أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عقيل الفتلاوي - بين المطرقة والسندان.. كيف يريد الكونغرس الأمريكي تحرير العراق من إيران؟














المزيد.....

بين المطرقة والسندان.. كيف يريد الكونغرس الأمريكي تحرير العراق من إيران؟


عقيل الفتلاوي
صحفي وباحث

(Aqeel Al Fatlawy)


الحوار المتمدن-العدد: 8302 - 2025 / 4 / 4 - 16:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خطوة تعكس استمرار السياسة الأمريكية تجاه العراق والمنطقة، تقدّم مجموعة من أعضاء الكونغرس الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مشروع قانون تحت عنوان ((تحرير العراق من إيران )). هذا المشروع يهدف، بحسب مقدميه، إلى تقليص النفوذ الإيراني في العراق من خلال سلسلة إجراءات تشمل حل الحشد الشعبي، ووضع فصائل عراقية مثل (بدر) على لوائح الإرهاب، وتصنيف شخصيات سياسية بارزة مثل نوري المالكي وهادي العامري ضمن قوائم العقوبات الأمريكية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذا المشروع محاولة حقيقية لتغيير الواقع العراقي، أم مجرد ورقة ضغط سياسية في إطار الصراع الأمريكي الإيراني الأوسع؟
ويأتي مشروع القانون في مرحلة تشهد توتراً متصاعداً بين واشنطن وطهران، حيث يسعى الكونغرس إلى إرسال رسالة قوية حول رفض النفوذ الإيراني في المنطقة. من بين البنود الرئيسية التي يتضمنها المشروع دعوة الإدارة الأمريكية إلى وضع استراتيجية لحل الحشد الشعبي أو دمجه بشكل كامل في مؤسسات الدولة العراقية، باعتباره وفق النص أداةً تستخدمها إيران لتعزيز نفوذها. كما يطالب المشروع بوضع فصائل مسلحة مثل (بدر) على لوائح الإرهاب، وهو ما قد يؤدي إلى تجميد أصولها وحظر التعامل معها دولياً.
إلى جانب ذلك، يستهدف القانون شخصيات سياسية عراقية بارزة، مثل نوري المالكي، نائب الرئيس العراقي ورئيس الوزراء السابق، وهادي العامري، زعيم تحالف الفتح وقائد فصيل بدر، وذلك عبر إدراجها على قوائم العقوبات الأمريكية. كما يتضمن المشروع دعماً لـ( القوى العلمانية والمناهضة للنفوذ الإيراني) في العراق، في إشارة إلى بعض الحركات الاحتجاجية والأحزاب التي تنتقد الدور الإيراني في البلاد.
ويبدو أن التوقيت الذي أُعلن فيه هذا المشروع ليس اعتباطياً، بل يأتي في سياق سياسي معقد. فمن ناحية، تقترب الولايات المتحدة من انتخابات الكونغرس النصفية، حيث يسعى الجمهوريون والديمقراطيون إلى إظهار مواقف صلبة تجاه إيران، خاصة في ظل تعثر المفاوضات النووية. ومن ناحية أخرى، يشهد العراق موجة احتجاجات متقطعة تنتقد الفساد والنفوذ الإيراني، ما قد يشكل فرصة لواشنطن لتعزيز وجودها السياسي في البلاد.
لكن الأهم من ذلك هو أن هذا المشروع يعكس استمرار النظرة الأمريكية للعراق كساحة للصراع مع إيران، بدلاً من التعامل معه كدولة مستقلة ذات سيادة. فبالرغم من أن الهدف المعلن هو (تحرير العراق من النفوذ الإيراني)، إلا أن مثل هذه القوانين قد تزيد من تعقيد الأوضاع الداخلية، وتدفع بغداد إلى مزيد من الاقتراب من طهران كرد فعل على ما قد يُنظر إليه كتدخل خارجي.
وإذا تمت الموافقة على هذا المشروع وتحويله إلى قانون، فإن تداعياته قد تكون كبيرة على العراق والمنطقة. فمن الناحية الداخلية، قد يؤدي تصنيف فصائل عراقية على أنها "إرهابية" إلى تفجير مواجهات جديدة بين هذه الفصائل والقوات الحكومية أو حتى القوات الأمريكية المتبقية في العراق. كما أن فرض عقوبات على شخصيات مثل المالكي والعامري قد يزيد من الانقسامات السياسية في بغداد، خاصة أن هؤلاء الشخصيات لا يزالون لاعبين أساسيين في المشهد السياسي العراقي.
أما على الصعيد الإقليمي، فمن المتوقع أن ترد إيران بإجراءات مضادة، سواء عبر زيادة دعمها للفصائل الموالية لها في العراق، أو عبر تصعيد سياسي ودبلوماسي ضد الولايات المتحدة. كما أن الدول المجاورة للعراق، مثل تركيا والسعودية، قد ترى في هذا القانون فرصة لتعزيز نفوذها أيضاً، مما قد يحول العراق مرة أخرى إلى ساحة للصراعات بالوكالة.
ورغم الضجة التي يثيرها هذا المشروع، فإن تحويله إلى قانون فعلي يواجه عقبات كبيرة. فأولاً، يحتاج المشروع إلى موافقة أغلبية الكونغرس، وهو ما قد لا يكون سهلاً نظراً للانقسامات السياسية في واشنطن. ثانياً، حتى لو تمت الموافقة عليه، فإن الإدارة الأمريكية قد تتردد في تطبيق بنوده بشكل كامل، خاصة إذا رأت أن ذلك قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في العراق أو تعطيل المصالح الأمريكية هناك.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العراق نفسه ليس طرفاً ضعيفاً في هذه المعادلة، فالحكومة العراقية قد ترفض أي محاولات لفرض سياسات من الخارج، كما أن الفصائل المسلحة لن تبقى مكتوفة الأيدي إذا شعرت بأن وجودها مهدد. كل هذا يجعل من المشروع أقرب إلى "رسالة سياسية" منه إلى خطة عملية قابلة للتنفيذ.
وفي النهاية، يبدو أن مشروع القانون الأمريكي هذا، بغض النظر عن دوافعه الحقيقية، يضع العراق أمام خيارات صعبة. فمن جهة، هناك ضغوط داخلية تطالب بالتحرر من النفوذ الإيراني، ومن جهة أخرى، هناك مخاوف من أن تصبح البلاد مرة أخرى ساحة لصراع القوى الكبرى.
السؤال الأهم الآن هو: هل يمكن للعراق أن يجد طريقاً وسطاً يحفظ استقلاليته وسيادته بعيداً عن التدخلات الخارجية؟ أم أن المشهد السياسي سيبقى رهيناً للصراع بين واشنطن وطهران؟ الإجابة قد تحدد مصير العراق لسنوات قادمة.



