أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فاروق عباس - الدولة....وهل تتدخل في الفنون أم لا ؟!















المزيد.....

الدولة....وهل تتدخل في الفنون أم لا ؟!


أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8299 - 2025 / 4 / 1 - 23:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انا مؤمن جدا بتدخل الدولة في الفنون، مع ترك الحرية للقطاع الخاص ليعرض ما لديه، ولا افهم سر الهجوم علي الدولة في هذه الناحية، وأرده احيانا الي السذاجة وأحيانا الي الغفلة...

عموما يمكن ان أجمل رأيي في الموضوع في النقاط التالية :
١ ــ ان وجود الدولة في سوق الفنون ــ دراما أو سينما أو مسرح أو برامج ــ لا ينتقص من حرية القطاع الخاص أن يعرض ما لديه ، والمنافسة بالتالي هي ما ستحكم ، والمتلقي من سيقول في النهاية اين الجيد واين السئ ، لا احد يريد احتكار الدولة لتقديم الفنون ، ولكن يبدو ان البعض هو من يريد احتكار القطاع الخاص لكافة الفنون ، ووضع معاييره هو لما يشاهده الناس ، ومتحكما في اذواقهم ، وبدون أي منافس من اطراف أخري ...

٢ ــ الدولة وهي الهيئة الممثلة لجموع شعبها أو هي الاداة التنفيذية للهيئة الاجتماعية ، وبالتالي هي حارسة القيم والاعراف والتقاليد التي استقرت عليها تلك الهيئة الاجتماعية ، ولا افهم حقيقة لماذا الحساسية الغريبة تجاه الدولة في هذا الشأن ، فأي مجموعة بشرية يجمعها تاريخ مشترك وعواطف مشتركة واحاسيس مشتركة ومصالح واحدة ، ومحصلة هذا كله وجود عقل وضمير واحد ، وعادات وتقاليد واحدة ، ونظرة الي الامور واحدة.....

وسلطة القرار في الدولة هي المنوط بها تنظيم أوجه الحياة داخل مجتمعها ، ليس بالقسر ولكن بالتوافق والنقاش ، والفنون واحدة من مجالات يمكن ان تؤدي الدولة فيها دورا مطلوبا ، يركز علي التاريخ الواحد والعواطف المشتركة والاحاسيس الواحدة لزيادة اللحمة بين افراد شعبها ، بديلا لأخرين يجدون فرصة للتركيز علي المختلف فيه ، والشاذ من التصرفات والاقوال والافكار ، وتوسيع الانقسامات ، التي تبدأ اولا فيما يخص الشعور ــ الفنون ــ ثم تجد طريقها بعدها سالكا الي المجتمع ثم السياسة ...

٣ ــ لا اعرف دولة في العالم لا تتدخل فيها الدولة في الفنون ، وكل ما يخص عقل ووجدان المتلقين من شعوبها ، نعم نمط تدخل الدولة يختلف من بلد لأخر ، فقد يكون ناعما غير محسوس في بعضها ، وقد يكون ظاهرا واضحا في دول ثانية... لكن المبدأ واحد والكل يطبقه ، وهو ان ما يخص عقل ووجدان الشعوب أخطر من ان يترك للهواة او لذوي الاغراض... أفراد او دول أخري...

واذا اخذنا الولايات المتحدة الأمريكية، وهي اقوي الدول في زماننا، سنجد ان الدولة الأمريكية العميقة ــ الجيش الامريكي ووكالة المخابرات المركزية ــ ومعهم طبقة الرأسمالية الأمريكية المتحالفة مع جهاز الدولة تتدخل بصورة مروعة فيما يقدم للشعب الامريكي من فيلم ومسلسل ومسرحية وبرنامج، ربما أتي ذلك ليس بواسطة جهاز او ادارة حكومية امريكية بالذات ، ولكن هو يأتي دوما بواسطة رجال اعمال علي ارتباط وثيق بالمؤسسية الامريكية...

ومن هنا يأتي اللبس ان القطاع الخاص في امريكا ــ وليس الدولة الأمريكية ــ هي من تسيطر علي الفنون... وهو غير صحيح..

ومن هنا مثلا فمن المستحيل ان نجد عملا سينمائيا او مسرحيا او تلفزيونيا يروج للشيوعية في امريكا، او ينصر القضية الفلسطينية، او يتكلم بصورة جيدة عن الروس او الصينيين، ومن المستحيل ان نجد عملا فنياًّ في امريكا ــ ايا كان وبأي صورة ــ يحقر من صورة الجيش الامريكي في عيون الامريكيين ، فما تحدده " الدولة " الامريكية هو فقط ما يظهر علي الشاشات وما يعرض علي المسارح وما يقدم للمتلقي...

