 dollars supplémentaires par an. Les industries dépendantes des importations, comme la technologie (qui s’approvisionne à 80 % en composants asiatiques), seraient confrontées à une crise de compétitivité, risquant de perdre des parts de marché au profit de concurrents comme la Chine ou la Corée du Sud. Ce virage pourrait temporairement stimuler certains secteurs locaux, mais il menace d’éroder la puissance économique américaine à long terme.
À l’échelle mondiale, les nations riposteraient par des boycotts ou des droits réciproques. En 2018, l’-union- européenne a répondu aux droits de Trump par des taxes sur le whisky et Harley-Davidson, coûtant à l’Amérique 1,4 milliard de dollars d’exportations. Si une guerre commerciale s’intensifiait aujourd’hui, avec la Chine et l’Inde en acteurs majeurs, les États-Unis pourraient perdre 20 % de leurs marchés d’exportation d’ici 2027, selon les projections de Bloomberg. Ce choc frapperait les grandes entreprises américaines comme Apple et Boeing, dépendantes de la Chine comme marché clé, entraînant des licenciements massifs – l’opposé de ce que Trump promet.
Le danger le plus grave réside dans l’impact de ces politiques sur le dollar lui-même. Les droits réduiraient la demande de dollars dans le commerce international, incitant les nations à réduire leur dépendance envers le marché américain. Un rapport du FMI de 2023 a averti que le protectionnisme pourrait accélérer la « dédollarisation », alors que des pays comme la Russie, la Chine et l’Inde utilisent déjà leurs monnaies locales pour des échanges commerciaux. Si le dollar perdait son statut de monnaie de réserve mondiale, la capacité des États-Unis à financer leur déficit par l’impression s’effondrerait, pouvant propulser l’inflation à des niveaux inédits – peut-être 15 à 20 % par an d’ici 2030.
Chapitre troisième : Le yuan numérique et les échanges de devises - Une alternative au dollar ?
Face au déclin de la confiance dans le dollar et au protectionnisme de Trump, la Chine se profile comme un acteur central dans la refonte de l’ordre financier mondial. Le yuan numérique (e-CNY), testé dès 2020, est devenu en 2025 un outil efficace dans le commerce international. Contrairement à SWIFT, le système bancaire occidental qui prend des jours et impose des frais élevés pour les transferts, la plateforme numérique chinoise offre des transactions instantanées à un coût quasi nul. Un rapport de la Banque populaire de Chine de 2024 révèle que 30 pays, dont la Russie, l’Iran et le Pakistan, ont commencé à utiliser le yuan numérique dans leurs échanges avec la Chine, qui représente 20 % du commerce mondial.
Le yuan numérique n’est pas une simple monnaie électronique c’est une arme stratégique. Il permet aux nations de contourner les sanctions américaines, qui reposent sur le contrôle de Washington sur SWIFT. En 2023, la Russie a vendu du pétrole à la Chine en yuan numérique, évitant le dollar pour la première fois depuis des décennies. Ce tournant renforce la stature économique de la Chine tout en affaiblissant le statut de réserve du dollar, dont la part dans les réserves des banques centrales est passée de 70 % en 2000 à 58 % en 2024, selon le FMI.
Les échanges en devises locales offrent une autre alternative. L’Inde et les Émirats arabes unis, par exemple, ont commencé en 2023 à régler des contrats pétroliers en roupies et en -dir-hams, court-circuitant le dollar. Ces swaps bilatéraux réduisent le besoin d’une monnaie intermédiaire, renforçant la souveraineté économique des pays en développement. Un rapport de la CNUCED de 2024 estime que 15 % du commerce mondial s’effectue désormais en devises locales – un chiffre qui pourrait atteindre 30 % d’ici 2030 si le protectionnisme américain persiste.