#عقيل_الفتلاوي (هاشتاغ)       Aqeel_Al_Fatlawy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تُشعل واشنطن المواجهة مع إيران؟.. حاملة طائرات نووية أمري ...
- تداعيات الفوضى الخلاقة: تحليل لواقع العراق السياسي والاقتصاد ...
- البروباغندا الأمريكية ودورها في الحرب على العراق 2003
- من وراء قطر غيت ؟.. لعبة استخباراتية أم فساد داخل الكيان الإ ...
- العار أصبح ترنداً .. معركة الحياء في السوشيال ميديا ..
- ضربة استراتيجية تشلّ (هاري ترومان) وتُغيّر قواعد اللعبة
- الطبيعة أم التطبع: أيهما يغلب في الآخر؟
- الفاشنيست الدينية: حين يتحول الخطاب المقدس إلى سلعة رقمية..
- الأفكار النمطية: قيود نصنعها بأيدينا
- التكتلات الإعلامية والتحكم في تدفق المعلومات
- من الملعب إلى البرلمان.. هتافات غير لائقة تعيد النفط إلى واج ...
- ثقافة الاستقالة معدومة في العراق: اتحاد اكرة القدم نموذجًا..
- من سيملأ الفراغ السياسي في العراق؟ السيد مقتدى الصدر ينسحب م ...
- بين الإنقاذ والتراجع
- الرقابة الأبوية على المراهقين بين حرية المقاهي وسلطة الأهل
- التحديات الأمنية والاقتصادية لتهريب النفط في الخليج العراق و ...
- كيف يتحكم الإعلام في عقولنا؟ صناعة الموافقة الخفية
- هل دخلت أميركا وكر الأفعى بضربها اليمن وصدامها مع أتباع الحو ...
- صناعة الأصنام والطواغيت: مجتمع بين عبادة الماضي واستغلال الح ...
- برمجة الأطفال والإعلان: كيف نصنع جيلًا واعيًا رقميًا؟


المزيد.....




- ميغان ماركل تتحدث عن حالة -مخيفة- بعد الولادة
- البيت الأبيض يعلن رفع التعرفة على الصين لـ104%
- زلزال قوي يضرب ضواحي العاصمة التايوانية تايبيه
- NYT عن قادة عسكريين: الحملة باليمن قد تستنزف الأسلحة اللازمة ...
- الطالب -فلين-.. ذكاء اصطناعي يحصل على قبول جامعي في النمسا! ...
- خطوات بسيطة للسيطرة على مستوى ضغط الدم
- اكتشاف ثقب أسود فائق الكتلة بمجال مغناطيسي هائل
- العثور على تماثيل نادرة تكشف أسرار حياة النخبة في بومبي قبل ...
- خبير يتوقّع تحرير روسيا كامل منطقة كورسك الحدودية بحلول أعيا ...
- مؤشرات على قيام ثورة ملوّنة في الولايات المتحدة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عقيل الفتلاوي - بين المطرقة والسندان.. كيف يريد الكونغرس الأمريكي تحرير العراق من إيران؟