والقيم التي تريد الدولة الامريكية زرعها هي ما تجد طريقها الي الناس في صورة فيلم او مسلسل او مسرحية او حتي رواية او قصة...

والدولة في الولايات المتحدة لا تسيطر علي عالم الفنون في الداخل الامريكي فقط ، بل لها وسائلها الهائلة للتدخل في نوعية الفنون التي تعرض لشعوب اخري كثيرة حول العالم... وفي هذه النقطة بالذات ادعو الي قراءة كتاب الكاتبة البريطانية فرانسيس سوندرز " من الذي دفع للزمار... الحرب الباردة الثقافية " وليشاهد الانسان بنفسه كيف فرضت وكالة المخابرات المركزية الامريكية نوعيات معينة من الفنون علي شعوب العالم بواسطة رجال اعمال مرتبطين بها ينتمون الي تلك الدول ، ينتجون اعمالا فنية محددة ، وكتابا يكتبون اعمالا فنية ذات رسالة محددة تخدم " دولا" محددة...

اي اننا ــ برفضنا تدخل الدولة المصرية في الفنون ــ كمن يرفض تدخل دولته في مجال مرتبط بعقل وضمير شعبه، ومستدعيا في نفس الوقت ــ بغفلة وسذاجة ــ دولا اخري للتدخل بوسائلها للتأثير علي عقله وضميره، وبالتالي غدا علي افعاله وتصرفاته...

٤ ــ ان النتيجة النهائية لتدخل الدولة فى مصر في الفنون جاءت في صالحها تماما وصالح الناس ، بينما النتيجة النهائية لتدخل القطاع الخاص في الفنون لم تأت لصالحه ولا لصالح الشعب...

ونظرة بسيطة علي الاعمال التي قدمتها الدولة خلال الستين سنة الاخيرة في السينما والمسرح والتلفزيون تقول الحقيقة بلا لبس..
ونظرة أخري بسيطة علي الاعمال التي قدمها القطاع الخاص خلال الاربعين سنة الاخيرة تقول ايضا الحقيقة بلا تزويق....
ان الاعمال الكبري في السينما المصرية كانت من انتاج الدولة المصرية ، والمسلسلات التي يشاهدها المصريون من عقود هي تلك التي انتجتها الدولة المصرية...

وفي المسرح وعندما تدخلت الدولة فيه وجدنا اعمال يوسف ادريس وتوفيق الحكيم وسعد الدين وهبة ونعمان عاشور ولطفي الخولي ــ وكثير منهم كان معارضا لسياسات الحكومة وقتها ــ تعرض علي كل مسارح مصر...
اعمال خالدة مثل الفرافير، والقضية ٦٨ وحلمك يا شيخ علام والسبنسة وعودة الروح، والناس اللي تحت ... وغيرهم..

ومازال المسرح القومي ومسارح الدولة تعرض كلاسيكيات المسرح العالمي ، وهو ما لم يقدم عليه اي مسرح قطاع خاص في مصر ، ونظرة واحدة علي ما يقدمه يشرح ببساطة اي رسالة يقدمها هؤلاء..
وعندما انسحبت الدولة تاركة القطاع الخاص وحده في الملعب لم نجد سوي اعمال مسرحية مثل مدرسة المشاغبين وراقصة قطاع عام وبهلول في اسطنبول، وحزمني يا، وانا ومراتي ومونيكا.... الخ.

وكتجربة خاصة فقد شاهدت في المسرح القومي مع أحد الاصدقاء من سنوات مسرحية الكاتب الاسباني أليخاندرو كاسونا " الأشجار تموت واقفة " من بطولة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب وكانت مسرحية جميلة وهادفة، وفي نفس الفترة تقريبا شاهدت مسرحية لا اتذكر أسمها لسمير غانم ــ تقريبا مسرحية دو ري مي فاصوليا ــ مع أحد الاصدقاء ولم نستطع تكملة المسرحية من بلاهة القصة والإيماءات والحركات المكشوفة والالفاظ البذيئة... وخرجنا في منتصف المسرحية...