Ces alternatives ne sont pas sans défis. Le succès du yuan numérique dépend de la confiance mondiale dans l’économie chinoise, qui fait face à un ralentissement dû à des dettes internes et à un recul des exportations. Les échanges en devises locales exigent une coordination complexe et peuvent souffrir de volatilité des prix. Pourtant, le monde semble s’orienter vers un système multipolaire, où le dollar ne régnera plus seul, mais partagera l’espace avec des monnaies comme le yuan, la roupie et l’euro.
Conclusion : Le monde s’éveille
Les déclarations de Trump selon lesquelles « le monde a exploité » l’Amérique ne sont qu’un voile fragile sur la vérité : pendant des décennies, ce sont les États-Unis qui ont exploité le monde à travers un système faisant du dollar un outil de domination sans égal. Aujourd’hui, alors que ce système s’épuise, Washington se replie sur le protectionnisme – mais il est peut-être trop tard. L’économie américaine fait face à une crise interne, avec des coûts en hausse et des pertes d’emplois, tandis que le monde cherche des alternatives – le yuan numérique, les swaps de devises, voire un nouvel ordre financier.
Comme l’écrivait Heikal dans La crise du Golfe : « Le pouvoir ne dure que s’il repose sur la réalité, non sur l’illusion. » Les États-Unis, qui ont vécu comme un empereur imprimant du papier pour régner sur le monde, pourraient désormais se heurter à des peuples qui se réveillent de cette illusion, déterminés à reprendre leur labeur et leur production. L’avenir n’appartient plus au dollar seul, mais à ceux capables de bâtir un système juste, exempt de coercition ou d’imprimeries.
............
Trumps uitspraken: uitbuiting van de wereld of misleiding van Amerika? - De dollar en de wereldeconomie op een kruispunt
Inleiding: De keizer van papier
Elke ochtend staat een man op uit zijn weelderige bed in een grootse villa, onbezwaard door de last van arbeid of de uitputting van productie. Met een eenvoudig bevel aan zijn privé-drukpers – “Druk duizenden groene biljetten” – tovert hij een fortuin tevoorschijn dat hem slechts een paar centen kost. Deze papiertjes, in wezen waardeloos, worden in zijn handen een toverstaf waarmee hij paleizen, overdadige maaltijden en grenzeloze luxe koopt. Hij hoeft geen veld te bewerken of een fabriek te runnen gewapend met een sterke handlanger dwaalt hij over de aarde en dwingt iedereen die met hem handelt deze biljetten te aanvaarden alsof ze goud zijn. Deze man is geen middeleeuwse keizer, maar een symbool van de Verenigde Staten in de wereld van vandaag – een natie die de dollar veranderde van een velletje dat niet meer waard is dan toiletpapier in een wereldmunt waarmee ze alles kan kopen wat ze begeert, van een luxe maaltijd in een vijfsterrenhotel in Tunis die dagenlang meegaat tot olie uit de Golf en mineralen uit Afrika, en dat alles voor de schamele kosten van drukinkt.
Dit verhaal is geen verzinsel, maar een realiteit die de Verenigde Staten sinds het einde van de Tweede Wereldoorlog hebben beleefd, toen ze het Bretton Woods-systeem ontwierpen om de dollar tot spil van de wereldhandel te maken. Dit was geen toeval, maar een zorgvuldig uitgedachte strategie om hun economie te transformeren in een parasiet die gedijt op het zweet van de volkeren van de wereld, terwijl ze zelf de moeite van echte productie ontliepen. Een biljet van honderd dollar, dat minder dan tien cent kost om te drukken, krijgt – dankzij deze “handlanger”, de militaire en politieke macht van Amerika – een waarde gelijk aan weken werk van een boer in Azië of een arbeider in Afrika. Maar toen dit systeem begon te wankelen en andere landen doorkregen dat ze weinig profiteerden van open markten vergeleken met de enorme voordelen die Washington oogstte, stapte Donald Trump naar voren met zijn controversiële uitspraak: “De wereld heeft ons uitgebuit, ze betaalden geen invoerrechten!” – een poging om zowel de Amerikaan als de wereld te misleiden.
