طارق فتحي
الحوار المتمدن-العدد: 8299 - 2025 / 4 / 1 - 20:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في عام 1988 انتهت الحرب، خلع صدام حسين الزي العسكري، وأطل على جموع المحتفلين في ساحة الاحتفالات بالزي العربي، في إشارة الى القومية العربية، مصورا ان النزاع كان بين قومية عربية وأخرى فارسية. كان الاعلام المحلي والعربي يردد عبارة "العراق حارس البوابة الشرقية للوطن العربي".
الأزياء تقع ضمن الرأسمال الرمزي للدول، فهي تعبر عن أيديولوجيا معينة، لا يمكن تصور ترامب لابسا "دشداشة وعقال"، كما لا يمكن تصور الخامنئي مرتديا "القاط والرباط"، وعندما يقال "لا يمكن"، ليس بمعنى عدم القدرة، ولكن لأن الدولة تقاد بمجموعة رساميل رمزية، منها نوع الزي والملبس.
السوداني ليس خارجا عن هذه المنظومة الرمزية، في اول أيام العيد الديني يطل بلباسه العربي، يذهب الى مدينته العمارة، حيث مسقط رأسه، هناك يلتقي بشيوخ عشائر لهم وزنهم في تلك المدينة، وقد تقصد ان يذهب الى أحد دواوين العشائر، ولم يطلب منهم المجيء الى مبنى المحافظة على سبيل المثال، لأنه بحاجة للعشائر كقوة احتياطية لحماية النظام.
ليس الحديث يجري على افراد عاديين، هناك الكثير من الافراد الذين ينتمون لعدد من القوميات تجدهم في بلدانهم وهم يرتدون ازياءهم القومية، لكن هؤلاء لا يحدثون ذلك التأثير، الا إذا كانوا داخل احتفال او مهرجان سياسي، فهم عند ذاك يرمزون لقوميتهم ويتعصبون لها؛ لكن عندما يكون "رأس الدولة" يرتدي زيا يرمز لقومية محددة، فأنه هذا يعني الكثير.
عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو في كتابه "الرمز والسلطة" حدد بشكل دقيق ما يعنيه الرأسمال الرمزي بالقول:
"ان كل رأسمال، مهما كانت الصورة التي يتخذها، يمارس عنفا رمزيا بمجرد ان يعترف به، أي أن يتجاهل في حقيقته كرأسمال ويفرض كسيادة تستدعي الاعتراف".
السوداني يريد فرض صورة لرأسمال رمزي "الزي العربي"، ويريد الاعتراف به، وهو بذلك يمارس عنفا رمزيا على الاخرين.
طارق فتحي
#طارق_فتحي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