ولقد كانت الدولة ــ وليس القطاع الخاص ــ هي من أنشأت دار الاوبرا في مصر لعرض روائع الأعمال الكلاسيكية الغربية في الموسيقي والاوبرا والاعمال الخالدة في الموسيقي الشرقية عموما ، أنشأت الدولة ايام الخديوي إسماعيل دار الاوبرا، وعند احتراقها عام ١٩٧١ انشأت الدولة مرة ثانية دار الاوبرا المصرية عام ١٩٨٤ في عهد الرئيس مبارك ، وانشأت ايضا دارا للاوبرا في مدينة الإسكندرية، وثالثة في مدينة دمنهور...
هل يستطيع القطاع الخاص المصري او حتي فكر مجرد تفكير في انشاء دار للأوبرا في أي مدينة مصرية ترتقي بأذواق الناس وتقدم لهم شئ ارقي من السائد من فنون ؟!

٥ ــ مرة ثانية.. ما المشكلة لو جاء انتاج الدولة جنبا الي جنب مع انتاج القطاع الخاص ، ولا ننسي ان لدول معينة في الاقليم قنواتها الفضائية تعرض عليها ــ بالفن ــ ما تريد ايصاله من رسائل..
فقناة مثل mbc مصر قناة سعودية تعرض عليها " الدولة " السعودية ما تريد من انتاجها الفني الموجه الي المصريين ، ولم نجد احدا يعترض علي تدخل " الدولة " السعودية في الفن في مصر في حين كان الاعتراض كله علي تدخل " الدولة" المصرية فقط...

وهو أمر لا استطيع أن أخذه علي محمل حسن النية في الحقيقة في اغلب الأحيان ، وارده الي السذاجة أحيانا، ولكن ما افهمه ان هناك قتالا رهيبا علي ألا تجد الدولة المصرية في يدها من الوسائل التي تستطيع بها ادارة صراعها الهائل علي المستقبل والوجود المصري كله... وهو صراع نعيشه ونري تأثيره كل يوم علي حياتنا... بينما يحاول البعض منا بكل همة ونشاط ان يضع في يد الاخرين كل ما يستطيعون به التأثير في حياتنا وفي مستقبلنا...



#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقد هزمنا....
- أسباب للتشاؤم ... وأسباب للأمل ...
- دمشق.. وما رمتها به الليالي...
- الدين... والدولة البريطانية العميقة..
- الدين... والدولة الامريكية العميقة !!
- قراءات في القطار... أيام في أمريكا..
- عمرو موسي .... وحماس !!
- القلق الحقيقي ...
- كيف تخطط اسرائيل لقتل عبد الفتاح السيسي ...
- وسائل متجددة للمقاومة... والحياة...
- دروس المأساة السورية (4) الاسلاميين والديموقراطية ...
- دروس المأساة السورية (3) تنشيط الحياة السياسية...
- دروس المأساة السورية (2) التوازن في العلاقات الاقليمية والدو ...
- دروس المأساة السورية (1) طول بقاء الحاكم في مقعده ....
- الألهة التي تفشل دائما ...
- هل كان استخدام القوة افضل الخيارات العربية في هذه المرحلة ؟!
- وقف الحرب في غزة...
- الجندول....
- أعطني الناي ... وغني.
- يامه القمر علي الباب ... وكيف كانت الأغاني الخليعة قديما !!


المزيد.....




- -محتوى بعيد عن الإسفاف والبلطجة-.. ياسمين عبدالعزيز سعيدة بـ ...
- متحدث باسم المفوضية الأوروبية عن رسوم ترامب الجمركية: ردنا س ...
- متحدث حكومي يعلق لـCNN على ما قاله ترامب لولي عهد البحرين عن ...
- -للسيطرة على مساحات واسعة-.. إسرائيل تعلن توسيع عمليتها العس ...
- قاذفة أمريكية ثانية تصل الشرق الأوسط، وقاعدة دييغو غارسيا في ...
- ما وراء الهجوم الإسرائيلي على رفح قرب الحدود المصرية؟
- فيتسو: أسعار الغاز في أوروبا لن تشهد انخفاضا إلا في حال استئ ...
- موسكو: التهديد بقصف البنية التحتية للطاقة النووية في إيران م ...
- من الفصول الدراسية إلى قفص الاتهام.. فضيحة جنسية لمعلمة في م ...
- تنسيق لضمان انسيابية العبور.. أول اتصال بين الدبيبة وسعيد ب ...


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فاروق عباس - الدولة....وهل تتدخل في الفنون أم لا ؟!