In dit boekje zullen we deze uitspraken ontleden, de protectionistische politiek die Trump voorstaat onder de loep nemen en de gevolgen ervan voor de Amerikaanse en wereldeconomie analyseren. Is dit het einde van de dollar als wereldwijde handelsmunt? Kunnen de digitale yuan van China of lokale valutaruil de rol overnemen, vooral nu digitale platforms SWIFT in snelheid en efficiëntie overtreffen? We zullen het verleden, heden en de toekomst verkennen, geïnspireerd door Heikals visie op machtsverhoudingen, om te begrijpen hoe de Verenigde Staten van producent in parasiet veranderden – en hoe de wereld haar lot opnieuw kan vormgeven.
Hoofdstuk één: Trump en de dollar - Misleiding of uitbuiting?
Toen Donald Trump tijdens zijn campagne van 2024 verkondigde dat “de wereld de Verenigde Staten heeft uitgebuit door geen invoerrechten te betalen”, leverde hij geen economische analyse, maar verkocht hij een populistisch verhaal om de Amerikaanse kiezer te paaien. Deze uitspraken, die op het eerste gezicht een pleidooi lijken voor “handelsrechtvaardigheid”, botsen echter scherp met de historische werkelijkheid. De Verenigde Staten werden niet met wapengeweld gedwongen hun markten te openen zij waren de architecten van het vrijhandelssysteem na 1945, ontworpen om de dominantie van de dollar te waarborgen. Het Bretton Woods-akkoord koppelde wereldvaluta aan de dollar – en de dollar aan goud – totdat die gouden band in 1971 werd verbroken, waardoor de dollar een ongeëvenaard ruilmiddel werd, grenzeloos gedrukt en aan de wereld opgelegd door de Amerikaanse hegemonie.
Dit systeem was nooit eerlijk voor iedereen. De Verenigde Staten profiteerden meer van open markten en het ontbreken van invoerrechten dan enig ander land. Terwijl landen als China, India en Latijns-Amerika goederen produceerden – van kleding tot elektronica – drukte Washington dollars om ze te kopen, zonder zelf een vergelijkbare productie te hoeven leveren. Een rapport van het Peterson Institute for International Economics uit 2023 laat zien dat de VS in 2022 voor 3,2 biljoen dollar aan goederen importeerde, maar slechts 2 biljoen exporteerde, voornamelijk in de vorm van financiële diensten en technologie die steunden op de dollar als machtsmiddel. Dit jaarlijkse handelstekort van een biljoen dollar was geen teken van zwakte, maar het bewijs van Amerika’s vermogen om te leven van de productie van de wereld.
Trump keert deze waarheid om. Hij beweert dat landen als China en de Europese Unie Amerika hebben “uitgebuit” door invoerrechten te ontwijken, maar negeert dat deze landen gedwongen werden de dollar als wereldwijde reservemunt te accepteren, waardoor de VS hun tekort konden financieren door meer papier te drukken. In Tunis, bijvoorbeeld, kan een biljet van honderd dollar dagenlang een luxueus verblijf kopen, terwijl het minder dan 10 cent kost om te maken. Dit voorrecht – door de Franse econoom Jacques Rueff een “onzichtbare belasting op de wereld” genoemd – maakte de Verenigde Staten de voornaamste, zo niet enige, begunstigde van de vrijhandelsorde.
Nu dit beleid zijn vermogen om de Amerikaanse dominantie te handhaven heeft uitgeput, met afnemend vertrouwen in de dollar en opkomende alternatieven, keert Trump terug naar handelprotectionisme en pleit hij voor invoerrechten tot wel 20% op import. Zijn rechtvaardigingen – zoals “het beschermen van Amerikaanse banen” – overtuigen niet, want de feiten tonen aan dat Amerika nooit een slachtoffer was, maar de bedenker van een systeem dat decennia in haar voordeel werkte. Deze ommekeer roept diepere vragen op: kan Amerika terug naar echte productie na jarenlang te hebben geleefd van de drukpers? En wat betekent dit voor de wereld?
Hoofdstuk twee: De impact van Trumps beleid - De Amerikaanse economie op de proef gesteld
Trumps protectionistische beleid, dat tijdens zijn eerste termijn (2017-2021) begon met invoerrechten op staal en aluminium en nu wordt versterkt met strengere beloftes, heeft complexe gevolgen voor de Amerikaanse economie. In theorie moeten invoerrechten binnenlandse industrieën beschermen en banen terugbrengen. Maar de eerste ervaring liet gemengde resultaten zien. Een rapport van de Federal Reserve uit 2020 meldde dat de invoerrechten van 2018 ongeveer 80.000 banen in de staalindustrie redden, maar de bredere economie 230.000 banen kostten in sectoren die afhankelijk waren van goedkoop staal, zoals de bouw en de auto-industrie. De kosten van levensonderhoud voor Amerikaanse consumenten stegen met 0,5%, een last die zwaarder drukte op de armen dan op de rijken.
Als Trumps nieuwe beloftes – 20% invoerrechten op alle import – werkelijkheid worden, kan de impact nog zwaarder zijn. Schattingen van het Economic Policy Institute uit 2024 suggereren dat deze rechten de prijzen van consumptiegoederen met 5-10% zullen doen stijgen, waardoor het gemiddelde Amerikaanse huishouden jaarlijks 2.000 dollar extra moet betalen. Industrieën die afhankelijk zijn van import, zoals technologie (die 80% van haar componenten uit Azië haalt), krijgen te maken met een concurrentiecrisis en riskeren wereldwijd marktaandeel te verliezen aan rivalen als China en Zuid-Korea. Deze verschuiving kan tijdelijk sommige binnenlandse sectoren stimuleren, maar bedreigt op lange termijn de economische kracht van Amerika.
Wereldwijd zullen landen reageren met boycots of tegeninvoerrechten. In 2018 sloeg de Europese Unie terug op Trumps rechten met heffingen op whisky en Harley-Davidson, wat Amerika 1,4 miljard dollar aan export kostte. Als een handelsoorlog nu escaleert, met China en India als belangrijke spelers, kan de VS tegen 2027 20% van haar exportmarkten verliezen, volgens prognoses van Bloomberg. Deze klap zal grote Amerikaanse bedrijven als Apple en Boeing treffen, die afhankelijk zijn van China als primaire markt, wat leidt tot massaontslagen – het tegenovergestelde van wat Trump belooft.
Het grootste gevaar schuilt in de impact van dit beleid op de dollar zelf. De invoerrechten zullen de vraag naar dollars in de internationale handel verminderen, waardoor landen hun afhankelijkheid van de Amerikaanse markt zullen proberen te verkleinen. Een rapport van het IMF uit 2023 waarschuwde dat protectionisme de “dedollarisatie” kan versnellen, nu landen als Rusland, China en India al lokale valuta gebruiken voor handelsruil. Als de dollar zijn status als wereldwijde reservemunt verliest, stort Amerika’s vermogen om haar tekort te financieren via de drukpers in, wat de inflatie mogelijk naar ongekende niveaus kan drijven – misschien 15-20% per jaar tegen 2030.
Hoofdstuk drie: De digitale yuan en valutaruil - Een alternatief voor de dollar?
Met afnemend vertrouwen in de dollar en Trumps toenemende protectionisme komt China naar voren als een sleutelspeler in het hertekenen van de wereldwijde financiële orde. De digitale yuan (e-CNY), waarvan de proeven in 2020 begonnen, is tegen 2025 een effectief instrument in de internationale handel geworden. In tegenstelling tot SWIFT, het westerse banksysteem dat dagen en hoge kosten vergt voor overboekingen, biedt het Chinese digitale platform -dir-ecte transacties tegen vrijwel geen kosten. Een rapport van de Volksbank van China uit 2024 meldt dat 30 landen, waaronder Rusland, Iran en Pakistan, de digitale yuan zijn gaan gebruiken in hun handel met China, dat 20% van de wereldhandel voor zijn rekening neemt.
De digitale yuan is meer dan een elektronische munt het is een strategisch wapen. Het stelt landen in staat Amerikaanse sancties te omzeilen, die steunen op Washingtons controle over SWIFT. In 2023 verkocht Rusland met succes olie aan China in digitale yuan, waarmee voor het eerst in decennia de dollar werd gepasseerd. Deze verschuiving versterkt China’s economische positie terwijl het de reservestatus van de dollar verzwakt, die van 70% van de centrale bankreserves in 2000 naar 58% in 2024 daalde, volgens het IMF.
Lokale valutaruil biedt een ander alternatief. India en de Verenigde Arabische Emiraten begonnen in 2023 oliecontracten af te rekenen in roepies en -dir-hams, waarbij de dollar werd omzeild. Deze bilaterale ruilhandel vermindert de noodzaak van een tussenmunt en versterkt de economische soevereiniteit van ontwikkelingslanden. Een rapport van UNCTAD uit 2024 schat dat 15% van de wereldhandel nu in lokale valuta plaatsvindt – een percentage dat tegen 2030 naar 30% kan stijgen als het Amerikaanse protectionisme aanhoudt.
Deze alternatieven kennen echter uitdagingen. Het succes van de digitale yuan hangt af van wereldwijd vertrouwen in de Chinese economie, die kampt met een vertraging door binnenlandse schulden en afnemende export. Lokale valutaruil vereist complexe coördinatie en kan lijden onder prijsvolatiliteit. Toch lijkt de wereld af te stevenen op een multipolair systeem, waarin de dollar niet langer alleen heerst, maar de ruimte deelt met munten als de yuan, roepie en euro.
Slot: De wereld ontwaakt
Trumps bewering dat “de wereld ons heeft uitgebuit” is slechts een dunne sluier over de waarheid: decennialang waren het de Verenigde Staten die de wereld uitbuitten via een systeem dat de dollar tot een ongeëvenaard machtsmiddel maakte. Nu dat systeem uitgeput is, trekt Washington zich terug op protectionisme – maar het kan te laat zijn. De Amerikaanse economie staat voor een interne crisis met stijgende kosten en banenverlies, terwijl de wereld zoekt naar alternatieven – de digitale yuan, valutaruil, of zelfs een nieuwe financiële orde.
Zoals Heikal schreef in De Golfcrisis: “Macht blijft alleen bestaan als ze op realiteit is gebouwd, niet op illusie.” De Verenigde Staten, die leefden als een keizer die papier drukte om de wereld te regeren, staan nu wellicht tegenover volkeren die ontwaken uit die illusie, vastbesloten hun arbeid en productie terug te eisen. De toekomst behoort niet langer alleen aan de dollar, maar aan wie een rechtvaardig systeem kan bouwen, vrij van dwang of drukpersen.
بالاستفادة من توثيق الذكاء الاصطناعي
شاعر وكاتب شيوعي بلجيكي من أصول روسية وفلسطينية
ستديو جسر فغانييه ـ لييج
من اصدارات مؤسسة -بيت الثقافة البلجيكي العربي- - لييج - بلجيكا
La Maison de la Culture Belgo Arabe-Flémalle- Liège- Belgique
مؤسسة بلجيكية .. علمانية ..مستقلة
مواقع المؤسسة على اليوتوب:
https://www.youtube.com/channel/UCXKwEXrjOXf8vazfgfYobqA
https://www.youtube.com/channel/UCxEjaQPr2nZNbt2ZrE7cRBg
شعارنا -البديل نحو عالم اشتراكي-
– بلجيكا..ابريل نيسان 2025
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